مقدمة
اقتضى التنظيم الخاص بالقوات المسلحة الجزائرية في حجمها وتطوره ا، ضرورة إيجاد
جهاز قضائي متخصص يتولى أمر تحقيق العدالة الجنائية بين أفراد هذه القوات بالدرجة
الأولى حتى تستطيع أن ترقى إ لى مصاف المسؤولية الملقاة على عاتقها لتحقيق رسالتها
28 بتاريخ 22 أفريل – الموكلة لها دستوري ا. ولمتطلبات الضرورة صدر الأمر رقم 71
1971 و الذي تضمن قانون القضاء العسكري لإعطاء صورة دقيقة لهذا القضاء الخاص ،
وليس بالاستثنائي كما هو شائع ، وتتجلى هذه الخصوصية في نوعية و طبيعة الجرائم
المعروضة عليه من ناحية، ولخصوصية النظام العام العسكري الذي يستوجب الفعالية
والسرعة في معالجة الإجراءات باعتبارها الوسيلة الضرورية لفرض الحزم والضبط و الربط
بين قوات لها أهمية بالغة نابعة من جسامة المهام المسندة لها ، مع ضمان الحقوق و الحريات
المكفولة للأشخاص بموجب الدستور من جهة ثانية.
و القضاء العسكري يخضع في أغلب مراحله لقانون الإجراءات الجزائية وقانون
العقوبات عدا ما هو منصوص عليه في قانون القضاء العسكري ، وهذا أخدا بالقاعدة
العامة الخاص يقيد العام، وغني عن البيان أن أحكامه تصدر باس م الشعب وتخضع لرقابة
المحكمة العليا، وهذا ما يجسد وحدة الشريعة الجزائية في البلاد.
فكثير من رجال القانون –كما هو الحال - يجهل الإجراءات البسيطة لسير عمل
المحاكم العسكرية وكيفية ممارستها القضاء العسكري ، الذي يبدو صعب الدراية و الفهم
3
وهذا نظرا لقلة المؤلفات في هذا الباب إن لم نقل منعدمة ، وموازاة مع هذا، ونظرا للأهمية
البالغة التي يكتس يها الموضوع من الناحية القانونية و العملية ، ارتأينا ونحن بصدد إعداد
هذه المذكرة المتواضعة أن نغترف جانب ا من الأهمية بما كان في موضوع القضاء العسكري ،
مسلطين الضوء على بعض إجراءاته بصفة عامة، وعلى وجه الخصوص في التحري و
المتابعة أمام القضاء العسكري، معتمدين في ذلك على دراسة نظرية وعملية متبوعة ببعض
الإجتهادات المحتشمة للمحكمة العليا لقلة القضايا المطروحة عليها في هذا المقصد، ودليلنا
في ذلك قانون القضاء العسكري و القواعد العامة المطب قة في القانون العام، بالإضافة إلى
بعض المؤلفات الأجنبية ، محاولة منا التركيز على مسائل قان ونية محددة في هذا اال
الواسع.
فقد خول المشرع الجزائري في قانون القضاء العسكري لفئة معينة من العسكريين
الإضطلاع بمهام على غاية من التخصص و الدقة و الخطورة ، تقتضي تك وينا خاصا في
مجال الإجراءات الجزائية العسكرية ، ألا وهي مهام الضبطية القضائية العسكرية ، التي تتولى
البحث و التحري عن الجرائم والكشف عن مرتكبيها وتسليمهم للجهة القضائية
العسكرية المختصة التي تباشر عملها في الملاحقات و المتابعة ، وهذا وفق إجراءات
وضوابط قيدها هذا القانون على غرار ما يجري أمام محاكم القانون العام، إلا أن
خصوصيات العمل العسكري ومتطلبات الحياة العسكرية فرضا على المشرع الجزائري من
خلال استقر اء أحكام قانون القضاء العسكر ي في هذا السياق ، اختلافات متفاوتة في
إجراءات التحري و المتابعة أمام المحاكم العسك رية، وهذا ما يجرنا لدراسة هذا الموضوع
بنوع من التفصيل، محاولين الإجابة عن الإشكاليات المطروحة التالية:
- من هم أعضاء الضبط القضائي العسكر ي ؟ وما هي اختصاصام
وصلاحيام؟.
- ما هي طبيعة العلاقة بين الضبطية القضائية العسكرية و السلطة القضائية
العسكرية؟
4
- ما هي إجراءات المتابعة أمام هذا القضاء الخاص؟ وهل تختلف عن تلك المحددة في
القانون العام؟
-كيف تحرك وتباشر الدعوى العمومية أمام المح اكم العسكرية ؟ ومن يقوم بذلك و
تحت أي سلطة؟.
هذا ما نحاول التطرق إليه حسب خطة العمل التالية و التي فصلناها في فصلين ،
نتناول في الأول إجراءات البحث و التحري و في الفصل الثاني نتطرق لإجراءات المتابعة
و هذا أمام القضاء العسكري وفق ما يلي:
5
الفصل الأول: إجراءات البحث و التحري أمام القضاء العسكري.
المبحث الأول: الضبط القضائي العسكري
المطلب الأول: أعضاء الضبط القضائي العسكري و واجبام.
المطلب الثاني : اختصاصات وصلاحيات الضبط القضائي العسكري.
المبحث الثاني : علاقة الضبطية القضائية العسكرية بالسلطة القضائية العسكرية.
المطلب الأول : أساس العلاقة بين الضبطية القضائية العسكرية و السلطة
القضائية العسكرية.
المطلب الثاني : طبيعة العلاقة بين الجهات القضائية العسكرية و الضبطية القضائية
العسكرية.
الفصل الثاني : إجراءات المتابعة أمام القضاء العسكري.
المبحث الأول : الدعوى العمومية و الملاحقات.
المطلب الأول : تحريك الدعوى العمومية ومباشرا.
المطلب الثاني : الملاحقات الجزائية العسكرية وانقضاء الدعوى العمومية.
المبحث الثاني: النيابة العسكرية وإجراءات المتابعة.
المطلب الأول : صلاحيات واختصاصات الوكيل العسكري للجمهورية.
المطلب الثاني : سير المتابعة أمام النيابة العسكرية.
الخاتمة
6
الفصل الأول
إجراءات البحث و
التحري
أمام القضاء
العسكري
7
إن مما لا شك فيه أن الدولة الحديثة تقوم بوظيفتين أساسيتين، الأولى هي منع وقوع الجرائم
بالعمل على الرقابة و الوقاية وهو ما يسمى بإجراءات الضبط الإداري، و الثانية هي تعقب الجريمة
بعد وقوعها بالبحث و التحري عن فاعلها وجمع المعلومات و الاستدلالات اللازمة لإثبات التهمة
على الجاني، 1 ولا يختلف اثنان على الدور الذي تقوم به رجال الضبطية القضائية العادية و
العسكرية في اقتفاء أثار الجريمة و تتبع قفى هؤلاء ارمين، وذلك وفق إجراءات خاصة ضبطها
المشرع الجزائري ورتبها لتكون أكثر ضمانا لحقوق المشتبه فيه من جهة، وذو مصداقية قانونية
لتكريس سلطان العدالة من جهة أخرى، وسنقتصر في موضوعنا هذا على ذكر إجراءات البحث و
التحري أمام المحاكم العسكرية، ونتطرق فيما يلي للضبط القضائي العسكري وأعضائه وواجباته
ومعنى الضبطية القضائية العسكرية واختصاصاا وصلاحياا، بالإضافة إلى علاقة هذه الأخيرة
بالسلطة القضائية العسكرية في المبحثين التاليين.
1 د / عزت مصطفى الدسوقي، شرح قانون الأحكام العسكرية، الكتاب الثاني، مكتبة النهضة المصرية الطبعة الأولى سنة
. 1991 صفحة 25
8
المبحث الأول: الضبط القضائي العسكري:
تمر الدعوى العمومية عبر مراحلها 2 بمرحلة جمع الاستدلالات و الأدلة ثم تمحيصها، وهي
المرحلة التي يطلق عليها المرحلة التمهيدية أو مرحلة التحقيق الأولى قبل تقديمها إلى المحكمة العسكرية
المختصة، والتحقيق الأولى هو كل ما تقوم به سلطات الضبط القضائي العسكري من إجراءات في
سبيل جمع الأدلة وتمحيصها و التصرف فيها، وبعبارة أخرى هو كل ما يقوم به ضباط الشرطة
القضائية من إجراءات بجمع الاستدلالات و المعلومات و البيانات الخاصة بالجريمة عن طريق التحري
. عنها و البحث عن فاعليها بكافة الطرق و الوسائل القانونية 3
المطلب الأول: أعضاء الضبط القضائي العسكري و واجباته
نص قانون القضاء العسكري 4 في بابه الأول من الكتاب الثاني على الشرطة القضائية
العسكرية في مواده من 42 إلى 64 ، و الذي يمنح لأعضاء الشرطة القضائية العسكرية مشروعية
القيام بمهام في إطار المبادئ العامة ، ومختلف الأحكام الموضوعية و الإجرائية المنصوص عليها في قانون
العقوبات 5 وقانون الإجراءات الجزائية 6وقانون القضاء العسكري مع مراعاة النصوص الخ اصة و
الأحكام المختلفة المرتبطة بطبيعة النشاط العسكري وخصوصيات الجرائم العسكرية، كما أوجب
عليهم خلال أدائهم لهذه المهام التزامات وواجبا م وهذا ما سنبينه في الفرعين التاليين ، بادئين
بتعريف الشرطة القضائية العسكرية ، وبتحديد أصناف ضباط الشرطة القضائية العسكر ية وأعوام
وما عليهم من واجبات يفرضها عليهم القانون.
2 وهي المرحلة التمهيدية آما أشرنا ثم مرحلة الإتهام تحت سلطة النيابة العسكرية، ثم مرحلة التحقيق
وأخيرا مرحلة الإحالة و الحكم.
3 . د/ عزت مصطفى الدسوقي، المرجع السابق، ص 24
4 28 مؤرخ في 26 صفر 1391 هجري الموافق ل 22 أفريل 1971 المعدل و المتمم، الجريدة - الصادر بالأمر رقم 71
. الرسمية رقم 38 المؤرخة في 11 مايو 1971
5 156 المؤرخ في 18 صفر 1386 الموافق ل 08 يونيو 1966 المعدل و المتمم حتى آخر قانون - الصادر بالأمر رقم 66
. 09 المؤرخ في 26 يونيو 2001 - رقم 01
6 155 المؤرخ في 18 صفر 1386 الموافق ل 08 يونيو 1966 المعدل و المتمم حتى آخر قانون - الصادر بالأمر رقم 66
09 المؤرخ في 26 يونيو 2001 المتمم والمعدل لهذا القانون - رقم 08
9
الفرع الأول : تعريف الشرطة القضائية العسكرية
لم يعرف قانون القضاء العسكري الضبط القضائي العسكري ، شأنه بذلك شأن قانون
الإجراءات الجزائية تجاه الضبطية القضائية العادية في المواد من 12 وما يليها منه .
وقد اكتفى قانون القضاء العسكري بتعداد أصنافهم وأعمالهم وواجبام وذكر نمط تسييرهم
و الإشراف عليهم ورقابتهم فقط .
و الضابطة العدلية أو الضبطية القضائية أو الضبط القضائي أو الشرطة القضائية ألفاظ مختلفة
.(POLICE JUDICIAIRE) لمعنى واحد، وترجمتها باللغة الفرنسية 7
وتبدأ إجراءات الضبط القضائي فور وقوع الجريمة ، ووظيفتها أساسا ليست وقائية كالضبط
الإداري بل عقابية قامعة، وبعبارة أخرى فهي لا تمنع الجرائم قبل وقوعها وإنما تقمعها
بعد وقوعها 8 ،ومدلول الضبط القضائي ينصرف إلى معنيين:
9 من أولا: موضوعي ويقصد به كل المهام الم نوطة بأجهزة الضبط القضائي المحددة في المادة 43
قانون القضاء العسكري ، و التي تتمثل في البحث و التحري عن الجرائم المقررة في قانون القضاء
العسكري وقانون العقوبات 10 وجمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها قبل أن يفتح بشأا تحقيق
قضائي، أما بعد تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة وفتح تحقيق قضائي فإن مهمة
الضبط القضائي تتمثل في تنفيذ تفويضات جهات التحقيق عن طريق الإنابات القضائية 11 ،وتلبية
طلبات السلطة القضائية العسكرية المختصة.
7 أنظر أحمد غاي، ضم انات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية، دراسة مق ارنة للضم انات النظرية و التطبيقية، دار هومة للطباعة
. و النشر و التوزيع الجزائر الطبعة الأولى 2003 ص 21
8 . 1977 ص 20 /1976 ، أنظر الدكتور محمد الفاضل ، الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية ج 1 مطبعة الإحسان ط 4
9 تنص المادة 43 من ق ق ع على ما يلي "يناط بضباط ال شرطة القضائية العسكرية التحقيق في الجرائم وجمع الأدلة و البحث
عن الفاعلين الأصليين ما لم يفتح التحقيق، وعندما يشرع في تحقيق تحضيري ، فإم ينفدون تفويضات قضاء التحقيق ويحيلوا
حسب طلبه"
10 الجرائم التي نص عليها قانون العقوبات تدخل ضمن إختصاص القضاء العسكر ي إذا إرتكبها الأشخاص الخاضعون لأحكام
قانون القضاء العسكري و ضمن شروط معينة مثلا عسكري قام بسرقة بسيطة داخل مؤسسة عسكرية فإن الإختصاص يؤول
للقضاء العسكري رغم أن الجريمة مجرمة بالمادة 350 من قانون العقوبات.
11 77 من قانون القضاء العسكري. ، المنصوص عليها بموجب المادتين 76
10
ثانيا: أما الم دلول الثاني للضبط القضائي العسكري فينصرف إلى الأجهزة و الأ شخاص المكلفون
بتنفيذ المهام المشار إليها في المادة 43 المذكورة آنفا و المحددين على سبيل الحصر في قانون القضاء
العسكري.
ومن خلال الم دلولين السابقين يتبين بصفة عامة ، أن الشرطة القضائية العسكرية هي مجموعة
المهام المنوطة بضباط الشرطة القضائية العسكرية المنصو ص عليها في المادتين 45 و 47 من قانون
القضاء العسكري و المتمثلة في التحقيق في الجرائم وجمع الأدلة و البحث عن الفاعلين الأصليين ،
ومعاينة الجرائم وتنفيذ تفويضات جهات التحقيق و الامتثال إليها.
لذا فإن الضبطية القضائية ذا المفهوم تحضر العمل القضائي ، لكنها لا تشترك فيه إلا بطريق
الأوامر و الإنابات القضائية ، وهي تتحرى وتبحث، تعاي ن و تثبت، لكنه ا لا تقدر ولا تفص ل، ومع
ذلك فهي منسوبة للقضاء،إذ تنوب عنه وتعمل باسمه ولمصلحته،وعليه فقد نظم المشرع الجزائري
أحوال مم ارسة وظيفة رجال الضبطية القضائية ومن يتولاها ، ونص على فئات معينة من رجال
. الضبط القضائي العسكري وواجبام في المواد من 42 إلى 47 من قانون القضاء العسكري 12
الفرع الثاني : ضباط الشرطة القضائية العسكرية ومساعديهم وواجباﺗﻬم:
من خلال قانون القضاء العسكري لا سيما في مادتيه 45 و 47 ، نستخلص أن المشرع
قسم الموظفين ا لمكلفين بمهام الشرطة القضائية العسكرية إلى صنفين، الصنف الأول و يشمل أعضاء
الضبط القضائي العسكري ذوي الاختصاص العام ، الذين ينقسمون إلى ضباط الشرطة القضائية
العسكرية وأعوان الشرطة القضائية العسكرية، أما الصنف الثاني فيشمل ضباط الشرطة القضائية
العسكرية ذوي الاختصاص الخاص ، و الذين أنيط ت م بعض مهام الشرطة القضائية المتعلقة
بوظائفهم.
ويصنف قانون القضاء العسكري السلطات المكلفة بالشرطة القضائية العسكرية في بابه الأول
إلى:
أولا: الصنف الأول
12 وقد نص المشرع الجزائري على هاته الأصناف التي سنبينها شأنه في ذلك شأن ضباط الشرطة القضائية المدنية في المواد من
15 إلى 28 من قانون الإجراءات الجزائية.
11
يعتبر حسب المادة 45 من قانون القضاء العسكري ضباط شرطة قضائية عسكرية:
كل العسكريين التابعين للدرك الوطني الذين لهم صفة ضباط شرطة قضائية عسكرية
المشار إليهم في المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية . 13
كل ضباط القطع العسكرية أو المصالح المع ينة خصيصا بموجب قرار من وزير الدفاع
الوطني، كمصالح التحريات العسكرية العامة ، التابعة لد ائرة الاستعلامات و الأمن لوزارة
الدفاع الوطني، وهي ما تعرف بالمصالح العسكرية للأمن أو ما يصطلح عليه بالأمن
العسكري.
و تنص المادة 46 من قانون القضاء العسكري على عسكريين آخرين مكلفون ببعض مهام
الشرطة القضائية العسكرية وهم كالآتي:
أ- ضباط الصف 14 التابعون للدر ك الوطني الذين ليس لهم صفة ضابط شرطة قضائية،
و الذين يمارسون مهام الشرطة القضائية على مستوى فرقة الدرك الوطني بصفة اعتيادية
بوصفهم أعوانا لضباط الشرطة القضائية العسكرية ، وهذا حسب التعريف الوارد في المادة 19
. من قانون الإجراءات الجزائية 15
13 وتنص المادة 15 من هذا القانون على منح صفة ضباط شرطة قضائية لعسكريوا الدرك الوطني للفئات التالية:
أ)كل ضباط الدرك الوطني.
ب )ذوي الرتب في الدرك و رجال الدرك أي ضباط الص ف الذين أمضوا في سلك الدرك ثلاث سنوات على الأقل و تم تعيينهم
107 ، بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الدفاع الوطني بعد موافقة لجنة خاصة ، وقد حدد المرسوم رقم 66
المؤرخ في 08 جوان 1966 المتعلق باللجنة الخاصة التي تظم ممثلا عن وزير العدل رئيسا وممثلا عن وزير الدفاع الوطني عضوا
وهي اللجنة التي تشرف على الامتحان النهائي لتربص ضباط الشرطة القضائية المدنية و العسكرية بالنسبة لهذه الفئة من
. العسكريين، أنظر الجريدة الرسمية عدد 15 الصادرة بتاريخ 13 يونيو 1966
14 54 - ابتداء من رتبة رقيب أو / ويقصد بضباط الصف حسب قانون نظام الخدمة في الجيش - الصادر بموجب الأمر 73
دركي إذا كان تابعا لسلاح الدرك الوطني ثم رقيب أول ثم مساعد وأخيرا مساعد أول.
15 فيعتبر أعوانا للضبط القضائي حسب مفهوم هذه المادة بالنسبة لعسكريوا الدرك ذوو الرتب في الدرك ورجال الدرك الوطني،
ويقصد م ضباط الصف بصفة عامة الذين ليست لهم صفة ضباط شرطة قضائية وذلك حسب ما هو مبين أعلاه.
12
ب- الأفراد العسكريون غير المحلفين أو الذين يدعون للخدمة في الدرك الوطني أو أفراد
وحدات الدرك المتنقل ، و الذي تكون مهمتهم عادة مساعدة ضباط الشرطة القضائية و العمل
تحت إشرافهم وأوامرهم.
ثانيا : الصنف الثاني:
تنص المادة 47 من قانون القضاء العسكري على بعض الضباط العس كريين المناط م بعض
مهام الشرطة القضائية العسكرية و المؤهلون فقط داخل مؤسسام العسكرية 16 للقيام بكل
الإجراءات الضرورية لمعاينة الجرائم و البحث عن مرتكبيها وجمع الأدلة الجنائية عنها، و هؤلاء
الأشخاص هم:
أ- قادة الجيوش وقادة القواعد البحرية وقادة السفن البحرية.
ب- رؤساء القطع ورؤساء المستودعات و المفارز و رؤساء مختلف مصالح الجيش، أي أن هذه
الصفة مرتبطة بأي عسكري يقود وحدة عسكرية 17 ، وبعبارة أخرى أن صفة الضبط القضائي
العسكري في هذه الحالة تخضع للوظيفة القيادية في ممارسة هذه المهام داخل المؤسسات العسكرية التي
يشرفون عليها.
وتجدر الإشارة إلى أن ضباط الشرطة القضائية العسكرية بصنفيها يتبعون سلميا ومباشرة
سلطة الوكيل العسكري للجمهورية 18 والذي يكون بدوره خاضعا لسلطة وزير الدفاع الوطني ،
و هذا ما نصت عليه المادة 45 في فقرا الثالثة.
ولقد أوجب المشرع على ضباط ال شرطة القضائية العسكرية أثناء قيامهم بمهام الضبط
القضائي العسكري ، أن يخبروا وكيل الجمهورية العسكري بدون تمهل بكل الجرائم التي تصل إلى
علمهم، وموافاته بالمحاضر فور اختتام التحريات و الامتثال لتعليماته بصفته مدير للشرطة القضائية
سكرية، ات الع ل الثكن سكري آ ضاء الع انون الق ي ق وارد ف ف ال 16 ويقصد بالمؤسسة العسكرية حسب التعري
رف ن ط ستعملة م ة و الم ة أو مؤقت صفة نهائي ة ب شآت المحدث ع المن وتعتبر مماثلة للمؤسسات العسكرية جمي
الجيش، و السفن البحرية و الطائرات العسكرية أينما آانت، وهو ما نصت عليه المادة 29 من هذا القانون.
يش، ي الج ة ف ام الخدم انون نظ وم ق ذا بمفه ابقا وه ا س ا بين 17 الوحدة العسكرية هي آل مؤسسة عسكرية آم
ات و ا الواجب ا فيه شعبي بم وطني ال يش ال راد الج ى أف ة عل ة المطبق د التنظيمي وهو القانون الذي يحدد القواع
الحقوق و القواعد المتعلقة بالقيادة و الخدمة العسكرية.
18 /يقال الوكيل العسكري أو وكيل الجمهورية العسكري وهما بمعنى واحد إلا أنه عمليا يصطلح عليه الوكيل العسكري
le procureur Militaire de la للجمهورية ويدون في المحاضر و الإرساليات ذا المصطلح، و باللغة الفرنسية يقال
.République
13
العسكرية، كما أن عليهم إثبات جميع الإجراءات التي يقومون ا في محاضر موقع عليها منهم،
ويبينوا فيها وقت اتخاذ أي إجراء من الإجراءات المخولة لهم قانونا في إطار مهمتهم، وتاريخ ومكان
حصوله 19 ، وعليهم فور الانتهاء من التحقيق الأولى –كما أشرنا سالفا - أن يرفعوا المحاضر و
الأشياء المضبوطة مرف قة بخلاصة عن القضية إلى النيابة العسكرية المختصة ثم إلى المصالح العسكرية
55 من قانون القضاء العسكري. ، الأخرى المعنية بذلك، وهذا ما نصت عليه المادتين 54
المطلب الثاني : اختصاصات وصلاحيات الضبط القضائي العسكري
لقد أعطى المشرع الجزائري في قانون القضاء العسك ري و قانون الإجراءات الجزائية لضباط
الشرطة القضائية المدنية و العسكرية بصفة عامة صلاحيات واختصاصات واسعة نظرا لطبيعة النشاط
الذي يمارسونه في إطار الضبط القضائي ، و الذي ينطوي على أعمال فيها مساس بحقوق وحرية
الأفراد في سياق البحث و التحري عن الجرائم، لذلك فإ م ملزمون بالقواعد التي ينص عليها
القانون أثناء ممارستهم مهام الضبطية القضائية ابتداء من لحظة ارتكاب الجريمة إلى غاية صدور حكم
. بات بإدانة المشتبه فيه أو بتبرئته، وهذا ما يعرف بمبدأ شرعية الإجراءات الجزائية 20
إن ضباط الشرطة القضائية العسكرية يتصرفون طبق ا لقانون القضاء العسكري والذي يحيل
بدوره إلى قانون الإجراءات الجزائية إلا ما استثنى بنص خاص في هذا القانون، وهو ما نصت عليه
المادة 45 في فقرا الرابعة إذ جاء فيها "ومع مراعاة عدم التعارض مع أحكام هذا القانون، فإن
ضباط الشرطة القضائية العسكرية يتصرفون طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية"، وسنحاول
في هذا المطلب التركيز على أهم الجوانب المختلفة في ذلك ، وخاصة ما تنفرد به الضبطية القضائية
العسكرية من إجراءات في إطار اختصاصاا و صلاحياا مع ذكر الإجراءات العامة التي قيدها
قانون الإجراءات الجزائية في ذلك، وهو ما نتطرق إليه في الفرعين التاليين نتكلم في أولها عن
الاختصاصات ثم عن الصلاحيات و الآيلة لهم بمقتضى القوانين أو الأنظمة.
. 1999 ص 47 ، 19 جيلالي بغدادي، التحقيق دراسة مقارنة، الديوان الوطني للأشغال التربوية، ط 01
20 . د/ أحمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون الإجراءات الجزائية ، دار النهضة العربية القاهرة ، الجزءالأول، ط 1985 ص 52
14
الفرع الأول : اختصاصات ضباط الشرطة القضائية العسكرية
لقد حدد المشرع اختصاصات الشرطة القضائية العسكرية و المهام المسندة لها أثناء تأدية
مهامها و التي تبدأ من لحظة ارتكاب مخالفة للقانون لغاية الوصول إلى إظهار الحقيقة، وهذه
الاختصاصات و المهام الممنوحة لها تتنوع بحسب السلطة المخولة لها قانونا، فأثناء ممارسة
الاختصاص العادي يسوغ لها البحث و التحري عن الجرائم و الوصول إلى مرتكبيها وجمع
الاستدلالات عن ذلك، واستثناءا يمكنها بناء على القانون مباشرة بعض الإجراءات التي تعتبر أصلا
من اختصاص جهات التحقيق العسكري سواء كان ذلك بناءا على نص صريح في القانون كحالة
التلبس، أو بناء على إنابة قضائية، وفي هذا الإطار لا بد من ضوابط فرضها المشرع الجزائري تدخل
في نطاق اختصاصات الشرطة القضائية العسكرية حتى يتسنى لها القيام بأعمالها على وجه يضمن
شرعية الإجراءات التي تقوم ا، ناهيك على صيانة حقوق المشتبه فيه ، ومن هذه الضوابط ما يجب
أن تتوفر في عضو الشرطة القضائية العسكرية وهو ما يعرف بالاختصاص الشخصي، ومنها م ا
يرتبط بمكان ممارسة أعمال الضبط القضائي العسكري وهو ما يعني الاختصاص الإقليمي أو المحلي ،
ومنها ما يتعلق بنوعية العمل الذي يقومون به وهو ما يدخل في نطاق الاختصاص النوعي، وهذا ما
سنتطرق إليه من خلال ما يلي:
أولا : الاختصاص الشخصي:
لا بد في ممارسة أعمال الشر طة القضائية العسكرية أن يكون الشخص له صفة ضابط شرطة
قضائية عسكرية حسب مفهوم المادتين 45 و 47 من قانون القضاء العسكري 21 فلا يسوغ
تفويض هذا الاختصاص ما لم يكن القانون يجيز ذلك، وفي أثناء المواعيد المقررة له رسميا ولا يجوز له
ممارستها إذا كان في عطلة طويلة أو موقوفا وذلك رعاية للطابع المميز لهذا الاختصاص.
ثانيا : الاختصاص الإقليمي:
يراد بالاختصاص الإقليمي تحديد محيط الدائرة الإقليمية بحيث يسو غ لضابط الشرطة
القضائية أن يباشر بداخل محيط تلك الدائرة الاختصاصات المخولة له، وتتحدد تلك الدائرة بناء
21 سبق الإشارة لذلك أثناء حديثنا عن أعضاء الضبط القضائي العسكري في المطلب الأول من هذا البحث.
15
على القانون في نطاق إقليمي محدد، وغالبا ما يتحدد الاختصاص الإقليمي على جزء من الإقليم 22
فيتنوع هذا الاختصاص بتنوع الصفة أو الجهة التي يختص ا ضابط الشرطة القضائية، وكذلك
بحسب نوع الجريمة، فقد يكون اختصاصا محليا ، كما قد يكون اختصاصا وطنيا 23 يشمل كامل
التراب الوطني ، فضب اط الشرطة القضائية العسكرية يباشرون مهامهم بعد تعيينهم رسميا في منصبهم
ضمن حدود الإقليم الذي يمتد إليه اختصاص ذلك المنصب وهو ما تنص عليه المادة 52 في فقرا
الأولى من قانون القضاء العسكري بالنسبة لضباط الشرطة القضائية العسكرية التابعين للدرك الوطني
إذ جاء فيها "يختص العسكريون في الدرك ممن يحوزون صفة ضباط الشرطة القضائية العسكرية
لممارسة وظائفهم الاعتيادية في نطاق الحدود الإقليمية التابعة لها ". إلا أنه في حالة الاستعجال يمتد
هذا الاختصاص إلى الإقليم الذي يشمله اختصاص المحكمة العسكرية التابعين لها ، مثلا قائ د كتيبة
الدرك الوطني لبئر مراد رايس أو زرالدة يمكنه في حالة الاستعجال أن يجري تحقيقات في حدود إقليم
الناحية العسكرية الأولى وهو الإقليم التابع للمحكمة العسكرية بالبليدة ، وهو ما نصت عليه الفقرة
الثانية من المادة 52 حيث جاء فيها "ويجوز في حالة الاستعجال أن يشمل نشاطهم كل دائرة
الاختصاص التابعة للمحكمة العسكرية المرتبطين ا".
فما المقصود هنا بحالة الاستعجال ؟.
فالمشرع الجزائري لم يعرف هذه المادة سواء في قانون القضاء العسكري أو قانون الإجراءات الجزائية
عندما نص على هذه الحالة في المادة 16 في فقرتيها الثانية و الثالثة 24 من هذا القانون.
فالإشكال الذي ي ثور يكمن في تحديد حالة الاستعجال و التي من شأا التمكين لامتداد الاختصاص
المحلي . 25
ة 1999 ة، د .و.م.ج، الطبع راءات الجزائي انون الإج ي ق ية ف ادئ الأساس صور ، المب راهيم من حاق إب 22 إس
. صفحة 58
. 23 /عبد الله أوهايبية ، شرح قانون الإجراءات الجزائية ، ج 1 الطبعة الكاهنة 1998 صفحة 135
روا تعجال- أن يباش ة الإس ي حال م –ف وز له ه يج ي "... إلا أن ا يل ى م ادة 16 عل ن الم رتين م نص الفق 24 ت
مهمتهم في آافة دائرة إختصاص المجلس القضائي الملحقين به.
ويجوز لهم أيضا –في حالة الإستعجال - أن يباشروا مهمتهم على كافة تراب الجمهورية الجزا ئرية الديمقراطية الشعبية إذا طل ب
منهم أداء ذلك من طرف أحد رجال القضاء المختصين قانونا وينبغي أن يساعدهم ضابط شرطة قضائية الذي يمارس وظائفه في
اموعة السكنية المعينة".
. 25 عبد الله أوهايبية ، المرجع السابق ، صفحة 137
16
وللإجابة على هذا التساؤل يقتضي الحال تناوله من خلال ما نستخلص من المادتين 52 من
قانون القضاء العسكري و المادة 16 من فقراا الثانية و الثالثة من قانون الإجراءات الجزائية.
فكلا النصين يجيزون إمكانية اتساع اختصاص ضابط الشرطة القضائية في حالة الضرورة، حيث
أجاز المشرع له أن يمارس مهامه في كافة دائرة اختصاص المحكمة العسكرية الملحق ا أو الس
القضائي بالنسبة لضباط الشرطة القضائية المدنية .
وتدخل في حالة الضرورة، الجرائم المتلبس ا 26 وذلك إذا تطلب التحقيق إجراءات ضرورية
كالبحث عن المتهمين الهاربين في أماكن خارج دائرة الاختصاص المحلي لضابط الشرطة القضائية
العسكرية أو المدنية ، فهنا قد يضطر إلى ذلك مدفوعا بمبررات الضرورة الإجرائية التي أب احت هذا
الامتداد، وأضافت كلتا المادتين إمكانية امتداد الاختصاص المحلي لضابط الشرطة القضائية في حالة
الاستعجال شرط أن يكون بناء على طلب من السلطة القضائية بأن يمارسوا المهام الموكلة إليهم على
كافة تراب الجمهورية مع ضرورة أن يعاوم ضابط من ضباط الشرطة القضا ئية المختصين محليا
الذي يباشر أعماله في اختصاصه المعهود، وللإشارة فإن هذا الإجراء مشروط بضرورة إطلاع وكيل
الجمهورية العسكري مسبقا لما له من سلطة الإدارة و الإشراف على أعمالهم كما نصت على ذلك
المادة 45 في فقرا الثالثة.
كما يسوغ لضباط الشرطة القضائية العس كرية المحددين في المادة 52 في الحالات الاستثنائية
أيضا أن ينفذوا الأعمال التي يؤمرون ا في أي مكان من التراب الوطني، سواء بناء على تعليمات
السلطة المؤهلة بطلب الملاحقات أو المتابعات القضائية ، أو بتسخير من وكيل الجمهورية العسكري
في إطار تحقيق في جريمة متلب سة أو بموجب إنابة قضائية صادرة عن قاضي التحقيق العسكري وه ذا
حسب الفقرة الثالثة من المادة 52 من قانون القضاء العسكري.
إضافة إلى ذلك فقد حددت الفقرة الرابعة من المادة 52 و التي تعني ضباط الشرطة القضائية
العسكرية المحددين في المادة 45 من نفس القانون و المشار إليهم سلفا ونستثني من ذلك كل
عسكريوا الدرك الوطني الذين لهم صفة الضبط القضائي العسكري بنص المادة 52 في فقراا الأولى
و الثانية و الثالثة 27 ،أن ضباط المصالح المعينة خصيصا للضبط القضائي العسكري بموجب
26 MARCEL LE CLERE : EVOLUTION DE LA COMPETENCE TERRITORIALE DES
OFFICIERS DE LA POLICE JUDICIAIRE, DALLOZ , 1961, CHRON 151.
27 /سبق التنويه بذلك فيما سبق.
17
قرار من وزير الدفاع الوطني كالمصلحة المركزية للتحريات العامة التابعة لدائرة الاستعلامات و
الأمن لوزارة الدفاع الوطني أو ما يصطلح عليهم بالأمن العسكري هم مختصين بالقيام بأعمال
الضبط القضائي العسكري في نطاق الحدود الإقليمية التي يمارسون فيها مهامهم الخاصة و الآيلة لهم
بمقتضى القوانين و الأنظمة حسب مفهوم هذه المادة، وهذا الصنف من العسكريين لهم الاختصاص
على كافة التراب الوطني ، وهذا وفقا للقوانين و الأنظمة المحددة لطبيعة الأعمال التي يقومون ا و
المسندة لهذه المصالح و المتعلقة بالجرائم الخطيرة الماسة بأمن الدولة مثلا كجرائم الجوسسة و الخيانة و
التخريب و التي تتطلب العمل و التنقل عبر كامل التراب الوطني دون قيد . 28
ومما تجدر الإشارة إليه أنه أثناء قيامهم بأعمالهم يجب عليهم إخطار وكيل الجمهورية
العسكري الذي يعملون في دائرة اختصاصه مسبقا لما له –كما أشرنا سالفا - من سلطة الإدارة و
الإشراف على أعمالهم بنص القانون.
أما الصنف الثاني من ضباط الشرطة القضائية العسكرية و الذين حددم المادة 47 من قانون
القضاء العسكري فإن اختصاصهم الإقليمي يكون فقط داخل مؤسسام العسكرية دون سواها
وهذا بنص القانون.
ثالثا : الاختصاص النوعي:
ويشمل هذا الاختصاص على المهام المعتادة المخولة ق انونا لضباط الشرطة القضائية العسكرية
وما يناط م من أعمال وما يخصهم القانون من إجراءات يتخذوا في سبيل القيام بمهامهم و
55 و المواد من 57 إلى 66 من قانون ،54 ،53 ،51 ،50 ،49 ، المنصوص عليها في المواد 43
القضاء العسكري، فالفقرة الأولى من المادة 43 تحدد على وجه الخصوص المهام المخولة لضباط
الشرطة القضائية العسكرية ، وهي التحقيق في الجرائم العائدة لاختصاص المحاكم العسكرية وجمع
الأدلة عنها و البحث عن الفاعلين الأصليين ما دام لم يفتح التحقيق، ومما يجدر بيانه أن هذه المادة
يقابلها في قانون الإجراءات الجزائية نص الم ادة 12 التي تسند للضبط القضائي مهمة البحث و
التحري عن الجرائم وجمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها ما دام لم يبدأ فيها تحقيق قضائي،
وكلا المادتين تحدد الصلاحيات الآيلة لضباط الشرطة القضائية المدنية و العسكرية بموجب القانون.
28 . أحمد غاي، المرجع السابق ، ص 113
18
وللإشارة فإن المحاكم العسكرية تختص بالنظر في الدعوى العمومية فقط طبقا للمادة 24 من هذا
القانون، بالإضافة إلى أن الجرائم ذات الطابع العسكري المح ض هي من اختصاص المحاكم العسكرية
وحدها طبقا لمقتضيات المادة 25 من نفس القانون.
وهو ما نصت عليه المحكمة العليا في عدة قرارات، منها القرار الصادر بتاريخ 24 يناير
29. 1984 عن الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 37519
ثم إن صفة العسكري لا تكفي وحدها لجعل الجريمة العادية من اختصاص المحكمة العسكرية ،
1 من قانون القضاء العسكري وهي أن تقع / بل لا بد من توافر أحد الشروط المقررة بالمادة 25
الجريمة داخل المؤسسة العسكرية أو في الخدمة أو لدى المضيف ، وبناء على ذلك إذ ا أثبتت أن
السرقات التي ارتكبها المتهم لم تقع ضمن الشروط المذكورة وقضت المحكمة العسكرية بعدم
اختصاصها فإن حكمها هذا يكون مطابقا للقانون ... قرار صادر يوم 23 نوفمبر 1982 عن
30. الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 30781
و إلى جانب اختصاصها العيني المؤسس على الطبيعة العسكرية البحتة للجريمة للمحاكم العسكرية
أيضا اختصاص شخص ي بسبب الصفة للجاني بحيث تختص بالنظر في جرائم القانون العام المرتكبة
من قبل العسكريين و شبه العسكريين أثناء الخدمة أو في الثكنات أو المؤسسات العسكرية أو لدى
2/ المضيف، سواء كانوا فاعلين أصليين أو فاعلين أصليين مساعدين أو شريكين حسب المادة 25
من قانون القضاء العسكري . 31
فإذا كان الاختصاص سواء المكاني أو الشخصي أو النوعي هو من النظام العام فإن القاعدة
العامة في ذلك هو أن الدفع بعدم الاختصاص يج وز التمسك به في أية مرحلة كانت عليها الدعوى
كما يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها غير أنه في القضاء العسكري لا يجوز للمتهم وكل
فريق في الدعوى أن يرفع للمرة الأولى أمام المحكمة العليا بعدم اختصاص المحكمة العسكرية لأن المادة
150 من قانون القضاء العسكري الفقرة الثالثة منها توجب في هذا الشأن أن يقدم لدى
29 ، /جيلالي بغدادي ، الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية، الجزء الأول، طبع الديوان الوطني للأشغال التربوية لسنة 2002
صفحة 264 وما يليها.
.266 ، 30 /جيلالي بغدادي نفس المرجع السابق صفحة 265
سنة ة ل غال التربوي وطني للأ ش ديوان ال ع ال ام ، طب ي الع انون الجزائ 31 / د/ أحسن بو سقيعة ، الوجيز في الق
. 2002 الطبعة الأولى الصفحة 39
19
هذه المحكمة طلبات كتابية قبل البدء في المرافعات و إلا سقط الحق بالتمسك بالدفع بعدم
الاختصاص وأصبح غير مقبول وهو ما أكدته المحكمة العليا في عدة قراراا بتاريخ
32 وغالبا ما ي دفع فرقاء الدعوى بعدم 1986/06/24 ،1984/01/24 ،1982/11/23
اختصاص المحكمة العسكرية للمرة الأولى أمام المحكمة العليا ، ومن المعلوم أن المحكمة العليا –الغرفة
الجنائية- لا يجوز لها أن تناقش هذا الدفع و بالتالي تقضي بعدم قبوله طبقا للمادة 150 من هذا
القانون، الفقرة الثالثة منه، فإذا كانت هذه الدفو ع لا تقبل أمام المحكمة العسكرية بعد الشروع في
رفع الدعوى التي تعد الدرجة الأولى للتقاضي، ما بالكم لو طرحت أمام المحكمة العليا ال تي لا تكون
درجة من درجات التقاضي و ال تي لا يسوغ له ا القانون أن تنظر إلا في المسائل التي عرضت على
محكمة الموضوع.
إلا أنه حفاضا ع لى السر وتماشيا مع حسن سير العدالة الذي يقتضي بأن يحال الجاني على
المحاكم العسكرية ، فإن المحكمة العليا في بعض الحالات تمدد اختصاص تلك المحاكم إلى قضايا ليست
في الواقع من اختصاصها إذا كانت مرتبطة مع قضية أخرى هي من اختصاص المحاكم العسكرية و لا
يكون ثمة إخلا ل بحقوق الدفاع ، وذلك لأن القانون الذي سيطبق على الواقع سيكون لا محالة هو
1986 م 33 ،وسنحاول /02/ 1984 م، قرار جنائي 04 /01/ القانون العام، قرار جنائي 24
التطرق لصلاحيات ومهام الضبط القضائي العسكري بصفة أوسع في الفرع الموالي:
الفرع الثاني : صلاحيات ضباط الشرطة القضائية العسكرية
أعطى قانون القضاء العسكري لضباط الشرطة القضائية العسكرية الحق في اتخاذ عدد من
الإجراءات و الصلاحيات وأسند لهم عدة مهام و التي تعتبر ماسة بحرية الأشخاص وهذا في إطار
الضبط القضائي العسكري، ولقد نص القانون على هذه الإجراءات المخولة لضابط الش رطة القضائية
55 و المواد 57 إلى 66 من هذا ،54 ،53 ،51 ،50 ،49 ، العسكرية في المواد 43
ة ى للمحكم ة الأول ة الجنائي ف الغرف ريين، موق وقين الجزائ 32 /مجلة الفكر القانوني : صادرة على إتحاد الحق
سول ، ادر ق د الق ق، عب سكري تعلي العليا "فيما يخص مفهوم الخدمة" المنصوص عليه في قانون القضاء الع
. مستشار بالمحكمة العليا، العدد الثالث 1986 ، صفحة 157
. 33 /مجلة الفكر القانوني ، المرجع السابق ، ص 160
20
القانون ، ويلاحظ أنه فيما لم يرد في هذا القانون فتطبق القواعد العامة الواردة في قانون الإجراءات
الجزائية تطبيقا لنص المادة 54 من قانون القضاء العسكري و التي تنص على أن ض باط الشرطة
القضائية العسكرية يقومون بأعمالهم ويضعون محاضرهم وفقا للقواعد المنصوص عليها في
قانون الإجراءات الجزائية، وذلك فيما عدا الأحوال الخاصة المستثناة بقانون القضاء
العسكري، وسنبين هذه الصلاحيات و الإجراءات من خلال ما يأتي:
أولا : تلقي الشكاوي و البلاغات:
إن الواجب الأول الملقى على ضباط الشرطة القضائية العسكرية هو قبول الشكاوي
والبلاغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم التي تقع وإرسالها دون تمهل إلى النيابة العسكرية المختصة.
و المقصود بالبلاغات هو الإبلاغ عن الجريمة أي إعلام أو نقل نبأ الجريمة إلى مسمع ال شرطة
القضائية 34 سواء حصل من شخص مجهول أو معلوم ومن أي جهة عمومية أو خاصة شفاهة أو
كتابة أو عن طريق الهاتف أو الصحف أو أية وسيلة أخرى . أما الشكاوي فهي تلك الإخبارا ت التي
يتقدم ا الشخص الذي هو اني عليه في جريمة ما ، أي الضحية هو الذي يبادر بتبليغ السلطات
. عنها 35
ولا يشترط في ذلك أن تكون الجريمة المشكو منها خطيرة أو بسيطة ، إنما يكفي أن تتضمن
الشكوى وقوع الجريمة لذلك أوجب القانون أن يبعثوا فورا هذه البلاغات و الشكاوي التي ترد
إليهم بشأن الجرائم إلى النيابة العسكرية المختصة وهو ما نصت عليه المادة 49 من قانو ن القضاء
العسكري.
ثانيا : البحث و التحري عن الجرائم وجمع الاستدلالات عنها
لقد بين قانون القضاء العسكري أن المهام الرئيسية التي تضطلع ا الشرطة القضائية العسكرية هي
البحث و التحري عن الجرائم ، ولا بد لها من أن تلجأ تبعا لذلك إلى كافة الطرق للوقوف على
النشاط الإجرامي وضبط القائمين به طالما أن الوسائل التي تنتهجها هي وسائل مشروعة لا تثير شبهة
مخالفة القانون و لا تجافي الحقيقة ، ومن شأا توجيه القضية وجهة سليمة . 36
34 . محمد محدة، ضمانات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية ، ج 2 ، دار الهدى ط 1 سنة 1991 ، ص 112
35 . أحمد غاي ، المرجع السابق، ص 165
36 CHARLES PARRA traite de procédure pénale policière –étude théorique et pratique librairie
aristid quillet paris 1960 P 220.
21
ولقد أكدت المادة 43 هذه المهمة التي يقوم ا ضب اط الشرطة القضائية العسكرية سواء من
تلقاء أنفسه م أو بطلب من السلطة المختصة بالملاحقات أو بناء على تعليمات وكيل الجمهورية
العسكري، وإما بناء على طلب إحدى السلطات المذكورة في المادة 47 وهذا حسب المادة 50 من
قانون القضاء العسكري.
كما يدخل ضمن مهام وصلاحيات الشرطة القضائية العسكرية في إطار أعمال الاستدلال
الإجراءات القانونية التالية:
أ/الانتقال إلى مكان الجريمة وإجراء المعاينة:
إن ارتكاب أي جريمة لا بد أن تنتج عنه آثار بالإمكان معاينتها سواء على جسم مرتكب
الجريمة أو على جسم الجريمة ذاا أو في مكان اقترافها ، لذلك فإن الكشف عن ملابساا ومعرفة
مرتكبيها لا بد أن ينطلق من تلك الآثار ، و المعاينات هي التي تمكن ضابط الشرطة القضائية من
الوقوف على الآثار المادية للجريمة وهذا بعد انتقاله فورا إلى مسرح الجريمة وإخبار وكيل الجمهورية
العسكري مسبقا بذلك ، و المعاينات تعتبر أهم جزء في التحريات باعتبار أن الأدلة المادية لها تأثير
مباشر في الكشف عن الحقيقة 37 كرفع البصمات ، وهذا الإجراء يجسد مفهوم المادة 50 من قانون
القضاء العسكري.
ب/جمع الإيضاحات و المعلومات اللازمة:
و التي من شأا أن تخدم التحقيق من أي شخص يفيد في ذلك.
ج/سماع أقوال المشتبه فيه:
على أن لا تكون الأسئلة الم وجهة إليهم تنصرف إلى الأمور التفصيلية و التي من شأا أن
تثبت التهمة أو التي ا يمكن محاولة استدراجه و الإيقاع به، ذلك لأن مثل هذه الأسئلة تخرج سماع
. الأقوال عن نطاقه القانوني إلى الاستجواب المحظور عليهم أصلا 38
د/التفتيش و الحجز:
يباشر ض باط الشرطة القضائية العسكرية التفتيشات خارج المؤسسات العسكرية في إطار
البحث عن الجرائم العائدة لاختصاص القضاء العسكري وفق قانون الإجراءات الجزائية كما يجب
37 أحمد غاي ، المرجع السابق ، ص 167
38 . د/ أحمد فتحي سرور، المرجع السابق ج 2 ، ص 26
22
عليهم إخطار وكيل الجمهورية لدى المحكمة المدنية المختصة التي يمكنها أن تحضر عمليام أو توفر
من يمثلها وهذا ما نصت عليه المادة 45 في فقرا الأخيرة.
أما التفتيشات داخل المؤسسات العسكرية فتتم بناء على تعليمات كتابية لضباط الشرطة
القضائية العسكرية من وزير الدفاع الوطني أو وكيل الجمهورية العسكري المختص إقليميا وحجز ما
تعلق بذلك وتجري هذه التفتيشات ليلا أو ارا ، ولم يقيد الم شرع أوقاتا يحضر فيها التفتيش وإنما
جعل الأمر متروك لسلطة وزير الدفاع أو كيل الجمهورية العسكري المختص وهذا حسب المادة
53 من هذا القانون.
ه/ التوقيف للنظر:
لقد مكن قانون القضاء العسكري في المواد 57 وما يليها ضباط الشرطة القضائية العسكرية
في مرحلة التحقيق ا لأولي أو في حالة التلبس حسب التعريف الوارد بقانون الإجراءات الجزائية 39
إمكانية توقيف المشتبه فيهم للنظر م تى دعت إلى ذلك مقتضيات العمل المنوط م ويجب على ضابط
الشرطة القضائية العسكرية أن يخطر السلطة القضائية العسكرية بذلك، وهو ما نصت عليه المادة
1/51 من قانون الإجراءات الجزائية.
و الجدير بالذكر أن مهل التوقيف للنظر أو الوضع تحت المراقبة لضرورات التحقيق الأولي
هي ثلاثة أيام، ويجوز مد هذ ه المهلة ب 48 ساعة بموجب مقرر من وكيل الجمهورية العسكري
. 57 و 58 فقرة 2 ، المختص بذلك 40 وهذا حسب مفهوم المواد 45 فقرة 5
كما ينبغي على الرؤساء السلميين تلبي ة طلب ضباط الشرطة القضائية العسكرية، الرامي لأن
يوضع تحت تصرفهم عسكري قائم بالخدمة عندما تقتضي ذلك ضرورات التحقيق الأولى أو الجرم
المتلبس به أو عند تنفيذ إنابة قضائية وهذا حسب هذا القانون.
غير أنه لا يجوز لضباط الشرطة القض ائية العسكرية أو المدنية الاحتفاظ بالأشخاص الأجانب
عن الجيش إلا في نطاق الأوضاع و الكيفيات المحددة في المواد من 51 إلى 53 و
المادتين 65 و 141 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تتضمن في مجملها مدة التوقيف للنظر
39 أنظر المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية.
40 أحمد لعور ، نبيل صقر، الموسوعة القضائية في المواعيد القانونية، دار الغرب للنشر و التوزيع، الطبعة الأولى 2002 ، ص
.94 ،93
23
التي لا يمكن أن تزيد عن 48 س اعة و التي يمكن تمديدها وفق ما نص عليه قانون الإجراءات الجزائية
بالإضافة إلى إخطار السلطة القضائية بذلك.
كما ينبغي على ضباط الشرطة القضائية العسكرية سوق العسكريين الموقوفين بالجرم المتلبس
به أو الذين تقوم ضدهم أدلة خطيرة ومطابقة للجرم لتقديمهم لوكيل الجمهور ية العسكري أو
، السلطة القضائية العسكرية أو المدنية المختصة في مهل أقصاه حلول آجال المهل المحددة في المواد 57
58 أو 59 من قانون القضاء العسكري وهذا بحسب الحالة ، ويجب إخبار الرؤساء السلميين
بالنقل، وفي انتظار سوق العسكريين المذكورين فإنه يجوز وضعهم في غرفة الأمن التابعة لثكنة الدرك
أو أي مؤسسة أخرى أو في مكان خاص بالشرطة العسكرية حسب المادة 60 من نفس القانون،
كما تطبق حسب المادة 62 على العسكريين في زمن السلم الإجراءات الخاصة بالوضع تحت المراقبة
فيما يتعلق بالاعتداء على أمن الدولة.
وتشير المادتين 65 و 66 إلى الأشخاص الموجودين في وضع عسكري غير قانوني ووضعهم
تحت التصرف 41 طبقا لما سبق ذكره في المادة 57 فقرة 02 ، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الإجراء
يقوم به عسكريو الدرك الوطني ولحين انقضاء ثلاثة أيام على الأكثر يجب تقديم هؤلاء العسكريين
للسلطة العسكرية المختصة لضبط وضعهم.
ويتولى مراقبة الوضع تحت المراقبة وكيل الجمهورية العسكري أو قاضي التحقيق العسكري
المختصان إقليميا و اللذان يمكنهما أن يفوضا سلطتهما إلى كل من وكيل الجمهورية أو قاضي
التحقيق لدى المحكمة المدنية التي حصل في دائرة اختصاصها الوضع تحت المراقبة نظرا لشساعة ر قعة
المحكمة العسكرية ، فاختصاصها الإقليمي يشمل كل اختصاص الناحية العسكرية التابع لها كما سبق
بيان ذلك.
اقتضى التنظيم الخاص بالقوات المسلحة الجزائرية في حجمها وتطوره ا، ضرورة إيجاد
جهاز قضائي متخصص يتولى أمر تحقيق العدالة الجنائية بين أفراد هذه القوات بالدرجة
الأولى حتى تستطيع أن ترقى إ لى مصاف المسؤولية الملقاة على عاتقها لتحقيق رسالتها
28 بتاريخ 22 أفريل – الموكلة لها دستوري ا. ولمتطلبات الضرورة صدر الأمر رقم 71
1971 و الذي تضمن قانون القضاء العسكري لإعطاء صورة دقيقة لهذا القضاء الخاص ،
وليس بالاستثنائي كما هو شائع ، وتتجلى هذه الخصوصية في نوعية و طبيعة الجرائم
المعروضة عليه من ناحية، ولخصوصية النظام العام العسكري الذي يستوجب الفعالية
والسرعة في معالجة الإجراءات باعتبارها الوسيلة الضرورية لفرض الحزم والضبط و الربط
بين قوات لها أهمية بالغة نابعة من جسامة المهام المسندة لها ، مع ضمان الحقوق و الحريات
المكفولة للأشخاص بموجب الدستور من جهة ثانية.
و القضاء العسكري يخضع في أغلب مراحله لقانون الإجراءات الجزائية وقانون
العقوبات عدا ما هو منصوص عليه في قانون القضاء العسكري ، وهذا أخدا بالقاعدة
العامة الخاص يقيد العام، وغني عن البيان أن أحكامه تصدر باس م الشعب وتخضع لرقابة
المحكمة العليا، وهذا ما يجسد وحدة الشريعة الجزائية في البلاد.
فكثير من رجال القانون –كما هو الحال - يجهل الإجراءات البسيطة لسير عمل
المحاكم العسكرية وكيفية ممارستها القضاء العسكري ، الذي يبدو صعب الدراية و الفهم
3
وهذا نظرا لقلة المؤلفات في هذا الباب إن لم نقل منعدمة ، وموازاة مع هذا، ونظرا للأهمية
البالغة التي يكتس يها الموضوع من الناحية القانونية و العملية ، ارتأينا ونحن بصدد إعداد
هذه المذكرة المتواضعة أن نغترف جانب ا من الأهمية بما كان في موضوع القضاء العسكري ،
مسلطين الضوء على بعض إجراءاته بصفة عامة، وعلى وجه الخصوص في التحري و
المتابعة أمام القضاء العسكري، معتمدين في ذلك على دراسة نظرية وعملية متبوعة ببعض
الإجتهادات المحتشمة للمحكمة العليا لقلة القضايا المطروحة عليها في هذا المقصد، ودليلنا
في ذلك قانون القضاء العسكري و القواعد العامة المطب قة في القانون العام، بالإضافة إلى
بعض المؤلفات الأجنبية ، محاولة منا التركيز على مسائل قان ونية محددة في هذا اال
الواسع.
فقد خول المشرع الجزائري في قانون القضاء العسكري لفئة معينة من العسكريين
الإضطلاع بمهام على غاية من التخصص و الدقة و الخطورة ، تقتضي تك وينا خاصا في
مجال الإجراءات الجزائية العسكرية ، ألا وهي مهام الضبطية القضائية العسكرية ، التي تتولى
البحث و التحري عن الجرائم والكشف عن مرتكبيها وتسليمهم للجهة القضائية
العسكرية المختصة التي تباشر عملها في الملاحقات و المتابعة ، وهذا وفق إجراءات
وضوابط قيدها هذا القانون على غرار ما يجري أمام محاكم القانون العام، إلا أن
خصوصيات العمل العسكري ومتطلبات الحياة العسكرية فرضا على المشرع الجزائري من
خلال استقر اء أحكام قانون القضاء العسكر ي في هذا السياق ، اختلافات متفاوتة في
إجراءات التحري و المتابعة أمام المحاكم العسك رية، وهذا ما يجرنا لدراسة هذا الموضوع
بنوع من التفصيل، محاولين الإجابة عن الإشكاليات المطروحة التالية:
- من هم أعضاء الضبط القضائي العسكر ي ؟ وما هي اختصاصام
وصلاحيام؟.
- ما هي طبيعة العلاقة بين الضبطية القضائية العسكرية و السلطة القضائية
العسكرية؟
4
- ما هي إجراءات المتابعة أمام هذا القضاء الخاص؟ وهل تختلف عن تلك المحددة في
القانون العام؟
-كيف تحرك وتباشر الدعوى العمومية أمام المح اكم العسكرية ؟ ومن يقوم بذلك و
تحت أي سلطة؟.
هذا ما نحاول التطرق إليه حسب خطة العمل التالية و التي فصلناها في فصلين ،
نتناول في الأول إجراءات البحث و التحري و في الفصل الثاني نتطرق لإجراءات المتابعة
و هذا أمام القضاء العسكري وفق ما يلي:
5
الفصل الأول: إجراءات البحث و التحري أمام القضاء العسكري.
المبحث الأول: الضبط القضائي العسكري
المطلب الأول: أعضاء الضبط القضائي العسكري و واجبام.
المطلب الثاني : اختصاصات وصلاحيات الضبط القضائي العسكري.
المبحث الثاني : علاقة الضبطية القضائية العسكرية بالسلطة القضائية العسكرية.
المطلب الأول : أساس العلاقة بين الضبطية القضائية العسكرية و السلطة
القضائية العسكرية.
المطلب الثاني : طبيعة العلاقة بين الجهات القضائية العسكرية و الضبطية القضائية
العسكرية.
الفصل الثاني : إجراءات المتابعة أمام القضاء العسكري.
المبحث الأول : الدعوى العمومية و الملاحقات.
المطلب الأول : تحريك الدعوى العمومية ومباشرا.
المطلب الثاني : الملاحقات الجزائية العسكرية وانقضاء الدعوى العمومية.
المبحث الثاني: النيابة العسكرية وإجراءات المتابعة.
المطلب الأول : صلاحيات واختصاصات الوكيل العسكري للجمهورية.
المطلب الثاني : سير المتابعة أمام النيابة العسكرية.
الخاتمة
6
الفصل الأول
إجراءات البحث و
التحري
أمام القضاء
العسكري
7
إن مما لا شك فيه أن الدولة الحديثة تقوم بوظيفتين أساسيتين، الأولى هي منع وقوع الجرائم
بالعمل على الرقابة و الوقاية وهو ما يسمى بإجراءات الضبط الإداري، و الثانية هي تعقب الجريمة
بعد وقوعها بالبحث و التحري عن فاعلها وجمع المعلومات و الاستدلالات اللازمة لإثبات التهمة
على الجاني، 1 ولا يختلف اثنان على الدور الذي تقوم به رجال الضبطية القضائية العادية و
العسكرية في اقتفاء أثار الجريمة و تتبع قفى هؤلاء ارمين، وذلك وفق إجراءات خاصة ضبطها
المشرع الجزائري ورتبها لتكون أكثر ضمانا لحقوق المشتبه فيه من جهة، وذو مصداقية قانونية
لتكريس سلطان العدالة من جهة أخرى، وسنقتصر في موضوعنا هذا على ذكر إجراءات البحث و
التحري أمام المحاكم العسكرية، ونتطرق فيما يلي للضبط القضائي العسكري وأعضائه وواجباته
ومعنى الضبطية القضائية العسكرية واختصاصاا وصلاحياا، بالإضافة إلى علاقة هذه الأخيرة
بالسلطة القضائية العسكرية في المبحثين التاليين.
1 د / عزت مصطفى الدسوقي، شرح قانون الأحكام العسكرية، الكتاب الثاني، مكتبة النهضة المصرية الطبعة الأولى سنة
. 1991 صفحة 25
8
المبحث الأول: الضبط القضائي العسكري:
تمر الدعوى العمومية عبر مراحلها 2 بمرحلة جمع الاستدلالات و الأدلة ثم تمحيصها، وهي
المرحلة التي يطلق عليها المرحلة التمهيدية أو مرحلة التحقيق الأولى قبل تقديمها إلى المحكمة العسكرية
المختصة، والتحقيق الأولى هو كل ما تقوم به سلطات الضبط القضائي العسكري من إجراءات في
سبيل جمع الأدلة وتمحيصها و التصرف فيها، وبعبارة أخرى هو كل ما يقوم به ضباط الشرطة
القضائية من إجراءات بجمع الاستدلالات و المعلومات و البيانات الخاصة بالجريمة عن طريق التحري
. عنها و البحث عن فاعليها بكافة الطرق و الوسائل القانونية 3
المطلب الأول: أعضاء الضبط القضائي العسكري و واجباته
نص قانون القضاء العسكري 4 في بابه الأول من الكتاب الثاني على الشرطة القضائية
العسكرية في مواده من 42 إلى 64 ، و الذي يمنح لأعضاء الشرطة القضائية العسكرية مشروعية
القيام بمهام في إطار المبادئ العامة ، ومختلف الأحكام الموضوعية و الإجرائية المنصوص عليها في قانون
العقوبات 5 وقانون الإجراءات الجزائية 6وقانون القضاء العسكري مع مراعاة النصوص الخ اصة و
الأحكام المختلفة المرتبطة بطبيعة النشاط العسكري وخصوصيات الجرائم العسكرية، كما أوجب
عليهم خلال أدائهم لهذه المهام التزامات وواجبا م وهذا ما سنبينه في الفرعين التاليين ، بادئين
بتعريف الشرطة القضائية العسكرية ، وبتحديد أصناف ضباط الشرطة القضائية العسكر ية وأعوام
وما عليهم من واجبات يفرضها عليهم القانون.
2 وهي المرحلة التمهيدية آما أشرنا ثم مرحلة الإتهام تحت سلطة النيابة العسكرية، ثم مرحلة التحقيق
وأخيرا مرحلة الإحالة و الحكم.
3 . د/ عزت مصطفى الدسوقي، المرجع السابق، ص 24
4 28 مؤرخ في 26 صفر 1391 هجري الموافق ل 22 أفريل 1971 المعدل و المتمم، الجريدة - الصادر بالأمر رقم 71
. الرسمية رقم 38 المؤرخة في 11 مايو 1971
5 156 المؤرخ في 18 صفر 1386 الموافق ل 08 يونيو 1966 المعدل و المتمم حتى آخر قانون - الصادر بالأمر رقم 66
. 09 المؤرخ في 26 يونيو 2001 - رقم 01
6 155 المؤرخ في 18 صفر 1386 الموافق ل 08 يونيو 1966 المعدل و المتمم حتى آخر قانون - الصادر بالأمر رقم 66
09 المؤرخ في 26 يونيو 2001 المتمم والمعدل لهذا القانون - رقم 08
9
الفرع الأول : تعريف الشرطة القضائية العسكرية
لم يعرف قانون القضاء العسكري الضبط القضائي العسكري ، شأنه بذلك شأن قانون
الإجراءات الجزائية تجاه الضبطية القضائية العادية في المواد من 12 وما يليها منه .
وقد اكتفى قانون القضاء العسكري بتعداد أصنافهم وأعمالهم وواجبام وذكر نمط تسييرهم
و الإشراف عليهم ورقابتهم فقط .
و الضابطة العدلية أو الضبطية القضائية أو الضبط القضائي أو الشرطة القضائية ألفاظ مختلفة
.(POLICE JUDICIAIRE) لمعنى واحد، وترجمتها باللغة الفرنسية 7
وتبدأ إجراءات الضبط القضائي فور وقوع الجريمة ، ووظيفتها أساسا ليست وقائية كالضبط
الإداري بل عقابية قامعة، وبعبارة أخرى فهي لا تمنع الجرائم قبل وقوعها وإنما تقمعها
بعد وقوعها 8 ،ومدلول الضبط القضائي ينصرف إلى معنيين:
9 من أولا: موضوعي ويقصد به كل المهام الم نوطة بأجهزة الضبط القضائي المحددة في المادة 43
قانون القضاء العسكري ، و التي تتمثل في البحث و التحري عن الجرائم المقررة في قانون القضاء
العسكري وقانون العقوبات 10 وجمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها قبل أن يفتح بشأا تحقيق
قضائي، أما بعد تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة وفتح تحقيق قضائي فإن مهمة
الضبط القضائي تتمثل في تنفيذ تفويضات جهات التحقيق عن طريق الإنابات القضائية 11 ،وتلبية
طلبات السلطة القضائية العسكرية المختصة.
7 أنظر أحمد غاي، ضم انات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية، دراسة مق ارنة للضم انات النظرية و التطبيقية، دار هومة للطباعة
. و النشر و التوزيع الجزائر الطبعة الأولى 2003 ص 21
8 . 1977 ص 20 /1976 ، أنظر الدكتور محمد الفاضل ، الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية ج 1 مطبعة الإحسان ط 4
9 تنص المادة 43 من ق ق ع على ما يلي "يناط بضباط ال شرطة القضائية العسكرية التحقيق في الجرائم وجمع الأدلة و البحث
عن الفاعلين الأصليين ما لم يفتح التحقيق، وعندما يشرع في تحقيق تحضيري ، فإم ينفدون تفويضات قضاء التحقيق ويحيلوا
حسب طلبه"
10 الجرائم التي نص عليها قانون العقوبات تدخل ضمن إختصاص القضاء العسكر ي إذا إرتكبها الأشخاص الخاضعون لأحكام
قانون القضاء العسكري و ضمن شروط معينة مثلا عسكري قام بسرقة بسيطة داخل مؤسسة عسكرية فإن الإختصاص يؤول
للقضاء العسكري رغم أن الجريمة مجرمة بالمادة 350 من قانون العقوبات.
11 77 من قانون القضاء العسكري. ، المنصوص عليها بموجب المادتين 76
10
ثانيا: أما الم دلول الثاني للضبط القضائي العسكري فينصرف إلى الأجهزة و الأ شخاص المكلفون
بتنفيذ المهام المشار إليها في المادة 43 المذكورة آنفا و المحددين على سبيل الحصر في قانون القضاء
العسكري.
ومن خلال الم دلولين السابقين يتبين بصفة عامة ، أن الشرطة القضائية العسكرية هي مجموعة
المهام المنوطة بضباط الشرطة القضائية العسكرية المنصو ص عليها في المادتين 45 و 47 من قانون
القضاء العسكري و المتمثلة في التحقيق في الجرائم وجمع الأدلة و البحث عن الفاعلين الأصليين ،
ومعاينة الجرائم وتنفيذ تفويضات جهات التحقيق و الامتثال إليها.
لذا فإن الضبطية القضائية ذا المفهوم تحضر العمل القضائي ، لكنها لا تشترك فيه إلا بطريق
الأوامر و الإنابات القضائية ، وهي تتحرى وتبحث، تعاي ن و تثبت، لكنه ا لا تقدر ولا تفص ل، ومع
ذلك فهي منسوبة للقضاء،إذ تنوب عنه وتعمل باسمه ولمصلحته،وعليه فقد نظم المشرع الجزائري
أحوال مم ارسة وظيفة رجال الضبطية القضائية ومن يتولاها ، ونص على فئات معينة من رجال
. الضبط القضائي العسكري وواجبام في المواد من 42 إلى 47 من قانون القضاء العسكري 12
الفرع الثاني : ضباط الشرطة القضائية العسكرية ومساعديهم وواجباﺗﻬم:
من خلال قانون القضاء العسكري لا سيما في مادتيه 45 و 47 ، نستخلص أن المشرع
قسم الموظفين ا لمكلفين بمهام الشرطة القضائية العسكرية إلى صنفين، الصنف الأول و يشمل أعضاء
الضبط القضائي العسكري ذوي الاختصاص العام ، الذين ينقسمون إلى ضباط الشرطة القضائية
العسكرية وأعوان الشرطة القضائية العسكرية، أما الصنف الثاني فيشمل ضباط الشرطة القضائية
العسكرية ذوي الاختصاص الخاص ، و الذين أنيط ت م بعض مهام الشرطة القضائية المتعلقة
بوظائفهم.
ويصنف قانون القضاء العسكري السلطات المكلفة بالشرطة القضائية العسكرية في بابه الأول
إلى:
أولا: الصنف الأول
12 وقد نص المشرع الجزائري على هاته الأصناف التي سنبينها شأنه في ذلك شأن ضباط الشرطة القضائية المدنية في المواد من
15 إلى 28 من قانون الإجراءات الجزائية.
11
يعتبر حسب المادة 45 من قانون القضاء العسكري ضباط شرطة قضائية عسكرية:
كل العسكريين التابعين للدرك الوطني الذين لهم صفة ضباط شرطة قضائية عسكرية
المشار إليهم في المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية . 13
كل ضباط القطع العسكرية أو المصالح المع ينة خصيصا بموجب قرار من وزير الدفاع
الوطني، كمصالح التحريات العسكرية العامة ، التابعة لد ائرة الاستعلامات و الأمن لوزارة
الدفاع الوطني، وهي ما تعرف بالمصالح العسكرية للأمن أو ما يصطلح عليه بالأمن
العسكري.
و تنص المادة 46 من قانون القضاء العسكري على عسكريين آخرين مكلفون ببعض مهام
الشرطة القضائية العسكرية وهم كالآتي:
أ- ضباط الصف 14 التابعون للدر ك الوطني الذين ليس لهم صفة ضابط شرطة قضائية،
و الذين يمارسون مهام الشرطة القضائية على مستوى فرقة الدرك الوطني بصفة اعتيادية
بوصفهم أعوانا لضباط الشرطة القضائية العسكرية ، وهذا حسب التعريف الوارد في المادة 19
. من قانون الإجراءات الجزائية 15
13 وتنص المادة 15 من هذا القانون على منح صفة ضباط شرطة قضائية لعسكريوا الدرك الوطني للفئات التالية:
أ)كل ضباط الدرك الوطني.
ب )ذوي الرتب في الدرك و رجال الدرك أي ضباط الص ف الذين أمضوا في سلك الدرك ثلاث سنوات على الأقل و تم تعيينهم
107 ، بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الدفاع الوطني بعد موافقة لجنة خاصة ، وقد حدد المرسوم رقم 66
المؤرخ في 08 جوان 1966 المتعلق باللجنة الخاصة التي تظم ممثلا عن وزير العدل رئيسا وممثلا عن وزير الدفاع الوطني عضوا
وهي اللجنة التي تشرف على الامتحان النهائي لتربص ضباط الشرطة القضائية المدنية و العسكرية بالنسبة لهذه الفئة من
. العسكريين، أنظر الجريدة الرسمية عدد 15 الصادرة بتاريخ 13 يونيو 1966
14 54 - ابتداء من رتبة رقيب أو / ويقصد بضباط الصف حسب قانون نظام الخدمة في الجيش - الصادر بموجب الأمر 73
دركي إذا كان تابعا لسلاح الدرك الوطني ثم رقيب أول ثم مساعد وأخيرا مساعد أول.
15 فيعتبر أعوانا للضبط القضائي حسب مفهوم هذه المادة بالنسبة لعسكريوا الدرك ذوو الرتب في الدرك ورجال الدرك الوطني،
ويقصد م ضباط الصف بصفة عامة الذين ليست لهم صفة ضباط شرطة قضائية وذلك حسب ما هو مبين أعلاه.
12
ب- الأفراد العسكريون غير المحلفين أو الذين يدعون للخدمة في الدرك الوطني أو أفراد
وحدات الدرك المتنقل ، و الذي تكون مهمتهم عادة مساعدة ضباط الشرطة القضائية و العمل
تحت إشرافهم وأوامرهم.
ثانيا : الصنف الثاني:
تنص المادة 47 من قانون القضاء العسكري على بعض الضباط العس كريين المناط م بعض
مهام الشرطة القضائية العسكرية و المؤهلون فقط داخل مؤسسام العسكرية 16 للقيام بكل
الإجراءات الضرورية لمعاينة الجرائم و البحث عن مرتكبيها وجمع الأدلة الجنائية عنها، و هؤلاء
الأشخاص هم:
أ- قادة الجيوش وقادة القواعد البحرية وقادة السفن البحرية.
ب- رؤساء القطع ورؤساء المستودعات و المفارز و رؤساء مختلف مصالح الجيش، أي أن هذه
الصفة مرتبطة بأي عسكري يقود وحدة عسكرية 17 ، وبعبارة أخرى أن صفة الضبط القضائي
العسكري في هذه الحالة تخضع للوظيفة القيادية في ممارسة هذه المهام داخل المؤسسات العسكرية التي
يشرفون عليها.
وتجدر الإشارة إلى أن ضباط الشرطة القضائية العسكرية بصنفيها يتبعون سلميا ومباشرة
سلطة الوكيل العسكري للجمهورية 18 والذي يكون بدوره خاضعا لسلطة وزير الدفاع الوطني ،
و هذا ما نصت عليه المادة 45 في فقرا الثالثة.
ولقد أوجب المشرع على ضباط ال شرطة القضائية العسكرية أثناء قيامهم بمهام الضبط
القضائي العسكري ، أن يخبروا وكيل الجمهورية العسكري بدون تمهل بكل الجرائم التي تصل إلى
علمهم، وموافاته بالمحاضر فور اختتام التحريات و الامتثال لتعليماته بصفته مدير للشرطة القضائية
سكرية، ات الع ل الثكن سكري آ ضاء الع انون الق ي ق وارد ف ف ال 16 ويقصد بالمؤسسة العسكرية حسب التعري
رف ن ط ستعملة م ة و الم ة أو مؤقت صفة نهائي ة ب شآت المحدث ع المن وتعتبر مماثلة للمؤسسات العسكرية جمي
الجيش، و السفن البحرية و الطائرات العسكرية أينما آانت، وهو ما نصت عليه المادة 29 من هذا القانون.
يش، ي الج ة ف ام الخدم انون نظ وم ق ذا بمفه ابقا وه ا س ا بين 17 الوحدة العسكرية هي آل مؤسسة عسكرية آم
ات و ا الواجب ا فيه شعبي بم وطني ال يش ال راد الج ى أف ة عل ة المطبق د التنظيمي وهو القانون الذي يحدد القواع
الحقوق و القواعد المتعلقة بالقيادة و الخدمة العسكرية.
18 /يقال الوكيل العسكري أو وكيل الجمهورية العسكري وهما بمعنى واحد إلا أنه عمليا يصطلح عليه الوكيل العسكري
le procureur Militaire de la للجمهورية ويدون في المحاضر و الإرساليات ذا المصطلح، و باللغة الفرنسية يقال
.République
13
العسكرية، كما أن عليهم إثبات جميع الإجراءات التي يقومون ا في محاضر موقع عليها منهم،
ويبينوا فيها وقت اتخاذ أي إجراء من الإجراءات المخولة لهم قانونا في إطار مهمتهم، وتاريخ ومكان
حصوله 19 ، وعليهم فور الانتهاء من التحقيق الأولى –كما أشرنا سالفا - أن يرفعوا المحاضر و
الأشياء المضبوطة مرف قة بخلاصة عن القضية إلى النيابة العسكرية المختصة ثم إلى المصالح العسكرية
55 من قانون القضاء العسكري. ، الأخرى المعنية بذلك، وهذا ما نصت عليه المادتين 54
المطلب الثاني : اختصاصات وصلاحيات الضبط القضائي العسكري
لقد أعطى المشرع الجزائري في قانون القضاء العسك ري و قانون الإجراءات الجزائية لضباط
الشرطة القضائية المدنية و العسكرية بصفة عامة صلاحيات واختصاصات واسعة نظرا لطبيعة النشاط
الذي يمارسونه في إطار الضبط القضائي ، و الذي ينطوي على أعمال فيها مساس بحقوق وحرية
الأفراد في سياق البحث و التحري عن الجرائم، لذلك فإ م ملزمون بالقواعد التي ينص عليها
القانون أثناء ممارستهم مهام الضبطية القضائية ابتداء من لحظة ارتكاب الجريمة إلى غاية صدور حكم
. بات بإدانة المشتبه فيه أو بتبرئته، وهذا ما يعرف بمبدأ شرعية الإجراءات الجزائية 20
إن ضباط الشرطة القضائية العسكرية يتصرفون طبق ا لقانون القضاء العسكري والذي يحيل
بدوره إلى قانون الإجراءات الجزائية إلا ما استثنى بنص خاص في هذا القانون، وهو ما نصت عليه
المادة 45 في فقرا الرابعة إذ جاء فيها "ومع مراعاة عدم التعارض مع أحكام هذا القانون، فإن
ضباط الشرطة القضائية العسكرية يتصرفون طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية"، وسنحاول
في هذا المطلب التركيز على أهم الجوانب المختلفة في ذلك ، وخاصة ما تنفرد به الضبطية القضائية
العسكرية من إجراءات في إطار اختصاصاا و صلاحياا مع ذكر الإجراءات العامة التي قيدها
قانون الإجراءات الجزائية في ذلك، وهو ما نتطرق إليه في الفرعين التاليين نتكلم في أولها عن
الاختصاصات ثم عن الصلاحيات و الآيلة لهم بمقتضى القوانين أو الأنظمة.
. 1999 ص 47 ، 19 جيلالي بغدادي، التحقيق دراسة مقارنة، الديوان الوطني للأشغال التربوية، ط 01
20 . د/ أحمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون الإجراءات الجزائية ، دار النهضة العربية القاهرة ، الجزءالأول، ط 1985 ص 52
14
الفرع الأول : اختصاصات ضباط الشرطة القضائية العسكرية
لقد حدد المشرع اختصاصات الشرطة القضائية العسكرية و المهام المسندة لها أثناء تأدية
مهامها و التي تبدأ من لحظة ارتكاب مخالفة للقانون لغاية الوصول إلى إظهار الحقيقة، وهذه
الاختصاصات و المهام الممنوحة لها تتنوع بحسب السلطة المخولة لها قانونا، فأثناء ممارسة
الاختصاص العادي يسوغ لها البحث و التحري عن الجرائم و الوصول إلى مرتكبيها وجمع
الاستدلالات عن ذلك، واستثناءا يمكنها بناء على القانون مباشرة بعض الإجراءات التي تعتبر أصلا
من اختصاص جهات التحقيق العسكري سواء كان ذلك بناءا على نص صريح في القانون كحالة
التلبس، أو بناء على إنابة قضائية، وفي هذا الإطار لا بد من ضوابط فرضها المشرع الجزائري تدخل
في نطاق اختصاصات الشرطة القضائية العسكرية حتى يتسنى لها القيام بأعمالها على وجه يضمن
شرعية الإجراءات التي تقوم ا، ناهيك على صيانة حقوق المشتبه فيه ، ومن هذه الضوابط ما يجب
أن تتوفر في عضو الشرطة القضائية العسكرية وهو ما يعرف بالاختصاص الشخصي، ومنها م ا
يرتبط بمكان ممارسة أعمال الضبط القضائي العسكري وهو ما يعني الاختصاص الإقليمي أو المحلي ،
ومنها ما يتعلق بنوعية العمل الذي يقومون به وهو ما يدخل في نطاق الاختصاص النوعي، وهذا ما
سنتطرق إليه من خلال ما يلي:
أولا : الاختصاص الشخصي:
لا بد في ممارسة أعمال الشر طة القضائية العسكرية أن يكون الشخص له صفة ضابط شرطة
قضائية عسكرية حسب مفهوم المادتين 45 و 47 من قانون القضاء العسكري 21 فلا يسوغ
تفويض هذا الاختصاص ما لم يكن القانون يجيز ذلك، وفي أثناء المواعيد المقررة له رسميا ولا يجوز له
ممارستها إذا كان في عطلة طويلة أو موقوفا وذلك رعاية للطابع المميز لهذا الاختصاص.
ثانيا : الاختصاص الإقليمي:
يراد بالاختصاص الإقليمي تحديد محيط الدائرة الإقليمية بحيث يسو غ لضابط الشرطة
القضائية أن يباشر بداخل محيط تلك الدائرة الاختصاصات المخولة له، وتتحدد تلك الدائرة بناء
21 سبق الإشارة لذلك أثناء حديثنا عن أعضاء الضبط القضائي العسكري في المطلب الأول من هذا البحث.
15
على القانون في نطاق إقليمي محدد، وغالبا ما يتحدد الاختصاص الإقليمي على جزء من الإقليم 22
فيتنوع هذا الاختصاص بتنوع الصفة أو الجهة التي يختص ا ضابط الشرطة القضائية، وكذلك
بحسب نوع الجريمة، فقد يكون اختصاصا محليا ، كما قد يكون اختصاصا وطنيا 23 يشمل كامل
التراب الوطني ، فضب اط الشرطة القضائية العسكرية يباشرون مهامهم بعد تعيينهم رسميا في منصبهم
ضمن حدود الإقليم الذي يمتد إليه اختصاص ذلك المنصب وهو ما تنص عليه المادة 52 في فقرا
الأولى من قانون القضاء العسكري بالنسبة لضباط الشرطة القضائية العسكرية التابعين للدرك الوطني
إذ جاء فيها "يختص العسكريون في الدرك ممن يحوزون صفة ضباط الشرطة القضائية العسكرية
لممارسة وظائفهم الاعتيادية في نطاق الحدود الإقليمية التابعة لها ". إلا أنه في حالة الاستعجال يمتد
هذا الاختصاص إلى الإقليم الذي يشمله اختصاص المحكمة العسكرية التابعين لها ، مثلا قائ د كتيبة
الدرك الوطني لبئر مراد رايس أو زرالدة يمكنه في حالة الاستعجال أن يجري تحقيقات في حدود إقليم
الناحية العسكرية الأولى وهو الإقليم التابع للمحكمة العسكرية بالبليدة ، وهو ما نصت عليه الفقرة
الثانية من المادة 52 حيث جاء فيها "ويجوز في حالة الاستعجال أن يشمل نشاطهم كل دائرة
الاختصاص التابعة للمحكمة العسكرية المرتبطين ا".
فما المقصود هنا بحالة الاستعجال ؟.
فالمشرع الجزائري لم يعرف هذه المادة سواء في قانون القضاء العسكري أو قانون الإجراءات الجزائية
عندما نص على هذه الحالة في المادة 16 في فقرتيها الثانية و الثالثة 24 من هذا القانون.
فالإشكال الذي ي ثور يكمن في تحديد حالة الاستعجال و التي من شأا التمكين لامتداد الاختصاص
المحلي . 25
ة 1999 ة، د .و.م.ج، الطبع راءات الجزائي انون الإج ي ق ية ف ادئ الأساس صور ، المب راهيم من حاق إب 22 إس
. صفحة 58
. 23 /عبد الله أوهايبية ، شرح قانون الإجراءات الجزائية ، ج 1 الطبعة الكاهنة 1998 صفحة 135
روا تعجال- أن يباش ة الإس ي حال م –ف وز له ه يج ي "... إلا أن ا يل ى م ادة 16 عل ن الم رتين م نص الفق 24 ت
مهمتهم في آافة دائرة إختصاص المجلس القضائي الملحقين به.
ويجوز لهم أيضا –في حالة الإستعجال - أن يباشروا مهمتهم على كافة تراب الجمهورية الجزا ئرية الديمقراطية الشعبية إذا طل ب
منهم أداء ذلك من طرف أحد رجال القضاء المختصين قانونا وينبغي أن يساعدهم ضابط شرطة قضائية الذي يمارس وظائفه في
اموعة السكنية المعينة".
. 25 عبد الله أوهايبية ، المرجع السابق ، صفحة 137
16
وللإجابة على هذا التساؤل يقتضي الحال تناوله من خلال ما نستخلص من المادتين 52 من
قانون القضاء العسكري و المادة 16 من فقراا الثانية و الثالثة من قانون الإجراءات الجزائية.
فكلا النصين يجيزون إمكانية اتساع اختصاص ضابط الشرطة القضائية في حالة الضرورة، حيث
أجاز المشرع له أن يمارس مهامه في كافة دائرة اختصاص المحكمة العسكرية الملحق ا أو الس
القضائي بالنسبة لضباط الشرطة القضائية المدنية .
وتدخل في حالة الضرورة، الجرائم المتلبس ا 26 وذلك إذا تطلب التحقيق إجراءات ضرورية
كالبحث عن المتهمين الهاربين في أماكن خارج دائرة الاختصاص المحلي لضابط الشرطة القضائية
العسكرية أو المدنية ، فهنا قد يضطر إلى ذلك مدفوعا بمبررات الضرورة الإجرائية التي أب احت هذا
الامتداد، وأضافت كلتا المادتين إمكانية امتداد الاختصاص المحلي لضابط الشرطة القضائية في حالة
الاستعجال شرط أن يكون بناء على طلب من السلطة القضائية بأن يمارسوا المهام الموكلة إليهم على
كافة تراب الجمهورية مع ضرورة أن يعاوم ضابط من ضباط الشرطة القضا ئية المختصين محليا
الذي يباشر أعماله في اختصاصه المعهود، وللإشارة فإن هذا الإجراء مشروط بضرورة إطلاع وكيل
الجمهورية العسكري مسبقا لما له من سلطة الإدارة و الإشراف على أعمالهم كما نصت على ذلك
المادة 45 في فقرا الثالثة.
كما يسوغ لضباط الشرطة القضائية العس كرية المحددين في المادة 52 في الحالات الاستثنائية
أيضا أن ينفذوا الأعمال التي يؤمرون ا في أي مكان من التراب الوطني، سواء بناء على تعليمات
السلطة المؤهلة بطلب الملاحقات أو المتابعات القضائية ، أو بتسخير من وكيل الجمهورية العسكري
في إطار تحقيق في جريمة متلب سة أو بموجب إنابة قضائية صادرة عن قاضي التحقيق العسكري وه ذا
حسب الفقرة الثالثة من المادة 52 من قانون القضاء العسكري.
إضافة إلى ذلك فقد حددت الفقرة الرابعة من المادة 52 و التي تعني ضباط الشرطة القضائية
العسكرية المحددين في المادة 45 من نفس القانون و المشار إليهم سلفا ونستثني من ذلك كل
عسكريوا الدرك الوطني الذين لهم صفة الضبط القضائي العسكري بنص المادة 52 في فقراا الأولى
و الثانية و الثالثة 27 ،أن ضباط المصالح المعينة خصيصا للضبط القضائي العسكري بموجب
26 MARCEL LE CLERE : EVOLUTION DE LA COMPETENCE TERRITORIALE DES
OFFICIERS DE LA POLICE JUDICIAIRE, DALLOZ , 1961, CHRON 151.
27 /سبق التنويه بذلك فيما سبق.
17
قرار من وزير الدفاع الوطني كالمصلحة المركزية للتحريات العامة التابعة لدائرة الاستعلامات و
الأمن لوزارة الدفاع الوطني أو ما يصطلح عليهم بالأمن العسكري هم مختصين بالقيام بأعمال
الضبط القضائي العسكري في نطاق الحدود الإقليمية التي يمارسون فيها مهامهم الخاصة و الآيلة لهم
بمقتضى القوانين و الأنظمة حسب مفهوم هذه المادة، وهذا الصنف من العسكريين لهم الاختصاص
على كافة التراب الوطني ، وهذا وفقا للقوانين و الأنظمة المحددة لطبيعة الأعمال التي يقومون ا و
المسندة لهذه المصالح و المتعلقة بالجرائم الخطيرة الماسة بأمن الدولة مثلا كجرائم الجوسسة و الخيانة و
التخريب و التي تتطلب العمل و التنقل عبر كامل التراب الوطني دون قيد . 28
ومما تجدر الإشارة إليه أنه أثناء قيامهم بأعمالهم يجب عليهم إخطار وكيل الجمهورية
العسكري الذي يعملون في دائرة اختصاصه مسبقا لما له –كما أشرنا سالفا - من سلطة الإدارة و
الإشراف على أعمالهم بنص القانون.
أما الصنف الثاني من ضباط الشرطة القضائية العسكرية و الذين حددم المادة 47 من قانون
القضاء العسكري فإن اختصاصهم الإقليمي يكون فقط داخل مؤسسام العسكرية دون سواها
وهذا بنص القانون.
ثالثا : الاختصاص النوعي:
ويشمل هذا الاختصاص على المهام المعتادة المخولة ق انونا لضباط الشرطة القضائية العسكرية
وما يناط م من أعمال وما يخصهم القانون من إجراءات يتخذوا في سبيل القيام بمهامهم و
55 و المواد من 57 إلى 66 من قانون ،54 ،53 ،51 ،50 ،49 ، المنصوص عليها في المواد 43
القضاء العسكري، فالفقرة الأولى من المادة 43 تحدد على وجه الخصوص المهام المخولة لضباط
الشرطة القضائية العسكرية ، وهي التحقيق في الجرائم العائدة لاختصاص المحاكم العسكرية وجمع
الأدلة عنها و البحث عن الفاعلين الأصليين ما دام لم يفتح التحقيق، ومما يجدر بيانه أن هذه المادة
يقابلها في قانون الإجراءات الجزائية نص الم ادة 12 التي تسند للضبط القضائي مهمة البحث و
التحري عن الجرائم وجمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها ما دام لم يبدأ فيها تحقيق قضائي،
وكلا المادتين تحدد الصلاحيات الآيلة لضباط الشرطة القضائية المدنية و العسكرية بموجب القانون.
28 . أحمد غاي، المرجع السابق ، ص 113
18
وللإشارة فإن المحاكم العسكرية تختص بالنظر في الدعوى العمومية فقط طبقا للمادة 24 من هذا
القانون، بالإضافة إلى أن الجرائم ذات الطابع العسكري المح ض هي من اختصاص المحاكم العسكرية
وحدها طبقا لمقتضيات المادة 25 من نفس القانون.
وهو ما نصت عليه المحكمة العليا في عدة قرارات، منها القرار الصادر بتاريخ 24 يناير
29. 1984 عن الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 37519
ثم إن صفة العسكري لا تكفي وحدها لجعل الجريمة العادية من اختصاص المحكمة العسكرية ،
1 من قانون القضاء العسكري وهي أن تقع / بل لا بد من توافر أحد الشروط المقررة بالمادة 25
الجريمة داخل المؤسسة العسكرية أو في الخدمة أو لدى المضيف ، وبناء على ذلك إذ ا أثبتت أن
السرقات التي ارتكبها المتهم لم تقع ضمن الشروط المذكورة وقضت المحكمة العسكرية بعدم
اختصاصها فإن حكمها هذا يكون مطابقا للقانون ... قرار صادر يوم 23 نوفمبر 1982 عن
30. الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم 30781
و إلى جانب اختصاصها العيني المؤسس على الطبيعة العسكرية البحتة للجريمة للمحاكم العسكرية
أيضا اختصاص شخص ي بسبب الصفة للجاني بحيث تختص بالنظر في جرائم القانون العام المرتكبة
من قبل العسكريين و شبه العسكريين أثناء الخدمة أو في الثكنات أو المؤسسات العسكرية أو لدى
2/ المضيف، سواء كانوا فاعلين أصليين أو فاعلين أصليين مساعدين أو شريكين حسب المادة 25
من قانون القضاء العسكري . 31
فإذا كان الاختصاص سواء المكاني أو الشخصي أو النوعي هو من النظام العام فإن القاعدة
العامة في ذلك هو أن الدفع بعدم الاختصاص يج وز التمسك به في أية مرحلة كانت عليها الدعوى
كما يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها غير أنه في القضاء العسكري لا يجوز للمتهم وكل
فريق في الدعوى أن يرفع للمرة الأولى أمام المحكمة العليا بعدم اختصاص المحكمة العسكرية لأن المادة
150 من قانون القضاء العسكري الفقرة الثالثة منها توجب في هذا الشأن أن يقدم لدى
29 ، /جيلالي بغدادي ، الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية، الجزء الأول، طبع الديوان الوطني للأشغال التربوية لسنة 2002
صفحة 264 وما يليها.
.266 ، 30 /جيلالي بغدادي نفس المرجع السابق صفحة 265
سنة ة ل غال التربوي وطني للأ ش ديوان ال ع ال ام ، طب ي الع انون الجزائ 31 / د/ أحسن بو سقيعة ، الوجيز في الق
. 2002 الطبعة الأولى الصفحة 39
19
هذه المحكمة طلبات كتابية قبل البدء في المرافعات و إلا سقط الحق بالتمسك بالدفع بعدم
الاختصاص وأصبح غير مقبول وهو ما أكدته المحكمة العليا في عدة قراراا بتاريخ
32 وغالبا ما ي دفع فرقاء الدعوى بعدم 1986/06/24 ،1984/01/24 ،1982/11/23
اختصاص المحكمة العسكرية للمرة الأولى أمام المحكمة العليا ، ومن المعلوم أن المحكمة العليا –الغرفة
الجنائية- لا يجوز لها أن تناقش هذا الدفع و بالتالي تقضي بعدم قبوله طبقا للمادة 150 من هذا
القانون، الفقرة الثالثة منه، فإذا كانت هذه الدفو ع لا تقبل أمام المحكمة العسكرية بعد الشروع في
رفع الدعوى التي تعد الدرجة الأولى للتقاضي، ما بالكم لو طرحت أمام المحكمة العليا ال تي لا تكون
درجة من درجات التقاضي و ال تي لا يسوغ له ا القانون أن تنظر إلا في المسائل التي عرضت على
محكمة الموضوع.
إلا أنه حفاضا ع لى السر وتماشيا مع حسن سير العدالة الذي يقتضي بأن يحال الجاني على
المحاكم العسكرية ، فإن المحكمة العليا في بعض الحالات تمدد اختصاص تلك المحاكم إلى قضايا ليست
في الواقع من اختصاصها إذا كانت مرتبطة مع قضية أخرى هي من اختصاص المحاكم العسكرية و لا
يكون ثمة إخلا ل بحقوق الدفاع ، وذلك لأن القانون الذي سيطبق على الواقع سيكون لا محالة هو
1986 م 33 ،وسنحاول /02/ 1984 م، قرار جنائي 04 /01/ القانون العام، قرار جنائي 24
التطرق لصلاحيات ومهام الضبط القضائي العسكري بصفة أوسع في الفرع الموالي:
الفرع الثاني : صلاحيات ضباط الشرطة القضائية العسكرية
أعطى قانون القضاء العسكري لضباط الشرطة القضائية العسكرية الحق في اتخاذ عدد من
الإجراءات و الصلاحيات وأسند لهم عدة مهام و التي تعتبر ماسة بحرية الأشخاص وهذا في إطار
الضبط القضائي العسكري، ولقد نص القانون على هذه الإجراءات المخولة لضابط الش رطة القضائية
55 و المواد 57 إلى 66 من هذا ،54 ،53 ،51 ،50 ،49 ، العسكرية في المواد 43
ة ى للمحكم ة الأول ة الجنائي ف الغرف ريين، موق وقين الجزائ 32 /مجلة الفكر القانوني : صادرة على إتحاد الحق
سول ، ادر ق د الق ق، عب سكري تعلي العليا "فيما يخص مفهوم الخدمة" المنصوص عليه في قانون القضاء الع
. مستشار بالمحكمة العليا، العدد الثالث 1986 ، صفحة 157
. 33 /مجلة الفكر القانوني ، المرجع السابق ، ص 160
20
القانون ، ويلاحظ أنه فيما لم يرد في هذا القانون فتطبق القواعد العامة الواردة في قانون الإجراءات
الجزائية تطبيقا لنص المادة 54 من قانون القضاء العسكري و التي تنص على أن ض باط الشرطة
القضائية العسكرية يقومون بأعمالهم ويضعون محاضرهم وفقا للقواعد المنصوص عليها في
قانون الإجراءات الجزائية، وذلك فيما عدا الأحوال الخاصة المستثناة بقانون القضاء
العسكري، وسنبين هذه الصلاحيات و الإجراءات من خلال ما يأتي:
أولا : تلقي الشكاوي و البلاغات:
إن الواجب الأول الملقى على ضباط الشرطة القضائية العسكرية هو قبول الشكاوي
والبلاغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم التي تقع وإرسالها دون تمهل إلى النيابة العسكرية المختصة.
و المقصود بالبلاغات هو الإبلاغ عن الجريمة أي إعلام أو نقل نبأ الجريمة إلى مسمع ال شرطة
القضائية 34 سواء حصل من شخص مجهول أو معلوم ومن أي جهة عمومية أو خاصة شفاهة أو
كتابة أو عن طريق الهاتف أو الصحف أو أية وسيلة أخرى . أما الشكاوي فهي تلك الإخبارا ت التي
يتقدم ا الشخص الذي هو اني عليه في جريمة ما ، أي الضحية هو الذي يبادر بتبليغ السلطات
. عنها 35
ولا يشترط في ذلك أن تكون الجريمة المشكو منها خطيرة أو بسيطة ، إنما يكفي أن تتضمن
الشكوى وقوع الجريمة لذلك أوجب القانون أن يبعثوا فورا هذه البلاغات و الشكاوي التي ترد
إليهم بشأن الجرائم إلى النيابة العسكرية المختصة وهو ما نصت عليه المادة 49 من قانو ن القضاء
العسكري.
ثانيا : البحث و التحري عن الجرائم وجمع الاستدلالات عنها
لقد بين قانون القضاء العسكري أن المهام الرئيسية التي تضطلع ا الشرطة القضائية العسكرية هي
البحث و التحري عن الجرائم ، ولا بد لها من أن تلجأ تبعا لذلك إلى كافة الطرق للوقوف على
النشاط الإجرامي وضبط القائمين به طالما أن الوسائل التي تنتهجها هي وسائل مشروعة لا تثير شبهة
مخالفة القانون و لا تجافي الحقيقة ، ومن شأا توجيه القضية وجهة سليمة . 36
34 . محمد محدة، ضمانات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية ، ج 2 ، دار الهدى ط 1 سنة 1991 ، ص 112
35 . أحمد غاي ، المرجع السابق، ص 165
36 CHARLES PARRA traite de procédure pénale policière –étude théorique et pratique librairie
aristid quillet paris 1960 P 220.
21
ولقد أكدت المادة 43 هذه المهمة التي يقوم ا ضب اط الشرطة القضائية العسكرية سواء من
تلقاء أنفسه م أو بطلب من السلطة المختصة بالملاحقات أو بناء على تعليمات وكيل الجمهورية
العسكري، وإما بناء على طلب إحدى السلطات المذكورة في المادة 47 وهذا حسب المادة 50 من
قانون القضاء العسكري.
كما يدخل ضمن مهام وصلاحيات الشرطة القضائية العسكرية في إطار أعمال الاستدلال
الإجراءات القانونية التالية:
أ/الانتقال إلى مكان الجريمة وإجراء المعاينة:
إن ارتكاب أي جريمة لا بد أن تنتج عنه آثار بالإمكان معاينتها سواء على جسم مرتكب
الجريمة أو على جسم الجريمة ذاا أو في مكان اقترافها ، لذلك فإن الكشف عن ملابساا ومعرفة
مرتكبيها لا بد أن ينطلق من تلك الآثار ، و المعاينات هي التي تمكن ضابط الشرطة القضائية من
الوقوف على الآثار المادية للجريمة وهذا بعد انتقاله فورا إلى مسرح الجريمة وإخبار وكيل الجمهورية
العسكري مسبقا بذلك ، و المعاينات تعتبر أهم جزء في التحريات باعتبار أن الأدلة المادية لها تأثير
مباشر في الكشف عن الحقيقة 37 كرفع البصمات ، وهذا الإجراء يجسد مفهوم المادة 50 من قانون
القضاء العسكري.
ب/جمع الإيضاحات و المعلومات اللازمة:
و التي من شأا أن تخدم التحقيق من أي شخص يفيد في ذلك.
ج/سماع أقوال المشتبه فيه:
على أن لا تكون الأسئلة الم وجهة إليهم تنصرف إلى الأمور التفصيلية و التي من شأا أن
تثبت التهمة أو التي ا يمكن محاولة استدراجه و الإيقاع به، ذلك لأن مثل هذه الأسئلة تخرج سماع
. الأقوال عن نطاقه القانوني إلى الاستجواب المحظور عليهم أصلا 38
د/التفتيش و الحجز:
يباشر ض باط الشرطة القضائية العسكرية التفتيشات خارج المؤسسات العسكرية في إطار
البحث عن الجرائم العائدة لاختصاص القضاء العسكري وفق قانون الإجراءات الجزائية كما يجب
37 أحمد غاي ، المرجع السابق ، ص 167
38 . د/ أحمد فتحي سرور، المرجع السابق ج 2 ، ص 26
22
عليهم إخطار وكيل الجمهورية لدى المحكمة المدنية المختصة التي يمكنها أن تحضر عمليام أو توفر
من يمثلها وهذا ما نصت عليه المادة 45 في فقرا الأخيرة.
أما التفتيشات داخل المؤسسات العسكرية فتتم بناء على تعليمات كتابية لضباط الشرطة
القضائية العسكرية من وزير الدفاع الوطني أو وكيل الجمهورية العسكري المختص إقليميا وحجز ما
تعلق بذلك وتجري هذه التفتيشات ليلا أو ارا ، ولم يقيد الم شرع أوقاتا يحضر فيها التفتيش وإنما
جعل الأمر متروك لسلطة وزير الدفاع أو كيل الجمهورية العسكري المختص وهذا حسب المادة
53 من هذا القانون.
ه/ التوقيف للنظر:
لقد مكن قانون القضاء العسكري في المواد 57 وما يليها ضباط الشرطة القضائية العسكرية
في مرحلة التحقيق ا لأولي أو في حالة التلبس حسب التعريف الوارد بقانون الإجراءات الجزائية 39
إمكانية توقيف المشتبه فيهم للنظر م تى دعت إلى ذلك مقتضيات العمل المنوط م ويجب على ضابط
الشرطة القضائية العسكرية أن يخطر السلطة القضائية العسكرية بذلك، وهو ما نصت عليه المادة
1/51 من قانون الإجراءات الجزائية.
و الجدير بالذكر أن مهل التوقيف للنظر أو الوضع تحت المراقبة لضرورات التحقيق الأولي
هي ثلاثة أيام، ويجوز مد هذ ه المهلة ب 48 ساعة بموجب مقرر من وكيل الجمهورية العسكري
. 57 و 58 فقرة 2 ، المختص بذلك 40 وهذا حسب مفهوم المواد 45 فقرة 5
كما ينبغي على الرؤساء السلميين تلبي ة طلب ضباط الشرطة القضائية العسكرية، الرامي لأن
يوضع تحت تصرفهم عسكري قائم بالخدمة عندما تقتضي ذلك ضرورات التحقيق الأولى أو الجرم
المتلبس به أو عند تنفيذ إنابة قضائية وهذا حسب هذا القانون.
غير أنه لا يجوز لضباط الشرطة القض ائية العسكرية أو المدنية الاحتفاظ بالأشخاص الأجانب
عن الجيش إلا في نطاق الأوضاع و الكيفيات المحددة في المواد من 51 إلى 53 و
المادتين 65 و 141 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تتضمن في مجملها مدة التوقيف للنظر
39 أنظر المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية.
40 أحمد لعور ، نبيل صقر، الموسوعة القضائية في المواعيد القانونية، دار الغرب للنشر و التوزيع، الطبعة الأولى 2002 ، ص
.94 ،93
23
التي لا يمكن أن تزيد عن 48 س اعة و التي يمكن تمديدها وفق ما نص عليه قانون الإجراءات الجزائية
بالإضافة إلى إخطار السلطة القضائية بذلك.
كما ينبغي على ضباط الشرطة القضائية العسكرية سوق العسكريين الموقوفين بالجرم المتلبس
به أو الذين تقوم ضدهم أدلة خطيرة ومطابقة للجرم لتقديمهم لوكيل الجمهور ية العسكري أو
، السلطة القضائية العسكرية أو المدنية المختصة في مهل أقصاه حلول آجال المهل المحددة في المواد 57
58 أو 59 من قانون القضاء العسكري وهذا بحسب الحالة ، ويجب إخبار الرؤساء السلميين
بالنقل، وفي انتظار سوق العسكريين المذكورين فإنه يجوز وضعهم في غرفة الأمن التابعة لثكنة الدرك
أو أي مؤسسة أخرى أو في مكان خاص بالشرطة العسكرية حسب المادة 60 من نفس القانون،
كما تطبق حسب المادة 62 على العسكريين في زمن السلم الإجراءات الخاصة بالوضع تحت المراقبة
فيما يتعلق بالاعتداء على أمن الدولة.
وتشير المادتين 65 و 66 إلى الأشخاص الموجودين في وضع عسكري غير قانوني ووضعهم
تحت التصرف 41 طبقا لما سبق ذكره في المادة 57 فقرة 02 ، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الإجراء
يقوم به عسكريو الدرك الوطني ولحين انقضاء ثلاثة أيام على الأكثر يجب تقديم هؤلاء العسكريين
للسلطة العسكرية المختصة لضبط وضعهم.
ويتولى مراقبة الوضع تحت المراقبة وكيل الجمهورية العسكري أو قاضي التحقيق العسكري
المختصان إقليميا و اللذان يمكنهما أن يفوضا سلطتهما إلى كل من وكيل الجمهورية أو قاضي
التحقيق لدى المحكمة المدنية التي حصل في دائرة اختصاصها الوضع تحت المراقبة نظرا لشساعة ر قعة
المحكمة العسكرية ، فاختصاصها الإقليمي يشمل كل اختصاص الناحية العسكرية التابع لها كما سبق
بيان ذلك.
اسم الموضوع : إجراءات التحري و المتابعة أمام القضاء العسكري
|
المصدر : المنتدى القانوني العام و النقاش القانوني