BOKALI
عضو نشيط
مقدمــة
الإنسان كائن اجتماعي لا يمكنه أن يعيش بمعزل عن أقرانه ، فهو عاجز عن الوفاء بمختلف حاجاته بمفرده ، فلا غنى له عن الحياة في بيئة اجتماعية يتأثر بها و يؤثر فيها من خلال التصرفات و السلوكات الصادرة عنه التي قد تكون نافعة و قد تكون ضارة نتيجة غريزة الأنانية و حب البقاء و التملك ، و تتمثل هذه الأفعال الضارة في الجرائم بمختلف صورها و درجاتها ، و من خلال الجريمة و رد الفعل عليها تكونت النواة الأولى لقانون العقوبات الذي جاء لحماية حقوق الأفراد و حرياتهم .
و تظهر الجريمة ككيان مادي يشمل السلوك الإجرامي الذي يقوم به الفاعل
و النتيجة الإجرامية الناتجة عن هذا السلوك و العلاقة السببية الرابطة بينهما ، و يعد هذا الفعل مجرما إذا ورد بتجريمه نص في قانون العقوبات أو القوانين المكملة له ، إلا انه في بعض الحالات قد يعتبر الفعل جريمة طبقا لنص قانوني لكن هذا النص لا يطبق عليه لوجود أسباب تعطل تطبيقه هي أسباب الإباحة و تتمثل في ، أمر و إذن القانون
و الدفاع الشرعي ، و رضا المجني عليه كسبب إباحة اقره القانون المقارن ، لان هذه الأسباب تعتبر الجانب السلبي في ركن المشروعية الذي ينبغي نفيه لتحقق صفة اللامشروعية في الفعل المرتكب ، كما أنها تفترض أن الفعل توافرت فيه كافة الأركان اللازمة لقيام الجريمة و المبينة في نص التجريم ثم ينحصر دورها في إخراج هذا الفعل من نطاق التجريم الى الإباحة .
و تقتضي الجريمة إضافة إلى وجود سلوك مادي يجرمه القانون وجود صلة نفسية بين هذا السلوك و الفاعل بأن يكون مدركا و حرا في اختياره ، فهي ليست كيانا ماديا خالصا بل كذلك كيان نفسي ، باعتبارها تصدر عن شخص يعده القانون مسئولا عنها متى توافرت لديه الأهلية الجزائية التي تجعله قادرا على التمييز بين الفعل المجرم و غير المجرم ، و تعطيه الاختيار بين إتيان الفعل أو الامتناع عنه.
فالمسؤولية الجزائية تثبت إذا اجتمع شرطان هما التمييز و حرية الاختيار ، فإذا انتفى أي من هذين الشرطين ترتب على ذلك امتناع المسؤولية الجزائية ، و منه جاءت تسمية الأسباب التي تنفي التمييز و حرية الاختيار بموانع المسؤولية ، و تتمثل في صغر السن ، و الجنون ، و السكر ، و حالة الضرورة ، و الإكراه .
و عليه إذا اقترن الفعل المجرم بسبب مبيح انتفت عنه صفة التجريم و إذا فقد مرتكبه التمييز و حرية الاختيار انتفت مسؤوليته الجزائية و من هنا تظهر أهمية هذا الموضوع .
علاوة على أن القواعد التي تقرر سببا للإباحة أو لامتناع المسؤولية تعتبر جزءا مكملا لقواعد التجريم فالقتل مثلا جريمة طبقا لنصوص التجريم إلا إذا ارتكب في حالة من حالات الإباحة ، و يعاقب المجرم على جريمته إلا إذا قام مانع من موانع المسؤولية فهذه القواعد دورها الحد من نطاق فاعلية نصوص التجريم فهي ترسم حدود قاعدة التجريم .
كما أنه بإقرار هذه القواعد تتحقق العدالة من خلال الاهتمام بشخصية الفاعل حين توقيع العقوبة ، فتوقيع عقوبة واحدة على فاعلين يختلف كل منهم في الدوافع ، والظروف التي قامت فيها الجريمة يتنافى و القيم الإنسانية فمن ارتكب جريمة سرقة لإحضار دواء لابنه المريض ليس كالذي يسرق لشراء الخمر ، و من يرتكب جريمة بسبق الإصرار
و الترصد ليس كمن ارتكبها فاقدا وعيه .
و يمكن من خلال أسباب الإباحة و موانع المسؤولية أيضا تحديد القانون الجديد الأصلح للمتهم ، لأنه قد يكون كذلك إذا كان النص الجديد يقرر سبب إباحة للفعل أو مانعا للمسؤولية لم يكن منصوصا عليه في النص القديم و بالتالي يستفيد منه المتهم .
كما يظهر أثر هذا الموضوع في ضبط أحكام المساهمة الجزائية .
و نظرا لهذه الأهمية التي يكتسبها هذا الموضوع نحاول التطرق إليه بشيء من التفصيل من خلال الإجابة على الإشكاليات التالية :
* إلي أي مدى يمكن أن تؤثر أسباب الإباحة و موانع المسؤولية في الصفة الإجرامية للفعل و المسؤولية الناجمة عنه ؟
* مــا مدى مصداقية رضا المجني عليه في محو الصفة الإجرامية عن الفعل باعتبار قانون العقوبات من النظام العام ، لا يجوز للفرد تعطيل تطبيقه بإرادته ؟
* إلى أي مدى يمكن اعـتبار السكر مانعا للمسؤولية إذا كان لإرادة الإنسان دخل فيه ؟
و للإجابة على هذه الإشكاليات اتبعنا المنهج التاريخي ، و التحليلي و المقارن وفق خطة تضم فصلين تناولنا في الفصل الأول أسباب الإباحة و قسمناه إلى مبحثين نعالج في المبحث الأول ماهية أسباب الإباحة و في المبحث الثاني تقسيم أسباب الإباحة بحسب الأشخاص المستفيدين منها ، أما الفصل الثاني فقد خصص لموانع المسؤولية و يندرج تحته كذلك مبحثين نعالج في المبحث الأول عموميات حول المسؤولية الجزائية ، و في المبحث الثاني تقسيم موانع المسؤولية ، و تفصيل الخطة كالآتي .
الخــــطة
مقدمــة
الـفصل الأول : أسبـاب الإبــاحة
المبحث الأول : ماهية أسباب الإباحة
المطلب الأول : مفهوم أسباب الإباحة
الفرع الأول : التطور التاريخي لأسباب الإباحة
الفرع الثاني : تعريف أسباب الإباحة
الفرع الثالث : التمييز بين أسباب الإباحة و الحالات المشابهة .
المطلب الثاني : آثار أسباب الإباحة
الفرع الأول : أسباب الإباحة و تعدد المساهمين .
الفرع الثاني : الغلط في الإباحة
الفرع الثالث : الجهل بالإباحة
المبحث الثاني : تقسيم أسباب الإباحة بحسب الأشخاص المستفيدين منها
المطلب الأول : الأسباب النسبية للإباحة
الفرع الأول : أمر القانون
الفرع الثاني : إذن القانون
المطلب الثاني : الأسباب المطلقة للإباحة
الفرع الأول : الــدفاع الشرعي
الفرع الثاني : رضا المجــني عليه
الفصل الثاني : مــوانع المسؤوليــة
المبحث الأول : عموميات حول المسؤولية الجزائية
المطلب الأول : مفهوم المسؤولية الجزائية
الفرع الأول: أساس المسؤولية الجزائية
الفرع الثاني : مراحل المسؤولية الجزائية
المطلب الثاني : انتقاء المسؤولية الجزائية
الفرع الأول : أركان المسؤولية الجزائية
الفرع الثاني : أسباب امتناع المسؤولية الجزائية .
الفرع الثالث : الفرق بين المسؤولية الجزائية و المدنية
المبحث الثاني : تقسيم موانع المسؤولية
المطلب الأول : موانع المسؤولية بسبب انعدام الأهلية
الفرع الأول : صغر السن
الفرع الثاني : الجنون
الفرع الثالث : السكر
المطلب الثاني : موانع المسؤولية بسبب انعدام حرية الاختيار
الفرع الأول : حـــالة الضرورة
الفرع الثاني : الإكراه
الخــــاتمة
الإنسان كائن اجتماعي لا يمكنه أن يعيش بمعزل عن أقرانه ، فهو عاجز عن الوفاء بمختلف حاجاته بمفرده ، فلا غنى له عن الحياة في بيئة اجتماعية يتأثر بها و يؤثر فيها من خلال التصرفات و السلوكات الصادرة عنه التي قد تكون نافعة و قد تكون ضارة نتيجة غريزة الأنانية و حب البقاء و التملك ، و تتمثل هذه الأفعال الضارة في الجرائم بمختلف صورها و درجاتها ، و من خلال الجريمة و رد الفعل عليها تكونت النواة الأولى لقانون العقوبات الذي جاء لحماية حقوق الأفراد و حرياتهم .
و تظهر الجريمة ككيان مادي يشمل السلوك الإجرامي الذي يقوم به الفاعل
و النتيجة الإجرامية الناتجة عن هذا السلوك و العلاقة السببية الرابطة بينهما ، و يعد هذا الفعل مجرما إذا ورد بتجريمه نص في قانون العقوبات أو القوانين المكملة له ، إلا انه في بعض الحالات قد يعتبر الفعل جريمة طبقا لنص قانوني لكن هذا النص لا يطبق عليه لوجود أسباب تعطل تطبيقه هي أسباب الإباحة و تتمثل في ، أمر و إذن القانون
و الدفاع الشرعي ، و رضا المجني عليه كسبب إباحة اقره القانون المقارن ، لان هذه الأسباب تعتبر الجانب السلبي في ركن المشروعية الذي ينبغي نفيه لتحقق صفة اللامشروعية في الفعل المرتكب ، كما أنها تفترض أن الفعل توافرت فيه كافة الأركان اللازمة لقيام الجريمة و المبينة في نص التجريم ثم ينحصر دورها في إخراج هذا الفعل من نطاق التجريم الى الإباحة .
و تقتضي الجريمة إضافة إلى وجود سلوك مادي يجرمه القانون وجود صلة نفسية بين هذا السلوك و الفاعل بأن يكون مدركا و حرا في اختياره ، فهي ليست كيانا ماديا خالصا بل كذلك كيان نفسي ، باعتبارها تصدر عن شخص يعده القانون مسئولا عنها متى توافرت لديه الأهلية الجزائية التي تجعله قادرا على التمييز بين الفعل المجرم و غير المجرم ، و تعطيه الاختيار بين إتيان الفعل أو الامتناع عنه.
فالمسؤولية الجزائية تثبت إذا اجتمع شرطان هما التمييز و حرية الاختيار ، فإذا انتفى أي من هذين الشرطين ترتب على ذلك امتناع المسؤولية الجزائية ، و منه جاءت تسمية الأسباب التي تنفي التمييز و حرية الاختيار بموانع المسؤولية ، و تتمثل في صغر السن ، و الجنون ، و السكر ، و حالة الضرورة ، و الإكراه .
و عليه إذا اقترن الفعل المجرم بسبب مبيح انتفت عنه صفة التجريم و إذا فقد مرتكبه التمييز و حرية الاختيار انتفت مسؤوليته الجزائية و من هنا تظهر أهمية هذا الموضوع .
علاوة على أن القواعد التي تقرر سببا للإباحة أو لامتناع المسؤولية تعتبر جزءا مكملا لقواعد التجريم فالقتل مثلا جريمة طبقا لنصوص التجريم إلا إذا ارتكب في حالة من حالات الإباحة ، و يعاقب المجرم على جريمته إلا إذا قام مانع من موانع المسؤولية فهذه القواعد دورها الحد من نطاق فاعلية نصوص التجريم فهي ترسم حدود قاعدة التجريم .
كما أنه بإقرار هذه القواعد تتحقق العدالة من خلال الاهتمام بشخصية الفاعل حين توقيع العقوبة ، فتوقيع عقوبة واحدة على فاعلين يختلف كل منهم في الدوافع ، والظروف التي قامت فيها الجريمة يتنافى و القيم الإنسانية فمن ارتكب جريمة سرقة لإحضار دواء لابنه المريض ليس كالذي يسرق لشراء الخمر ، و من يرتكب جريمة بسبق الإصرار
و الترصد ليس كمن ارتكبها فاقدا وعيه .
و يمكن من خلال أسباب الإباحة و موانع المسؤولية أيضا تحديد القانون الجديد الأصلح للمتهم ، لأنه قد يكون كذلك إذا كان النص الجديد يقرر سبب إباحة للفعل أو مانعا للمسؤولية لم يكن منصوصا عليه في النص القديم و بالتالي يستفيد منه المتهم .
كما يظهر أثر هذا الموضوع في ضبط أحكام المساهمة الجزائية .
و نظرا لهذه الأهمية التي يكتسبها هذا الموضوع نحاول التطرق إليه بشيء من التفصيل من خلال الإجابة على الإشكاليات التالية :
* إلي أي مدى يمكن أن تؤثر أسباب الإباحة و موانع المسؤولية في الصفة الإجرامية للفعل و المسؤولية الناجمة عنه ؟
* مــا مدى مصداقية رضا المجني عليه في محو الصفة الإجرامية عن الفعل باعتبار قانون العقوبات من النظام العام ، لا يجوز للفرد تعطيل تطبيقه بإرادته ؟
* إلى أي مدى يمكن اعـتبار السكر مانعا للمسؤولية إذا كان لإرادة الإنسان دخل فيه ؟
و للإجابة على هذه الإشكاليات اتبعنا المنهج التاريخي ، و التحليلي و المقارن وفق خطة تضم فصلين تناولنا في الفصل الأول أسباب الإباحة و قسمناه إلى مبحثين نعالج في المبحث الأول ماهية أسباب الإباحة و في المبحث الثاني تقسيم أسباب الإباحة بحسب الأشخاص المستفيدين منها ، أما الفصل الثاني فقد خصص لموانع المسؤولية و يندرج تحته كذلك مبحثين نعالج في المبحث الأول عموميات حول المسؤولية الجزائية ، و في المبحث الثاني تقسيم موانع المسؤولية ، و تفصيل الخطة كالآتي .
الخــــطة
مقدمــة
الـفصل الأول : أسبـاب الإبــاحة
المبحث الأول : ماهية أسباب الإباحة
المطلب الأول : مفهوم أسباب الإباحة
الفرع الأول : التطور التاريخي لأسباب الإباحة
الفرع الثاني : تعريف أسباب الإباحة
الفرع الثالث : التمييز بين أسباب الإباحة و الحالات المشابهة .
المطلب الثاني : آثار أسباب الإباحة
الفرع الأول : أسباب الإباحة و تعدد المساهمين .
الفرع الثاني : الغلط في الإباحة
الفرع الثالث : الجهل بالإباحة
المبحث الثاني : تقسيم أسباب الإباحة بحسب الأشخاص المستفيدين منها
المطلب الأول : الأسباب النسبية للإباحة
الفرع الأول : أمر القانون
الفرع الثاني : إذن القانون
المطلب الثاني : الأسباب المطلقة للإباحة
الفرع الأول : الــدفاع الشرعي
الفرع الثاني : رضا المجــني عليه
الفصل الثاني : مــوانع المسؤوليــة
المبحث الأول : عموميات حول المسؤولية الجزائية
المطلب الأول : مفهوم المسؤولية الجزائية
الفرع الأول: أساس المسؤولية الجزائية
الفرع الثاني : مراحل المسؤولية الجزائية
المطلب الثاني : انتقاء المسؤولية الجزائية
الفرع الأول : أركان المسؤولية الجزائية
الفرع الثاني : أسباب امتناع المسؤولية الجزائية .
الفرع الثالث : الفرق بين المسؤولية الجزائية و المدنية
المبحث الثاني : تقسيم موانع المسؤولية
المطلب الأول : موانع المسؤولية بسبب انعدام الأهلية
الفرع الأول : صغر السن
الفرع الثاني : الجنون
الفرع الثالث : السكر
المطلب الثاني : موانع المسؤولية بسبب انعدام حرية الاختيار
الفرع الأول : حـــالة الضرورة
الفرع الثاني : الإكراه
الخــــاتمة
اسم الموضوع : أسبـاب الإبــاحةو مــوانع المسؤوليــة
|
المصدر : القانون الجنائي