زهرة اللوتس

عضو متألق
إنضم
24 أكتوبر 2010
المشاركات
852
مستوى التفاعل
25
النقاط
18
الإقامة
الجزائر
رد: طلب بحث حول الواقعة القانونية من فضلكم

شرح الواقعة القانونية

الواقعة القانونية بالمعنى الاخص:

المراد بها الحادثة التي يرتب القانون اثرا على ذات حدوثها، سواء حصلت عن قصد ام لا كالبناء والموت. ويقابل الواقعة بهذا المعنى التصرف القانوني الذي يعرف: بالارادة المتجهة إلى احداث اثر قانوني معين كالعقود والايقاعات. ومعنى ذلك ان القانون لايرتب الاثر على ذات العقد او الايقاع بما هو وفي نفسه، وانما يرتبه عليه عندما يكون نابعا عن ارادة وقصد طرف العقد او الايقاع فيهما، وان ربما اوهمت العبارة ترتيب الاثر على ذات الارادة اليهما وان لم يحصلا. وهذا المعنى من الواقعة القانونية غير مراد هنا. الثاني: الواقعة القانونية بالمعنى الاعم: ويراد بها كل واقعة يترتب عليها اثر قانوني، سواء كان هذا الاثر مما يترتب على وقوع نفس الواقعة، او على الوقوع النابع عن الارادة فتشمل الواقعة القانونية بالمعنى الاخص والتصرف القانوني ايضا، وهو المعنى المقصود في التعريف. والتقييد بالواقعة القانونية في التعريف الثاني إشارة إلى ان الاثبات هل يكون على الواقعة التي يثبت بموجبها حق قانوني ام على نفس الحق؟

توضيح ذلك: ان الاثر المراد ترتبه على الواقعة القانونية يتوقف على امور: الاول: ثبوت الحق في القانون. الثاني: اقامة الدليل على الواقعة القانونية المراد اثبات الحق بها. الثالث: انتزاع الحق والاثر من الواقعة القانونية، اي تقييم مصدرية الواقعة للحق والاثر القانونيين بمعنى استفادة الحق ‏صغرويا من الواقعة ليكون مصداقا للحق الكلي الثابت في القانون. الرابع: تقييم الادلة المقامة من قبل المتخاصمين لاثبات الحق مباشرة او بواسطة الواقعة على المذهبين.

والظاهر ان الاول تكفله القانون، اعني الجهة والجهاز التشريعي، والثاني المتخاصمان، واما الثالث والرابع فبعهدة القاضي وان ساهم المتخاصمان في انضاج تقييمه ومحاولة تقريب الصورة التي تصب في صالح كل منهما اليه. وبين اقامة الدليل على الواقعة مصدر الحق، واقامته على الحق ذاته فرق يتجلى في دمج الامرين الثاني والثالث، واناطتهما بالمتخاصمين على فرض كون الحق هو محل الاثبات، فالدليل انما يقام من المتخاصم على الحق نفسه، وتشكل الواقعة طريقا لاثباته للغير، في حين يتم التفكيك بينهما على القول الاول، اعني كون اقامة الدليل على الواقعة القانونية. وحينئذ فيكون مورد الاثبات الوقائع الخارجية لا غير، واما التقييمات النظرية فتعود للقاضي نفسه. لكن تقييد التعريف الثاني بكون محل الاثبات هو الواقعة القانونية وان ربما وافق الحيثيات المتخذة اساسا في استقلالية القضاء، وناسب وظيفة القاضي كمطبق للقواعد الكلية الواردة في باب القضاء خصوصا، وفي الفقه والاصول عموما على القضية المتنازع فيها، الا انه يؤدي جزما إلى خروج اقامة الدليل على حق لم يتناوله القانون عن الاثبات المصطلح بحسب التعريف المذكور هنا، بل عن حوزة القضاء فيما يرتبط بالامر الاول اعني ثبوت الحق في القانون، كما يسلب القاضي والمتخاصم معا القدرة على الحكم واقامة الدليل على الحق القابل للاثبات بكلي الواقعة الجامع بين فردين من الوقائع الخارجية او أكثر لا يمكن اثبات احداها على وجه الخصوص، كما لو شهد شاهد على وقوع تحايل من شخص في واقعة، وشهد آخر على وقوع تحايل آخر من نفس الشخص في واقعة اخرى غيرها، فان كلي التحايل يمكن اثباته بالشهادتين، واما كل من واقعتي التحايل فلا يمكن اثباتها، وبذلك تخرج القضية عن قابليتها للاثبات. اللهم الا ان يقال بان المراد بالواقعة القانونية ما يشمل الواقعة الكلية الجامعة بين فردين او أكثر من الوقائع الخارجية، لكن الظاهر انه ليس بمراد. نعم، ربما يراد بالحقيقة في التعريف الاول الحقيقة بالنسبة إلى الواقعة الخارجية، اي حقيقة وقوع الحادثة المعينة في الخارج، فيتفق مع التعريف الثاني. ومرجع كل هذه التقييدات إلى مذاهب ثلاثة في القضاء هي: القضاء الحر، والقضاء المقيد، والقضاء المختلط.

وما يتراءى لنا بدوا ان التعريف الاول اقرب إلى فقهنا، وان كان لنا عليه انه لم يفرق بين الاثبات القضائي وغيره اولا، وانه لم يعرف الاثبات بما له من المعنى المصدري، بل هو تعريف لمجموع الهيئة الحاصلة من الفعل التدريجي (المصدر) المساوق لمعنى اسم المصدر، وذلك لكون الواقع موقع الفصل المنطقي في التعريف نتيجة الاثبات واثره، وهو ما لا يترتب الا على مجموع الفعل ثانيا. من له الحق في الاثبات: يوجد في القانون وكذا الشرع تعرض لامرين: احدهما يتعلق بمن له الحق في الاثبات، والاخر بمن عليه يقع عب‏ء الاثبات. والكلام هنا منعقد لبيان الامر الاول، فهل يعطي الشرع او القانون الحق لاحد الطرفين او كليهما في الاثبات؟ وعلى فرض كونه حقا لاحدهما فقط فهو من حق اي منهما؟ الجواب عن هذين السؤالين ينحل إلى بحثين: الاول في ثبوت حق الاثبات للمدعي، والثاني في ثبوته للمنكر. الاول: ثبوت حق الاثبات للمدعي: صرح السنهوري في الوسيط ان الاثبات حق المدعي قانونا فقال: «على الخصم ان يثبت ما يدعيه امام القضاء بالطرق التي بينها القانون، فموقفه في الاثبات موقف ايجابي. وليس هذا واجبا عليه فحسب، بل هو ايضا حق له، فللخصم ان يقدم للقضاء جميع ما تحت‏يده، او ما يستطيع ابرازه من الادلة التي يسمح بها القانون تاييدا لما يدعيه، فان لم يمكنه القاضي من ذلك كان هذا اخلالا بحقه، وكان سببا للطعن في الحكم بالنقض‏».

وكلامه هذا مطلق يشمل صورة ما اذا علم القاضي حقيقة الامر ام جهله، مع ان من اللازم التقييد بصورة الجهل فقط بناء على جواز قضاء القاضي بعلمه، وانه احد طرق الاثبات، بل له ان يرفض الدعوى اساسا لو حصل له العلم ببطلانها، فضلا عن منعه المدعي من اثباتها.

لكن سبب عدم تقييد السنهوري ذلك ربما يعود إلى مرتكزاته ومبانيه الذاهبة إلى عدم عد علم القاضي من الادلة، او إلى انه بصدد الاثبات الجاري في القانون المدني المصري القائم على التقييد. والقول بالتفصيل بين صورتي علم القاضي وجهله هو مذهب علماء الشيعة الامامية حيث قالوا بعدم الحاجة إلى البينة والاقرار واليمين وغيرها من وسائل الاثبات عند حصول العلم للقاضي بحقيقة الامر. قال الحلبي في الكافي: «علم الحاكم بما يقتضي تنفيذ الحكم كاف في صحته، ومغن عن اقرار وبينة ويمين، سواء علم ذلك في حال تقلد الحكم او قبلها...» ثم ساق ادلته على ذلك. بل صريح كشف اللثام، والجواهر، انه قطعي اي مسلم لا يشك فيه منهم شاك، وان نقلت عن ابن الجنيد المخالفة، واما في حقوق الله فلم يخالف فيه الا قلة، بل في الانتصار والخلاف والغنية وظاهر السرائر الاجماع عليه.

قال في الجواهر: «وغيره [= الامام] من القضاة يقضي بعلمه في حقوق الناس قطعا، وفي حقوق الله تعالى على قولين، اصحهما القضاء». واما مع جهله بالحقيقة فيجب على الحاكم الرجوع إلى طرق الاثبات الاخرى المعتبرة في الشريعة، وفسح المجال للخصم لاقامتها، والا كان قضاؤه بغير علم، وحكمه بغير ما انزل الله تعالى، وقد ردعت عنهما آيات وروايات كثيرة. منها: قوله تعالى: (ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون) او (الظالمون) او (الفاسقون). ومنها: روايتا ابي بصير عن ابي جعفر(ع) وابن ابي يعفور عن ابي عبدالله(ع) قالا: «من حكم في درهمين بغير ما انزل الله (عز وجل) ممن له سوط، او عصا فهو كافر بما انزل الله(عز وجل) على محمد(ص)». لكن الوجوب المذكور وان ثبت‏حكما بحق القاضي، لكن اثبات كونه حقا للمدعي يحتاج إلى دليل. وقد اثبته بعض الاصحاب قدامى، ومتاخرين، ومعاصرين، منهم الشيخ في المبسوط، والمحقق في الشرائع، والعلامة في القواعد، والگلپايگاني في كتاب القضاء. قال الشيخ الطوسي: «فاذا قال [ الحاكم] الك بينة لم يخل من احد امرين: اما ان لا يكون له بينة او له بينة. فان لم يكن له بينة عرفه الحاكم ان لك يمينه. فاذا عرف ذلك لم يكن للحاكم ان يستحلفه بغير مسالة المدعي لان اليمين حق له، ... فان كانت له بينة لم يخل من احد امرين: اما ان تكون حاضرة او غائبة، فان كانت‏حاضرة لم يقل له الحاكم احضرها لانه حق له، فله ان يفعل ما يرى. فاذا حضرا لم يسالهما الحاكم عما عندهما حتى يساله المدعي ذلك، لانه حق له، لئلا يتصرف فيه بغير امره...». وقال العلامة في القواعد: «اذا سال الحاكم المدعي بعد الانكار عن البينة وذكر ان له بينة لم يامره باحضارها لان ذلك حقه، وقيل: له ذلك، فان جهل قال له: احضرها ان شئت، فاذا احضرها لم يسالها الحاكم حتى يساله المدعي ذلك لانه حقه فلا يتصرف فيه من غير اذنه...». وقال السيد الگلپايگاني(رحمه ‏الله) في مسالة اعراض المدعي عن البينة وطلب اليمين ما نصه: «في المسالة قولان: والاقوى هو الجواز جاي جواز سماع بينة المدعي بعد حلف المنكرج وفاقا للمحقق وغيره خلافا للشيخ. ووجه التردد عند المحقق هو التامل في ان اقامة البينة حق للمدعي او انه حكم شرعي، ولو كان حقا فهل هو من الحقوق القابلة للاسقاط او لا؟ والظاهر انه حق لا يقبل الاسقاط‏». لكن يظهر من جملة آخرين منهم عدم كونه حقا في البينة، منهم الشيخ المفيد والحلبي ‏وسلاروابن زهرة والعلامة في التحرير. قال الشيخ المفيد: «وان انكر المدعى عليه ما ادعاه المدعي ساله: الك بينة على دعواك؟ فان قال: نعم، هي حاضرة، نظر في بينته، وان قال: نعم، وليست‏حاضرة، قال: احضرها ... فان قال المدعي: لست اتمكن من احضارها او قال: لا بينة لي عليه الان، قال له: فما تريد؟ فان قال: لاادري، اعرض عنه. وان قال: تاخذ لي بحقي من خصمي، قال للمنكر: اتحلف له؟ فان قال: نعم اقبل على صاحب الدعوى فقال قد سمعت افتريد يمينه؟ فان قال: ... نعم، اريد يمينه، رجع اليه فوعظه ... وان حلف فرق بينهما...». فانه جوز ان يامر القاضي المدعي بالاحضار وان ينظر في البينة دون سؤاله مع انها وسيلة اثبات، فلو كان الاثبات حقا له لم يتصرف فيه الا باذنه كما استدل به اصحاب الراي الاخر. وعبارات باقي من تقدم ذكرهم كذلك. واما في الاستحلاف فلم يخالف احد في وجوبه استيذان القاضي من المدعي وانه حق له بل ادعى في المسالك والرياض الاتفاق عليه لسقوط الدعوى به. واضطربت عبارة صاحب الجواهر، ففي الاحضار جزم بعدم وجوبه على المدعي معللا بامكان ارادته اليمين وجواز اسقاط الدعوى من اصلها، وفي سؤال الحاكم البينة الحاضرة احتمل كونه حقا للحاكم فلا يتوقف على الاذن مطلقا، وفي مسالة الاعراض جزم بجواز رجوع المدعي بعد الحلف، معللا باطلاق حجية البينة. فان من الواضح ان الاحضار للبينة ليس الا لاداء الشهادة، فان كان اداء الشهادة حق القاضي كما احتمله في سؤالها كان له استيفاؤه وامر المدعي باحضارها لتوقفه عليه، وان كان حق المدعي كما يستفاد من تعليله عدم وجوب الاحضار لم يحتمل ذلك. كما ان الاعراض لا علاقة له بحجية البينة فانها لا تثبت الا جواز العمل بمضمونها لو جازت الاقامة، وانما الكلام في جواز اقامتها للمدعي بعد الاعراض عنها المتفرع على كونه حقا له على القاضي ام لا؟ فان كان حقا له فقد اسقطه بالاعراض عنه بناء على مسقطية الاعراض للحقوق، واثباته له يحتاج إلى دليل، وان كان حكما شرعيا لم يؤثر اعراضه الاسقاط فيجري لو لم يقل بتغير موضوعه. وقريب منه ما في كتاب (اسس القضاء والشهادة) فقد التزم في الاحضار بعدم الوجوب ايضا، لانه من باب استيفاء الحق وليس بواجب، وفي السؤال عنه من طلب الشهادة وقال انه لم يثبت كونه حقا للمدعي، وكذا في مسالة الاعراض عد جواز اقامة البينة حكمي لا حقي، وجوابه عين ما تقدم في جواب صاحب الجواهر. وكيفما كان، فالظاهر ان الاثبات حق المدعي، اذ يمكن الاستدلال له بعدة ادلة، لكن لا باس -قبل التعرض للادلة ان نذكر مقدمة لا يخلو ذكرها من فائدة هي: ان ما نريد الاستدلال له في المقام هو اصل الاثبات فلا يجري البحث هنا عن وسيلة معينة من وسائل الاثبات، ولا حتى عن جواز تخير المدعي لبعضها اولا، وعن كونه حقا للمدعي، له استعماله والاعراض عنه ثانيا، وعن كون من عليه الحق هو القاضي فيجب عليه فسح المجال للمدعي لاستعمال حقه، والا كان عمله اخلالا باصول المحاكمة، وسببا للطعن في الحكم الصادر منه ثالثا. والادلة على ما ذكرنا هي: الاول: التمسك بالروايات التي اسندت امر وسيلة الاثبات إلى المدعي: منها: صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما(عليهماالسلام) -في الرجل يدعي ولا بينة له قال: «يستحلفه، فان رد اليمين على صاحب الحق فلم يحلف فلا حق له‏». والاستدلال بها يتركب من مقدمتين: المقدمة الاولى: ان ظاهر عود الضمير المستتر في «يستحلفه‏» على‏المدعي يدل على ان الاستحلاف حق له، اذ لو كان حقا للقاضي او حكما شرعيا لكان المنوط باستعماله او اجرائه القاضي نفسه، لانه حقه على الفرض الاول، وانه الموظف بتطبيق الاحكام المرتبطة بالقضاء على الفرض الثاني. وجعل التصريح بمن ترد عليه اليمين -وهو صاحب الحق قرينة على كون الضمير المستتر عائدا على الحاكم والا لاضمر بالقول «فان رد اليمين عليه‏» يمكن الجواب عنه بان التصريح في مورد يجوز فيه الاضمار ليس بقبيح مع بعد الاسم المعاد عليه، وتعدد الضمائر قبله، ووقوع الفصل بينه وبين ما يعود عليه بضمير آخر، مضافا إلى صيرورته متصيدا لعدم التصريح بلفظ الحاكم في الرواية لا قبل لفظ «يستحلفه‏» ولا بعده. المقدمة الثانية: تعميم الحق الثابت للمدعي في المقدمة الاولى بالاستحلاف إلى كل وسيلة معتبرة في الاثبات القضائي، وذلك بان يقال ان سؤال السائل كان عما يمكن ان يفعله المدعي لاثبات حقه حيث لا يظفر ببينة على مدعاه كما يقتضيه قوله: في الرجل يدعي ولا بينة له، فهو بصدد السؤال عما يصلح للاثبات بوسيلة غير البينة عند عدمها، وناظر إلى حيثية الاثبات. ومقتضى اصل المطابقة بين السؤال والجواب ان يكون جواب الامام بصدد تلك الحيثية ايضا، فيكون اناطة الاستحلاف بارادة المدعي لا بما له من الخصوصية، بل بما هو وسيلة للاثبات، وان الاثبات هو الملحوظ اولا وبالذات. وبذلك يثبت ان امر الاثبات بيد المدعي، وانه حقه. ونظير هذا الاستدلال يجري في صحيحة ابن ابي يعفور الاتية ومرسلة ابان، عن رجل، عن ابي عبدالله(ع)، بناء على قراءة «يستحلف‏» الواردة فيها للمعلوم، لكن الاخيرة ضعيفة بالارسال، وكذا روايتا خضر النخعي، وعبدالله بن وضاح. الثاني: التمسك بما دل على الاستشهاد من آيات وروايات وهي كثيرة. منها: قوله تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامراتان ممن ترضون من الشهدآء) بتقريب ان الاثبات لو لم يكن حقا للمدعي بمعنى ان له مطالبة القاضي به، وعلى القاضي سماع شهوده، لم يترتب الاثر المقصود من الاستشهاد حينئذ وكان ايقاعه لغوا. ويمكن تعميمه إلى غير الاستشهاد من وسائل الاثبات بنفس الوجه المتقدم في الدليل الاول. فان قيل: يكفي فائدة للاستشهاد تمكن المدعي من اقامة البينة لو سمح بها القاضي. قلنا: تلك فائدة غير معلومة التحقق وطلب الاستشهاد بهذه الكثرة تعويلا عليها بعيد غايته. لكن هذا الاستدلال انما يتم عند دوران الامر بين كون الاثبات حقا للمدعي او حقا للقاضي. واما لو فرض كونه حكما شرعيا فيكفي في عدم لغوية طلب الاستشهاد ان المدعي يمكنه اقامة الشهادة على فرض عمل القاضي بالحكم، وبدونه يكون للمدعي الحق في الطعن في الحكم، ومع ذلك فانه لا يستلزم القول بكونه حقا له بحيث‏يترتب عليه اثر السقوط بالاسقاط. الثالث: موثقة اسحاق بن عمار عن جعفر بن محمد، عن ابيه(عليهماالسلام): «ان رجلا استعدى عليا(ع) على رجل فقال: انه افترى علي، فقال علي(ع) للرجل: افعلت ما فعلت؟ قال: لا، ثم قال للمستعدي: الك بينة؟ فقال: ما لي بينة فاحلفه لي، فقال علي(ع): ما عليه يمين‏». فان ظاهر طلبه الاحلاف من الامام(ع) واقرار الامام له على ذلك ان له الحق في الاحلاف. ويمكن تعديته إلى ما سوى ذلك من وسائل الاثبات بنفس البيان المتقدم في الدليل الاول ايضا. ونفي الامام(ع) وجوب اليمين عليه سببه كونه من الحدود، وسياتي ان الحدود لا تثبت باليمين. وبهذا النحو من الاستدلال يمكن الاستدلال برواية العلاء بن سيابة، عن ابي عبدالله(ع). الرابع: التمسك بالارتكاز المركب من العقلائي والمتشرعي، والاستدلال به يقع في مقدمتين: المقدمة الاولى: لا اشكال في انه يجب على القاضي سماع دعوى المدعي، والسماح لبينته لادلاء وسماع شهادتها، وتحليف المنكر مع طلب المدعي عند عدم وجود البينة، وغير ذلك من الاحكام الواردة في كيفية القضاء، وذلك ثابت بادلته اللفظية واللبية. كما ان من الواضح ان تشريع هذه الاحكام انما كان بداعي بل بملاك احقاق حق الناس، وهذا ثابت بالارتكاز المتشرعي. المقدمة الثانية: واذ كان للمدعي الحق في المطالبة بحقه وتركه لقاعدة تسلط الناس على حقوقهم كاموالهم وانفسهم، كان له الحق في المطالبة بالاثبات وتركه، لان الفرع يتبع الاصل، والملاك يقيد الحكم ثبوتا وعدما وسعة وضيقا، وهذا ثابت بالارتكاز العقلائي. فيثبت ان الاثبات بيد المدعي، يجوز له اعماله وتركه وهو معنى الحق لان المراد بالحق ما كان كذلك. لكن هذا الدليل غير تام، لانه ان اريد بالملازمة تقييد الحكم بوجوب سماع بينة المدعي وتحليف المنكر له بمطالبة المدعي بحقه فهذا صحيح، لكنه لايثبت الا ارتفاع الوجوب عند عدم مطالبته، وثبوته عند المطالبة، ولا يثبت ان الاثبات حق للمدعي، بل هو حكم شرعي معلق على مطالبته بحقه. وان اريد ان احقاق الحق كما لا يكون واجبا عليه لامكان الانصراف عن حقه بمقتضى السلطنة، فكذا يمكنه الانصراف عن الاثبات، فلا يكون واجبا عليه فهذا صحيح ايضا، لكن نفي الوجوب عنه لا يعني بالضرورة كونه حقا له بل حكما بالجواز. الخامس: التمسك بالارتكاز المتقدم، لكن بتقريب مركب من مقدمتين ايضا هما: المقدمة الاولى: ان وجوب سماع دعوى المدعي والسماح لبينته لادلاء وسماع شهادتها وتحليف المنكر مع طلب المدعي وغير ذلك انما جعلت على الحاكم اما رعاية لمصلحة المدعي استنقاذا لحقه، او لمصلحة من يدعي ان الحق له من المدعي والمنكر، او لمصلحة صاحب الحق الواقعي المحتمل الانطباق على كل منهما تغليبا لقوة الاحتمال، والمدعي داخل على جميع التقادير، وهذه المقدمة ثابتة بالارتكاز المتشرعي. المقدمة الثانية: ان كل ما جعل كذلك فهو وجوب حقي منوط بارادة صاحب الحق، يجب عند طلب صاحب الحق حقه، ويرتفع وجوبه مع تركه، وهذا ثابت بالارتكاز العقلائي. فيثبت ان الاثبات حق للمدعي. وقد يستدل على ان الاثبات حق للمدعي بما ورد في صحيحة ابن ابي يعفور عن ابي عبدالله(ع) قال: «اذا رضي صاحب الحق بيمين المنكر لحقه فاستحلفه، فحلف ان لا حق له قبله ذهب اليمين بحق المدعي، فلا دعوى له‏». قلت له: وان كانت عليه بينة عادلة؟ قال: «نعم...» بتقريب ان حكم الامام(ع) بذهاب اليمين بحق المدعي على الفرض المذكور يقتضي صحته، وظاهر اناطة الحكم برضى صاحب الحق ان الاثبات حق له، والا لزمه تقديم البينة وان رضي باليمين بدلا عنها. لكن هذا الاستدلال مخدوش، بان غاية ما يثبته: ان للمدعي الحق في ان يتخير من طرق الاثبات ما يمكنه من اثبات دعواه، ولا يدل على ان اصل الاثبات حق له او يستلزمه. الثاني: ثبوت حق الاثبات للمنكر: وكما اثبت القانون حق الاثبات للمدعي كذلك اثبته للمنكر ايضا فاجاز له ان يقيم البينة او الوثيقة الكتابية التي تثبت براءته من التهمة الموجهة اليه، قال السنهوري في الوسيط: «كل دليل يتقدم به الخصم لاثبات دعواه يكون للخصم الاخر الحق في نقضه واثبات عكس ما يدعيه الخصم‏». واما في الفقه فقد حكى في كتاب (القضاء في الفقه الاسلامي) نسبة عدم جواز ذلك للمشهور استنادا منهم إلى ان دليل «البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه‏» حكم شرعي اثبت البينة حجة للمدعي في اثبات دعواه، واليمين حجة للمنكر في نفيها. ومع وجود البينة على دعوى المدعي لاتصل النوبة إلى حجة المنكر، فيتحقق موضوع الحكم عند الحاكم فيحكم به. واما مع عدم وجود البينة المثبتة لدعوى المدعي فما يقبل من المنكر يمينه وان كانت له بينة، ومعنى ذلك عدم تمتع بينة المنكر بادنى قيمة واعتبار. لكن هذا انما ينسجم مع تفسير حديث «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه‏» بانه بصدد جعل ما هو حجة في القضاء، فينحصر ما يثبت دعوى المدعي ويحقق موضوع الحكم لصالحه للقاضي بالبينة، وينحصر ما ينفي به المنكر دعوى المدعي ويحقق موضوع الحكم لصالحه للقاضي باليمين بعد استفادة الانحصار اما من جهة اللام لكونها موضوعة للاستغراق او التعريف ولو للجنس على الاختلاف بين اللغويين، او من جهة التفصيل القاطع للشركة. وهذا الكلام غير تام، فان الظاهر من لفظة «على‏» الواردة في الحديث الشريف ارادة المطلوبية، فاذا فرض كون الحديث قد سيق مساق الحصر كان المحصور هو موضع المطالبة وهو المدعي، وذلك لجعل عموم البينة او جنسها او خصوص البينة مطالبا به المدعي، وعموم اليمين او جنسه او خصوص اليمين مطالبا به المنكر، فيكون مفاد الحديث: ان كل البينة مطلوبة من المدعي دون غيره، وان كل اليمين مطلوب من المنكر دون غيره، وينعكس بعكس النقيض إلى ان غير المدعي لا يطالب بالبينة، وغير المنكر لايطالب باليمين. وليس وجه المطالبة وعدم المطالبة متعين في قصور غير البينة عن اثبات دعوى المدعي مما يعني عدم حجيته في باب القضاء، ولا قصور غير اليمين عن اثبات دعوى المنكر كذلك كما يظهر من الاشتياني في قضائه، فقد يكون الوجه ذلك كما قد يكون الوجه التخفيف عن المثبت كما في المنكر حيث طلبت اليمين منه تخفيفا كما هو صريح رواية العلل. والظاهر ان الشارع لم يورد المطلوب في الحديث مورد التعبد، وانما اورده مورد التحديد لما يكتفى به في الحكم بعد فرض كونه حجة شرعية في غير القضاء، وذلك لنكتة التخفيف في الشق الثاني المركوزة في اذهان المتشرعة. فيكون كل من البينة واليمين حدا ادنى لما يكتفى به في الحكم لصالح المدعي والمنكر بعد تسرية نكتة الحدية للشق الاول بوحدة السياق. وعلى هذا فلو قدم المدعي حجة شرعية اقوى من البينة كالدليل الذي يوجب العلم للقاضي، او قدم المنكر ما هو اقوى كذلك كالبينة مثلا جاز للقاضي الحكم بموجبه. وهكذا يثبت ان للمنكر الحق في اثبات ما ينافي دعوى المدعي، لاان له نفيها باليمين فقط. وبذلك يتم الدليل الاول. الدليل الثاني: ان المركوز في ذهن المتشرعة ان جعل الحجية لوسائل الاثبات انما هو للتوصل إلى اثبات الحق. ومن الواضح ان كون المتنازع فيه بيد احد الخصمين او بيد ثالث لا يؤثر في الغرض الذي من اجله جعلت الحجية لهذه الوسائل. وهذا ثابت بالارتكاز ايضا. والاختلاف الحاصل في ايجاب بعض الوسائل على احد المتخاصمين دون المتخاصم الاخر انما هو لخصوصية في المناسب من وسائل الاثبات بحسب موقعية كل من المدعي والمنكر، لا لخصوصية في اصل الاثبات. واذ ثبت ان الاثبات حق المدعي كما تقدم في المبحث الاول، يثبت انه حق المدعى عليه عملا بالتسوية بينهما الراجعة إلى تنقيح المناط بالتقريب المتقدم. وهكذا يثبت ان الاثبات حق للمنكر. وربما يستدل لذلك بما ورد في صحيحة حماد بن عثمان قال: بينما موسى بن عيسى في داره التي في المسعى، يشرف على المسعى، اذ راى ابا الحسن موسى(ع) مقبلا من المروة على بغلة، فامر ابن هياج -رجل من همدان منقطعا اليه ان يتعلق بلجامه ويدعي البغلة، فاتاه فتعلق باللجام وادعى البغلة، فثنى ابوالحسن(ع) رجله، ونزل عنها وقال لغلمانه: «خذوا سرجها وادفعوها اليه‏»، فقال: والسرج ايضا لي، فقال: «كذبت، عندنا البينة بانه سرج محمد بن علي، واما البغلة فانا اشتريناها منذ قريب، وانت اعلم وما قلت‏». بتقريب ان الامام(ع) استند إلى البينة في دفع دعوى ابن هياج مع انه منكر لا تنفعه البينة في المقام بناء على ما ذهب اليه المشهور، فيثبت جواز استناد المنكر اليها، ثم تعديته إلى جميع وسائل الاثبات بالتقريب المتقدم في المبحث الاول المتعلق بالمدعي. لكنه غير تام فان الغرض من تمسك الامام(ع) بوجود البينة -كما يحتمل فيه تنبيه المدعي إلى ان المنازعة لو انجرت إلى القضاء لم ينفعه ذلك لوجود البينة عنده مما يعني عدم كونه حقا ولا حكما للقاضي، كذلك يحتمل فيه الاستناد اليها من باب الاستناد إلى الحجة في الاخبار عن الموضوعات، وعليه تكون الرواية مجملة من هذه الناحية، بل ان الاحتمال الثاني هو الاظهر لوجود القرائن على ارادته، لانه لو كان بصدد بيان الضابط في ‏القضاء لما اسلم البغلة التي في يده للمدعي دون مطالبته بالبينة، وما كذب المدعي، مما يستدعي كونه بصدد اثبات الحجة على الواقع لا في مقام التحاكم. ومما يؤيد كون الاثبات حقا للمنكر ايضا الروايات الواردة في باب تعارض البينتين حيث‏حكم في بعضها لمن كان اكثرهم بينة ويستحلف، وفي بعض آخر لمن كانت في يده، وفي ثالث بتحكيم القرعة، وفي رابع بتقسيم المتنازع فيه بين المتخاصمين، مع ان جملة منها قد ورد في غير مقام التداعي اللهم الا على تفسير الادعاء بالزعم كما ذكره ابن منظور او مطلقا، فلو كان القول قول المدعي لما كان لبينة المنكر اثر في التعارض لتصل النوبة إلى المرجحات والقرعة. نعم، ربما تمسك برواية منصور عن ابي عبدالله(ع) قال: قلت لابي عبدالله(ع): رجل في يده شاة، فجاء رجل فادعاها، فاقام البينة العدول انها ولدت عنده، ولم يهب ولم يبع، وجاء الذي في يده بالبينة مثلهم عدول انها ولدت عنده، لم يبع ولم يهب، فقال ابوعبدالله(ع): «حقها للمدعي، ولا اقبل من الذي في يده بينة، لان الله عز وجل انما امر ان تطلب البينة من المدعي، فان كانت له بينة، والا فيمين الذي هو في يده، هكذا امر الله عز وجل‏» لكنها ضعيفة السند بجهالة محمد بن حفص ومنصور. ويتفرع على ما ذكرناه امور: الاول: ان ما يطالب به المدعي اثبات دعواه بما يكون حجة شرعا، لابخصوص البينة لكن بشرط ان تكون الحجة اقوى من البينة في المدعي واقوى من اليمين في المنكر. الثاني: ان حجة كل من المدعي والمنكر يمكن ان تكون واحدة نوعا ولاضير في ذلك. الثالث: انه لا تقدم لحجة المدعي على حجة المنكر في القضاء، فهما متساويان بنظر القضاء، وانما التقدم للبينة على اليمين. الرابع: وهو المقصود في المقام ان لكل من الخصوم الحق في اثبات دعواه وكلامه بما يكون حجة عند الشرع.

بالتوفيق
 

زهرة اللوتس

عضو متألق
إنضم
24 أكتوبر 2010
المشاركات
852
مستوى التفاعل
25
النقاط
18
الإقامة
الجزائر
رد: طلب بحث حول الواقعة القانونية من فضلكم

التمييز بينهما :-
الواقعة التي نعنيها في هذا المجال تنصرف إلى الواقعة المادية سواء كانت من فعل الطبيعة أو من فعل الإنسان بصرف النظر عن نية من صدر عنه الفعل ... أما بالنسبة إلى التصرف القانوني فإن الآخر يختلف عن ذلك لأن الأثر القانوني في هذه الحالة " حالة التصرف " يترتب على الإرادة وحدها .
أهمية التفرقة :-[/color
]للتفرقة بين الوقائع القانونية والتصرف القانوني أهميتها من حيث أن التصرفات القانونية تنفرد ببعض القواعد دون الوقائع كما أن للتفرقة أهميتها من حيث الإثبات .

الواقعة القانونية :-
هي كل حدث يرتب القانون عليه أثرا معينا وهذه الواقعة قد تكون من فعل الطبيعة أو من عمل الإنسان .

أولا : الواقعة الطبيعية :-
هي التي تحدث بفعل الطبيعة دون أن يكون للإنسان دخل فيها وكثيرا ما يترتب عليها أثار قانونية فتكون سببا في اكتساب الحقوق أو في انقضائها. ومثالها واقعتي الميلاد والوفاة وغير ذلك ....

ثانيا : الواقعة التي من فعل الانسان :-
هي الأعمال المادية التي تصدر عن الإنسان فتترتب عليها آثارا قانونية بصرف النظر عن نية من صدرت عنه وهي :
(1)- الفعل النافع (الإثراء بلا سبب ) يوجد بصدد شخص يثرى على حساب آخر دون سند قانوني ، لهذا فإن القانون يرتب لمن افتقر حقا يستطيع بمقتضاه أن يرجع على من أثرى على حسابه .
(2)- الفعل الضار ويقوم على أركان ثلاثة الفعل والضرر ورابطة السببية بينهما .
(3)- وقائع أخرى مثل الإستيلاء ووضع اليد ... إلخ . كل هذه الأفعال يرتب القانون عليها آثارا قانونية مؤداها إنشاء الحقوق .

التصرف القانوني :-
هو اتجاه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني سواء كان هذا الأثر هو إنشاء أم نقل أم تعديل أم إنهاء حق من الحقوق .
والتصرفات القانونية إما أن تكون من جانب واحد مثل الوصية أو من جانبين مثل البيع . والإرادة هي قوام التصرف القانوني لذلك اشترط القانون فيها شروط لا بد من توافرها حتى ينظر إليها كأساس للتصرف القانوني .
هذه الشروط هي :
(1) – أن يعبر عنها في العالم الخارجي وهو إما تعبير صريح أو ضمني .
(2) أن يصدر التعبير عن شخص ذي أهلية .
(3) أن يكون الباعث للإرادة مشروعا .
(4) أن تكون الإرادة خالية من العيوب .

الواقعة والتصرف كمصدر للحقوق :-
• الحقوق الشخصية : مصادر الحقوق الشخصية قد تكون تصرفات قانونية وهي العقد والإرادة المنفردة أو وقائع قانونية وهي الفعل الضار والفعل النافع والقانون .
• الحقوق العينية : نجد أيضا الحقوق العينية قد يكون مصدرها تصرفا قانونيا أو واقعة قانونية . مثال ذلك : العقد هو تصرف قانوني يكون مصدر لحق عيني مثل حق الملكية .
 

Rikudo

عضو جديد
إنضم
30 نوفمبر 2010
المشاركات
4
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
رد: طلب بحث حول الواقعة القانونية من فضلكم

شكرااااااااا =) لك اتعبتك معي
 

زهرة اللوتس

عضو متألق
إنضم
24 أكتوبر 2010
المشاركات
852
مستوى التفاعل
25
النقاط
18
الإقامة
الجزائر
رد: طلب بحث حول الواقعة القانونية من فضلكم

لا شكر علي واجب اخي الكريم
المهم انك تستفيد
 

Rikudo

عضو جديد
إنضم
30 نوفمبر 2010
المشاركات
4
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
رد: طلب بحث حول الواقعة القانونية من فضلكم

شكرااااا لك =)
 

المواضيع المتشابهة

أعلى