فرح

عضو نشيط
إنضم
9 سبتمبر 2009
المشاركات
439
مستوى التفاعل
7
النقاط
18
كيف يجب أن يكون المحامي:
لينال المحاماة
ليس المحامي بالخصم الحقيقي وليس هو بطرف من أطراف النزاع وإنما هو وكيل عن طرف في النزاع، يتولى مهمة الهجوم حينا ومهمة الدفاع حينا آخر، وقد يكون وكيلا عن شخص في نزاع ثم يصبح ضده في نزاع آخر، وقد يصرع خصم موكله (اليوم) في دعوى يتولى مهمة الدفاع عنه غدا في دعوى أخرى.


ولها يتعين على المحامي إن لا يتقيد بواجبه تلقاء موكله فقط وإنما عليه أيضا إن يتقيد بواجبات المحاماة الأخرى التي لا محل فيها للخصومات الشخصية.
فلا يسيء للخصم بكلام ولا يجعل منه خصم حقيقي ولا يعامله الا بروح رياضية.


وان لا يسيء لكل من كانت له علاقة بالدعوى سواء اكان شاهدا أم خبيرا أم محاميا أم مدعيا عاما أم حكما، وان لا يسيء على وجه التخصيص لموكله ذاته وذلك برفع معنويات الموكل وان يفرج كربته ويقوي فيه الأمل والرجاء، والنبل هو حصيلة كل العلوم والآداب والفنون والمميزات والأخلاق التي يجب أن تتوفر في المحامي.
وإذا كان المحامي نبيلا في مزاولة فنه، (نبيلا) في أداء واجبه، فقد ادى رسالة المحاماة كاملة بشرف ونبل. وأن لا يكون رائده غير حمل الناس على احترامه وتقديره ولا مبتغى له غير مرضاة الله تعالى وليتذكر دائما النبل العظيم والمعنى السامي الذي انطوت عليه الآية الكريمة: (ادفع بالتي هي أحسن!! فإذا الذي بينك وبينه عداوة، كأنه ولي حميم!!)


الشجاعة: والشجاعة هبة عظيمة من هبات الله وصفة جميلة من صفات الرجولة وميزة خاصة من مميزات (الشخصية) وإذا كانت شجاعة القائد عنصرا أساسيا لتفوقه في القيادة وشجاعة الجندي عاملا من عوامل كسب المعركة وشجاعة التاجر في السوق باعث من بواعث نجاحه في تجارته، فما هي شجاعة ذلك الرجل الذي يقف وحده وسط معركة الرأي!! يعلن فيها رأيه ضد فئة وحزب أو شعب أو جور ولا سند له غير إيمانه بصدق دعوته ولا محفز له غير إخلاصه لربه ومبدئه وشعبه وبلاده ولا رائد له في هذا الموقف النبيل غير الفداء والتضحية إنما هو ليس بالشجاع فقط!! وإنما هو شجاع الشجاع!!


إن شجاعة الرأي ينبوع من ينابيع الخير والبركة وعامل من عوامل التفوق والنجاح وعنصر من عناصر العظمة والخلود. وان النفس الإمارة بالسوء فعلى المحامي إن يحاسبها الحساب العسير في كل ظرف وزمان وعليه إلا يطاوعها في التأثر بمال أو جاه أو خوف.


وعلى المحامي بعد دراسة القضية وتكوين فكرة كاملة عنها أن يواجه صاحب القضية بالحقيقة وان يكون شجاعا في مواجهة موكله معتمدا على ذلك بلجوئه لأسلوب الروية والإقناع والكلام الطيب والأسلوب النفساني، بحيث يخرج الزبون من مكتبه قانعا بوجهة نظره، راضيا مطمئنا أو على الاقل غير ناقم أو يائس.


والمحامي يدخل بامتحان عسير للتوفيق بين اداء واجبه في المحاماة وبين نجاته من ورطة الموقف وهنا تدخل مشكلة الشجاعة في مواجهة الخصم فقد يكون الخصم متنفذا في المجتمع او مشهور بالقدرة والكفاءة أو يحتل مكانا مرموقا او حاكم اتسم حكمه بالظلم فكل هذه الامور تعد تحصيل حاصل لظهور فضيلة الشجاعة لدى المحامي، الشجاعة التي لا تعرف الخوف والمساومة والزلفى.


فليكن رائدك التقدير والاحترام لنفسك وللخصام لان الخصام ذاتهم وبحكم تماسهم بالمحامين يعرفون الصالح منهم والطالح ويفرقون في المعاملة بينهما ويدينون بالاحترام للمحامي الشجاع ويحسون بالاحتقار للمحامي الوقح.


الاستشارات والعقود:
من عمل المحاماة ابداء الآراء القانونية دون تعقيب او مرافعة سواء اكان الرأي على شكل فتوى في موضوع معين أم كان جوابا على سؤال محدد ام كان على شكل استشارة قانونية في مطلق الامور المتصلة بالقانون ام كان على شكل عقد من العقود يقوم المحامي بتنظيمه.
فالاستشارة القانونية من الامور الدقيقة التي يمارسها المحامي فبعض الناس يحملهم الشك والتردد في القطع بأحرص الامور إلى ان يستعين برأي المحامي لازالة الشك والتردد والبعض يعتزم القيام بالتزام يخشى عواقبه القانونية.
ان الاستشارة خطيرة النتائج، فهي قد تكون سببا في الإقدام على امر خاطئ او ضار او العدول عن رأي كان صاحبه على صواب فيه. ولهذا يتعين على المحامي ان لا يعطي رأيه فيما استفتى فيه فورا وارتجالا وانما عليه ان يدرس القضية كما لو كان يدرس دعوى ثم يرجع للمستندات ان وجدت ويعود بعدها للقانون يستفتيه قبل ان يقدم هو فتواه.
كل فرد له طبيببه الخاص وله محاميه الخاص سواء بسواء... يستفتيه ويسأله الرأي بسلوك حضاري مهذب
واهمية المحامي كالطبيب.. كما ان هناك الطب الدوائي.. هناك الطب الوقائي.
فإذا كانت مهمة الأول العلاج مهمة الثاني تجنب المرض وتفاديه وما يصح قوله في الطب يصح في القانون إذ هناك الدعوى.. وهناك الاستشارة..
فالدعوى علاج.. والاستشارة وقاية..
الاستشارة خطيرة النتائج قد تكون سببا في الإقدام على امر او الإحجام عنه لهذا يتعين على المحامي إلا يعطي رأيه ارتجالا إنما عليه ان يدرس السؤال كما لو كان يدرس دعوى.. ثم يرجع إلى الوثائق ان وجدت.. ثم إلى القانون يستفتيه قبل ان (يتبرع) هو بفتواه.
بعض الزملاء يتطوعون بالإجابة على نحو (مسلوق) ظنا من هذا البعض ان الإجابة السريعة تزيد السائل قناعة بكفاءته وتوسع شهرته.
بتقديري هذا خطأ.. لأن السائل سرعان ما يستفتي سواه (مجانا أيضا) ويكشف التناقض في الإجابات.
ولا ننسى ان هناك ممن ابتلاهم الله بداء الأسئلة القانونية يوجهونها إلى كل محام يلتقون به مصادفة او اتفاقا.
(
وهات في أسئلة)
البعض من هؤلاء يرى توجيه السؤال الى المحامي في أوقات استجمامه وفترات راحته او من خلال لقاء عابر نوعا من المجاملة والتسلية ولا يدري هذا البعض ان ما يفعله (غلاظة) منه وإرهاقا للمحامي.
في هذه الحالة على المحامي ان يتحاشى العطاء الجواب موجزا او مختصرا وان يطلب من السائل زيارته في المكتب ليسمعه الجواب حتى ولو كان في حدود كلمة (نعم) او (لا) السبب ان الاستشارة لها مكزها القانوني وهي جزء من إعمال المحاماة فلا تجوز أهانتها بهدرها في الطريق العام او المقهى او في سيارة تكسي..
ثم على السائل ان يعرف حقا ان الاستشارة مصدر رزق فلا يجوز ان يبيحها لنفسه بلا مقابل او اتعاب.


وبالنسبة للعقود فليس من السهل تنظيم العقود فالدعاوى الحقوقية باستثناء العقود الشفوية تقوم كلها على العقود والعقد هو حجرالاساس في كيان الدعوى والعقد فن خاص من فنون المحاماة يحتاج لمهارة خاصة في تفهم مراد الطرفين وقدرة الموازنة بين مصلحتيهما حسب القانون.


ويجب عندما يهم المحامي بتنظيم عقد من العقود يجب مراعاة النقاط التالية:
1-
لما كان العقد ارتباطا ينظم مصلحة طرفين على أساس متوازن فينبغي ملاحظة الحقوق المتقابلة بحيث لا يرهق احد الطرفين، ولا يكون الغنم لأحدهما، والغرم للآخر.


وباعتبار العقد من مرتبات القانون المدني فيجب الرجوع لاحكام القانون المدني في العقد وتطبيقها تطبيق كامل، ومراعاة الدقة في مقدمة العقد بحيث يتضح للوهلة الأولى مراد الطرفين دون زيادة او نقصان وان يراعي الإيجاز الكامل في القول وان لا يهمل ذكر محل تنظيم العقد وان لا يفضل عن تحديد الضمان الذي يتفق عليه الطرفان وعليه أيضا ان يعين مصير العربون ان وجد وان يذكر كذلك لزوم الإنذار من عدمه، إما بالنسبة للمرافعة ذلك النضال العلمي الذي يستخدم في المحامي كل إمكانياته بمصارعة الخصم ومصارعة الحاكم والشهود والخبراء والادلة ليفوز آخر الأمر ويكسب الجولة فما أشقها؟
من اجل ذلك كانت المرافعة بحرا كبحر المحاماة ذاتها بعيد الشاطئ عميق الغور دائم الأمواج.
فما احلى المرافعة عندما يكون المحامي في موقف قوي يصول فيه ويجول من حجج بالأسئلة المنوعة سلاح العلم والفن وسلاح اللسان والبيان.
وما أمرها عندما يكون المحامي في موقف ضعيف عندما لا يكون الحق بجانبه وعندما تخونه سلامة المنطق ودامغ الحجة وشجاعة الرأي.
فيجب على المحامي الرجوع للكتب العلمية وصنوف القوانين وشروحها واجتهادات القضاء عليه ان يتدجج بالأسلحة الاحتياطية دون ان يتعكز على عكاز الضعفاء وهي استمهل للجواب، عليه ان يعلم ان السلاح الأهم من أسلحة المعركة هو القلم فعليه ان يدرس الأدب وان يكتب ثم يكتب ثم يكتب، وعليه ان يعلم ان ضبط النفس في المرافعة كضبط النفس في الحرب فليحذر الاستفزاز بأمر تافه او سخيف.
فالإمراض كثيرة ومتنوعة وهي حتى إذا اتحدت في النوع اختلفت في الظروف والإعراض والاختلاط والآلام ولك منها طريقة خاصة للفحص وأسلوب معين للمعالجة.
والغرض الأساسي من المرافعة هو الاقناع!. إقناع الحاكم بصواب الموقف وإبراز الفكرة واضحة الحق والمعالم والقسمات. والمحامي الحاذق هو الذي يعرف كيف يدرس القضية ويهيئ حلها وكيف يتفنن لنوال الفوز في المعركة.
والمرافعات تقسم لصنفين أساسيين تبعا لماهية القضايا، فالأول يتناول المرافعات في القضايا الحقوقية والثاني يتناول المرافعات في القضايا الجزائية.
وبالنسبة للدعاوى التي يقبلها المحامي والدعاوى التي يرفضها.
فهذا بحث واسع دقيق للغاية لا قواعد له مكتوبة ولا ضوابط مرسومة لكن الضابط الرئيسي له هو الوجدان فمن البديهي القول ان المحامي ليس في مقدوره ان يسبر غور الموكل ويغوص باعماقه وليس بمقدوره كذلك ان يقرر من دراسة الأوراق والوثائق واستعراض الوقائع انه قد توصل للحقيقة!! فقد تكون الحقيقة محتجزة وراء ستار كثيف، ولكن المطلوب من المحامي عمله في تحريه عن الحقيقة بعد الدرس والاستقصاء والتأمل.
وبالنسبة للدعوى الحقوقية، فان كانت صفة الموكل فيها (مدعي) جاز للمحامي التوكل فيها على ضوء الحقيقة التي توصل إليها.. إما ان طلب الموكل إليه العمل على خلاف ذلك امتنع عليه آنذاك التوكل فيها، إذ يصبح في هذه الحالة مسخرا لتنفيذ رغبات الموكل خلافا للحق الذي بانت له معالمه وخلافا للقناعة التي توفرت له.
إما إذا كانت صفة الموكل فيها مدعى عليه واقتنع المحامي بصدق موقفه وسلامة وضعه جاز للمحامي أيضا التدخل في الدعوى والخوض فيها على الأساس الذي تم التفاهم عليه.
إما إذا طلب الموكل إليه ان يسير في دفع الدعوى على أساس باطل او مغاير للحقيقة فعندئذ لا يجوز له التوكل فيها... وان هو سار فيها على الأساس الصحيح ابتداء ثم حال الموكل بعدئذ للباطل وعمد إلى الزوغان عن الحق فعليه ان ينسحب من الدعوى حفاظا على امانة المحاماة.
وخير سبيل لانسحاب المحامي هو ان لا يعلن عن رغبته في الانسحاب في المحكمة ويكون آنذاك في حرج!! وانما يفاتح بذلك موكله ويطلب إليه ان يتولى هو مهمة الدعوى بالشكل الذي يشاءه.
وبالتالي فهذا الموضوع دقيق للغاية، والدقة فيه تأتي من ظروف وملابسات قد لا تدع للقانون او للمنطق او للقناعة محلا!
 

المواضيع المتشابهة

أعلى