محاضرات في القانون الدولي العام
د. سرور طالبي
تمهيد:
لقد بدأت تستقر قواعد النظام الدولي المعاصر وتثبت أركانه سواءً من الناحية الموضوعية أو حتى من الناحية الشكلية. ويتوقف تعريف أي نظام أو حتى وجوده في نظر بعض فقهاء القانون الدولي العام في ستة عناصر[1]:
1. يتكون أي نظام بداهة من عناصر تحدد مضمونه أو هيكله أو كليهما معا؛
2. توجد بين هذه العناصر علاقات أو تداخلات أو بعض التشابك؛
3. تكون هذه العناصر والعلاقات القائمة بينها كلا متكاملا قد يتجزأ وقد لا يتجزأ؛
4. يظهر ذلك قدر من التنظيم؛
5. هذا التنظيم يؤدي إلى نوع من التماسك أو التجانس بالنسبة للنظام ذاته؛
6. هذا التماسك أو التجانس يحقق فاعلية وعملية النظام من حيث التطبيق أو التجسيد من الناحية العملية والواقعية.
ولا شك أن أي نظام أو أي مجتمع في حاجة إلى قواعد قانونية تحكم سلوك أفراده وتبين حقوقهم والتزاماتهم، كما هو في حاجة ماسة إلى أجهزة معنية بحماية ومراقبة تطبيق تلك القواعد.
ولقد وجد القانون الدولي العام لحكم العلاقات القائمة بين أشخاصه فهو كما يعرفه بعض الفقهاء، عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد حقوق أشخاص القانون الدولي العام وواجباتهم في علاقاتهم المتابدلة، أي بعبارة أخرى هو ذلك القانون الذي يطبق على العلاقات القائمة بين الدول وغيرها من أشخاص الجماعة الدولية.[2]
نقتصر هذه المحاضرات على إعطاء فكرة عامة حول القانون الدولي العام، وذلك بالتوقف عند النقاط الثلاث الآتية:
أولا: ماهية القانون الدولي العام
1. تعريف القانون الدولي العام وتميزه عن غيره من القوانين
2. فروع القانون الدولي العام
3. مستويات الإلزام في القانون الدولي العام
ثانيا: أشخاص القانون الدولي العام
1. الدولة
2. المنظمات الدولية
3. الأفراد والقوى العابرة للقارات
ثالثا: مصادر القانون الدولي العام
1. المصادر الأساسية الإلزامية
2. المصادر الثانوية الاحتياطية
3. مصادر القانون الدولي لحقوق الإنسان
طريقة العمل:
يختار كل طالب من الطلاب المسجلين بهذه المادة موضوع واحد من المواضيع المطروحة، ويحضره على شكل بحث قصير (10 صفحة كحد أقصى) يتم عرضه ومناقشته خلال المحاضرات مع باقي الطلاب الحاضرين على شكل حلقات تفاعلية.
للتواصل: ... تم حذفه ...... يحظر كتابة العناوين الخاصة ......... ]
قائمة المراجع:
أولا: الكتب
ـ باللغة العربية:
1. أحمد أبو الوفاء: الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الخامسة2010.
2. أحمد أبو الوفاء: القانون الدولي والعلاقات الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى،2008.
3. أحمد أبو الوفاء: الوسيط في قانون المنظمات الدولية، دار النهضة العربية القاهرة، 1996.
4. حامد سلطان: القانون الدولي العام في وقت السلم، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الخامسة1965.
5. رمضان أبو السعود: محمد حسين منصور، المدخل إلى القانون، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت،2003.
6. سعيد محمد أحمد باناجه: الوجيز في قانون المنظمات الدولية والاقليمية، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1985.
7. صلاح أحمد وريدي: العلاقات الدولية مفهومها وتطورها، دار الوفاء، الاسكندرية، الطبعة الأولى،2008.
8. د. صلاح الدين عامر، مقدمة لدراسة القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة 2007
9. عبد العزيز محمد سرحان: الإطار القانوني لحقوق الإنسان، في القانون الدولي العام، الطبعة الأولى، القاهرة، 1987.
10. عز الدين فودة: مقدمة في القانون الدولي العام، القاهرة، 1987.
11. كلوديو زنغي: الحماية الدولية لحقوق الإنسان، مكتبة لبنان الناشرون، الطبعة الأولى 2006.
12. ليلى العقاد: المنظمات الدولية والاقليمية، مطبعة الداودي، دمشق، 1986.
13. محمد السيد سعيد: مقدمة لفهم منظومة حقوق الانسان، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة،2003.
14. محمد الصادق عفيفي: الاسلام والعلاقات الدولية، دار الرائد العربي، بيروت، لبنان 1986.
15. نبيل مصطفى خليل: آليات الحماية الدولية لحقوق الإنسان، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية2009.
ـ باللغة الفرنسية:
16. P.M. DUPUY, droit international public, Dalloz, 4ème éd., 1998.
17. P. Daillier et A. Pellet, droit international public LGDJ, 6ème éd. 1999.
18. Daniel Colard, les relations internationales de 1945 à nos jours, Armand Colin, 6ème èd, 1996.
ثانيا: وثائق قانونية
19. ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.
20. اتفاقية فينا لقانون المعاهدات.
ثالثا: مواقع مهمة
21. منظمة الأمم المتحدة http://www.un.org/arabic/
22. الجمعية العامة للأمم المتحدة http://www.un.org/arabic/ga
23. مجلس الأمن http://www.un.org/arabic/sc
24. المجلس الاقتصادي والاجتماعي http://www.un.org/arabic/ecosoc/2006/index.html
25. لجنة حقوق الانسان http://www.unhchr.ch/html/menu2/2/chr.htm
26. مجلس الوصاية http://www.un.org/arabic/aboutun/organs/tc.htm
27. محكمة العدل الدولية http://www.icj-cij.org
———————-
لمحة تاريخية:
لقد كان المجتمع الدولي قديما عبارة عن تجمعات بشرية بدائية ولكن غير منعزلة عن بعضها، بحيث أقامت علاقات سلمية أساسها التبادل والتعاون، أو دخلت في حروب من أجل فرض السيطرة والهيمنة.
ومع مرور الزمن أصبحت هذه التجمعات منظمة على شكل دول، وانتظمت العلاقات فيما بينها، بحيث دخلت البعض منها في معاهدات صلح وأحلافاً دولية مند العصور القديمة.
ومع هذا ضلت فكرة التفوق والسيطرة سائدة في بعض الحضارات القديمة، لاسيما الرومانية و الإغريقية، التي لم تعرف تنظيم قانوني دولي مستقر لحكم علاقاتها مع مختلف الجماعات البشرية الأخرى، وإنما وضعت قواعد تتعلق بالحروب يغلب عليها الطابع الديني.
أما العصور الوسطى فلقد تميزت بانتشار الحروب على كافة المستويات، منها الحروب الأهلية بين السكان فيما بينهم، أو الحروب الداخلية بين السلطة الحاكمة والاقطاعيين، وأخيرا الحروب الخارجية بين مختلف الدول الناشئة.
ومع انتشار الديانة المسيحية في القارة الأوروبية وتوسع نفوذ الكنيسة، أُقصيت الدول غير المسيحية من المساهمة في وضع أسس التنظيم الدولي. ومع هذا استطاعت مبادئ الشريعة الاسلامية السمحة أن تتغلغل إلى أوروبا والمساعدة على تلطيف من حدة وقساوة الحروب ونشر مبادئ العدل والتسامح والمعاملة الانسانية.
ولقد عقد في العصور الوسطى عدة اتفاقات تتعلق بالملاحة البحرية. كما ظهرت قاعدتان دوليتان هما الغاء الحروب الداخلية، واقامة السفارات الدائمة وتعزيز حرمة السفراء.
أما في القرنين الخامس والسادس عشر، فلقد انقسمت القارة الأوروبية إلى فريقين، فريق يخضع لسلطة الكنيسة، وفريق علماني نادى بالحرية الفكرية والتخلص من سيطرة البابا. فأدى هذا الانقسام إلى نشوب حرب الثلاثين عام، والتي انتهت بإبرام معاهدة وستفاليا سنة 1648.
وتعد معاهدة وستفاليا أساس القانون الدولي التقليدي الذي:
§ أرسى مبدأ المساواة بين الدول الأوروبية،
§ ركز على السيادة المطلقة للدول وعدم خضوعها لسلطة أعلى منها،
§ احتفظ بحق الدولة المطلق في شن الحروب والعدوان،
§ كرس قاعدة شرعية الاستعمار.
وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، وما سببته من خسائر مادية وبشرية، أعيد النظر في قواعد القانون الدولي التقليدي، وتم استبدالها بقواعد جديدة وهي:
§ الحد من السيادة المطلقة للدول وظهور فكرة السيادة النسبية،
§ خضوع الدول إلى أحكام القانون الدولي “المعاصر”،
§ حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية إلا في حالة الدفاع الشرعي،
§ عدم شرعية الاستعمار وضرورة تصفيته والغائه،
§ منع التمييز العنصري،
§ حظر الجرائم ضد الإنسانية،
§ شرعية حركات التحرر الوطني وحق تقرير المصير.
نريد من خلال هذه المحاضرات التوسع في مفهوم القانون الدولي العام، وفي فروعه، وتحديد أشخاصه والمصادر التي يستمد منها قوته الإلزامية.
أولا: ماهية القانون الدولي العام
ترتبط فكرة القانون بقيام مجتمع إنساني، وما يرتبه من الحاجة إلى نوع من القواعد التي تحكم وتنظم العلاقات التي تنشأ بين أفراده، فمنذ ظهور المجتمعات الإنسانية الأولى، ولدت فكرة القانون.
وفي المقابل نشأ القانون الدولي العام، بمجرد قيام علاقات وتبادلات بين مجموعة من الدول، فما المقصود بهذا القانون وماهي فروعه وما مدى إلزاميته؟
4. تعريف القانون الدولي العام وتميزه عن غيره من القوانين:
يوجد العديد من التعريفات للقانون الدولي العام، ولقد أجمعت تقريبا كلها على اعتباره ذلك القانون الذي يحكم العلاقات الدولية، بحيث هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم وتنظم المجتمع الدولي، وتحدد حقوق وواجبات أشخاصه في علاقاتهم المتبادلة.
ومن هذا المنطلق يتميز القانون الدولي العام عن القانون الداخلي، بحيث يعرف هذا الأخير بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تنظم المجتمع الداخلي أو الوطني، أي في نطاق حدود الدولة التي وضعته.
أما القانون الدولي الخاص، فهو ذلك القانون التي تنصرف قواعده إلى تحديد القانون الواجب التطبيق في حال قيام علاقة قانونية تنطوي على عنصر أجنبي، سواء تعلق هذا العنصر بمكان نشأة العلاقة، أو بموضوعها أو بأحد أطرافها، وتعرف هذه القواعد بقواعد تنازع القوانين.
كما يتميز القانون الدولي العام عن قواعد المجاملات الدولية، فالقانون الدولي العام ملزم بين أشخاصه، بينما قواعد المجاملات الدولية غير ملزمة، فهي كما يدل عليه إسمها مجموعة القواعد التي جرى العرف بين الدول على اتباعها بهدف توثيق علاقاتها، وإظهارا لحسن النية والود في علاقاتها المتبادلة، دون أن يكون إلزام قانوني. فلا يترتب عن مخالفاتها مسؤولية دولية وإنما قد يؤدي ذلك إلى المعاملة بالمثل.
ولكن قد يحصل أن تتحول قواعد المجاملات الدولية إلى قواعد قانونية ملزمة عندما تكتسب من الاتفاق أو العرف الدولي وصف الإلزام، كما هي الحال مثلا في امتيازات وحصانات المبعوثين الدبلوماسيين، بمجرد دخول اتفاقية فيينا بشأن العلاقات الدبلوماسية لعام 1961 حيز التنفيذ.[3]
ومن جهة أخرى، يتعين التمييز بين قواعد القانون الدولي العام وقواعد الأخلاق الدولية، بحيث تتمثل هذه الأخيرة في مجمل القواعد غير الملزمة التي تراعيها الدول نزولا على اعتبارات الآداب العامة أو الأخلاق الفاضلة، والمروءة والشهامة، ومثال ذلك تقديم مساعدات انسانية أو مادية لدول تعرضت لكوارث طبيعية أو لاعتداء مسلح داخلي أو خارجي.
واخيرا يجب التمييز بين القانون الدولي العام والقانون الطبيعي، فالقانون الطبيعي عبارة عن مجموعة من القواعد الموضوعية التي يكشفها العقل والتي تسبق إرادة الإنسان لتفرض حكمها عليه، فهو إذن تصوير قانوني نظري يعبر عن المثل العليا، في حين أن القانون الدولي قانون وضعي إلزامي يستمد قوته الإلزامية من مختلف مصادره التشريعية.[4]
5. فروع القانون الدولي العام:
لقد فرض النمو الكبير الذي مرت به العلاقات الدولية على القانون الدولي العام، أوضاعا جديدة أدت إلى إزدهاره وتطوره، ودفعت به إلى مجالات جديدة تماما، وانتهت به من قانون يهتم أساسا بالدول أو بجماعة الدول، وتدور قواعده وجودا وعدما معها، إلى قانون للمجتمع الدولي، يعمل من خلال محاور متعددة على تنظيمه وحكم الروابط التي تنشأ في إطاره.[5]
ولقد أدى ذلك إلى نمو القانون الدولي العام نموا كبيرا، بحيث بات يقف اليوم في مواجهة القانون الداخلي بفروعه المختلفة، كما تفرع بدوره وتوزعت قواعده بين فروع عديدة وهي: قانون التنظيم الدولي، القانون الدولي الاقتصادي، القانون الدولي للتنمية، القانون الدولي للعمل، القانون الدولي للبيئة، القانون الدولي الانساني، وأخيرا القانون الدولي لحقوق الإنسان، نلخص أهمها كما يلي:
§ قانون التنظيم الدولي:
يكاد يسلم الفقه الدولي تسليما تاما بأن قانون التنظيم الدولي يمثل فرعا أساسيا من فروع القانون الدولي العام.
بحيث ينقسم القانون الدولي العام إلى فرعين رئيسيين هما القواعد العامة والتنظيم الدولي. بل أبعد من ذلك يتجه البعض إلى إعتبار قانون التنظيم الدولي قانونا موازيا للقانون الدولي العام.
ودون الدخول في تفاصيل ذلك الجدل، يمكن تعريف قانون التنظيم الدولي بأنه تلك القواعد الأساسية التي تتعلق بالبنيان الأساسي للمجتمع الدولي، وتحكم الهيئات التي تضطلع بالقيام على تسيير مرافقه العامة. وعلى هذا النحو فهو عبارة عن القانون الأساسي لتنظيم المجتمع الدولي.
ولقد اعتبر بعض الكتاب، بأن ميثاق الأمم المتحدة هو الوثيقة الدستورية للمجتمع الدولي، غير أنه وبالرغم من احتواء هذه الوثيقة على مجموعة من المبادئ والقواعد الخاصة بتنظيم المجتمع الدولي، ثمة هنالك العديد من الوثائق الدولية الأخرى التي تساهم في تكوين السمات المميزة لقانون التنظيم الدولي، وأبرزها أنه قانونا حديث النشأة[6]، سريع التطور، يتميز بالمرونة التي تتلاءم مع طبيعته الخاصة.
§ القانون الدولي الانساني:
القانون الدولي الإنساني هو أحد فروع القانون الدولي العام وهو عبارة عن مجموعة من القواعد العرفية والمكتوبة هدفها الأساسي هو حماية الأشخاص، الأموال والأعيان والأماكن التي ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية أثناء النزاعات المسلحة[7].
فالقانون الدولي الإنساني يحمي الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال كالمدنيين وعمال الاغاثة ورجال الدين والصحفيين … أو الأشخاص الذين لم يعودوا قادرين على المشاركة فيه مثل الجرحى والغرقى وأسرى الحرب.
كما يبسط هذا القانون في حالة النزاعات المسلحة حمايته على بعض الأعيان، مثل الممتلكات الثقافية وجميع الأعيان المدنية الأخرى إضافة إلى المنشآت الطبية العسكرية وسيارات الإسعاف.
§القانون الدولي لحقوق الإنسان:
أما قانون حقوق الإنسان فهو قانون يحرص على ضمان حقوق الفرد واحترام حقوقه وحرياته المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضد أي تعسف لسلطات دولية.
ولقد تكفلت مختلف الدساتير بضمان هذه الحقوق، وتسهر الدول على توفيرها لمواطنيها، كما تكّفل المجتمع الدولي ببيان الحد الأدنى لهذه الحقوق والحريات من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 ثم العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966.
6. مستويات الإلزام في القانون الدولي العام:
تتمايز قواعد القانون الدولي من حيث مستويات الإلزام، فهناك قواعد ملزمة بل وحتى آمرة، وهناك قواعد أقل إلزامية نظرا للمصدر الذي نص عليها: إعلان، اتفاقية دولية أو اتفاقية ثنائية …[8]
وحسب المادة 53 من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات[9]: “لأغراض هذه الاتفاقية يقصد بالقاعدة الآمرة من القواعد العامة للقانون الدولي، القاعدة المقبولة والمعترف بها من قبل المجتمع الدولي ككل على أنها القاعـدة التي لا يجوز الإخلال بها والتي لا يمكن تعديلها إلا بقاعدة لاحقة من القواعد العامة للقانون الدولي لها ذات الطابع”.
ثانيا: أشخاص القانون الدولي العام
أشخاص القانون الدولي العام هم: الدولة والمنظمات الدولية وأخيرا الأفراد والقوى العابرة للقارات نتوسع فيها كالآتي:
4. الدولة:
تُعرف الدولة بأنها ” تجمع سياسي يؤسس كيانا ذا اختصاص سيادي في نطاق إقليمي محدد ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة”. وهذا التعريف يتفق عليـه أغلبية الفقهاء لأنه يحـتوي على العناصر الأساسية التي لا بد منها لقيام أي دولة، وهذه العناصر هي: الحكومة والشعب والإقليم، بالإضافة إلى السيادة والاعتراف بهذه الدولة[10].
a. ونلخص عناصر (أركان) قيام الدولة كما يلي:
§ الشعب:
يعتبر العنصر البشري الركن الأول الذي تقوم عليه الدولة، بحيث لا يمكن تصور قيام دولة إن لم يكن لديها سكانا يعيشون على أراضيها بصفة دائمة ويرتبطون بها برابطة سياسية و قانونية تعرف بالجنسية[11].
ومن الناحية القانونية، لا يؤثر عدد السكان على وجود الدولة، فهناك دولا يتعدى عدد سكانها عدة مئات من الملايين مثل الصين والهند، ودولا أخرى لا يتجاوز عدد سكانها مئات من الآلاف كدولة قطر.
§ الاقليم:
يعتبر الاقليم العنصر الثاني الذي لا يمكن قيام الدول بدونه، فهو الاطار المادي الجغرافي الثابت والمحدد من الأرض الذي يقيم عليه الشعب على سبيل الدوام والاستقرار، وتمارس فيه الدولة سيادتها وسلطتها عليهم وتسري فيه قوانينها.
ولا يشترط في الاقليم مساحة معينة كأن تكون كبيرة أو صغيرة، ولكن يشترط أن يكون له حدود واضحة المعالم بغض النظر عن طرق رسمها (حدود طبيعية أو اصطناعية، أو وهمية)[12]، فعملية رسم وتعين حدود الاقليم تعد عنصر أساسيا في استقرار الدول.
ويقسم الإقليم إلى ثلاث أجزاء هم البري والمائي والجوي:
الإقليم البري: يشمل كل اليابسة ذات الحدود الواضحة، كما يشمل طبقات الأرض وما فوقها من سهول ومرتفعات وهضاب … وما في أعماقها من مياه جوفية ومعادن وثروات باطنية.
الإقليم المائي: يتكون من الأنهار والبحيرات التي توجد داخل حدود الدولة، إضافة إلى اجزاء من البحاروالمحيطات الملاصقة لليابسة، وهو ما يطلق عليه بالمياه الاقليمية.
الإقليم الجوي: هو الفضاء الذي يعلو مساحة الإقليم الأرضي والمائي دون تحديد ارتفاعه، ولقد لجأت الدول إلى عقد مجموعة من الاتفاقيات بشأن الملاحة الجوية وتنظيم مرور الطائرات الأجنبية داخل الإقليم الجوي لكل دولة.
غير أن سيطرة الدولة على طبقات الهواء التي تعلو إقليمها إلى ما لانهاية في الارتفاع، بات مستحيلا بعد أن أصبح في امكان اطلاق الصواريخ وسفن الفضاء والأقمار الصناعية لتخترق طبقات الجو في سائر أنحاء العالم دون حاجة للحصول على موافقة الدولة المعنية، ودون توافر أية قدرة لدى معظم الدول الأخرى على مجرد رصد هذا الاختراق فضلاً عن مواجهته أو القضاء عليه.
§ السلطة السياسية:
تعتبر السلطة السياسية من أهم العناصر لنشأة وقيام الدول، وهي تتمثل في الهيئة الحاكمة القائمة بذاتها والأصيلة التي لا تنبع من سلطة آخرى بل تستمد منها الهيئات والأجهزة الأخرى سلطاتها واختصاصاتها الممنوحة لها[13]. ولكن لا يشترط أن تكون الهيئة الحاكمة هيئة وطنية فقد تكون أجنبية من غير أبناء البلاد كحالة وجود الإقليم تحت الإدارة الدولية أو الوصاية…[14]
وتكون مهمة هذه الهيئة الاشراف على الإقليم ومن يقيم عليه من مواطنين وأجانب، وتمارس سلطتها وسيادتها باسم الدولة بحيث تصبح قادرة على الزام الافراد باحترام قوانينها وتحافظ على وجودها وتمارس وظائفها لتحقيق أهدافها.
ومن مميزات السلطة السياسية:
ü تتميز السلطة السياسية بأنها سلطة ذات سيادة في الداخل: بحيث تكون سلطة آمرة عليا تفرض أوامرها على الجميع مما يقتضي أن تكون حائزة لأكبر قوة مادية في الداخل، وهي القوة العسكرية، حتى تفرض سلطانها على سائر الجماعات في الداخل وتلزمهم بطاعتها.
وان لم يكن رضا المحكومين شرطاً لازماً لقيام سلطة الدولة بالأساس، إلا أنه بات شرطا أساسيا لاستمرارها واستقرارها وعدم تعرضها لمخاطر ضخمة تهدد وجودها بالزوال، لاسيما بعد الانجازات الكبيرة التي حققها الربيع العربي؛
ü كما تتميز هذه السلطة بالشخصية المعنوية: يعني أنها وحدة قانونية مستقلة ومتميزة عن الحكام والمحكومين، يمكنها ممارسة مختلف التصرفات القانونية، ولها ذمتها المالية الخاصة بها والمستقلة عن الذمة المالية للأعضاء المكونين لها ولممثليها الذين يتصرفون باسمها[15]؛
ü وهي تمثل وحدة قانونية واحدة: فتعدد سلطاتها العامة من تشريعية وتنفيذية وقضائية وكذلك تعدد ممثلي الدولة وتعدد الأجهزة والأشخاص التي تعبر عن إرادتها وتعمل باسمها لا يغيّر من وصفها كشخص قانوني واحد؛
ü كما أن للسلطة السياسية طابع الدوام والإستقرار: أي لا تزول بزوال الحكام، وإستمرارها لا يتأثر بتغير الأشخاص الممثلين لها أو بتغير نظام الحكم فيها، فهي تستهدف أغراضا تتجاوز عمر جيل بذاته من أجيال شعبها.
ويترتب على صفة ديمومة الدولة الآتي:
- الحقوق التي تثبت للدولة في مواجهة الغير وكذلك الإلتزامات التي تتعهد بها الدولة لصالح الغير، تبقى واجبة النفاذ للدولة أو عليها مهما حدثت التغيرات التي تصيب الشكل الدستوري أو تغيّر الحكام؛
- المعاهدات والإتفاقيات التي تبرمها الدولة مع غيرها من الدول تبقى قائمة وواجبة النفاذ مادامت الدولة قائمة بغض النظر عن تغيّر ممثليها؛
- القوانين التي تصدرها السلطات المختصة في الدولة تبقى هي الأخرى قائمة وواجبة النفاذ مهما تغيّر النظام الدستوري إلى أن يتم تعديلها أو إلغائها صراحة أو ضمنا وفقا للإجراءات المحددة لذلك.
§ السيادة:
إن قيام الدولة المعاصرة بأركانها الثلاثة: الشعب، والإقليم، والسلطة السياسية، يترتب عليه تميزها بأمرين أساسيين؛ الأول: تمتعها بالشخصية القانونية المعنوية، كما سبق بيانه، والأمر الثاني: كون السلطة السياسية فيها ذات سيادة، ولأهمية السيادة في الدول فقد جعلها البعض الركن الرابع من أركان الدولة.
ولقد عرفت السيادة اصطلاحاً بأنها: ” السلطة العليا على إقليمها وعلى ما يوجد فوقه أو فيه التي لا تعرف فيما تنظم من علاقات سلطة عليا أخرى إلى جانبها”.
وارتبطت فكرة السيادة بالمفكر الفرنسي “جان بودان” سنة 1577م من خلال كتابه: الكتب الستة للجمهورية، وتضمن نظرية السيادة.
وفي 26 أغسطس 1879م صدر الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان الذي نص على أن السيادة للأمة وغير قابلة للانقسام ولا يمكن التنازل عنها، فأصبحت سلطة الحاكم مستمدة من الشعب، وظهرت تبعاً لذلك فكرة الرقابة السياسية والقضائية لتصرفات السلطة التنفيذية.
وقد قرر ميثاق منظمة الأمم المتحدة مبدأ المساواة في السيادة بأن تكون كل دولة متساوية من حيث التمتع بالحقوق والالتزام بالواجبات مع الدول الأخرى الأعضاء في هذه المنظمة، بغض النظر عن أصلها ومساحتها وشكل حكومتها. إلا أن الدول الخمس العظمى احتفظت لنفسها بسلطات ناقضة بذلك مبدأ المساواة في السيادة، وقد حل محل كلمة السيادة في العرف الحديث لفظ استقلال الدولة.
وللسيادة مظهران مرتبطان:
مظهرا خارجيا: ويكون بتنظيم علاقاتها مع الدول الأخرى في ضوء أنظمتها الداخلية، وحريتها في إدارة شئونها الخارجية، وتحديد علاقاتها بغيرها من الدول وحريتها في ابرام اتفاقيات معها، وحقها في إعلان الحرب أو التزام الحياد.
والسيادة الخارجية “مرادفة للاستقلال السياسي، ومقتضاها عدم خضوع الدولة صاحبة السيادة لأية دولة أجنبية، والمساواة بين جميع الدول أصحاب السيادة، فتنظيم العلاقات الخارجية يكون على أساس من الاستقلال”، وهي تعطي السلطة الحاكمة الحق في تمثيل دولتها والدخول باسمها في علاقات مع الدول الأخرى.
ومما ينبغي الإشارة إليه أن هذا المظهر لا يعني أن تكون سلطتها عليا، بل المراد أنها تقف على قدم المساواة مع غيرها من الدول ذات السيادة، ولا يمنع هذا من ارتباطها وتقييدها بالتزامات أو معاهدات دولية مع غيرها من الدول.
مظهرا داخليا: ويكون ببسط سلطانها على إقليمها وولاياتها، وبسط سلطانها على كل الرعايا وتطبيق أنظمتها عليهم جميعاً، فلا ينبغي أن يعلو على سلطة الدولة أي سلطة أخرى أو تنافسها في فرض إرادتها.
وتنقسم الدول من حيث السيادة إلى قسمين:
- دول ذات سيادة كاملة: لا تخضع ولا تتبع في شؤونها الداخلية أو الخارجية لرقابة أو سيطرة من دولة أخرى، ولها مطلق الحرية في وضع دستورها أو تعديله.
- دول منقوصة السيادة: لا تتمتع بالاختصاصات الأساسية للدولة لخضوعها لدولة أخرى أو تبعيتها لهيئة دولية تشاطرها بعض الاختصاصات، كالدول التي توضع تحت الحماية أو الانتداب أو الوصاية وكالدول المستعمرة. وهذا الاستقلال أو التبعية لا يؤثران على وجود الدولة الفعلي، وهو ليس تقسيماً مؤبداً بل هو قابل للتغيير والتبديل تبعاً لتغير ظروف كل دولة.
§ الاعتراف الدولي:
يكسب الاعتراف من قبل الدول الأخرى والمنظمات الدولية الدولة الشخصية القانونية الدولية، التي تمكنها من ممارسة اختصاصات السيادة لاسيما الخارجية منها.
والاعتراف الدولي يقوم على مبدأ يسمى حرية الاعتراف، ومن مقتضاه أن كل دولة من أعضاء المجتمع الدولي لها مطلق الحرية في أن تعترف بأية دولة أخرى أو لا تعترف بها.[16]
ولذلك فقد جرى العمل أن يكون وجود الدول داخل المجتمع الدولي متدرجاً ونسبياً حيث يقوم هذا الوجود في مواجهة الدول التي اعترفت بالدولة دون غيرها من الدول التي لم تعترف بها.
فالاعتراف بالدولة هو تصرف قانوني يصدر بالإرادة المنفردة للدولة المعترفة، وقد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً كأن تقوم الدولة بابرام اتفاق دولي أو معاهدة مع دولة لم تعترف بها صراحة.
وقد يكون الاعتراف قانونياً صريحا يترتب عليه سائر الآثار المترتبة على الاعتراف الدولي ومنها: اكتساب الدولة للحقوق والالتزامات المعترف بها للدول الأعضاء في المجتمع الدولي في مواجهه الدول المعترفة.
كما قد يكون مجرد اعتراف واقعي مؤقت يرتبط مصيره بقدرة الدولة المعنية على توطيد وجودها وتثبيت دعائمه، وإلا زال هذا الاعتراف الواقعي.
وعموما الاعتراف الدولي ليس ركناً مشترطاً من أركان قيام الدول، وإنما يكفي لهذا القيام توافر الأركان الثلاثة من شعب وإقليم وسلطة سياسية ثم يأتي الاعتراف الدولي ليؤكد حقوق الدولة المعترف بها في المجال الخارجي أي مجال العلاقات الدولية.
v أشكال الدول:
تختلف دول العالم في أشكالها فمنها ما هو بسيط من حيث تكوينها ومنها المركبة التي يصعب الفصل بين ظواهرها بدقة. وتعود الاختلافات في أشكال الدول إلى نظام الحكم المطبق فيها، هل هو حكم موحد أم أنظمة حكم متعددة في الدولة الواحدة ؟ ولذلك تنقسم دول العالم إلى دول موحدة ودول اتحادية كما يأتي:
الدولة الموحدة: الدولة التي تكون السلطة فيها موحدة فتظهر الدولة وحدة واحدة من الناحية الخارجية والداخلية. وتتميز الدولة الموحدة بوحدة الحكم والقوانين والاقليم.
الدولة الاتحادية: تتألف الدولة الاتحادية من اتحاد دولتين أو أكثر وفقا لدستور أو اتفاقية لتحقيق أهداف مشتركة، مع خضوع الدول الداخلية في الاتحاد لحكومة مشتركة تتوزع بموجبها مسؤوليات الحكم في الدولة الاتحادية وابرز اشكال الدولة الاتحادية هي:
الاتحاد الفيديرالي: ينشأ هذا الاتحاد من اندماج مجموعة من الدول أو الولايات في دولة واحدة بهدف تحقيق مصالح مشتركة، وذلك بموجب دستور توافق عليه كل دول الأعضاء ويصبح النظام الأساسي للدولة الجديدة المنبثقة عنه.
وتفقد الدول أو الولايات التي تنظم للاتحاد شخصيتها الدولية وسيادتها الخارجية، في حين تنحصر سلطاتهافي القضايا الداخلية كالخدمات الصحية والتعليمية والنقل واقامة مشاريع اقتصادية واجتماعية كجبايةالضرائب المحلية… ومن أمثلته أمريكا ودول الإمارات العربية المتحدة وأستراليا. ومن ابرز خصائص الاتحاد الفيدرالي:
§ رئيس واحد وحاكم لكل ولاية؛
§ سياسة خارجية واحدة؛
§ حكومة مركزية وحكومات محلية؛
§ جيش وطني واحد؛
§ دستور واحد ودساتير وقوانين محلية لا تتعارض مع الدستور الفيدرالي؛
§ رمز وطني واحد وجنسية واحدة ونشيد وطني واحد.
الاتحاد الكونفدرالي : يقوم هذا الاتحاد بين دولتين أو أكثر، ويكون مبنيا على رغبة هذه الدول في الاتفاق على إنشاء هيئة ممثلة لها بأعمال ووظائف معينة ضمن اتفاقيات يوافق عليها جميع أعضاء الاتحاد، وذلك بهدف تأمين وتحقيق مصالح مشتركة في الاقتصاد أو الثقافة أو الدفاع العسكري المشترك أو لأغراض أمنية ومن امثلته : الاتحاد الأروبي ومجلس التعاون الخليجي.
5. المنظمات الدولية:
لم يعد العالم يتكون من مجموعة من الدول فقط، وإنما أصبح يضم إلى جانب الدول مجموعة من المنظمات الدولية. فماهي المنظمات الدولية وماهي أنواعها والقواعد القانونية التي تحكم نشأتها وعملها؟
§ تعريف المنظمات الدولية:
المنظمة الدولية هي عبارة عن تجمع من الدول، ولكن تتمتع المنظمات الدولية بإرادة وسلطات ذاتية مستقلة عن إرادة الدول المكونة لها، فهي إذاً تملك شخصية معنوية خاصة بها ناتجة عن تفويض صريح من الدول بموجب إتفاقية دولية بهدف حماية بعض المصالح الخاصة.
تلعب المنظمات الدولية دوراً كبيراً في ميدان العلاقات الدولية، بوصفها من أهم أشخاص القانون الدولي العام التي تشارك في تفعيل إرادة الجماعة الدولية، لاسيما في مجال ضمان تطبيق قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وترجع نشأة المنظمات الدولية إلى القرن التاسع عشر، ففي عام 1919 برزت المنظمات الدولية، متخذة شكل عصبة الأمم، ثم أخذت حلّة جديدة إبان الحرب العالمية الثانية، فأسست منظمة الأمم المتحدة عام 1945.
§ القواعد القانونية التي تحكم نشأة وعمل المنظمات الدولية:
تتكون المنظمة الدولية من أربعة عناصر أساسية تتمثل في الصفة الدولية، قانون المنظمات الدولية، الادارة المستقلة و الميثاق:
ü الصفة الدولية:
تكمن الصفة الدولية للمنظمة الدولية في طريقة تكوينها. فالمنظمة الدولية تنشأ بمقتضى اتفاقيات دولية، ويشكل مجلس أعضائها عدد من الدول التي تتمتع بكامل سيادتها.
من هنا الفرق الجوهري بين المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، لأن انشاء المنظمات غير الحكومية لا يأتي بموجب معاهدة أو اتفاق دولي كما أن أعضاء هذه المنظمات هم أشخاص طبيعيون وليسوا دولا.
وقد أشار المجلس الاقتصادي والإجتماعي للأمم المتحدة عام 1950 حيث جاء فيه: إن كل منظمة لا تنشأ عن طريق اتفاقات بين الحكومات تعد منظمة دولية غير حكومية.
ü قانون المنظمات الدولية:
قانون المنظمات الدولية هو أحد فروع القانون الدولي العام، وهو يعتبر حديث نسبيا لأنه نشأ مع نشأة المنظمات الدولية في أواخر القرن الماضي.
و يضم قانون التنظيم الدولي القواعد الأساسية التي تنظم المجتمع الدولي في فترة التنظيم الدولي المعاصر.
ü الإرادة المستقلة:
تنشأ المنظمات الدولية بموجب معاهدة أو اتفاق دولي بين دول ذات سيادة، ومن هذا المنطلق، تتميز شخصيتها في المجتمع الدولي عن شخصية الدول الأعضاء، كما أن لها كيانا دائما ومستمرا، وأنها تملك الشخصية القانونية المستقلة، بمعنى الإرادة الذاتية المستقلة عن إرادات اعضاءها.
إلا أن هذا لايعني تفوّق إرادتها المستقلة على إرادة الدول الأعضاء، كون المنظمة الدولية لا تعتبر دولة فوق الدول.
ü الميثاق:
لا يمكننا الحديث عن وجود منظمة دولية قبل الحديث عن المعاهدة التي أبرزتها الى حيز الوجود. فلا وجود لمنظمة إلاّ من خلال معاهدة متعددة الأطراف، التي تعتبر قانونها الأساسي.
ولهذا فلابد ان تأتي مبادرة إنشاء المنظمة من خارج المنظمة وقبل وجودها، ويكون ذلك من خلال إعداد مشروع ميثاق المنظمة عن طريق مؤتمر دولي أو بواسطة منظمة دولية قائمة، أو من خلال تعديل معاهدة دولية قائمة.
وتتم الدعوة إلى انعقاد المؤتمر الدولي بواسطة مجموعة من الدول. وإن كان يمكن لدولة بمفردها إن تدعو إلى المؤتمر لإنشاء المنظمة.
وقد تتولى منظمة دولية موجودة بالفعل الدعوة إلى مؤتمر دولي للنظر في انشاء منظمة دولية أخرى مثلما تولى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لمنظمة الأمم المتحدة دعوة الدول إلى مؤتمر دولي للنظر في انشاء منظمة الصحة العالمية.
وتتميز المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية بطبيعة مزدوجة : فهي من ناحية تعتبر معاهدات. وهي من ناحية أخرى تتميز بطبيعتها الدستورية، فهي القانون الأعلى للمنظمة وكذلك لأعضاء المنظمة. بهذا الاتجاه تنص المادة السادسة من ميثاق الامم المتحدة: ” إذا أمعن عضو من أعضاء “الأمم المتحدة” في انتهاك مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة بناءً على توصية مجلس الأمن.”.
و يحدد الميثاق هيكل المنظمة كما يقوم بتوزيع الاختصاصات بين فروع وأجهزة المنظمة. ويترتب على القيمة الدستورية للمعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية ثلاث مبادئ:
المبدأ الأول: انه من حيث القيمة القانونية تعلو المعاهدة المنشئة لمنظمة دولية وتجبّ أو تنسخ أية معاهدة أخرى يبرمها الدول الأعضاء في المنظمة.
المبدأ الثاني: أنه يجب على الدول الأعضاء قبول المعاهدة المنشئة للمنظمة على نحو كامل دون إبداء تحفظات.
المبدأ الثالث: أن تعديل المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية – كقاعدة عامة- يحتج به تجاه الدولة التي لم تصدق على التعديل.
وميثاق المنظمة هو الذي يميز الوكالات الدولية المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة عن الهيئات الأخرى التابعة للامم المتحدة، والتي تتمتع ببعض من الاستقلال، ولكنها تتولى تسيير أحد المرافق الدولية العامة، مثل الصندوق الدولي لرعاية الطفولة، ومنظمة اغاثة لاجئي فلسطين. الخ…
فبالرغم من أن كل من هاتين الهيئتين لها إرادة مستقلة وميزانية منفصلة، واختصاصات ذاتية تقابل بصورة عامة ما تتمتع به المنظمات الدولية المتخصصة، إلا انهما قامتا بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وليس بمقتضى اتفاق دولي، كما هو الحال بالنسبة للمنظمات الدولية.
§ أنواع المنظمات الدولية:
لقد تعددت المنظمات الدولية في عصرنا الراهن وفق متطلبات العلاقات الدولية، حيث يوجد الآن أكثر من 300منظمة وهيئة دولية تتنوع في مستويات عملها وما تتمتع به من سلطات.
ولقد اختلف فقهاء القانون الدولي حول تحديد نوع موحد للمنظمات الدولية، وإختلفوا في تقسيماتهم لها بحسب إختلاف طبيعة العضوية فيها، ونشاطاتها، وإختصاصاتها المختلفة:
ü فمن حيث العضوية: هناك المنظمات الدولية العالمية التي تكون العضوية فيها مفتوحة لكل الدول[17]، والمنظمات الدولية الاقليمية التي تقتصر العضوية فيها على بعض الدول لما يجمع بينها من أهداف اقليمية مشتركة؛
ü ومن حيث نشاطاتها: فهناك منظمات ذات اتجاه عسكرى وسياسي كالأحلاف العسكرية، حيث تكون العضوية فيها قاصرة على جماعة من الدول تجمعها مصالح سياسية وعسكرية مثلاً. وهناك أيضا المنظمات الناشئة بفعل ركب الحركة الاقتصادية العالمية وتطور التبادل الدولي وتقسيم الأعمال الدولية. فهذه المنظمات الدولية تعتبر ذات اختصاص اداري كاتحاد البريد العالمي أو ذات اختصاص مالي واقتصادي كالسوق الأروبية المشتركة. وقد تكون المنظمات ذات موارد ومصالح معينة، وهنا تكون العضوية قاصرة على تلك الدول التي لها هذه الموارد والمصالح المشتركة: كمنظمة الدول المصدرة للنفط.
ü أما من حيث الاختصاص: فهناك منظمات دولية عامة ومنظمات دولية متخصصة. فالمنظمة الدولية تكون عامة إذا تعددت اختصاصاتها لتشمل كافة مظاهر العلاقات الدولية، كمنظمة عصبة الأمم أو منظمة الأمم المتحدة؛ كما تنطوي تحت هذه الفئة، المنظمات الاقليمية كمنظمة جامعة الدول العربية حيث أنها متعددة الاختصاص. أما المنظمات الدولية المتخصصة فهي تلك المنظمات التي تسعى الى تحقيق هدف معين بذاته، كالمنظمات ذات الاختصاص الاقتصادي أو الثقافي أو الفني أو الصحي، التابعة إلى منظمة الأمم المتحدة.
ثالثا: مصادر القانون الدولي العام
تلعب فكرة “مصادر القانون” دورا هاما في إطار النظرية العامة للقانون الدولي، بحيث هي تستخدم عادة لتدل على المعاني الثلاث الآتية:
ـ التعبير عن أساس القانون وسبب قوته الملزمة أو فاعليته؛
ـ الإشارة إلى المصادر المادية للقانون، ويقصد بها كافة المؤثرات والعوامل التي ساهمت قي تكوين القواعد القانونية (كتأثير القانون الروماني، أو القانون الإسلامي، أو القانون الانجلوسكسوني على تكوين القواعد القانونية)؛
ـ التعبير عن المصادر الشكلية للقانون، والتي تتمثل في طرق تكوين أو ملاحظة القاعدة القانونية أو الشكل الذي تصاغ فيه (معاهدة أو عرف أو مبدأ عام من مبادئ القانون….)؛ وهذا هو المعنى الذي سنتوسع فيه.
تنص المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية لسنة 1945 على أن: “وظيفة المحكمة هي الفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفقا لأحكام القانون الدولي، وتطبق في هذا الشأن:
أ/ الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفا بها صراحة من الدول المتنازعة؛
ب/ العادات الدولية المرعية والمعتبرة بمثابة قانون دلّ عليه تواتر الاستعمال؛
ج/ مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة؛
د/ أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم؛
ويعتبر هذا أو ذاك مصدرا احتياطيا لقواعد القانون، وللمحكمة سلطة الفصل في القضية وفقا لمبادئ العدل والإنصاف متى وافق أطراف الدعوى على ذلك.”
وعليه فان المصادر الشكلية للقانون الدولي العام، طبقا لأحكام هذه المادة، هي ستة، مرتبة حسب درجة إلزاميتها أو أهميتها إلى مصادر أساسية إلزامية، ومصادر ثانوية احتياطية[18]:
1. المصادر الأساسية الإلزامية:
تتمثل المصادر الأساسية الإلزامية وفقا للمادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية سالفة الذكر، في كل من الاتفاقات الدولية، والعادات الدولية، والمبادئ العامة للقانون، نلخصها فيما يلي:
أ. الاتفاقات الدولية:
الاتفاقات الدولية عبارة عن وثيقة دولية مبرمة بين دولتين (في حال اتفاقية ثنائية) أو عدة دول (في حال اتفاقية متعددة الأطراف أو اتفاقية جماعية)، وقد تتخذ هذه الوثيقة عدة تسميات: اتفاقية، معاهدة، عهد، ميثاق، رغم تعبيرها عن مضمون واحد أو تمتعها بنفس القيمة القانونية الملزمة.
وحسب فقيه القانون الدولي Triepel، فإن المعاهدات أو الاتفاقيات الدولية نوعان:[19]
إما اتفاقية شارعة (Traités-lois): والتي تنشأ قواعد قانونية دولية موضوعية، وهي عادة ما تكون اتفاقية جماعية؛
أو اتفاقية عقدية (Traités-contrats): والتي تنشأ التزامات متبادلة بين أطرافها في شكل عقد ملزم.
أما في مجال حقوق الإنسان، فإن الاتفاقيات الدولية الجماعية (الاتفاقيات الشارعة) هي المصدر الشكلي الرئيسي لأنها تتمتع بأهمية بالغة وبقيمة قانونية إلزامية أكثر من غيرها من الوثائق الدولية لحقوق الإنسان، وذلك راجع إلى كثرتها وتنوعها وكذا إلى إبرامها في إطار دولي جماعي برعاية المنظمات الدولية العالمية أو حتى الإقليمية.
ب. العادات الدولية:
لقد وضّحت المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية سالفة الذكر، معنى العادات الدولية من خلال تحديد الشروط التي يجب أن تتوفر فيها، والمتمثلة في:
أ/ أن تأتيها الدول وتراعيها في تصرفاتها وعلاقاتها؛
ب/ أن تواتر الدول على استعمالها معتبرة إياها قانونا واجب التطبيق.
واللافت للنظر في هذا المقام، هو أن محرري هذا النظام الأساسي قد فظلوا استعمال مصطلح “العادات الدولية” بدلا من استعمال مصطلح ” العرف الدولي”، مع أن المقصود هنا هو العرف الدولي الذي يعد أغزر وأخصب وأكثر مصادر القانون الدولي العام مرونة، لأن أغلب قواعد هذا القانون ما زالت عرفية وغير مقننة بشكل نهائي.
والعرف الدولي بإيجاز، هو مزيج من ركنان أساسيان، ركنا ماديا والمتمثل في سلوك أو تصرفات منتظمة تقوم بها الدول أو المنظمات الدولية، وركنا معنويا وهو اعتقاد هذه الدول أو المنظمات الدولية بإلزامية إتباع هذا التصرف أو ذاك. وتجدر الإشارة هنا، إلى أن الدولة الواحدة مهما تتصرف فلا تخلق عرفا دوليا لأن عملها يبقى منعزلا ومنفردا.
ج. المبادئ العامة للقانون:
تتمثل هذه المبادئ العامة وفقا للمادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية سالفة الذكر، في مجموع المبادئ العامة المستمدة من القوانين الداخلية أو من القانون الدولي العام في إطار معاملات الدول وعلاقاتها الخارجية فيما بينها، بشرط أن تكون معترفا بها من قبل الأمم المتمدنة أو المتحضرة.[20]
والمقصود بالأمم المتمدنة أو المتحضرة، تلك الأمم التي استطاعت أن تخلق نظاما قانونيا خاصا بها سواء كان معترفا به أو مجرد معروفا من قبل باقية المجتمع الدولي، وهنا نحن بصدد الحديث عن:
أ/ النظام القانوني اللاتيني؛
ب/ النظام القانوني الأنجلوساكسوني؛
ج/ النظام القانوني الإسلامي؛
د/ النظام القانوني الأمريكي اللاتيني؛
ه/ النظام القانوني الاشتراكي سابقا.
أما فيما يخص المبادئ العامة المعترف بها من قبل الأمم المتمدنة أو المتحضرة، والتي تصنف ضمن حقوق الإنسان الأساسية في الآن ذاته، فهي تتمثل في:
أ/ مبدأ الحق في الحياة؛
ب/ مبدأ المساواة بين الأجناس والشعوب و الأعراق؛
ج/ مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها؛
د/ مبدأ والحق في السلم؛
ه/ مبدأ شرعية العقوبات؛
و/ مبدأ عدم تقادم الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان؛
ي/ مبدأ عدم المساس وعدم التصرف وعدم قابلية حقوق الإنسان للتجزئة. وسوف نتوسع في كل مبدأ من هذه المبادئ في أوانه.
2. المصادر الثانوية الاحتياطية:
تتمثل المصادر الثانوية الاحتياطية في كل من أحكام المحاكم الدولية، ومذاهب كبار المؤلفين، ومبادئ العدل والإنصاف، ولقد أطلقت عليها هذه التسمية أي: ” مصادر ثانوية أو احتياطية”، لأنها أقل قوة إلزامية من المصادر الأساسية، بحيث لا يرجع القاضي إليها إلا في حال عدم توافر هذه الأخيرة. وفيما يلي ملخص للمصادر الثانوية الاحتياطية:
أ. أحكام المحاكم:
وهي أحكام المحاكم الدولية بوجه عام، وكذلك بعض أحكام المحاكم الداخلية إذا كان موضوعها متعلقا بمجال حقوق الإنسان، وهو مصدر استدلالي ثانوي أقل حجية وأولوية في التطبيق، ومن إنتاج القضاء عامة، والقضاء الدولي بصفة خاصة.
وتساعد أحكام المحاكم في مجال حقوق الإنسان على إعطاء الصيغة الإلزامية للاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، ويظهر ذلك بوضوح في النظام الأوروبي لحقوق الإنسان، بحيث استطاعت أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الضغط على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتعديل قوانينها الداخلية بما يتماشى مع أحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.[21]
ب. مذاهب كبار المؤلفين:
وهو ما يطلق عليه تسمية “الفقه” “Doctrine”، الذي يبرز دوره بصورة جلية عند تفسير وشرح القواعد القانونية الدولية التي تتضمنها مختلف المصادر المذكورة أعلاه، أو عند صياغة أو إعادة صياغة القواعد القانونية القديمة لكي تصبح متماشية مع التطورات التي تحصل في المجتمع.
أما في مجال حقوق الإنسان، فلقد ساهم العديد من الفقهاء في تحديد مضامين بعض حقوق الإنسان، أو في خلق حقوقا جديدة. فحقوق الإنسان بالمفهوم الغربي هي من صنع فلاسفة كبار أمثال جون لوك، شارل روسو أو غيرهم من فقهاء القرن العشرين، منهم الفقيه الفرنسي Réné Cassin أحد محرري الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أو اللبناني شارل مالك، عضو ومقرر في مكتب لجنة حقوق الإنسان إثر تحضير هذا الإعلان العالمي .[22]
كما ساهم الفقهاء العرب في تحديد أسس ومبادئ حقوق الإنسان في الإسلام، ويمكن ذكر هنا على سبيل المثال، الفقيه التونسي طاهر حداد، الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي[23]، فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي… وما إلى ذلك من علماء وشخصيات إسلامية لامعة.
ج. مبادئ العدل والإنصاف:
ترتبط مبادئ العدل والإنصاف بفكرة العدالة، والتي بدورها يمكن أن تستنبط من مختلف مصادر القانون الدولي العام التي سبق لنا وأن وضحناها، والتي على رأسها الاتفاقيات الدولية الشارعة.
وبالرجوع إلى الأديان السماوية، فإننا نجدها مبنية على أساس العدل والإنصاف ومتضمنة لمبادئ عامة تحولت عبر الزمن الطويل إلى قواعد قانونية ملزمة لا تقل أهمية عن قواعد قانونية أخرى في مصادر شتى.
أما في مجال حقوق الإنسان، فإن البعض يرى في الإنصاف الطريقة المثلى لتحقيق العدالة، ومن ثم المساواة. أبعد من ذلك فهم يعتبرونه العدل بحد ذاته خاصة وأنه يطبق العدالة حسب الحالات ومعطيات محددة يجنبنا تطبيق القوانين بطريقة مجردة وعامة لأنه يعتمد على السلطة التقديرية للقاضي.[24]
ولكن في المقابل يقول أنصار مذهب المساواة بأن الإنصاف بمثابة معرقل لتحقيق المساواة، ورغم تقبله والنص عليه مؤخرا في الإعلانات الصادرة عن المؤتمرات الدولية لحقوق الإنسان[25]، فإنه يمس بأسس ومبادئ حقوق الإنسان، لاسيما مبدأ عدم المساس وعدم التصرف وعدم قابلية حقوق الإنسان للتجزئة.
أبعد من ذلك، فهم يعتبرون بأن الإنصاف لا يحقق العدل بالضرورة لأنه يرتكز على معطيات غير قانونية، ويؤدي هذا حسب اعتقادهم إلى معاملة تمييزية غير متساوية من جهة، ومن جهة أخرى تعتبر المساواة قطعية وقانونية وهي منظمة ومحددة من قبل المشرع وفقا لمعايير مجردة.[26]
ومن هذا المنطلق، فإن قاعدة الإنصاف، حسب أنصار المساواة، حتى ولو كانت مجردة من كل اعتبارات تمييزية وتريد ضمان العدل، فإنها بمجرد عموميتها وعدم النص عليها في قواعد قانونية محددة تترك مجالا واسعا للسلطة التقديرية وبالتالي للتمييز. كما يعتبرون بأن تحقيق العدالة عن طريق الإنصاف أمرا نسبيا لأن مفهوم العدل مرتبط بقيم الجماعة وبخصوصياتها الثقافية والحضارية وبالتقاليد والعادات.[27]
وإلى جانب هذه المصادر الاحتياطية الثلاث، أي أحكام المحاكم الدولية، ومذاهب كبار المؤلفين، ومبادئ العدل والإنصاف، يضيف بعض الفقهاء ثلاث مصادر احتياطية أخرى للقانون الدولي لحقوق الإنسان لم تنص عليها المادة38 سالفة الذكر ولكنها قد أثبتت وجودها مع مرور الزمن[28]، وهي متمثلة في:
ا/ الإعلانات؛
ب/ البيانات الختامية للمؤتمرات الدولية؛
ج/ قرارات المنظمات الدولية، والتي ستكون لها وقفة خاصة عند الحديث عن الصكوك الدولية لحقوق الإنسان.
هذا بإيجاز المصادر الشكلية للقانون الدولي العام، ومن ثم المصادر الشكلية للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي تشكل منابع رئيسية لمختلف حقوق الإنسان وذلك رغم تفاوتها من حيث الأهمية القانونية الإلزامية والحجية التنفيذية أو من حيث الأهمية المعنوية العرفية، كما سيتوضح عند الخوض في أهم الصكوك الدولية لحقوق الإنسان.
3. مصادر القانون الدولي لحقوق الإنسان:
لقد شاع في الأبحاث السياسية والقانونية وحتى في الدراسات الاجتماعية، أن قانون حقوق الإنسان قد ولد في انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية من خلال الفكر القانوني والسياسي، فأدت كتابات عدد من الفلاسفة وفقهاء القانون إلى ظهور نظرة جديدة لطبيعة الإنسان، وهي النظرة التي1 قادت إلى المسلَّمات الأساسية في الوثيقة العظمى البريطانية لسنة 1215 (Magna Carta) وفي إعلان الاستقلال الأمريكي (الصادر في 4 يوليو/تموز1776) أوفي الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن (الصادر في 26 آب/أغسطس 1789).[29]
ولقد كرست مختلف هذه الوثائق حقوق الإنسان “الطبيعية” مثل: ” الحق في الحرية، وفي المساواة، وفي الأمن وفي سيادة الشعب كمصدر للسلطات في المجتمع (…)” وما إلى ذلك من حقوق ومبادئ ساهمت في ظهور حركات ثورية وإصلاحية سواء في أوروبا أو خارجها، كما دخلت مضامينها في ميثاق عصبة الأمم سنة 1919، ثم ميثاق منظمة الأمم المتحدة سنة 1945، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 وفي كل الوثائق الدولية لحقوق الإنسان.[30]
غير أن حقوق الإنسان على خلاف ما يدعي البعض، ليست وليدة هذه الإعلانات ولا مختلف الوثائق الدولية لحقوق الإنسان الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، لأن الإنسان اجتماعي بطبعه والعلاقات الاجتماعية كانت ولازالت تحتاج إلى ضوابط وأسس تحكمها.
فالدارس لتاريخ العلاقات الإنسانية يجد أن لكل مجتمع مهما كانت درجته في الرقي أو التأخر حظه من المبادئ القانونية التي تنظم تصرفات الأفراد، ومعاملاتهم لبعضهم البعض، تجد هذه المبادئ جذورها والأسس التي تقوم عليها في أغلبية الديانات والفلسفات والثقافات.[31]
فمما لاشك فيه هو أن أقدم الحضارات البشرية قد عنيت بحقوق الإنسان ونقصد بذلك الحضارات الشرقية، كالعراقية القديمة (البابلية والسومرية) والهندية والمصرية والصينية والفارسية، وجميعها قد حفلت بارتباط وثيق بين التعاليم الدينية والنظرة إلى الإنسان وحقوقه.
وأشهر ما وصلنا من قوانين تخص حقوق الإنسان في العصور القديمة شريعة حمو رابي الذي حكم الدولة البابلية، التي يرجع الفقهاء تاريخها إلى حوالى 1750 قبل الميلاد.[32]
وعليه فإن حقوق الإنسان بوجه عام عميقة الجذور، بعيدة المدى الزمني عبر التاريخ الطويل والثري للإنسانية جمعاء؛ لأنها تمتد لتشمل كل الفلسفات في المجتمعات القديمة والحديثة، وجميع الشرائع السماوية والرسائل الإلهية.
نقتصر في هذه المحاضرات على إعطاء فكرة عامة حول أهم مصدر من مصادر حقوق الإسان والمتمثل في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والمتمثلة في
ـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛
ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبروتوكوليه الاختياريين الملحقين، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية. وسنتوسع في هذه الوثائق الثلاث كما يلي:
أ/ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
في سنة 1948، بعثت لجنة حقوق الإنسان إلى الهيئتين اللتين تعلوانها، وهما المجلس الاقتصادي والاجتماعي والجمعية العامة للأمم المتحدة، بمشروع كامل للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وفي 10 كانون الأول/ ديسمبر من نفس السنة، تبنت الجمعية العامة بقرارها رقم 217 ألف (د-3)، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالإجماع، أي بأغلبية 48 صوتا[33]وامتناع ثماني دول عن التصويت[34]، ولم تعترض عليه أي دولة. فما هي الحقوق التي نص عليها هذا الإعلان وما هي قيمته القانونية الدولية؟
- مضمون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
يتكون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من ديباجة وثلاثين مادة تضمنت بيانا بالحقوق والحريات الأساسية اللازمة للإنسان والمتأصلة فيه، سواء تعلقت بشخصه أم بتواجده في المجتمع الذي يعيش فيه.
وديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عبارة عن تقديم للأسباب أو للمبررات التي دفعت بإصدار هذا الإعلان والتي تتمثل فيما يلي:
ـ ارتباط الاعتراف بالكرامة المتأصلة في الإنسان وبحقوقه المتساوية والثابتة بالحرية والعدل والسلام في العالم؛
ـ ضرورة توفير حماية قانونية لحقوق الإنسان للقضاء على الاستبداد والظلم؛
ـ تعهد الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة بالتعاون في سبيل مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها مع حتمية الوفاء بهذا التعهد؛
ـ دعوة جميع الدول إلى الاهتمام بهذا الإعلان والعمل من أجل توطيد احترام الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ الإجراءات المناسبة على مستوى الدول، وعلى المستوى العالمي.[35]
وفيما يلي ملخص لأهم الحقوق التي نصت عليها المواد الثلاثين من هذا الإعلان:[36]
3 يولد الإنسان حرًا ومتساوي مع غيره من بني البشر في الكرامة والحقوق تربطه وإياهم علاقة إخاء، وله الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه وفي التمتع بشخصية قانونية وبجنسية (المادة1 و 3 و 6 و 9 و 15).
3 يحدد الحقوق الأساسية لكل شخص في العالم بغضِّ النظر عن عنصره أو لونه أو جنسه أو لغته أو دينه أو رأيه السياسي، أو أي رأي آخر، أو أصله الوطني أو الاجتماعي، أو ثروته أو مولده، أو أي وضع آخر، أو وضعه السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو البقعة التي ينتمي إليها (المادة 2).
3 يحظر الاسترقاق أو العبودية وتجارة الرقيق، كما يحظر التعذيب والعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة (المادة 4 و5).
3يقر المساواة بين الناس أمام القانون وفي الحماية القضائية من قبل محكمة مستقلة ونزيهة من أي اعتداء أو تمييز يُخل بأحكامه وضد أي تحريض على كهذا تمييز (المادة 7 ـ 8 و 10).
3 يعتبر المتهم بجريمة بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه، كما أنه لا يسال عن أي فعل لا يشكل جريمة وقت ارتكابه إياها (المادة11).
3 يحرم التدخل التعسفي في الحياة الخاصة أو العائلية أو مراسلات الأشخاص (المادة 12).
3يمنح الأفراد حرية التنقل واختيار محل إقامتهم ومغادرة أية بلاد بما في ذلك بلدهم كما يحق لهم العودة إليه (المادة 13).
3 يمنح الأفراد حق الحصول على الملجأ في بلاد آخر فرارا من الاضطهاد(المادة 14).
3يقر للنساء وللرجال البالغين سن الرشد حقوقا متساوية في الزواج بموجب عقد زواج يتوفر فيه رضا كاملا لا إكراه فيه للطرفين، ويعتبر الأسرة الخلية الأساسية والطبيعية للمجتمع (المادة16).
3 يقر الحق في التملك وفي عدم الحرمان منه بطريقة تعسفية (المادة 17).
3 يقر حرية التفكير والضمير والدين بما فيها حرية تغيير الديانة أو العقيدة، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة (المادة18).
3 يقر حرية الرأي والتعبير والاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية (المادة 20).
3 يقر الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة للبلاد مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون اختيارا حرا، و في تقلد الوظائف العامة في البلاد (المادة 21).
3 يضمن الحق في الضمان الاجتماعي وفي التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 22و27).
3 يقر الحق في العمل مقابل أجر عادل ومرض وفي تحديد معقول لساعات العمل وفي عطلات دورية بأجر، وبالالتحاق بالنقابات العمالية (المادة 23 ـ 24).
3يمنح الأفراد الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على صحتهم ورفاهيتهم مع أسرهم (المادة 25).
3يعترف للأمومة وللطفولة بالحق في مساعدة ورعاية خاصة، سواء كان الأطفال شرعيين أو غير شرعيين (المادة 25).
3 يقر الحق في التعلم على أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزاميا (المادة 26).
3 يقر للأفراد بالحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققا تاما (المادة 28).
وفي مقابل هذه الحقوق تنص المادة 29 و30 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على بعض الواجبات التي تقع على عاتق الأفراد والدول على حد السواء، وتتمثل هذه الواجبات في:
3 على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نموا حرا كاملا.
3يخضع الفرد في ممارسته حقوقه لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي.
3لا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.
3 ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه.
غير أن هذا الالتزام الأخير لا يلزم إلا الدول الموقعة على الإعلان أو المصرحة بقبوله والانضمام إليه، أما الدول الرافضة له أو المتحفظة عليه، فغير ملزمة به، كما هو الحال بالنسبة للمملكة العربية السعودية. [37]
هذا بإيجاز مضمون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكن السؤال الذي سرعان ما يخطر على أدهاننا بعد هذا الاستعراض لأهم الحقوق التي وردت فيه، هو ما مدى إلزامية هذه الوثيقة بالنسبة للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، أو بعبارة أخرى ما هي القيمة القانونية لهذا الإعلان؟
- القيمة القانونية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
أصبح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ العام 1948 هو المعيار الدولي لحقوق الإنسان، ولكن وعلى الرغم من موافقة الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة عليه بالإجماع ومن دون معارضة أية دولة عضو فيها عليه، وكونه كذلك هو الذي أوحى بالجزء الأكبر من القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإنه لا يمثل وثيقة لها قوة القانون حسب بعض الفقهاء، وذلك راجع حسب اعتقادهم للأسباب التالية:[38]
لم يصب في اتفاقية دولية تعطيه صفة القواعد القانونية الدولية واجبة الاحترام؛
لا يتمتع بأية قيمة إلزامية بالمعنى القانوني فهو عبارة عن ” توصية ” تدعو فيها الجمعية العامة الدول إلى تطبيق مضمونها، وتوصيات الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، لا تنشئ التزامات قانونية دولية؛
انه عديم القيمة العملية، لأنه لا يتضمن ضمانات لصالح الأفراد، ولا جزاءات ضد الدول.
وفي المقابل، يرى فريق آخر من الفقهاء بأن لهذا الإعلان بصفته إعلان مبادئ عامة، قيمة معنوية وأدبية كبرى في أوساط الرأي العام الدولي يترتب عن مخالفة أحكامه جزاءات ومسؤولية دولية، سيما أنه نداء عالمي صادر عن عدد كبير من الدول.
ولقد ذهب الأستاذ برينيه بعيدا في تحديد القيمة القانونية لهذا الإعلان وقال أنه “قانونا ملزم لجميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة لأنه يعتبر مكملا لميثاق هذه المنظمة في مجال فرض احترام حقوق الإنسان.”[39]
غير أن الواقع الدولي لا يتفق مع هذا الرأي لان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليس تعديلا لميثاق منظمة الأمم المتحدة لأنه من جهة لم يعرض على الدول للتصديق عليه، ومن جهة أخرى فهو عبارة عن مجرد ” توصية ” صادرة عن الجمعية العامة كما سبق لنا وذكرنا.[40]
ولقد درجت منظمة الأمم المتحدة على إصدار هذا النوع من التوصيات في شكل إعلانات تتضمن مبادئ دولية عامة في قضايا مهمة جدا، انطلاقا منها يمكن أن يتكون عرف دولي يضفي عليها صفة الإلزام، ” بل واللزوم الذي يؤدي إلى الالتزام “، على حد تعبير الدكتور أبو الوفا[41]، أو أن تكون أرضية لوضع اتفاقيات دولية ملزمة تهتم بنفس الموضوع أو نفس الحقوق التي جاءت بها هذه الإعلانات.
وعليه فانه يمكن الاعتراف بأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد اكتسب القوة الإلزامية مع مرور الزمن، خاصة بعد التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللذان ترجما مبادئه إلى قواعد قانونية دولية ملزمة، وصدور دساتير عديدة تضمنت النص على محتوى هذا الإعلان.
كما أصبح يحظى هذا الإعلان بالقبول على نطاق يكاد يكون عالميا، بوصفه “المعيار الأدنى المشترك الذي تقيس به كافة الشعوب والأمم منجزاتها”[42]، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان في أجهزة الأمم المتحدة سلطان لا يعلوه إلا سلطان الميثاق، وهو دائما مصدر استشهاد سواء كان ذلك في الجمعية العامة أو في مجلس الأمن وسائر الأجهزة الأخرى.
وفي الأخير، نود أن نذكر أهم الإعلانات التي تبنتها الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، بالإضافة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمتمثلة فيما يلي:[43]
· إعلان حقوق الطفل، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة 1386 (د-14) المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1959.
· إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة1514 (د-15) المؤرخ في 14 كانون الأول/ديسمبر 1960.
· إعلان الأمم المتحدة للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة1904 (د-18) المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1963.
· إعلان القضاء علي التمييز ضد المرأة، اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2263 (د-22) المؤرخ في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1967.
· إعلان بشأن الملجأ الإقليمي، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2312 (د-22) يوم 14كانون الأول/ديسمبر 1967.
· إعلان حول التقدم والإنماء في الميدان الاجتماعي، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة2542 (د-24) المؤرخ في 11 كانون الأول/ديسمبر 1969.
· الإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقليا، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2856(د-26) المؤرخ في 20 كانون الأول/ديسمبر 1971.
· إعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3318 (د-9) المؤرخ في 14 كانون الأول/ديسمبر 1974.
· الإعلان الخاص باستخدام التقدم العلمي والتكنولوجي لصالح السلم وخير البشرية، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3304 (د-0) المؤرخ في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1975.
· الإعلان الخاص بحقوق المعوقين، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3447 (د-30) المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975.
· إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3452 (د-30) المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975.
· إعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 36/55 المؤرخ في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1981.
· إعلان بشأن مشاركة المرأة في تعزيز السلم والتعاون الدوليين، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 37/63، المؤرخ 3 كانون الأول/ديسمبر 1982.
· إعلان بشأن حق الشعوب في السلم، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 39/11 المؤرخ في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1984.
· إعلان بشأن المبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 40/34 المؤرخ في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1985.
· الإعلان المتعلق بحقوق الإنسان للأفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 40/144 المؤرخ في 13 كانون الأول/ديسمبر 1985.
· الإعلان المتعلق بالمبادئ الاجتماعية والقانونية المتصلة بحماية الأطفال ورعايتهم مع الاهتمام الخاص بالحضانة والتبني علي الصعيدين الوطني والدولي، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 41/85المؤرخ في 3 كانون الأول/ديسمبر 1986.
· إعلان الحق في التنمية، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 41/128 المؤرخ في 4كانون الأول/ديسمبر 1986.
· إعلان بشأن زيادة فعالية مبدأ الامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها في العلاقات الدولية، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 42/22 المؤرخ في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1987.
· إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة47/133 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1992.
· إعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 47/135 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1992.
· إعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم48/104، المؤرخ في 20 كانون اﻻول/ديسمبر 1993.
· الإعلان المتعلق بحق ومسؤولية اﻷفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالميا، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 53/144 المؤرخ في 9 كانون اﻷول/ ديسمبر 1998.
· إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها المؤرخة في 8 كانون الأول/ديسمبر 2000.
· إعلان بشأن المدن والمستوطنات البشرية الأخرى في الألفية الجديدة، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الاستثنائية الخامسة والعشرين المؤرخ في 9 حزيران/يونيه 2001.
· إعلان التزام بشأن فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، “أزمة عالمية – تحرك عالمي”، صدر عن الدورة الاستثنائية السادسة والعشرين للجمعية العامة، في خلال الفترة من 25 إلى 27 حزيران/يونيه 2001.
ب/ العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان:
بعد اقرارها الاعلان العالمي لحقوق الانسان طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يطلب من لجنة حقوق الانسان اعداد مشروع خاص بحقوق الانسان.[44]
ولقد باشرت لجنة حقوق الانسان في دورتها الخامسة المعقودة بين 9 أيار الى 20 حزيران 1949، الى دراسة مشروع العهد وأحالت ما توصلت اليه من نتائج الى الحكومات من أجل ابداء الملاحظات عليه.
ولقد طلب المجلس الاقتصادي والاجتماعي من الجمعية العامة أن تعد وثيقتين مختلفتين لتنظيم الفئات المختلفة من الحقوق[45].
بعد نقاش طويل استجابت الجمعية العامة للأمم المتحدة الى هذا المطلب، على أن تقوم اللجنة بصياغة ” مشروعيّ عهدين خاصين بحقوق الانسان: يشمل أحدهما الحقوق المدنية والسياسية، ويشمل الآخر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكي يتسنى للجمعية العامة أن توافق أن يشمل العهدان معا وتحيلهما للتوقيع في وقت واحد”.
ولقد اعتمدت الجمعية العامة للامم المتحدة أربعة صكوك وأحالتهم للتوقيع والتصديق والانضمام و هي[46]:
· العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛
· العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية؛
· البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1976، ويوفر البروتوكول الاختياري الأول آلية لمعالجة الشكاوى المقدمة من الأفراد في ظروف معينة.
· البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1991، و يهدف البروتوكول الاختياري الثاني الى الغاء عقوبة الاعدام.
وشددت الجمعية العامة أن ينص العهدان على أكبر عدد ممكن من الأحكام المماثلة للتأكيد على وحدة الهدف المنشود ولكفالة احترام حقوق الإنسان ومراعاتها[47].
وتمثلت أهم الأحكام المماثلة بين العهدين في ما ورد في المادة الأولى المشتركة والتي تنص على حق الشعوب والأمم في تقرير مصيرها و” على جميع الدول، بما في ذلك الدول التي تقع على عاتقها مسؤولية ادارة أقاليم غير متمتعة بالحكم الذاتي أن تقع على عاتقها مسؤولية إدارة أقاليم غير متمتعة بالحكم الذاتي أن تعمل على تطبيق ذلك الحق بالنسبة لشعوب هذه الاقاليم”.[48]
ملخص عن الحقوق الوارة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
يتكون العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من ديباجة وواحد وثلاثين مادة مقسمة على خمس أجزاء تضمنت مجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية نلخصها في ما يلي:
ü حق الشعوب في تقرير مصيرها والتصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية (المادة 1).
ü الالتزام باتخاد ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد دون أي تمييز (المادة 2).
ü ضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في هذا العهد (المادة 3).
ü تعهد الدول باخضاع التمتع بالحقوق التي تضمنها طبقا لهذا العهد إلا للحدود المقررة في القانون (المادة4).
ü حظر فرض أي قيد أو أي تضييق على أي من حقوق الإنسان الأساسية المعترف بها أو النافذة في أي بلد تطبيقا لقوانين أو اتفاقيات أو أنظمة أو أعراف، بذريعة كون هذا العهد لا يعترف بها أو كون اعترافه بها أضيق (المادة 5).
ü ضمان الحق في العمل بشروط عمل عادلة ومرضية تكفل على الخصوص (المادة 6 و7):
1. أجر منصفا، ومكافأة متساوية لدى تساوى قيمة العمل دون أي تمييز؛
2. عيشا كريما لهم ولأسرهم طبقا لأحكام هذا العهد؛
3. ظروف عمل تكفل السلامة والصحة؛
4. تساوى الجميع في فرص الترقية، داخل عملهم، إلى مرتبة أعلى ملائمة، دون إخضاع ذلك إلا لاعتباري الأقدمية والكفاءة؛
5. الاستراحة وأوقات الفراغ، والتحديد المعقول لساعات العمل، والاجازات الدورية المدفوعة الأجر، وكذلك المكافأة عن أيام العطل الرسمية.
ü كفالة الحق في الإضراب وفي تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفى الانضمام إلى النقابة التي يختارها وحق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية وفي إنشاء اتحادات أو اتحادات حلافية قومية وحق هذه الاتحادات في تكوين منظمات نقابية دولية أو الانضمام إليها (المادة 8).
ü حق كل شخص في الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية (المادة 9 ).
ü منح الأسرة أكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة، وخصوصا لتكوين هذه الأسرة وطوال نهوضها بمسؤولية تعهد وتربية الأولاد الذين تعيلهم، ووجوب انعقاد الزواج برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء لا إكراه فيه، و وجوب توفير حماية خاصة للأمهات خلال فترة معقولة قبل الوضع وبعده ومنح الأمهات العاملات، أثناء الفترة المذكورة، اجازة مأجورة أو اجازه مصحوبة باستحقاقات ضمان اجتماعي كافية. واتخاذ تدابير حماية ومساعدة خاصة لصالح جميع الأطفال والمراهقين، دون أي تمييز بسبب النسب أو غيره من الظروف. كما يجب جعل القانون يعاقب على استخدامهم في أي عمل من شأنه إفساد أخلاقهم أو الإضرار بصحتهم أو تهديد حياتهم بالخطر أو إلحاق الأذى بنموهم الطبيعي. وعلى الدول أيضا أن تفرض حدودا دنيا للسن وحظر استخدام الصغار الذين لم يبلغوها في عمل مأجور ويعاقب عليه. (المادة 10).
ü حق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية. وحقه في التحرر من الجوع .واعترافا بما لكل إنسان من حق أساسي، تقوم الدول الأطراف في هذا العهد، بمجهودها الفردي وعن طريق التعاون الدولي، باتخاذ التدابير المشتملة على برامج محددة ملموسة واللازمة لما يلي (المادة 11):
1. تحسين طرق إنتاج وحفظ وتوزيع المواد الغذائية، عن طريق الاستفادة الكلية من المعارف التقنية والعلمية، ونشر المعرفة بمبادئ التغذية، واستحداث أو إصلاح نظم توزيع الأراضي الزراعية بطريقة تكفل أفضل إنماء للموارد الطبيعية وانتفاع بها؛
2. تأمين توزيع الموارد الغذائية العالمية توزيعا عادلا في ضوء الاحتياجات، يضع في اعتباره المشاكل التي تواجهها البلدان المستوردة للأغذية والمصدرة لها على السواء.
ü الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية (المادة 12).
ü الحق في التربية والتعليم واقرار الدول بأن ضمان الممارسة التامة لهذا الحق يتطلب (المادة 13و14):
1. جعل التعليم الابتدائي إلزاميا وإتاحته مجانا للجميع؛
2. تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، بما في ذلك التعليم الثانوي التقني والمهني وجعله متاحا للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولا سيما بالأخذ تدريجيا بمجانية التعليم؛
3. جعل التعليم العالي متاحا للجميع على قدم المساواة، تبعا للكفاءة، بكافة الوسائل المناسبة ولا سيما بالأخذ تدريجيا بمجانية التعليم؛
4. تشجيع التربية الأساسية أو تكثيفها، إلى أبعد مدى ممكن، من أجل الأشخاص الذين لم يتلقوا أو لم يستكملوا الدراسة الابتدائية؛
5. العمل بنشاط على إنماء شبكة مدرسية على جميع المستويات، وإنشاء نظام منح واف بالغرض، ومواصلة تحسين الأوضاع المادية للعاملين في التدريس؛
6. تعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الأباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في اختيار مدارس لأولادهم غير المدارس الحكومية، شريطة تقيد المدارس المختارة بمعايير التعليم الدنيا التي قد تفرضها أو تقرها الدولة، وبتأمين تربية أولئك الأولاد دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة.
ü حق كل فرد في المشاركة في الحياة الثقافية والتمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته (المادة 15).
ü تنص المواد 16 إلى 25 على تقديم الدول الاطراف تقارير حول الاجراءات المتبعة من قبلها والتي بموجبها يقوم ضمان هذ الحقوق. ويتم ارسال هذه التقارير الى سكرتير عام الامم المتحدة الذي يرسلها بدوره الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي وأيضا الى المؤسسات المعينة المختصة. إن ميثاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لا ينص على اي هيئة رقابية خاصة فهو يوكل الى اللجنة الاقتصادية والاجتماعية مهمة الاشراف المنصوص عليها في نص الميثاق.
ü تنص المواد 26 إلى 31 على اجراءات التوقيع والتصديق على هذا العهد ودخوله حيز التنفيذ.
ملخص عن الحقوق الوارة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:
يتكون العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من ديباجة وثلاثة وخمسين مادة مقسمة على ستة أجزاء جاءت لتفصل الحقوق المدنية والسياسية التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
فهذا العهد لم يأت بجديد مقارنة مع الاعلان العالمي بحيث لا يسمح بأي خرق لحق الفرد في الحياة (المادة 6) ويحظر التعذيب والعبودية (المادة 7 و8) كما يحظر الاعتقال بسبب الديون (المادة 11) ولا يجيز تطبيق القانون الجنائي بأثر رجعي (المادة 15) ويعترف بالحق في الشخصية القضائية (المادة 16) … وما إلى ذلك من الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
فيما عاد ذلك، يجيز هذا العهد في الحلات الاستثنائية تقييد بعض هذه الحقوق في “أوقات الطوارئ التي تهدد حياة الشعوب”، على أن لا يتضمن هذا التقييد التمييز على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الأصل الاجتماعي.
ولقد أكدت لجنة حقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 29 على شرطين أساسيين يجب أن يسبقا أي تقييد للحقوق:
- ينص الأول على أن حالة الطوارئ يجب أن تكون حالة عامة تهدد حياة الأمة؛
- أما الثاني فيوجب أن تكون حالة الطوارئ معلنة بشكل رسمي من الدولة المعنية. كما يوجب هذا الشرط أن تكون إجراءات التقييد محدودة بالقدر الذي تتطلبه الحالة من حيث الفترة الزمنية والمساحة الجغرافية والنطاق المادي. ويجب على الدولة إذا قررت اعتماد الخيار الثاني هنا، أن تعلم الأمين العام للأمم المتحدة على الفور. وللأسف فإن حالات الطوارئ كثيراً ما تخلق الظروف التي تتسبب في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
ولا يسمح العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تحت أي ظرف من الظروف، سواء بفترات الحرب أو السلم بتقييد أو انتقاص الحقوق الأساسية، وهي: الحق في الحياة، والحق في تساوي الحماية أمام القانون، والتحرر من التعذيب والعبودية، وحرية التفكير، وحرية الوجدان والاعتقاد الديني، والحق في عدم التعرض للسجن فقط بسبب عدم المقدرة على الإيفاء بالتزام تعاقدي، والحق في عدم التعرض للإدانة بسبب جرم ارتكب في وقت لم يكن يعتبر فيه الفعل جرماً حينها.
آليات مراقبة تطبيق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:
ينص البند 28 من العهد على إنشاء لجنة لحقوق الإنسان تتألف من ثمانية عشر خبيراً مستقلاً، ترشحهم الدول الأعضاء في العهد، ويعمل هؤلاء الأعضاء بصفتهم الشخصية أي أنهم لا يمثلون الدول التي رشحتهم.
تراقب اللجنة التي تعقد ثلاث اجتماعات منتظمة كل سنة تنفيذ العهد بعدة طرق. فهي تقوم بدراسة التقارير الدورية التي تقدمها الدول الأعضاء عن مدى التزامها بالعهد (المادة 40). ويجب أن تقدم الدولة هذا التقرير خلال عام من تاريخ انضمامها للعهد، ومن ثم في أي وقت تطلبه اللجنة.
تقوم اللجنة بدراسة التقرير في جلسة عامة وبحضور ممثلين عن الدولة تجري دعوتهم في حال كانت هناك حاجة لتقديم معلومات إضافية. تقوم اللجنة بعد ذلك بوضع ملاحظاتها النهائية في جلسة مغلقة، وتعكس هذه الملاحظات الأمور التي كانت موضع نقاش والاقتراحات والتوصيات بشأن إمكانية تطبيق العهد بشكل أفضل.
قامت اللجنة بوضع إجراءات جديدة لزيادة فاعلية آلية تدارس تقارير الدول وآليات المتابعة. حيث أصبح يحق للجنة منذ عام 2001 أن تحدد أولويات معينة تستدعي الاهتمام وتتطلب تفسيراً من الدولة المعنية، التي عليها بدورها أن ترد عليها خلال عام.
كما يحق للجنة أن تلجأ إلى مصادر أخرى في تجميع التقرير في حالة امتنعت الدولة عن تقديم تقريرها. ولا يشارك أعضاء اللجنة في دراسة تقارير الدولة التي يحملون جنسيتها، أو في وضع الملاحظات الختامية الخاصة بها.
ومن جهة اخرى يحق للمنظمات غير الحكومية أن تشارك في اجتماعات مجموعات العمل التي تعقدها اللجنة قبل كل جلسة، بهدف تحضير الأسئلة التي تساعد على توجيه دراسة التقرير. كما يحق لهذه المنظمات أن تقدم تعليقات ومعلومات إضافية عن التقرير قبل أن يجري تدارسه في اللجنة.
تقوم اللجنة بهدف إرشاد الدول في تحضيرها للتقرير وإيفائها بالتزاماتها المنصوص عليها في العقد، إلى تأويل معنى ومضمون بعض البنود في العهد.
يحق للجنة أن تنظر في شكوى دولة ضد أخرى، على أن تكون الدولتان وافقتا علنياً على أن تقوم اللجنة بهذا الدور، بموجب المادة 41. ولم يحصل حتى هذا التاريخ أن تلقت اللجنة شكاوى من هذا النوع.
تقدم اللجنة تقريراً سنوياً عن عملها للجمعية العامة للأمم المتحدة عن طريق المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
[1]
[1] راجع: أحمد ابو الوفاء ، الوسيط في قانون المنظمات الدولية، دار النهضة العربية القاهرة 1996، ص 549.
[2]
[2] أنظر مختلف المراجع الخاصة بالقانون الدولي العام، لاسيما: د. حامد سلطان: القانون الدولي العام في وقت السلم، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 1965، د. عبد العزيز محمد سرحان، الإطار القانوني لحقوق الإنسان، في القانون الدولي العام، ط1، القاهرة، 1987؛ د. عز الدين فودة، مقدمة في القانون الدولي العام، القاهرة، 1987؛ د. أحمد أبو الوفا، الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة 2010؛ وباللغة الفرنسية:
P.M. DUPUY, droit international publique, Dalloz, 4ème éd., 1998, P. Daillier et A. Pellet, droit international public LGDJ, 6ème éd. 1999, Daniel Colard, les relations internationales de 1945 à nos jours, Armand Colin, 6ème èd, 1996 , pp. 355-360.
[3]
[3] صلاح الدين عامر، مقدمة لدراسة القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة 2007، ص69.
[4]
[4] راجع مفيد محمود شهاب: دروس في القانون الدولي العام، القاهرة 1974، دار النهضة العربية، ص 36-37.
[5]
[5] د. صلاح الدين عامر، المرجع السابق، ص5.
[6]
[6] نشأ قانون التنظيم الدولي مع نشأة المنظمات الدولية في أواخر القرن الماضي، بخلاف القانون الدولي العام التي ترجع جذوره التاريخية إلى العصور القديمة.
[7]
[7] جان بيكته؛ القانون الدولي الانساني تطوره ومبادئه، معهد هنري دونان، جنيف 1984، ص7-8.
[8]
[8] سنتوسع في مصادر القانون الدولي العام في المحور الثالث والأخير من هذه المحاضرات.
[9]
[9] اعتمدت من قبل مؤتمر الأمم المتحدة بشأن قانون المعاهدات الذي عقد بموجب قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2166 المؤرخ في 5 كانون الأول/ديسمبر 1966، ورقم 2287 المؤرخ في 6 كانون الأول/ديسمبر 1967، وقد عقد المؤتمر في دورتين في فيينا خلال الفترة من 26 آذار/مارس إلى 24 آيار/مايو1968 وخلال الفترة من 9 نيسان/ابريل إلى 22 آيار/مايو 1969، واعتمدت الاتفافية في ختام أعماله في 22 أيار/مايو 1969، وعرضت للتوقيع في 23 أيار/مايو 1969، ودخلت حيز النفاذ في 27 كانون الثاني/يناير 1980.
[10]
[10] ظهرت مجموعة من النظريات التي فسرت نشأة الدولة منها:
نظرية الألهية: يرجع أصحاب هذه النظرية نشأة الدولة إلى الله تعالى، الذي اختار لها كذلك حكاما ليديروا شؤونها؛
نظرية القوة: يرى أنصار هذه النظرية أن الدولة قد نشأت من خلال سيطرة الأقوياء على الضعفاء؛
النظرية الطبيعية: تقوم على الطبيعة الاجتماعية للإنسان الذي لا يستطيع العيش منعزلا عن الجماعة التي لها قيادة أو سلطة؛
نظرية العقد الاجتماعي: ومفادها أن الشعب قد أبرم عقدا اجتماعيا مع الحكام يتقبل فيها حكمهم مقابل تلبيتهم حاجاتهم الأمنية وتنسيق علاقاتهم مع بعضهم البعض.
[11]
[11] يقصد بالسكان كلا من المواطنين الحاملين لجنسية الدولة وحتى الأجانب الذين يقيمون على اقليم تلك الدولة.
[12]
[12] الحدود الطبيعية: كوجود جبال أو أنهار تفصل بين الدول؛ حدود صناعية: كوضع علامات من أبراج أو أسوار أو أعمدة أو خلافه؛ حدود وهمية: أو متصورة مثل خطوط عرض أو طول … الخ .
[13]
[13] لا ينبغي أن تكون هذه السلطة مندمجة أو تابعة لوحدة سياسية أخرى، فالولاية في الدول التي تتكون من ولايات متعددة لا يتوافر لها وصف الدولة كالولايات الداخلة ضمن الولايات المتحدة الامريكية أو الجمهوريات السوفيتية في عهد اندماجها في الاتحاد السوفيتي السابق.
[14]
[14] وإن كان يمكن القول بأنه إقليم غير كامل الاستقلال.
[15]
[15] الذمة المالية : هي مجموع ما يكون للشخص من حقوق وإلتزامات مالية، و بإعتبار الدولة شخص قانوني لها ذمة مالية خاصة و من ثم فإن الحقوق والإلتزامات التي ترتبها تصرفات حكام الدولة باسمها ولحسابها لا تعود إلى الذمة المالية لهؤلاء الحكام ولكنها تكوّن حقوق وإلتزامات لحساب الدولة ذاتها.
[16]
[16] كما هو الحال بالنسبة لاعتراف الدول العربية بدولة فلسطين، وفي المقابل عدم اعتراف أغلبيتها بالكيان الصهيوني الغاصب.
[17]
[17] والمقصود بالمنظمات العالمية، تلك المنظمات التي يتم تأليفها بطريقة تسمح بانضمام أيه دولة اليها ما دامت هذه الدولة تتوافر فيها الشروط التي يتطلبها ميثاقها. بحيث يتم التعاون لتحقيق اهداف معينة ينص عليها ميثاق هذه المنظمة.
[18]
[18] للمزيد من التفصيل أنظر مختلف المراجع الخاصة بالقانون الدولي العام، لاسيما: د. حامد سلطان: القانون الدولي العام في وقت السلم، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 1965، د. عبد العزيز محمد سرحان، الإطار القانوني لحقوق الإنسان، في القانون الدولي العام، ط1، القاهرة، 1987؛ د. عز الدين فودة، مقدمة في القانون الدولي العام، القاهرة، 1987؛ د. أحمد أبو الوفا، الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة 1998؛ باللغة الفرنسية:
Voir notamment, P.M. DUPUY, droit international publique, Dalloz, 4ème éd., 1998, P. Daillier et A. Pellet, droit international public LGDJ, 6ème éd. 1999, Daniel Colard, les relations internationales de 1945 à nos jours, Armand Colin, 6ème èd, 1996 , pp. 355-360.
[19]
[19] د. عمر صدوق، المرجع السابق، ص 13 ـ 21.
[20]
[20] كما تنص المادة 9 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية الخاصة بتمثيل النظم القانونية الكبرى في العالم عند تشكيل هيئة المحكمة على أنه: “يجب أن يكون تأليف هيئة المحكمة كفيلا بتمثيل المدنيات الكبرى والنظم القانونية الرئيسية في العالم”.
[21]
[21] Fréderic Sudre, droit international et européen des droits de l’homme, Puf, 4ème éd., août 1999, pp. 412-420.
[22]
[22] Jean-Jaccques Gandini, op. cit, pp. 5- 18, voir également Peggy Hermann, L’existence d’une conception des droits de l’homme propre aux Etats musulmans, DEA de droit international, Faculté de droit de Montpellier I, 1999, p. 15.
[23]
[23] الطاهر حداد، امرأتنا في الشريعة والمجتمع، 1930، إعيد نشره في آذار/ مارس1998، صامد للنشر والتوزيع، تونس، محمد سعيد رمضان البوطي، المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، دار الفكر، دمشق، 1996.
[24]
[24] A. Lalande. Vocabulaire technique et critique de la philosophie, 9è édition, 1962, p.295.
[25]
[25] Nations Unies, rapport de la quatrième conférence mondiale sur les femmes Beijing (chine) 4-15 septembre 1995, para. 195 (d), p102.
[26]
[26] Ch .Delphy, Égalité, équivalence et équité : 1a position de l’Etat français au regard du droit international. Nouvelles questions féministes, vol. 1, n. 6, 1995, p.5
[27]
[27] Hafidha Chekir, Universalité et spécificité: autour des droits des femmes en Tunisie, communication présentée lors de la table ronde sur le libéralisme, républicain – les droits de la femme issue du foulard islamique, 21Novembre 2001, Université de Ferrara, Département des Sciences juridiques.
[28]
[28] أنظر د. أحمد أبو الوفاء، الحماية الدولية لحقوق الإنسان في إطار منظمة الأمم المتحدة والوكالات الدولية المتخصصة، المرجع السابق، ص 32 ـ 36.
[29]
[29] أحمد مسلماني، حقوق الإنسان في ليبيا حدود التغيير، دراسات حقوق الإنسان، رقم 1، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة 1999، ص 16-17؛ والعجلاني منير، عبقرية الإسلام في أصول الحكم، دار الكتاب الجديد، ط2 بيروت 1965، ص 35ـ38، أنظر كذلك:
Peggy Hermann, L’existence d’une conception des droits de l’homme propre aux Etats musulmans, DEA de droit international, Faculté de droit de Montpellier I, 1999, voir ***master@memoireonline.com
[30]
[30] لمراجعة قائمة الاتفاقيات الدولية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، أنظر الموقع الرسمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان:
Haut Commissariat aux droits de l’Homme,http://www.ohchr.org/french/contact.htm
[31]
[31] د.محمد الصادق العفيفي، الإسلام والعلاقات الدولية، الطبعة الثانية، دار الرائد العربي، بيروت لبنان، 1986، ص 6.
[32]
[32] Jean-Jacques Gandini, op. cit, p 6.
[33]
[33] من أصل 56 صوتا أو دولة عضو في منظمة الأمم المتحدة أنداك.
[34]
[34] تتمثل هذه الدول الممتنعة في كل من المملكة العربية السعودية وستة دول من الاتحاد السوفياتي سابقا، وأخيرا إفريقيا الجنوبية. ولقد رفضت المملكة العربية السعودية الاعتراف بهذا الإعلان متذرعة بعدة أسباب، من أهمها:
1. حماية الإسلام لحقوق الإنسان أقوى وأسمي وأشمل؛
2. القوة الإلزامية للشريعة الإسلامية ثابتة وللناس كافة دولا وأفرادا؛
3. التحفظ على بعض المواد المقررة لحقوق معينة كحق الإضراب؛ وتكوين النقابات، وإباحة الزواج والتبني وتغيير الدين… وما إلى ذلك من حقوق تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء.
[35]
[35] د. عمر صدوق، المرجع السابق، ص 103.
[36]
[36] أنظر النص الكامل للإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الموقع الرسمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان:
http://www.Unhcr.ch/udhr/lang/arz.htm
[37]
[37] د. عمر صدوق، المرجع السابق، ص 105.
[38]
[38] أنظر د. عبد العزيز محمد سرحان، الإطار القانوني لحقوق الإنسان، في القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص 114، د. محمد حافظ غانم، مبادئ القانون الدولي العام، ط. 3، دار النهضة العربية، القاهرة1972، ص558، د. عمر إسماعيل سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1991، ص153.
د. سرور طالبي
تمهيد:
لقد بدأت تستقر قواعد النظام الدولي المعاصر وتثبت أركانه سواءً من الناحية الموضوعية أو حتى من الناحية الشكلية. ويتوقف تعريف أي نظام أو حتى وجوده في نظر بعض فقهاء القانون الدولي العام في ستة عناصر[1]:
1. يتكون أي نظام بداهة من عناصر تحدد مضمونه أو هيكله أو كليهما معا؛
2. توجد بين هذه العناصر علاقات أو تداخلات أو بعض التشابك؛
3. تكون هذه العناصر والعلاقات القائمة بينها كلا متكاملا قد يتجزأ وقد لا يتجزأ؛
4. يظهر ذلك قدر من التنظيم؛
5. هذا التنظيم يؤدي إلى نوع من التماسك أو التجانس بالنسبة للنظام ذاته؛
6. هذا التماسك أو التجانس يحقق فاعلية وعملية النظام من حيث التطبيق أو التجسيد من الناحية العملية والواقعية.
ولا شك أن أي نظام أو أي مجتمع في حاجة إلى قواعد قانونية تحكم سلوك أفراده وتبين حقوقهم والتزاماتهم، كما هو في حاجة ماسة إلى أجهزة معنية بحماية ومراقبة تطبيق تلك القواعد.
ولقد وجد القانون الدولي العام لحكم العلاقات القائمة بين أشخاصه فهو كما يعرفه بعض الفقهاء، عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد حقوق أشخاص القانون الدولي العام وواجباتهم في علاقاتهم المتابدلة، أي بعبارة أخرى هو ذلك القانون الذي يطبق على العلاقات القائمة بين الدول وغيرها من أشخاص الجماعة الدولية.[2]
نقتصر هذه المحاضرات على إعطاء فكرة عامة حول القانون الدولي العام، وذلك بالتوقف عند النقاط الثلاث الآتية:
أولا: ماهية القانون الدولي العام
1. تعريف القانون الدولي العام وتميزه عن غيره من القوانين
2. فروع القانون الدولي العام
3. مستويات الإلزام في القانون الدولي العام
ثانيا: أشخاص القانون الدولي العام
1. الدولة
2. المنظمات الدولية
3. الأفراد والقوى العابرة للقارات
ثالثا: مصادر القانون الدولي العام
1. المصادر الأساسية الإلزامية
2. المصادر الثانوية الاحتياطية
3. مصادر القانون الدولي لحقوق الإنسان
طريقة العمل:
يختار كل طالب من الطلاب المسجلين بهذه المادة موضوع واحد من المواضيع المطروحة، ويحضره على شكل بحث قصير (10 صفحة كحد أقصى) يتم عرضه ومناقشته خلال المحاضرات مع باقي الطلاب الحاضرين على شكل حلقات تفاعلية.
للتواصل: ... تم حذفه ...... يحظر كتابة العناوين الخاصة ......... ]
قائمة المراجع:
أولا: الكتب
ـ باللغة العربية:
1. أحمد أبو الوفاء: الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الخامسة2010.
2. أحمد أبو الوفاء: القانون الدولي والعلاقات الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى،2008.
3. أحمد أبو الوفاء: الوسيط في قانون المنظمات الدولية، دار النهضة العربية القاهرة، 1996.
4. حامد سلطان: القانون الدولي العام في وقت السلم، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الخامسة1965.
5. رمضان أبو السعود: محمد حسين منصور، المدخل إلى القانون، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت،2003.
6. سعيد محمد أحمد باناجه: الوجيز في قانون المنظمات الدولية والاقليمية، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1985.
7. صلاح أحمد وريدي: العلاقات الدولية مفهومها وتطورها، دار الوفاء، الاسكندرية، الطبعة الأولى،2008.
8. د. صلاح الدين عامر، مقدمة لدراسة القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة 2007
9. عبد العزيز محمد سرحان: الإطار القانوني لحقوق الإنسان، في القانون الدولي العام، الطبعة الأولى، القاهرة، 1987.
10. عز الدين فودة: مقدمة في القانون الدولي العام، القاهرة، 1987.
11. كلوديو زنغي: الحماية الدولية لحقوق الإنسان، مكتبة لبنان الناشرون، الطبعة الأولى 2006.
12. ليلى العقاد: المنظمات الدولية والاقليمية، مطبعة الداودي، دمشق، 1986.
13. محمد السيد سعيد: مقدمة لفهم منظومة حقوق الانسان، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة،2003.
14. محمد الصادق عفيفي: الاسلام والعلاقات الدولية، دار الرائد العربي، بيروت، لبنان 1986.
15. نبيل مصطفى خليل: آليات الحماية الدولية لحقوق الإنسان، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية2009.
ـ باللغة الفرنسية:
16. P.M. DUPUY, droit international public, Dalloz, 4ème éd., 1998.
17. P. Daillier et A. Pellet, droit international public LGDJ, 6ème éd. 1999.
18. Daniel Colard, les relations internationales de 1945 à nos jours, Armand Colin, 6ème èd, 1996.
ثانيا: وثائق قانونية
19. ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.
20. اتفاقية فينا لقانون المعاهدات.
ثالثا: مواقع مهمة
21. منظمة الأمم المتحدة http://www.un.org/arabic/
22. الجمعية العامة للأمم المتحدة http://www.un.org/arabic/ga
23. مجلس الأمن http://www.un.org/arabic/sc
24. المجلس الاقتصادي والاجتماعي http://www.un.org/arabic/ecosoc/2006/index.html
25. لجنة حقوق الانسان http://www.unhchr.ch/html/menu2/2/chr.htm
26. مجلس الوصاية http://www.un.org/arabic/aboutun/organs/tc.htm
27. محكمة العدل الدولية http://www.icj-cij.org
———————-
لمحة تاريخية:
لقد كان المجتمع الدولي قديما عبارة عن تجمعات بشرية بدائية ولكن غير منعزلة عن بعضها، بحيث أقامت علاقات سلمية أساسها التبادل والتعاون، أو دخلت في حروب من أجل فرض السيطرة والهيمنة.
ومع مرور الزمن أصبحت هذه التجمعات منظمة على شكل دول، وانتظمت العلاقات فيما بينها، بحيث دخلت البعض منها في معاهدات صلح وأحلافاً دولية مند العصور القديمة.
ومع هذا ضلت فكرة التفوق والسيطرة سائدة في بعض الحضارات القديمة، لاسيما الرومانية و الإغريقية، التي لم تعرف تنظيم قانوني دولي مستقر لحكم علاقاتها مع مختلف الجماعات البشرية الأخرى، وإنما وضعت قواعد تتعلق بالحروب يغلب عليها الطابع الديني.
أما العصور الوسطى فلقد تميزت بانتشار الحروب على كافة المستويات، منها الحروب الأهلية بين السكان فيما بينهم، أو الحروب الداخلية بين السلطة الحاكمة والاقطاعيين، وأخيرا الحروب الخارجية بين مختلف الدول الناشئة.
ومع انتشار الديانة المسيحية في القارة الأوروبية وتوسع نفوذ الكنيسة، أُقصيت الدول غير المسيحية من المساهمة في وضع أسس التنظيم الدولي. ومع هذا استطاعت مبادئ الشريعة الاسلامية السمحة أن تتغلغل إلى أوروبا والمساعدة على تلطيف من حدة وقساوة الحروب ونشر مبادئ العدل والتسامح والمعاملة الانسانية.
ولقد عقد في العصور الوسطى عدة اتفاقات تتعلق بالملاحة البحرية. كما ظهرت قاعدتان دوليتان هما الغاء الحروب الداخلية، واقامة السفارات الدائمة وتعزيز حرمة السفراء.
أما في القرنين الخامس والسادس عشر، فلقد انقسمت القارة الأوروبية إلى فريقين، فريق يخضع لسلطة الكنيسة، وفريق علماني نادى بالحرية الفكرية والتخلص من سيطرة البابا. فأدى هذا الانقسام إلى نشوب حرب الثلاثين عام، والتي انتهت بإبرام معاهدة وستفاليا سنة 1648.
وتعد معاهدة وستفاليا أساس القانون الدولي التقليدي الذي:
§ أرسى مبدأ المساواة بين الدول الأوروبية،
§ ركز على السيادة المطلقة للدول وعدم خضوعها لسلطة أعلى منها،
§ احتفظ بحق الدولة المطلق في شن الحروب والعدوان،
§ كرس قاعدة شرعية الاستعمار.
وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، وما سببته من خسائر مادية وبشرية، أعيد النظر في قواعد القانون الدولي التقليدي، وتم استبدالها بقواعد جديدة وهي:
§ الحد من السيادة المطلقة للدول وظهور فكرة السيادة النسبية،
§ خضوع الدول إلى أحكام القانون الدولي “المعاصر”،
§ حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية إلا في حالة الدفاع الشرعي،
§ عدم شرعية الاستعمار وضرورة تصفيته والغائه،
§ منع التمييز العنصري،
§ حظر الجرائم ضد الإنسانية،
§ شرعية حركات التحرر الوطني وحق تقرير المصير.
نريد من خلال هذه المحاضرات التوسع في مفهوم القانون الدولي العام، وفي فروعه، وتحديد أشخاصه والمصادر التي يستمد منها قوته الإلزامية.
أولا: ماهية القانون الدولي العام
ترتبط فكرة القانون بقيام مجتمع إنساني، وما يرتبه من الحاجة إلى نوع من القواعد التي تحكم وتنظم العلاقات التي تنشأ بين أفراده، فمنذ ظهور المجتمعات الإنسانية الأولى، ولدت فكرة القانون.
وفي المقابل نشأ القانون الدولي العام، بمجرد قيام علاقات وتبادلات بين مجموعة من الدول، فما المقصود بهذا القانون وماهي فروعه وما مدى إلزاميته؟
4. تعريف القانون الدولي العام وتميزه عن غيره من القوانين:
يوجد العديد من التعريفات للقانون الدولي العام، ولقد أجمعت تقريبا كلها على اعتباره ذلك القانون الذي يحكم العلاقات الدولية، بحيث هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم وتنظم المجتمع الدولي، وتحدد حقوق وواجبات أشخاصه في علاقاتهم المتبادلة.
ومن هذا المنطلق يتميز القانون الدولي العام عن القانون الداخلي، بحيث يعرف هذا الأخير بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تنظم المجتمع الداخلي أو الوطني، أي في نطاق حدود الدولة التي وضعته.
أما القانون الدولي الخاص، فهو ذلك القانون التي تنصرف قواعده إلى تحديد القانون الواجب التطبيق في حال قيام علاقة قانونية تنطوي على عنصر أجنبي، سواء تعلق هذا العنصر بمكان نشأة العلاقة، أو بموضوعها أو بأحد أطرافها، وتعرف هذه القواعد بقواعد تنازع القوانين.
كما يتميز القانون الدولي العام عن قواعد المجاملات الدولية، فالقانون الدولي العام ملزم بين أشخاصه، بينما قواعد المجاملات الدولية غير ملزمة، فهي كما يدل عليه إسمها مجموعة القواعد التي جرى العرف بين الدول على اتباعها بهدف توثيق علاقاتها، وإظهارا لحسن النية والود في علاقاتها المتبادلة، دون أن يكون إلزام قانوني. فلا يترتب عن مخالفاتها مسؤولية دولية وإنما قد يؤدي ذلك إلى المعاملة بالمثل.
ولكن قد يحصل أن تتحول قواعد المجاملات الدولية إلى قواعد قانونية ملزمة عندما تكتسب من الاتفاق أو العرف الدولي وصف الإلزام، كما هي الحال مثلا في امتيازات وحصانات المبعوثين الدبلوماسيين، بمجرد دخول اتفاقية فيينا بشأن العلاقات الدبلوماسية لعام 1961 حيز التنفيذ.[3]
ومن جهة أخرى، يتعين التمييز بين قواعد القانون الدولي العام وقواعد الأخلاق الدولية، بحيث تتمثل هذه الأخيرة في مجمل القواعد غير الملزمة التي تراعيها الدول نزولا على اعتبارات الآداب العامة أو الأخلاق الفاضلة، والمروءة والشهامة، ومثال ذلك تقديم مساعدات انسانية أو مادية لدول تعرضت لكوارث طبيعية أو لاعتداء مسلح داخلي أو خارجي.
واخيرا يجب التمييز بين القانون الدولي العام والقانون الطبيعي، فالقانون الطبيعي عبارة عن مجموعة من القواعد الموضوعية التي يكشفها العقل والتي تسبق إرادة الإنسان لتفرض حكمها عليه، فهو إذن تصوير قانوني نظري يعبر عن المثل العليا، في حين أن القانون الدولي قانون وضعي إلزامي يستمد قوته الإلزامية من مختلف مصادره التشريعية.[4]
5. فروع القانون الدولي العام:
لقد فرض النمو الكبير الذي مرت به العلاقات الدولية على القانون الدولي العام، أوضاعا جديدة أدت إلى إزدهاره وتطوره، ودفعت به إلى مجالات جديدة تماما، وانتهت به من قانون يهتم أساسا بالدول أو بجماعة الدول، وتدور قواعده وجودا وعدما معها، إلى قانون للمجتمع الدولي، يعمل من خلال محاور متعددة على تنظيمه وحكم الروابط التي تنشأ في إطاره.[5]
ولقد أدى ذلك إلى نمو القانون الدولي العام نموا كبيرا، بحيث بات يقف اليوم في مواجهة القانون الداخلي بفروعه المختلفة، كما تفرع بدوره وتوزعت قواعده بين فروع عديدة وهي: قانون التنظيم الدولي، القانون الدولي الاقتصادي، القانون الدولي للتنمية، القانون الدولي للعمل، القانون الدولي للبيئة، القانون الدولي الانساني، وأخيرا القانون الدولي لحقوق الإنسان، نلخص أهمها كما يلي:
§ قانون التنظيم الدولي:
يكاد يسلم الفقه الدولي تسليما تاما بأن قانون التنظيم الدولي يمثل فرعا أساسيا من فروع القانون الدولي العام.
بحيث ينقسم القانون الدولي العام إلى فرعين رئيسيين هما القواعد العامة والتنظيم الدولي. بل أبعد من ذلك يتجه البعض إلى إعتبار قانون التنظيم الدولي قانونا موازيا للقانون الدولي العام.
ودون الدخول في تفاصيل ذلك الجدل، يمكن تعريف قانون التنظيم الدولي بأنه تلك القواعد الأساسية التي تتعلق بالبنيان الأساسي للمجتمع الدولي، وتحكم الهيئات التي تضطلع بالقيام على تسيير مرافقه العامة. وعلى هذا النحو فهو عبارة عن القانون الأساسي لتنظيم المجتمع الدولي.
ولقد اعتبر بعض الكتاب، بأن ميثاق الأمم المتحدة هو الوثيقة الدستورية للمجتمع الدولي، غير أنه وبالرغم من احتواء هذه الوثيقة على مجموعة من المبادئ والقواعد الخاصة بتنظيم المجتمع الدولي، ثمة هنالك العديد من الوثائق الدولية الأخرى التي تساهم في تكوين السمات المميزة لقانون التنظيم الدولي، وأبرزها أنه قانونا حديث النشأة[6]، سريع التطور، يتميز بالمرونة التي تتلاءم مع طبيعته الخاصة.
§ القانون الدولي الانساني:
القانون الدولي الإنساني هو أحد فروع القانون الدولي العام وهو عبارة عن مجموعة من القواعد العرفية والمكتوبة هدفها الأساسي هو حماية الأشخاص، الأموال والأعيان والأماكن التي ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية أثناء النزاعات المسلحة[7].
فالقانون الدولي الإنساني يحمي الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال كالمدنيين وعمال الاغاثة ورجال الدين والصحفيين … أو الأشخاص الذين لم يعودوا قادرين على المشاركة فيه مثل الجرحى والغرقى وأسرى الحرب.
كما يبسط هذا القانون في حالة النزاعات المسلحة حمايته على بعض الأعيان، مثل الممتلكات الثقافية وجميع الأعيان المدنية الأخرى إضافة إلى المنشآت الطبية العسكرية وسيارات الإسعاف.
§القانون الدولي لحقوق الإنسان:
أما قانون حقوق الإنسان فهو قانون يحرص على ضمان حقوق الفرد واحترام حقوقه وحرياته المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضد أي تعسف لسلطات دولية.
ولقد تكفلت مختلف الدساتير بضمان هذه الحقوق، وتسهر الدول على توفيرها لمواطنيها، كما تكّفل المجتمع الدولي ببيان الحد الأدنى لهذه الحقوق والحريات من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 ثم العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966.
6. مستويات الإلزام في القانون الدولي العام:
تتمايز قواعد القانون الدولي من حيث مستويات الإلزام، فهناك قواعد ملزمة بل وحتى آمرة، وهناك قواعد أقل إلزامية نظرا للمصدر الذي نص عليها: إعلان، اتفاقية دولية أو اتفاقية ثنائية …[8]
وحسب المادة 53 من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات[9]: “لأغراض هذه الاتفاقية يقصد بالقاعدة الآمرة من القواعد العامة للقانون الدولي، القاعدة المقبولة والمعترف بها من قبل المجتمع الدولي ككل على أنها القاعـدة التي لا يجوز الإخلال بها والتي لا يمكن تعديلها إلا بقاعدة لاحقة من القواعد العامة للقانون الدولي لها ذات الطابع”.
ثانيا: أشخاص القانون الدولي العام
أشخاص القانون الدولي العام هم: الدولة والمنظمات الدولية وأخيرا الأفراد والقوى العابرة للقارات نتوسع فيها كالآتي:
4. الدولة:
تُعرف الدولة بأنها ” تجمع سياسي يؤسس كيانا ذا اختصاص سيادي في نطاق إقليمي محدد ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة”. وهذا التعريف يتفق عليـه أغلبية الفقهاء لأنه يحـتوي على العناصر الأساسية التي لا بد منها لقيام أي دولة، وهذه العناصر هي: الحكومة والشعب والإقليم، بالإضافة إلى السيادة والاعتراف بهذه الدولة[10].
a. ونلخص عناصر (أركان) قيام الدولة كما يلي:
§ الشعب:
يعتبر العنصر البشري الركن الأول الذي تقوم عليه الدولة، بحيث لا يمكن تصور قيام دولة إن لم يكن لديها سكانا يعيشون على أراضيها بصفة دائمة ويرتبطون بها برابطة سياسية و قانونية تعرف بالجنسية[11].
ومن الناحية القانونية، لا يؤثر عدد السكان على وجود الدولة، فهناك دولا يتعدى عدد سكانها عدة مئات من الملايين مثل الصين والهند، ودولا أخرى لا يتجاوز عدد سكانها مئات من الآلاف كدولة قطر.
§ الاقليم:
يعتبر الاقليم العنصر الثاني الذي لا يمكن قيام الدول بدونه، فهو الاطار المادي الجغرافي الثابت والمحدد من الأرض الذي يقيم عليه الشعب على سبيل الدوام والاستقرار، وتمارس فيه الدولة سيادتها وسلطتها عليهم وتسري فيه قوانينها.
ولا يشترط في الاقليم مساحة معينة كأن تكون كبيرة أو صغيرة، ولكن يشترط أن يكون له حدود واضحة المعالم بغض النظر عن طرق رسمها (حدود طبيعية أو اصطناعية، أو وهمية)[12]، فعملية رسم وتعين حدود الاقليم تعد عنصر أساسيا في استقرار الدول.
ويقسم الإقليم إلى ثلاث أجزاء هم البري والمائي والجوي:
الإقليم البري: يشمل كل اليابسة ذات الحدود الواضحة، كما يشمل طبقات الأرض وما فوقها من سهول ومرتفعات وهضاب … وما في أعماقها من مياه جوفية ومعادن وثروات باطنية.
الإقليم المائي: يتكون من الأنهار والبحيرات التي توجد داخل حدود الدولة، إضافة إلى اجزاء من البحاروالمحيطات الملاصقة لليابسة، وهو ما يطلق عليه بالمياه الاقليمية.
الإقليم الجوي: هو الفضاء الذي يعلو مساحة الإقليم الأرضي والمائي دون تحديد ارتفاعه، ولقد لجأت الدول إلى عقد مجموعة من الاتفاقيات بشأن الملاحة الجوية وتنظيم مرور الطائرات الأجنبية داخل الإقليم الجوي لكل دولة.
غير أن سيطرة الدولة على طبقات الهواء التي تعلو إقليمها إلى ما لانهاية في الارتفاع، بات مستحيلا بعد أن أصبح في امكان اطلاق الصواريخ وسفن الفضاء والأقمار الصناعية لتخترق طبقات الجو في سائر أنحاء العالم دون حاجة للحصول على موافقة الدولة المعنية، ودون توافر أية قدرة لدى معظم الدول الأخرى على مجرد رصد هذا الاختراق فضلاً عن مواجهته أو القضاء عليه.
§ السلطة السياسية:
تعتبر السلطة السياسية من أهم العناصر لنشأة وقيام الدول، وهي تتمثل في الهيئة الحاكمة القائمة بذاتها والأصيلة التي لا تنبع من سلطة آخرى بل تستمد منها الهيئات والأجهزة الأخرى سلطاتها واختصاصاتها الممنوحة لها[13]. ولكن لا يشترط أن تكون الهيئة الحاكمة هيئة وطنية فقد تكون أجنبية من غير أبناء البلاد كحالة وجود الإقليم تحت الإدارة الدولية أو الوصاية…[14]
وتكون مهمة هذه الهيئة الاشراف على الإقليم ومن يقيم عليه من مواطنين وأجانب، وتمارس سلطتها وسيادتها باسم الدولة بحيث تصبح قادرة على الزام الافراد باحترام قوانينها وتحافظ على وجودها وتمارس وظائفها لتحقيق أهدافها.
ومن مميزات السلطة السياسية:
ü تتميز السلطة السياسية بأنها سلطة ذات سيادة في الداخل: بحيث تكون سلطة آمرة عليا تفرض أوامرها على الجميع مما يقتضي أن تكون حائزة لأكبر قوة مادية في الداخل، وهي القوة العسكرية، حتى تفرض سلطانها على سائر الجماعات في الداخل وتلزمهم بطاعتها.
وان لم يكن رضا المحكومين شرطاً لازماً لقيام سلطة الدولة بالأساس، إلا أنه بات شرطا أساسيا لاستمرارها واستقرارها وعدم تعرضها لمخاطر ضخمة تهدد وجودها بالزوال، لاسيما بعد الانجازات الكبيرة التي حققها الربيع العربي؛
ü كما تتميز هذه السلطة بالشخصية المعنوية: يعني أنها وحدة قانونية مستقلة ومتميزة عن الحكام والمحكومين، يمكنها ممارسة مختلف التصرفات القانونية، ولها ذمتها المالية الخاصة بها والمستقلة عن الذمة المالية للأعضاء المكونين لها ولممثليها الذين يتصرفون باسمها[15]؛
ü وهي تمثل وحدة قانونية واحدة: فتعدد سلطاتها العامة من تشريعية وتنفيذية وقضائية وكذلك تعدد ممثلي الدولة وتعدد الأجهزة والأشخاص التي تعبر عن إرادتها وتعمل باسمها لا يغيّر من وصفها كشخص قانوني واحد؛
ü كما أن للسلطة السياسية طابع الدوام والإستقرار: أي لا تزول بزوال الحكام، وإستمرارها لا يتأثر بتغير الأشخاص الممثلين لها أو بتغير نظام الحكم فيها، فهي تستهدف أغراضا تتجاوز عمر جيل بذاته من أجيال شعبها.
ويترتب على صفة ديمومة الدولة الآتي:
- الحقوق التي تثبت للدولة في مواجهة الغير وكذلك الإلتزامات التي تتعهد بها الدولة لصالح الغير، تبقى واجبة النفاذ للدولة أو عليها مهما حدثت التغيرات التي تصيب الشكل الدستوري أو تغيّر الحكام؛
- المعاهدات والإتفاقيات التي تبرمها الدولة مع غيرها من الدول تبقى قائمة وواجبة النفاذ مادامت الدولة قائمة بغض النظر عن تغيّر ممثليها؛
- القوانين التي تصدرها السلطات المختصة في الدولة تبقى هي الأخرى قائمة وواجبة النفاذ مهما تغيّر النظام الدستوري إلى أن يتم تعديلها أو إلغائها صراحة أو ضمنا وفقا للإجراءات المحددة لذلك.
§ السيادة:
إن قيام الدولة المعاصرة بأركانها الثلاثة: الشعب، والإقليم، والسلطة السياسية، يترتب عليه تميزها بأمرين أساسيين؛ الأول: تمتعها بالشخصية القانونية المعنوية، كما سبق بيانه، والأمر الثاني: كون السلطة السياسية فيها ذات سيادة، ولأهمية السيادة في الدول فقد جعلها البعض الركن الرابع من أركان الدولة.
ولقد عرفت السيادة اصطلاحاً بأنها: ” السلطة العليا على إقليمها وعلى ما يوجد فوقه أو فيه التي لا تعرف فيما تنظم من علاقات سلطة عليا أخرى إلى جانبها”.
وارتبطت فكرة السيادة بالمفكر الفرنسي “جان بودان” سنة 1577م من خلال كتابه: الكتب الستة للجمهورية، وتضمن نظرية السيادة.
وفي 26 أغسطس 1879م صدر الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان الذي نص على أن السيادة للأمة وغير قابلة للانقسام ولا يمكن التنازل عنها، فأصبحت سلطة الحاكم مستمدة من الشعب، وظهرت تبعاً لذلك فكرة الرقابة السياسية والقضائية لتصرفات السلطة التنفيذية.
وقد قرر ميثاق منظمة الأمم المتحدة مبدأ المساواة في السيادة بأن تكون كل دولة متساوية من حيث التمتع بالحقوق والالتزام بالواجبات مع الدول الأخرى الأعضاء في هذه المنظمة، بغض النظر عن أصلها ومساحتها وشكل حكومتها. إلا أن الدول الخمس العظمى احتفظت لنفسها بسلطات ناقضة بذلك مبدأ المساواة في السيادة، وقد حل محل كلمة السيادة في العرف الحديث لفظ استقلال الدولة.
وللسيادة مظهران مرتبطان:
مظهرا خارجيا: ويكون بتنظيم علاقاتها مع الدول الأخرى في ضوء أنظمتها الداخلية، وحريتها في إدارة شئونها الخارجية، وتحديد علاقاتها بغيرها من الدول وحريتها في ابرام اتفاقيات معها، وحقها في إعلان الحرب أو التزام الحياد.
والسيادة الخارجية “مرادفة للاستقلال السياسي، ومقتضاها عدم خضوع الدولة صاحبة السيادة لأية دولة أجنبية، والمساواة بين جميع الدول أصحاب السيادة، فتنظيم العلاقات الخارجية يكون على أساس من الاستقلال”، وهي تعطي السلطة الحاكمة الحق في تمثيل دولتها والدخول باسمها في علاقات مع الدول الأخرى.
ومما ينبغي الإشارة إليه أن هذا المظهر لا يعني أن تكون سلطتها عليا، بل المراد أنها تقف على قدم المساواة مع غيرها من الدول ذات السيادة، ولا يمنع هذا من ارتباطها وتقييدها بالتزامات أو معاهدات دولية مع غيرها من الدول.
مظهرا داخليا: ويكون ببسط سلطانها على إقليمها وولاياتها، وبسط سلطانها على كل الرعايا وتطبيق أنظمتها عليهم جميعاً، فلا ينبغي أن يعلو على سلطة الدولة أي سلطة أخرى أو تنافسها في فرض إرادتها.
وتنقسم الدول من حيث السيادة إلى قسمين:
- دول ذات سيادة كاملة: لا تخضع ولا تتبع في شؤونها الداخلية أو الخارجية لرقابة أو سيطرة من دولة أخرى، ولها مطلق الحرية في وضع دستورها أو تعديله.
- دول منقوصة السيادة: لا تتمتع بالاختصاصات الأساسية للدولة لخضوعها لدولة أخرى أو تبعيتها لهيئة دولية تشاطرها بعض الاختصاصات، كالدول التي توضع تحت الحماية أو الانتداب أو الوصاية وكالدول المستعمرة. وهذا الاستقلال أو التبعية لا يؤثران على وجود الدولة الفعلي، وهو ليس تقسيماً مؤبداً بل هو قابل للتغيير والتبديل تبعاً لتغير ظروف كل دولة.
§ الاعتراف الدولي:
يكسب الاعتراف من قبل الدول الأخرى والمنظمات الدولية الدولة الشخصية القانونية الدولية، التي تمكنها من ممارسة اختصاصات السيادة لاسيما الخارجية منها.
والاعتراف الدولي يقوم على مبدأ يسمى حرية الاعتراف، ومن مقتضاه أن كل دولة من أعضاء المجتمع الدولي لها مطلق الحرية في أن تعترف بأية دولة أخرى أو لا تعترف بها.[16]
ولذلك فقد جرى العمل أن يكون وجود الدول داخل المجتمع الدولي متدرجاً ونسبياً حيث يقوم هذا الوجود في مواجهة الدول التي اعترفت بالدولة دون غيرها من الدول التي لم تعترف بها.
فالاعتراف بالدولة هو تصرف قانوني يصدر بالإرادة المنفردة للدولة المعترفة، وقد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً كأن تقوم الدولة بابرام اتفاق دولي أو معاهدة مع دولة لم تعترف بها صراحة.
وقد يكون الاعتراف قانونياً صريحا يترتب عليه سائر الآثار المترتبة على الاعتراف الدولي ومنها: اكتساب الدولة للحقوق والالتزامات المعترف بها للدول الأعضاء في المجتمع الدولي في مواجهه الدول المعترفة.
كما قد يكون مجرد اعتراف واقعي مؤقت يرتبط مصيره بقدرة الدولة المعنية على توطيد وجودها وتثبيت دعائمه، وإلا زال هذا الاعتراف الواقعي.
وعموما الاعتراف الدولي ليس ركناً مشترطاً من أركان قيام الدول، وإنما يكفي لهذا القيام توافر الأركان الثلاثة من شعب وإقليم وسلطة سياسية ثم يأتي الاعتراف الدولي ليؤكد حقوق الدولة المعترف بها في المجال الخارجي أي مجال العلاقات الدولية.
v أشكال الدول:
تختلف دول العالم في أشكالها فمنها ما هو بسيط من حيث تكوينها ومنها المركبة التي يصعب الفصل بين ظواهرها بدقة. وتعود الاختلافات في أشكال الدول إلى نظام الحكم المطبق فيها، هل هو حكم موحد أم أنظمة حكم متعددة في الدولة الواحدة ؟ ولذلك تنقسم دول العالم إلى دول موحدة ودول اتحادية كما يأتي:
الدولة الموحدة: الدولة التي تكون السلطة فيها موحدة فتظهر الدولة وحدة واحدة من الناحية الخارجية والداخلية. وتتميز الدولة الموحدة بوحدة الحكم والقوانين والاقليم.
الدولة الاتحادية: تتألف الدولة الاتحادية من اتحاد دولتين أو أكثر وفقا لدستور أو اتفاقية لتحقيق أهداف مشتركة، مع خضوع الدول الداخلية في الاتحاد لحكومة مشتركة تتوزع بموجبها مسؤوليات الحكم في الدولة الاتحادية وابرز اشكال الدولة الاتحادية هي:
الاتحاد الفيديرالي: ينشأ هذا الاتحاد من اندماج مجموعة من الدول أو الولايات في دولة واحدة بهدف تحقيق مصالح مشتركة، وذلك بموجب دستور توافق عليه كل دول الأعضاء ويصبح النظام الأساسي للدولة الجديدة المنبثقة عنه.
وتفقد الدول أو الولايات التي تنظم للاتحاد شخصيتها الدولية وسيادتها الخارجية، في حين تنحصر سلطاتهافي القضايا الداخلية كالخدمات الصحية والتعليمية والنقل واقامة مشاريع اقتصادية واجتماعية كجبايةالضرائب المحلية… ومن أمثلته أمريكا ودول الإمارات العربية المتحدة وأستراليا. ومن ابرز خصائص الاتحاد الفيدرالي:
§ رئيس واحد وحاكم لكل ولاية؛
§ سياسة خارجية واحدة؛
§ حكومة مركزية وحكومات محلية؛
§ جيش وطني واحد؛
§ دستور واحد ودساتير وقوانين محلية لا تتعارض مع الدستور الفيدرالي؛
§ رمز وطني واحد وجنسية واحدة ونشيد وطني واحد.
الاتحاد الكونفدرالي : يقوم هذا الاتحاد بين دولتين أو أكثر، ويكون مبنيا على رغبة هذه الدول في الاتفاق على إنشاء هيئة ممثلة لها بأعمال ووظائف معينة ضمن اتفاقيات يوافق عليها جميع أعضاء الاتحاد، وذلك بهدف تأمين وتحقيق مصالح مشتركة في الاقتصاد أو الثقافة أو الدفاع العسكري المشترك أو لأغراض أمنية ومن امثلته : الاتحاد الأروبي ومجلس التعاون الخليجي.
5. المنظمات الدولية:
لم يعد العالم يتكون من مجموعة من الدول فقط، وإنما أصبح يضم إلى جانب الدول مجموعة من المنظمات الدولية. فماهي المنظمات الدولية وماهي أنواعها والقواعد القانونية التي تحكم نشأتها وعملها؟
§ تعريف المنظمات الدولية:
المنظمة الدولية هي عبارة عن تجمع من الدول، ولكن تتمتع المنظمات الدولية بإرادة وسلطات ذاتية مستقلة عن إرادة الدول المكونة لها، فهي إذاً تملك شخصية معنوية خاصة بها ناتجة عن تفويض صريح من الدول بموجب إتفاقية دولية بهدف حماية بعض المصالح الخاصة.
تلعب المنظمات الدولية دوراً كبيراً في ميدان العلاقات الدولية، بوصفها من أهم أشخاص القانون الدولي العام التي تشارك في تفعيل إرادة الجماعة الدولية، لاسيما في مجال ضمان تطبيق قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وترجع نشأة المنظمات الدولية إلى القرن التاسع عشر، ففي عام 1919 برزت المنظمات الدولية، متخذة شكل عصبة الأمم، ثم أخذت حلّة جديدة إبان الحرب العالمية الثانية، فأسست منظمة الأمم المتحدة عام 1945.
§ القواعد القانونية التي تحكم نشأة وعمل المنظمات الدولية:
تتكون المنظمة الدولية من أربعة عناصر أساسية تتمثل في الصفة الدولية، قانون المنظمات الدولية، الادارة المستقلة و الميثاق:
ü الصفة الدولية:
تكمن الصفة الدولية للمنظمة الدولية في طريقة تكوينها. فالمنظمة الدولية تنشأ بمقتضى اتفاقيات دولية، ويشكل مجلس أعضائها عدد من الدول التي تتمتع بكامل سيادتها.
من هنا الفرق الجوهري بين المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، لأن انشاء المنظمات غير الحكومية لا يأتي بموجب معاهدة أو اتفاق دولي كما أن أعضاء هذه المنظمات هم أشخاص طبيعيون وليسوا دولا.
وقد أشار المجلس الاقتصادي والإجتماعي للأمم المتحدة عام 1950 حيث جاء فيه: إن كل منظمة لا تنشأ عن طريق اتفاقات بين الحكومات تعد منظمة دولية غير حكومية.
ü قانون المنظمات الدولية:
قانون المنظمات الدولية هو أحد فروع القانون الدولي العام، وهو يعتبر حديث نسبيا لأنه نشأ مع نشأة المنظمات الدولية في أواخر القرن الماضي.
و يضم قانون التنظيم الدولي القواعد الأساسية التي تنظم المجتمع الدولي في فترة التنظيم الدولي المعاصر.
ü الإرادة المستقلة:
تنشأ المنظمات الدولية بموجب معاهدة أو اتفاق دولي بين دول ذات سيادة، ومن هذا المنطلق، تتميز شخصيتها في المجتمع الدولي عن شخصية الدول الأعضاء، كما أن لها كيانا دائما ومستمرا، وأنها تملك الشخصية القانونية المستقلة، بمعنى الإرادة الذاتية المستقلة عن إرادات اعضاءها.
إلا أن هذا لايعني تفوّق إرادتها المستقلة على إرادة الدول الأعضاء، كون المنظمة الدولية لا تعتبر دولة فوق الدول.
ü الميثاق:
لا يمكننا الحديث عن وجود منظمة دولية قبل الحديث عن المعاهدة التي أبرزتها الى حيز الوجود. فلا وجود لمنظمة إلاّ من خلال معاهدة متعددة الأطراف، التي تعتبر قانونها الأساسي.
ولهذا فلابد ان تأتي مبادرة إنشاء المنظمة من خارج المنظمة وقبل وجودها، ويكون ذلك من خلال إعداد مشروع ميثاق المنظمة عن طريق مؤتمر دولي أو بواسطة منظمة دولية قائمة، أو من خلال تعديل معاهدة دولية قائمة.
وتتم الدعوة إلى انعقاد المؤتمر الدولي بواسطة مجموعة من الدول. وإن كان يمكن لدولة بمفردها إن تدعو إلى المؤتمر لإنشاء المنظمة.
وقد تتولى منظمة دولية موجودة بالفعل الدعوة إلى مؤتمر دولي للنظر في انشاء منظمة دولية أخرى مثلما تولى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لمنظمة الأمم المتحدة دعوة الدول إلى مؤتمر دولي للنظر في انشاء منظمة الصحة العالمية.
وتتميز المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية بطبيعة مزدوجة : فهي من ناحية تعتبر معاهدات. وهي من ناحية أخرى تتميز بطبيعتها الدستورية، فهي القانون الأعلى للمنظمة وكذلك لأعضاء المنظمة. بهذا الاتجاه تنص المادة السادسة من ميثاق الامم المتحدة: ” إذا أمعن عضو من أعضاء “الأمم المتحدة” في انتهاك مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة بناءً على توصية مجلس الأمن.”.
و يحدد الميثاق هيكل المنظمة كما يقوم بتوزيع الاختصاصات بين فروع وأجهزة المنظمة. ويترتب على القيمة الدستورية للمعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية ثلاث مبادئ:
المبدأ الأول: انه من حيث القيمة القانونية تعلو المعاهدة المنشئة لمنظمة دولية وتجبّ أو تنسخ أية معاهدة أخرى يبرمها الدول الأعضاء في المنظمة.
المبدأ الثاني: أنه يجب على الدول الأعضاء قبول المعاهدة المنشئة للمنظمة على نحو كامل دون إبداء تحفظات.
المبدأ الثالث: أن تعديل المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية – كقاعدة عامة- يحتج به تجاه الدولة التي لم تصدق على التعديل.
وميثاق المنظمة هو الذي يميز الوكالات الدولية المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة عن الهيئات الأخرى التابعة للامم المتحدة، والتي تتمتع ببعض من الاستقلال، ولكنها تتولى تسيير أحد المرافق الدولية العامة، مثل الصندوق الدولي لرعاية الطفولة، ومنظمة اغاثة لاجئي فلسطين. الخ…
فبالرغم من أن كل من هاتين الهيئتين لها إرادة مستقلة وميزانية منفصلة، واختصاصات ذاتية تقابل بصورة عامة ما تتمتع به المنظمات الدولية المتخصصة، إلا انهما قامتا بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وليس بمقتضى اتفاق دولي، كما هو الحال بالنسبة للمنظمات الدولية.
§ أنواع المنظمات الدولية:
لقد تعددت المنظمات الدولية في عصرنا الراهن وفق متطلبات العلاقات الدولية، حيث يوجد الآن أكثر من 300منظمة وهيئة دولية تتنوع في مستويات عملها وما تتمتع به من سلطات.
ولقد اختلف فقهاء القانون الدولي حول تحديد نوع موحد للمنظمات الدولية، وإختلفوا في تقسيماتهم لها بحسب إختلاف طبيعة العضوية فيها، ونشاطاتها، وإختصاصاتها المختلفة:
ü فمن حيث العضوية: هناك المنظمات الدولية العالمية التي تكون العضوية فيها مفتوحة لكل الدول[17]، والمنظمات الدولية الاقليمية التي تقتصر العضوية فيها على بعض الدول لما يجمع بينها من أهداف اقليمية مشتركة؛
ü ومن حيث نشاطاتها: فهناك منظمات ذات اتجاه عسكرى وسياسي كالأحلاف العسكرية، حيث تكون العضوية فيها قاصرة على جماعة من الدول تجمعها مصالح سياسية وعسكرية مثلاً. وهناك أيضا المنظمات الناشئة بفعل ركب الحركة الاقتصادية العالمية وتطور التبادل الدولي وتقسيم الأعمال الدولية. فهذه المنظمات الدولية تعتبر ذات اختصاص اداري كاتحاد البريد العالمي أو ذات اختصاص مالي واقتصادي كالسوق الأروبية المشتركة. وقد تكون المنظمات ذات موارد ومصالح معينة، وهنا تكون العضوية قاصرة على تلك الدول التي لها هذه الموارد والمصالح المشتركة: كمنظمة الدول المصدرة للنفط.
ü أما من حيث الاختصاص: فهناك منظمات دولية عامة ومنظمات دولية متخصصة. فالمنظمة الدولية تكون عامة إذا تعددت اختصاصاتها لتشمل كافة مظاهر العلاقات الدولية، كمنظمة عصبة الأمم أو منظمة الأمم المتحدة؛ كما تنطوي تحت هذه الفئة، المنظمات الاقليمية كمنظمة جامعة الدول العربية حيث أنها متعددة الاختصاص. أما المنظمات الدولية المتخصصة فهي تلك المنظمات التي تسعى الى تحقيق هدف معين بذاته، كالمنظمات ذات الاختصاص الاقتصادي أو الثقافي أو الفني أو الصحي، التابعة إلى منظمة الأمم المتحدة.
ثالثا: مصادر القانون الدولي العام
تلعب فكرة “مصادر القانون” دورا هاما في إطار النظرية العامة للقانون الدولي، بحيث هي تستخدم عادة لتدل على المعاني الثلاث الآتية:
ـ التعبير عن أساس القانون وسبب قوته الملزمة أو فاعليته؛
ـ الإشارة إلى المصادر المادية للقانون، ويقصد بها كافة المؤثرات والعوامل التي ساهمت قي تكوين القواعد القانونية (كتأثير القانون الروماني، أو القانون الإسلامي، أو القانون الانجلوسكسوني على تكوين القواعد القانونية)؛
ـ التعبير عن المصادر الشكلية للقانون، والتي تتمثل في طرق تكوين أو ملاحظة القاعدة القانونية أو الشكل الذي تصاغ فيه (معاهدة أو عرف أو مبدأ عام من مبادئ القانون….)؛ وهذا هو المعنى الذي سنتوسع فيه.
تنص المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية لسنة 1945 على أن: “وظيفة المحكمة هي الفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفقا لأحكام القانون الدولي، وتطبق في هذا الشأن:
أ/ الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفا بها صراحة من الدول المتنازعة؛
ب/ العادات الدولية المرعية والمعتبرة بمثابة قانون دلّ عليه تواتر الاستعمال؛
ج/ مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة؛
د/ أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم؛
ويعتبر هذا أو ذاك مصدرا احتياطيا لقواعد القانون، وللمحكمة سلطة الفصل في القضية وفقا لمبادئ العدل والإنصاف متى وافق أطراف الدعوى على ذلك.”
وعليه فان المصادر الشكلية للقانون الدولي العام، طبقا لأحكام هذه المادة، هي ستة، مرتبة حسب درجة إلزاميتها أو أهميتها إلى مصادر أساسية إلزامية، ومصادر ثانوية احتياطية[18]:
1. المصادر الأساسية الإلزامية:
تتمثل المصادر الأساسية الإلزامية وفقا للمادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية سالفة الذكر، في كل من الاتفاقات الدولية، والعادات الدولية، والمبادئ العامة للقانون، نلخصها فيما يلي:
أ. الاتفاقات الدولية:
الاتفاقات الدولية عبارة عن وثيقة دولية مبرمة بين دولتين (في حال اتفاقية ثنائية) أو عدة دول (في حال اتفاقية متعددة الأطراف أو اتفاقية جماعية)، وقد تتخذ هذه الوثيقة عدة تسميات: اتفاقية، معاهدة، عهد، ميثاق، رغم تعبيرها عن مضمون واحد أو تمتعها بنفس القيمة القانونية الملزمة.
وحسب فقيه القانون الدولي Triepel، فإن المعاهدات أو الاتفاقيات الدولية نوعان:[19]
إما اتفاقية شارعة (Traités-lois): والتي تنشأ قواعد قانونية دولية موضوعية، وهي عادة ما تكون اتفاقية جماعية؛
أو اتفاقية عقدية (Traités-contrats): والتي تنشأ التزامات متبادلة بين أطرافها في شكل عقد ملزم.
أما في مجال حقوق الإنسان، فإن الاتفاقيات الدولية الجماعية (الاتفاقيات الشارعة) هي المصدر الشكلي الرئيسي لأنها تتمتع بأهمية بالغة وبقيمة قانونية إلزامية أكثر من غيرها من الوثائق الدولية لحقوق الإنسان، وذلك راجع إلى كثرتها وتنوعها وكذا إلى إبرامها في إطار دولي جماعي برعاية المنظمات الدولية العالمية أو حتى الإقليمية.
ب. العادات الدولية:
لقد وضّحت المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية سالفة الذكر، معنى العادات الدولية من خلال تحديد الشروط التي يجب أن تتوفر فيها، والمتمثلة في:
أ/ أن تأتيها الدول وتراعيها في تصرفاتها وعلاقاتها؛
ب/ أن تواتر الدول على استعمالها معتبرة إياها قانونا واجب التطبيق.
واللافت للنظر في هذا المقام، هو أن محرري هذا النظام الأساسي قد فظلوا استعمال مصطلح “العادات الدولية” بدلا من استعمال مصطلح ” العرف الدولي”، مع أن المقصود هنا هو العرف الدولي الذي يعد أغزر وأخصب وأكثر مصادر القانون الدولي العام مرونة، لأن أغلب قواعد هذا القانون ما زالت عرفية وغير مقننة بشكل نهائي.
والعرف الدولي بإيجاز، هو مزيج من ركنان أساسيان، ركنا ماديا والمتمثل في سلوك أو تصرفات منتظمة تقوم بها الدول أو المنظمات الدولية، وركنا معنويا وهو اعتقاد هذه الدول أو المنظمات الدولية بإلزامية إتباع هذا التصرف أو ذاك. وتجدر الإشارة هنا، إلى أن الدولة الواحدة مهما تتصرف فلا تخلق عرفا دوليا لأن عملها يبقى منعزلا ومنفردا.
ج. المبادئ العامة للقانون:
تتمثل هذه المبادئ العامة وفقا للمادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية سالفة الذكر، في مجموع المبادئ العامة المستمدة من القوانين الداخلية أو من القانون الدولي العام في إطار معاملات الدول وعلاقاتها الخارجية فيما بينها، بشرط أن تكون معترفا بها من قبل الأمم المتمدنة أو المتحضرة.[20]
والمقصود بالأمم المتمدنة أو المتحضرة، تلك الأمم التي استطاعت أن تخلق نظاما قانونيا خاصا بها سواء كان معترفا به أو مجرد معروفا من قبل باقية المجتمع الدولي، وهنا نحن بصدد الحديث عن:
أ/ النظام القانوني اللاتيني؛
ب/ النظام القانوني الأنجلوساكسوني؛
ج/ النظام القانوني الإسلامي؛
د/ النظام القانوني الأمريكي اللاتيني؛
ه/ النظام القانوني الاشتراكي سابقا.
أما فيما يخص المبادئ العامة المعترف بها من قبل الأمم المتمدنة أو المتحضرة، والتي تصنف ضمن حقوق الإنسان الأساسية في الآن ذاته، فهي تتمثل في:
أ/ مبدأ الحق في الحياة؛
ب/ مبدأ المساواة بين الأجناس والشعوب و الأعراق؛
ج/ مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها؛
د/ مبدأ والحق في السلم؛
ه/ مبدأ شرعية العقوبات؛
و/ مبدأ عدم تقادم الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان؛
ي/ مبدأ عدم المساس وعدم التصرف وعدم قابلية حقوق الإنسان للتجزئة. وسوف نتوسع في كل مبدأ من هذه المبادئ في أوانه.
2. المصادر الثانوية الاحتياطية:
تتمثل المصادر الثانوية الاحتياطية في كل من أحكام المحاكم الدولية، ومذاهب كبار المؤلفين، ومبادئ العدل والإنصاف، ولقد أطلقت عليها هذه التسمية أي: ” مصادر ثانوية أو احتياطية”، لأنها أقل قوة إلزامية من المصادر الأساسية، بحيث لا يرجع القاضي إليها إلا في حال عدم توافر هذه الأخيرة. وفيما يلي ملخص للمصادر الثانوية الاحتياطية:
أ. أحكام المحاكم:
وهي أحكام المحاكم الدولية بوجه عام، وكذلك بعض أحكام المحاكم الداخلية إذا كان موضوعها متعلقا بمجال حقوق الإنسان، وهو مصدر استدلالي ثانوي أقل حجية وأولوية في التطبيق، ومن إنتاج القضاء عامة، والقضاء الدولي بصفة خاصة.
وتساعد أحكام المحاكم في مجال حقوق الإنسان على إعطاء الصيغة الإلزامية للاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، ويظهر ذلك بوضوح في النظام الأوروبي لحقوق الإنسان، بحيث استطاعت أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الضغط على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتعديل قوانينها الداخلية بما يتماشى مع أحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.[21]
ب. مذاهب كبار المؤلفين:
وهو ما يطلق عليه تسمية “الفقه” “Doctrine”، الذي يبرز دوره بصورة جلية عند تفسير وشرح القواعد القانونية الدولية التي تتضمنها مختلف المصادر المذكورة أعلاه، أو عند صياغة أو إعادة صياغة القواعد القانونية القديمة لكي تصبح متماشية مع التطورات التي تحصل في المجتمع.
أما في مجال حقوق الإنسان، فلقد ساهم العديد من الفقهاء في تحديد مضامين بعض حقوق الإنسان، أو في خلق حقوقا جديدة. فحقوق الإنسان بالمفهوم الغربي هي من صنع فلاسفة كبار أمثال جون لوك، شارل روسو أو غيرهم من فقهاء القرن العشرين، منهم الفقيه الفرنسي Réné Cassin أحد محرري الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أو اللبناني شارل مالك، عضو ومقرر في مكتب لجنة حقوق الإنسان إثر تحضير هذا الإعلان العالمي .[22]
كما ساهم الفقهاء العرب في تحديد أسس ومبادئ حقوق الإنسان في الإسلام، ويمكن ذكر هنا على سبيل المثال، الفقيه التونسي طاهر حداد، الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي[23]، فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي… وما إلى ذلك من علماء وشخصيات إسلامية لامعة.
ج. مبادئ العدل والإنصاف:
ترتبط مبادئ العدل والإنصاف بفكرة العدالة، والتي بدورها يمكن أن تستنبط من مختلف مصادر القانون الدولي العام التي سبق لنا وأن وضحناها، والتي على رأسها الاتفاقيات الدولية الشارعة.
وبالرجوع إلى الأديان السماوية، فإننا نجدها مبنية على أساس العدل والإنصاف ومتضمنة لمبادئ عامة تحولت عبر الزمن الطويل إلى قواعد قانونية ملزمة لا تقل أهمية عن قواعد قانونية أخرى في مصادر شتى.
أما في مجال حقوق الإنسان، فإن البعض يرى في الإنصاف الطريقة المثلى لتحقيق العدالة، ومن ثم المساواة. أبعد من ذلك فهم يعتبرونه العدل بحد ذاته خاصة وأنه يطبق العدالة حسب الحالات ومعطيات محددة يجنبنا تطبيق القوانين بطريقة مجردة وعامة لأنه يعتمد على السلطة التقديرية للقاضي.[24]
ولكن في المقابل يقول أنصار مذهب المساواة بأن الإنصاف بمثابة معرقل لتحقيق المساواة، ورغم تقبله والنص عليه مؤخرا في الإعلانات الصادرة عن المؤتمرات الدولية لحقوق الإنسان[25]، فإنه يمس بأسس ومبادئ حقوق الإنسان، لاسيما مبدأ عدم المساس وعدم التصرف وعدم قابلية حقوق الإنسان للتجزئة.
أبعد من ذلك، فهم يعتبرون بأن الإنصاف لا يحقق العدل بالضرورة لأنه يرتكز على معطيات غير قانونية، ويؤدي هذا حسب اعتقادهم إلى معاملة تمييزية غير متساوية من جهة، ومن جهة أخرى تعتبر المساواة قطعية وقانونية وهي منظمة ومحددة من قبل المشرع وفقا لمعايير مجردة.[26]
ومن هذا المنطلق، فإن قاعدة الإنصاف، حسب أنصار المساواة، حتى ولو كانت مجردة من كل اعتبارات تمييزية وتريد ضمان العدل، فإنها بمجرد عموميتها وعدم النص عليها في قواعد قانونية محددة تترك مجالا واسعا للسلطة التقديرية وبالتالي للتمييز. كما يعتبرون بأن تحقيق العدالة عن طريق الإنصاف أمرا نسبيا لأن مفهوم العدل مرتبط بقيم الجماعة وبخصوصياتها الثقافية والحضارية وبالتقاليد والعادات.[27]
وإلى جانب هذه المصادر الاحتياطية الثلاث، أي أحكام المحاكم الدولية، ومذاهب كبار المؤلفين، ومبادئ العدل والإنصاف، يضيف بعض الفقهاء ثلاث مصادر احتياطية أخرى للقانون الدولي لحقوق الإنسان لم تنص عليها المادة38 سالفة الذكر ولكنها قد أثبتت وجودها مع مرور الزمن[28]، وهي متمثلة في:
ا/ الإعلانات؛
ب/ البيانات الختامية للمؤتمرات الدولية؛
ج/ قرارات المنظمات الدولية، والتي ستكون لها وقفة خاصة عند الحديث عن الصكوك الدولية لحقوق الإنسان.
هذا بإيجاز المصادر الشكلية للقانون الدولي العام، ومن ثم المصادر الشكلية للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي تشكل منابع رئيسية لمختلف حقوق الإنسان وذلك رغم تفاوتها من حيث الأهمية القانونية الإلزامية والحجية التنفيذية أو من حيث الأهمية المعنوية العرفية، كما سيتوضح عند الخوض في أهم الصكوك الدولية لحقوق الإنسان.
3. مصادر القانون الدولي لحقوق الإنسان:
لقد شاع في الأبحاث السياسية والقانونية وحتى في الدراسات الاجتماعية، أن قانون حقوق الإنسان قد ولد في انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية من خلال الفكر القانوني والسياسي، فأدت كتابات عدد من الفلاسفة وفقهاء القانون إلى ظهور نظرة جديدة لطبيعة الإنسان، وهي النظرة التي1 قادت إلى المسلَّمات الأساسية في الوثيقة العظمى البريطانية لسنة 1215 (Magna Carta) وفي إعلان الاستقلال الأمريكي (الصادر في 4 يوليو/تموز1776) أوفي الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن (الصادر في 26 آب/أغسطس 1789).[29]
ولقد كرست مختلف هذه الوثائق حقوق الإنسان “الطبيعية” مثل: ” الحق في الحرية، وفي المساواة، وفي الأمن وفي سيادة الشعب كمصدر للسلطات في المجتمع (…)” وما إلى ذلك من حقوق ومبادئ ساهمت في ظهور حركات ثورية وإصلاحية سواء في أوروبا أو خارجها، كما دخلت مضامينها في ميثاق عصبة الأمم سنة 1919، ثم ميثاق منظمة الأمم المتحدة سنة 1945، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 وفي كل الوثائق الدولية لحقوق الإنسان.[30]
غير أن حقوق الإنسان على خلاف ما يدعي البعض، ليست وليدة هذه الإعلانات ولا مختلف الوثائق الدولية لحقوق الإنسان الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، لأن الإنسان اجتماعي بطبعه والعلاقات الاجتماعية كانت ولازالت تحتاج إلى ضوابط وأسس تحكمها.
فالدارس لتاريخ العلاقات الإنسانية يجد أن لكل مجتمع مهما كانت درجته في الرقي أو التأخر حظه من المبادئ القانونية التي تنظم تصرفات الأفراد، ومعاملاتهم لبعضهم البعض، تجد هذه المبادئ جذورها والأسس التي تقوم عليها في أغلبية الديانات والفلسفات والثقافات.[31]
فمما لاشك فيه هو أن أقدم الحضارات البشرية قد عنيت بحقوق الإنسان ونقصد بذلك الحضارات الشرقية، كالعراقية القديمة (البابلية والسومرية) والهندية والمصرية والصينية والفارسية، وجميعها قد حفلت بارتباط وثيق بين التعاليم الدينية والنظرة إلى الإنسان وحقوقه.
وأشهر ما وصلنا من قوانين تخص حقوق الإنسان في العصور القديمة شريعة حمو رابي الذي حكم الدولة البابلية، التي يرجع الفقهاء تاريخها إلى حوالى 1750 قبل الميلاد.[32]
وعليه فإن حقوق الإنسان بوجه عام عميقة الجذور، بعيدة المدى الزمني عبر التاريخ الطويل والثري للإنسانية جمعاء؛ لأنها تمتد لتشمل كل الفلسفات في المجتمعات القديمة والحديثة، وجميع الشرائع السماوية والرسائل الإلهية.
نقتصر في هذه المحاضرات على إعطاء فكرة عامة حول أهم مصدر من مصادر حقوق الإسان والمتمثل في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والمتمثلة في
ـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛
ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبروتوكوليه الاختياريين الملحقين، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية. وسنتوسع في هذه الوثائق الثلاث كما يلي:
أ/ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
في سنة 1948، بعثت لجنة حقوق الإنسان إلى الهيئتين اللتين تعلوانها، وهما المجلس الاقتصادي والاجتماعي والجمعية العامة للأمم المتحدة، بمشروع كامل للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وفي 10 كانون الأول/ ديسمبر من نفس السنة، تبنت الجمعية العامة بقرارها رقم 217 ألف (د-3)، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالإجماع، أي بأغلبية 48 صوتا[33]وامتناع ثماني دول عن التصويت[34]، ولم تعترض عليه أي دولة. فما هي الحقوق التي نص عليها هذا الإعلان وما هي قيمته القانونية الدولية؟
- مضمون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
يتكون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من ديباجة وثلاثين مادة تضمنت بيانا بالحقوق والحريات الأساسية اللازمة للإنسان والمتأصلة فيه، سواء تعلقت بشخصه أم بتواجده في المجتمع الذي يعيش فيه.
وديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عبارة عن تقديم للأسباب أو للمبررات التي دفعت بإصدار هذا الإعلان والتي تتمثل فيما يلي:
ـ ارتباط الاعتراف بالكرامة المتأصلة في الإنسان وبحقوقه المتساوية والثابتة بالحرية والعدل والسلام في العالم؛
ـ ضرورة توفير حماية قانونية لحقوق الإنسان للقضاء على الاستبداد والظلم؛
ـ تعهد الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة بالتعاون في سبيل مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها مع حتمية الوفاء بهذا التعهد؛
ـ دعوة جميع الدول إلى الاهتمام بهذا الإعلان والعمل من أجل توطيد احترام الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ الإجراءات المناسبة على مستوى الدول، وعلى المستوى العالمي.[35]
وفيما يلي ملخص لأهم الحقوق التي نصت عليها المواد الثلاثين من هذا الإعلان:[36]
3 يولد الإنسان حرًا ومتساوي مع غيره من بني البشر في الكرامة والحقوق تربطه وإياهم علاقة إخاء، وله الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه وفي التمتع بشخصية قانونية وبجنسية (المادة1 و 3 و 6 و 9 و 15).
3 يحدد الحقوق الأساسية لكل شخص في العالم بغضِّ النظر عن عنصره أو لونه أو جنسه أو لغته أو دينه أو رأيه السياسي، أو أي رأي آخر، أو أصله الوطني أو الاجتماعي، أو ثروته أو مولده، أو أي وضع آخر، أو وضعه السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو البقعة التي ينتمي إليها (المادة 2).
3 يحظر الاسترقاق أو العبودية وتجارة الرقيق، كما يحظر التعذيب والعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة (المادة 4 و5).
3يقر المساواة بين الناس أمام القانون وفي الحماية القضائية من قبل محكمة مستقلة ونزيهة من أي اعتداء أو تمييز يُخل بأحكامه وضد أي تحريض على كهذا تمييز (المادة 7 ـ 8 و 10).
3 يعتبر المتهم بجريمة بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه، كما أنه لا يسال عن أي فعل لا يشكل جريمة وقت ارتكابه إياها (المادة11).
3 يحرم التدخل التعسفي في الحياة الخاصة أو العائلية أو مراسلات الأشخاص (المادة 12).
3يمنح الأفراد حرية التنقل واختيار محل إقامتهم ومغادرة أية بلاد بما في ذلك بلدهم كما يحق لهم العودة إليه (المادة 13).
3 يمنح الأفراد حق الحصول على الملجأ في بلاد آخر فرارا من الاضطهاد(المادة 14).
3يقر للنساء وللرجال البالغين سن الرشد حقوقا متساوية في الزواج بموجب عقد زواج يتوفر فيه رضا كاملا لا إكراه فيه للطرفين، ويعتبر الأسرة الخلية الأساسية والطبيعية للمجتمع (المادة16).
3 يقر الحق في التملك وفي عدم الحرمان منه بطريقة تعسفية (المادة 17).
3 يقر حرية التفكير والضمير والدين بما فيها حرية تغيير الديانة أو العقيدة، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة (المادة18).
3 يقر حرية الرأي والتعبير والاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية (المادة 20).
3 يقر الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة للبلاد مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون اختيارا حرا، و في تقلد الوظائف العامة في البلاد (المادة 21).
3 يضمن الحق في الضمان الاجتماعي وفي التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 22و27).
3 يقر الحق في العمل مقابل أجر عادل ومرض وفي تحديد معقول لساعات العمل وفي عطلات دورية بأجر، وبالالتحاق بالنقابات العمالية (المادة 23 ـ 24).
3يمنح الأفراد الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على صحتهم ورفاهيتهم مع أسرهم (المادة 25).
3يعترف للأمومة وللطفولة بالحق في مساعدة ورعاية خاصة، سواء كان الأطفال شرعيين أو غير شرعيين (المادة 25).
3 يقر الحق في التعلم على أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزاميا (المادة 26).
3 يقر للأفراد بالحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققا تاما (المادة 28).
وفي مقابل هذه الحقوق تنص المادة 29 و30 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على بعض الواجبات التي تقع على عاتق الأفراد والدول على حد السواء، وتتمثل هذه الواجبات في:
3 على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نموا حرا كاملا.
3يخضع الفرد في ممارسته حقوقه لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي.
3لا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.
3 ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه.
غير أن هذا الالتزام الأخير لا يلزم إلا الدول الموقعة على الإعلان أو المصرحة بقبوله والانضمام إليه، أما الدول الرافضة له أو المتحفظة عليه، فغير ملزمة به، كما هو الحال بالنسبة للمملكة العربية السعودية. [37]
هذا بإيجاز مضمون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكن السؤال الذي سرعان ما يخطر على أدهاننا بعد هذا الاستعراض لأهم الحقوق التي وردت فيه، هو ما مدى إلزامية هذه الوثيقة بالنسبة للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، أو بعبارة أخرى ما هي القيمة القانونية لهذا الإعلان؟
- القيمة القانونية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
أصبح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ العام 1948 هو المعيار الدولي لحقوق الإنسان، ولكن وعلى الرغم من موافقة الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة عليه بالإجماع ومن دون معارضة أية دولة عضو فيها عليه، وكونه كذلك هو الذي أوحى بالجزء الأكبر من القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإنه لا يمثل وثيقة لها قوة القانون حسب بعض الفقهاء، وذلك راجع حسب اعتقادهم للأسباب التالية:[38]
لم يصب في اتفاقية دولية تعطيه صفة القواعد القانونية الدولية واجبة الاحترام؛
لا يتمتع بأية قيمة إلزامية بالمعنى القانوني فهو عبارة عن ” توصية ” تدعو فيها الجمعية العامة الدول إلى تطبيق مضمونها، وتوصيات الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، لا تنشئ التزامات قانونية دولية؛
انه عديم القيمة العملية، لأنه لا يتضمن ضمانات لصالح الأفراد، ولا جزاءات ضد الدول.
وفي المقابل، يرى فريق آخر من الفقهاء بأن لهذا الإعلان بصفته إعلان مبادئ عامة، قيمة معنوية وأدبية كبرى في أوساط الرأي العام الدولي يترتب عن مخالفة أحكامه جزاءات ومسؤولية دولية، سيما أنه نداء عالمي صادر عن عدد كبير من الدول.
ولقد ذهب الأستاذ برينيه بعيدا في تحديد القيمة القانونية لهذا الإعلان وقال أنه “قانونا ملزم لجميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة لأنه يعتبر مكملا لميثاق هذه المنظمة في مجال فرض احترام حقوق الإنسان.”[39]
غير أن الواقع الدولي لا يتفق مع هذا الرأي لان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليس تعديلا لميثاق منظمة الأمم المتحدة لأنه من جهة لم يعرض على الدول للتصديق عليه، ومن جهة أخرى فهو عبارة عن مجرد ” توصية ” صادرة عن الجمعية العامة كما سبق لنا وذكرنا.[40]
ولقد درجت منظمة الأمم المتحدة على إصدار هذا النوع من التوصيات في شكل إعلانات تتضمن مبادئ دولية عامة في قضايا مهمة جدا، انطلاقا منها يمكن أن يتكون عرف دولي يضفي عليها صفة الإلزام، ” بل واللزوم الذي يؤدي إلى الالتزام “، على حد تعبير الدكتور أبو الوفا[41]، أو أن تكون أرضية لوضع اتفاقيات دولية ملزمة تهتم بنفس الموضوع أو نفس الحقوق التي جاءت بها هذه الإعلانات.
وعليه فانه يمكن الاعتراف بأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد اكتسب القوة الإلزامية مع مرور الزمن، خاصة بعد التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللذان ترجما مبادئه إلى قواعد قانونية دولية ملزمة، وصدور دساتير عديدة تضمنت النص على محتوى هذا الإعلان.
كما أصبح يحظى هذا الإعلان بالقبول على نطاق يكاد يكون عالميا، بوصفه “المعيار الأدنى المشترك الذي تقيس به كافة الشعوب والأمم منجزاتها”[42]، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان في أجهزة الأمم المتحدة سلطان لا يعلوه إلا سلطان الميثاق، وهو دائما مصدر استشهاد سواء كان ذلك في الجمعية العامة أو في مجلس الأمن وسائر الأجهزة الأخرى.
وفي الأخير، نود أن نذكر أهم الإعلانات التي تبنتها الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، بالإضافة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمتمثلة فيما يلي:[43]
· إعلان حقوق الطفل، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة 1386 (د-14) المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1959.
· إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة1514 (د-15) المؤرخ في 14 كانون الأول/ديسمبر 1960.
· إعلان الأمم المتحدة للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة1904 (د-18) المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1963.
· إعلان القضاء علي التمييز ضد المرأة، اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2263 (د-22) المؤرخ في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1967.
· إعلان بشأن الملجأ الإقليمي، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2312 (د-22) يوم 14كانون الأول/ديسمبر 1967.
· إعلان حول التقدم والإنماء في الميدان الاجتماعي، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة2542 (د-24) المؤرخ في 11 كانون الأول/ديسمبر 1969.
· الإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقليا، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2856(د-26) المؤرخ في 20 كانون الأول/ديسمبر 1971.
· إعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3318 (د-9) المؤرخ في 14 كانون الأول/ديسمبر 1974.
· الإعلان الخاص باستخدام التقدم العلمي والتكنولوجي لصالح السلم وخير البشرية، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3304 (د-0) المؤرخ في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1975.
· الإعلان الخاص بحقوق المعوقين، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3447 (د-30) المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975.
· إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3452 (د-30) المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975.
· إعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 36/55 المؤرخ في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1981.
· إعلان بشأن مشاركة المرأة في تعزيز السلم والتعاون الدوليين، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 37/63، المؤرخ 3 كانون الأول/ديسمبر 1982.
· إعلان بشأن حق الشعوب في السلم، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 39/11 المؤرخ في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1984.
· إعلان بشأن المبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 40/34 المؤرخ في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1985.
· الإعلان المتعلق بحقوق الإنسان للأفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 40/144 المؤرخ في 13 كانون الأول/ديسمبر 1985.
· الإعلان المتعلق بالمبادئ الاجتماعية والقانونية المتصلة بحماية الأطفال ورعايتهم مع الاهتمام الخاص بالحضانة والتبني علي الصعيدين الوطني والدولي، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 41/85المؤرخ في 3 كانون الأول/ديسمبر 1986.
· إعلان الحق في التنمية، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 41/128 المؤرخ في 4كانون الأول/ديسمبر 1986.
· إعلان بشأن زيادة فعالية مبدأ الامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها في العلاقات الدولية، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 42/22 المؤرخ في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1987.
· إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة47/133 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1992.
· إعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 47/135 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1992.
· إعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم48/104، المؤرخ في 20 كانون اﻻول/ديسمبر 1993.
· الإعلان المتعلق بحق ومسؤولية اﻷفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالميا، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 53/144 المؤرخ في 9 كانون اﻷول/ ديسمبر 1998.
· إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها المؤرخة في 8 كانون الأول/ديسمبر 2000.
· إعلان بشأن المدن والمستوطنات البشرية الأخرى في الألفية الجديدة، اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الاستثنائية الخامسة والعشرين المؤرخ في 9 حزيران/يونيه 2001.
· إعلان التزام بشأن فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، “أزمة عالمية – تحرك عالمي”، صدر عن الدورة الاستثنائية السادسة والعشرين للجمعية العامة، في خلال الفترة من 25 إلى 27 حزيران/يونيه 2001.
ب/ العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان:
بعد اقرارها الاعلان العالمي لحقوق الانسان طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يطلب من لجنة حقوق الانسان اعداد مشروع خاص بحقوق الانسان.[44]
ولقد باشرت لجنة حقوق الانسان في دورتها الخامسة المعقودة بين 9 أيار الى 20 حزيران 1949، الى دراسة مشروع العهد وأحالت ما توصلت اليه من نتائج الى الحكومات من أجل ابداء الملاحظات عليه.
ولقد طلب المجلس الاقتصادي والاجتماعي من الجمعية العامة أن تعد وثيقتين مختلفتين لتنظيم الفئات المختلفة من الحقوق[45].
بعد نقاش طويل استجابت الجمعية العامة للأمم المتحدة الى هذا المطلب، على أن تقوم اللجنة بصياغة ” مشروعيّ عهدين خاصين بحقوق الانسان: يشمل أحدهما الحقوق المدنية والسياسية، ويشمل الآخر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكي يتسنى للجمعية العامة أن توافق أن يشمل العهدان معا وتحيلهما للتوقيع في وقت واحد”.
ولقد اعتمدت الجمعية العامة للامم المتحدة أربعة صكوك وأحالتهم للتوقيع والتصديق والانضمام و هي[46]:
· العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛
· العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية؛
· البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1976، ويوفر البروتوكول الاختياري الأول آلية لمعالجة الشكاوى المقدمة من الأفراد في ظروف معينة.
· البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1991، و يهدف البروتوكول الاختياري الثاني الى الغاء عقوبة الاعدام.
وشددت الجمعية العامة أن ينص العهدان على أكبر عدد ممكن من الأحكام المماثلة للتأكيد على وحدة الهدف المنشود ولكفالة احترام حقوق الإنسان ومراعاتها[47].
وتمثلت أهم الأحكام المماثلة بين العهدين في ما ورد في المادة الأولى المشتركة والتي تنص على حق الشعوب والأمم في تقرير مصيرها و” على جميع الدول، بما في ذلك الدول التي تقع على عاتقها مسؤولية ادارة أقاليم غير متمتعة بالحكم الذاتي أن تقع على عاتقها مسؤولية إدارة أقاليم غير متمتعة بالحكم الذاتي أن تعمل على تطبيق ذلك الحق بالنسبة لشعوب هذه الاقاليم”.[48]
ملخص عن الحقوق الوارة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
يتكون العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من ديباجة وواحد وثلاثين مادة مقسمة على خمس أجزاء تضمنت مجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية نلخصها في ما يلي:
ü حق الشعوب في تقرير مصيرها والتصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية (المادة 1).
ü الالتزام باتخاد ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد دون أي تمييز (المادة 2).
ü ضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في هذا العهد (المادة 3).
ü تعهد الدول باخضاع التمتع بالحقوق التي تضمنها طبقا لهذا العهد إلا للحدود المقررة في القانون (المادة4).
ü حظر فرض أي قيد أو أي تضييق على أي من حقوق الإنسان الأساسية المعترف بها أو النافذة في أي بلد تطبيقا لقوانين أو اتفاقيات أو أنظمة أو أعراف، بذريعة كون هذا العهد لا يعترف بها أو كون اعترافه بها أضيق (المادة 5).
ü ضمان الحق في العمل بشروط عمل عادلة ومرضية تكفل على الخصوص (المادة 6 و7):
1. أجر منصفا، ومكافأة متساوية لدى تساوى قيمة العمل دون أي تمييز؛
2. عيشا كريما لهم ولأسرهم طبقا لأحكام هذا العهد؛
3. ظروف عمل تكفل السلامة والصحة؛
4. تساوى الجميع في فرص الترقية، داخل عملهم، إلى مرتبة أعلى ملائمة، دون إخضاع ذلك إلا لاعتباري الأقدمية والكفاءة؛
5. الاستراحة وأوقات الفراغ، والتحديد المعقول لساعات العمل، والاجازات الدورية المدفوعة الأجر، وكذلك المكافأة عن أيام العطل الرسمية.
ü كفالة الحق في الإضراب وفي تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفى الانضمام إلى النقابة التي يختارها وحق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية وفي إنشاء اتحادات أو اتحادات حلافية قومية وحق هذه الاتحادات في تكوين منظمات نقابية دولية أو الانضمام إليها (المادة 8).
ü حق كل شخص في الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية (المادة 9 ).
ü منح الأسرة أكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة، وخصوصا لتكوين هذه الأسرة وطوال نهوضها بمسؤولية تعهد وتربية الأولاد الذين تعيلهم، ووجوب انعقاد الزواج برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء لا إكراه فيه، و وجوب توفير حماية خاصة للأمهات خلال فترة معقولة قبل الوضع وبعده ومنح الأمهات العاملات، أثناء الفترة المذكورة، اجازة مأجورة أو اجازه مصحوبة باستحقاقات ضمان اجتماعي كافية. واتخاذ تدابير حماية ومساعدة خاصة لصالح جميع الأطفال والمراهقين، دون أي تمييز بسبب النسب أو غيره من الظروف. كما يجب جعل القانون يعاقب على استخدامهم في أي عمل من شأنه إفساد أخلاقهم أو الإضرار بصحتهم أو تهديد حياتهم بالخطر أو إلحاق الأذى بنموهم الطبيعي. وعلى الدول أيضا أن تفرض حدودا دنيا للسن وحظر استخدام الصغار الذين لم يبلغوها في عمل مأجور ويعاقب عليه. (المادة 10).
ü حق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية. وحقه في التحرر من الجوع .واعترافا بما لكل إنسان من حق أساسي، تقوم الدول الأطراف في هذا العهد، بمجهودها الفردي وعن طريق التعاون الدولي، باتخاذ التدابير المشتملة على برامج محددة ملموسة واللازمة لما يلي (المادة 11):
1. تحسين طرق إنتاج وحفظ وتوزيع المواد الغذائية، عن طريق الاستفادة الكلية من المعارف التقنية والعلمية، ونشر المعرفة بمبادئ التغذية، واستحداث أو إصلاح نظم توزيع الأراضي الزراعية بطريقة تكفل أفضل إنماء للموارد الطبيعية وانتفاع بها؛
2. تأمين توزيع الموارد الغذائية العالمية توزيعا عادلا في ضوء الاحتياجات، يضع في اعتباره المشاكل التي تواجهها البلدان المستوردة للأغذية والمصدرة لها على السواء.
ü الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية (المادة 12).
ü الحق في التربية والتعليم واقرار الدول بأن ضمان الممارسة التامة لهذا الحق يتطلب (المادة 13و14):
1. جعل التعليم الابتدائي إلزاميا وإتاحته مجانا للجميع؛
2. تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، بما في ذلك التعليم الثانوي التقني والمهني وجعله متاحا للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولا سيما بالأخذ تدريجيا بمجانية التعليم؛
3. جعل التعليم العالي متاحا للجميع على قدم المساواة، تبعا للكفاءة، بكافة الوسائل المناسبة ولا سيما بالأخذ تدريجيا بمجانية التعليم؛
4. تشجيع التربية الأساسية أو تكثيفها، إلى أبعد مدى ممكن، من أجل الأشخاص الذين لم يتلقوا أو لم يستكملوا الدراسة الابتدائية؛
5. العمل بنشاط على إنماء شبكة مدرسية على جميع المستويات، وإنشاء نظام منح واف بالغرض، ومواصلة تحسين الأوضاع المادية للعاملين في التدريس؛
6. تعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الأباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في اختيار مدارس لأولادهم غير المدارس الحكومية، شريطة تقيد المدارس المختارة بمعايير التعليم الدنيا التي قد تفرضها أو تقرها الدولة، وبتأمين تربية أولئك الأولاد دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة.
ü حق كل فرد في المشاركة في الحياة الثقافية والتمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته (المادة 15).
ü تنص المواد 16 إلى 25 على تقديم الدول الاطراف تقارير حول الاجراءات المتبعة من قبلها والتي بموجبها يقوم ضمان هذ الحقوق. ويتم ارسال هذه التقارير الى سكرتير عام الامم المتحدة الذي يرسلها بدوره الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي وأيضا الى المؤسسات المعينة المختصة. إن ميثاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لا ينص على اي هيئة رقابية خاصة فهو يوكل الى اللجنة الاقتصادية والاجتماعية مهمة الاشراف المنصوص عليها في نص الميثاق.
ü تنص المواد 26 إلى 31 على اجراءات التوقيع والتصديق على هذا العهد ودخوله حيز التنفيذ.
ملخص عن الحقوق الوارة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:
يتكون العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من ديباجة وثلاثة وخمسين مادة مقسمة على ستة أجزاء جاءت لتفصل الحقوق المدنية والسياسية التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
فهذا العهد لم يأت بجديد مقارنة مع الاعلان العالمي بحيث لا يسمح بأي خرق لحق الفرد في الحياة (المادة 6) ويحظر التعذيب والعبودية (المادة 7 و8) كما يحظر الاعتقال بسبب الديون (المادة 11) ولا يجيز تطبيق القانون الجنائي بأثر رجعي (المادة 15) ويعترف بالحق في الشخصية القضائية (المادة 16) … وما إلى ذلك من الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
فيما عاد ذلك، يجيز هذا العهد في الحلات الاستثنائية تقييد بعض هذه الحقوق في “أوقات الطوارئ التي تهدد حياة الشعوب”، على أن لا يتضمن هذا التقييد التمييز على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الأصل الاجتماعي.
ولقد أكدت لجنة حقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 29 على شرطين أساسيين يجب أن يسبقا أي تقييد للحقوق:
- ينص الأول على أن حالة الطوارئ يجب أن تكون حالة عامة تهدد حياة الأمة؛
- أما الثاني فيوجب أن تكون حالة الطوارئ معلنة بشكل رسمي من الدولة المعنية. كما يوجب هذا الشرط أن تكون إجراءات التقييد محدودة بالقدر الذي تتطلبه الحالة من حيث الفترة الزمنية والمساحة الجغرافية والنطاق المادي. ويجب على الدولة إذا قررت اعتماد الخيار الثاني هنا، أن تعلم الأمين العام للأمم المتحدة على الفور. وللأسف فإن حالات الطوارئ كثيراً ما تخلق الظروف التي تتسبب في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
ولا يسمح العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تحت أي ظرف من الظروف، سواء بفترات الحرب أو السلم بتقييد أو انتقاص الحقوق الأساسية، وهي: الحق في الحياة، والحق في تساوي الحماية أمام القانون، والتحرر من التعذيب والعبودية، وحرية التفكير، وحرية الوجدان والاعتقاد الديني، والحق في عدم التعرض للسجن فقط بسبب عدم المقدرة على الإيفاء بالتزام تعاقدي، والحق في عدم التعرض للإدانة بسبب جرم ارتكب في وقت لم يكن يعتبر فيه الفعل جرماً حينها.
آليات مراقبة تطبيق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:
ينص البند 28 من العهد على إنشاء لجنة لحقوق الإنسان تتألف من ثمانية عشر خبيراً مستقلاً، ترشحهم الدول الأعضاء في العهد، ويعمل هؤلاء الأعضاء بصفتهم الشخصية أي أنهم لا يمثلون الدول التي رشحتهم.
تراقب اللجنة التي تعقد ثلاث اجتماعات منتظمة كل سنة تنفيذ العهد بعدة طرق. فهي تقوم بدراسة التقارير الدورية التي تقدمها الدول الأعضاء عن مدى التزامها بالعهد (المادة 40). ويجب أن تقدم الدولة هذا التقرير خلال عام من تاريخ انضمامها للعهد، ومن ثم في أي وقت تطلبه اللجنة.
تقوم اللجنة بدراسة التقرير في جلسة عامة وبحضور ممثلين عن الدولة تجري دعوتهم في حال كانت هناك حاجة لتقديم معلومات إضافية. تقوم اللجنة بعد ذلك بوضع ملاحظاتها النهائية في جلسة مغلقة، وتعكس هذه الملاحظات الأمور التي كانت موضع نقاش والاقتراحات والتوصيات بشأن إمكانية تطبيق العهد بشكل أفضل.
قامت اللجنة بوضع إجراءات جديدة لزيادة فاعلية آلية تدارس تقارير الدول وآليات المتابعة. حيث أصبح يحق للجنة منذ عام 2001 أن تحدد أولويات معينة تستدعي الاهتمام وتتطلب تفسيراً من الدولة المعنية، التي عليها بدورها أن ترد عليها خلال عام.
كما يحق للجنة أن تلجأ إلى مصادر أخرى في تجميع التقرير في حالة امتنعت الدولة عن تقديم تقريرها. ولا يشارك أعضاء اللجنة في دراسة تقارير الدولة التي يحملون جنسيتها، أو في وضع الملاحظات الختامية الخاصة بها.
ومن جهة اخرى يحق للمنظمات غير الحكومية أن تشارك في اجتماعات مجموعات العمل التي تعقدها اللجنة قبل كل جلسة، بهدف تحضير الأسئلة التي تساعد على توجيه دراسة التقرير. كما يحق لهذه المنظمات أن تقدم تعليقات ومعلومات إضافية عن التقرير قبل أن يجري تدارسه في اللجنة.
تقوم اللجنة بهدف إرشاد الدول في تحضيرها للتقرير وإيفائها بالتزاماتها المنصوص عليها في العقد، إلى تأويل معنى ومضمون بعض البنود في العهد.
يحق للجنة أن تنظر في شكوى دولة ضد أخرى، على أن تكون الدولتان وافقتا علنياً على أن تقوم اللجنة بهذا الدور، بموجب المادة 41. ولم يحصل حتى هذا التاريخ أن تلقت اللجنة شكاوى من هذا النوع.
تقدم اللجنة تقريراً سنوياً عن عملها للجمعية العامة للأمم المتحدة عن طريق المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
[1]
[1] راجع: أحمد ابو الوفاء ، الوسيط في قانون المنظمات الدولية، دار النهضة العربية القاهرة 1996، ص 549.
[2]
[2] أنظر مختلف المراجع الخاصة بالقانون الدولي العام، لاسيما: د. حامد سلطان: القانون الدولي العام في وقت السلم، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 1965، د. عبد العزيز محمد سرحان، الإطار القانوني لحقوق الإنسان، في القانون الدولي العام، ط1، القاهرة، 1987؛ د. عز الدين فودة، مقدمة في القانون الدولي العام، القاهرة، 1987؛ د. أحمد أبو الوفا، الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة 2010؛ وباللغة الفرنسية:
P.M. DUPUY, droit international publique, Dalloz, 4ème éd., 1998, P. Daillier et A. Pellet, droit international public LGDJ, 6ème éd. 1999, Daniel Colard, les relations internationales de 1945 à nos jours, Armand Colin, 6ème èd, 1996 , pp. 355-360.
[3]
[3] صلاح الدين عامر، مقدمة لدراسة القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة 2007، ص69.
[4]
[4] راجع مفيد محمود شهاب: دروس في القانون الدولي العام، القاهرة 1974، دار النهضة العربية، ص 36-37.
[5]
[5] د. صلاح الدين عامر، المرجع السابق، ص5.
[6]
[6] نشأ قانون التنظيم الدولي مع نشأة المنظمات الدولية في أواخر القرن الماضي، بخلاف القانون الدولي العام التي ترجع جذوره التاريخية إلى العصور القديمة.
[7]
[7] جان بيكته؛ القانون الدولي الانساني تطوره ومبادئه، معهد هنري دونان، جنيف 1984، ص7-8.
[8]
[8] سنتوسع في مصادر القانون الدولي العام في المحور الثالث والأخير من هذه المحاضرات.
[9]
[9] اعتمدت من قبل مؤتمر الأمم المتحدة بشأن قانون المعاهدات الذي عقد بموجب قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2166 المؤرخ في 5 كانون الأول/ديسمبر 1966، ورقم 2287 المؤرخ في 6 كانون الأول/ديسمبر 1967، وقد عقد المؤتمر في دورتين في فيينا خلال الفترة من 26 آذار/مارس إلى 24 آيار/مايو1968 وخلال الفترة من 9 نيسان/ابريل إلى 22 آيار/مايو 1969، واعتمدت الاتفافية في ختام أعماله في 22 أيار/مايو 1969، وعرضت للتوقيع في 23 أيار/مايو 1969، ودخلت حيز النفاذ في 27 كانون الثاني/يناير 1980.
[10]
[10] ظهرت مجموعة من النظريات التي فسرت نشأة الدولة منها:
نظرية الألهية: يرجع أصحاب هذه النظرية نشأة الدولة إلى الله تعالى، الذي اختار لها كذلك حكاما ليديروا شؤونها؛
نظرية القوة: يرى أنصار هذه النظرية أن الدولة قد نشأت من خلال سيطرة الأقوياء على الضعفاء؛
النظرية الطبيعية: تقوم على الطبيعة الاجتماعية للإنسان الذي لا يستطيع العيش منعزلا عن الجماعة التي لها قيادة أو سلطة؛
نظرية العقد الاجتماعي: ومفادها أن الشعب قد أبرم عقدا اجتماعيا مع الحكام يتقبل فيها حكمهم مقابل تلبيتهم حاجاتهم الأمنية وتنسيق علاقاتهم مع بعضهم البعض.
[11]
[11] يقصد بالسكان كلا من المواطنين الحاملين لجنسية الدولة وحتى الأجانب الذين يقيمون على اقليم تلك الدولة.
[12]
[12] الحدود الطبيعية: كوجود جبال أو أنهار تفصل بين الدول؛ حدود صناعية: كوضع علامات من أبراج أو أسوار أو أعمدة أو خلافه؛ حدود وهمية: أو متصورة مثل خطوط عرض أو طول … الخ .
[13]
[13] لا ينبغي أن تكون هذه السلطة مندمجة أو تابعة لوحدة سياسية أخرى، فالولاية في الدول التي تتكون من ولايات متعددة لا يتوافر لها وصف الدولة كالولايات الداخلة ضمن الولايات المتحدة الامريكية أو الجمهوريات السوفيتية في عهد اندماجها في الاتحاد السوفيتي السابق.
[14]
[14] وإن كان يمكن القول بأنه إقليم غير كامل الاستقلال.
[15]
[15] الذمة المالية : هي مجموع ما يكون للشخص من حقوق وإلتزامات مالية، و بإعتبار الدولة شخص قانوني لها ذمة مالية خاصة و من ثم فإن الحقوق والإلتزامات التي ترتبها تصرفات حكام الدولة باسمها ولحسابها لا تعود إلى الذمة المالية لهؤلاء الحكام ولكنها تكوّن حقوق وإلتزامات لحساب الدولة ذاتها.
[16]
[16] كما هو الحال بالنسبة لاعتراف الدول العربية بدولة فلسطين، وفي المقابل عدم اعتراف أغلبيتها بالكيان الصهيوني الغاصب.
[17]
[17] والمقصود بالمنظمات العالمية، تلك المنظمات التي يتم تأليفها بطريقة تسمح بانضمام أيه دولة اليها ما دامت هذه الدولة تتوافر فيها الشروط التي يتطلبها ميثاقها. بحيث يتم التعاون لتحقيق اهداف معينة ينص عليها ميثاق هذه المنظمة.
[18]
[18] للمزيد من التفصيل أنظر مختلف المراجع الخاصة بالقانون الدولي العام، لاسيما: د. حامد سلطان: القانون الدولي العام في وقت السلم، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 1965، د. عبد العزيز محمد سرحان، الإطار القانوني لحقوق الإنسان، في القانون الدولي العام، ط1، القاهرة، 1987؛ د. عز الدين فودة، مقدمة في القانون الدولي العام، القاهرة، 1987؛ د. أحمد أبو الوفا، الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة 1998؛ باللغة الفرنسية:
Voir notamment, P.M. DUPUY, droit international publique, Dalloz, 4ème éd., 1998, P. Daillier et A. Pellet, droit international public LGDJ, 6ème éd. 1999, Daniel Colard, les relations internationales de 1945 à nos jours, Armand Colin, 6ème èd, 1996 , pp. 355-360.
[19]
[19] د. عمر صدوق، المرجع السابق، ص 13 ـ 21.
[20]
[20] كما تنص المادة 9 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية الخاصة بتمثيل النظم القانونية الكبرى في العالم عند تشكيل هيئة المحكمة على أنه: “يجب أن يكون تأليف هيئة المحكمة كفيلا بتمثيل المدنيات الكبرى والنظم القانونية الرئيسية في العالم”.
[21]
[21] Fréderic Sudre, droit international et européen des droits de l’homme, Puf, 4ème éd., août 1999, pp. 412-420.
[22]
[22] Jean-Jaccques Gandini, op. cit, pp. 5- 18, voir également Peggy Hermann, L’existence d’une conception des droits de l’homme propre aux Etats musulmans, DEA de droit international, Faculté de droit de Montpellier I, 1999, p. 15.
[23]
[23] الطاهر حداد، امرأتنا في الشريعة والمجتمع، 1930، إعيد نشره في آذار/ مارس1998، صامد للنشر والتوزيع، تونس، محمد سعيد رمضان البوطي، المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، دار الفكر، دمشق، 1996.
[24]
[24] A. Lalande. Vocabulaire technique et critique de la philosophie, 9è édition, 1962, p.295.
[25]
[25] Nations Unies, rapport de la quatrième conférence mondiale sur les femmes Beijing (chine) 4-15 septembre 1995, para. 195 (d), p102.
[26]
[26] Ch .Delphy, Égalité, équivalence et équité : 1a position de l’Etat français au regard du droit international. Nouvelles questions féministes, vol. 1, n. 6, 1995, p.5
[27]
[27] Hafidha Chekir, Universalité et spécificité: autour des droits des femmes en Tunisie, communication présentée lors de la table ronde sur le libéralisme, républicain – les droits de la femme issue du foulard islamique, 21Novembre 2001, Université de Ferrara, Département des Sciences juridiques.
[28]
[28] أنظر د. أحمد أبو الوفاء، الحماية الدولية لحقوق الإنسان في إطار منظمة الأمم المتحدة والوكالات الدولية المتخصصة، المرجع السابق، ص 32 ـ 36.
[29]
[29] أحمد مسلماني، حقوق الإنسان في ليبيا حدود التغيير، دراسات حقوق الإنسان، رقم 1، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة 1999، ص 16-17؛ والعجلاني منير، عبقرية الإسلام في أصول الحكم، دار الكتاب الجديد، ط2 بيروت 1965، ص 35ـ38، أنظر كذلك:
Peggy Hermann, L’existence d’une conception des droits de l’homme propre aux Etats musulmans, DEA de droit international, Faculté de droit de Montpellier I, 1999, voir ***master@memoireonline.com
[30]
[30] لمراجعة قائمة الاتفاقيات الدولية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، أنظر الموقع الرسمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان:
Haut Commissariat aux droits de l’Homme,http://www.ohchr.org/french/contact.htm
[31]
[31] د.محمد الصادق العفيفي، الإسلام والعلاقات الدولية، الطبعة الثانية، دار الرائد العربي، بيروت لبنان، 1986، ص 6.
[32]
[32] Jean-Jacques Gandini, op. cit, p 6.
[33]
[33] من أصل 56 صوتا أو دولة عضو في منظمة الأمم المتحدة أنداك.
[34]
[34] تتمثل هذه الدول الممتنعة في كل من المملكة العربية السعودية وستة دول من الاتحاد السوفياتي سابقا، وأخيرا إفريقيا الجنوبية. ولقد رفضت المملكة العربية السعودية الاعتراف بهذا الإعلان متذرعة بعدة أسباب، من أهمها:
1. حماية الإسلام لحقوق الإنسان أقوى وأسمي وأشمل؛
2. القوة الإلزامية للشريعة الإسلامية ثابتة وللناس كافة دولا وأفرادا؛
3. التحفظ على بعض المواد المقررة لحقوق معينة كحق الإضراب؛ وتكوين النقابات، وإباحة الزواج والتبني وتغيير الدين… وما إلى ذلك من حقوق تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء.
[35]
[35] د. عمر صدوق، المرجع السابق، ص 103.
[36]
[36] أنظر النص الكامل للإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الموقع الرسمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان:
http://www.Unhcr.ch/udhr/lang/arz.htm
[37]
[37] د. عمر صدوق، المرجع السابق، ص 105.
[38]
[38] أنظر د. عبد العزيز محمد سرحان، الإطار القانوني لحقوق الإنسان، في القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص 114، د. محمد حافظ غانم، مبادئ القانون الدولي العام، ط. 3، دار النهضة العربية، القاهرة1972، ص558، د. عمر إسماعيل سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1991، ص153.
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
اسم الموضوع : محاضرات في القانون الدولي العام د. سرور طالبي
|
المصدر : القانون الدولي