youcef66dz
عضو متألق
- إنضم
- 3 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 3,786
- مستوى التفاعل
- 114
- النقاط
- 63
مذكرة التخرج لنيل إجازة المعهد الوطني للقضاء
إعداد الطالب القاضي :حمــيش كمــال الدفعــة الثــانية عشــر2001 - 2004
الحماية القانونية للطفل في التشريع الجزائي الجزائري
... / ...
الفصل الثاني : الحماية القانونية للطفل الجانح و المعرض للخطر المعنوي
يستحيل تـأكيد فكرة أن الإنسان مجرم بطبيعته ، بل يمكن أن يصبح مجرما بظروفه ، كما أنه من غير الملائم أن نصف أطفالا في عمر الورود بالمجرمين ، بل يصح أن نطلق عليهم تعبير المنحرفين أو الجانحين لأن الأصل في الإنسان البراءة ـ و من باب أولى أن يكون الطفل بريئا من كل ما نسب إليه من أفعال تشكل جرائم وفقا لقانون العقوبات .
لذا يستوجب الإهتمام بمسألة قضاء الأحداث بإعتباره الجهة المخولة قانونا في أكثر بلدان العالم بمعالجة وضع الطفل المنحرف ، و الطفل المعرض للخطر المعنوي .
و يمكن إعتبار التشريع الجزائري الخاص بالأحداث من بين التشريعات الرائدة التي جسدت الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل ـ كما يتوافق مع المبادئ الأساسية لقواعد الأمم المتحدة النموذجية لإدارة شؤون الأحداث و المسماة بقواعد بكين ، و كل هذه القواعد بما تتسم به من مرونة و تدابير تربوية ، تهدف أساسا إلى حماية الحدث و وقايته و تحضيره لإعادة إدماجه في المجتمع .
و قد كفل المشرع هذه الحماية بموجب قانون الإجراءات الجزائية ـ و خصص الباب الثالث منه تحت عنوان القواعد الخاصة بالمجرمين الأحداث ، و كذا قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين .
كما جاء الأمرين المؤرخين في سنة 1972- 1975 لتوضيح الحماية الفعلية للطفولة الجانحة المعرضة للخطر المعنوي فجاء الأول ينص على مظاهر الحماية و جاء الثاني لينشئ المصالح و المؤسسات المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة . و سنتاول بالدراسة في هذا الفصل ما يلي
المبحث الأول : الحماية القانونية للطفل الجانح .
المبحث الثاني : الحماية القانونية للطفل المعرض للخطر المعنوي .
المبحث الثالث : حماية الأطفال المحكوم عليهم في مرحلة تنفيذ العقوبة و التدابير .
المبحث الأول : الحماية القانونية للطفل الجانح .
يقوم قضاء الأحداث على فكرة أساسية و هي حماية الأحداث الجانحين و تقويم سلوكهم و تأمين توافقهم مع المجتمع لذاك فهو ينطلق من مصلحة الحدث ، و من مقتضيات هذه المصلحة تطبيق قواعد خاصة في متابعة الحدث ابتداء من مرحلة التحقيق الأولى إلى الإجراءات الخاصة و المتميزة أثناء التحقيق معه من طرف قاضي مختص بشؤون الأحداث ، إلى إجراءات المحاكمة .
و هو يتماشى و نص المادة 40 من المرسوم الرئاسي 92/461 و بموجبها تعترف ا لجزائر بأحقية كل طفل يدعى أنه إنتهك قانون العقوبات أو أتهم بذلك ، أو ثبت عليه ، في أن يعامل بطريقة تتفق مع رفع درجة إحساس الطفل ، و يكون ذلك بقيام سلطة أو هيئة قضائية مختصة و نزيهة بالفصل في دعواه دون تأخير بحضور مستشار قانوني وبحضور والديه مع مراعاة المصلحة الفضلى للطفل .
و قد كفل المشرع الجزائري هذه الحماية من خلال تخصيص الكتاب الثالث تحت عنوان القواعد الخاصة بالمجرمين الأحداث .
و سنتناول بالدراسة العناصر التالية :
المطلب الأول : إجراءات متابعة الطفل الجانح و التحقيق معه .
المطلب الثاني : مظاهر حماية الأطفال الجانحين في مرحلة المحاكمة .
المطلب الأول : إجراءات متابعة الطفل الجانح و التحقيق معه .
تختلف القواعد القانونية الخاصة بمتابعة الطفل الذي يرتكب الجريمة عن ما هو مقرر للبالغين سواء من حيث نطاق المسؤولية أو الجهة المختصة بالتحقيق معه و سيتم تبناه فيما يلي:
الفرع الأول : إجراءات المتابعة .
أولا : نطاق المسؤولية الجزائية للطفل .
تنص المادة 49 من ق ع على أنه { لا توقع على القاصر الذي لم يكمل الثالثة عشر إلا تدابير الحماية أو التربية } فالمشرع الجزائري يأخذ في هذا النص بمبدأ مجمع في كافة التشريعات و متفق عليه من طرف علماء النفس و الإجرام ، و بمقتضاه أن الصغير في مقتبل عمره لا يكون قد توافر لديه الوعي و الإدراك بما يدور حوله و بالتالي تنعدم عنده حرية الإختيار.
و نتيجة لذلك تمتع لديه المسؤولية الجزائية ، و اعتبر المشرع الجزائري الطفل الذي لم يبلغ الثالثة عشر من عمره عديم التميز ، و ميز بين ثلاث مراحل من المسؤولية الجنائية بحسب عمر الطفل .
المرحلة الأولى : و تبدأ منذ ولادة الطفل إلى ما قبل إكماله سن الثالثة عشر، و هذه المرحلة يكون الطفل منعدم الإدراك و الأهلية و بالتالى تنعدم العقوبة .
المرحلة الثانية : و هي مرحلة تمتد من سن 13- 18 سنة ، و في هذه المرحلة يكون الطفل ناقص الأهلية و التميز ، و يسأل الطفل عن أفعاله الإجرامية مسؤولية مخففة تبعا لنقص الأهلية .
المرحلة الثالثة : و هي مرحلة ما بعد سن 18 سنة و هي سن الرشد الجنائي و يكون الإدراك لديه اكتمل.
المرحلة الأولي : الطفل دون الثالثة عشر .
يتضح من نص المادة 49 من ق ع المشار إليها أعلاه أن الطفل دون الثالثة عشر لا يعتبر مسؤولا بحكم القانون ، فلا يجوز إقامة الدليل على أنه أهل للمسؤولية ، و إنعدام الأهلية لدى الطفل الذي لم يبلغ سنه 13 سنة قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس .
و عليه فلا تطبق العقوبة عليه و لا يمكن للقاضي أن يحمله المسؤولية الجزائية و يجب أن يكون سن الطفل أقل من 13 سنة وقت ارتكابه للجريمة لا وقت إقامة الدعوى العمومية أو المحاكمة و هذا ما نصت عليه المادة 443 من ق إ ج التي تنص { تكون العبرة في تحديد سن الرشد الجزائي ، بسن المجرم وقت ارتكاب الجريمة } و لا يعاقب الطفل الذي لم يبلغ 13 سنة سواء إرتكب جنحة أو جناية ما عدا المخالفات فإنه يكون محلا للتوبيخ طبقا للفقرة 2 من المادة 49 ق ع .
إلا انه لا ينبغي تركه دون تقويم أو إصلاح حتى لا ينشئ معتاد الإجرام فأجاز لقاضي الأحداث إخضاعه لتدابير الحماية (54) .
المرحلة الثانية : الطفل بين 13 و 18 سنة .
إذا بلغ الطفل الحدث الثالثة عشر من عمره كان مسؤولا جنائيا عما يرتكبه من جرائم و لكن المشرع راعى الإدراك و التميز الذي لا يكتمل لدى الطفل الحدث مرة واحدة ، و إنما يكون ذلك على مراحل متتالية للنمو التدرجي للقوى الذهنية و النفسية للطفل ، الأمر الذي جعل مسئوليته مخففة فإذا أرتكب الطفل جريمة فإن القانون يسمح للقاضي بإخضاعه لتدابير الحماية أو التربية أو العقوبة المخففة كما سيتم بيانه فيما بعد .
ثانيا : حماية الطفل الحدث أثناء مرحلة البحث و التحري .
1/ الأطفال و شرطة الأحداث :
بدأ التفكير على النطاق الدولي في إستحداث جهاز شرطة الأحداث و بادرت منظمة الشرطة الجنائية الدولية منذ سنة 1947 للدعوة إلى ضرورة إنشاء شرطة خاصة بالأحداث لحماية الأطفال سواء منهم الجانحين أو المعرضين للخطر(55).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
54/ لا توقع على القاصر لم يكمل الثالثة عشر من عمره إلا تدابير الحماية و التربية ـ قرار صادر عن غرفة الجنح
و المخالفات بتاريخ 20-03-1984 تحت رقم 14.250 .
55/ الدكتور محمد عبد القادر قواسمية ـ جنوح الأحداث في التشريع الجزائري ـ ص 156 .
و لميزة الشرطة في الإتصال بالطفل الجانح و مناقشته والتحقيق معه ، فإن الطفل إذا فقد ثقته فيمن يتولون أمره من البداية لتعقدت نفسيته مع كل من يتولى أمره فيما بعد سواء وكيل الجمهورية(56) أو قاضي الأحداث ، كما يعتبر العنصر النسوي له دور إيجابي خاصة في المعاملة .
هذا و بادرت المديرية العامة للأمن الوطني بإنشاء فرق متخصصة لحماية الأحداث و هذا بموجب منشور رقم 8808 الصادر بتاريخ 15 مارس 1982 و التي كلفت بمراقبة جنوح الأحداث على مستوى الأحياء ـ المدارس ـ و المؤسسات الأخرى (57).
2/ مدى جواز حجز الطفل المشتبه فيه تحت النظر :
تشير المادة 51 من ق إ ج أنه يمكن لضابط الشرطة القضائية و لفائدة التحقيق أن يوقف للنظر شخصا أو أكثر من الأشخاص المتواجدين في مسرح الجريمة ، دون أن تتجاوز مدة التوقيف للنظر ثمان و أربعون ساعة ، و إذا وجدت دلائل كافية لإرتكاب الشخص الجريمة يتم تقديمه إلى وكيل الجمهورية .
نلاحظ أن نص المادة 51 من جاءت عامة و لم تشر إلى جواز حجز الطفل للنظر و نرى أنه قصور في المادة غير أنه و بالرجوع إلى أحكام المادة 456 و التي تشير أنه لا يجوز وضع المجرم الذي لم يبلغ من العمر ثلاثة عشر سنة كاملة في مؤسسة عقابية و لو بصفة مؤقتة .
و بذلك فإن الطفل المشتبه فيه لإرتكابه جنحة أو جناية لا يجوز توقيفه للنظر مطلقا مهما كان الجرم المرتكب إذ لم يتجاوز سنه 13 .
كما لا يجوز معه وضع الطفل الذي بلغ سن 13 و لم يكمل 18 سنة في مؤسسة عقابية إلا إذا كان التدبير ضروريا
و نرى أنه لا يجوز وضع الطفل ما لم يبلغ سن الرشد الجزائي في الجناح المخصص للحجز تحت النظر
و يستعاض ذلك بإجراءات أخرى .
هذا و إن حدثت و أن لجأت الضبطية القضائية لهذا الإجراء ، فينبغي أن يكون في مكان خاص معد لهذا الغرض بعيدا عن أماكن حجز البالغين ، و تتوفر فيه أوجه الرعاية الصحية و الاجتماعية.
هذا و إن كان من الضروري الإحتفاظ ببصمات و صور الأحداث للتعرف على سوابقهم الجنائية فإن مصلحة الطفل تقتضي أن يكون في أضيق الحدود .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
56/ و هو ما أشارت إليه قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث في الفقرة 12 بضرورة ن يتلقوا ضباط الشرطة القضائية تدريبا خاص بمعاملة الأطفال الجانحين .
57/ محافظ الشرطة ـ مسعودان خيرة ـ دور فرقة الأحداث للشرطة في التكفل بقضايا الأحداث ـ ملتقى حول حماية الطفولة و الأحداث ـ 24-25 جوان 2001 الجزائر
ثالثا : تحريك الدعوى العمومية ضد الطفل الحدث .
1/ تحريك الدعوى العمومية من طرف القضاة .
أولا: تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة :
إذا كانت المادة 1 من ق إ ج تشير إلى القاعدة العامة التي تبين الجهات القضائية المختصة بتحريك الدعوى العمومية فإن نص المادة 448 من ق إ ج أشارت إلى قواعد خاصة تحكم إجراءات هذه الدعوى من طرف النيابة ، و نلاحظ مسبقا أنه ليس هنالك وكلاء جمهورية مختصين بقضايا الأحداث .
لقد جاء في نص المادة 448 من ق إ ج { يمارس وكيل الجمهورية لدى المحكمة الدعوى العمومية بمتابعة الجنايات و الجنح التي يرتكبها الأحداث دون الثامنة عشر ـ و في حالة إرتكاب جريمة يخول القانون للإدارات العمومية حق المتابعة لوكيل الجمهورية وحده صلاحية القيام بالمتابعة و ذلك بناءا على شكوى مسبقة من الإدارة صاحبة الشأن}
و يفهم من هذا النص بأن النيابة العامة هي وحدها التي لها صلاحية متابعة في الجرائم الموصوفة بالجنايات و الجنح ، حتى و لو كان القانون يخص لبعض الإدارات الحق في رفعها مباشرة أمام الجهات القضائية .
و مثال ذلك لا يجوز لرؤساء الأقسام و المهندسون ، و الأعوان الفنيون و التقنيون المختصون في الغابات في ضبط المخالفات و رفعها مباشرة أمام المحكمة فيما يسمى بجنح الغابات ، و عليه فإن الموظفون العموميين لا يملكون مباشرة الدعوى العمومية في مواد الجنح و الجنايات ضد الحدث لكن هل الوضع كذلك بالنسبة للمخالفات التي يرتكبها الطفل الحدث ؟ (58)
في غياب النص فإنه يجوز رفع الدعوى العمومية ضدهم مباشرة أمام محكمة المخالفات وإجراءات المحاكمة التي نصت عليها المواد 394 ق إ ج ، مع إدخال مسئوله المدني ، فيما عدا بدفع غرامة الصلح ، و التي لا يمكن أن تطبق على الطفل الحدث لأن العقوبة المقررة على الطفل هي التوبيخ و ذلك بشرط أن تجاوزه سن 13 ، و هو أحسن ما فعله المشرع لما أقره من حماية .
و بذلك يجوز لوكيل الجمهورية تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها ضد الطفل الحدث الذي يرتكب جرائم بوصفها جنح أو جنايات وفقا للمادة 452 بموجب عريضة أحداث يوجهها إلى قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث في الجنايات و قاضي الأحداث في قضايا الجنح .
و لا يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى مباشرة إلى محكمة الأحداث حتى و لو ضبط الحث في حالة تلبس بالجريمة لأن نص المادة 59 من ق إ ج استثنت الأحداث من تطبيق هذه المادة و التي تنص على إحالة المتهم الذي ضبط في حالة تلبس على المحكمة مباشرة بعد إستجوابه من طرف وكيل الجمهورية وإصدار أمر بالحبس لمدة 8 أيام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
58/ لقد ألغت معظم التشريعات العربية لفظ الحدث و أصبح لفظ الطفل و من بينها التشريع المصري .
و جاء ذلك في الفقرة 3 من المادة 59 { و لا تطبق أحكام هذه المادة بشأن ... أو كان الأشخاص المشتبه في ممارستهم في الجنحة قاصرين لم يكملوا الثمانية عشر...}
ثانيا : تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها من طرف القضاة .
تقتضي القواعد العامة في إجراءات المتابعة و التحقيق قاعدتين أساسيتين في الفصل بين جهات التحقيق
و الحكم ، غير أن هذه القاعدة غير مطبقة بالنسبة للأحداث (59).
1/ قضاة التحقيق : من المعلوم أن التحقيق في قضايا الأحداث يتولاه قاضي الأحداث في مواد الجنح كقاعدة عامة ـ و قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث في مواد الجنايات ،و الجنح بصفة استثنائية ـ وقد خولت المادة 453 من ق إ ج لقاضي التحقيق أن يوجه الاتهام لأحداث آخرين ، كما خولت المادة 67 من ق إ ج لقاضي التحقيق اتهام أي شخص بصفته فاعل أصلي أو شريك .
2/ قضاة الحكم : نظرا لصلاحيات رئيس المحكمة و المتعلقة برئاسة الجلسة و حفظ النظام ، خول له القانون صلاحية النظر في الدعوى العمومية و الفصل فيها إذا كانت الجريمة المرتكبة في الجلسة جنحة أو مخالفة و يحيل الملف على الجهة المختصة في حالة ما إذا كانت جناية .
لكن هل يجوز لرئيس محكمة الجنح أن يفصل في الدعوى العمومية في حالة ارتكاب الطفل الحدث جنحة أو مخالفة في الجلسة ؟
خصص المشرع في المادة 451 من قانون الإجراءات الجزائية قسم الأحداث بالنظر في الجنح المرتكبة من طرف الأحداث الذين لم يبلغوا سن الرشد الجزائي يوم الواقعة ، و تعتبر هذه القاعدة من النظام العام يترتب على مخالفتها النقض ـ قرار صادر يوم 20 - 03 - 1984 . عن الغرفة الجنائية الثانية.
ثانيا: تحريك الدعوى العمومية من طرف المدعى المدني .
لا يستطيع المدعى المدني أن يرفع شكواه مباشرة إلى المحكمة ، إذ يجب عليه الإدعاء مدنيا أمام الجهات القضائية المختصة بشؤون الأحداث ، وهم قضاة لتحقيق المكلفون بشؤون الأحداث ذلك أن المادة 475 من ق إ ج تنص على أن المدعي المدني الذي أصابه ضرر ناجم عن جريمة سببها حدث لم يبلغ ثمانية عشر عاما ، و له أن يتدخل إلى جانب النيابة العامة ليضم دعواه أمام قاضى الأحداث إذا كانت الجريمة المضار منها جنحة ، أو أمام قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث إذا كانت الجريمة المضار منها جناية أو كانت الجنحة معقدة .
أما في القيام بدور المحرك ، و المبادر في الدعوى العمومية فإن المدعى المدني لا يستطيع أن يقوم بهذه المبادرة إلا أمام قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث الموجود بمقر قسم الأحداث لدى المحكمة التي يوجد بها مقر الحدث المادة 475/2 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
59/ القاضي ـ جماد علي ـ الإجراءات الجنائية في جنوح الأحداث و محاكمتهم ـ رسالة ماجستير ـ معهد الحقوق ـ جامعة الجزائر 1975 ص 84 .
ملاحظة هامة :
و تتولى محكمة الأحداث الفصل في الدعوى المدنية إن كان الأحداث وحدهم هم المدانون ، أما إذا كان مع الأحداث أشخاص بالغين فإن المحكمة المختصة بالفصل هي محكمة البالغين ـ و في هذه الحالة لا يحظر الطفل الحدث المحاكمة بل نائبه القانوني و جاءت هذه الخصائص التي ليست مقررة للبالغين كحماية للطفل الجانح .
الفرع الثاني : جهات التحقيق الخاصة بالأطفال الجانحين
يهدف التحقيق القضائي الخاص بالأحداث إلى إظهار الحقيقة ، و التعرف على شخصية الطفل الحدث و أسباب انحرافها ، و البحث عن الوسائل العلاجية الضرورية الملائمة لإدماج الطفل في المجتمع و تختلف جهة التحقيق باختلاف الجريمة التي ارتكبها الحدث .
أولا : قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث (60).
لقد نصت المادة 452 من ق إ ج بأنه لا يجوز في حالة ارتكاب جناية و وجود جناة بالغين سواء أكانوا فاعلين أصلين أو شركاء مباشرة أي دعوى ضد حدث لم يستكمل 18 سنة من عمره دون أن يقوم قاضي التحقيق بإجراء تحقيق سابق على المتابعة ، كما يجوز ذلك في حالة الجنحة المشعبة.
و بذلك فلابد من إجراء تحقيق قضائي من طرف قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث و إلا كان نتيجة ذلك بطلان إجراءات التحقيق .
و إذا تبين أن الوصف الجزائي للجريمة التي ارتكبها الحدث جناية أحال قاضي الأحداث الملف إلى محكمة مقر المجلس القضائي (61) كما يجوز في هذه الحالة إجراء تحقيق تكميلي الهدف منه معرفة الإجراء المناسب المتخذ ضد الطفل الحدث .
ثانيا : قاضي الأحداث محققا .
لا يمكن متابعة أي طفل حدث لم يبلغ من العمر 18 و إرتكب جريمة تأخذ وصف الجنحة دون أن يكون قاضي الأحداث قد قام بإجراء تحقيق سابق ، و هو خروج عن القواعد العامة التي تجيز إحالة المتهم البالغ أمام محكمة الجنح ، دون إجراء تحقيق .
أما إذا كانت الجنحة مرتكبة من طرف بالغين و أحداث فإن وكيل الجمهورية يقوم بإنشاء ملف خاص بالطفل الحدث يرفعه إلى قاضي الأحداث بموجب عريضة أحداث و تحال الدعوى على محكمة الأحداث بعد أن يقوم قاضي الأحداث بإجراء تحقيق و هو ما أشارت إليه المادة 452 من ق إ ج .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
60/ هذا و يتم تعين قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث بموجب قرار صادر من وزير العدل لمدة 3 سنوات .
61/ أحكام المادة 467 من ق إ ج.
ثالثا : الإجراءات المتخذة ضد الطفل الحدث في مرحلة التحقيق .
1/ اختصاصات قاضي الأحداث أثناء التحقيق.
لقد خول القانون لقاضي الأحداث إلى جانب منصبه كقاضي حكم في جرائم الأحداث ، فإنه يتولى سلطة التحقيق في الجنح المرتكبة من طرف الطفل الجانح .
و هذه الميزة هي خروج عن القاعدة العامة المقررة أن القاضي لا يمكن له أن يفصل في قضية نظرها بصفته قاضي تحقيق ، إلا أن المشرع الجزائري نظرا للأهمية التي يخصصها للطفل الجانح ، و الهدف الذي يرمي إليه في دراسة شخصية الطفل من أجل الوصول إلى طريقة لإصلاح الطفل الحدث حتى يندمج في المجتمع .
و تنص المادة 453 من ق إ ج أن قاضي الأحداث يبذل كل همة و عناية و يجرى التحريات اللازمة للوصول إلى إظهار الحقيقة و التعرف على شخصية الحدث ، و تقرير الوسائل الكفيلة بتهذيبه، و تحقيقا لهذا الغرض فإنه يقوم بإجراء تحقيق غير رسمي طبقا للأوضاع المنصوص عليها في التحقيق الإبتدائي .
1/ التحقيق الرسمي : و يقوم به قاضي الأحداث مع الطفل الحدث بناءا على عريضة إفتتاح الدعوى العمومية ، الموجه إليه من طرف وكيل الجمهورية .
و يقوم قاضي الأحداث بسماعه عند المثول الأول ، عن هويته و يتحقق من ذلك ، و يعلم الحدث بحضور نائبه القانوني عن التهمة الموجهة إليه ، و ينوهه بأنه حر في الإدلاء بأي تصريح ، و يسأل والد الطفل الحدث عما إذا كان يعين له محام ، أو يترك ذلك لقاضي الأحداث .
فإن قبل فيتلقى قاضي الأحداث أقواله ، و إذا رفض الإدلاء إلا بحضور محاميه فإن قاضى الأحداث يتخذ بشأنه الإجراءات المناسبة وفقا للمواد 100 – 105 من ق إ ج أو المادتين 455 – 456 و المتعلقة بتدابير الحماية .
2/ التحقيق الغير رسمي : يمكن لقاضي الأحداث في إطار التحقيق الغير رسمي أن يتلقى أقوال الطفل الحدث دون حضور الكاتب و لا حتى تسجيلها في محضر ، سواء من أجل التعرف على شخصيته أو كسب ثقة الطفل .
3/ التحقيق الاجتماعي : هذا النوع من الإجراء نصت عليه المادة 453 من ق إ ج لغرض التعرف على شخصية الطفل الحدث منة أجل تقرير الوسائل الكفيلة بتهذيبه ، و ذلك بناءا على معلومات تتعلق بالوضع الاجتماعي ، و ذلك بجمع المعلومات المتعلقة بالحالة المادية و الأدبية للأسرة ، و عن طبع الطفل الحدث و سوابقه و عن مواظبته في الدراسة و الظروف التي عاش فيها و تربى فيها و بذلك يمكنه أن يصل إلى التدبير الملائم ، و لم تشر المادة 453 من ق إ ج إلى وجوبية هذا الإجراء غير أننا نرى ذلك .
و يختص بإجراء التحقيق المصالح الإجتماعية soumo أو الحائزين لإجازة الخدمة الإجتماعية المؤهلين لهذا الغرض ، و بذلك فإن الضبطية القضائية غير مختصة بمثل هذا الإجراء (62) .
4/ الفحوص الطبية المختلفة : لقد خولت المادة 453 ق إ ج لقاضي الأحداث إجراء فحوص طبية جسمانية ، في حالة ما إذا كان الطفل الحدث معاق ، أو كان يعاني من إضطرابات نفسية أدت إلى إرتكابه الجريمة ، و إذا ثبت ذلك فإنه مراعاة لمصلحة الطفل الحدث فعلى قاضي الأحداث أن يصدر أمر بالوضع بإحدى المستشفيات أو المراكز الصحية ليتم معالجة الطفل الحدث .
ثانيا : الإجراءات التي يتخذها قاضي الأحداث أثناء التحقيق مع الطفل الجانح .
يتخذ قاضي الأحداث أثناء التحقيق مع الطفل الجانح إجراءات ذات طابع وقتي يمكن تقسيمها إلى صنفين :
1/ إجراءات ذات طابع تربوي .
2/ إجراءات ذات طابع قمعي .
1/ الإجراءات ذات الطابع التربوي: وهي وسائل تقويمية و تهذيبية و علاجية تهدف إلى تأهيل و إصلاح الطفل الحدث (63) و نظرا للعناية الخاصة التي أولاها المشرع الجزائري للطفل الجانح فقد خول لقاضي الأحداث صلاحيات من نوع خاص لا تتوفر لدى قاضي التحقيق عند توليه التحقيق مع البالغ ، و هي منصوص عليها في المادة 455 من ق إ ج (64) و التي تجيز لقاضي الأحداث أن يسلم المجرم الحدث مؤقتا ـ و إن كنا نرى استبدال عبارة المجرم الحدث بالطفل الجانح أو الإكتفاء بعبارة الحدث إلى :
1/ إلى والديه أو وصيه ، أو الشخص الذي يتولى حضانته أو شخص جدير بالثقة .
2/ إلى مركز إيواء .
3/ إلى قسم إيواء بمنظمة عامة أو خاصة و مثال ذلك أفواج الكشافة الإسلامية الجزائرية ، أو الهلال الأحمر الجزائري .
4/ إلى مصلحة الخدمة الإجتماعية المنوط بها معاونة الطفولة أو بمؤسسة إستشفائية ـ ملجأ ـ
5/ إلى مؤسسة أو منظمة تهذيبية أو للتكوين المهني أو للعلاج تابعة للدولة أو لإدارة مؤهلة لهذا الغرض أو مؤسسة خاصة معتمدة .
و هذه التدابير وقتية ، تنتهي صلاحيتها بإحالة الملف على محكمة الأحداث ، غير أنه لا يجوز أن تتجاوز مدة الوضع في هذه المؤسسات 6 أشهر(65) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
62/ الأستاذة صخري مباركة ـ محاضرات في مادة الأحداث ـ ألقيت على الطلبة القضاة الدفعة 12 السنة الثانية بالمعهد الوطني للقضاء2002 – 2003 .
63/ الدكتور محمد واصل ـ قضاء الأحداث في الدول العربية بين الواقع و التطور ـ الندوة الخاصة بقضاء الأحداث في الدول العربية ـ بيروت من 24 – 26 جوان 1997 ص 15 .
64/ القاضية حشاني نورة ـ دراسة حول قضاء الأحداث في الجزائر ـ الندوة الخاصة بقضاء الأحداث في الدول العربية ـ بيروت من 24 – 26 جوان 1997 ص 18 .
65/ المادة 55 من الأمر 75/64 الخاص بالمؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة .
ويلجأ القضاة في غالب الأحيان إلى تدبير التسليم للوالدين ، وإذا كان الطفل مصاب بمرض عقلي فإن الوضع يتم لدى إحدى المؤسسات الطبية المختصة عامة أو خاصة .
2/ إجراءات ذات طابع قمعي : تجيز المادة 453/2 لقاضي الأحداث أن يصدر أي أمر لازم مع مراعاة القواعد العامة ، و بالرجوع إلى نص المادة 109 من ق إ ج تسمح لقاضي التحقيق حسب ما تقتضيه الحالة أن يصدر أمرا بإحضار المتهم و إيداعه الحبس أو بإلقاء القبض عليه ، و ستكتفي بالدراسة مدى جواز إصدار أمر بإيداع الطفل الحدث في مؤسسة عقابية بصورة مؤقتة.
لقد جعل قانون الإجراءات الجزائية الحبس المؤقت آخر إجراء يمكن لقاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث أن يتخذه ضد الطفل الحدث الذي إرتكب الجريمة .
و يشترط أن تكون هذه الجريمة خطيرة لا يمكن معه وضع الطفل في حالة الإفراج المؤقت أو حتى الرقابة القضائية كتدبير وقائي .
شروط إيداع المتهم الحدث الحبس المؤقت : و يعتبر هذا الإجراء من الإجراءات الخطيرة تجاه الطفل لما له من تأثير سلبي على نفسية الطفل ، بسبب احتكاكه بالمجرمين المحترفين خاصة في غياب سياسة جنائية لمعاملة الأحداث داخل المؤسسات العقابية و لقد أكدت المادة 456 من ق إ ج أنه لا يجوز وضع الحدث الذي لم يبلغ ثلاثة عشر سنة كاملة في مؤسسة عقابية و لو كان بصفة مؤقتة (66) .
و يستنتج من المادة أن الأحداث التي تقل أعمارهم عن 13 سنة لا يجوز إصدار أمر بالحبس المؤقت
و كل أمر مخالف لذلك فهو باطل بطلان مطلقا و يطعن فيه أمام غرفة الاتهام .
أما بالنسبة إلى الأحداث الذين تجاوز سنهم 13 سنة فإنه يجوز طبقا للمادة السابقة إيداعهم الحبس المؤقت في الحدود التي نصت عليها المادة 123 من ق إ ج .
و نقترح أن يتم إلغاء هذا الإجراء بالنسبة للحدث ، و استبداله بالرقابة القضائية إن اقتضى الأمر ذلك للأسباب التالية :
1/ العدوى الإجرامية التي يتعرض لها الطفل المنحرف أثناء حبسهم مؤقتا سواء مع الأحداث المعتادين الإجرام أو البالغين .
2/ إن مدة الحبس المؤقت المنصوص عليها في المواد 124 – 125 – 125/1 من ق إ ج هي مدة طولية لا يمكن معها بقاء الطفل المتهم رهن الحبس المؤقت.
كما تعد إمكانية إستئناف الأوامر ضمانة و حماية للطفل الحدث ، و قد تكون التدابير الوقتية في بعض الأحيان مضرة بمصلحة الطفل كإبعاده عن الوسط العائلي ، و بذلك أجار المشرع إستئناف التدابير المنصوص عليها في المادة 455 من ق إ ج .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
66/ تشير الفقرة 13 من قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث انه لا يستخدم إجراء الاحتجاز رهن المحاكمة إلا كملاذ أخير ، و لأقصر مدة ممكنة ، و يستعاذ عنه بإجراءات بديلة مثل المراقبة عن بعد كما يفصلون عن البالغين .
و تكون مدة الاستئناف 10 أيام من تاريخ التبليغ بالنسبة للحدث أو نائبه القانوني أمام غرفة الأحداث بالمجلس القضائي المادة 466 من ق إ ج
لكن كيف يتصرف قاضي الأحداث في ملف المتابعة القضائية ؟
إذا تبين لقاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث أن التحقيق قد تم ، يرسل ملف المتابعة إلى وكيل لجمهورية لإبداء طلباته في أجل 10 أيام ، ثم يحيل الطفل الحدث إلى الجهة القضائية المختصة في الفصل في شؤون الأحداث , الذي سنتناوله في المطلب الثاني .
المطلب الثاني : مظاهر حماية الأطفال الجانحين في مرحلة المحاكمة .
لقد خصص المشرع الجزائري بموجب الأمر المتضمن قانون الإجراءات الجزائية ، قضاء خاص بالأحداث و ذلك من أجل العناية بالطفل الحدث و الذي أدت عوامل كثيرة لإرتكابه الجريمة .
هذا و على عكس بعض التشريعات العربية كالسعودية التي يختص القضاء العادي في محاكمة الأحداث عن الأفعال الجرمية التي يرتكبونها دون أي تخصص (67) .
و تعتبر محاكم الأحداث مؤسسة إجتماعية و ليست مجرد محكمة كونها تتعامل مع فئة خاصة من المذنبين و الذين يحتاجون كثيرة من الرعاية ، و التوجه إلى القضاء المتخصص (68) ؟
الفرع الأول : محكمة الأحداث .
تعتبر محكمة الأحداث هي الهيئة القضائية المختصة للفصل في شؤون الأطفال المنحرفين أو الحدث و هي تختلف عن المحاكم العادية سواء من حيث التشكيلة أو طبيعة الأحكام الصادرة خاصة تدابير التربية المتخذة لصالح الطفل الحدث (69) .
أولا : تشكيل محكمة الأحداث .
يتشكل قسم الأحداث سواء الموجود بمقر المجلس القضائي ، أو خارجه من قاضي الأحداث رئيسا و عضوان مساعدان ، و وكيل الجمهورية ممثل النيابة العامة ، و أمين الضبط عملا بأحكام المادة 450 من ق إ ج .
و يتم تعين المحلفين الأصلين و الاحتياطيين لمدة ثلاث سنوات من طرف وزير العدل ، و يتم إختيارهم من بين الأشخاص من كلا الجنسين بشرط أن يبلغوا سن الثلاثين ، و أن يكونوا من المهتمين بشؤون الأحداث .ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
67/ الدكتور محمد واصل ـ المرجع السابق ص 3 .
68/ الدكتور عبد الحميد الشواربي ـ جرائم الأحداث و تشريعات الطفولة ـ منشاة المعارف الإسكندرية طبعة 1996 ص 82 .
69/ عبد الله سليمان سليمان ـ النظرية العامة للتدابير الإحترازية ـ المؤسسة الوطنية للكتاب ص 485
أما بالنسبة إلى الدور الذي يلعبه المساعدين غير واضح لأن نص المادة 450 من ق إ ج العربي يشر إلى صفة قاضين محلفين ، ويفهم من النص أن دورهم تداولي أثناء إصدار الأحكام و الأوامر في حين النص الفرنسي يستعمل عبارة deux assesseurs أي مساعدين أي أن قاضي الأحداث يجب عليه إستشارة المساعدين غير أنه غير ملزم برأيهما .
و حددت المذكرة رقم 7 و المؤرخة في 12 / 06 /89 و التي تم الإشارة فيها إلي الرأي الثاني .
و تعد تشكيلة محكمة الأحداث من النظام العام ، فإن عدم حضور المساعدين يعرض الحكم أو القرار إلى البطلان المطلق و هو ما أشار إله قرار المحكمة العليا بتاريخ 20 /03/1984 ملف رقم 266790
و الذي جاء في حيثياته ، { أنه لما كان ثابتا في قضية الحال أن إرتكاب فعل السرقة قد تم يوم
02/10/1979 و أن المتهم الطاعن من مواليد 22/05/1962 ، و بذلك كان عمره يوم إرتكاب الأفعال 17 سنة و خمسة أشهر فإن المجلس القضائي الغرفة الجزائية بقضائها على الطاعن بعقوبة 8 أشهر حبس نافذة دون التصريح بعدم إختصاصه لإحالته الحدث أمام الجهات الخاصة بالأحداث يعد خرقا للمادتين 442 و 433 من ق إ ج عملا بالمادة 447 و المتعلقة بالاختصاص(70) .
ثانيا : تشكيل غرفة الأحداث بالمجلس .
تنص المادة 472 من ق إ ج على أنه توجد بكل مجلس قضائي غرفة أحداث يعهد إلى قاضي أو أكثر من أعضاء المجلس بمهام مستشارين مندوبين لحماية الأحداث بقرار من وزير العدل .
ثالثا : قواعد الإختصاص .
1/ في مادة الجنح : يختص قسم الأحداث بالنظر في الجنح التي يرتكبها الأحداث على مستوى دائرة المحكمة ، و يكون قسم الأحداث المختص إقليميا هو المحكمة التي وقعت الجريمة بدائرة إختصاصها أو المكان الذي أودع الحدث سواء بصفة مؤقتة أو نهائية و هو ما أشارت إليه المادة 451 من ق إ ج الفقرة 1/3 منها .
كما تختص أيضا قي التدابير الحماية المتعلقة بحماية الطفل الضحية ، و الذي كان محل جنحة أو جناية وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة 494 من ق إ ج ، و سنتناوله بالتفصيل في المبحث الثاني و المتعلق بحماية الطفل المعرض للخطر المعنوي و التي تعتبر هذه الحالة من إحدى الحالات التي نص عليها القانون .
هذا و إن تمت إحالة الطفل الحدث على محكمة البالغين ، و تبين أثناء التحقيق معه في الجلسة أنه حدث ، حكم القاضي بعدم الإختصاص كون أن الإختصاص النوعي لقسم الأحداث هو من النظام العام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
70/ جيلالي بغدادي ـ الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية ـ الجزء الأول ـ الطبعة 1 ـ الديوان الوطني للأشغال التربوية 2002 ص 308 .
2/ في مادة الجنايات : يختص قسم الأحداث الذي يوجد بمقر المجلس القضائي بالنظر في الجنايات التي يرتكبها الأطفال الأحداث داخل دائرة الإختصاص سواء بمفردهم أو بالاشتراك مع جناة بالغين طبقا للمادة 465 من ق إ ج و هذا من أجل حمايتهم من حيث :
1/ من أجل عدم محاكمة الطفل الحدث مرتين ، الأولى أمام محكمة الحدث و الثانية أمام محكمة البالغين .
2/ المكنة القانونية التي منحها القانون لقاضي الأحداث في وضع الحدث في إحدى تدابير الحماية المنصوص عليها في المادة 455 من ق إ ج و هي غير مقرر لمحكمة البالغين.
ملاحظة هامة : و نشير أن نص المادة 249 من ق إ ج على أن محكمة الجنايات البالغين تختص بالنظر في الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية و التي يرتكبها قصر بالغين من العمر 16 سنة .
و نرى أن هذه المادة لا تقرر أي حماية للطفل الذي يرتكب الجريمة و ذلك للأسباب التالية :
1- إن الطفل البالغ من العمر 16 سنة و إن كان قد وصل سن التميز ، غير أنه لم تكتمل لديه الملكات الذهنية و الفكرية التي تسمح له بتقدير أن الأفعال التي يرتكبها تمس بأمن الدولة و وحدتها أو الصور التي نصت عليها المادة 87 مكرر من الأمر 97/11 المتضمن تعديل قانون العقوبات .
2- أن التطبيق العملي لا يبحث كثيرا عن دوافع إرتكاب الجريمة و لا حتى الإشارة إليها في الأحكام الصادرة في مادة الجنح و لا الجنايات عكس ماهو مقرر للبالغين .
3- فإن بالرغم من حداثة سن الطفل الحدث فإن مع حكم المادة 249 من ق إ ج لا يمكن تطبيق تدابير الحماية ، كون أن محكمة جنايات البالغين غير مؤهلة لذلك و هل يتم تطبيق القواعد العامة و المتعلقة بنوع العقوبة الصادرة ضد الطفل الحدث كما أشارت إليه المادة 50 و لذلك نقترح إلغاء هذه المادة و بقاء إختصاص محكمة الأحداث بمحكمة مقر المجلس .
الفرع الثاني : الإجراءات الخاصة بمحاكمة الأطفال الجانحين .
تتميز الإجراءات الخاصة بمحاكمة الأطفال الجانحين بالنسبة لما هو مقرر للبالغين تبعا للعناصر التالية:
أولا : المبادئ التي تحكم محاكمة الأحداث .
1/ سرية الجلسة : يقضي المبدأ أن المحاكمات تجري علانية أمام الجمهور ، حماية لحقوق الأطراف غير أن هذا المبدأ غير مطبق بالنسبة للأحداث ، كون أن المحاكمة تجري في جلسة سرية لا يحضرها إلا أعضاء هيئة المحكمة و الكاتب و أطراف الدعوى و محامو الدفاع والنيابة و هو ما قررته المادة 461 من ق إ ج و ذلك بسبب التأثير السلبي على شخصية الحدث بحضور عامة الناس خاصة النفسية منها .
2/ وجوب حضور ولي الطفل الحدث أو نائبه القانوني : و هو ما أقرته المادة 461 من ق إ ج و ذلك من اجل إحاطة والدي الطفل الحدث عن الفعل الإجرامي الذي إرتكبه ، بالإضافة إلى تحمل مسئوليتهم المدنية و الأخلاقية تجاه الطفل ، خاصة وإن كانت الأسرة هي سبب انحراف الطفل .
كما تنص المادة 454 التي تنص على أن يخطر قاضي الأحداث بإجراءات المتابعة والدي الحدث أو نائبه القانوني أو وصيه أو من يتولى حضانته المعروفين لديه ، و يستدعى أثناء جلسة المحاكمة بوصفه المسؤول المدني و الملزم بالتعويض .
3/ حضور الطفل الحدث جلسة المحاكمة : أجازت ا لمادة 461 من ق إ ج و ذلك بهدف تمكينه من الدفاع عن نفسه بكل الوسائل القانونية المتاحة ، و أن يبدي رأيه في كل ما يتعلق بإجراءات المحاكمة هذا و إن حضر الحدث لجميع إجراءات الدعوى الجزائية ليس شرطا في جميع أنواع الجرائم حتى يمكن للمحكمة مراعاة لمصلحة الطفل (71)
4/ حضور دفاع الطفل الحدث : نشير أن حضور المحامي ليس مقتصرا على مرحلة المحاكمة ، فمن المفروض أن وجود المحامي يكون ابتداء من مرحلة التحقق و هو ما أشارت إليه المادة 454 /2 و التي تنص إذا لم يختر الحدث أو نائبه القانوني مرافعا عنه عين له قاضي الأحداث من تلقاء نفسه أو عهد ذلك إلى نقيب المحامين(72).
و هذا بفرض إعطاء حماية كافية للطفل كونه ليست له القدرة عن الدفاع عن نفسه و خلافا للقواعد العامة التي لا تشترط حضور محامي أثناء محاكمة البالغ في مادة الجنح و هو ما أقرته المادة 467 من ق إ ج .
و قد لاحظنا من خلال تربصا في السنتين الماضيتين بمجلس قضاء بسكرة و بجاية أن قاضي الأحداث يجد صعوبة في إيجاد محامي للطفل ، و في كثير من الأحيان يستعان بمحامين في مرحلة التدريب دون أن يطلع على ملف الحدث.
5/ وجوب إجراء تحقيق قضائي و إجتماعي : لا تقبل الدعوى العمومية ضد الطفل الحدث و لا يجوز إحالته على محكمة الأحداث مباشرة على المحكمة سواء تعلق الأمر بالجنايات أو الجنح وهذه الحماية مقررة بنص المادة 452 من ق إ ج التي تنص على وجوب إجراء تحقيق قضائي من قبل قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث إن كانت التهمة الموجهة للطفل تأخذ وصف الجناية (73) و إجرائه من قبل قاضي الأحداث في مادة الجنح.
أضف إلى ذلك أن التحقيق الاجتماعي يمكن محكمة الأحداث من التعرف على شخصية الطفل من دراسة وضعيته ، دراسة كاملة و شاملة لإتخاذ التدابير اللازمة.
و لقد نصت المادة 66 من الأمر المتعلق بتأسيس المراكز المتخصصة في حماية الأحداث و إعادة تربيتهم على وجوب إرفاق ملف الحدث بتحقيق إجتماعي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
71/ دـ محمد واصل المرجع السابق ص4.
72/ نصت المادة 467 من ق إ ج { ... و يجوز لها إذا دعت مصلحة الحدث إعفائه من حضور الجلسة ، و في هذه الحالة يمثله محام أو مدافع أو نائبه القانوني و يعد القرار حضوريا .
73/ جماد علي ـ المرجع السابق ص 153
ثانيا : إجراءات محاكمة الطفل الحدث .
رأى المشرع أن ينفرد الطفل الحدث بإجراءات لها فلسفة متميزة ، ذلك كون قسم الأحداث هيئة تربوية تهدف إلى إصلاح الحدث و تهذيبه و حمايته .
و الملاحظ أن إجراءات المحاكمة في قضايا الأحداث تتميز بالبساطة و المرونة ، فهي خالية من التعقيدات التي تعيق مهمة تقويم الطفل الجانح .
أما عن كيفية إجراء المحاكمة تبدأ باستجواب الطفل المتهم بعد التأكد من هويته و توجيهله الاتهام و يكون ذلك بحضور وليه أو نائبه القانوني و محاميه ، كما يتم سماع شهود الإثبات بعد تأدية اليمين القانونية .
و يمكن لقاضي الأحداث أن يعفي الطفل من حضور الجلسة و أن يأمر بإخراجه و هذه الحماية خاصة بالطفل الحدث بالإضافة إلى ذلك يتم سماع والدي الطفل من أجل :
1/ كونه المسؤول المدني .
2/ وجود علاقة بين إنحراف الطفل و طبيعة الأسرة التي يعيش فيها الطفل .
كما يتم سماع طلبات المدعي المدني و طلبات النيابة .
ملاحظة :لاحظنا أثناء التربص أن طلبات النيابة أثناء جلسة المحاكمة في معظم الأحيان طلبات بالحبس .
أما بالنسبة للمخالفات فقد أشارت المادة 446 من ق إ ج بأن الطفل الحدث يحال مباشرة على محكمة المخالفات و تنعقد بأوضاع العلانية المنصوص عليها في المادة 468 إذا كان لم يبلغ 18 سنة ، و لا يحضر جلسة المخالفات مهما كانت العقوبة المقررة لها إلا الحدث أو والديه أو وصيه أو نائبه القانوني .
الفرع الثالث : الأحكام الصادرة عن محكمة الأحداث .
تعتبر محكمة الأحداث كغيرها من الهيئات القضائية تختص بالفصل في الجرائم المرتكبة من طرف الأطفال ، و بذلك فلها أن تحكم ببراءة الحدث أو إدانته أو عدم الإختصاص كون أن المتهم الماثل أمامها ثبت بشهادة الحالة المدنية أو الخبرة الطبية أنه بالغ و هو ما نصت عليه المادة 462 ق إ ج و ما يليها على مجمل الأحكام الصادرة عن قسم الأحداث (74)
أولا : القيود الواردة على الحكم بالإدانة في حالة الحكم بالحبس .
إذا أظهرت المرافعات أن الجريمة غير مسندة للحدث حكم ببراءته و في حالة الحكم بالإدانة فللقاضي خيارين :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
74/ القاضية ـ شرفي مريم ـ المتابعة القضائية للأحداث الجانحين ـ ملتقى حول حماية الطفولة و الأحداث ـ 24-25 جوان 2001 الجزائر .
1/ الحكم عليه و إتخاذ تدبير من التدابير المنصوص عليها في المادة 455 من ق إ ج.
2/ الحكم عليه بعقوبة الحبس ـ سواء موقوفة النفاذ أو نافذة .
3/ أو يجمع بينهما (75).
و بذلك فإن القاضي يختار بين العقوبة المخففة أو تدابير الحماية مسترشدا في ذلك بجسامة الفعل المرتكب و مقدار ما ينطوي عليه شخصته من توازن و بواعث لإرتكاب الجريمة .
و أخضع المشرع الطفل إلى عقوبات مخففة حددتها المادة 50 من ق ع و التي تنص :
إذا قضي بأن يخضع القاصر الذي يبلغ سنه 13 سنة إلى 18 سنة لحكم جزائي ، فإن العقوبة التي تصدر تكون على النحو التالي :
1/ إذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي الإعدام أو السجن المؤبد فإنه يحكم بعقوبة الحبس من 10 إلى 20 سنة .
2/ إذا كانت العقوبة هي السجن المؤقت فإنه يحكم عليه بالجبس لمدة تساوى نصف المدة التي كان من المفروض الحكم عليها على البالغ.
3/ أما إذا كانت الجريمة التي إرتكبها الطفل مخالفة ـ فلا يخضع إلا للتوبيخ أو الغرامة عملا بأحكام المادة 446 ، و لم يحدد المشرع ما هو المقصود بالتوبيخ .
و يمكن تعريفه بأنه توجيه اللوم و التأنيب للحدث على ما صدر منه و تحذيره بأن لا يعود إلى مثل هذا السلوك مرة أخرى (76) .
و يعتبر التوبيخ تدبير من تدابير الحماية ، غير أن البعض يرى أنه أثناء الحكم به فيتعين معه تسليمه إلى والديه ، في حين أرى وأن التوبيخ هو عقوبة مخففة غير مقررة للبالغين خاصة و أن قاضي المخالفات لا يستطيع أن يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 444 من ق إ ج إلا بعد إحالة الملف على قاضي الأحداث.
و يستنتج من هذين النصين أن العقوبات التي توقع على الطفل هي عقوبة الحبس و الغرامة و معه فلا يجوز توقيع عقوبة الإعدام أو السجن المؤقت على الحدث .
كما لا يجوز توقيع العقوبات التبعية المنصوص عليها في المادة 7-8 من ق ع و هي الحجز و الحرمان من الحقوق المدنية لأنها لا تتعلق إلا بعقوبة الجناية المادة 6/2 من ق ع ، أما العقوبات التكميلية فإن معظمها تتنافى مع صغر سن الطفل .
و لتوقيع العقوبة المخففة يتعين على القاضي أولا مراعاة المصلحة العليا للطفل و أن ينظر في الدعوى بما تضمنته من ظروف مخففة أو مشددة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
75/ أنظر الملحق قرار صادر في 16-7-1985 الغرفة الجنائية الأولى تحت رقم 37466 على عدم الجواز الجمع بين التهذيب و عقوبة الغرامة و الحبس ـ
76/ عبد الحميد الشواربي ـ المرجع السابق ـ ص 65 .
هذا و الأحكام الصادرة على الطفل الحدث ليست عقوبات ، و إنما هي إجراءات وقائية و علاجية ، فإذا لم تأت هذه الإجراءات الوقائية ثمارها و سقط في باب الإنحراف يكون الهدف النهائي لعملية التقويم بعيدة عن فكرة الردع و الإنتقام .
و نلاحظ أن الأحكام الصادرة بالإدانة تكون إرتجالية و مثال ذلك طفل إرتكب جريمة سرقة بسيطة يحكم القاضي بعقوبة الحبس موقوفة النفاذ و إذا كان الحكم غيابيا فإنه يجعلها نافذة .
ثانيا : المراقبة الإجتماعية أو الإختبار القضائي : لقد أجاز المشرع الجزائري لقسم الأحداث تطبيق نظام الإفراج المراقب أو ما يعرف بالمراقبة الاجتماعية لصالح كل طفل دون أن يتعدى 19 سنة .
و الهدف منه هو مراقبة سلوك الطفل المنحرف أو الحدث الجانح و العمل على إصلاحه بإبداء النصح له و مساعدته على تجنب السلوك السيئ ، و إعادة إدماجه و ذلك بمساعدة المندوبين المتطوعين و الدائمين .
هذا و قد أشارت قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث إلى اللجوء إلى هذا التدبير كأول إجراء الهدف منه هو تحديد سبب إنحراف الطفل .
و نشير أن هذا الإجراء قد يكون مؤقت أو نهائي طبقا للمادة 462 من ق إ ج دون أن يتجاوز سن الطفل 19 سنة و قد خصص المشرع الجزائري لهذا الإجراء بابا كاملا و يتحقق النظام بواسطة المندوبين سواء المتطوعين منهم أو الدائمين الذي يعينهم قاضي الأحداث من أجل مراقبة سلوك الطفل الحدث و مراقبة ظروفه المادية أو الأدبية و كذا الوضع الصحي و العلمي داخل الوسط العائلي .
و يستطيع قاضي الأحداث أن يتأكد من مدى نجاح الإجراء عن طريق التقارير التي يقدمها المندوبين كل ثلاثة أشهر .
و إذا كان الوسط العائلي يؤثر إلى حد معين في سلوك الطفل فعلى المندوب أن يوفي قاضي الأحداث بتقرير في الحال و ذلك في حالة تعرضه لضرر معنوي أو جسدي (77)
و يتم تنفيذ الإجراء عن طريق :
1/ المندوبين الدائمين و الذين يتم اختيارهم من الاختصاصين التربوين .
2/ المندوبين المتطوعين : و يتم تعينهم من طرف قاضي الأحداث من بين الأشخاص الذين يبلغون سن 21 سنة و يكونوا جدرين بالثقة و أهلا لإرشاد الطفل المنحرف إلى السلوك السوي (78)
و يعون المندوب في أداء دوره الإجتماعي عدد من المنظمات كالكشافة ، و جمعيات الطفولة ، خاصة فيما يتعلق بتنظيم أوقات الفراغ .
و ميزة هذا النظام أنهلا ينزع الطفل عن وسطه العائلي مما يؤدي إلى احتفاظه بالاستقرار العاطفي و يمكن لقاضي الأحداث لأن يختار من بين الذين قد عرفوا الانحراف .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
77/ بوعزة ديدن ـ المرجع السابق ـ ص 78 .
78/ الدكتور ـ علي عبد القادر القهوجي ـ الدكتور فتوح عبد الله الشاذلي ـ علم الإجرام و العقاب ـ كيفية تنفيذ الجزاء الجنائي على الأحداث ـ دار المطبوعات الجامعية ـ الإسكندرية ص 194
المبحث الثاني : الحماية القانونية للطفل المعرض للخطر المعنوي .
تخطأ بعض الدراسات القانونية فيما يتعلق بالطبيعة القانونية لدعوى حماية الطفل المعرض للخطر المعنوي إذ يتم الإشارة إلى أنها دعوى عمومية ، وهي على العكس من ذلك كونها لا تهدف إطلاقا إلى المطالبة بمعاقبة الشخص المرتكب للجريمة ، بل تعتبر هذه الأخيرة حالة من حالات التعرض للخطر المعنوي و السبب في رأيهم أن قاضي الأحداث و وكيل الجمهورية الهيئتان اللتان تشرفان على دعوى الحماية.
هذا ونرى أن قاضي الأحداث له صفتين :
1/ قاضي الأحداث و دوره حماية الطفل الذي إرتكب الجريمة هذا طبقا لقانون الإجراءات الجزائية .
2/ قاضي الأطفال : هدفه بصفة عامة حماية الطفل من أي خطر أو إستغلال تبعا لما جاءت به المادة 1 من الأمر 72/03 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة و سيتم تفصيلها فيما بعد ، و كذا المادة 446/4 من ق إ ج .
و نستنتج أن أساس الدعوى و سببها ليس فعل إجرامي إرتكبه الطفل و لكنه موجود في وضعية خطيرة إما لتعرضه لجريمة أو أنه إرتكب جريمة من الجرائم .
المطالب الأول : حالات تعرض الطفل للخطر المعنوي .
لقد نصت المادة 1 من الأمر72/03 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة بأن قاضي الأحداث يختص بالنظر في دعاوى حماية القصر الذين لم يبلغوا سن 21 و التي تكون أخلاقهم أو تربيتهم عرضة للخطر أو أن يكون وضع حياتهم أو سلوكهم مضرا بمستقبلهم ، يمكن أن يخضعوا إلى تدابير الحماية و المساعدة التربوية .
و نلاحظ أن المشرع الجزائري إستعمل عبارة القاصر الذي لم يبلغ 21 سنة و نجد أن بعض الدراسات القانونية تضيق من مفهوم الطفل المعرض للخطر المعنوي و تقتصرها فقط بحماية الطفل المعرض للانحراف أي المعرض لإرتكاب الجريمة ، غير أن المعيار الذي إعتمده المشرع الجزائري أوسع إذ إستعمل عبارة القاصر المعرض للخطر المعنوي ، و أحسن ما فعل المشرع الجزائري إذ تسمح المادة لقاضي الأحداث أن يحمي الطفل في حالات عدة سيتم بيانها فيما بعد.
هذا و نجد المادة 1 من الأمر 72/03 أشارت إلى حماية الطفل إلى غاية بلوغه سن 21 و هو سن الرشد المدني قبل تعديله بموجب القانون المدني الذي خفض سن الرشد إلى 19 سنة بالإضافة إلى ذلك أن الأمر 75/64 و المتضمن إحداث المؤسسات الخاصة بحماية الطفولة و المراهقة أشار إلى سن 21 سنة.
92/461 و المتعلق بالمصادقة على الإتفاقية الخاصة بحقوق الطفل إعتبرت الطفل هو الذي لم يتجاوز سنه 18و نرى في كل الأحوال يجب مراعاة مصلحة الطفل .
ملاحظة : كما أن المشرع لم يحدد إلى أي سن أدنى يمكن لقاضي الأحداث أن يحمي فيه الطفل ، غير أننا نشير أن الأمر المتضمن قانون الصحة و ترقيتها 85/05 أشار في مجال حماية الأطفال المتروكين إذ يسمح القانون للأم العازبة بالتخلي عن الطفل بعد 5 أيام للولادة تتم فيه رعاية الطفل عن طريق
1- وضعهم في مراكز تتكفل بالأمهات العازبات ضمنا لحضانة الطفل .
2- رعاية الطفل المحروم لدي عائلات مدفوعات الأجر ـ حماية الأطفال الرضع .
3- رعاية الطفل لدى أسرة دائمة ـ نظام الكفالة طبقا لما جاء به قانون الأسرة.
الفرع الأول : حالات التعرض للخطر المعنوي طبقا للمادة 1 من الأمر 72/03
و المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة .
يعد الطفل معرض للخطر المعنوي في الحالات التالية :
أولا : حالة ما إذا كانت صحة الطفل معرضة للخطر و تكون في حالتين :
1- الصحة الجسدية للطفل معرضة للخطر : و ذلك إذا كان يعاني من سوء التغذية سواء بسبب الفقر أو الإهمال العمدي من طرف الأباء كما تم بيانه في جريمة الإهمال المعنوي للأولاد طبقا للمادة 330/3
و حالة الطفل الذي يعيش في سكن لا تتوفر فيه أدنى شروط الحياة ، أو كان الطفل مصاب بمرض عقلي أو معدي و لم تتخذ إجراءات المساعدة الطبية (79) أو كان الطفل المدمن على المخدرات أو الكحول أو التدخين .
2- الصحة النفسية للطفل معرضة للخطر : قد يعاني الطفل من تأخر عقلي لا يستطيع مع نقص إدراكه تميز الأوامر الصادرة عن الأباء و بالتالي يلجأ الأباء إلى العقاب البدني .
ثانيا : حياة الطفل معرضة للخطر و ذلك إذا وجد في مكان غير آهل لا يعتادونه الناس أو وجد في الطريق العام دون حماية .
ثالثا : أخلاق الطفل معرضة للخطر و يكون في حالة ما إذا كان الأب أو الأم مثلا سيئا للطفل سواء بالإعتياد على السكر على مرأى الأولاد أو كانت الأم تتعاطى الدعارة ، و كان الطفل كذلك .
رابعا : تربية الطفل معرضة للخطر إذا كانت تربية الطفل غير سوية ، كأن يعامل الطفل من صنف الذكر على أنه أنثى ـ أو أن الوالدين خالفوا القواعد الخاصة بإجبارية مزاولة الدراسة لسن معينة و ذلك تطبقا للمرسوم 76/66 و المؤرخ في 16-04-1976 و المتعلق بالطابع الإجباري للتعليم الأساسي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
79/ gacques Léauté - criminologie et science pénitentiaire -presses universitaires de France p 729-730
إذ نصت المادة 08 منه أن عدم مراعاة إجبارية التعليم من الأباء أو الأوصياء ، يكون مخالفة يترتب عنها تقديم إنذار للأولياء
الفرع الثاني : حالات أخرى لتعرض الطفل للخطر المعنوي.
لقد خول المشرع الجزائري لقاضي الأحداث بصفته الهيئة المكلفة بحماية الأطفال و رعايتهم و إعادة تقويم سلوكهم في حالة تعرضهم للخطر.
أولا : حماية الطفل المجني عليه .
نصت المادة 493 من ق إ ج { إذا وقعت جناية أو جنحة على شخص قاصر لم يبلغ 16 سنة من والديه أو وصيه أو حاضنه فإنه يمكن لقاضي الأحداث أن يقرر بمجرد أمر منه ، بناءا على طلب النيابة العامة أو من تلقاء نفسه بعد سماع رأي النيابة ، أن يودع الحدث المجني عليه في الجريمة إما لدى شخص جدير بالثقة أو مؤسسة أو يعهد به إلى مصلحة مكلفة برعاية الطفولة ، و لا يكون هذا القرار قابلا للطعن } و نستنتج من خلال المادة 493 من ق إ ج أن تعرض الطفل لجريمة يعد حالة من حالات التعرض للخطر المعنوي .
غير أنه ما يمكن ملاحظته أن النص خص الحماية فقط بالنسبة للطفل الذي لم يبلغ 16 سنة و نقترح تعديله بما يتماشى و إتفاقية حقوق الطفل .
و تتخذ هذه التدابير بناءا على طلب :
1/ النيابة : و ذلك في حالة وقوع جريمة على الطفل و كان الجاني أحد الأصول أو من له سلطة على الطفل ، فإنه يعرض الملف على قاضي الأحداث بموجب عريضة دعوى الحماية ، ليتخذ قاضي الأحداث ما يراه مناسبا ، لإتخاذ التدابير المنصوص عليه في المادة 493 من ق إ ج (80).
1 - تسليم الطفل إلى شخص جدير بالثقة
2- وضعه في مؤسسة أو مصلحة مكلفة بالطفولة
و يتخذ هذا القرار في غرفة المشورة ، و يبلغ هذا القرار للطفل المجني عليه و يحدد قاضي الأحداث النفقة الواجب دفعها من طرف الملزم بالنفقة.
2/ قاضي الأحداث من تلقاء نفسه : غير أنه يجب على قاضي الأحداث إحالة الملف على النيابة.
ثانيا : حماية الطفل المرتكب للجريمة .
و مثال ذلك المادة 446/4 من ق غ ج و كالتي تنص أن الحدث الذي إرتكب جريمة وصفها الجزائي مخالفة فإن محكمة الأحداث لا تستطيع إتخاذ تدابير الحماية إلا بعد إحالة الملف على قاضي الأحداث و لا حاجة إلى إجراء تحقيق مرة ثانية و لقاضي الأحداث أن يضعه تحت نظام الإفراج المراقب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
80/ L’enfant maltraité en Algérie L’action sociale et de la solidarité nationale enquête 2001 p 166
المطلب الثاني : إجراءات حماية الطفل المعرض للخطر المعنوي .
تختلف التشريعات حول تنظيم إجراءات حماية الطفل المعرض للخطر المعنوي بحيث ذهب البعض إلى إخضاعها إلى إجراءات إدارية و البعض الآخر إلى إختصاص المحاكم المدنية ، و من التشريعات من أخضعها إلى المحاكم الجزائية كما هو الحال بالنسبة إلى الجزائر .
الفرع الأول : عرض دعوى الحماية على قاضي الأحداث .
لقد نصت المادة 2 من الأمر 72/03 على نظام الإختصاص القضائي المحلى بالنسبة للطفل و نصت على أنه يختص قاضي الأحداث للمكان الذي يوجد فيه محل إقامة القاصر أو مسكنه أو محل إقامة أو مسكن والديه ، و كذا قاضي الأحداث للمكان الذي يوجد فيه القاصر في حالة عدم وجود هؤلاء و ترفع العريضة من :
1- من والد القاصر أو والدته ، أو الشخص الذي يسند له الحق في حضانته .
2- من الحدث نفسه .
3- من الوالي .
4- رئيس المجلس الشعبي البلدي .
5/ المندوب المختص بالإفراج المراقب، كما يجوز لقاضي الأحداث من تلقاء نفسه .
و نستنتج من خلال نص المادة الثانية أن المشرع الجزائري وسع من الجهات التي تسمح بعرض دعوى الحماية على قاضي الأحداث .
كما خول الأمر 75-64 المتضمن إنشاء المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة في المادة الرابعة للوالي وضع الطفل في حالة الإستعجال بأن يأمر وضح الحدث في مراكز الحماية و لمدة لا تتجاوز 8 أيام غير أن على مدير المركز إحالة الملف فورا على قاضي الأحداث للبت في الحالة و يحال الملف على وكيل الجمهورية .
الفرع الثاني : صلاحية قاضي الأحداث أثناء التحقيق مع الطفل المعرض للخطر المعنوي .
عند إستلام قاضي الأحداث العريضة يقوم أمين الضبط بتسجيلها في سجل الحدث في خطر معنوي ثم يشرع في إستدعاء الطفل القاصر أو أوليائه إن لزم الأمر ذلك.
و عند حضور الأولياء يستفسر القاضي عن موضوع العريضة و يسجل آرائهم حول وضعية ابنهم القاصر و مستقبله طبقا للمادة 31 من الأمر 72/03 .
وبعد ذلك يتولى القاضي دراسة شخصية الطفل و يأمر بإجراء بحث إجتماعي و فحص طبي أو عقلي أو نفساني .
ونشير أن إجراء البحث اجتماعي تتولاه المصالح الإجتماعية و ليست الضبطية القضائية أو يأمر بمراقبة سلوك الحدث بمساعدة المندوبين الدائمين و المتطوعين .
الفرع الثالث : التدابير النهائية الصادرة بشان الطفل المعرض للخطر المعنوي .
تنقسم التدابير التي يتخذها قاضي الأحداث إلى قسمين طبقا للمادة 10من الأمر 72/03 :
أولا : تدابير التسليم .
1- إبقاء الطفل في عائلته .
2- إعادة الطفل إلى والده أو أمه اللذين لا يمارسان حق الحضانة عليه و يشترط أن لا يكون هذا الحق سقط عمن يعاد إليه القاصر(81) و يكون ذلك في حالة إسناد الحضانة بعد الحكم بالطلاق بين الزوجين .
ملاحظة : و ما يمكن الإشارة إليه أن القرار الصادر عن قاضي الأحداث يظهر كأول وهلة مخافة للقاعدة التي تقضي أنه لا يجوز لجهة قضائية ثانية أن تنظر في مسائل الحضانة ما عدا جهة الإستئناف إذ لا يجوز للمحكمة الجزائية أن تنظر في مسألة هي أصلا من إختصاص قاضي الأحوال الشخصية .
غير أن هذا النص وارد بنص القانون و جاءت مراعاة لمصلحة الطفل ، غير أن قرار قاضي الأحداث ليس نهائيا وإنما هو مؤقت.
3- تسليم القاصر إلى أحد أقربائه طبقا لكيفيات أيلولة الحضانة .
4- تسليم الطفل إلى شخص موثوق به تتوفر فيه شروط الأهلية اللازمة لتربية الطفل .
و أشارت المادة 15 من أمر 72/03 على أن يحدد قاضي الأحداث نفقة يدفعها الملزم بها مباشرة إلى الشخص المستلم كما تضاف إليها المنح العائلية .
النوع الثاني : تدابير الوضع .
و هي التدابير التي يوضع فيها الطفل المعرض للخطر خارج أسرته و المتمثلة في :
1- إلحاق الطفل بمركز إيواء .
2- إلحاقه بمصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة .
3- إلحاقه بمؤسسة أو معهد للتربية أو التكوين المهني أو العلاج .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
81- تنص المادة 66 من قانون الأسرة يسقط حق الحاضنة بالتزوج بقريب غير محرم و بالتنازل ما يضر بمصلحة المحضون ـ و تنص المادة 67 تسقط الحضانة بالإخلال بأحد الشروط المقررة شرعا .
و لم تحدد المادة 12 من الأمر 72/03 مدة الوضع بهذه المؤسسات و إقتصرت بالإشارة إلى عدم تجاوز سن الرشد المدني غير أن المنشور الوزاري رقم 09 الصادر في 11جوان 1994 أن مدة الوضع هي سنتين يستفيد الطفل من رعاية خاصة و تكوين ملائم ، و إذا تبين أن الطفل بحاجة إلى فترة إضافية يقترح ذلك إلى قاضي الأحداث و يمددها مرة أخرى إلى غاية بلوغه سن الرشد المدني و هذا ما يسمح لقاضي الأحداث متابعة ملف الطفل الحدث.
المبحث الثالث : حماية الأطفال المحكوم عليهم في مرحلة تنفيذ العقوبات .
إن هدف الجزاء أو التدبير المتخذ ضد الطفل الحدث ليس إيلامه و إنما إصلاحه و إعادة تربيته و بذلك تتغير السياسة الجنائية في تنفيذ العقوبات بالنسبة للطفل ، و تنتفي معه فكرة حق المجتمع في توقيع العقاب كونه اعتدى على مصلحة محمية قانونا .
و تكون عملية الإصلاح تبعا للعناصر التالية :
1- التهذيب عن طريق التعليم .
2- التهذيب عن طريق العمل و التكوين المهني .
3- التهذيب الديني و الأخلاقي .
و سنتناول بالدراسة موقف المشرع و مدى تبنيه لهذه الفكرة في النقاط التالية :
المطلب الأول : دور قضاء الأحداث في تنفيذ الأحكام القرارات .
المطلب الثاني : دور قضاء الأحداث في الحماية بعد تنفيذ العقوبة
المطلب الأول : دور قضاء الأحداث في تنفيذ الأحكام القرارات .
لقد أخذ المشرع الجزائري بنظام قضاء الحكم في تنفيذ العقوبة و الذي يتولى بموجبه قاضي الأحداث مهمة تنفيذ الحكم الصادر ضد الطفل الحدث.
و يظهر دور القضاء جليا فيما تعلق بمراجعة الأحكام التربوية إذ أظهرت عدم نجاعتها و فائدتها أثناء التنفيذ ، و لا نجد هذه القواعد مقررة للبالغين مما تعد من الضمانات المقررة لحماية الطفل الحدث .
أضف إلى ذلك فإن الأمر 722/03 و المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة خول لقاض الأحداث مراجعة التدابير بالنسبة للطفل المعرض للخطر المعنوي .
الفرع الأول : دور قاضي الأحداث في الإشراف على تنفيذ الأحكام القرارات .
أولا : مراجعة التدابير المتخذة لصالح الطفل الجانح.
01 - صلاحية قاضي الأحداث في تغير و مراجعة تدابير الحماية .
يختص قاضي الأحداث وحده في مراجعة و تنفيذ الأحكام و القرارات التي صدرت وفقا للمادة 444 من ق إ ج بغض النظر عن سببها و الجهات التي أصدرت الحكم فيها إذ يمكن لقاضي الأحداث أن يقرر تعديل التدبير من تدابير الوضع في إحدى المؤسسات التي نصت عليها المادة 444 من ق إ ج إلى تدبير التسليم إلى العائلة سواء للوالدين أو الوصي أو شخص جدير بالثقة المادة 482/1 من ق إ ج.
02- صلاحية محكمة الأحداث في التغير و التعديل .
و يكون ذلك في حالة ما إذا رأى قاضي الأحداث أن تدبير تسليم الطفل إلى والديه أو الوصي أو الشخص الذي يتولى حضانته لم يكن في صالحه ، و أن العائلة لم تكن الوسط الذي يسمح للطفل بإعادة إدماجه و أن الأبوان لم يلعبا الدور في رقابته من الانحراف .
و لن يتأتى لقاضي الأحداث معرفة أسباب ذلك إلا بالعودة إلى التحقيق الإجتماعي الذي يقوم به المندوبين و لذلك فإن قرار وضعه في إحدى المؤسسات المذكورة في المادة 444 من ق إ ج لا يكون إلا بعد إحالة الملف على محكمة الأحداث طبقا للمادة 282/2 من ق إ ج .
03- الجهات التي لها الحق في مطالبة مراجعة التدابير.
يجوز لوكيل الجمهورية أو المندوبين المتطوعين أو قاضي الأحداث من تلقاء نفسه مراجعة تدابير الحماية المنصوص عليها في المادة 444 من ق إ ج دون أن يكونوا مقيدين بزمن معين ، و يلعب المندوبين المتطوعين أو الدائمين دور إيجابي ، خاصة كون أنهم يحتكون بالطفل الحدث مباشرة .
و تنص المادة 483 من ق إ ج على أنه إذا مضى على تنفيذ حكم صادر بإيداع الحدث (82) خارج أسرته جاز لوالديه أو لوصيه طلب تسليمه أو إرجاعه إلى حضانتهم و في حالة الرفض لا يمكن تجديده إلا بعد مدة سنة .
و يقدم الطلب إلى قاضي الأحداث المختص هذا بعد أن يثبتوا أنهم جدرين بتربية الطفل و تحسين سلوكه و كذا في حالة ما إذا ظهرت مسألة عارضة طرأت أثناء تنفيذ الإجراء المتخذ من طرف قاضي الأحداث سواء في مصلحة الطفل أو بقائه تبعا للتدبير السابق لا يوفر له الحماية اللازمة.
و مثال ذلك ظهور أولياء الطفل الحدث و استعدادهم لتكفل الطفل بعد أن أمر قاضي الأحداث بوضعه في إحدى مراكز الحماية (83).
ثانيا : مراجعة التدابير المتخذة لصالح الطفل المعرض الخطر المعنوي .
أجازت المادة 13 من الأمر السابق الذكر لقاضي الأحداث أن ينظر في ملف الطفل المعرض للخطر أن يعدل حكمه أو قراره ، و عليه فإن قرار قاضي الأحداث لا يأخذ الصبغة النهائية و لا يحوز قوة الشيء المقضي فيه .
و تتم المراجعة بدور من قاضي الأحداث أو من الطفل أو ولي أمره و يجب على قاضي الأحداث أن يفصل في الملف في مدة أقصاها 3 أشهر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
82/ من الأحسن تعديل لفظ إيداع كون أن الإيداع لا يكون إلا في مؤسسة عقابية و استبدالها بعبارة وضع.
83/ الأستاذة ـ صخري مباركة ـ المرجع السابق .
و لا يجوز للطفل القاصر أو والديه أن يجددوا الطلب إلا بعد سنة ، كما يجوز مراجعة التدابير في الحالات التالية :
1- عدم قدرة المركز على استقبال عدد جديد من الأطفال .
2- إذا كان الطفل ذا قصور بدني أو عقلي و كان من اللازم وضعه في مؤسسة إستشفائية .
3- جنس الطفل لا يسمح له بالبقاء في المؤسسة .
4- إذا تجاوز الطفل سن الرشد المدني .
ثالثا : التعليق القانوني على المادة 486 من قانون الإجراءات الجزائية .
تنص المادة 486 من ق إ ج { كل شخص يتراوح سنه بين 16 و18 سنة اتخذ في حقه أحد التدابير المنصوص عليها في المادة 444 من ق إ ج إذا تبين سوء سيرته و مداومته على عدم المحافظة على النظام و خطورة سلوكه الواضحة و تبين عدم وجود فائدة من التدابير المذكورة أعلاه يمكن أن يودع بقرار مسبب من قسم الأحداث بمؤسسة عقابية إلى أن يبلغ من العمر سنا لا تتجاوز التاسعة عشر }
المادة محل نقد من حيث العناصر التالية :
1- المادة تخالف القواعد العامة من حيث أنه لا يمكن محاكمة الطفل الحدث مرتين ، الحكم الأول يصدر لصالح الطفل من أجل إصلاحه و إعادة تربيته و الثاني إيداعه في مؤسسة عقابية دون أن يرتكب جريمة ذلك أن المادة لم تأتي بسبب جدي و اكتفت بالإشارة إلى أن سيرة الطفل الحدث أصبحت سيئة .
2 – هذا و لا يمكن من الناحية الإجرائية أن يتم إدخال الحدث إلى المؤسسة العقابية بموجب قرار و إنما بموجب أمر إيداع أو صورة من الحكم الحبس النهائي .
3- لم تعد المؤسسات الخاصة بالأحداث مؤسسات عقابية بل أصبحت مدارس ومعاهد للتدريب و التكوين.
هذا و من المفروض أن تكون مستويات تأهيل الأحداث تبعا لمراحل التالية :
1- المستوى العلاجي : فيخضع الطفل للعلاج العضوي و النفسي فقد يكون المرض العضوي أو النفسي أحد عوامل إنحرافه و يكون علاجه و شفائه من مثل هذه الأمراض سببا في تحسين سلوكه .
2- المستوى المهني : إذا كانت الرغبة و عدم القدرة على مواصلة الدراسة فيجب أن يتعلم الحدث مهنة أو حرفة ، و في كل الأحوال يشعر الطفل بأنه عضو نافع في المجتمع .
3- المستوى التربوي : و التهذيبي و ذلك بمساعدة الطفل الحدث على إحترام مختلف الأنظمة(84) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
84/ الدكتور ـ علي عبد القادر القهوجي ـ الدكتور فتوح عبد الله الشاذلي ـ المرجع السابق ص .184
رابعا : قواعد الاختصاص الخاصة بمراجعة التدابير.
هنالك مجموعة من القواعد يجب مراعاتها أثناء مراجعة التدابير و تتمثل في :
1- سن الطفل : يجب على قاضي الأحداث أن يأخذ بعين الاعتبار سن الطفل الحدث في مراجعة التدابير و في كل الأحوال لا يجوز أن يتجاوز سنه سن الرشد المدني .
و مثال ذلك : إذا كان عمر الطفل يتجاوز سنه 16 سنة و كان الوسط العائلي غير مؤهل لإصلاح الطفل و كان له مستوى دراسي يسمح له بمزاولة الدراسة فإن على القاضي مراعاة هذه الظروف و هو ما قررته المادة 484 من ق إ ج التي تنص { أن العبرة في تطبيق التدابير الجديدة في حالة تغير ومراجعة التدابير بالسن الذي يبلغه الحدث يوم صدور القرار}
2- الاختصاص الإقليمي : يختص إقليميا في تدابير المراجعة و في الدعاوى العارضة في مادة الإفراج المراقب و الإيداع و الحضانة .
1- قاضي الأحداث أو محكمة الأحداث (85)
2- قاضي الأحداث أو محكمة الأحداث التي يقع فيها موطن والدي الحدث أو موطن الشخص صاحب العمل أو المؤسسة أو المنظمة التي سلم إليها الحدث بأمر من القضاء .
3- قاضي الأحداث أو محكمة الأحداث المكان الذي يوجد به فعلا الحدث مودعا أو محبوسا .
و في حالة ما إذا كان الوصف الجزائي للجريمة التي إرتكبها الطفل الحدث تأخذ وصف الجناية و أن محكمة الأحداث بمقر المجلس القضائي اتخذت إحدى التدابير المنصوص عليها في المادة 455 من ق إ ج فإن هي وحدها لها الاختصاص .
و لحماية الطفل الحدث سمحت المادة 485 من ق إ ج إن إقتضت الضرورة تعديل التدبير المتخذ حتى و لو تعلق الأمر بوضع الطفل في إحدى المراكز المحدد في المادة 444 من ق إ ج بعد أن تم تسليمه لوالديه فيكون ذلك بصفة مؤقتة على أن يتم تحويل الملف إلى قاضي الأحداث المختص.
و أحس ما فعل المشرع إذ وضع هذا الإستثناء هدفه المصلحة الفضلى للطفل.
الفرع الثاني : دور قضاء الأحداث في تنفيذ الأحكام الجزائية .
لقد أشار الأمر 72/02 المؤرخ في 10-02-1972 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين أن الأحكام الجزائية الصادرة عن قسم الأحداث و كذا توقيف الأحداث إحتياطيا يتم في مؤسسات خاصة تسمى المراكز المتخصصة لإعادة تأهيل الأحداث بالنسبة إلى الأحداث الذين أصبحت الأحكام الصادرة ضدهم نهائية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
85/ ارجع إلى العنصر الخاص بصلاحية كل من قاضي الأحداث و محكمة الأحداث في مراجعة التدابير .
أما حبس الأحداث إحتياطيا فإنه يتم داخل مؤسسات الوقاية و هي أقسام خاصة بالأحداث و تمسى بجناح الأحداث .
هذا و لحماية الطفل الحدث المحبوس بصفة مؤقتة أوجب المشرع على قاضي الأحداث أن يراقب أجنحة الأحداث و المراكز المتخصصة في إعادة تأهيل الأحداث.
أولا: رقابة قاضي الأحداث على الأجنحة الخاصة بالأحداث.
لقد خول قانون تنظيم السجون لقاضي الأحداث بصفة دورية مراقبة هذه المؤسسات في حدود إختصاص كل محكمة.
و لا يكفي زيارة الأجنحة بل تمتد عملية الرقابة إلى الوجبات الغذائية المخصصة للأطفال الأحداث و مدى مطابقتها للشروط الصحية، و كذا الحمامات و دورات المياه.
و يجب على قضاة الأحداث تفعيل تطبيق نص المادة 64 من قانون تنظيم السجون و إعادة تأهيل المساجين ، و التي تنص على أن كل من وكيل الجمهورية و قاضي تطبيق الأحكام الجزائية و قاضي الأحداث على مستوى المحاكم إجراء زيارة للمؤسسة في كل شهر.
و يعد قاضي الأحداث على مستوى المحاكم ، أثناء تقريره السنوي عدد الزيارات التي قام بها ، و في حالة وجود مخالفة القواعد الخاصة بالأحداث فعلى قاضي الأحداث أن يقوم بتعديلها و إرسال التقرير إلى النائب العام ليتخذ ما يراه مناسبا و هذا كل من أجل حماية الطفل الحدث (86).
و قد أشار الأمر 72/02 المؤرخ في 10-02-1972 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين على بعض الضمانات المقررة للطفل الحدث و التي لا نجد لها تطبيق بالنسبة للبالغين ، ومن بينها :
1- لا يطبق نظام العزلة على الطفل الحدث إلا لسبب صحي .
2- يستفيد الحدث في كل يوم بأربع ساعات على الأقل من الفراغ يقضونها في الهواء الطلق .
و يمكن إخراجهم لقضاء جولة تحت رقابة المربين ، و أن يشاركوا في مجموعات صوتية و مقابلات رياضية ، غير أن هذه المواد لا تلقى العناية و التطبيق .
3- يمكن لمدير المركز أخذ رأي لجنة إعادة التربية و منح الطفل الحدث إجازة 30 يوما أثناء فصل الصيف يقضونها مع عائلتهم و إذا كان الطفل الحدث ذا سيرة حسنة يجوز منحه عطلة إستثنائية لمدة 7 أيام بعد أخذ رأي لجنة التأديب (87).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
86/ تنص المادة 123 من الأمر 72/02 و التي جاءت في الفصل الثالث، انه يجب أن يكون الطعام سليما و متوازنا
و تراقب باستمرار قواعد المحافظة على الصحة و النظافة في المؤسسة .
87 - الأستاذة صخري مباركة ـ المراكز المخصصة للأحداث ـ مطبوعة وزعت على الطلبة القضاة الدفعة 12 جوان 2003 .
4- كما لا يكلف الطفل الحدث بعمل شاق و لا يجوز تكليفه للقيام بعمل ليلي ، غير أن على الحدث إحترام النظام الداخلي للمركز و إلا تعرض عقوبات تأدبية.
هذا و يتم تنفيذ الأحكام الصادرة بعقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أو الذي بقيت له مدة ثلاثة أشهر بعد الحكم عليه في مؤسسات الوقاية طبقا للمادة 62 من الأمر 72/02 من ق ت س و من المفروض حتى و لو بقيت المدة أقل من 3 أشهر فإن المستحسن تنفيذها في مؤسسات إعادة تأهيل الأحداث.
و يبقى قاضي الأحداث ملزم بالمتابعة المستمرة لأوضاعهم لعدم وجود لجنة إعادة التربية و إذا تجاوزت مدة الحبس ثلاثة أشهر فإنه يتم تنفيذ العقوبة في مراكز إعادة التأهيل .
وتشير المادة 122 من ق ت س تتكون موظفي المراكز المخصصة لإعادة تأهيل الأحداث من أعوان إعادة التربية و أخصائين نفسانين ، وكذلك مربين و مساعدين إجتماعين ، كما يسعى الموظفون على تربية الطفل لحدث أخلاقيا ، و إحياء شعورهم بالمسؤولية ، كما يتم متابعته صحيا و ينشئ له ملف خاص بمتباعته داخل المؤسسة .
و نشير أن المشروع التمهيدي الذي أعدته وزارة العدل و الخاص بتنظيم السجون و لإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين أولى أهمية من حيث خصص باب كامل تحت عنوان إعادة تربية الحدث و إدماج الأحداث و من بينها السماح للحدث في تلقي الزيارات عن قرب و كذلك إستفادته من التكوين المهني و التعليم و أحقيته في الحصول على شهادة تسمح له بالإندماج دون أن يؤشر عليها أنها صادرة عن مؤسسة عقابية .
ثانيا : الإشراف على لجنة إعادة التربية .
تعتبر اللجنة الهيئة المساعدة لقاضي الأحداث في الإشراف على تنفيذ الأحكام الجزائية و تتولى اللجنة المكونة من قاضي الأحداث رئيسا ـ قاضي تطبيق العقوبات ـ مدير المركز ـ المربون ـ المختصون في علم النفس ـ المساعدات الإجتماعيات ـ ممثل من مديرية الثقافة ـ ممثل من مديرية الشباب و الرياضة ـ ممثل عن وزارة الشؤون الدينية .
دراسة البرامج السنوية للدراسة و التكوين المهني , و إعطاء الرأي لإستفادة الطفل الحدث من عطلة صيفية لمدة 30 يوم بعد عرض الملف على وزير العدل ، والنظر في الإفراج المشروط المقترح من طرف قاضي تطبيق العقوبات .
الفرع الثالث : رعاية الطفل داخل المؤسسات التي يتم فيها تنفيذ تدابير الحماية .
يتم تنفيذ الأحكام و القرارات المتعلقة بتدابير الحماية و التربية الخاصة بالأطفال سواء الأحداث الجانحين الذين ارتكبوا إحدى الجرائم النصوص عليها في قانون العقوبات أو كانوا ضحايا أو كانوا موضوع تدبير على أساس تواجدهم في إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 72/03 .
و يتم تنفيذ جميع التدابير في مؤسسات إعادة التربية و الحماية و الوسط المفتوح ، و ينظم هذه المؤسسات الأمر 75/64 و المؤرخ في 26-09-75 والمتضمن إحداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة .
و مهمة هذه المؤسسات هي تأمين حماية الطفل و المراهق الذين لم يكملوا 21 سنة و الذين يشكون من جراء أوضاعهم معيشتهم و سلوكهم خطر الاندماج الاجتماعي .
أولا : دور مصلحة الملاحظة و التربية في رعاية الطفل .
لقد أشرنا سابقا أن من تدابير حماية الطفل الجانح هو وضعه تحت نظام الحرية المراقب و ذلك لفترات محددة و يبقى في هذه الحالة تحت رقابة المندوبين الدائمين أو المتطوعين ، و تقدم مصلحة الملاحظة و التربية تقارير دورية إلى قاضي الأحداث عن حالة الطفل في كل ثلاثة أشهر إذ تسمح هذه القاعدة من مراقبة الطفل ـ صحيا ، تربويا ، أخلاقيا ـ
ملاحظة هامة : يتم إطلاع أولياء الطفل الحدث أو وصيه أو الشخص الذي يسلم له الطفل بمؤدى نظام الإفراج و الإلتزامات المترتبة عنه ، و في حالة الإخلال بالالتزامات يجوز الحكم على الأب أو الأم أو الشخص الحاضن أو الوصي غرامة مدنية تتراوح ما بين 100 إلى 500 دج .
ثانيا : دور المراكز المخصصة للحماية في رعاية الطفل .
يتم فيها وضع الأطفال الجانحين و المعرضين للخطر المعنوي ، يخضعون فيه إلى نظام داخلي يلتزم به الأطفال بعدم الخروج بدون رخصة ، كما يتلقون تكوينا أخلاقيا ، و تربويا و رياضيا و مهنيا (88)
و تتكون هذه المراكز المخصصة لحماية الطفل من:
1- مصلحة الملاحظة : تتولى دراسة شخصية الطفل سواء الحدث أو المعرض للخطر المعنوي و تدوم الدراسة من 3 أشهر إلى 66 أشهر و يتم إعداد تقرير تحدد فيه الإقتراحات اللازمة بالتدابير .
2- مصلحة التربية : تقوم بتربية الطفل تربية أخلاقية وفق لبرنامج تربوي و مهني محدد مسبقا (89)
3- مصلحة العلاج البعدي : تبحث هذه المصلحة عن جميع الحلول التي تسمح بالاندماج الاجتماعي للأحداث القادمين من مصلحة التربية أو من المراكز المتخصصة للتربية.
و يتم نقل الطفل من مصلحة إلى مصلحة بإقتراح من مدير المركز أو من اللجنة التربوية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
88/ المادة 13 من الأمر 75-64 والمتضمن إحداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة .
89/ الأستاذة صخري مباركة ـ المراكز المخصصة للأحداث ـالمرجع السابق .
ثالثا: دور المراكز المتخصصة في إعادة التربية في رعاية الطفل .
هي مؤسسات داخلية خاصة بالأطفال الذين ارتكبوا جرائم و الذين كانوا موضوع أمر بالوضع النهائي و المؤقت طبقا للمادة 444 من ق إ ج ، و لا تستقبل هذه المؤسسات الأحداث الذين تجاوزوا سن 18 .
و تتكون هذه المراكز من المصالح التالية :
1- مصلحة الملاحظة : تتولى دراسة شخصية الطفل الحدث و تقديم تقرير مفصل عن حالته و التدابير الملائم له و تتم مراجعة تدبير الوضع في هذه المؤسسة تبعا لما تم توضيحه في العنصر الخاص بالمراجعة.
2- مصلحة إعادة التربية : و هي التي تقوم بمهمة إعادة تربية الحدث ضمن برننامج معد من قبل اللجنة التربوية التابعة للمركز.
3- مصلحة العلاج البعدي : مهمتها البحث عن أساليب إعادة إدماج الطفل و تهيئته ، كما يمكن أن تبحث له عن عمل خارجي الذي سيتولاه بعد مدة إيداعه ـ المادة 9-12 من ق ت م خ ح الطفولة .
رقابة قاضي الأحداث للبرنامج التربوي :
إلى جانب ما يتمتع به قاضي الأحداث من سلطات على الرقابة المتعلقة بالمصالح المكلفة بمراقبة الحدث في الوسط المفتوح أو داخل مؤسسات التربية و الحماية فلقاضي الأحداث سلطة رقابة البرنامج المطبق على الأطفال الموجودين بهذه المراكز و ذلك بمساعدة اللجنة التربوية التي تعمل على مراقبة تطبيق البرنامج التربوي ، كما لها صلاحية إقتراح تعديل التدابير المتخذة لصالح الطفل و تتشكل اللجنة طبقا للمادة 17 من الأمر الخاص بحماية الطفولة و المراهقة من:
قاضي الأحداث الذي تكون المراكز داخل إختصاص المحكمة من الناحية الإقليمية ـ رئيسا ، مدير المؤسسة و ثلاث مربيين ، و مندوب الإفراج المراقب و طبيب اختصاصي تابع للمؤسسة إن وجد و مقر اللجنة هو المركز ، و تجتمع اللجنة كل 3 أشهر.
المطلب الثاني : دور قاضي الأحداث في حماية الطفل بعد تنفيذ العقوبة.
إن إعادة تأهيل الأحداث ووقايتهم من الإنحراف تعد من أهم التحديات التي تواجه المجتمع خاصة و أن انحراف الطفل ليس ظاهرة إجرامية فحسب بل ظاهرة إجتماعية .
هذا وإن مهمة قضاء الأحداث هو فرص التدابير الملائمة من أجل حماية الطفل المنجرف و تتمثل دور قاضي الأحداث في الحماية بعد تنفيذ العقوبة في نقطتين أساسيتين :
1- الإشراف على الرعاية البعدية للطفل الحدث .
2- إختصاص قاضي الأحداث في رد الإعتبار للطفل الحدث .
الفرع الأول : الإشراف على الرعاية البعدية للطفل الحدث.
يمكن لقاضي الأحداث أن يتخذ الإجراءات اللازمة لحماية الطفل الجانح بعد أن إستكمل تنفيذ العقوبة الجزائية .
و قد صدر منشور في شهر جوان 1975 جاء فيه أن الطفل الحدث الذي ألزمت شخصيته أو الظروف الحكم عليه بعقوبة الحبس و عند الإفراج عنه فإنه أصبح بصفة عادية في المجتمع الذي سبق و أن أظهر عدم تكيفه معه .
و بذلك يجب أن تستكمل العقوبة السالبة للحرية بتدبير ملائم و الذي من شأنه أن يسمح له بالإندماج مرة أخرى في المجتمع .
تتحقق الرعاية البعدية للطفل الحدث من خلال تطبيق أحكام الأمر 75-64 و المتعلق بإحداث المؤسسات الحماية و دور مصلحة العلاج البعدي التابعة لكل من مركز إعادة التربية و مركز حماية الطفولة و هي مختصة بإعداد الطفل الحدث ما بعد إنتهاء مدة الوضع و إدماجه إجتماعيا و البحث عن جميع الحلول الممكنة له.
و تنص المادة 34 من الأمر 75 { أنه يجب على مدير المؤسسة أن يعلم فورا قاضي الأحداث المختص عن إنقضاء مدة تدابير الإيواء و ذلك قبل شهر واحد من إنقضاء المدة المذكورة و ذلك بموجب تقرير بالخروج يتضمن رأي لجنة العمل التربوي و رأي مدير المركز ، بشأن ما يجب تقريره في نهاية مدة التدبير.
و يتضح من خلال المادة أن قاضي الأحداث يبقى متصل بقاضي الأحداث حتى بعد تنفيذ تدبير الوضع (90) و لذلك خول له القانون أن يضع الطفل الحدث بعد تم وضعه في مؤسسة إعادة التربية بسبب جريمة إرتكبها أن يأمر بوضعه في مؤسسة الحماية حتى يبلغ من العمر 19 سنة و هو سن الرشد المدني(91)
الفرع الثاني : إختصاص قاضي الأحداث في رد الإعتبار للطفل الحدث .
لقد أشارت قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث ـ قواعد بكين ـ على أن تحفظ سجلات الطفل المجرم في سرية تامة و يحضر إطلاع الغير عليها و يكون الوصول إلى هذه السجلات مقصورا على الأشخاص المعنيين بصفة مباشرة بالتصرف في القضية محل البحث أو غيرهم من الأشخاص المخولين حسب الأصول.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
90/ جماد علي المرجع السابق ص 235 .
91/ مركز إعادة التربية يختص بإيواء الأحداث التي تقل أعمارهم عن 18 و كانوا موضوع تدبير حسب المادة 444 من ق إ ج.
و هو ما تبناه المشرع الجزائري في المادة 489 من ق إ ج التي تنص على أن القرارات الصادرة عن جهات قضاء الأحداث تسجل في سجل غير علني يمسكه أمين الضبط و تقيد القرارات المتضمنة تدابير الحماية و التربية في صحيفة السوابق القضائية ، و لا تسلم صحيفة السوابق القضائية رقم 02 إلا لرجال القضاء ، و بذلك فإن الجهات القضائية هي وحدها لها صلاحية الإطلاع على السوابق القضائية للطفل و هو خلاف ما هو مقرر للبالغين .
و إذا أظهر الحدث الذي كان موضوع هذا التدبير اندماجه بصفة نهائية بعد مدة 5 سنوات من تنفيذ الحكم جاز لقسم الأحداث أو محكمة الأحداث مشكلة تشكيلة كاملة بأن تأمر بإتلاف هذه القسيمة و بالتالي لا تختص غرفة الإتهام برد الإعتبار للطفل الحدث .
و يتحقق ذلك بموجب عريضة مقدمة لمحكمة الأحداث من صاحب الشأن أي الطفل أو وصيه القانوني أو النيابة العامة أو من تلقاء نفس المحكمة ليتم إتلاف القسيمة رقم 01
و يختص بالنظر في طلب رد الإعتبار المحكمة التي طرحت أمامها المتابعة أو التدبير ، و رد الإعتبار هو الإجراء الذي يسمح بإلغاء آثار الجريمة من ملف المحكوم عليه و ذلك بعد إتمام الإجراءات المنصوص عليها في المواد 679-693 من ق إ ج :
1- تقديم وصل دفع الغرامة المالية المحكوم بها .
2- إجراء تحقيق حول سلوك الحدث لمعرفة أن الطفل الحدث قد تحسنت أخلاقه و سيرته ، غير أن المختص بإجراء البحث ليست الشرطة و إنما هو نفسه البحث الإجتماعي التي تقوم به المصالح الإجتماعية و إن كانت النصوص المذكورة أعلاه لم تخص الطفل الحدث بأي إجراء ، و لا يخضع حكم قسم الأحداث برد الإعتبار لأي طعن .
الخاتمة
على هدي ما تقدم يكفي أن نذكر بأن نية المشرع باتت واضحة في حماية الطفل ، و غدت تعبر عن سياسة عقابية قد إهتدى بها المشرع سعيا لحماية الطفل ، و إصلاح الطفل الجانح و علاجه ، و لعهل أبرز مظاهر الحماية تكمن في :
1- تجريم جميع صور الإيذاء التي يتعر ض إليها الطفل و التي يكون لها تأثير على حالته النفسية أو الأخلاقية و الصحية .
2- عمل جهات قضاء الأحداث في إختيار أفضل التدابير من أجل إعادة إدماجه مرة أخرى في المجتمع.
إلا أنه يجب أن نشير أن هنالك قصور في وسائل الحماية ، كون الوسائل التي أقرها تمثل حد أدنى من الحماية ، هذا من جهة و من حهة ثانية أن هدف المشرع في الحماية لا يتماشى و الإمكانيات المادية المسخرة خاصة بالنسبة لمراكز الحماية .
و إن كان المشرع عزز من تدبير الحرية و المراقبة بمندوب يقوم بمساعدة الطفل عن طريق إرشاده و تقديم النصائح إليه ، غير انه ما يمكن ملاحظته بالنسبة للمندوبين :
1- نقص عدد المندوبين ، و عدم درايتهم بشؤون الأطفال ، إذ يعتبرون أنفسهم مجرد موظفين إدراين.
2- نقص العنصر النسوي اللواتي يعتبرون همزة الوصل بين الطفل و عائلته .
و هذا ما يدفع القضاة إلى عدم اللجوء إليه و يلجئون إلى الحبس المؤقت.
كذلك يصدق الأمر على مراكز الإستقبال الأطفال الجانحين أو ضحايا الأفعال المرتكبة بحقهم ، لأن قضاة الأحداث يجدون صعوبة من حيث أن عدد المراكز قليل جدا .
فإذا كان بعض مراكز الأحداث مخصصة للجانحين نجد أنها تحوى فتيات هم في خطر معنوي ، و بذلك وجب على قاضي الأحداث أن يفعل النصوص القانونية و يطبقها.
أولا : الـكتـب .
أ- الدكتورـ أحسن بوسقيعة الوجيز في شرح القانون الجنائي الخاص ـ الجرائم ضد الأشخاص و الجرائم ضد الأموال ـ دار هومة طبعة 2002.
ب- الدكتور محمد سعيد نمور – شرح فانون العقوبات – القسم الخاص – الجرائم الواقعة على الأشخاص – الجزء الأول ـ دار الثقافة عمان ـ الطبعة الثانية ـ سنة 2001-2002 .
ت- الدكتور عبد الله سليمان ـ دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري ـ القسم الخاص ـ ديوان المطبوعات الجامعية الطبعة الرابعة ـ سنة 1996.
ث- الدكتور محمد صبحي نجم ـ شرح قانون العقوبات الجزائري ـ القسم الخاص ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ طبعة 2000.
ج- الدكتور إسحاق إبراهيم منصور ـ شرح قانون العقوبات الجزائري ـ جنائي خاص ـ في جرائم ضد الأشخاص و الأخلاق والأموال و أمن الدولة ـ الطبعة الثانية 1988 ـ ديوان المطبوعات الجامعية
ح- الدكتور مروك نصر الدين ـ الحماية الجنائية للحق في سلامة الجسم في القانون الجزائري و القانون المقارن و الشريعة الإسلامية ـ الديوان الوطني للأشغال التربوية الطبعة 1/ 2003.
خ- الدكتورعبد العزيز سعد – الزواج و الطلاق في قانون الأسرة دار هومة ـ طبعة 96.
د- الدكتور عبد العزيز سعد ـ الجرائم الأخلاقية في قانون العقوبات ـ الشركة الوطنية للنشر و التوزيع ـ 2001 .
ذ- الأستاذ ـ عبد الحميد الألفي ـ الجرائم العائلية ـ الحماية الجنائية للروابط الأسرية طبعة سنة 1999.
ر- الدكتور ـ محمد عبد القادر قواسمية ـ جنوح الأحداث في التشريع الجزائري المؤسسة الوطنية للكتاب 1990
ز- الدكتور عبد الحميد الشواربي ـ جرائم الأحداث و تشريعات الطفولة ـ منشاة المعارف الإسكندرية طبعة 1996.
س- عبد الله سليمان سليمان ـ النظرية العامة للتدابير الإحترازية ـ المؤسسة الوطنية للكتاب ـ
ش- جيلالي بغدادي ـ الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية ـ الجزء الأول ـ الطبعة 1 ـ الديوان الوطني للأشغال التربوية 2002 .
ص- الدكتور ـ علي عبد القادر القهوجي ـ الدكتور فتوح عبد الله الشاذلي ـ علم الإجرام و العقاب ـ كيفية تنفيذ الجزاء الجنائي على الأحداث ـ دار المطبوعات الجامعية ـ الإسكندرية.
ثانيا : رسائل الدكتوراه و الماجستير .
أ- ونزاري صليحة ـ الأفعال الماسة بالسلامة الجسدية في القانون الجزائري ـ رسالة ماجستير ـ معهد الحقوق جامعة الجزائر .
ب- القاضي ـ جماد علي ـ الإجراءات الجنائية في جنوح الأحداث و محاكمتهم ـ رسالة ماجستير ـ معهد الحقوق ـ جامعة الجزائر 1975 ص 84 .
ثالثا : المجلات ـ و المقلات .
أ ـ الدكتور مانع علي ـ الحماية الجنائية للطفل في التشريع الجزائري ـ المجلة الجزائرية للعلوم القانونية و الإقتصادية و السياسية العدد الأول لسنة 2001 .
ب- الدكتور مروك نصر الدين ـ جريمة المخدرات في القانون الجزائري ـ بحث مقدم لطلبة المدرسة الوطنية للصحة العمومية ـ نشرة القضاة العدد55 مديرية البحث بوزارة العدل ـ الديوان الوطني للأشغال التربوية 1999 .
رابعا : المحاضرات :
أ- الأستاذة صخري مباركة ـ محاضرات في مادة الأحداث ـ ألقيت على الطلبة القضاة الدفعة 12 السنة الثانية عشر2002- 2003 بالمعهد الوطني للقضاء.
ب- الأستاذة صخري مباركة ـ المراكز المخصصة للأحداث ـ مطبوعة وزعت على الطلبة القضاة الدفعة 12 جوان 2003
ت- الأستاذة ـ فتيحة مراح ـ محاضرات في الطب الشرعي ـ سوء معاملة الأطفال ـ محاضرات ملقاة على الطلبة القضاة لسنة 1992 ـ 1993 .
خامسا : الندوات و الملتقيات .
محافظ الشرطة ـ مسعودان خيرة ـ دور فرقة الأحداث للشرطة في التكفل بقضايا الأحداث ـ ملتقى حول حماية الطفولة و الأحداث ـ 24-25 جوان 2001 الجزائر.
القاضية حشاني نورة ـ دراسة حول قضاء الأحداث في الجزائر ـ الندوة الخاصة بقضاء الأحداث في الدول العربية ـ بيروت من 24 – 26 جوان 1997 ص 18 .
القاضية ـ شرفي مريم ـ المتابعة القضائية للأحداث الجانحين ـ ملتقى حول حماية الطفولة و الأحداث ـ 24-25 جوان 2001 الجزائر .
الدكتور محمد واصل ـ قضاء الأحداث في الدول العربية بين الواقع و التطور ـ الندوة الخاصة بقضاء الأحداث في الدول العربية ـ بيروت من 24 – 26 جوان .
المراجع باللغة الأجنبية:
ََA / gacques Léauté - criminologie et science pénitentiaire -presses universitaires de France.
B/ L’enfant maltraité en Algérie L’action sociale et de la solidarité nationale enquête 2001.
النصوص القانونية :
أ- الأمر 66-155 المؤرخ في 8-6-1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المتمم و المعدل.
ب- الأمر 66-156 المؤرخ في 8-6-1966 المتضمن قانون العقوبات المعدل و المتمم .
ت- الأمر 72-02 المؤرخ في 10-1 - 1972 و المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين.
ث- الأمر 72-03 المؤرخ في 10-1 - 1972 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة. قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين.
ج- الأمر 75-64 المؤرخ في 26-9 - 1975 المتضمن إحداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة .
ح- أمر 75/26 المؤرخ في 19 أفريل سنة 1975 و المتعلق بقمع السكر العلني و حماية القصر من الكحول.
خ- قانون رقم 85/05 و المؤرخ في 16 فبراير 1985 المتضمن حماية الصحة و ترقيتها الجريدة الرسمية العدد 08
د- الأمر 75 – 65 و المتعلق بحماية أخلاق الشباب .
إنتهى
منقول للفائدة ....
إعداد الطالب القاضي :حمــيش كمــال الدفعــة الثــانية عشــر2001 - 2004
الحماية القانونية للطفل في التشريع الجزائي الجزائري
... / ...
الفصل الثاني : الحماية القانونية للطفل الجانح و المعرض للخطر المعنوي
يستحيل تـأكيد فكرة أن الإنسان مجرم بطبيعته ، بل يمكن أن يصبح مجرما بظروفه ، كما أنه من غير الملائم أن نصف أطفالا في عمر الورود بالمجرمين ، بل يصح أن نطلق عليهم تعبير المنحرفين أو الجانحين لأن الأصل في الإنسان البراءة ـ و من باب أولى أن يكون الطفل بريئا من كل ما نسب إليه من أفعال تشكل جرائم وفقا لقانون العقوبات .
لذا يستوجب الإهتمام بمسألة قضاء الأحداث بإعتباره الجهة المخولة قانونا في أكثر بلدان العالم بمعالجة وضع الطفل المنحرف ، و الطفل المعرض للخطر المعنوي .
و يمكن إعتبار التشريع الجزائري الخاص بالأحداث من بين التشريعات الرائدة التي جسدت الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل ـ كما يتوافق مع المبادئ الأساسية لقواعد الأمم المتحدة النموذجية لإدارة شؤون الأحداث و المسماة بقواعد بكين ، و كل هذه القواعد بما تتسم به من مرونة و تدابير تربوية ، تهدف أساسا إلى حماية الحدث و وقايته و تحضيره لإعادة إدماجه في المجتمع .
و قد كفل المشرع هذه الحماية بموجب قانون الإجراءات الجزائية ـ و خصص الباب الثالث منه تحت عنوان القواعد الخاصة بالمجرمين الأحداث ، و كذا قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين .
كما جاء الأمرين المؤرخين في سنة 1972- 1975 لتوضيح الحماية الفعلية للطفولة الجانحة المعرضة للخطر المعنوي فجاء الأول ينص على مظاهر الحماية و جاء الثاني لينشئ المصالح و المؤسسات المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة . و سنتاول بالدراسة في هذا الفصل ما يلي
المبحث الأول : الحماية القانونية للطفل الجانح .
المبحث الثاني : الحماية القانونية للطفل المعرض للخطر المعنوي .
المبحث الثالث : حماية الأطفال المحكوم عليهم في مرحلة تنفيذ العقوبة و التدابير .
المبحث الأول : الحماية القانونية للطفل الجانح .
يقوم قضاء الأحداث على فكرة أساسية و هي حماية الأحداث الجانحين و تقويم سلوكهم و تأمين توافقهم مع المجتمع لذاك فهو ينطلق من مصلحة الحدث ، و من مقتضيات هذه المصلحة تطبيق قواعد خاصة في متابعة الحدث ابتداء من مرحلة التحقيق الأولى إلى الإجراءات الخاصة و المتميزة أثناء التحقيق معه من طرف قاضي مختص بشؤون الأحداث ، إلى إجراءات المحاكمة .
و هو يتماشى و نص المادة 40 من المرسوم الرئاسي 92/461 و بموجبها تعترف ا لجزائر بأحقية كل طفل يدعى أنه إنتهك قانون العقوبات أو أتهم بذلك ، أو ثبت عليه ، في أن يعامل بطريقة تتفق مع رفع درجة إحساس الطفل ، و يكون ذلك بقيام سلطة أو هيئة قضائية مختصة و نزيهة بالفصل في دعواه دون تأخير بحضور مستشار قانوني وبحضور والديه مع مراعاة المصلحة الفضلى للطفل .
و قد كفل المشرع الجزائري هذه الحماية من خلال تخصيص الكتاب الثالث تحت عنوان القواعد الخاصة بالمجرمين الأحداث .
و سنتناول بالدراسة العناصر التالية :
المطلب الأول : إجراءات متابعة الطفل الجانح و التحقيق معه .
المطلب الثاني : مظاهر حماية الأطفال الجانحين في مرحلة المحاكمة .
المطلب الأول : إجراءات متابعة الطفل الجانح و التحقيق معه .
تختلف القواعد القانونية الخاصة بمتابعة الطفل الذي يرتكب الجريمة عن ما هو مقرر للبالغين سواء من حيث نطاق المسؤولية أو الجهة المختصة بالتحقيق معه و سيتم تبناه فيما يلي:
الفرع الأول : إجراءات المتابعة .
أولا : نطاق المسؤولية الجزائية للطفل .
تنص المادة 49 من ق ع على أنه { لا توقع على القاصر الذي لم يكمل الثالثة عشر إلا تدابير الحماية أو التربية } فالمشرع الجزائري يأخذ في هذا النص بمبدأ مجمع في كافة التشريعات و متفق عليه من طرف علماء النفس و الإجرام ، و بمقتضاه أن الصغير في مقتبل عمره لا يكون قد توافر لديه الوعي و الإدراك بما يدور حوله و بالتالي تنعدم عنده حرية الإختيار.
و نتيجة لذلك تمتع لديه المسؤولية الجزائية ، و اعتبر المشرع الجزائري الطفل الذي لم يبلغ الثالثة عشر من عمره عديم التميز ، و ميز بين ثلاث مراحل من المسؤولية الجنائية بحسب عمر الطفل .
المرحلة الأولى : و تبدأ منذ ولادة الطفل إلى ما قبل إكماله سن الثالثة عشر، و هذه المرحلة يكون الطفل منعدم الإدراك و الأهلية و بالتالى تنعدم العقوبة .
المرحلة الثانية : و هي مرحلة تمتد من سن 13- 18 سنة ، و في هذه المرحلة يكون الطفل ناقص الأهلية و التميز ، و يسأل الطفل عن أفعاله الإجرامية مسؤولية مخففة تبعا لنقص الأهلية .
المرحلة الثالثة : و هي مرحلة ما بعد سن 18 سنة و هي سن الرشد الجنائي و يكون الإدراك لديه اكتمل.
المرحلة الأولي : الطفل دون الثالثة عشر .
يتضح من نص المادة 49 من ق ع المشار إليها أعلاه أن الطفل دون الثالثة عشر لا يعتبر مسؤولا بحكم القانون ، فلا يجوز إقامة الدليل على أنه أهل للمسؤولية ، و إنعدام الأهلية لدى الطفل الذي لم يبلغ سنه 13 سنة قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس .
و عليه فلا تطبق العقوبة عليه و لا يمكن للقاضي أن يحمله المسؤولية الجزائية و يجب أن يكون سن الطفل أقل من 13 سنة وقت ارتكابه للجريمة لا وقت إقامة الدعوى العمومية أو المحاكمة و هذا ما نصت عليه المادة 443 من ق إ ج التي تنص { تكون العبرة في تحديد سن الرشد الجزائي ، بسن المجرم وقت ارتكاب الجريمة } و لا يعاقب الطفل الذي لم يبلغ 13 سنة سواء إرتكب جنحة أو جناية ما عدا المخالفات فإنه يكون محلا للتوبيخ طبقا للفقرة 2 من المادة 49 ق ع .
إلا انه لا ينبغي تركه دون تقويم أو إصلاح حتى لا ينشئ معتاد الإجرام فأجاز لقاضي الأحداث إخضاعه لتدابير الحماية (54) .
المرحلة الثانية : الطفل بين 13 و 18 سنة .
إذا بلغ الطفل الحدث الثالثة عشر من عمره كان مسؤولا جنائيا عما يرتكبه من جرائم و لكن المشرع راعى الإدراك و التميز الذي لا يكتمل لدى الطفل الحدث مرة واحدة ، و إنما يكون ذلك على مراحل متتالية للنمو التدرجي للقوى الذهنية و النفسية للطفل ، الأمر الذي جعل مسئوليته مخففة فإذا أرتكب الطفل جريمة فإن القانون يسمح للقاضي بإخضاعه لتدابير الحماية أو التربية أو العقوبة المخففة كما سيتم بيانه فيما بعد .
ثانيا : حماية الطفل الحدث أثناء مرحلة البحث و التحري .
1/ الأطفال و شرطة الأحداث :
بدأ التفكير على النطاق الدولي في إستحداث جهاز شرطة الأحداث و بادرت منظمة الشرطة الجنائية الدولية منذ سنة 1947 للدعوة إلى ضرورة إنشاء شرطة خاصة بالأحداث لحماية الأطفال سواء منهم الجانحين أو المعرضين للخطر(55).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
54/ لا توقع على القاصر لم يكمل الثالثة عشر من عمره إلا تدابير الحماية و التربية ـ قرار صادر عن غرفة الجنح
و المخالفات بتاريخ 20-03-1984 تحت رقم 14.250 .
55/ الدكتور محمد عبد القادر قواسمية ـ جنوح الأحداث في التشريع الجزائري ـ ص 156 .
و لميزة الشرطة في الإتصال بالطفل الجانح و مناقشته والتحقيق معه ، فإن الطفل إذا فقد ثقته فيمن يتولون أمره من البداية لتعقدت نفسيته مع كل من يتولى أمره فيما بعد سواء وكيل الجمهورية(56) أو قاضي الأحداث ، كما يعتبر العنصر النسوي له دور إيجابي خاصة في المعاملة .
هذا و بادرت المديرية العامة للأمن الوطني بإنشاء فرق متخصصة لحماية الأحداث و هذا بموجب منشور رقم 8808 الصادر بتاريخ 15 مارس 1982 و التي كلفت بمراقبة جنوح الأحداث على مستوى الأحياء ـ المدارس ـ و المؤسسات الأخرى (57).
2/ مدى جواز حجز الطفل المشتبه فيه تحت النظر :
تشير المادة 51 من ق إ ج أنه يمكن لضابط الشرطة القضائية و لفائدة التحقيق أن يوقف للنظر شخصا أو أكثر من الأشخاص المتواجدين في مسرح الجريمة ، دون أن تتجاوز مدة التوقيف للنظر ثمان و أربعون ساعة ، و إذا وجدت دلائل كافية لإرتكاب الشخص الجريمة يتم تقديمه إلى وكيل الجمهورية .
نلاحظ أن نص المادة 51 من جاءت عامة و لم تشر إلى جواز حجز الطفل للنظر و نرى أنه قصور في المادة غير أنه و بالرجوع إلى أحكام المادة 456 و التي تشير أنه لا يجوز وضع المجرم الذي لم يبلغ من العمر ثلاثة عشر سنة كاملة في مؤسسة عقابية و لو بصفة مؤقتة .
و بذلك فإن الطفل المشتبه فيه لإرتكابه جنحة أو جناية لا يجوز توقيفه للنظر مطلقا مهما كان الجرم المرتكب إذ لم يتجاوز سنه 13 .
كما لا يجوز معه وضع الطفل الذي بلغ سن 13 و لم يكمل 18 سنة في مؤسسة عقابية إلا إذا كان التدبير ضروريا
و نرى أنه لا يجوز وضع الطفل ما لم يبلغ سن الرشد الجزائي في الجناح المخصص للحجز تحت النظر
و يستعاض ذلك بإجراءات أخرى .
هذا و إن حدثت و أن لجأت الضبطية القضائية لهذا الإجراء ، فينبغي أن يكون في مكان خاص معد لهذا الغرض بعيدا عن أماكن حجز البالغين ، و تتوفر فيه أوجه الرعاية الصحية و الاجتماعية.
هذا و إن كان من الضروري الإحتفاظ ببصمات و صور الأحداث للتعرف على سوابقهم الجنائية فإن مصلحة الطفل تقتضي أن يكون في أضيق الحدود .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
56/ و هو ما أشارت إليه قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث في الفقرة 12 بضرورة ن يتلقوا ضباط الشرطة القضائية تدريبا خاص بمعاملة الأطفال الجانحين .
57/ محافظ الشرطة ـ مسعودان خيرة ـ دور فرقة الأحداث للشرطة في التكفل بقضايا الأحداث ـ ملتقى حول حماية الطفولة و الأحداث ـ 24-25 جوان 2001 الجزائر
ثالثا : تحريك الدعوى العمومية ضد الطفل الحدث .
1/ تحريك الدعوى العمومية من طرف القضاة .
أولا: تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة :
إذا كانت المادة 1 من ق إ ج تشير إلى القاعدة العامة التي تبين الجهات القضائية المختصة بتحريك الدعوى العمومية فإن نص المادة 448 من ق إ ج أشارت إلى قواعد خاصة تحكم إجراءات هذه الدعوى من طرف النيابة ، و نلاحظ مسبقا أنه ليس هنالك وكلاء جمهورية مختصين بقضايا الأحداث .
لقد جاء في نص المادة 448 من ق إ ج { يمارس وكيل الجمهورية لدى المحكمة الدعوى العمومية بمتابعة الجنايات و الجنح التي يرتكبها الأحداث دون الثامنة عشر ـ و في حالة إرتكاب جريمة يخول القانون للإدارات العمومية حق المتابعة لوكيل الجمهورية وحده صلاحية القيام بالمتابعة و ذلك بناءا على شكوى مسبقة من الإدارة صاحبة الشأن}
و يفهم من هذا النص بأن النيابة العامة هي وحدها التي لها صلاحية متابعة في الجرائم الموصوفة بالجنايات و الجنح ، حتى و لو كان القانون يخص لبعض الإدارات الحق في رفعها مباشرة أمام الجهات القضائية .
و مثال ذلك لا يجوز لرؤساء الأقسام و المهندسون ، و الأعوان الفنيون و التقنيون المختصون في الغابات في ضبط المخالفات و رفعها مباشرة أمام المحكمة فيما يسمى بجنح الغابات ، و عليه فإن الموظفون العموميين لا يملكون مباشرة الدعوى العمومية في مواد الجنح و الجنايات ضد الحدث لكن هل الوضع كذلك بالنسبة للمخالفات التي يرتكبها الطفل الحدث ؟ (58)
في غياب النص فإنه يجوز رفع الدعوى العمومية ضدهم مباشرة أمام محكمة المخالفات وإجراءات المحاكمة التي نصت عليها المواد 394 ق إ ج ، مع إدخال مسئوله المدني ، فيما عدا بدفع غرامة الصلح ، و التي لا يمكن أن تطبق على الطفل الحدث لأن العقوبة المقررة على الطفل هي التوبيخ و ذلك بشرط أن تجاوزه سن 13 ، و هو أحسن ما فعله المشرع لما أقره من حماية .
و بذلك يجوز لوكيل الجمهورية تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها ضد الطفل الحدث الذي يرتكب جرائم بوصفها جنح أو جنايات وفقا للمادة 452 بموجب عريضة أحداث يوجهها إلى قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث في الجنايات و قاضي الأحداث في قضايا الجنح .
و لا يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى مباشرة إلى محكمة الأحداث حتى و لو ضبط الحث في حالة تلبس بالجريمة لأن نص المادة 59 من ق إ ج استثنت الأحداث من تطبيق هذه المادة و التي تنص على إحالة المتهم الذي ضبط في حالة تلبس على المحكمة مباشرة بعد إستجوابه من طرف وكيل الجمهورية وإصدار أمر بالحبس لمدة 8 أيام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
58/ لقد ألغت معظم التشريعات العربية لفظ الحدث و أصبح لفظ الطفل و من بينها التشريع المصري .
و جاء ذلك في الفقرة 3 من المادة 59 { و لا تطبق أحكام هذه المادة بشأن ... أو كان الأشخاص المشتبه في ممارستهم في الجنحة قاصرين لم يكملوا الثمانية عشر...}
ثانيا : تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها من طرف القضاة .
تقتضي القواعد العامة في إجراءات المتابعة و التحقيق قاعدتين أساسيتين في الفصل بين جهات التحقيق
و الحكم ، غير أن هذه القاعدة غير مطبقة بالنسبة للأحداث (59).
1/ قضاة التحقيق : من المعلوم أن التحقيق في قضايا الأحداث يتولاه قاضي الأحداث في مواد الجنح كقاعدة عامة ـ و قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث في مواد الجنايات ،و الجنح بصفة استثنائية ـ وقد خولت المادة 453 من ق إ ج لقاضي التحقيق أن يوجه الاتهام لأحداث آخرين ، كما خولت المادة 67 من ق إ ج لقاضي التحقيق اتهام أي شخص بصفته فاعل أصلي أو شريك .
2/ قضاة الحكم : نظرا لصلاحيات رئيس المحكمة و المتعلقة برئاسة الجلسة و حفظ النظام ، خول له القانون صلاحية النظر في الدعوى العمومية و الفصل فيها إذا كانت الجريمة المرتكبة في الجلسة جنحة أو مخالفة و يحيل الملف على الجهة المختصة في حالة ما إذا كانت جناية .
لكن هل يجوز لرئيس محكمة الجنح أن يفصل في الدعوى العمومية في حالة ارتكاب الطفل الحدث جنحة أو مخالفة في الجلسة ؟
خصص المشرع في المادة 451 من قانون الإجراءات الجزائية قسم الأحداث بالنظر في الجنح المرتكبة من طرف الأحداث الذين لم يبلغوا سن الرشد الجزائي يوم الواقعة ، و تعتبر هذه القاعدة من النظام العام يترتب على مخالفتها النقض ـ قرار صادر يوم 20 - 03 - 1984 . عن الغرفة الجنائية الثانية.
ثانيا: تحريك الدعوى العمومية من طرف المدعى المدني .
لا يستطيع المدعى المدني أن يرفع شكواه مباشرة إلى المحكمة ، إذ يجب عليه الإدعاء مدنيا أمام الجهات القضائية المختصة بشؤون الأحداث ، وهم قضاة لتحقيق المكلفون بشؤون الأحداث ذلك أن المادة 475 من ق إ ج تنص على أن المدعي المدني الذي أصابه ضرر ناجم عن جريمة سببها حدث لم يبلغ ثمانية عشر عاما ، و له أن يتدخل إلى جانب النيابة العامة ليضم دعواه أمام قاضى الأحداث إذا كانت الجريمة المضار منها جنحة ، أو أمام قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث إذا كانت الجريمة المضار منها جناية أو كانت الجنحة معقدة .
أما في القيام بدور المحرك ، و المبادر في الدعوى العمومية فإن المدعى المدني لا يستطيع أن يقوم بهذه المبادرة إلا أمام قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث الموجود بمقر قسم الأحداث لدى المحكمة التي يوجد بها مقر الحدث المادة 475/2 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
59/ القاضي ـ جماد علي ـ الإجراءات الجنائية في جنوح الأحداث و محاكمتهم ـ رسالة ماجستير ـ معهد الحقوق ـ جامعة الجزائر 1975 ص 84 .
ملاحظة هامة :
و تتولى محكمة الأحداث الفصل في الدعوى المدنية إن كان الأحداث وحدهم هم المدانون ، أما إذا كان مع الأحداث أشخاص بالغين فإن المحكمة المختصة بالفصل هي محكمة البالغين ـ و في هذه الحالة لا يحظر الطفل الحدث المحاكمة بل نائبه القانوني و جاءت هذه الخصائص التي ليست مقررة للبالغين كحماية للطفل الجانح .
الفرع الثاني : جهات التحقيق الخاصة بالأطفال الجانحين
يهدف التحقيق القضائي الخاص بالأحداث إلى إظهار الحقيقة ، و التعرف على شخصية الطفل الحدث و أسباب انحرافها ، و البحث عن الوسائل العلاجية الضرورية الملائمة لإدماج الطفل في المجتمع و تختلف جهة التحقيق باختلاف الجريمة التي ارتكبها الحدث .
أولا : قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث (60).
لقد نصت المادة 452 من ق إ ج بأنه لا يجوز في حالة ارتكاب جناية و وجود جناة بالغين سواء أكانوا فاعلين أصلين أو شركاء مباشرة أي دعوى ضد حدث لم يستكمل 18 سنة من عمره دون أن يقوم قاضي التحقيق بإجراء تحقيق سابق على المتابعة ، كما يجوز ذلك في حالة الجنحة المشعبة.
و بذلك فلابد من إجراء تحقيق قضائي من طرف قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث و إلا كان نتيجة ذلك بطلان إجراءات التحقيق .
و إذا تبين أن الوصف الجزائي للجريمة التي ارتكبها الحدث جناية أحال قاضي الأحداث الملف إلى محكمة مقر المجلس القضائي (61) كما يجوز في هذه الحالة إجراء تحقيق تكميلي الهدف منه معرفة الإجراء المناسب المتخذ ضد الطفل الحدث .
ثانيا : قاضي الأحداث محققا .
لا يمكن متابعة أي طفل حدث لم يبلغ من العمر 18 و إرتكب جريمة تأخذ وصف الجنحة دون أن يكون قاضي الأحداث قد قام بإجراء تحقيق سابق ، و هو خروج عن القواعد العامة التي تجيز إحالة المتهم البالغ أمام محكمة الجنح ، دون إجراء تحقيق .
أما إذا كانت الجنحة مرتكبة من طرف بالغين و أحداث فإن وكيل الجمهورية يقوم بإنشاء ملف خاص بالطفل الحدث يرفعه إلى قاضي الأحداث بموجب عريضة أحداث و تحال الدعوى على محكمة الأحداث بعد أن يقوم قاضي الأحداث بإجراء تحقيق و هو ما أشارت إليه المادة 452 من ق إ ج .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
60/ هذا و يتم تعين قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث بموجب قرار صادر من وزير العدل لمدة 3 سنوات .
61/ أحكام المادة 467 من ق إ ج.
ثالثا : الإجراءات المتخذة ضد الطفل الحدث في مرحلة التحقيق .
1/ اختصاصات قاضي الأحداث أثناء التحقيق.
لقد خول القانون لقاضي الأحداث إلى جانب منصبه كقاضي حكم في جرائم الأحداث ، فإنه يتولى سلطة التحقيق في الجنح المرتكبة من طرف الطفل الجانح .
و هذه الميزة هي خروج عن القاعدة العامة المقررة أن القاضي لا يمكن له أن يفصل في قضية نظرها بصفته قاضي تحقيق ، إلا أن المشرع الجزائري نظرا للأهمية التي يخصصها للطفل الجانح ، و الهدف الذي يرمي إليه في دراسة شخصية الطفل من أجل الوصول إلى طريقة لإصلاح الطفل الحدث حتى يندمج في المجتمع .
و تنص المادة 453 من ق إ ج أن قاضي الأحداث يبذل كل همة و عناية و يجرى التحريات اللازمة للوصول إلى إظهار الحقيقة و التعرف على شخصية الحدث ، و تقرير الوسائل الكفيلة بتهذيبه، و تحقيقا لهذا الغرض فإنه يقوم بإجراء تحقيق غير رسمي طبقا للأوضاع المنصوص عليها في التحقيق الإبتدائي .
1/ التحقيق الرسمي : و يقوم به قاضي الأحداث مع الطفل الحدث بناءا على عريضة إفتتاح الدعوى العمومية ، الموجه إليه من طرف وكيل الجمهورية .
و يقوم قاضي الأحداث بسماعه عند المثول الأول ، عن هويته و يتحقق من ذلك ، و يعلم الحدث بحضور نائبه القانوني عن التهمة الموجهة إليه ، و ينوهه بأنه حر في الإدلاء بأي تصريح ، و يسأل والد الطفل الحدث عما إذا كان يعين له محام ، أو يترك ذلك لقاضي الأحداث .
فإن قبل فيتلقى قاضي الأحداث أقواله ، و إذا رفض الإدلاء إلا بحضور محاميه فإن قاضى الأحداث يتخذ بشأنه الإجراءات المناسبة وفقا للمواد 100 – 105 من ق إ ج أو المادتين 455 – 456 و المتعلقة بتدابير الحماية .
2/ التحقيق الغير رسمي : يمكن لقاضي الأحداث في إطار التحقيق الغير رسمي أن يتلقى أقوال الطفل الحدث دون حضور الكاتب و لا حتى تسجيلها في محضر ، سواء من أجل التعرف على شخصيته أو كسب ثقة الطفل .
3/ التحقيق الاجتماعي : هذا النوع من الإجراء نصت عليه المادة 453 من ق إ ج لغرض التعرف على شخصية الطفل الحدث منة أجل تقرير الوسائل الكفيلة بتهذيبه ، و ذلك بناءا على معلومات تتعلق بالوضع الاجتماعي ، و ذلك بجمع المعلومات المتعلقة بالحالة المادية و الأدبية للأسرة ، و عن طبع الطفل الحدث و سوابقه و عن مواظبته في الدراسة و الظروف التي عاش فيها و تربى فيها و بذلك يمكنه أن يصل إلى التدبير الملائم ، و لم تشر المادة 453 من ق إ ج إلى وجوبية هذا الإجراء غير أننا نرى ذلك .
و يختص بإجراء التحقيق المصالح الإجتماعية soumo أو الحائزين لإجازة الخدمة الإجتماعية المؤهلين لهذا الغرض ، و بذلك فإن الضبطية القضائية غير مختصة بمثل هذا الإجراء (62) .
4/ الفحوص الطبية المختلفة : لقد خولت المادة 453 ق إ ج لقاضي الأحداث إجراء فحوص طبية جسمانية ، في حالة ما إذا كان الطفل الحدث معاق ، أو كان يعاني من إضطرابات نفسية أدت إلى إرتكابه الجريمة ، و إذا ثبت ذلك فإنه مراعاة لمصلحة الطفل الحدث فعلى قاضي الأحداث أن يصدر أمر بالوضع بإحدى المستشفيات أو المراكز الصحية ليتم معالجة الطفل الحدث .
ثانيا : الإجراءات التي يتخذها قاضي الأحداث أثناء التحقيق مع الطفل الجانح .
يتخذ قاضي الأحداث أثناء التحقيق مع الطفل الجانح إجراءات ذات طابع وقتي يمكن تقسيمها إلى صنفين :
1/ إجراءات ذات طابع تربوي .
2/ إجراءات ذات طابع قمعي .
1/ الإجراءات ذات الطابع التربوي: وهي وسائل تقويمية و تهذيبية و علاجية تهدف إلى تأهيل و إصلاح الطفل الحدث (63) و نظرا للعناية الخاصة التي أولاها المشرع الجزائري للطفل الجانح فقد خول لقاضي الأحداث صلاحيات من نوع خاص لا تتوفر لدى قاضي التحقيق عند توليه التحقيق مع البالغ ، و هي منصوص عليها في المادة 455 من ق إ ج (64) و التي تجيز لقاضي الأحداث أن يسلم المجرم الحدث مؤقتا ـ و إن كنا نرى استبدال عبارة المجرم الحدث بالطفل الجانح أو الإكتفاء بعبارة الحدث إلى :
1/ إلى والديه أو وصيه ، أو الشخص الذي يتولى حضانته أو شخص جدير بالثقة .
2/ إلى مركز إيواء .
3/ إلى قسم إيواء بمنظمة عامة أو خاصة و مثال ذلك أفواج الكشافة الإسلامية الجزائرية ، أو الهلال الأحمر الجزائري .
4/ إلى مصلحة الخدمة الإجتماعية المنوط بها معاونة الطفولة أو بمؤسسة إستشفائية ـ ملجأ ـ
5/ إلى مؤسسة أو منظمة تهذيبية أو للتكوين المهني أو للعلاج تابعة للدولة أو لإدارة مؤهلة لهذا الغرض أو مؤسسة خاصة معتمدة .
و هذه التدابير وقتية ، تنتهي صلاحيتها بإحالة الملف على محكمة الأحداث ، غير أنه لا يجوز أن تتجاوز مدة الوضع في هذه المؤسسات 6 أشهر(65) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
62/ الأستاذة صخري مباركة ـ محاضرات في مادة الأحداث ـ ألقيت على الطلبة القضاة الدفعة 12 السنة الثانية بالمعهد الوطني للقضاء2002 – 2003 .
63/ الدكتور محمد واصل ـ قضاء الأحداث في الدول العربية بين الواقع و التطور ـ الندوة الخاصة بقضاء الأحداث في الدول العربية ـ بيروت من 24 – 26 جوان 1997 ص 15 .
64/ القاضية حشاني نورة ـ دراسة حول قضاء الأحداث في الجزائر ـ الندوة الخاصة بقضاء الأحداث في الدول العربية ـ بيروت من 24 – 26 جوان 1997 ص 18 .
65/ المادة 55 من الأمر 75/64 الخاص بالمؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة .
ويلجأ القضاة في غالب الأحيان إلى تدبير التسليم للوالدين ، وإذا كان الطفل مصاب بمرض عقلي فإن الوضع يتم لدى إحدى المؤسسات الطبية المختصة عامة أو خاصة .
2/ إجراءات ذات طابع قمعي : تجيز المادة 453/2 لقاضي الأحداث أن يصدر أي أمر لازم مع مراعاة القواعد العامة ، و بالرجوع إلى نص المادة 109 من ق إ ج تسمح لقاضي التحقيق حسب ما تقتضيه الحالة أن يصدر أمرا بإحضار المتهم و إيداعه الحبس أو بإلقاء القبض عليه ، و ستكتفي بالدراسة مدى جواز إصدار أمر بإيداع الطفل الحدث في مؤسسة عقابية بصورة مؤقتة.
لقد جعل قانون الإجراءات الجزائية الحبس المؤقت آخر إجراء يمكن لقاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث أن يتخذه ضد الطفل الحدث الذي إرتكب الجريمة .
و يشترط أن تكون هذه الجريمة خطيرة لا يمكن معه وضع الطفل في حالة الإفراج المؤقت أو حتى الرقابة القضائية كتدبير وقائي .
شروط إيداع المتهم الحدث الحبس المؤقت : و يعتبر هذا الإجراء من الإجراءات الخطيرة تجاه الطفل لما له من تأثير سلبي على نفسية الطفل ، بسبب احتكاكه بالمجرمين المحترفين خاصة في غياب سياسة جنائية لمعاملة الأحداث داخل المؤسسات العقابية و لقد أكدت المادة 456 من ق إ ج أنه لا يجوز وضع الحدث الذي لم يبلغ ثلاثة عشر سنة كاملة في مؤسسة عقابية و لو كان بصفة مؤقتة (66) .
و يستنتج من المادة أن الأحداث التي تقل أعمارهم عن 13 سنة لا يجوز إصدار أمر بالحبس المؤقت
و كل أمر مخالف لذلك فهو باطل بطلان مطلقا و يطعن فيه أمام غرفة الاتهام .
أما بالنسبة إلى الأحداث الذين تجاوز سنهم 13 سنة فإنه يجوز طبقا للمادة السابقة إيداعهم الحبس المؤقت في الحدود التي نصت عليها المادة 123 من ق إ ج .
و نقترح أن يتم إلغاء هذا الإجراء بالنسبة للحدث ، و استبداله بالرقابة القضائية إن اقتضى الأمر ذلك للأسباب التالية :
1/ العدوى الإجرامية التي يتعرض لها الطفل المنحرف أثناء حبسهم مؤقتا سواء مع الأحداث المعتادين الإجرام أو البالغين .
2/ إن مدة الحبس المؤقت المنصوص عليها في المواد 124 – 125 – 125/1 من ق إ ج هي مدة طولية لا يمكن معها بقاء الطفل المتهم رهن الحبس المؤقت.
كما تعد إمكانية إستئناف الأوامر ضمانة و حماية للطفل الحدث ، و قد تكون التدابير الوقتية في بعض الأحيان مضرة بمصلحة الطفل كإبعاده عن الوسط العائلي ، و بذلك أجار المشرع إستئناف التدابير المنصوص عليها في المادة 455 من ق إ ج .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
66/ تشير الفقرة 13 من قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث انه لا يستخدم إجراء الاحتجاز رهن المحاكمة إلا كملاذ أخير ، و لأقصر مدة ممكنة ، و يستعاذ عنه بإجراءات بديلة مثل المراقبة عن بعد كما يفصلون عن البالغين .
و تكون مدة الاستئناف 10 أيام من تاريخ التبليغ بالنسبة للحدث أو نائبه القانوني أمام غرفة الأحداث بالمجلس القضائي المادة 466 من ق إ ج
لكن كيف يتصرف قاضي الأحداث في ملف المتابعة القضائية ؟
إذا تبين لقاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث أن التحقيق قد تم ، يرسل ملف المتابعة إلى وكيل لجمهورية لإبداء طلباته في أجل 10 أيام ، ثم يحيل الطفل الحدث إلى الجهة القضائية المختصة في الفصل في شؤون الأحداث , الذي سنتناوله في المطلب الثاني .
المطلب الثاني : مظاهر حماية الأطفال الجانحين في مرحلة المحاكمة .
لقد خصص المشرع الجزائري بموجب الأمر المتضمن قانون الإجراءات الجزائية ، قضاء خاص بالأحداث و ذلك من أجل العناية بالطفل الحدث و الذي أدت عوامل كثيرة لإرتكابه الجريمة .
هذا و على عكس بعض التشريعات العربية كالسعودية التي يختص القضاء العادي في محاكمة الأحداث عن الأفعال الجرمية التي يرتكبونها دون أي تخصص (67) .
و تعتبر محاكم الأحداث مؤسسة إجتماعية و ليست مجرد محكمة كونها تتعامل مع فئة خاصة من المذنبين و الذين يحتاجون كثيرة من الرعاية ، و التوجه إلى القضاء المتخصص (68) ؟
الفرع الأول : محكمة الأحداث .
تعتبر محكمة الأحداث هي الهيئة القضائية المختصة للفصل في شؤون الأطفال المنحرفين أو الحدث و هي تختلف عن المحاكم العادية سواء من حيث التشكيلة أو طبيعة الأحكام الصادرة خاصة تدابير التربية المتخذة لصالح الطفل الحدث (69) .
أولا : تشكيل محكمة الأحداث .
يتشكل قسم الأحداث سواء الموجود بمقر المجلس القضائي ، أو خارجه من قاضي الأحداث رئيسا و عضوان مساعدان ، و وكيل الجمهورية ممثل النيابة العامة ، و أمين الضبط عملا بأحكام المادة 450 من ق إ ج .
و يتم تعين المحلفين الأصلين و الاحتياطيين لمدة ثلاث سنوات من طرف وزير العدل ، و يتم إختيارهم من بين الأشخاص من كلا الجنسين بشرط أن يبلغوا سن الثلاثين ، و أن يكونوا من المهتمين بشؤون الأحداث .ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
67/ الدكتور محمد واصل ـ المرجع السابق ص 3 .
68/ الدكتور عبد الحميد الشواربي ـ جرائم الأحداث و تشريعات الطفولة ـ منشاة المعارف الإسكندرية طبعة 1996 ص 82 .
69/ عبد الله سليمان سليمان ـ النظرية العامة للتدابير الإحترازية ـ المؤسسة الوطنية للكتاب ص 485
أما بالنسبة إلى الدور الذي يلعبه المساعدين غير واضح لأن نص المادة 450 من ق إ ج العربي يشر إلى صفة قاضين محلفين ، ويفهم من النص أن دورهم تداولي أثناء إصدار الأحكام و الأوامر في حين النص الفرنسي يستعمل عبارة deux assesseurs أي مساعدين أي أن قاضي الأحداث يجب عليه إستشارة المساعدين غير أنه غير ملزم برأيهما .
و حددت المذكرة رقم 7 و المؤرخة في 12 / 06 /89 و التي تم الإشارة فيها إلي الرأي الثاني .
و تعد تشكيلة محكمة الأحداث من النظام العام ، فإن عدم حضور المساعدين يعرض الحكم أو القرار إلى البطلان المطلق و هو ما أشار إله قرار المحكمة العليا بتاريخ 20 /03/1984 ملف رقم 266790
و الذي جاء في حيثياته ، { أنه لما كان ثابتا في قضية الحال أن إرتكاب فعل السرقة قد تم يوم
02/10/1979 و أن المتهم الطاعن من مواليد 22/05/1962 ، و بذلك كان عمره يوم إرتكاب الأفعال 17 سنة و خمسة أشهر فإن المجلس القضائي الغرفة الجزائية بقضائها على الطاعن بعقوبة 8 أشهر حبس نافذة دون التصريح بعدم إختصاصه لإحالته الحدث أمام الجهات الخاصة بالأحداث يعد خرقا للمادتين 442 و 433 من ق إ ج عملا بالمادة 447 و المتعلقة بالاختصاص(70) .
ثانيا : تشكيل غرفة الأحداث بالمجلس .
تنص المادة 472 من ق إ ج على أنه توجد بكل مجلس قضائي غرفة أحداث يعهد إلى قاضي أو أكثر من أعضاء المجلس بمهام مستشارين مندوبين لحماية الأحداث بقرار من وزير العدل .
ثالثا : قواعد الإختصاص .
1/ في مادة الجنح : يختص قسم الأحداث بالنظر في الجنح التي يرتكبها الأحداث على مستوى دائرة المحكمة ، و يكون قسم الأحداث المختص إقليميا هو المحكمة التي وقعت الجريمة بدائرة إختصاصها أو المكان الذي أودع الحدث سواء بصفة مؤقتة أو نهائية و هو ما أشارت إليه المادة 451 من ق إ ج الفقرة 1/3 منها .
كما تختص أيضا قي التدابير الحماية المتعلقة بحماية الطفل الضحية ، و الذي كان محل جنحة أو جناية وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة 494 من ق إ ج ، و سنتناوله بالتفصيل في المبحث الثاني و المتعلق بحماية الطفل المعرض للخطر المعنوي و التي تعتبر هذه الحالة من إحدى الحالات التي نص عليها القانون .
هذا و إن تمت إحالة الطفل الحدث على محكمة البالغين ، و تبين أثناء التحقيق معه في الجلسة أنه حدث ، حكم القاضي بعدم الإختصاص كون أن الإختصاص النوعي لقسم الأحداث هو من النظام العام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
70/ جيلالي بغدادي ـ الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية ـ الجزء الأول ـ الطبعة 1 ـ الديوان الوطني للأشغال التربوية 2002 ص 308 .
2/ في مادة الجنايات : يختص قسم الأحداث الذي يوجد بمقر المجلس القضائي بالنظر في الجنايات التي يرتكبها الأطفال الأحداث داخل دائرة الإختصاص سواء بمفردهم أو بالاشتراك مع جناة بالغين طبقا للمادة 465 من ق إ ج و هذا من أجل حمايتهم من حيث :
1/ من أجل عدم محاكمة الطفل الحدث مرتين ، الأولى أمام محكمة الحدث و الثانية أمام محكمة البالغين .
2/ المكنة القانونية التي منحها القانون لقاضي الأحداث في وضع الحدث في إحدى تدابير الحماية المنصوص عليها في المادة 455 من ق إ ج و هي غير مقرر لمحكمة البالغين.
ملاحظة هامة : و نشير أن نص المادة 249 من ق إ ج على أن محكمة الجنايات البالغين تختص بالنظر في الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية و التي يرتكبها قصر بالغين من العمر 16 سنة .
و نرى أن هذه المادة لا تقرر أي حماية للطفل الذي يرتكب الجريمة و ذلك للأسباب التالية :
1- إن الطفل البالغ من العمر 16 سنة و إن كان قد وصل سن التميز ، غير أنه لم تكتمل لديه الملكات الذهنية و الفكرية التي تسمح له بتقدير أن الأفعال التي يرتكبها تمس بأمن الدولة و وحدتها أو الصور التي نصت عليها المادة 87 مكرر من الأمر 97/11 المتضمن تعديل قانون العقوبات .
2- أن التطبيق العملي لا يبحث كثيرا عن دوافع إرتكاب الجريمة و لا حتى الإشارة إليها في الأحكام الصادرة في مادة الجنح و لا الجنايات عكس ماهو مقرر للبالغين .
3- فإن بالرغم من حداثة سن الطفل الحدث فإن مع حكم المادة 249 من ق إ ج لا يمكن تطبيق تدابير الحماية ، كون أن محكمة جنايات البالغين غير مؤهلة لذلك و هل يتم تطبيق القواعد العامة و المتعلقة بنوع العقوبة الصادرة ضد الطفل الحدث كما أشارت إليه المادة 50 و لذلك نقترح إلغاء هذه المادة و بقاء إختصاص محكمة الأحداث بمحكمة مقر المجلس .
الفرع الثاني : الإجراءات الخاصة بمحاكمة الأطفال الجانحين .
تتميز الإجراءات الخاصة بمحاكمة الأطفال الجانحين بالنسبة لما هو مقرر للبالغين تبعا للعناصر التالية:
أولا : المبادئ التي تحكم محاكمة الأحداث .
1/ سرية الجلسة : يقضي المبدأ أن المحاكمات تجري علانية أمام الجمهور ، حماية لحقوق الأطراف غير أن هذا المبدأ غير مطبق بالنسبة للأحداث ، كون أن المحاكمة تجري في جلسة سرية لا يحضرها إلا أعضاء هيئة المحكمة و الكاتب و أطراف الدعوى و محامو الدفاع والنيابة و هو ما قررته المادة 461 من ق إ ج و ذلك بسبب التأثير السلبي على شخصية الحدث بحضور عامة الناس خاصة النفسية منها .
2/ وجوب حضور ولي الطفل الحدث أو نائبه القانوني : و هو ما أقرته المادة 461 من ق إ ج و ذلك من اجل إحاطة والدي الطفل الحدث عن الفعل الإجرامي الذي إرتكبه ، بالإضافة إلى تحمل مسئوليتهم المدنية و الأخلاقية تجاه الطفل ، خاصة وإن كانت الأسرة هي سبب انحراف الطفل .
كما تنص المادة 454 التي تنص على أن يخطر قاضي الأحداث بإجراءات المتابعة والدي الحدث أو نائبه القانوني أو وصيه أو من يتولى حضانته المعروفين لديه ، و يستدعى أثناء جلسة المحاكمة بوصفه المسؤول المدني و الملزم بالتعويض .
3/ حضور الطفل الحدث جلسة المحاكمة : أجازت ا لمادة 461 من ق إ ج و ذلك بهدف تمكينه من الدفاع عن نفسه بكل الوسائل القانونية المتاحة ، و أن يبدي رأيه في كل ما يتعلق بإجراءات المحاكمة هذا و إن حضر الحدث لجميع إجراءات الدعوى الجزائية ليس شرطا في جميع أنواع الجرائم حتى يمكن للمحكمة مراعاة لمصلحة الطفل (71)
4/ حضور دفاع الطفل الحدث : نشير أن حضور المحامي ليس مقتصرا على مرحلة المحاكمة ، فمن المفروض أن وجود المحامي يكون ابتداء من مرحلة التحقق و هو ما أشارت إليه المادة 454 /2 و التي تنص إذا لم يختر الحدث أو نائبه القانوني مرافعا عنه عين له قاضي الأحداث من تلقاء نفسه أو عهد ذلك إلى نقيب المحامين(72).
و هذا بفرض إعطاء حماية كافية للطفل كونه ليست له القدرة عن الدفاع عن نفسه و خلافا للقواعد العامة التي لا تشترط حضور محامي أثناء محاكمة البالغ في مادة الجنح و هو ما أقرته المادة 467 من ق إ ج .
و قد لاحظنا من خلال تربصا في السنتين الماضيتين بمجلس قضاء بسكرة و بجاية أن قاضي الأحداث يجد صعوبة في إيجاد محامي للطفل ، و في كثير من الأحيان يستعان بمحامين في مرحلة التدريب دون أن يطلع على ملف الحدث.
5/ وجوب إجراء تحقيق قضائي و إجتماعي : لا تقبل الدعوى العمومية ضد الطفل الحدث و لا يجوز إحالته على محكمة الأحداث مباشرة على المحكمة سواء تعلق الأمر بالجنايات أو الجنح وهذه الحماية مقررة بنص المادة 452 من ق إ ج التي تنص على وجوب إجراء تحقيق قضائي من قبل قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث إن كانت التهمة الموجهة للطفل تأخذ وصف الجناية (73) و إجرائه من قبل قاضي الأحداث في مادة الجنح.
أضف إلى ذلك أن التحقيق الاجتماعي يمكن محكمة الأحداث من التعرف على شخصية الطفل من دراسة وضعيته ، دراسة كاملة و شاملة لإتخاذ التدابير اللازمة.
و لقد نصت المادة 66 من الأمر المتعلق بتأسيس المراكز المتخصصة في حماية الأحداث و إعادة تربيتهم على وجوب إرفاق ملف الحدث بتحقيق إجتماعي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
71/ دـ محمد واصل المرجع السابق ص4.
72/ نصت المادة 467 من ق إ ج { ... و يجوز لها إذا دعت مصلحة الحدث إعفائه من حضور الجلسة ، و في هذه الحالة يمثله محام أو مدافع أو نائبه القانوني و يعد القرار حضوريا .
73/ جماد علي ـ المرجع السابق ص 153
ثانيا : إجراءات محاكمة الطفل الحدث .
رأى المشرع أن ينفرد الطفل الحدث بإجراءات لها فلسفة متميزة ، ذلك كون قسم الأحداث هيئة تربوية تهدف إلى إصلاح الحدث و تهذيبه و حمايته .
و الملاحظ أن إجراءات المحاكمة في قضايا الأحداث تتميز بالبساطة و المرونة ، فهي خالية من التعقيدات التي تعيق مهمة تقويم الطفل الجانح .
أما عن كيفية إجراء المحاكمة تبدأ باستجواب الطفل المتهم بعد التأكد من هويته و توجيهله الاتهام و يكون ذلك بحضور وليه أو نائبه القانوني و محاميه ، كما يتم سماع شهود الإثبات بعد تأدية اليمين القانونية .
و يمكن لقاضي الأحداث أن يعفي الطفل من حضور الجلسة و أن يأمر بإخراجه و هذه الحماية خاصة بالطفل الحدث بالإضافة إلى ذلك يتم سماع والدي الطفل من أجل :
1/ كونه المسؤول المدني .
2/ وجود علاقة بين إنحراف الطفل و طبيعة الأسرة التي يعيش فيها الطفل .
كما يتم سماع طلبات المدعي المدني و طلبات النيابة .
ملاحظة :لاحظنا أثناء التربص أن طلبات النيابة أثناء جلسة المحاكمة في معظم الأحيان طلبات بالحبس .
أما بالنسبة للمخالفات فقد أشارت المادة 446 من ق إ ج بأن الطفل الحدث يحال مباشرة على محكمة المخالفات و تنعقد بأوضاع العلانية المنصوص عليها في المادة 468 إذا كان لم يبلغ 18 سنة ، و لا يحضر جلسة المخالفات مهما كانت العقوبة المقررة لها إلا الحدث أو والديه أو وصيه أو نائبه القانوني .
الفرع الثالث : الأحكام الصادرة عن محكمة الأحداث .
تعتبر محكمة الأحداث كغيرها من الهيئات القضائية تختص بالفصل في الجرائم المرتكبة من طرف الأطفال ، و بذلك فلها أن تحكم ببراءة الحدث أو إدانته أو عدم الإختصاص كون أن المتهم الماثل أمامها ثبت بشهادة الحالة المدنية أو الخبرة الطبية أنه بالغ و هو ما نصت عليه المادة 462 ق إ ج و ما يليها على مجمل الأحكام الصادرة عن قسم الأحداث (74)
أولا : القيود الواردة على الحكم بالإدانة في حالة الحكم بالحبس .
إذا أظهرت المرافعات أن الجريمة غير مسندة للحدث حكم ببراءته و في حالة الحكم بالإدانة فللقاضي خيارين :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
74/ القاضية ـ شرفي مريم ـ المتابعة القضائية للأحداث الجانحين ـ ملتقى حول حماية الطفولة و الأحداث ـ 24-25 جوان 2001 الجزائر .
1/ الحكم عليه و إتخاذ تدبير من التدابير المنصوص عليها في المادة 455 من ق إ ج.
2/ الحكم عليه بعقوبة الحبس ـ سواء موقوفة النفاذ أو نافذة .
3/ أو يجمع بينهما (75).
و بذلك فإن القاضي يختار بين العقوبة المخففة أو تدابير الحماية مسترشدا في ذلك بجسامة الفعل المرتكب و مقدار ما ينطوي عليه شخصته من توازن و بواعث لإرتكاب الجريمة .
و أخضع المشرع الطفل إلى عقوبات مخففة حددتها المادة 50 من ق ع و التي تنص :
إذا قضي بأن يخضع القاصر الذي يبلغ سنه 13 سنة إلى 18 سنة لحكم جزائي ، فإن العقوبة التي تصدر تكون على النحو التالي :
1/ إذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي الإعدام أو السجن المؤبد فإنه يحكم بعقوبة الحبس من 10 إلى 20 سنة .
2/ إذا كانت العقوبة هي السجن المؤقت فإنه يحكم عليه بالجبس لمدة تساوى نصف المدة التي كان من المفروض الحكم عليها على البالغ.
3/ أما إذا كانت الجريمة التي إرتكبها الطفل مخالفة ـ فلا يخضع إلا للتوبيخ أو الغرامة عملا بأحكام المادة 446 ، و لم يحدد المشرع ما هو المقصود بالتوبيخ .
و يمكن تعريفه بأنه توجيه اللوم و التأنيب للحدث على ما صدر منه و تحذيره بأن لا يعود إلى مثل هذا السلوك مرة أخرى (76) .
و يعتبر التوبيخ تدبير من تدابير الحماية ، غير أن البعض يرى أنه أثناء الحكم به فيتعين معه تسليمه إلى والديه ، في حين أرى وأن التوبيخ هو عقوبة مخففة غير مقررة للبالغين خاصة و أن قاضي المخالفات لا يستطيع أن يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 444 من ق إ ج إلا بعد إحالة الملف على قاضي الأحداث.
و يستنتج من هذين النصين أن العقوبات التي توقع على الطفل هي عقوبة الحبس و الغرامة و معه فلا يجوز توقيع عقوبة الإعدام أو السجن المؤقت على الحدث .
كما لا يجوز توقيع العقوبات التبعية المنصوص عليها في المادة 7-8 من ق ع و هي الحجز و الحرمان من الحقوق المدنية لأنها لا تتعلق إلا بعقوبة الجناية المادة 6/2 من ق ع ، أما العقوبات التكميلية فإن معظمها تتنافى مع صغر سن الطفل .
و لتوقيع العقوبة المخففة يتعين على القاضي أولا مراعاة المصلحة العليا للطفل و أن ينظر في الدعوى بما تضمنته من ظروف مخففة أو مشددة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
75/ أنظر الملحق قرار صادر في 16-7-1985 الغرفة الجنائية الأولى تحت رقم 37466 على عدم الجواز الجمع بين التهذيب و عقوبة الغرامة و الحبس ـ
76/ عبد الحميد الشواربي ـ المرجع السابق ـ ص 65 .
هذا و الأحكام الصادرة على الطفل الحدث ليست عقوبات ، و إنما هي إجراءات وقائية و علاجية ، فإذا لم تأت هذه الإجراءات الوقائية ثمارها و سقط في باب الإنحراف يكون الهدف النهائي لعملية التقويم بعيدة عن فكرة الردع و الإنتقام .
و نلاحظ أن الأحكام الصادرة بالإدانة تكون إرتجالية و مثال ذلك طفل إرتكب جريمة سرقة بسيطة يحكم القاضي بعقوبة الحبس موقوفة النفاذ و إذا كان الحكم غيابيا فإنه يجعلها نافذة .
ثانيا : المراقبة الإجتماعية أو الإختبار القضائي : لقد أجاز المشرع الجزائري لقسم الأحداث تطبيق نظام الإفراج المراقب أو ما يعرف بالمراقبة الاجتماعية لصالح كل طفل دون أن يتعدى 19 سنة .
و الهدف منه هو مراقبة سلوك الطفل المنحرف أو الحدث الجانح و العمل على إصلاحه بإبداء النصح له و مساعدته على تجنب السلوك السيئ ، و إعادة إدماجه و ذلك بمساعدة المندوبين المتطوعين و الدائمين .
هذا و قد أشارت قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث إلى اللجوء إلى هذا التدبير كأول إجراء الهدف منه هو تحديد سبب إنحراف الطفل .
و نشير أن هذا الإجراء قد يكون مؤقت أو نهائي طبقا للمادة 462 من ق إ ج دون أن يتجاوز سن الطفل 19 سنة و قد خصص المشرع الجزائري لهذا الإجراء بابا كاملا و يتحقق النظام بواسطة المندوبين سواء المتطوعين منهم أو الدائمين الذي يعينهم قاضي الأحداث من أجل مراقبة سلوك الطفل الحدث و مراقبة ظروفه المادية أو الأدبية و كذا الوضع الصحي و العلمي داخل الوسط العائلي .
و يستطيع قاضي الأحداث أن يتأكد من مدى نجاح الإجراء عن طريق التقارير التي يقدمها المندوبين كل ثلاثة أشهر .
و إذا كان الوسط العائلي يؤثر إلى حد معين في سلوك الطفل فعلى المندوب أن يوفي قاضي الأحداث بتقرير في الحال و ذلك في حالة تعرضه لضرر معنوي أو جسدي (77)
و يتم تنفيذ الإجراء عن طريق :
1/ المندوبين الدائمين و الذين يتم اختيارهم من الاختصاصين التربوين .
2/ المندوبين المتطوعين : و يتم تعينهم من طرف قاضي الأحداث من بين الأشخاص الذين يبلغون سن 21 سنة و يكونوا جدرين بالثقة و أهلا لإرشاد الطفل المنحرف إلى السلوك السوي (78)
و يعون المندوب في أداء دوره الإجتماعي عدد من المنظمات كالكشافة ، و جمعيات الطفولة ، خاصة فيما يتعلق بتنظيم أوقات الفراغ .
و ميزة هذا النظام أنهلا ينزع الطفل عن وسطه العائلي مما يؤدي إلى احتفاظه بالاستقرار العاطفي و يمكن لقاضي الأحداث لأن يختار من بين الذين قد عرفوا الانحراف .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
77/ بوعزة ديدن ـ المرجع السابق ـ ص 78 .
78/ الدكتور ـ علي عبد القادر القهوجي ـ الدكتور فتوح عبد الله الشاذلي ـ علم الإجرام و العقاب ـ كيفية تنفيذ الجزاء الجنائي على الأحداث ـ دار المطبوعات الجامعية ـ الإسكندرية ص 194
المبحث الثاني : الحماية القانونية للطفل المعرض للخطر المعنوي .
تخطأ بعض الدراسات القانونية فيما يتعلق بالطبيعة القانونية لدعوى حماية الطفل المعرض للخطر المعنوي إذ يتم الإشارة إلى أنها دعوى عمومية ، وهي على العكس من ذلك كونها لا تهدف إطلاقا إلى المطالبة بمعاقبة الشخص المرتكب للجريمة ، بل تعتبر هذه الأخيرة حالة من حالات التعرض للخطر المعنوي و السبب في رأيهم أن قاضي الأحداث و وكيل الجمهورية الهيئتان اللتان تشرفان على دعوى الحماية.
هذا ونرى أن قاضي الأحداث له صفتين :
1/ قاضي الأحداث و دوره حماية الطفل الذي إرتكب الجريمة هذا طبقا لقانون الإجراءات الجزائية .
2/ قاضي الأطفال : هدفه بصفة عامة حماية الطفل من أي خطر أو إستغلال تبعا لما جاءت به المادة 1 من الأمر 72/03 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة و سيتم تفصيلها فيما بعد ، و كذا المادة 446/4 من ق إ ج .
و نستنتج أن أساس الدعوى و سببها ليس فعل إجرامي إرتكبه الطفل و لكنه موجود في وضعية خطيرة إما لتعرضه لجريمة أو أنه إرتكب جريمة من الجرائم .
المطالب الأول : حالات تعرض الطفل للخطر المعنوي .
لقد نصت المادة 1 من الأمر72/03 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة بأن قاضي الأحداث يختص بالنظر في دعاوى حماية القصر الذين لم يبلغوا سن 21 و التي تكون أخلاقهم أو تربيتهم عرضة للخطر أو أن يكون وضع حياتهم أو سلوكهم مضرا بمستقبلهم ، يمكن أن يخضعوا إلى تدابير الحماية و المساعدة التربوية .
و نلاحظ أن المشرع الجزائري إستعمل عبارة القاصر الذي لم يبلغ 21 سنة و نجد أن بعض الدراسات القانونية تضيق من مفهوم الطفل المعرض للخطر المعنوي و تقتصرها فقط بحماية الطفل المعرض للانحراف أي المعرض لإرتكاب الجريمة ، غير أن المعيار الذي إعتمده المشرع الجزائري أوسع إذ إستعمل عبارة القاصر المعرض للخطر المعنوي ، و أحسن ما فعل المشرع الجزائري إذ تسمح المادة لقاضي الأحداث أن يحمي الطفل في حالات عدة سيتم بيانها فيما بعد.
هذا و نجد المادة 1 من الأمر 72/03 أشارت إلى حماية الطفل إلى غاية بلوغه سن 21 و هو سن الرشد المدني قبل تعديله بموجب القانون المدني الذي خفض سن الرشد إلى 19 سنة بالإضافة إلى ذلك أن الأمر 75/64 و المتضمن إحداث المؤسسات الخاصة بحماية الطفولة و المراهقة أشار إلى سن 21 سنة.
92/461 و المتعلق بالمصادقة على الإتفاقية الخاصة بحقوق الطفل إعتبرت الطفل هو الذي لم يتجاوز سنه 18و نرى في كل الأحوال يجب مراعاة مصلحة الطفل .
ملاحظة : كما أن المشرع لم يحدد إلى أي سن أدنى يمكن لقاضي الأحداث أن يحمي فيه الطفل ، غير أننا نشير أن الأمر المتضمن قانون الصحة و ترقيتها 85/05 أشار في مجال حماية الأطفال المتروكين إذ يسمح القانون للأم العازبة بالتخلي عن الطفل بعد 5 أيام للولادة تتم فيه رعاية الطفل عن طريق
1- وضعهم في مراكز تتكفل بالأمهات العازبات ضمنا لحضانة الطفل .
2- رعاية الطفل المحروم لدي عائلات مدفوعات الأجر ـ حماية الأطفال الرضع .
3- رعاية الطفل لدى أسرة دائمة ـ نظام الكفالة طبقا لما جاء به قانون الأسرة.
الفرع الأول : حالات التعرض للخطر المعنوي طبقا للمادة 1 من الأمر 72/03
و المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة .
يعد الطفل معرض للخطر المعنوي في الحالات التالية :
أولا : حالة ما إذا كانت صحة الطفل معرضة للخطر و تكون في حالتين :
1- الصحة الجسدية للطفل معرضة للخطر : و ذلك إذا كان يعاني من سوء التغذية سواء بسبب الفقر أو الإهمال العمدي من طرف الأباء كما تم بيانه في جريمة الإهمال المعنوي للأولاد طبقا للمادة 330/3
و حالة الطفل الذي يعيش في سكن لا تتوفر فيه أدنى شروط الحياة ، أو كان الطفل مصاب بمرض عقلي أو معدي و لم تتخذ إجراءات المساعدة الطبية (79) أو كان الطفل المدمن على المخدرات أو الكحول أو التدخين .
2- الصحة النفسية للطفل معرضة للخطر : قد يعاني الطفل من تأخر عقلي لا يستطيع مع نقص إدراكه تميز الأوامر الصادرة عن الأباء و بالتالي يلجأ الأباء إلى العقاب البدني .
ثانيا : حياة الطفل معرضة للخطر و ذلك إذا وجد في مكان غير آهل لا يعتادونه الناس أو وجد في الطريق العام دون حماية .
ثالثا : أخلاق الطفل معرضة للخطر و يكون في حالة ما إذا كان الأب أو الأم مثلا سيئا للطفل سواء بالإعتياد على السكر على مرأى الأولاد أو كانت الأم تتعاطى الدعارة ، و كان الطفل كذلك .
رابعا : تربية الطفل معرضة للخطر إذا كانت تربية الطفل غير سوية ، كأن يعامل الطفل من صنف الذكر على أنه أنثى ـ أو أن الوالدين خالفوا القواعد الخاصة بإجبارية مزاولة الدراسة لسن معينة و ذلك تطبقا للمرسوم 76/66 و المؤرخ في 16-04-1976 و المتعلق بالطابع الإجباري للتعليم الأساسي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
79/ gacques Léauté - criminologie et science pénitentiaire -presses universitaires de France p 729-730
إذ نصت المادة 08 منه أن عدم مراعاة إجبارية التعليم من الأباء أو الأوصياء ، يكون مخالفة يترتب عنها تقديم إنذار للأولياء
الفرع الثاني : حالات أخرى لتعرض الطفل للخطر المعنوي.
لقد خول المشرع الجزائري لقاضي الأحداث بصفته الهيئة المكلفة بحماية الأطفال و رعايتهم و إعادة تقويم سلوكهم في حالة تعرضهم للخطر.
أولا : حماية الطفل المجني عليه .
نصت المادة 493 من ق إ ج { إذا وقعت جناية أو جنحة على شخص قاصر لم يبلغ 16 سنة من والديه أو وصيه أو حاضنه فإنه يمكن لقاضي الأحداث أن يقرر بمجرد أمر منه ، بناءا على طلب النيابة العامة أو من تلقاء نفسه بعد سماع رأي النيابة ، أن يودع الحدث المجني عليه في الجريمة إما لدى شخص جدير بالثقة أو مؤسسة أو يعهد به إلى مصلحة مكلفة برعاية الطفولة ، و لا يكون هذا القرار قابلا للطعن } و نستنتج من خلال المادة 493 من ق إ ج أن تعرض الطفل لجريمة يعد حالة من حالات التعرض للخطر المعنوي .
غير أنه ما يمكن ملاحظته أن النص خص الحماية فقط بالنسبة للطفل الذي لم يبلغ 16 سنة و نقترح تعديله بما يتماشى و إتفاقية حقوق الطفل .
و تتخذ هذه التدابير بناءا على طلب :
1/ النيابة : و ذلك في حالة وقوع جريمة على الطفل و كان الجاني أحد الأصول أو من له سلطة على الطفل ، فإنه يعرض الملف على قاضي الأحداث بموجب عريضة دعوى الحماية ، ليتخذ قاضي الأحداث ما يراه مناسبا ، لإتخاذ التدابير المنصوص عليه في المادة 493 من ق إ ج (80).
1 - تسليم الطفل إلى شخص جدير بالثقة
2- وضعه في مؤسسة أو مصلحة مكلفة بالطفولة
و يتخذ هذا القرار في غرفة المشورة ، و يبلغ هذا القرار للطفل المجني عليه و يحدد قاضي الأحداث النفقة الواجب دفعها من طرف الملزم بالنفقة.
2/ قاضي الأحداث من تلقاء نفسه : غير أنه يجب على قاضي الأحداث إحالة الملف على النيابة.
ثانيا : حماية الطفل المرتكب للجريمة .
و مثال ذلك المادة 446/4 من ق غ ج و كالتي تنص أن الحدث الذي إرتكب جريمة وصفها الجزائي مخالفة فإن محكمة الأحداث لا تستطيع إتخاذ تدابير الحماية إلا بعد إحالة الملف على قاضي الأحداث و لا حاجة إلى إجراء تحقيق مرة ثانية و لقاضي الأحداث أن يضعه تحت نظام الإفراج المراقب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
80/ L’enfant maltraité en Algérie L’action sociale et de la solidarité nationale enquête 2001 p 166
المطلب الثاني : إجراءات حماية الطفل المعرض للخطر المعنوي .
تختلف التشريعات حول تنظيم إجراءات حماية الطفل المعرض للخطر المعنوي بحيث ذهب البعض إلى إخضاعها إلى إجراءات إدارية و البعض الآخر إلى إختصاص المحاكم المدنية ، و من التشريعات من أخضعها إلى المحاكم الجزائية كما هو الحال بالنسبة إلى الجزائر .
الفرع الأول : عرض دعوى الحماية على قاضي الأحداث .
لقد نصت المادة 2 من الأمر 72/03 على نظام الإختصاص القضائي المحلى بالنسبة للطفل و نصت على أنه يختص قاضي الأحداث للمكان الذي يوجد فيه محل إقامة القاصر أو مسكنه أو محل إقامة أو مسكن والديه ، و كذا قاضي الأحداث للمكان الذي يوجد فيه القاصر في حالة عدم وجود هؤلاء و ترفع العريضة من :
1- من والد القاصر أو والدته ، أو الشخص الذي يسند له الحق في حضانته .
2- من الحدث نفسه .
3- من الوالي .
4- رئيس المجلس الشعبي البلدي .
5/ المندوب المختص بالإفراج المراقب، كما يجوز لقاضي الأحداث من تلقاء نفسه .
و نستنتج من خلال نص المادة الثانية أن المشرع الجزائري وسع من الجهات التي تسمح بعرض دعوى الحماية على قاضي الأحداث .
كما خول الأمر 75-64 المتضمن إنشاء المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة في المادة الرابعة للوالي وضع الطفل في حالة الإستعجال بأن يأمر وضح الحدث في مراكز الحماية و لمدة لا تتجاوز 8 أيام غير أن على مدير المركز إحالة الملف فورا على قاضي الأحداث للبت في الحالة و يحال الملف على وكيل الجمهورية .
الفرع الثاني : صلاحية قاضي الأحداث أثناء التحقيق مع الطفل المعرض للخطر المعنوي .
عند إستلام قاضي الأحداث العريضة يقوم أمين الضبط بتسجيلها في سجل الحدث في خطر معنوي ثم يشرع في إستدعاء الطفل القاصر أو أوليائه إن لزم الأمر ذلك.
و عند حضور الأولياء يستفسر القاضي عن موضوع العريضة و يسجل آرائهم حول وضعية ابنهم القاصر و مستقبله طبقا للمادة 31 من الأمر 72/03 .
وبعد ذلك يتولى القاضي دراسة شخصية الطفل و يأمر بإجراء بحث إجتماعي و فحص طبي أو عقلي أو نفساني .
ونشير أن إجراء البحث اجتماعي تتولاه المصالح الإجتماعية و ليست الضبطية القضائية أو يأمر بمراقبة سلوك الحدث بمساعدة المندوبين الدائمين و المتطوعين .
الفرع الثالث : التدابير النهائية الصادرة بشان الطفل المعرض للخطر المعنوي .
تنقسم التدابير التي يتخذها قاضي الأحداث إلى قسمين طبقا للمادة 10من الأمر 72/03 :
أولا : تدابير التسليم .
1- إبقاء الطفل في عائلته .
2- إعادة الطفل إلى والده أو أمه اللذين لا يمارسان حق الحضانة عليه و يشترط أن لا يكون هذا الحق سقط عمن يعاد إليه القاصر(81) و يكون ذلك في حالة إسناد الحضانة بعد الحكم بالطلاق بين الزوجين .
ملاحظة : و ما يمكن الإشارة إليه أن القرار الصادر عن قاضي الأحداث يظهر كأول وهلة مخافة للقاعدة التي تقضي أنه لا يجوز لجهة قضائية ثانية أن تنظر في مسائل الحضانة ما عدا جهة الإستئناف إذ لا يجوز للمحكمة الجزائية أن تنظر في مسألة هي أصلا من إختصاص قاضي الأحوال الشخصية .
غير أن هذا النص وارد بنص القانون و جاءت مراعاة لمصلحة الطفل ، غير أن قرار قاضي الأحداث ليس نهائيا وإنما هو مؤقت.
3- تسليم القاصر إلى أحد أقربائه طبقا لكيفيات أيلولة الحضانة .
4- تسليم الطفل إلى شخص موثوق به تتوفر فيه شروط الأهلية اللازمة لتربية الطفل .
و أشارت المادة 15 من أمر 72/03 على أن يحدد قاضي الأحداث نفقة يدفعها الملزم بها مباشرة إلى الشخص المستلم كما تضاف إليها المنح العائلية .
النوع الثاني : تدابير الوضع .
و هي التدابير التي يوضع فيها الطفل المعرض للخطر خارج أسرته و المتمثلة في :
1- إلحاق الطفل بمركز إيواء .
2- إلحاقه بمصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة .
3- إلحاقه بمؤسسة أو معهد للتربية أو التكوين المهني أو العلاج .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
81- تنص المادة 66 من قانون الأسرة يسقط حق الحاضنة بالتزوج بقريب غير محرم و بالتنازل ما يضر بمصلحة المحضون ـ و تنص المادة 67 تسقط الحضانة بالإخلال بأحد الشروط المقررة شرعا .
و لم تحدد المادة 12 من الأمر 72/03 مدة الوضع بهذه المؤسسات و إقتصرت بالإشارة إلى عدم تجاوز سن الرشد المدني غير أن المنشور الوزاري رقم 09 الصادر في 11جوان 1994 أن مدة الوضع هي سنتين يستفيد الطفل من رعاية خاصة و تكوين ملائم ، و إذا تبين أن الطفل بحاجة إلى فترة إضافية يقترح ذلك إلى قاضي الأحداث و يمددها مرة أخرى إلى غاية بلوغه سن الرشد المدني و هذا ما يسمح لقاضي الأحداث متابعة ملف الطفل الحدث.
المبحث الثالث : حماية الأطفال المحكوم عليهم في مرحلة تنفيذ العقوبات .
إن هدف الجزاء أو التدبير المتخذ ضد الطفل الحدث ليس إيلامه و إنما إصلاحه و إعادة تربيته و بذلك تتغير السياسة الجنائية في تنفيذ العقوبات بالنسبة للطفل ، و تنتفي معه فكرة حق المجتمع في توقيع العقاب كونه اعتدى على مصلحة محمية قانونا .
و تكون عملية الإصلاح تبعا للعناصر التالية :
1- التهذيب عن طريق التعليم .
2- التهذيب عن طريق العمل و التكوين المهني .
3- التهذيب الديني و الأخلاقي .
و سنتناول بالدراسة موقف المشرع و مدى تبنيه لهذه الفكرة في النقاط التالية :
المطلب الأول : دور قضاء الأحداث في تنفيذ الأحكام القرارات .
المطلب الثاني : دور قضاء الأحداث في الحماية بعد تنفيذ العقوبة
المطلب الأول : دور قضاء الأحداث في تنفيذ الأحكام القرارات .
لقد أخذ المشرع الجزائري بنظام قضاء الحكم في تنفيذ العقوبة و الذي يتولى بموجبه قاضي الأحداث مهمة تنفيذ الحكم الصادر ضد الطفل الحدث.
و يظهر دور القضاء جليا فيما تعلق بمراجعة الأحكام التربوية إذ أظهرت عدم نجاعتها و فائدتها أثناء التنفيذ ، و لا نجد هذه القواعد مقررة للبالغين مما تعد من الضمانات المقررة لحماية الطفل الحدث .
أضف إلى ذلك فإن الأمر 722/03 و المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة خول لقاض الأحداث مراجعة التدابير بالنسبة للطفل المعرض للخطر المعنوي .
الفرع الأول : دور قاضي الأحداث في الإشراف على تنفيذ الأحكام القرارات .
أولا : مراجعة التدابير المتخذة لصالح الطفل الجانح.
01 - صلاحية قاضي الأحداث في تغير و مراجعة تدابير الحماية .
يختص قاضي الأحداث وحده في مراجعة و تنفيذ الأحكام و القرارات التي صدرت وفقا للمادة 444 من ق إ ج بغض النظر عن سببها و الجهات التي أصدرت الحكم فيها إذ يمكن لقاضي الأحداث أن يقرر تعديل التدبير من تدابير الوضع في إحدى المؤسسات التي نصت عليها المادة 444 من ق إ ج إلى تدبير التسليم إلى العائلة سواء للوالدين أو الوصي أو شخص جدير بالثقة المادة 482/1 من ق إ ج.
02- صلاحية محكمة الأحداث في التغير و التعديل .
و يكون ذلك في حالة ما إذا رأى قاضي الأحداث أن تدبير تسليم الطفل إلى والديه أو الوصي أو الشخص الذي يتولى حضانته لم يكن في صالحه ، و أن العائلة لم تكن الوسط الذي يسمح للطفل بإعادة إدماجه و أن الأبوان لم يلعبا الدور في رقابته من الانحراف .
و لن يتأتى لقاضي الأحداث معرفة أسباب ذلك إلا بالعودة إلى التحقيق الإجتماعي الذي يقوم به المندوبين و لذلك فإن قرار وضعه في إحدى المؤسسات المذكورة في المادة 444 من ق إ ج لا يكون إلا بعد إحالة الملف على محكمة الأحداث طبقا للمادة 282/2 من ق إ ج .
03- الجهات التي لها الحق في مطالبة مراجعة التدابير.
يجوز لوكيل الجمهورية أو المندوبين المتطوعين أو قاضي الأحداث من تلقاء نفسه مراجعة تدابير الحماية المنصوص عليها في المادة 444 من ق إ ج دون أن يكونوا مقيدين بزمن معين ، و يلعب المندوبين المتطوعين أو الدائمين دور إيجابي ، خاصة كون أنهم يحتكون بالطفل الحدث مباشرة .
و تنص المادة 483 من ق إ ج على أنه إذا مضى على تنفيذ حكم صادر بإيداع الحدث (82) خارج أسرته جاز لوالديه أو لوصيه طلب تسليمه أو إرجاعه إلى حضانتهم و في حالة الرفض لا يمكن تجديده إلا بعد مدة سنة .
و يقدم الطلب إلى قاضي الأحداث المختص هذا بعد أن يثبتوا أنهم جدرين بتربية الطفل و تحسين سلوكه و كذا في حالة ما إذا ظهرت مسألة عارضة طرأت أثناء تنفيذ الإجراء المتخذ من طرف قاضي الأحداث سواء في مصلحة الطفل أو بقائه تبعا للتدبير السابق لا يوفر له الحماية اللازمة.
و مثال ذلك ظهور أولياء الطفل الحدث و استعدادهم لتكفل الطفل بعد أن أمر قاضي الأحداث بوضعه في إحدى مراكز الحماية (83).
ثانيا : مراجعة التدابير المتخذة لصالح الطفل المعرض الخطر المعنوي .
أجازت المادة 13 من الأمر السابق الذكر لقاضي الأحداث أن ينظر في ملف الطفل المعرض للخطر أن يعدل حكمه أو قراره ، و عليه فإن قرار قاضي الأحداث لا يأخذ الصبغة النهائية و لا يحوز قوة الشيء المقضي فيه .
و تتم المراجعة بدور من قاضي الأحداث أو من الطفل أو ولي أمره و يجب على قاضي الأحداث أن يفصل في الملف في مدة أقصاها 3 أشهر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
82/ من الأحسن تعديل لفظ إيداع كون أن الإيداع لا يكون إلا في مؤسسة عقابية و استبدالها بعبارة وضع.
83/ الأستاذة ـ صخري مباركة ـ المرجع السابق .
و لا يجوز للطفل القاصر أو والديه أن يجددوا الطلب إلا بعد سنة ، كما يجوز مراجعة التدابير في الحالات التالية :
1- عدم قدرة المركز على استقبال عدد جديد من الأطفال .
2- إذا كان الطفل ذا قصور بدني أو عقلي و كان من اللازم وضعه في مؤسسة إستشفائية .
3- جنس الطفل لا يسمح له بالبقاء في المؤسسة .
4- إذا تجاوز الطفل سن الرشد المدني .
ثالثا : التعليق القانوني على المادة 486 من قانون الإجراءات الجزائية .
تنص المادة 486 من ق إ ج { كل شخص يتراوح سنه بين 16 و18 سنة اتخذ في حقه أحد التدابير المنصوص عليها في المادة 444 من ق إ ج إذا تبين سوء سيرته و مداومته على عدم المحافظة على النظام و خطورة سلوكه الواضحة و تبين عدم وجود فائدة من التدابير المذكورة أعلاه يمكن أن يودع بقرار مسبب من قسم الأحداث بمؤسسة عقابية إلى أن يبلغ من العمر سنا لا تتجاوز التاسعة عشر }
المادة محل نقد من حيث العناصر التالية :
1- المادة تخالف القواعد العامة من حيث أنه لا يمكن محاكمة الطفل الحدث مرتين ، الحكم الأول يصدر لصالح الطفل من أجل إصلاحه و إعادة تربيته و الثاني إيداعه في مؤسسة عقابية دون أن يرتكب جريمة ذلك أن المادة لم تأتي بسبب جدي و اكتفت بالإشارة إلى أن سيرة الطفل الحدث أصبحت سيئة .
2 – هذا و لا يمكن من الناحية الإجرائية أن يتم إدخال الحدث إلى المؤسسة العقابية بموجب قرار و إنما بموجب أمر إيداع أو صورة من الحكم الحبس النهائي .
3- لم تعد المؤسسات الخاصة بالأحداث مؤسسات عقابية بل أصبحت مدارس ومعاهد للتدريب و التكوين.
هذا و من المفروض أن تكون مستويات تأهيل الأحداث تبعا لمراحل التالية :
1- المستوى العلاجي : فيخضع الطفل للعلاج العضوي و النفسي فقد يكون المرض العضوي أو النفسي أحد عوامل إنحرافه و يكون علاجه و شفائه من مثل هذه الأمراض سببا في تحسين سلوكه .
2- المستوى المهني : إذا كانت الرغبة و عدم القدرة على مواصلة الدراسة فيجب أن يتعلم الحدث مهنة أو حرفة ، و في كل الأحوال يشعر الطفل بأنه عضو نافع في المجتمع .
3- المستوى التربوي : و التهذيبي و ذلك بمساعدة الطفل الحدث على إحترام مختلف الأنظمة(84) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
84/ الدكتور ـ علي عبد القادر القهوجي ـ الدكتور فتوح عبد الله الشاذلي ـ المرجع السابق ص .184
رابعا : قواعد الاختصاص الخاصة بمراجعة التدابير.
هنالك مجموعة من القواعد يجب مراعاتها أثناء مراجعة التدابير و تتمثل في :
1- سن الطفل : يجب على قاضي الأحداث أن يأخذ بعين الاعتبار سن الطفل الحدث في مراجعة التدابير و في كل الأحوال لا يجوز أن يتجاوز سنه سن الرشد المدني .
و مثال ذلك : إذا كان عمر الطفل يتجاوز سنه 16 سنة و كان الوسط العائلي غير مؤهل لإصلاح الطفل و كان له مستوى دراسي يسمح له بمزاولة الدراسة فإن على القاضي مراعاة هذه الظروف و هو ما قررته المادة 484 من ق إ ج التي تنص { أن العبرة في تطبيق التدابير الجديدة في حالة تغير ومراجعة التدابير بالسن الذي يبلغه الحدث يوم صدور القرار}
2- الاختصاص الإقليمي : يختص إقليميا في تدابير المراجعة و في الدعاوى العارضة في مادة الإفراج المراقب و الإيداع و الحضانة .
1- قاضي الأحداث أو محكمة الأحداث (85)
2- قاضي الأحداث أو محكمة الأحداث التي يقع فيها موطن والدي الحدث أو موطن الشخص صاحب العمل أو المؤسسة أو المنظمة التي سلم إليها الحدث بأمر من القضاء .
3- قاضي الأحداث أو محكمة الأحداث المكان الذي يوجد به فعلا الحدث مودعا أو محبوسا .
و في حالة ما إذا كان الوصف الجزائي للجريمة التي إرتكبها الطفل الحدث تأخذ وصف الجناية و أن محكمة الأحداث بمقر المجلس القضائي اتخذت إحدى التدابير المنصوص عليها في المادة 455 من ق إ ج فإن هي وحدها لها الاختصاص .
و لحماية الطفل الحدث سمحت المادة 485 من ق إ ج إن إقتضت الضرورة تعديل التدبير المتخذ حتى و لو تعلق الأمر بوضع الطفل في إحدى المراكز المحدد في المادة 444 من ق إ ج بعد أن تم تسليمه لوالديه فيكون ذلك بصفة مؤقتة على أن يتم تحويل الملف إلى قاضي الأحداث المختص.
و أحس ما فعل المشرع إذ وضع هذا الإستثناء هدفه المصلحة الفضلى للطفل.
الفرع الثاني : دور قضاء الأحداث في تنفيذ الأحكام الجزائية .
لقد أشار الأمر 72/02 المؤرخ في 10-02-1972 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين أن الأحكام الجزائية الصادرة عن قسم الأحداث و كذا توقيف الأحداث إحتياطيا يتم في مؤسسات خاصة تسمى المراكز المتخصصة لإعادة تأهيل الأحداث بالنسبة إلى الأحداث الذين أصبحت الأحكام الصادرة ضدهم نهائية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
85/ ارجع إلى العنصر الخاص بصلاحية كل من قاضي الأحداث و محكمة الأحداث في مراجعة التدابير .
أما حبس الأحداث إحتياطيا فإنه يتم داخل مؤسسات الوقاية و هي أقسام خاصة بالأحداث و تمسى بجناح الأحداث .
هذا و لحماية الطفل الحدث المحبوس بصفة مؤقتة أوجب المشرع على قاضي الأحداث أن يراقب أجنحة الأحداث و المراكز المتخصصة في إعادة تأهيل الأحداث.
أولا: رقابة قاضي الأحداث على الأجنحة الخاصة بالأحداث.
لقد خول قانون تنظيم السجون لقاضي الأحداث بصفة دورية مراقبة هذه المؤسسات في حدود إختصاص كل محكمة.
و لا يكفي زيارة الأجنحة بل تمتد عملية الرقابة إلى الوجبات الغذائية المخصصة للأطفال الأحداث و مدى مطابقتها للشروط الصحية، و كذا الحمامات و دورات المياه.
و يجب على قضاة الأحداث تفعيل تطبيق نص المادة 64 من قانون تنظيم السجون و إعادة تأهيل المساجين ، و التي تنص على أن كل من وكيل الجمهورية و قاضي تطبيق الأحكام الجزائية و قاضي الأحداث على مستوى المحاكم إجراء زيارة للمؤسسة في كل شهر.
و يعد قاضي الأحداث على مستوى المحاكم ، أثناء تقريره السنوي عدد الزيارات التي قام بها ، و في حالة وجود مخالفة القواعد الخاصة بالأحداث فعلى قاضي الأحداث أن يقوم بتعديلها و إرسال التقرير إلى النائب العام ليتخذ ما يراه مناسبا و هذا كل من أجل حماية الطفل الحدث (86).
و قد أشار الأمر 72/02 المؤرخ في 10-02-1972 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين على بعض الضمانات المقررة للطفل الحدث و التي لا نجد لها تطبيق بالنسبة للبالغين ، ومن بينها :
1- لا يطبق نظام العزلة على الطفل الحدث إلا لسبب صحي .
2- يستفيد الحدث في كل يوم بأربع ساعات على الأقل من الفراغ يقضونها في الهواء الطلق .
و يمكن إخراجهم لقضاء جولة تحت رقابة المربين ، و أن يشاركوا في مجموعات صوتية و مقابلات رياضية ، غير أن هذه المواد لا تلقى العناية و التطبيق .
3- يمكن لمدير المركز أخذ رأي لجنة إعادة التربية و منح الطفل الحدث إجازة 30 يوما أثناء فصل الصيف يقضونها مع عائلتهم و إذا كان الطفل الحدث ذا سيرة حسنة يجوز منحه عطلة إستثنائية لمدة 7 أيام بعد أخذ رأي لجنة التأديب (87).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
86/ تنص المادة 123 من الأمر 72/02 و التي جاءت في الفصل الثالث، انه يجب أن يكون الطعام سليما و متوازنا
و تراقب باستمرار قواعد المحافظة على الصحة و النظافة في المؤسسة .
87 - الأستاذة صخري مباركة ـ المراكز المخصصة للأحداث ـ مطبوعة وزعت على الطلبة القضاة الدفعة 12 جوان 2003 .
4- كما لا يكلف الطفل الحدث بعمل شاق و لا يجوز تكليفه للقيام بعمل ليلي ، غير أن على الحدث إحترام النظام الداخلي للمركز و إلا تعرض عقوبات تأدبية.
هذا و يتم تنفيذ الأحكام الصادرة بعقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أو الذي بقيت له مدة ثلاثة أشهر بعد الحكم عليه في مؤسسات الوقاية طبقا للمادة 62 من الأمر 72/02 من ق ت س و من المفروض حتى و لو بقيت المدة أقل من 3 أشهر فإن المستحسن تنفيذها في مؤسسات إعادة تأهيل الأحداث.
و يبقى قاضي الأحداث ملزم بالمتابعة المستمرة لأوضاعهم لعدم وجود لجنة إعادة التربية و إذا تجاوزت مدة الحبس ثلاثة أشهر فإنه يتم تنفيذ العقوبة في مراكز إعادة التأهيل .
وتشير المادة 122 من ق ت س تتكون موظفي المراكز المخصصة لإعادة تأهيل الأحداث من أعوان إعادة التربية و أخصائين نفسانين ، وكذلك مربين و مساعدين إجتماعين ، كما يسعى الموظفون على تربية الطفل لحدث أخلاقيا ، و إحياء شعورهم بالمسؤولية ، كما يتم متابعته صحيا و ينشئ له ملف خاص بمتباعته داخل المؤسسة .
و نشير أن المشروع التمهيدي الذي أعدته وزارة العدل و الخاص بتنظيم السجون و لإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين أولى أهمية من حيث خصص باب كامل تحت عنوان إعادة تربية الحدث و إدماج الأحداث و من بينها السماح للحدث في تلقي الزيارات عن قرب و كذلك إستفادته من التكوين المهني و التعليم و أحقيته في الحصول على شهادة تسمح له بالإندماج دون أن يؤشر عليها أنها صادرة عن مؤسسة عقابية .
ثانيا : الإشراف على لجنة إعادة التربية .
تعتبر اللجنة الهيئة المساعدة لقاضي الأحداث في الإشراف على تنفيذ الأحكام الجزائية و تتولى اللجنة المكونة من قاضي الأحداث رئيسا ـ قاضي تطبيق العقوبات ـ مدير المركز ـ المربون ـ المختصون في علم النفس ـ المساعدات الإجتماعيات ـ ممثل من مديرية الثقافة ـ ممثل من مديرية الشباب و الرياضة ـ ممثل عن وزارة الشؤون الدينية .
دراسة البرامج السنوية للدراسة و التكوين المهني , و إعطاء الرأي لإستفادة الطفل الحدث من عطلة صيفية لمدة 30 يوم بعد عرض الملف على وزير العدل ، والنظر في الإفراج المشروط المقترح من طرف قاضي تطبيق العقوبات .
الفرع الثالث : رعاية الطفل داخل المؤسسات التي يتم فيها تنفيذ تدابير الحماية .
يتم تنفيذ الأحكام و القرارات المتعلقة بتدابير الحماية و التربية الخاصة بالأطفال سواء الأحداث الجانحين الذين ارتكبوا إحدى الجرائم النصوص عليها في قانون العقوبات أو كانوا ضحايا أو كانوا موضوع تدبير على أساس تواجدهم في إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 72/03 .
و يتم تنفيذ جميع التدابير في مؤسسات إعادة التربية و الحماية و الوسط المفتوح ، و ينظم هذه المؤسسات الأمر 75/64 و المؤرخ في 26-09-75 والمتضمن إحداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة .
و مهمة هذه المؤسسات هي تأمين حماية الطفل و المراهق الذين لم يكملوا 21 سنة و الذين يشكون من جراء أوضاعهم معيشتهم و سلوكهم خطر الاندماج الاجتماعي .
أولا : دور مصلحة الملاحظة و التربية في رعاية الطفل .
لقد أشرنا سابقا أن من تدابير حماية الطفل الجانح هو وضعه تحت نظام الحرية المراقب و ذلك لفترات محددة و يبقى في هذه الحالة تحت رقابة المندوبين الدائمين أو المتطوعين ، و تقدم مصلحة الملاحظة و التربية تقارير دورية إلى قاضي الأحداث عن حالة الطفل في كل ثلاثة أشهر إذ تسمح هذه القاعدة من مراقبة الطفل ـ صحيا ، تربويا ، أخلاقيا ـ
ملاحظة هامة : يتم إطلاع أولياء الطفل الحدث أو وصيه أو الشخص الذي يسلم له الطفل بمؤدى نظام الإفراج و الإلتزامات المترتبة عنه ، و في حالة الإخلال بالالتزامات يجوز الحكم على الأب أو الأم أو الشخص الحاضن أو الوصي غرامة مدنية تتراوح ما بين 100 إلى 500 دج .
ثانيا : دور المراكز المخصصة للحماية في رعاية الطفل .
يتم فيها وضع الأطفال الجانحين و المعرضين للخطر المعنوي ، يخضعون فيه إلى نظام داخلي يلتزم به الأطفال بعدم الخروج بدون رخصة ، كما يتلقون تكوينا أخلاقيا ، و تربويا و رياضيا و مهنيا (88)
و تتكون هذه المراكز المخصصة لحماية الطفل من:
1- مصلحة الملاحظة : تتولى دراسة شخصية الطفل سواء الحدث أو المعرض للخطر المعنوي و تدوم الدراسة من 3 أشهر إلى 66 أشهر و يتم إعداد تقرير تحدد فيه الإقتراحات اللازمة بالتدابير .
2- مصلحة التربية : تقوم بتربية الطفل تربية أخلاقية وفق لبرنامج تربوي و مهني محدد مسبقا (89)
3- مصلحة العلاج البعدي : تبحث هذه المصلحة عن جميع الحلول التي تسمح بالاندماج الاجتماعي للأحداث القادمين من مصلحة التربية أو من المراكز المتخصصة للتربية.
و يتم نقل الطفل من مصلحة إلى مصلحة بإقتراح من مدير المركز أو من اللجنة التربوية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
88/ المادة 13 من الأمر 75-64 والمتضمن إحداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة .
89/ الأستاذة صخري مباركة ـ المراكز المخصصة للأحداث ـالمرجع السابق .
ثالثا: دور المراكز المتخصصة في إعادة التربية في رعاية الطفل .
هي مؤسسات داخلية خاصة بالأطفال الذين ارتكبوا جرائم و الذين كانوا موضوع أمر بالوضع النهائي و المؤقت طبقا للمادة 444 من ق إ ج ، و لا تستقبل هذه المؤسسات الأحداث الذين تجاوزوا سن 18 .
و تتكون هذه المراكز من المصالح التالية :
1- مصلحة الملاحظة : تتولى دراسة شخصية الطفل الحدث و تقديم تقرير مفصل عن حالته و التدابير الملائم له و تتم مراجعة تدبير الوضع في هذه المؤسسة تبعا لما تم توضيحه في العنصر الخاص بالمراجعة.
2- مصلحة إعادة التربية : و هي التي تقوم بمهمة إعادة تربية الحدث ضمن برننامج معد من قبل اللجنة التربوية التابعة للمركز.
3- مصلحة العلاج البعدي : مهمتها البحث عن أساليب إعادة إدماج الطفل و تهيئته ، كما يمكن أن تبحث له عن عمل خارجي الذي سيتولاه بعد مدة إيداعه ـ المادة 9-12 من ق ت م خ ح الطفولة .
رقابة قاضي الأحداث للبرنامج التربوي :
إلى جانب ما يتمتع به قاضي الأحداث من سلطات على الرقابة المتعلقة بالمصالح المكلفة بمراقبة الحدث في الوسط المفتوح أو داخل مؤسسات التربية و الحماية فلقاضي الأحداث سلطة رقابة البرنامج المطبق على الأطفال الموجودين بهذه المراكز و ذلك بمساعدة اللجنة التربوية التي تعمل على مراقبة تطبيق البرنامج التربوي ، كما لها صلاحية إقتراح تعديل التدابير المتخذة لصالح الطفل و تتشكل اللجنة طبقا للمادة 17 من الأمر الخاص بحماية الطفولة و المراهقة من:
قاضي الأحداث الذي تكون المراكز داخل إختصاص المحكمة من الناحية الإقليمية ـ رئيسا ، مدير المؤسسة و ثلاث مربيين ، و مندوب الإفراج المراقب و طبيب اختصاصي تابع للمؤسسة إن وجد و مقر اللجنة هو المركز ، و تجتمع اللجنة كل 3 أشهر.
المطلب الثاني : دور قاضي الأحداث في حماية الطفل بعد تنفيذ العقوبة.
إن إعادة تأهيل الأحداث ووقايتهم من الإنحراف تعد من أهم التحديات التي تواجه المجتمع خاصة و أن انحراف الطفل ليس ظاهرة إجرامية فحسب بل ظاهرة إجتماعية .
هذا وإن مهمة قضاء الأحداث هو فرص التدابير الملائمة من أجل حماية الطفل المنجرف و تتمثل دور قاضي الأحداث في الحماية بعد تنفيذ العقوبة في نقطتين أساسيتين :
1- الإشراف على الرعاية البعدية للطفل الحدث .
2- إختصاص قاضي الأحداث في رد الإعتبار للطفل الحدث .
الفرع الأول : الإشراف على الرعاية البعدية للطفل الحدث.
يمكن لقاضي الأحداث أن يتخذ الإجراءات اللازمة لحماية الطفل الجانح بعد أن إستكمل تنفيذ العقوبة الجزائية .
و قد صدر منشور في شهر جوان 1975 جاء فيه أن الطفل الحدث الذي ألزمت شخصيته أو الظروف الحكم عليه بعقوبة الحبس و عند الإفراج عنه فإنه أصبح بصفة عادية في المجتمع الذي سبق و أن أظهر عدم تكيفه معه .
و بذلك يجب أن تستكمل العقوبة السالبة للحرية بتدبير ملائم و الذي من شأنه أن يسمح له بالإندماج مرة أخرى في المجتمع .
تتحقق الرعاية البعدية للطفل الحدث من خلال تطبيق أحكام الأمر 75-64 و المتعلق بإحداث المؤسسات الحماية و دور مصلحة العلاج البعدي التابعة لكل من مركز إعادة التربية و مركز حماية الطفولة و هي مختصة بإعداد الطفل الحدث ما بعد إنتهاء مدة الوضع و إدماجه إجتماعيا و البحث عن جميع الحلول الممكنة له.
و تنص المادة 34 من الأمر 75 { أنه يجب على مدير المؤسسة أن يعلم فورا قاضي الأحداث المختص عن إنقضاء مدة تدابير الإيواء و ذلك قبل شهر واحد من إنقضاء المدة المذكورة و ذلك بموجب تقرير بالخروج يتضمن رأي لجنة العمل التربوي و رأي مدير المركز ، بشأن ما يجب تقريره في نهاية مدة التدبير.
و يتضح من خلال المادة أن قاضي الأحداث يبقى متصل بقاضي الأحداث حتى بعد تنفيذ تدبير الوضع (90) و لذلك خول له القانون أن يضع الطفل الحدث بعد تم وضعه في مؤسسة إعادة التربية بسبب جريمة إرتكبها أن يأمر بوضعه في مؤسسة الحماية حتى يبلغ من العمر 19 سنة و هو سن الرشد المدني(91)
الفرع الثاني : إختصاص قاضي الأحداث في رد الإعتبار للطفل الحدث .
لقد أشارت قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث ـ قواعد بكين ـ على أن تحفظ سجلات الطفل المجرم في سرية تامة و يحضر إطلاع الغير عليها و يكون الوصول إلى هذه السجلات مقصورا على الأشخاص المعنيين بصفة مباشرة بالتصرف في القضية محل البحث أو غيرهم من الأشخاص المخولين حسب الأصول.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
90/ جماد علي المرجع السابق ص 235 .
91/ مركز إعادة التربية يختص بإيواء الأحداث التي تقل أعمارهم عن 18 و كانوا موضوع تدبير حسب المادة 444 من ق إ ج.
و هو ما تبناه المشرع الجزائري في المادة 489 من ق إ ج التي تنص على أن القرارات الصادرة عن جهات قضاء الأحداث تسجل في سجل غير علني يمسكه أمين الضبط و تقيد القرارات المتضمنة تدابير الحماية و التربية في صحيفة السوابق القضائية ، و لا تسلم صحيفة السوابق القضائية رقم 02 إلا لرجال القضاء ، و بذلك فإن الجهات القضائية هي وحدها لها صلاحية الإطلاع على السوابق القضائية للطفل و هو خلاف ما هو مقرر للبالغين .
و إذا أظهر الحدث الذي كان موضوع هذا التدبير اندماجه بصفة نهائية بعد مدة 5 سنوات من تنفيذ الحكم جاز لقسم الأحداث أو محكمة الأحداث مشكلة تشكيلة كاملة بأن تأمر بإتلاف هذه القسيمة و بالتالي لا تختص غرفة الإتهام برد الإعتبار للطفل الحدث .
و يتحقق ذلك بموجب عريضة مقدمة لمحكمة الأحداث من صاحب الشأن أي الطفل أو وصيه القانوني أو النيابة العامة أو من تلقاء نفس المحكمة ليتم إتلاف القسيمة رقم 01
و يختص بالنظر في طلب رد الإعتبار المحكمة التي طرحت أمامها المتابعة أو التدبير ، و رد الإعتبار هو الإجراء الذي يسمح بإلغاء آثار الجريمة من ملف المحكوم عليه و ذلك بعد إتمام الإجراءات المنصوص عليها في المواد 679-693 من ق إ ج :
1- تقديم وصل دفع الغرامة المالية المحكوم بها .
2- إجراء تحقيق حول سلوك الحدث لمعرفة أن الطفل الحدث قد تحسنت أخلاقه و سيرته ، غير أن المختص بإجراء البحث ليست الشرطة و إنما هو نفسه البحث الإجتماعي التي تقوم به المصالح الإجتماعية و إن كانت النصوص المذكورة أعلاه لم تخص الطفل الحدث بأي إجراء ، و لا يخضع حكم قسم الأحداث برد الإعتبار لأي طعن .
الخاتمة
على هدي ما تقدم يكفي أن نذكر بأن نية المشرع باتت واضحة في حماية الطفل ، و غدت تعبر عن سياسة عقابية قد إهتدى بها المشرع سعيا لحماية الطفل ، و إصلاح الطفل الجانح و علاجه ، و لعهل أبرز مظاهر الحماية تكمن في :
1- تجريم جميع صور الإيذاء التي يتعر ض إليها الطفل و التي يكون لها تأثير على حالته النفسية أو الأخلاقية و الصحية .
2- عمل جهات قضاء الأحداث في إختيار أفضل التدابير من أجل إعادة إدماجه مرة أخرى في المجتمع.
إلا أنه يجب أن نشير أن هنالك قصور في وسائل الحماية ، كون الوسائل التي أقرها تمثل حد أدنى من الحماية ، هذا من جهة و من حهة ثانية أن هدف المشرع في الحماية لا يتماشى و الإمكانيات المادية المسخرة خاصة بالنسبة لمراكز الحماية .
و إن كان المشرع عزز من تدبير الحرية و المراقبة بمندوب يقوم بمساعدة الطفل عن طريق إرشاده و تقديم النصائح إليه ، غير انه ما يمكن ملاحظته بالنسبة للمندوبين :
1- نقص عدد المندوبين ، و عدم درايتهم بشؤون الأطفال ، إذ يعتبرون أنفسهم مجرد موظفين إدراين.
2- نقص العنصر النسوي اللواتي يعتبرون همزة الوصل بين الطفل و عائلته .
و هذا ما يدفع القضاة إلى عدم اللجوء إليه و يلجئون إلى الحبس المؤقت.
كذلك يصدق الأمر على مراكز الإستقبال الأطفال الجانحين أو ضحايا الأفعال المرتكبة بحقهم ، لأن قضاة الأحداث يجدون صعوبة من حيث أن عدد المراكز قليل جدا .
فإذا كان بعض مراكز الأحداث مخصصة للجانحين نجد أنها تحوى فتيات هم في خطر معنوي ، و بذلك وجب على قاضي الأحداث أن يفعل النصوص القانونية و يطبقها.
أولا : الـكتـب .
أ- الدكتورـ أحسن بوسقيعة الوجيز في شرح القانون الجنائي الخاص ـ الجرائم ضد الأشخاص و الجرائم ضد الأموال ـ دار هومة طبعة 2002.
ب- الدكتور محمد سعيد نمور – شرح فانون العقوبات – القسم الخاص – الجرائم الواقعة على الأشخاص – الجزء الأول ـ دار الثقافة عمان ـ الطبعة الثانية ـ سنة 2001-2002 .
ت- الدكتور عبد الله سليمان ـ دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري ـ القسم الخاص ـ ديوان المطبوعات الجامعية الطبعة الرابعة ـ سنة 1996.
ث- الدكتور محمد صبحي نجم ـ شرح قانون العقوبات الجزائري ـ القسم الخاص ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ طبعة 2000.
ج- الدكتور إسحاق إبراهيم منصور ـ شرح قانون العقوبات الجزائري ـ جنائي خاص ـ في جرائم ضد الأشخاص و الأخلاق والأموال و أمن الدولة ـ الطبعة الثانية 1988 ـ ديوان المطبوعات الجامعية
ح- الدكتور مروك نصر الدين ـ الحماية الجنائية للحق في سلامة الجسم في القانون الجزائري و القانون المقارن و الشريعة الإسلامية ـ الديوان الوطني للأشغال التربوية الطبعة 1/ 2003.
خ- الدكتورعبد العزيز سعد – الزواج و الطلاق في قانون الأسرة دار هومة ـ طبعة 96.
د- الدكتور عبد العزيز سعد ـ الجرائم الأخلاقية في قانون العقوبات ـ الشركة الوطنية للنشر و التوزيع ـ 2001 .
ذ- الأستاذ ـ عبد الحميد الألفي ـ الجرائم العائلية ـ الحماية الجنائية للروابط الأسرية طبعة سنة 1999.
ر- الدكتور ـ محمد عبد القادر قواسمية ـ جنوح الأحداث في التشريع الجزائري المؤسسة الوطنية للكتاب 1990
ز- الدكتور عبد الحميد الشواربي ـ جرائم الأحداث و تشريعات الطفولة ـ منشاة المعارف الإسكندرية طبعة 1996.
س- عبد الله سليمان سليمان ـ النظرية العامة للتدابير الإحترازية ـ المؤسسة الوطنية للكتاب ـ
ش- جيلالي بغدادي ـ الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية ـ الجزء الأول ـ الطبعة 1 ـ الديوان الوطني للأشغال التربوية 2002 .
ص- الدكتور ـ علي عبد القادر القهوجي ـ الدكتور فتوح عبد الله الشاذلي ـ علم الإجرام و العقاب ـ كيفية تنفيذ الجزاء الجنائي على الأحداث ـ دار المطبوعات الجامعية ـ الإسكندرية.
ثانيا : رسائل الدكتوراه و الماجستير .
أ- ونزاري صليحة ـ الأفعال الماسة بالسلامة الجسدية في القانون الجزائري ـ رسالة ماجستير ـ معهد الحقوق جامعة الجزائر .
ب- القاضي ـ جماد علي ـ الإجراءات الجنائية في جنوح الأحداث و محاكمتهم ـ رسالة ماجستير ـ معهد الحقوق ـ جامعة الجزائر 1975 ص 84 .
ثالثا : المجلات ـ و المقلات .
أ ـ الدكتور مانع علي ـ الحماية الجنائية للطفل في التشريع الجزائري ـ المجلة الجزائرية للعلوم القانونية و الإقتصادية و السياسية العدد الأول لسنة 2001 .
ب- الدكتور مروك نصر الدين ـ جريمة المخدرات في القانون الجزائري ـ بحث مقدم لطلبة المدرسة الوطنية للصحة العمومية ـ نشرة القضاة العدد55 مديرية البحث بوزارة العدل ـ الديوان الوطني للأشغال التربوية 1999 .
رابعا : المحاضرات :
أ- الأستاذة صخري مباركة ـ محاضرات في مادة الأحداث ـ ألقيت على الطلبة القضاة الدفعة 12 السنة الثانية عشر2002- 2003 بالمعهد الوطني للقضاء.
ب- الأستاذة صخري مباركة ـ المراكز المخصصة للأحداث ـ مطبوعة وزعت على الطلبة القضاة الدفعة 12 جوان 2003
ت- الأستاذة ـ فتيحة مراح ـ محاضرات في الطب الشرعي ـ سوء معاملة الأطفال ـ محاضرات ملقاة على الطلبة القضاة لسنة 1992 ـ 1993 .
خامسا : الندوات و الملتقيات .
محافظ الشرطة ـ مسعودان خيرة ـ دور فرقة الأحداث للشرطة في التكفل بقضايا الأحداث ـ ملتقى حول حماية الطفولة و الأحداث ـ 24-25 جوان 2001 الجزائر.
القاضية حشاني نورة ـ دراسة حول قضاء الأحداث في الجزائر ـ الندوة الخاصة بقضاء الأحداث في الدول العربية ـ بيروت من 24 – 26 جوان 1997 ص 18 .
القاضية ـ شرفي مريم ـ المتابعة القضائية للأحداث الجانحين ـ ملتقى حول حماية الطفولة و الأحداث ـ 24-25 جوان 2001 الجزائر .
الدكتور محمد واصل ـ قضاء الأحداث في الدول العربية بين الواقع و التطور ـ الندوة الخاصة بقضاء الأحداث في الدول العربية ـ بيروت من 24 – 26 جوان .
المراجع باللغة الأجنبية:
ََA / gacques Léauté - criminologie et science pénitentiaire -presses universitaires de France.
B/ L’enfant maltraité en Algérie L’action sociale et de la solidarité nationale enquête 2001.
النصوص القانونية :
أ- الأمر 66-155 المؤرخ في 8-6-1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المتمم و المعدل.
ب- الأمر 66-156 المؤرخ في 8-6-1966 المتضمن قانون العقوبات المعدل و المتمم .
ت- الأمر 72-02 المؤرخ في 10-1 - 1972 و المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين.
ث- الأمر 72-03 المؤرخ في 10-1 - 1972 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة. قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين.
ج- الأمر 75-64 المؤرخ في 26-9 - 1975 المتضمن إحداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة .
ح- أمر 75/26 المؤرخ في 19 أفريل سنة 1975 و المتعلق بقمع السكر العلني و حماية القصر من الكحول.
خ- قانون رقم 85/05 و المؤرخ في 16 فبراير 1985 المتضمن حماية الصحة و ترقيتها الجريدة الرسمية العدد 08
د- الأمر 75 – 65 و المتعلق بحماية أخلاق الشباب .
إنتهى
منقول للفائدة ....
اسم الموضوع : الحماية القانونية للطفل في التشريع الجزائي الجزائري ( ج2 )
|
المصدر : كتب و مذكرات وأبحاث القانونية