ان القاضي الجنائي حر في ان يستعين بكافة طرق الإثبات للبحث عن الحقيقة والكشف عنها فالمادة 212 إجراءات جزائية تنص على انه " يجوز اثبات الجرائم باي طريق من طرق الإثبات ماعدا الأحوال التي ينص فيها القانون على غير ذلك , والقاضي ان يصدر حكمه تبعا لاقتناعه الخاص ".
فالقاضي لا يجوز ان يقنع بفحص الادلة التي يقدمها له اطراف الدعوى , وانما يتعين عليه ان يتحرى بنفس الأدلة وان يستشير الأطراف الى تقديم عناصر الاثبات اللازمة لظهور الحقيقة , فله ان يامر باتخاذ الإجراءات الذي يراه مناسبا وضروريا للفصل في الدعوى فله ان ينتقل الى محل الواقعة , وان ياخذ باقوال المتهم وان يقوم باستجوابه كما خوله القانون حق استدعاء الشهود , وندب الخبراء , واستكمال التحقيق اذا كانت عناصر الإثبات غير كافية او غير مقنع.
وللقاضي كامل الحرية في تقدير قيمة الادلة المعروضة عليه تقديرا منطقيا مسببا الا ان المشرع اوجب ان تشمل الاحكام على الأسباب التي بنيت عليها ضمانا لجديتها وثقة في عدالتها فالفقرة الثانية من نص المادة 212 تنص على انه " ل يسوغ للقاضي ان يبني قراره الا على ادلى المقدمة له من معرض المرافعات والتي حصلت المناقشة فيها حضوريا امامه " .
المبحث الاول : أدلة الاثبات الجنائي
ان للقاضي الجنائي سلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل تقصي الجرائم او عدم ثبوتها والوقوف على حقيقة علاقة المتهمين ومقدار اتصالهم بها , فله ان ياخذ بكافة طرق الاثبات في سبيل الوصول الى الحقيقة
المطلب الاول : الاعتراف والاقرار :
الاعتراف هو اقرار المتهم بارتكاب الوقائع المكونة للجريمة كلها او بعضها ولا بد ان يكون واضحا وصريحا , وهو يختلف عن اقوال المتهم التي قد يستفاد مننها ضمنيا ارتكابه الفعل الاجرامي المنسوب إليه( ),هو اما ان يكون شفهيا واما ان يكون كتابيا واي منهما كاف من الإثبات
الاعتراف القضائي وغير القضائي :
يكون الاعتراف قضائيا اذا صدر امام احدى الجهات القضائية امام المحكمة او قضاء التحقيق , قد يكون غير قضائي اذا صدر امام جهة اخرى من غير جهات القضاء .
كما اذا اصدر امام النيابة , او في تحقيق اداري او امام احد الأشخاص او في محرر صادر عنه , وكذلك التسجيل الصوتي , وللقاضي الجنائي كامل الحرية في تقدير الاعتراف سواء كان قضائيا او غير قضائي .
شروط صحة الاعتراف :
للاعتراف شروط وقواعد تتحقق به صحته وبالتالي ثقة المحكمة فيه والاستناد اله في حكمها وهي :
1-يشترط في لاعتراف ان يكون منن المتهم نفسه , حتى تأخذ به المحكمة ونكتفي بغير سماع الشهود الا بعد اعتراف اقوال متهم واخر فيها ’ بل هو مجرد استدلال
2-يجب ان يكون المتهم قد ادبى به وهو في كامل ارادته ووعيه فلا يجوز الاستناد الى الاعتراف الذي يصدر من المتهم في حالة فقدان الادارة , كما لوكان تحت تاثير التنويم المغناطيسي او تحت تاثير مخدر
3-ادا جاء الاعتراف نتيجة اكراه ما دي او معنوي مهما كان قدره او كان نتيجة وعد او اغراء , فلا عبره به لانه ثم التاثير على حرية التاثير على حرية المتهم في الاختيار بين الانكار والاعتراف
4-يلزم ان يكون الاعتراف صريحا لا لبس فيه فلا يعد اعتراف اقرار المتهم بواقعة او باكثر لها علاقة بالدعوى كاقرار بالضغينة بينه وبين المجني عبيه او بوجوده في كل الحالات
5-لا يعتبر اعترافا الا الإقرار من التهم امام مجلس القضاء اما الإقرار غير القضائي امام مامور الضبط القضائي او النيابة , فلا يعتبر الا مجرد اقوال وليس اعترافا بالنص القانوني للكلمة , ومع ذلك فهذه الاقوال تخضع لتقدير المحكمة ويمكنها الاستناد اليها كدليل بعد تحقيقها والاطمئنان اليها
6-يجب ان يكون الاعتراف وليد اجراءات صحيحة فاذا جاء نتيجة إجراءات باطلة ( )
العدول عن الاعتراف :
ان كان الاعتراف في القانون المدني لا رجوع فيه فهذه القاعدة لا تطبق في الاجراءات الجنائية اذ الاعتراف مجرد دليل وتقديره يخضع لمبدأ " الاقتناع القضائي " .
وتقدير الاعتراف يشمل تقديره في ذاته وتقدير العدول عنه , وتطبيقا لذلك كان القاضي ان يرجع العدول فيهدر الاعتراف , وله كذلك ان يرفض الاعتداء بااعدول وينفي الاعتراف.
تجزئة الاعتراف :
يجوز للقاضي الجنائي في سبيل تكوين عقيدته ان يجزئ اعتراف المتهم والاعتراف الذي تصح بتجزئته هو ما يتضمن الاقرار بارتكاب الجريمة وينحصر انكار المتهم في الوقائع المتصلة بظروف الجريمة , او بتقدير العقاب .كما اعترف المتهم بانكار جريمة القتل ولكنه بغير سبق اسرار , او انه ارتكب الجريمة مع غيره فالمحكمة في هذه الحالة ان تاخذ بما تبحث بعد ذلك في حقيقة ما انكر او دفع به.
تقدير الاعتراف :
طبقا لمبدأ حرية القاضي في تكوين اعتقاده , فللقاضي الحرية في تقدير حجية الاعتراف , فله ان يعول على اعتراف المتهم في اية مرحلة من مراحل التحقيق متى اطمأن الى انه يمثل الواقع , وذلك على الرغم من جحوده امامه امام جلسة المحاكمة .
فالمادة 213 من قانون الاجراءات الجزائية تنص على ان " الاعتراف شانه كشان جميع عناصر الاثبات يترك لحرية تقدير القاضي "
المطلب الثاني : الكتابة ( الأوراق والمحاضر )
تنص لمادة 214 من ق ا ج على انه " لا يكون للمحضر او التقرير قوة الاثبات الا اذا كان صحيحا في الشكل ويكون قد حرره واضعه اثناء مباشرة اعمال وظيفية واورد في نطاق اختصاصه ما قد ر اه او سمعه او عاينه بنفسه " .
وتنص المادة 215 من نفس القانون على انه " لا يعتبر المحاضر والتقارير والمثبتة للجنايات او الجنح الا مجرد استدلالات مالم ينص القانون ايضا على مايلي :" في الاحوال التي يخول القانون فيها بنص خاص لضباط الشرطة القضائية او اعوانهم او لموظفين واعوانهم الموكلة اليهم بعض مهام الضبط القضائي سلطة اثبات جنح في محاضر او تقارير تكون لهذه المحاضر او التقارير حجيتها مالم يدل حصنها دليل عكسي بالكتابة او شهادة الشهود .
وتنص المادة 218 منه على مايلي :" ان المواد التي تحرر عنها محاضر لها حجيتها الى ان يطعن فيها التزوير تنظمها قوانين خاصة "
أنواع الأوراق :
الأوراق نوعان , رسمية وعرفية , فالرسمية هي ما صدرت من موظف مختص , والعرفية هي ما صدرت من أفراد الناس.
و الأوراق الرسمية تنقم إلى قسمين , الأوراق الرسمية العادية كالعقود التي تحرر أمام الموثق , والمحاضر التي تحرر لاثبات بعض الجرائم ( ).
قوة المحررات من الإثبات:
المحررات الرسمية أو المعرفية كغيرها من الأدلة لها حجية خاصة , وللخصوم مناقشتها ودحض ما ورد فيها بشتى الطرق , كما يجوز للمحكمة أن تأخذ بها , وأن تطرحها ولو كانت أوراقا رسمية , فمحاضر جميع الاستدلالات التي يحررها رجال الشرطة , ومحاضر التحقيق التي يجريها أعضاء النيابة وما تحويه من اعترافات المتهمين . ومعاينات المحققين وأقوال الشهور . هي عناصر إثبات تخضع لتقدير القاضي . وتحتمل المناقشة و الجدل كسائر الأدلة و للخصوم أن يفندوها.
ومن حيث الحجية , يعتبر كل محرر حجة على الكافة من حيث صدوره من موقعه , ولا تسقط حجية المحررات الرسمية الا عن طريق الطعن بالتزوير , أما المحرر العرفي فيكفي إنكار الخط والتوقيع
المطلب الثالث : القرائن :
القرينة هي استنباط الشارع أو القاضي لأمر مجهول من أمر معلوم , وهي دليل غير مباشر لا تؤدي إلى ما يراد إثباته مباشرة ,بل تؤدي إليه بالوساطة أو الأمر المعلوم.
والقرائن قد تكون قرائن قانونية من عمل المشرع , وقد تكون قرائن قضائية أو موضوعية , وهي استنباط القاضي لأمور مجهولة من أمور معلومة باجتهاده وذكائه موضوع الدعوى ( ).
القرائن القانونية :
القرائن القانونية منها ما لا يقبل اثبات العكس ومنها ما يقبله , وقد تضمن بعضا منها القانون الجنائي , فالقرائن القانونية التي لا تقبل اثبات عكسها مثل افتراض العلم بالقانون بمجرد نشره وانقضاء الأجل المقرر للعلم به , ومن القرائن التي تقبل اثبات العكس افتراض العلم بالغش أو الفساد , اذا كان المخالف من المستغلين بالتجارة , حيث يثبت حسن نيته ومصدر المواد موضوع الجريمة.
القرائن القضائية :
وهي دليل غير مباشر يستنبطه القاضي من واقعه قام عليها دليل إثبات واقعة أخرى ذات صلة سببية ومنطقية بها , كأن يستخلص القاضي اشتراك عدة أشخاص في سرقة , من وجودهم مع من يحمل المسروقات سائرين معه في الطريق ودخولهم معه في منزل واختفائهم فيه.
وتعتبر القرينة القضائية دليلا في الإثبات يجوز للمحكمة أن تستند اليه وحده في الحكم , ويعتبر تقدير قيمة القرائن بي الإثبات مسألة موضوعية لا يجوز المجادلة و الطعن فيها بشرط أن تكون الظروف التي اسندت اليها المحكمة سائغة في الدلالة على ما استخلصته منها.
التمييز بين القرائن والدلائل :
ان القرينة هي النتيجة النهائية لأعمال الاستدلال العقلي و الفحص العميق في ايضاع الارتباط بين الوقائع المفترضة قانونا أو المراد اثباتها مع وقائع معلومة وثابتة في الدعوى , حيث يهدف القاضي كشف العلاقة بين
المفترضة قانونا او المرد إثباتها مع وقائع معلومة وثابنة في الدعوى , حيث يهدف القاضي القاضي كشف العلاقة بين الواقعة المفترضة قانونا والواقعة المادية الممثلة للجريمة .
فمثلا , الأثر المادي الذي يتركه الجاني في مكان الحادث , او ما يوجد على ملابس المتهم من اثار عنف , او دماء يتبين من الفحص العلمي او الفني انها من نفس دماء المجني عليه فاذا تعددت القرائن كات على القاضي دائما فحصها وبيان خصائصها ومدى الارتباط بينها وبين فاذا تاكد مطابقتها واتفاقها مف المنطق والعقل ,فانه يلجا اليها في الإثبات , اما اذا تبين تنافر القرائن بعضها مع البعض الاخر بطريقة لا يمكن قبولها وفقا للعقل والمنطق وبما يؤدي إلى اهدار الدليل المستمد منهت مجتمعه او المستمدة من الادلة الاخرى, فان قاضي الموضوع نكون له سلطة استنتاج براءة المتهم او بإدانته وفقا للراجح لديه( ).
والدلائل هي وقائع مادية او امارات خارجية او سيكولوجية يستدل منها قبول شبهة لقيام الاتهام عن واقعة مخالفة للقانون وكافة الدلائل تصلح لان يستنبط منها القرائن طالما كانت هذه الدلائل قوية تضمنته , ثابنة فيما تقطع فيه ,
دور القرينة في الحكم في الدعوى :
تسهم القرائن بدور ايجابي في ترجيح ادلة الدعوى وتؤكد مدى كفاية الدليل وصلاحيته عنصرا لاثبات الحقيقة
والقرينة هي نتيجة للاستقراء او الاستنباط واعمال الفكر والذهن على اساس المنطق والعقل في قبول النتائج العامة على النقدمات الواقعية , تقوم على خصائص معينة وهي انها غير محددة ولا تقبل التقنين , وانها دليل اثبات دليل غير مباشر ,وانها تستند إلى وقائع ثابتة , وانها تستخلص من الأدلة القولية والفنية والمادية( ).
المطلب الرابع : الشهادة
الشهادة هي اثبات واقعة معينة من خلال ما يقوله أحد الاشخاص عما شاهده او سمعه او ادركه بحواسه من هذه الواقعة بطريقة مباشرة , وشهادة الشهود نمثل جتنبا هاما في الاثبات الجنائي ,فهي من اهم اجراءات التحقيق سوى الابتدائي او النهائي فاقرارات الشاهد من اهم الادلة التي يستعين بها القاضي في الخصومة الجنائية , ينصب الاثبات على وقائع مادية او معنوية يصعب اثباتها بالكتابة والشاهد هو شخص ليس من اطراف الخصومة الجنائية ولديه معلومات توصل اليه عن طريق حواسه الشخصية وتفيد في الكشف عن حقائق تتصل بالجريمة او فاعلها او معرفة أحوال المتهم الشخصية .
والشهادة ثلاثة انواع هي : الشهادة المباشرة والشهادة السماعية والشاهد بالتسامح موضوع الشهادة partie 2emepo واقعة ذات اهمية قانونية, ولماذا كانت الشهادة في نطاق الدعوى الجنائية فان الواقعة موضوع الشهادة نستمد أهميتها من حيث دلالاتها على وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم , فموضوع الشهادة واقعة فلا يجوز ان يكون رايا أي تقييما أي انه لا يقبل من الشاهد ان يبدي رايا في شان مسؤؤولية المتهم او خطورته او مدى جدارته بالعقوبة , فليس ذلك من مهمته ولا يشترط في الشهادة ان نكون منصبة على نفي واقعة الدعوى , فقد تنصب على ملابسات لها تاثيرها في ثبوت الواقعة تو تقدير العقوبة مثل الشهادة على سنعة المتهم او حالته الادبية , كما يشترط ان ترد على احقيقة المطلوبة اثباتها باكملها وبجميع تفصيلاتها بل يكفي ان يكون من شانها اناؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ يتلاءم به القدر الذي رواه الشاهد مع عناصر الاثبات الاخرى
لقد نص المشرع في قانون الاجراءات الجزائية على قواعد سماع الشهود وذلك في القسم الرابع من الباب الثالث من الكتاب الأول , من المواد88 إلى 99 , وهو خاص سماع الشهود امام قاضي التحقيق , وسيرى ذلك ايضا امام النيابة ,وكذا في الفصل الاول من الباب الاول نت الكتاب الثاني , وهو خاص سماع الشهود امام المحاكم , من المواد 220 إلى 237.
الشروط المتعلقة بموضوع الشهادة :
يشترط في موضوع الشهادة ان تكون واقعة قانونية ,وان تكون هذه الواقعة متعلقة بالدعوى ,وان يعلم بها الشاهد شخصيا , وان تكون اواقعة متنازعا عليها ومما يجوز اثباته بالشهادة
1- يجب ان يكون موضوع الشهادة واقعة قانونية معينة
2- يجب ان تكون الواقعة المراد اثباتها بالشهادة متعلقة بموضوع الدعوى ,وان تكون نتيجة فيها وجائز قبولها
3- يجب ان تكون الواقعة المراد اثباتها جائزة الاثبات
4- ان يكون موضوع الدعوى واقع متنازع فيها
5- يشترط علة الشاهد باواقعة التي يشهد بها علما شخصيا
6- ان يكون موضوع الشهادة مما يجيز القانون اثباته بالشهادة( )
حرية القاضي في تقدير الشهادة : تلعب الشهادة دورا خطيرا في المسائل الجنائية ,فهي لها قوة مطلقة في الاثبات الجنائي , نظرا لان المشرع الجنائي لم يضع أي قيود على الاثبات بالبينة ولم يضع قضايا فعليا للشهادة , ومع ذلك فهي تخضع سلطة القاضي التقديرية لانه يمارس بالنسبة لها سلطة واسعة وله حرية كاملة في تقدير الادلة القائمة في الدعوى .
المطلب الخامس : الخبرة
نظم قانون الاجراءات الجزائية في القسم التاسع من الباب الثالث من الكتاب الاول واعمال الخبرة امام القضاء الجنائي في المواد 143 إلى 156 , وهذه هي بعض لنصوص عنها .
المادة 143: " لكل جهة تتولى التحقيق او تجلس للحكم عندما تعرض لها مسالة ذات طابع فني ان تامر بندب خبير , اما على طلب النيابة لعامة او الخصوم او من تلقاء نفسها .
المادة 146 " يجب ان تحدد دائما في قرار وندب الخبراء مهمتهم التي لا يجوز اندف الا إلى فحص مسائل ذات طابع فني " .
المادة 153 " يحرر الخبراء لدى انتهاء أعمال الخبرة تقرير يجب ان يشمل على وصف قاموا به من أعمال ونتائجها , وعلى الخبراء ان يشهدوا بقيامهم شخصيا بمباشرة هذه الاعمال إلى عهد اليهم باتخاذها ويوقعوا على تقريرهم فذا اختلفوا في الراي او كانت لهم تحفظات في شان النتائج المشتركة عين كل منهم رايه او تحفظاته مع تعليل وجهة نظره"
تعريف الخبرة :
الخبير هو كل شخص له دراية خاصة بمسالة من المساءل , فيلجأ إلى الخبرة قامت في الدعوى مسالة يتطلب حلها معلومات خاصة لا ياسس القاضي من نفسه الكتابة العلمبة و الفنية لها , كما اذا احتاج الحال لتعيين سبب الوفاة اومعرفة تركيب مدة مشتبه في انها سامة او مغشوشة , تو تحقيق كتابة معي بها ( ).
اختيار الخبير :
حدد المشرع طرق اختيار الخبراء , حيث نصا المادة 144 ق ا ج على انه يختار الخبراء من الجداول التي تعده المجالس القضائية بعد استطلاع راي النيابة وتحدد الاوضاع التي يجري بها قيد الخبراء , او شطب اسمائهم بقرار من وزير العدل .."
وينبغي على الخبير المقيد لاول مرة بالجدول لخاص بالمجلس القضائي ان يحلف اليمين امام ذلك المجلس بحسب الصيغة التي وضعتها المادة 145 ق ا ج
تقديم التقرير :
يجب ان يكون تقرير الخبير مفصلا ومتضمنا كافة المسائل والبيانات الخاصة بتنفيذ المامورية , وينقسم تقرير الخبير إلى ثلاثة اقسام :
1-المقدمة : وتشمل موضوع الانتداب وما يراد اخذ الرأي فيه
ب-القسم الثاني : ويشمل جميع الاجراءات والابحاث التي اجراها الخبير
ج-يتضمن النتيجة التي انتهى اليها ورايه في المسائل التي ندب شانها ( ) .
ورأي الخبير لا يعد وان يكون استشاريا , فهو لا يفيد المحقق ولا محكمة الموضوع من بعده ويخضع لتقدير المحقق وقاضي الموضوع .
آثار تقدير الخبير :
التقرير له في الاثبات قوة الاوراق الرسمية , بمعنى لا يجوز انكارها اشتمل عليها من وقائع أتثبتها الخبير باعتبار انه رآها , اوسمعها او عملها في حدود اختصاصه الا بطريق الطعن بالتزوير , والتاريخ حجة بما اشتمل عليه من تاريخ وحضور الخصوم او غيابهم .
فللخصوم الحق في مناقشة رأي الخبير وللمحكمة الحق في استدعاءه لإيضاحه فيما دون التقرير
وفي حالة تعدد التقارير المقدمة فان المحكمة ان تفاضل بينها وتأخذ منها ما تراه وتطرح ما عداه لان ذلك امر متعلق بسلطتها في تقرير الدليل ولا نعقب عليها فيه , وبالنيبة للاقرير الواحد , فان للمحكمة ان تأخذ تراه محلا للتعديل عليه وتستبعد منه ما لا تراه محلا لاطمئنانها ولا يمكن الاعتراض عليها في ذلك , لان رأيها في كافة المسائل الموضوعية نهائي ولا معقب عليه ( ).
وفي كافة الحالات يجب ان تتسبب المحكمة رفض الأخذ بتقرير الخبير
المطلب السادس : المعاينة
المعاينة هي اجراء بمقتضاه ينتقل المحقق والمحكمة إلى مكان وقوع الجريمة ليشاهد بنفسه ويجمع الاثار المتعلقة بالجريمة وكيفية وقوعها , وكذلك جمع الاشياء الأخرى التي تفيد في كشف الحقيقة ومن ثم فهي اثبات مباشر ومادي للحالة شيء او شخص معين ويكون ذلك من خلال الرؤية او الفحص المباشر للشيء او الشخص بواسطة من باشر الأجراء والمعاينة من اهم الاجراءلت في التحقيقات الجنائية وهي عصب التحقيق ودعامته ولها المرتبة الأولى بالنسبة لسائر اجراءات التحقيق الأخرى لانها تعبر عن الواقع تعبيرا أمنيا صادقا.وتعتبر المعاينة من اقوى الادلة التي يطمئن اليها المحقق الجنائي بل انها تفوق في قوتها الاعتراف.
الأساس القانوني :
تنص المادة 79 ق ا ج على انه " يجوز لقاضي التحقيق الانتقال الى اماكن وقوع الجرائم لا جراء جميع المعاينات اللازمة او للقيام بتفتيشها , ويخطر ب>لك وكيل الجمهورية ال>ي له الحق في مرافقته , ويستعين قاضي التحقيق دائما بمكاتب التحقيق ويحرر محضر بما يقوم به من إجراءات "
كما تنص المادة 235 من ذات القانون على انه " يجوز للجهة القضائية اما من تلقاء نفسها او بناءا على طلب النيابة العامة او المدعي المدني او المتهم ان تآمر بإجراء الانتقالات اللازمة لإظهار الحقيقة ويستدعي أطراف الدعوى ومحاموهم لحضور هذه الانتقالات ويحرر محضر بهذه الإجراءات " .
وعليه المشرع لم ينص على اجراء المعاينة الا في مرحلة التحقيق الابتدائي بل ان المحكمة هي كذلك ان تجرى المعاينة اثناء نظر الدعوى توصلا الى كشف الحقيقة سواء من تلقاء نفسها او بناء على طلب الخصوم
موضوع المعاينة :
المعاينة قد تكون مكانية كما تكون شخثية وقد تكون عينية او مادية على حسب الجريمة ومثال المعاينة الشخصية فحص جثة قتيل وبيان مادية من اثار اكراه او طعنات او مقاومة , والمعاينة المكانية هي التي يرى فيها المحقق الوضع المكاني لكل من المتهم والمجني عليه اثناء ارتكاب الجريمة ومكان وجود الشهود , وهل يمكنهم الرؤية من عدمه , كما يدخل ايضا فيالمعاينة المكانية بيان امتداد يد الغير الى مكان وقوع الجريمة من عدمه , كما في حالة الجرائم احراز السلاح او المخدرات التي تضبط في مكان يتعلق المتهم اما
المعاينة العينية فهي تلك التي تتعلق بالاشياء كمعاينة الادوات القائمة بمكان الحادث وبيان ما اذا كان بها اثار تفيد في كشف الجريمة من عدمه ككسور او بقع دموية او بصمات او غير ذلك( ).
ويجب ان تعبر المعاينة عن الواقع تعبيرا امنيا صادقا , فهي مراة تطبع عليها صورة حية واقعية لكل ما يتصل بالجريمة تلك الصورة التي ستكون تحت نظرة المحكمة والدفاع عند نظر القضية وموضع المناقشة والتحليل , وكلما اتسمت المعاينة بالدقة والموضوع والبيان كلما وصل المحقق بتحقيقه الى خير النتائج في كشف الحقيقة وجمع الأدلة ومعرفة الجاني.
المبحث الثاني : حرية القاضي في تكوين اقتناعه :
يختلف دور القاضي الجنائي في نظر الدعوى عن دور القاضي المدني , فبينما يقتصر عمل الاخير على تقدير الادلة التي يقدمها االخصوم , لايلتزم القاضي الجنائي موقفا سلبيل فمن حقه بل من واجبه ان يتحرى وينقب عن الحقيقة , وذلك بكافة الطرق سواء نص عليها القانون او لم ينص عليها .
فللقاضي حرية في تقدير عناصر الاثبات التي يستمد منها اقتناعه فمبدأ حرية القاضي في الاقتناع , تعني ان يقدر القاضي بكامل حريته قيمة الأدلة المعروضة عليه تقديرا منطقيا.
ومبدأ الاقتناع الشخصي للقاضي الجزائي كرسته صراحة احكام المادة 212 ق ا ج يقولها : " يجوز اثبات الجرائم باس طرق من طرق الاثبات ماعدا الاحوال التي ينص فيها القانون على غير ذلك , وللقاضي ان يصدر حكمه تبعا لاقتناعه الخاص , ولا يسوغ للقاضي ان يبني قراره الا على الادلة المقدمة له من معرض المرافعات التي حصلت المناقشة فيها حضوريا امامه , والملاحظ ان هذه المادة تكرس قاعدتين لا يمكن فصلها قاعدةة الاقتناع الحر من جهة , وقاعدة حرية اختيار وسائل الاثبات الجنائي من جهة اخرى.
ا-اما قاعدة الاقتناع الحر للقاضي الجزائي :
ان القاضي اجزائي حر في تكوين اقتناعه الا ان هذا الاقتناع يجب ان يكون منطقيا وليس مبنيا على فحص التصورات الشخصية للقاضي ملتزم بان يتحرى المنطق الدقيق في تفكيره الذي قاده الى اقتناعه , فالقاضي يلتزم قانونا ببيان الاسباب التي قادته الى اصدار حكمه على النحو الذي انتهى اليه وانه يجب عليه تسطير هذه الاسباب في ورقة الحكم بشكل كاف ونطقي وا>ا كان الحكم القضائي يتكون من اجزءء ثلاثة هي الديباجة , والأسلوب والمنطوق , فان اهم هذه الاجزاء هي الاسباب لانها ترجمان اقتناع القاضي واظهار مدى فهمه للواقعة والادلة القائمة في اوراق الدعوى , ومدى سلامة تطبيقه للقانون عليها ( ).
ولكي ياتي الحكم القضائي صحيحا فانه يجب على القاضي ان يستعين بقواعد الاستدلال الصحيحة التي تفرضها قواعد النطق في فهمه للواقعة واستخلاص حقيقتها وفي فهمه السائغ والكافي للادلة واستنباط النتائج الصحيحة منها .
ب-قاعدة حرية اختيار وسائل الاثبات الجنائي :
للقاضي الجزائي كامل الحرية في ان يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن اليه الا انه لا يجوز له ان يبني حكمه الا على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس له , ان يقيم قضاءه على امور لا سند لها من الاوراق المفروضة عليه .
فالقاضي الجزائي يجب ان يستمد اقتناعه من ادلة عرضت واتيحت مناقشتها في المحاكمة , فيقتنع فيها القاضي بادانة المتهم او ببراءته , فلا يجوز له ان يحكم بناءا على معلوماته الشخصية بناءا على ما رواه او سمعه بنفسه في غير مجلس القضاء
ج-الاستثناءات على مبدأ حرية القاضي في الاقتناع :
اورد القانون استثناءات على مبدأ حرية القاضي في الاقتناع وتتمثل فيما يلي :
1-القرائن القانونية وهي اما قرائن قاطعة لا تقبل اثبات العكس او قرائن بسيطة قابلة لاثبات العكس
2-جعل القانون لبعض المحاضر قوة اثبات خاصة بحيث يعتبر حجة ما جاء فيه
3- نص القانون على اثبات الزنا في حق الشريك بتقيد القاضي بادلة معينة في الادانة
4-اثبات المسائل الاولية وفقا لطرق الاثبات المقرر في القانون لتلك الوسائل ( ).
المطلب الاول : تكوين قناعة القاضي انطلاقا من الاعتراف والاقرار :
الاعتراف دليل من أدلة الإثبات , ولكل دليل شروط وقواعد تتحقق به من صحة وبالتالي ثقة المحكمة فيه والاستناد اليه في حكمها وقواعد الاعتراف هي :
1-الاهلية الاجرائية للمعترف : كتوافر الادراك او التمييز وقت لادلاء الاعتراف
2-تمتع المتهم بحرية الاختيار : وهو ان تكون ارادته حرة واعية بعيدة عن كل ضغط
3-صراحة الاعتراف ومطابقة للحقيقة : يجب ان ينصب الاعتراف على نفس الواقعة الإجرامية وعلى ملابساتها
4-إسناد الاعتراف الى إجراءات صحيحة فالاعتراف الذي يجيء وليد إجراء باطل يعتبر باطل هو الآخر ولا يجوز الاستناد اليه ( )
ان الاعتراف في المساءل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف ولها في سبيل ذلك ان تاخذ باعتراف المتهم ولو كان واردا في محضر الشرطة او في تحقيق اداري متى اطمانت الى صدقة ومطابقته للحقيقة والواقع وان عدل في مراحل التحقيق الأخرى وتمى خلصت المحكمة الى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فان معاد ذلك انها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ به ( )
سلطة المحكمة في تقدير الاعتراف :
طبقا لمبدا خرية القاضي في تكوين عقيدته الذي تاخذ به التشريعات الحديثة اصبح للقاضي الحرية في تقدير حجية الاعتراف فله ان يحول الى اعتراف المتهم في اية مرحلة من مراحل التحقيق متى اطمان على انه يمثل الواقع وذلك على الرغم من جحوده امامه بجلسة وصار تقدير قيمة الاعتراف امرا من شؤون القاضي الموضوع بحرية حسبما يكشف له من ظروف الدعوى ولا يعول عليه من ارتاب فيه ويكشف له الدلائل التي تشير الى عدم مطابقته للحقيقة والواقع او محالفته للشروط الواجبة لصحته .
ولكن اذا دفع المتهم بان الاعتراف المعترف اليه انتزع منه بطرق الاكراه .. وجب على القاضي البحث في صحة ما يدعيه المتهم ومتى تحقق من ان الاعتراف سليم مما يشوه به واطمانت اليه نفسه كان له ان ياخذ به وهو بذلك لا يكون خاضعا لرقابة محكمة النقض والمحكمة ليست ملزمة في اخذها باعتراف المتهم ان تلزم بنصه وظاهرة بل لها ان تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها دون الاخذ بظاهرها ( )
هل يكفي الاعتراف وحده للحكم بالإدانة :
ان أي دليل لا يكفي لوحده في ادانة المتهم وتكوينا لاقتناع القاضي , فالحجية والاقتناع تاتين من تساند الادلة المختلفة ولا يستثني الاعتراف من ذلك اذ انه لوحده لا يكفي .
فالاعتراف هو الذي استكمله شروط صحته فاصبح صالحا كدليل للدعوى ليس معناه ان التطابق حتميا بين صحة الاعتراف من الناحية الاجرائية بين صفته من الناحية الموضوعية فقد تتوافر شروط صحة الاعتراف ومع ذلك يكون غير مطابقا للحقيقة فلم يعد صحيحا ذلك ان الاعتقاد الذي ساد طويلا بان الاعتراف سبت
الادلة استنادا الى القول ان الاعتراف كثيرا ما يكون كا>با لا سباب متنوعة كانقاذ المجرم الحقيقي الذي تربطه بالمتهم رابطة وثيقة كرابطة الابوة والاخوة او الرغبة في الظهور او الشهرة كما سبق البيان ون هنا
كان على المحكمة الا تكتفي بمجرد صدور الاعتراف المستعمل وشروط صحة الاستناد اليه في حكم الادانة وانما يجب تقديره لتحقيق من صدقه وفقا لمطلق الحرية في التقدير استنادا لمبدا حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته وهذا التقدير مسالة موضوعية لا رقابة عليها لمحكمة النقض فاذا تبين للمحكمة ان الاعتراف غير صادق طرحته فلا يصح تاثيم انسان ولا بناء علىاعترافه بلسانه او بكتابة انسان وبناء على اعترافه بلسانه اذ بكتابة متى كان ذلك مخالفا للحقيقة والواقع .. اما اذا تحققت من صدقة فانه تستند اليه كدليل ادانة ولوكان الاعتراف يكفي وحده بادانة المتهم لكان ذلك انتهاكا للحريات الفردية واهمالا للحقوق الشخصية ومجازفة بان يبني عليه حكم الادانة لان الاصل ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته بطريق قاطع يعني لا شك فيه وليس بطريقة ظنية او احتمالية ذلك ان استناد القاضي الى الاعتراف في اثبات التهمة على المتهم الذي اقره المتهم في المحاضر الاولية التي كثيرا ما يكون فيها المتهم معرض لضغط مجمر ... ليس هذا فقط بل في اشد الحاجة الى مدافع يقف بجواره حيث انه مشتت التفكير مرتبك فاقد الامل يحس بالضياع وغالبا ما يكون ذلك امام اجهزة المباحث وتلك الهيمنة والقوة لسلطة الدولة والمتمثلة في هؤلاء الرجال ففي هذه الفترة القصيرة عفي ارتكاب الحادث يكون المتهم سالب الارادة ... منظور اليه كانه مجرم وقد يتعرض للضرب والاهانة وقد يصل الامر الى حد التعذيب من اجل الاقرار بالفعل المنسوب اليه .
فلو افترضنا هباءا وجدلا ان ما يفعل في المتهم وهو في قبضة رجال المباحث فعل لا يجرمه القانون فمن ناحية المشرع والدين حرام وشيء لا يرضاه العقل والضمير بل تاباه الطبيعة فيجب على المحكمة التحقق من صحة الاعتراف ومن الدوافع الى انت الاعتراف " الادلة الجنائية كلها متساندة يشد بعضها بعضا ومنها تتكون عقيدة القاضي ( )
المطلب الرابع : انطلاقا من الشهادة :
خول القانون الجنائي سلطة واسعة وحرية كاملة في تقدير الادلة القائمة في الدعوى عندما اعتنق مبدأ حرية القاضي في تكوين عقيدته .
نقضت محكمة النقض بان اساس الاخكام الجنائية انما هو حرية قاضي الموضوع في تقدير الادلة القائمة في الدعوى ولا يصح مطالبته بدليل معين الا اذا قيده القانون بذلك , فما دام تبين من حكمه انه لم يقضي بالبراءة
الا بعد ان الم تلك الادلة ووزنها فلم يقتنع وجدانه بصحتها قلا يجوز مصادرته في اعتقاده , ولا المجادلة في حكمه مام محكمة النقض كما انه لا يحكم بالادانة الا اذا اطمان ضمير اليها ( ).
وخضوع الشهادة لسلطة القاضي التقديرية لا رقابة عليه من حكمة النقض , قمتى استقرت عقيدته على راي , فلا يكون من استشهد اليه في ذلك دليلا مباشرا مؤديا بداية الى النتيجة التي انتهت اليها , او غير مباشر لا يوصل الى هذه النتيجة الا بعملية منطقية والقاضي غير ملزم بتصديق الشاهد في كل روايته بل ان له ان يطرح مالا يطمئن اليه وجدانه معها , قيجوز الاخذ ببعض اقوال الشاهد دون البعض الاخر .
ولما كان قاضي الموضوع هو صاحب الحق وحده في تقدير اقوال الشهود , فهو لا يتقيد براي محكمة اخرى ان تشككت في صحة اقوال الشهود عن ذات الواقعة المدعي بها .
ويجوز للمحكمة الاستئنافية ان تفحص من جديد اقوال الشهود الذين سمعواامام محكمة الدرجة الاولى , وان نستخلص منها ما يطمئن اليها وجدانها ولو كان استخلاصها مخالفا لما استخلصته المحكمة الابتدائية
وبما ان حرية التقدير ترتبط بحرية الاقتناع الشخصي للقاضي الحزائي فانه بتقرير المشرع مبدأ حرية القاضي في تكوين اقتناعه يكون قد اعطى للقاضي سلطة واسعة في تقدير الادلة القائمة في الدعوى ولا يصح مطالبة القاضي بالاخذ بدليل معين الا اذا قيده القانون بذلك فلا يجوز مصادرته في اعتقاده والمجادلة في حكمه امام المحكمة العليا فهو لا يحكم بالادانةاو البراءة الا اذا اطمئن ضميره الها وللمحكمة مطلق الحرية في تقدير الشهادة , فلها ان تاخذ بما يطمئن اليها وجدانها وان تطرح مالا ترتاح اليه ن غير ان تكون ملزمة ببيان اسباب ترجيحها لما اخذت به ولا يتقيد القاضي بعدد معين ولا نبوع معين من الشهود وكما يمكنه ان ياخذ باقوال شخص ولو كانت مخالفة الاقوال شخص اخر كماله ان يجزئ اقوال الشاهد فياخذ
بعضها دون البعض الاخر , كما يمكنه ان اعتبار ان شهادة الشاهد في محضر ضبط الواقعة اصبح من شهادته التي اداها امام المحكمة ويجوز للقاضي ايضا ان يعتبرا تصريحا الشاهد اثناء مرحلة التحقيق اصح من تصريحاته امام هيئة المحكمة اذا غير الشاهد تصريحاته, ويعتمد عليه في الحكم متى اقتنع بصحتها ( ).
1-وجود الشهادة كدليل وحيد في القضية
فيغالب الاحيان تكون الشهادة كدليل وحيد في القضية , وفي مثل هذه الحالة القاضي بعد تقدير لمدى صحتها حر في الاخذ بها او تركها ومتى اطمئن لها اعتمد عليها كسند لاصدار الحكم , وتجدر الملاخظة ان القانون لم يلزم القاضي بعدد منوع ولا بنوع معين من الشهود , اذ يجوز للقاضي ان ياخذ بشهادة شخص واحد في الحكم على المتهم ولو باقصى العقوبات وهذا يتنافى والمنطق , خاصة ان ق ا ج لم يضع شروطا يجب توفرها في الشهود الجائز الاخذ بشهادتهم ولم يمنع من ان تهتز الثقة فيهم من اداء الشهادة وهذا عيب يجب تلافيه , كيف ولا التشريعات القديمة كانت تتطلب شهادة اثنين فما فوق ومن بين هذه التشريعات النظام الفرنسي بعد سقوط الامبراطورية الرومانية التي اخذ بالنظام امقيد في الاثبات واعتبر شهادة الشاهدين بمثابة دليل كامل بينما اعتبر شهاد واحد بمثابة دليل ناقص لا يسمح بتطبيق العقوبة المقررة قانونا وانما يسمح بتطبيق عقوبة اخف.
2-تعارض الشهادة مع الدليل الفني
الدليل الفني هو الدليل المستنبط من الوقائع او من الاشياء كالخبرات الطبية والمعاينات المادية لاهل الخبرة فاذا تعارضت الشهادة مع هذا الدليل هل يمكن الاخذ بالشهادة او يرجع الدليل الفني عليها
اعتمادا على حرية الاقتناع الشخصي للقاضي الجزائي فبإمكانه ترجيح الشهادة على الدليل الفني او العكس سواء كان تعارضا بسيطا او بينا , وبالرجوع الى الاجتهادات القضائية المصرية في هذا الصدد , نجدها لا تشترط تطابق لقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني حيث يكفي ان تكون حوصلة الدليل القولي غير متناقضة مع الدليل الفني تناقضا يستعصة على الملاءمة والتوفيق , اما اذا كانت الشهادة تتعارض مع الدليل الفني تعارضا ينفي الملائمة والتوفيق وتم الاستناد الى هذه الشهادة في الحكم قلن هذا الاخير يكون عرضة للنقض ( )
3-جواوز تجزئة الشهادة والاخذ بتصريحات الشاهد رغم تبذيلها :
تتحدث كل المراجع على ان القاضي في تقديره للشهادة يمكنه ان يجزئ أقوال الشاهد فيأخذ ببعضها دون البعض الاخر , وكان القاضي يطمئن لبعض تصريحات الشاهد دون البعض الآخر أي يراود القاضي لشك في صحة الشهادة فيعمد على تجزئتها باخذ بما يعتقده صوابا او بترك ما شك في صدقه وهذا غير منطقي لان الشهادة كأقوال صادرة من شخص يمكن ان تكون صادقة او كاذبة فقط لماذا يفترض ان القاضي تأكد
من كذب وعدم صحة جزء من الشهادة فان هذا الوصف يلحق الشهادة كلها , لذلك فمن الاحسن اصدار هذه الاقوال جملة وتفصيلا , وهذا ما يعبر عنه في الشريعة الاسلامية بالشبهة في الشهادة في اثبات الجريمة الجدية كذلك الشان بالنسبة لامكانية الاخذ بشهادة الشخص الذي اداها امام قاضي التحقيق دون الشهادة التي اداها امام المحكمة رغم تعارض الشهادتين ويعلل كتاب الاحتكام الى الشهادة المدلى بها امام قاضي التحقيق لاقتراب ةقت الادلاء بها من وقت وقوع الجريمة حيث لم تتدخل بعض عوامل اثرت في الشاهد ليدلي بغير الواقع , لكن ترد على ذلك بان تبديل الشاهد لتصريحاته يفتخ مجالا للشك في صحة ايمنهما لظهور تصريح
يعارض الاخر مما يجعل كل منهما غير مفيد لليقين اوالقطع ولا يعول عليه في الاثبات وهذا ما يعرف في الشريعة الاسلامية بالشبهة في الشهادة ( )
المطلب الخامس :انطلاقا من الخبرة :
القاعدة العامة ان المحكمة هي الخبير الاعلى فتقارير الخبراء الخبراء تخضع دائما لتقديرها فلها ان تطرحها كلها ولها ان تاخذ براي دون الاخر كما لها كامل السلطة التقديرية في تقرير القوة التحليلية لعناصر الدعوى المطروحة على النقاش وتقتضي السلطة التقديرية للمحكمة ايضا انها تملك الاخذ ببعض ما ورد في تقرير الخبير وتطرح الجزء دون ابداء اسباب بذلك الا في المسائل الفنية فلايجوز تنفيذها الا باسانيد فنية ومتى اقتنعت المحكمة بتقرير الخبير وان الاسناد اليه في حكمها قيجب ان يكون ما ورد بالتقدير قد طرح للمناثشة بالجلسة وان كل تلاوة لتقرير غير ملزمة وحينما يكون استثناء للمحكمة الى راي الخبير لا تجب في النطق والقانون فانها تكون غير ملزمة باجابة الخصم الى طلبه في تعيين خبير اخر وفي اعادة المهمة الى ذات الخبير كما لا تكون ملزمة بالرد على ذلك في ايباب حكمها ويتجلى دور الخبرة في تكؤين القناعة الشخصية للقاضي الجزائي من خلال الميداين التالين :
اولا : قوة راي الخبير في الاثبات
نحن نعلم بان القاضي الجنائي يختلف عن القاضي المدني فيما يتعلق بالاثبات في ان الاول يتمتع بحرية كاملة في تكوين عقيدته على عكس الثاني وهو مقيد في الاثبات بطرق معينة وهذا ما يطرخ امامنا اشكالية : هل ما قام به الخبير يعتبر الزامي بالنسبة للقاضي ام لا ؟ .
ان ما قام به الخبير ليس الزامي لان القاضي يتمتع بالسلطة التقديرية لكن لا يمكن اهمال دور الخبرة في قناعة القاضي اذ ان الخبرة تعتبر عنصر من عناصر الملف فهي تثبت الواقعة او نفيها ولكن لا تدل على شخص المجرم وهنا تستطيع القول والتاكيد على ان تقرير الخبير هو انارة واضاءة ومساهمة في الوصول الى الحقيقة لكن بعيد مفهوم الالزامية بالنسبة للقاضي .
ويتجه الراي الغالب في الفقه الى ان الخبرة وسيلة اثبات تهدف الى التعرف على وقائع مجهولة من خلال وقائع معلومة فالخبرة وسيلة الاثبات خاصة تنقل الى جنح الدعوى دليلا يتعلق باثبات الجريمة او اسنادها المادي او المعنوي الى المتهم حيث يتطلب هذا الاثبات معرفة او دراية لا تتوفر على عضو السلطة المكلفة بالخبرة , ولا تتقيد المحكمة مطلقا بتقارير الخبرة بل لها ان نختار مثل هذه التقارير ما ترى الاخذ به كما ان نفضل تقريرا على تقرير اخر بل ولها ان نبحث المسالة بنفسها وتفصل فيها من غير ان تاخذ باراء الخبراء جميعا .
ومن التطبيقات القضائية نجد ان تقرير الخبرة ليست الا عنصر اقناع يخضع لمناقشة الاطراف وتقدير قضاة الموضوع اضافة الى انه في كافة الحالات يجب ان تسبب المحكمة ورفض الاخذ بالتقرير الذي اعده الخبير ولا تترتب اذا هي طرحت ما دون في تقرير الخبير ما دامت لم تطمئن اليه .
ثانيا : مبدأ القاضي خبير الخبراء
المادة 221 من قانون الاجراءات الجزائية تنص على انه :
يجوز اثبات الجرائم باي طريق من طرق الاثبات ما عدا الامور التي ينص فيها القانون على غير ذلك وللقاضي ان يصدر حكمه تبعا لاقتناعه الخاص.
ولا يسوغ للقاضي ان يبني قراره الا على الادلة المقدمة له في معرض الملاافعات والتي حصلت المناقشة فيها حضوريا امامه( ), ومن خلال هذه المادة تبين ان المحكمة غير مجبرة بالأخذ براي الخبير ولها مطلق الصلاحية في تقديم الادلة ونتائج المستمدة من اعمال الخبير بجميع الظروف المحيطية به بحيب اقناع هيئة المحكمة .
والحقيقة ان هذا المبدا المتمثل في حرية القاضي في التقدير والمعبر عنه بمبدأ القاضي خبير الخبراء تاخذ به جل التشريعات الحديثة فالمحكمة بوصفها الخبير الاعلى لها ان تجزم بصحة الخبير الفني وتقديره , متى كانت ووقائع الدعوى وادلتها قد ايدت ذلك ندها واكدته لديها ولها ايضا سلطة الجزم بما لم يجزم للخبير في
تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد ابدأت ذلك عندها واكدت لديها فراي الخبير يعطي دائما بصفة استشارية ولا تتقيد به المحكمة فهو ليس بحكم وليست له قيمة قضائية اكثر من شهادة الشهود وا يمنع القاضي في حقه التام في تقدير الوقائع التي تعرض عليه حق قدرها , وفي تقدير القوة التدليلية اتقدير الخبير شانه في ذلك شلن سائر الادلة ولا يقبل مصادرة للمحكمة في هذا التقرير ولما كانت المحكمة قد اطمانت الى ما تضمنه التقرير المقدم في الدعوى فيما استخلصته واطمأنت اليه واطرحت في حدود سلطتها التقديرية التقدير الاستشاري بما تضمنه من مطاعن على التقرير , فانه لا يجوز مجادلة المحكمة وفي ذلك امام محكمة نقض مادام اسنادها الى التقرير السابق ذكره سليما لا يشوبه خطأ وهي غير ملزمة من بعد الإجابة الدفاع الى ما طلبه من استدعاء كبير الاطباء الشرعيين لمناقشة مادام ان الواقعة قد طرحت لديها , ولم توصي من جانبها حاجة باتخاذ هذا الإجراء.
وبناء عليه ليست المحكمة مقيدة برأي الخبير في معرفة التلازم بين التعدي والضرب والطبيب فإذا اقر الطبيب انه حصل للمجني عليها إجهاض من تأثير المصادمة التي حصلت ببطنها ومن إهمال العلاج لها التهاب نفاسي , وقرر الطبيبان اللذان قاما بمعالجتهما أن وفاتها كانت بسبب الإجهاض الذي نشا من الالتهاب النفاسي , كان للمحكمة أن تستنتج من ذلك وجو د تلازم بين التعدي والوفاة بغض النظر عما قرره الطبيب الكاشف عن حصول إهمال من العلاج وفي كافة الحالات التي يجب ان تسبب المحكمة رفضها لتقرير الخبير وتسبب عدم اطمئنانها اليها في حدود القانون ( )
امثلة قضائية على اعتماد المحاكم الحنائية على الخبرة :
قضية رقم 1
حدثت هذه القضية على مستوى ولاية سوق اهراس وكان الطبيب الشرعي المكلف بها السيد عبد الحفيظ دريدي وقد تمثلت وقائعها في مايلي:
تم الابلاغ عن وفاة انسة بمنزل اهلها واثر الانتقال بمكان الحادث من طرف الشطة القضائية وجدت الضحية معلقة بحبل في السقف وهذا ما يبدو في او ل وهلة كانه حالة انتحار وبعد القيام بالاجراءات القانونية المطلوبة قامت النيابة بندب خبير لا جراء تشريح للجثة وكان تقرير الطبيب الشرعي يؤكد ان الوفاة حدثت نتيجة خنق وليس شنق وان الضحية تعرضت للقتل هذا بسبب اثار المقاومة الموجودة على جسمها كما وجدت رضوض تدل على انها تعرضت للضرب وبالتالي اكد على ان الوفاة كانت سابقة عن عملية تعليق الضحية بالحبل لاظهار انها انتحرت وهناك تم فتح ملف التحقيق , ثبتت فيه بعد اجراء التحريات المطلوبة ان الضحية فعلا تعرضت للقتل خنقا وان القاتل هواخ الضحية بالاشتراك مع والدتها والتي اعترفت بذلك بعد توجيه التهمة اليه وان دافعه لقتلها هو شكه المستمر بسلوكها وان قتلها دفاعا على الشرف كما اعترفت والدتها انها بعد القتل تعاونت مع ابنها لتعليق الجثة وتغليط العدالة بالتظاهر بانها انتحرت .
والملاحظ انه في هذه القضية لولا الخبرة الطبية لما تاكد المحققون من مسالة الانتحار وهل ان الوفاة وقت قبل او بعد التعليق هنا ستبين لنا ان الخبرة الطبية شكلت نسبة كبيرة وكان لها حصة الأسد في البحث عن الحقيقة وتحقيق العدالة ( )
قضية رقم 2
لقد تم معالجة هذه القضية والحكم فيها بمجلس قضاء عنابة والملاحظ ان في في هذه القضية الخبرة الطبية لعبت دور سلبي وكادت ان تؤدي الى ادانة بريء بسب اهمال الطبيب الخبير في القيام بعمله وعدم مراعاته لادابيات واخلاقيات المهنة وتشمل وقائع هذه القضية في الاتي :
تم التحقيق مع شخص اتهم بجريمة قتل عمدي السيدة متوفاة حيث أكد الطبيب الشرعي , ان الوفاة حدثت نتيجة الة راضية أصابت الضحية في الرأس وهذه الآلة تواجدت لدى المتهم , وهنا تم إحالة المتهم للمحاكمة بتهمة القتل العمدي وفي هذه الأثناء تدخل الفاعل الحقيقي واعترف بجريمته وانه هو القاتل بهدف السرقة ولتاكيد اعترافه اقر على انه استعمل الة حادة في القتل والمتمثلة في (شاقور) وهنا تم فتح
ملف التحقيق من جدي وندب خبير ثان واعادة اخراج الجثة من جديد واجراء معاينة للتاكد من اعترافه وكانت المفاجأة كبيرة حين اكد تقرير الطبيب الشرعي ان الوفاة حدثت نتيجة الة حادة اصابت الضحية على مستوى الراس وانها لم تكن الة راضة ما دعم اعتراف المتهم بعد استكمال التحقيق تم تقديمه للمحاكمة بعد تبرئة المتهم الاول من التهمة المنسوبة اليه ( )
المطلب الثاني : تكوين قناعة القاضي انطلاقا من الاوراق والمحاضر ( الكتابة)
اصبحت الكتابة تحتل المرتبة الاولى بين ادلة الاثبات فعن طريق الكتابة يتحدد مركز الشخص تحديدا واضخا وللمحررات اهمية كبيرة في المواد المدنية خاصة المحررات الرسمية اذ تتمتع بحجية مطلقة في الاثبات , فالقاعدة العامة في القانون المدني كما تنص على ذلك المادة 333 منه ان الالتزام اذا زادت قيمته على 1000 دج لا يجوز اثباته بغير الكتابة , كما ان اثبات بيع العقار لا يمكن الا بالعقد الرسمي .
اما في القانون الجزائي فان المحررات كيفية عناصر الاثبات تخضع بصفة عامة لتقدير القاضي ( ) حيث تنص المادة 215 ق ا ج على انه:" لاتعتبر المحاضرو التقارير المثبتة للجنايات او الجنح الا مجرد الاستدلالات مالم تنص القانون على خلاف ذلك "
حجية المحررات في الاثبات : تعتبر المحررات كغيرها من الادلة ليس لها حجية خاصة ويجوز للمحكمة ان تاخذ بها او ان تطرحها ولو كانت ورقة رسمية مادام يصح في العقل ان يكون الدليل الذي
تحمله غير ملتئم مع الحقيقة التي طمانت اليها من باقي الادلة , فمحاضر جمع الاستدلالات التي يجريها رجال الشرطة ومحاضر التحقيق التي يجريها اعضاء النيابة وما تحويه من اعترافات المتهمين ومعاينات المحققين واقوال الشهود من عناصر اثبات تخضع لتقدير القاضي وتحتمل الجدل والمناقشة كسائر الادلة وللخصوم ان * دون ان يكونوا ملزمين بسلوك سبيل الطعن بالتزوير وللمحكمة بحسب ماترى ان تاخذ بها او تطرحها ( ).
ويلاحظ انه لا يجوز للمحكمة ان تستمد اقتناعها من ورقة لم تطلع عليها ولا يجوز لها ايضا ان تستمد اقتناعها من ورقة طلعت عليها وللمناقشة في الجلسة كما لا يجوز ان تستمد اقتناعا من ورقة حصل عليها مقدمها بطريقة غير مشروعة ,وتعتبر المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من امور قام
بها محررها في حدود مهمته او وقعت من ذوي الشان في حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا , ولكي يكون المحر رسميا ينبغي ان تتوافر فيه الشروط الاتية:
1-صدور المحر ر من موظف عام او من شخص مكلف بخدمة عامة
2-صدور المحرر من الموظف من حدود سلطته واختصاصه
3-مراعاة الاوضاع القانونية في تدوين المحرر
اما المحررات العرفية فلا تكون حجة الا اذا لم ينكر من نسب اليه ماهو منسوب اليه من خط او امضاء او ختم او بصمة ولا بد ان يكون الانكار صريحا ( ).
ان حرية القاضي في الجزائي في الاقتناع تجعله ياخذ باي دليل مطروح عليه اطمئن اليه , ولا يصح مطالبته بالاخذ بدليل معين فجميع الادلة تخضع كل الاحوال لتقدير القاضي ولو كانت اوراقا رسمية مادام هذا الدليل غير مقطوع بصحته .
ولقد جعل القانون لبعض الاوراق قوة اثبات خاصة بحيث يعتبر المحضر حجة بما جاء فيه الى ان يثبت ما ينفيه كما هي الخال بالنسبة الى محاضر الجلسات او الاحكام متى تضمنته من الوقائع التي يثبتها المامور ون المختصون الى ان يثبت ما ينفيها على ان اعتبار هذه الاوراق حجة لا يعني ان المحكمة تكون ملزمة بالأخذ بما ورد فيما دون ان تعيد تحقيقه بالجلسة ولكن لها ان تقدر قيمتها بمنتهى الحرية فترفض الاخذ بها ولو لم يطعن فيها على الوجه الذي رسمه القانون .
المطلب الثالث : تكوين قناعة القاضي انطلاقا من القرائن
تهدف القرينة دائما في الاثبات الى استخراج المعنى من النص وذلك من خلال التامل والتفكير الناشي ء عن فرط الذهن وقوة القريحة في تقديرالصلة بين الامور الثابتة وهذا ما يمكن ان يستفاد منه في كشف وقائع مبهمة مرتبطة بالوقائع الثابتة وهي ليست دائما على وتيرة واحدة , فتارة تكون هذه الصلة قوية ومباشرة , فتكون حجة خالصة من خلال النص عليها ومن ثم تكون قاطعة لا تقبل اثبات العكس وتارة اخرى تكون الصلة ليست بنفس الدرحة الاولى الى القوة والمصاحبة , ومن ثم تصبح القرينة مرجحة للامر غير قاطعة فيه , وقد تصل درجة الضعف والوهن بين الوقائع الثابتة وتلك وتلك المراد اثباتها الى الدرجة التي يمكن ان توصف فيها النتائج المستخلصة بالظن والاحتمال دون ان تبلغ درجة اليقين الذي يقطع الشك .
واذا كان المشرع قد اوجب على ان القاضي يحكم حسب العقيدة التي تكونت لديه من أي دليل له ماخذه من الاوراق التي طمان اليه , فان النص جاء عاما دون تفرقة بين الادلة الا ان ذلك لا يعني اطلاق سلطة القاضي حيث الزمه المشرع ان يكون الدليل متساندا مع غيره من الادلة اب ان يكون بينها جميعا ارتباطا غير قابل للفصل حيث تؤدي في مجموعها الى النتيجة التي قررها في الموضوع او لا يشوبها خطا في الاستدلال ولا يشوبها تناقض او تخاذل.
مركز القرينة من ادلة الاثبات في الدعوى
ان تطبيق القرائن في مجال الاثبات تبدو اهميته في دور القرائن في مساعدة القاضي الجنائي في البلوغ الى درجة اليقين دون مصادرة الفكرة في الاقتناع بادلة الدعوة المطروحة في الجلسة , فتطبيقها يخضع في هذه الحالة لمجال اعمال القاضي لسلطته في تقدير قيمتها الاثباتية , بل هي بمثابة مسائل اولية ومعطيات قانونية افترض المشرع توافرها وسلم بصحتها ليس يهدف عرض فيمتها الاقناعية على القاضي ولكن لتسهيل عمله وتخفيف قدر من الاعباء الملقاة على عاتقه ( )
القرائن تعزز ادلة الاثبات في الدعوى :
تسهم القرائن خاصة القضائية بدور ملموس من الاثبات اذ يتمتع القاضي بسلطة تقديرية مطلقة في اختبار الوقائع التي تصلح للاستنباط وتكوين عقيدته .
ففي مجال الاعتراف , لم يعد هو سبب الادلة اذ يشترط ان يطابق الحقيقة وللقاضي حرية في تقدير قيمة الاعتراف او العدل عنه واعتماد ا على القرائن يمكن ان نؤكد هذه الاخيرة او تفقد اقرارات المتهم على النحو الذي يتفق نع الحقيقة وفقا للتصور المنطقي والعقلي , وللمحكمة ان تاخذ بالاعتراف الصادر في أي مرحلة من مراحل الدعوى حتى ولو عد ل المتهم في ذلك في جلسة الحكم اما فيما يخص شهادة الشهود فتعتبر القرائن اكثر صدقا من الشهود لان الوقائع لا تعرف الكذب , فهي الشاهد الصامت الذي يشير بكل حواسه الى مرتكب الجريمة فمن سلطة القاضي ان يدعم اقتناعه بقرائن واضحة وله تفرير قوتها من الوقائع المعروضة عليه وظروف الدعوى وادى معقب عليه , ولذلك تبدو اهمية علم القاضي بالدراسات النفسية والاجتماعية التي تؤهله ةتعينه وترفع من قدره ممارته عي كشف الجواني النفسية لشخص الشاهد .
وللخبره دور مؤثر باعتبارها مصدر الكثير من القرائن العلمية في مجال الاثبات الجنائي خاصة عي مجال تحقيق ذاتية الاثار المادية المضبوطة بمكان الحادث ومدى علاقته بالجريمة بالاضافة الى دور الخبرة في تحقيق توافر شرط من شروط القوة القاهرة التي تنعدم به المسؤولية او السبب الكافي فيحالة تعدد الاخطاء وحصر المسؤولية وغيرها ولا شك ان مثل هذه المسائل يشق على القاضي ان يضع تقرير مسبقا لها دون ان يكون بين يديه تحديد لمعطيات صادقة امينة تعين وتيسر له القضاء .
وتلعب المعاينة دورا هاما في الاثبات الجنائي , اذ تمثل الشاهد الصادق على وقائع ثابتة وتسهم منبيان الصورة الحقيقية للواقعة امام محكمة الموضوع بما تتضمنه من معلومات على مسرح الجريمة وما فيه من ادوات وآلات ومتعلقات واثار مادية تعين على تحقيق صدق اقوال الشهود وصحة اعتراف المتهم من خلال ما تستنتجه المحكمة من الوقائع او بالاستقراء
الطلب السادس : انطلاقا من المعاينة :
يحصل في بعض الاحيان ان تنتقل المحكمة الى محل الواقع لاجراء المعاينات اللازمة وذلك ما نصت عليه المادة 235 ق ا ج " يجوزللجهة القضائية اما من تلقاء نفسها او بناءا على طلب النيابة العامة او المدعي المدني او المتهم ان تامر باجراء الانتقالات اللازمة لا ظهار الحقيقة ويستدعي اطراف الدعوى ومحاموها لخضور هذه الانتقالات ويحرر محضر بهذه الاجراءات " كما يجوز للمحكمة بدلا من الانتقال بكامل هيئتها لمعاينة مخل الحادثة ان تندب احد أعضائها لهذا الغرض وتامر المحكمة بالانتقال بواسطة حكم تصدره في جلسة علنية تعين اليوم والساعة للذين يحصل بينها الانتقال كما يجوز للمحكمة ان تعين اهل الخبرة في حال التواجد بمحل الواقعة او سماع الشهود الذين ترى لزوم سماع شهادتهم ولما كان الانتقال المحكمة للمعاينة هو جزء من التحقيق النهائي التي تجريه في الدعوى وجب ان تتوافر فيه سائر شروط التحقيق في الجلسة بين حضور وعلانية اذ ان الجلية تعتبر مستمرة خارج قاعة المحاكمة التي تعقد فيها عادة واذا كان القاضي ملزم باتباع الشروط المطلوبة قانونا في إجراء المعاينات وتحرير محضر الانتقال الا انه على العكس من ذلك يتمتع سلطة واسعة في تقرير ما تسفر عنه المعاينة , اذ انه يخضع في تقدير النتائج المعاينة لما يمليه عليه ضميره وقناعته الشخصية كما يتم بذلك بالنسبة لاستخلاصه القرائن القضائية .
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز ) للمساعدة في تخصيص المحتوى وتخصيص تجربتك والحفاظ على تسجيل دخولك إذا قمت بالتسجيل.
من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.