youcef66dz
عضو متألق
- إنضم
- 3 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 3,786
- مستوى التفاعل
- 114
- النقاط
- 63
دراسة ( الأحكام القضائية ، الصادرة عن المحاكم الأردنية في قضايا المطبوعات و المنشر)-4-
.../...
تابع ...
12- النقد المباح
من المسّلم به أن النقد المباح هو ضمان سلامة المجتمع إذ يحقق مصلحة عامة عندما يتناول تقييم وضع او عمل معين ببيان محاسنه ومساوئه كما يسلط الضوء على واقعة معينة يستطيع جمهور الناس من خلال التعليق عليها فهمها وأدراك حقيقتها وان ما يمس المصلحة العامة يكون صالحا للنقد ولا ينحصر ذلك بمن يتولون المناصب العامة بل يشمل أيضاً بعض الأفراد أصحاب المهن الحرة كالعلماء والأدباء والفنانين والشعراء وغيرهم ، كون أصحابها يحملون صفة اجتماعية عامة .
ويشكل النقد صورة من صور حرية الرأي ، وقد عرفته محكمة النقض المصرية بأنه إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته أو مكانته الاجتماعية وقد قيل آن النقد المباح ليس فيه ذم ولا قدح ولا إهانة أي ليس فيه مساس بشرف الغير او اعتباره او سمعته و إنما فيه نعي على تصرفه أو عمله بغير قصد المساس بشخصه من جهة شرفه أو اعتباره ، فالتفرقة بين الشخص وبين تصرفاته هي التي تحدد دائرة العدوان المعاقب عليه ودائرة النقد الذي لا جريمة فيه0
وقد كفل الدستور الأردني حرية الرأي حين نصت المادة 15/ منه على ان تكفل الدولة حرية الرأي ، ولكل أردني ان يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ان لا يتجاوز حدود القانون أما الفقرة 2 من المادة المذكورة فقد تضمنت بان الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون 0
ولم ينص المشرع الأردني على حق النقد صراحة بعكس الدستور المصري الذي نصت المادة 47 منه صراحة على ان النقد الذاتي والنقد البناء ضمانتان لسلامة البناء الوطني والواقع أن حق النقد هو نتيجة لمبدأ كفالة حرية الرأي والتعبير .
كما لم تتضمن نصوص القوانين الأردنية شروطاً أو أحكاماً صريحة لحق النقد إلا ان من الممكن استنباطها من نصوص متعددة وردت في القوانين الأردنية التي تحكم حرية الرأي من ضمنها قانون المطبوعات والنشر وقانون العقوبات إضافة للقانون الأسمى وهو الدستور الأردني 0
فقد نصت المادة 3 من قانون المطبوعات والنشر بأن الصحافة والطباعة حرتان وحرية الرأي مكفولة لكل أردني ، وله أن يعرب عن رأيه بحرية بالقول والكتابة والتصوير والرسم وغيرها من وسائل التعبير والاعلام0
كذلك فقد نصت المادة 4 منه بأن تمارس الصحافة مهمتها بحرية في تقديم الأخبار والمعلومات والتعليقات وتسهم في نشر الفكر والثقافة والعلوم في حدود القانون وفي إطار الحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة ، واحترام حرية الحياة الخاصة للآخرين وحرمتها0
أما المادة 6 من قانون المطبوعات فقد ذكرت بعض الأمور التي تشملها حرية الصحافة ، بينما حددت المادة 7 منه بعض الأمور التي تعتبر من ضمن آداب مهنة الصحافة وأخلاقياتها ،ثم أشارت المادة 4 منه بأن يتوجب على الصحافة احترام الحقيقة والامتناع عن نشر ما يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الإنسان وقيم الأمة العربية والاسلامية0
وقد أكدّ القضاء الأردني على المبادئ التي سبق ذكرها كما أرسى في أحكامه مبادئ وأسس توضح حدود النقد المباح ففي حكم لمحكمة البداية جاء فيه:
" إذا نشرت الصحيفة الأسبوعية مقالاً تحت عنوان "حكومة القوانين المؤقتة" ورد فيها رأي الكاتب حول التعديلات على قانون العقوبات المؤقت منها بأن الرئيس هو أكثر المتحمسين لإصدار التعديلات التي كان المقصود منها الإطاحة بالحرية الصحيفة وفي موقع أخر ذكر بأن السرية التي حيك بها القانون دون استشارة أولي الأمر من القانونيين والصحفيين تؤكد أن الرئيس يؤمن بالعمل الفردي ويتعامل مع الصحف بأنها عدو...
"فأن المحكمة تجد أن المقال المذكور تضمن نقداً لقانون العقوبات المؤقت وقد ناقش الكاتب أمراً عاماً يهم قطاع الصحفيين وهو ما ورد في قانون العقوبات والذي من وجهة نظره يطيح بحرية الصحافة وهو نقد في موضوعه المجمل لا يخرج عن حدود الحرية التي منحها قانون المطبوعات للصحافة في إطار تأديتها لواجبها وللصحافة حق تناول هذا الموضوع بالنقد والتمحيص.
" أما حول العبارات التي تشير بأن أحد المسؤولين يختبئ خلف مصالحه المادية وشركاته الخاصة التي نهبت الوطن وعبارات أخرى دون إثبات صحتها فيكون الكاتب لم يتناول الموضوع المطروح بموضوعية بشكل يخرج الموضوع عن النقد المباح وتشكل تلك العبارات جرم مخالفة الحقيقة وعدم التوازن والموضوعية في عرض المادة الصحفية" .
وفي حكم أخر جاء فيه :
" ان ما يمس المصلحة العامة يكون صالحاً للنقد وان تناول مثل هذه المواضيع التي اطلع عليها الجمهور من خلال انتشار بحثها في وسائل الإعلام وتحت قبة البرلمان وفي الأوساط السياسية إنما هو دليل الشفافية ومؤشر على الديمقراطية خصوصاً وانه من المعروف ان الشخصية السياسية العامة هي من أكثر الفئات عرضة للنقد لارتباط عملها بمصالح عامة على درجة كبيرة من الخطورة وان عدم إعطاء الصحافة حرية نقد المسؤول في إطار تأديته لعمله وقيامه بمسؤولياته وتقيده بواجباته كشخصية عامة يعتبر تقييداً لحرية الصحافة وفي ذلك خروج عن حق دستوري وتعطيل لمهمة الصحافة في إطار نشر الفكر والوعي" .
ويشترط في النقد ان لا يتضمن الإساءة أو السخرية أو التهكم بقصد الانتقام ، إذ ان النقد لا يعني خروجا عن الضوابط التي يحرمها القانون من حيث حماية شرف الشخص واعتباره ، وهذا ما أكده قرار محكمة البداية الذي أيدته محكمة الاستئناف والذي جاء فيه:
"إذا تعرضت الصحيفة للمشتكي المدعي بالحق الشخصي بالإساءة وكان المقال برمته وضع في إطار السخرية من الشخص المقصود في المادة المذكورة وقد ذكر اسم المشتكي صراحة فيها ونشرت صورته بطريقة لا يمكن القول معها ان الاظناء قد قصدوا الصفة الوظيفية للمشتكي المدعي بالحق الشخصي وهي لا تدع مجالاً للشك بأن المقصود فيها المشتكي فيكون عمل الاظناء مخالفاً للمادة 7 من قانون المطبوعات المتمثل بوجوب مراعاة النزاهة والموضوعية في عرض المادة الصحفية وتشكل خروجاً عن واجبات و آداب مهنة الصحافة وعن إطار مهمتها في نشر الوعي والفكر والثقافة ويشكل ذماً وقدحاً .
ولدى عرض الدعوى على محكمة الاستئناف قررت رد الاستئناف وتأييد القرار المستأنف .
وفي حكم لحكمة البداية وضح مفهوم النقد جاء فيه:
"والنقد المباح هو فعل ليس فيه قذف ولا سب ولا إهانة أي ليس ماساً بشرف الغير أو اعتباره أو سمعته و إنما هو نعي على تصرفه أو عمله بغير قصد المساس بشخصيته من جهة شرفه واعتباره فالتفرقة بين الشخص وبين تصرفاته هي التي يعين دائرة العدوان المعاقب عليها ودائرة النقد الذي لا جريمة فيه .
"القانون يحمي شرف الشخص واعتباره حماية عامة وسلبية ولكن لا يحمي التصرفات لان تصرفات المرء هي الرصيد الذي يتكون منه سمعته في باب الموهبة والجدارة وكل ما يمس هذه السمعة ليس إلا عائقاً في سبيل المجد وجرحاً يصيب الكبرياء . و إنما إذا كان النقد للتصرفات وسيلة مقصودة للمساس بشرف الشخص او الزراية به وتحقيره فأنه لا يكون نقداً بل سباً او قذفاً او إهانة ... لذلك قالوا أن النقد لا يكون مباحاً إلا إذا كان بسلامه نية أي خالياً من قصد التشهير والتحقير إلا انه حين يخلو منهما يكون من النتائج الطبيعية للعيش في مجتمع حر تلك النتائج التي يجب ان يحتكم لها كل راغب في التقدير العام او متطلع إلى كريم المنزلة او حسن الأحدوثة"
وفي حكم لمحكمة البداية أيدته محكمة الاستئناف اعتبرت فيه ان خروج النقد عن قصد النفع العام ومهاجمة أخلاق المؤلف فيما لا صلة له بالكتاب يشكل خروجا عن النقد ، حيث جاء في القرار ما يلي:
" لكل إنسان أن ينقد كتاباً أو مقالاً أو قصيدة أو رسماً وأن يبين سخفه أو غلطه وأن يسخر من مؤلفه بشرط أن يقصد النفع العام وأن لا يهاجم خلق صاحبه فيما لا صلة له في الكتاب أو المقال أو الشعر أو الرسم أما إذا استطرد من التعليق على العجل وذكر وقائع ليست مذكورة فيه و أردفها بتعليقات جارحة تشين المؤلف فأنه يكون قد خرج من النقد إلى القذف" .
لدى عرض الدعوى على محكمة الاستئناف على اثر الطعن به من قبل الكاتبة أيدت النتيجة التي توصلت إليها محكمة البداية إلا إنها خالفتها في المواد القانونية الواجب تطبيقها على تلك النتيجة حيث تضمن القرار فسخ الحكم فيما يتعلق بالفقرة الحكمية المتعلقة بالظنين في جانب مخالفة المحكمة للتطبيق القانوني السليم وعملا بالمواد 5، 42، 46/ج من قانون المطبوعات والنشر رقم 8لسنة 1988 قررت محكمة الاستئناف " إدانة الظنينة بما نسب إليها لمخالفتها لاحكام القانون المذكور والحكم عليها بغرامة مائة دينار والرسوم وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك من أحكام " .
وفي قرار لمحكمة البداية أكد على ان حق النقد هو ضمان لسلامة المجتمع وهو احد وسائل الكشف عن العيوب والتنبيه الى الضرر المحتمل الذي قد يلحق بالمجتمع ، كما تضمن بانه ينبغي تفسير المقال بمجمله للتوصل فيما اذا كان الخبر يشكل نقدا ام لا واهم ماجاء بالقرار هو اذا كان الجرم المنسوب يتعلق بجرم يمس الجهاز القضائي فينبغي تطبيق القانون بأعلى درجات التجرد والحياد ، وبصورة موضوعية تامة بعيدة عن اي ميل ذاتي ففي قرار لمحكمة البداية جاء فيه:
" ينبغي على المحكمة تطبيق القانون على وقائع الدعوى التي تتعلق بنشر خبر يمس الجهاز القضائي بأعلى درجات التجرد والحياد وبصورة موضوعية تامة بعيدة عن اي ميل ذاتي كما هو الحال في جميع الدعاوى التي لا يكون للقضاء علاقة بها.
" العبرة بالقول كله فلا يصح تجزئة المقال او الخطاب واعتبار جزء منه ماس بأحد ما وصرف النظر عن باقي ما جاء فيه إذ يتوجب تفسير المقال بمجمله للتوصل إلى ما يهدف إليه المقال لا التمسك بعبارات ضيقة دون مراعاة العبارات اللاحقة إذ ان المواضيع المتعلقة بالصالح العام تكون محلاً للمراجعة والمراقبة والمناقشة والنقد والانتقاد ضمن حدود القانون.
" النقد المباح هو ضمان لسلامة المجتمع إذ انه أحد وسائل الكشف عن العيوب والتنبيه إلى الضرر المحتمل الذي يلحق بالمجتمع نتيجة تصرفات أو قرارات الأشخاص الذين يتولون المناصب العامة " .
وجاء في حكم لمحكمة البداية أنه :
" إذا قام الظنين بنشر مقال في الصحيفة الأسبوعية تحت عنوان " الجنوب و العشائرية والمجتمع المدني " تضمن المقال تفصيلا عن أحداث الجنوب متسائلا عن سبب هذه الأحداث . وناقدا ما حصل ويحصل حسب فرضيات قام بطرحها مفادها ان أهل الجنوب قد تعودوا على الدعم من الدولة بأشكاله المختلفة فان فعل الظنين ما هو إلا استعمال الحق النقدي الذي منحه الدستور والقانون للأفراد " .
وفي حكم لمحكمة البداية أيدته محكمة الاستئناف حدد الاسس القانونية الواجب مراعاتها عند ممارسة حق النقد حيث جاء فيه :
" 1. ان النقد يحقق مصلحة عامة عندما يتناول تقييم وضع أو عمل معين ببيان محاسنه ومساوئه كما يسلط الضوء على واقعة معينة يستطيع جمهور الناس من خلال التعليق عليها فهمها وإدراك حقيقتها وهذه المصلحة الاجتماعية تربو على مصلحة من قد يناله أو يمسه النقد.
"2. حتى يؤدي النقد دوره الاجتماعي فانه يجب أن يتناول واقعة تعني وتهم المجتمع وأفراده إذ لا يستفيد المجتمع من تناول الحياة الخاصة للأشخاص بل أن المجتمع يتأذى من ذلك إذ أن القوانين والأعراف الاجتماعية تأبى تعريض وقائع الحياة الخاصة للآخرين لاطلاع الناس أو إبداء الرأي فيها.
"3. يدخل في نطاق تقييم الأعمال العامة التي يقوم بها بعض الأفراد أصحاب المهن الحرة كالعلماء والأدباء والفنانين والشعراء وغيرهم ذلك أن أعمالهم هذه تمس أفراد المجتمع ويطلعون عليها مما يجعلها تدخل في الرصيد العام للمجتمع ويحمل أصحابها صفة اجتماعية عامة.
" 4. حتى يكون النقد مباحاً فإنه ينبغي ان يلتزم الناقد حدود إبداء الرأي في الأمر موضوع النقد بما يحقق اطلاع جمهور الناس على وجهة نظره فيه فإذا تجاوز ذلك وخرج عن النقد النزيه إلى التشهير والتجريح فإنه لا يستفيد من تلك الأباحة.
" 5. حتى يكون النقد جاداً نزيهاً ويحقق الغاية من إباحته فإنه يتوجب على الناقد استعمال عبارات ملائمة للواقعة المراد التعليق عليها أو نقدها بحيث تكون العبارات التي يستعملها الناقد ضرورية للتعبير عن رأيه إذ لا يجوز استعمال عبارات أقسى من القدر المحدود الذي يقتضيه عرض الواقعة موضوع النقد فإذا جاوز النقد هذا القدر كان ذلك خروجاً عن حدود النقد المباح.
" 6. ضابط ملائمة العبارة للواقعة المطلوب عرضها هو ثبوت ضرورتها لكي يعبر الكاتب عن رأيه بها بحيث يتبين أنه لو كان الكاتب قد استعمل عبارات أخرى أو أقل عنفاً فان فكرته لم تكن لتحظى بالوضوح أو أن رأيه لن يكون له التأثير الذي يهدف إليه.
" إذا كان المدعي قد سبق وان استعمل عبارات تتصف بالشدة والقسوة بحيث لم تكن ضرورية للتعبير عن رأيه وكان بإمكانه استعمال عبارات أقل شدة بحيث كان الأسلوب الذي اتبعه المدعي في عرض موضوعه يوحي للقارئ بمدلول مختلف عن الغاية من ذلك النقد فإن قيام المدعى عليه بالرد عليه بعبارات مماثلة لها تهدف إلى التهكم والانتقام فيكون المدعي قد ساهم واشترك بفعله في إحداث الضرر حيث أن شدة بعض العبارات التي استخدمها في مقاله والمبالغة في عرض النقد كان السبب الرئيسي في إثارة المدعي عليه ودفعه للرد على مقال المدعي عليه ظناً منه أن الرد قد يعيد له معنوياته الشعرية التي خدشها مقال المدعي " .
لدى عرض الدعوى على محكمة الاستئناف قررت تأييد قرار محكمة البداية حيث جاء بقرارها ما يلي:
"تجد محكمتنا ومن خلال استعراض البينات المقدمة بأن المشتكى عليه (المدعى عليه بالحق الشخصي) قد كتب قصيدة شعرية حيث قام المشتكي ( المدعي بالحق الشخصي) بكتابة تعليق على هذه القصيدة بأسلوب قاسي حيث جاء نقده لهذه القصيدة ببعض العبارات التي تخرج عن حدود النقد المألوف مما جعل المشتكى عليه بالحق الشخصي يقوم بكتابة المقال موضوع هذه القضية رداً على ذلك.
"وعلى ضوء ذلك تجد محكمتنا بان المشتكي (المدعي بالحق الشخصي) هو الذي قام بفعل غير محق الأمر الذي تسبب بنشر المقال موضوع الدعوى من قبل المشتكى عليه (المدعى عليه بالحق الشخصي) الأمر الذي يستوجب إعمال نص المادتين 363 ، 367 عقوبات وعلى ضوء أحكامها... الأمر الذي يستوجب تأييد القرار ورد الاستئناف .
وكذلك قضت محكمة البداية بما يلي:
"إذا نشرت الصحيفة مقالا صحفيا تحت عنوان " الكواليس الساخنة في المؤتمر البرلماني الدولي " وقد تضمن المقال بأن المشتكي قد شارك واستمع إلى كلمة الوفد الإسرائيلي المشارك في البرلمان الدولي المنعقد في عمان وان لجنة التنسيق العليا للأحزاب المعارضة ستضطر إلى مقاطعته وفصله من عضوية لجنة التنسيق على اعتبار أن موقفه يندرج تحت إطار التطبيع مع إسرائيل . ثم عادت الصحيفة وفي عدد لاحق نشرت مقالا أظهرت فيه صورة المشتكي واسمه بالخط العريض يتضمن بان المشتكي قاطع المؤتمر البرلماني ولم يدخل حتى الفندق كما تضمن الإشارة بأن ما نشر في العدد السابق كان خطأ غير مقصود .
"وحيث لم يرد ضمن بينات النيابة ما يثبت سوء نية الاظناء من أن هدفهم كان التشهير والانتقام أو التهكم أو السخرية فيكون حسن النية متوفرا في عمل الاظناء إذ أن ذكر اسم المشتكي في المقال كان خطأ غير مقصود و أن اسم الشخص المقصود كان قريباً من اسم المشتكي وهذا ما اقتنعت به المحكمة " .
أيضا وفي حكم أخر قضت المحكمة بأنه :
" إذا نشرت الصحيفة صورة لاحد النواب تحت تعليق" نظرة . فابتسامة . فوزارة " ووصفت النائب بأنه منافق وكان ذلك على خلفية قيامه بنقد لبرنامج آهلا حكومة كون البرنامج يسخر من رموز السلطة رغم معارضة النائب للحكومة باعتباره من رموز المعارضة فأن اتهام النائب بالمنافق كان اتهاما لاداء ه العام أي النفاق السياسي وليس النفاق الشخصي مما يوفر حسن النية " .
12-الـرد على الخبر غير الصحيح .
أوجبت المادة 27 من قانون المطبوعات والنشر على رئيس التحرير المسؤول نشر الرد أو التصحيح مجانا إذا نشرت المطبوعة الصحفية خبرا غير صحيح أو مقالا لا يتضمن معلومات غير صحيحة بناء على طلب الشخص الذي يتعلق به الخبر أو بناء على طلب الجهة المعنية أو من مدير المطبوعات إذا كانت المعلومات المنشورة تتعلق بالمصلحة العامة وينبغي ان ينشر الرد في العدد الذي يلي تاريخ ورود الرد أو التصحيح وفي المكان والحروف نفسها التي ظهر فيها الخبر أو المقال في المطبوعة .
إلا ان من حق رئيس التحرير رفض نشر الرد أو التصحيح إذا كانت المطبوعة الصحفية قد صححت الخبر أو المقال بصورة دقيقة وكافية قبل ورود الرد أو التصحيح إن إذا كان الرد أو التصحيح موقعا بإمضاء مستعار أو من جهة غير معنية إن مكتوب بلغة غير اللغة التي حرر بها الخبر إن المقال وكذلك إذا كان الرد أو التصحيح مخالفا للقانون إن النظام العام أو منافيا للآداب العامة أو إذا ورد بعد مرور شهرين على نشر الخبر أو المقال "مادة28 مطبوعات" .
وهذا ما جاء في قرار محكمة العدل العليا الذي اعتبر ان حق الرد ينشأ حينما يكون الخبر غير صحيح حيث جاء فيه :
" ان القاعدة التي قررها قانون المطبوعات بان حق الرد المشار إليه في المادتين 32 و 33 سواء أكان للوزير أو لأي شخص أشير إليه في مقال أو خبر منشور في مطبوعة صحفية إنما ينشا حينما يكون المقال أو النبأ إما كاذبا أو مغلوطا بمعنى لو كان المقال غير كاذب أو غير مغلوط ولا إساءة فيه فلا ينشا حق الرد في الحالتين المنصوص عليهما في المادتين سالفتي الذكر " .
وبناء على ما جاء في قرار محكمة العدل العليا يتضح ان رئيس التحرير غير ملزم بنشر الرد على الخبر الصحيح الذي لا إساءة فيه ، كون المادة 27 من قانون المطبوعات والنشر تتعلق بالرد على نشر خبرا غير صحيح أو مقالا يتضمن معلومات غير صحيحة ولا تتعلق بالرد على الرد حتى لا يصبح الأمر سلسله لا تنتهي من الرد والرد على الرد وهذا ما أكدته محكمة البداية في قرارها الذي أيدته محكمة الاستئناف والذي جاء فيه :
" لا يوجد رد على الرد كون المادة 27 من قانون المطبوعات تتعلق بالرد على نشر خبراً غير صحيح أو مقالاً لا يتضمن معلومات غير صحيحة و لا تتعلق بالرد حتى لا يصبح الأمر سلسلة لا تنتهي من الرد و الرد على رد فإنه لا يكون قد ثبت جرم مخالفة المادة 27 من قانون المطبوعات و النشر كون المقال المنشور في الجريدة هو بحد ذاته رد وقد أيدت محكمة الاستئناف هذا القرار .
ولكن يشترط ان يكتب الرد ويقدم فعلا إلى رئيس التحرير ويمتنع عن نشره حتى يقوم الجرم إذ لا يجوز الادعاء بامتناع الصحيفة عن نشر الرد دون إثبات تقديمه فعلا وهذا ما أكده قرار محكمة البداية الذي أيدته محكمة الاستئناف والذي جاء فيه:
" إذا لم يرد في قرار الظن ما يشير إلى إسناد جرم لرئيس التحرير, و لم يرد في شهادة المشتكي أنه طلب الرد على الخبر و رفض رئيس التحرير فإن المذكور يكون بريئا من الجرم المسند إليه " .
لدى عرض الدعوى على محكمة الاستئناف قررت رد الاستئناف و تأييد القرار المستأنف حيث جاء فيه ما يلي:
" حيث أن المشتكي لم يقدم ما يشير إلى إنه قام بالطلب من رئيس تحرير الصحيفة بالرد على ما ورد في الصحيفة الأسبوعية حيث ورد اسم المشتكي و لم تقدم النيابة في بيناتها ما يشير إلى ذلك و لم يرد في إسنادها للظنين سوى جرم مخالفة المادة 27 من قانون المطبوعات 0
" أما بصدد إعلان براءة رئيس التحرير عن مخالفة المادة 27 من قانون المطبوعات و النشر نجد أن الحق في الرد بالنشر يجب أن يمارس وفقاً لشرط حسن النية الذي اعتنقه المشرع صراحة بمقتضى منطوق المادة 59 من قانون العقوبات و التي نصت على ان الفعل المرتكب في ممارسة حق دون إساءة استعماله لا يعد جريمة و إذا كان هو هذا حال الحق بالرد فإن الالتزام بنشر الرد من قبل رئيس التحرير لا يخرج عن نطاق شرط حسن النية وذلك بالتحقق من أن مضمون ٍذلك الرد مشروعاً و لا ينطوي على فعل أو قول يخضع لنص التجريم لأن القول بخلاف ذلك من شأنه ان يؤدي إلى نتائج لم يتمناها المشرع حيث تضحى صفحات المطبوعات مسرحاً لجرائم الشتم و الذم و القدح و هو ما لم يقل به أحد من قبل.
"ومما يؤكد ذلك و يدعمه أنه و إن كان اقتراف أي فعل تنفيذاً للقانون ينأى بفاعله عن المساءلة الجزائية أعمالا لمنطوق المادة 61 من قانون العقوبات إلا أن الفقه الجنائي مستقر على أن الحكم بعدم المسؤولية في هذه الحالة مرهون بأن يكون الفعل المقترف تنفيذاً للقانون يجب أن يتم دونما خروج على القانون فإن وقع الفعل المرتكب مخالفاً للقانون امتنع التبرير و اعتبر الفاعل مسؤولاً " .
والحق في الرد غير مقتصر على من يعنيه الخبر بل لكل من تضرر من الخبر وهذا ما اكده قرار محكمة الاستئناف الذي جاء فيه :
" وحيث أن المادة 44 من قانون المطبوعات قد أجازت للمتضرر إقامة الدعوى ضد رئيس التحرير في حالة مخالفته لأحكام المادة 27 من ذات القانون و حيث أن تعبير المتضرر جاء مطلقاً والمطلق يجري على إطلاقه ما لم يقيده النص صراحة أو دلالة الأمر الذي يستقيم معه وفقاً لطرائق التفسير الأصولية القول بأن حق المتضرر لا يقتصر على من منع الرد على الخبر غير الصحيح أو المقال المغلوط المتعلق به بل يمتد ليشمل كل من تضرر من هذا الرد الأمر الذي كان يتوجب على محكمة الدرجة الأولى البحث أولاً فيما إذا كان المشتكي ينطبق عليه هذا وصف المتضرر ووجه الضرر وبيان فيما إذا كان نشر الرد من قبل رئيس التحرير تم وفقاً لما يرتضيه المشرع و بالحدود التي رسمها القانون و ذلك ليصار للحكم بمسؤولية رئيس التحرير من عدمه " .
ويجب ان تتوفر في الرد الضوابط والشروط القانونية التي يتطلبها نشر الخبر من حيث صحة الخبر وطابعه الاجتماعي وفي إطار الحفاظ على حرمة الحياة الخاصة للآخرين والشروط الأخرى التي سبق ان جرى استعراضها في هذه الدراسة ، كما يجب إثبات من قدم الرد ونشره إذ لا يكفي اعتبار من تعلق الخبر به هو من قام بإرسال الرد الذي يشكل جرماً جزائياً بل لابد من إثبات من اقترف الفعل وقدم الرد وهذا ما أكده قرار محكمة البداية الذي أيدته محكمة الاستئناف والذي جاء فيه:
"إذا لم ترد بينة تثبت قيام الاظناء بإرسال الرد المنشور في الصحيفة الذي يدعي المدعون بأنه يشكل ذم وقدح فيتعين إعلان براءة الاظناء .
"إذا قام رئيس التحرير بنشر الرد الوارد إليه من الجهة ذات العلاقة فتكون الكاتبة قد قامت تنفيذا لحكم القانون وان أفعالها و الحالة هذه لا تؤلف جرما ولا تستوجب عقابا مما يتعين عليه إعلان عدم مسئوليتها " .
لدى عرض الدعوى على محكمة الاستئناف على اثر استئناف القرار من قبل مساعد النائب العام قررت رد الاستئناف وتأييد القرار المستأنف" .
14 - التعـويـض الـمدنـي الناتج عن جرائم المطبوعات
إضافة للعقوبات المقررة بموجب قانون المطبوعات والنشر والقوانين الأخرى ذات العلاقة فأن القانون قد أجاز للمجني عليه المتضرر أيضا المطالبة بالتعويض المدني عن الأضرار التي لحقت به نتيجة الجرم المرتكب بواسطة المطبوعات . وقد نصت الفقرات د ، هـ من المادة 41 من قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 وتعديلاته على ما يلي :
"د. تقام دعوى الحق العام في جرائم المطبوعات الدورية على رئيس التحرير المسؤول وكاتب المادة الصحفية كفاعلين أصليين ، ويكون مالك المطبوعة مسؤولا بالتضامن والتكافل عن الحقوق الشخصية المترتبة على تلك الجرائم وعن نفقات المحاكمة ولا يترتب عليه أي مسؤولية جزائية إلا اذا ثبت اشتراكه او تدخله الفعلي في الجريمة .
هـ. تقام دعوى الحق العام في جرائم المطبوعات غير الدورية على مؤلف المطبوعة كفاعل اصلي وعلى ناشرها كشريك له وإذا لم يكن مؤلفها او ناشرها معروفا فتقام الدعوى على مالك المطبعة ومديرها المسؤول" .
أما المادة 42 من قانون المطبوعات والنشر فقد "اعتبرت أصحاب المطابع والمكتبات ودور النشر والتوزيع ودور الدراسات والبحوث ودور قياس الرأي العام مسؤولين بالتضامن عن الحقوق الشخصية ونفقات المحاكمة التي يحكم بها على مستخدميهم في قضايا المطبوعات التي تنطبق عليها أحكام القانون " .
وللمتضرر المطالبة بالتعويض سواء من خلال إقامة دعوى مدنية لدى المحاكم المدنية المختصة او من خلال الادعاء بالحق الشخصي أمام المحكمة التي تنظر الدعوى الجزائية ، ويقصد بالادعاء بالحق الشخصي التعويض الناتج عن الضرر حيث نصت المادة 52 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بان "لكل شخص يعد نفسه متضررا من جراء جناية أو جنحة ان يقدم شكوى يتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي إلى المدعي العام أو للمحكمة المختصة"0
أما المادة 55 من ذات القانون فقد تضمنت النص على أن لايعد الشاكي مدعيا شخصيا إلا إذا اتخذ صفة الادعاء الشخصي صراحة في الشكوى أو في طلب لاحق قبل صدور الحكم ودفع الرسوم القانونية المترتبة على التعويضات المطالب بها0
وقد أجازت المادة 365 عقوبات للمدعي الشخصي ان يطلب بالدعوى التي أقامها تضمين ما لحقه بالذم أو القدح أو التحقير من الأضرار المادية وما يقدره من التضمينات النقدية في مقابل ما يظن انه لحق به من الأضرار المعنوية وعلى المحكمة ان تقدر هذه التضمينات بحسب ماهية الجريمة وشدة وقعها على المعتدى عليه وبالنسبة إلى مكانته الاجتماعية ويحكم بها .
وتستمد دعوى التعويض أحكامها من أحكام الفعل الضار المنصوص عليها في القانون المدني فقد نصت المادة 256 منه على "ان كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر .
" ويكون الضرر أما بالمباشرة أو التسبب ، فإذا كان بالمباشرة لزم الضمان ولا شرط له ، وإذا وقع بالتسبب فيشترط التعدي أو التعمد أو ان يكون الفعل مفضيا إلى ضرر " .
" ويقدر التعويض في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب شرط ان يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار " .
والضرر ليس فقط الضرر المادي و إنما قد يكون ضررا أدبيا فكل تعد على الغير في حريته أو في عرضه أو في شرفه أو في سمعته أو في مركزه الاجتماعي أو في اعتباره المالي قابل للتعويض .
ويقدر التعويض عادة بالمال او النقد ومع ان التعويض المالي قد لا يعوض الخسارة التي قد لا تزول ويبقى لها اثر إلا ان التعويض بالمال هو مجرد كسب يعوض تلك الخسارة .
وقد أكدت أحكام القضاء الأردني على هذا الحق وقد اعتبرت تلك الأحكام إن المسؤولية المدنية للحكم بالتعويض تستلزم توفر ثلاثة أركان وهي : الفعل الخاطئ والضرر والعلاقة السببية ما بين الضرر والفعل .
وصورة الفعل الخاطئ تتمثل في استعمال الصحيفة لحقها في نشر الأخبار والتعليقات استعمالا غير مشروع أو كانت المنفعة منه لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر . كما أكدت تلك الأحكام ان المسؤولية عن الفعل الضار في حال تعدد المسؤولين عن الفعل الضار ليست تضامنية دائما بل ان كل منهم مسؤول بنسبة نصيبه فيه والأمر جوازي للمحكمة في ان تقضي بالتساوي او بالتضامن او بالتكافل فيما بينهم .
وهذا ما أكدته محكمة البداية في قرارها الذي أيدته محكمة الاستئناف والذي جاء فيه :
"إذا نشرت الصحيفة مقالاً صحفياً بعنوان حملة تموينية لضبط المواد الفاسدة في السوق وقد ظهرت فيه صورة المدعى وابنه فأن ذلك يعطي مدلولاً بأن المدعي من ضمن الأشخاص الذين جرى ضبطهم لارتكابهم المخالفات المشار إليها في المقال وحيث لم ترد أية بينة تثبت ذلك فأن عمل الصحيفة يشكل مساساً بحرمة الحياة الخاصة للمدعي وبسمعته التجارية ومركزه الاجتماعي .
"أن المسؤولية المدنية عن الفعل الضار تستلزم توفر ثلاثة أركان وهي الفعل الخاطئ والضرر والعلاقة السببية ما بين الضرر والفعل وصورة الفعل الخاطئ في هذه الدعوى هو استعمال الصحيفة لحقها استعمالاً غير مشروع او كانت المنفعة منه لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بينما ركن الضرر ثابت من خلال تقرير الخبرة والعلاقة السببية ما بين الفعل والضرر متوفرة.
"كما تضمن القرار بأنه إذا تعدد المسؤولون عن الفعل الضار كان كل منهم مسؤولاً بنسبة نصيبه فيه وللمحكمة ان تقضي بالتساوي او بالتضامن او بالتكافل فيما بينهم".
وقد قررت محكمة الاستئناف تأييد قرار محكمة البداية حيث جاء بقرارها ما يلي:
" ان وضع صورة المستأنف ضده داخل محله ومعه ولده تحت العنوان المذكور بالصحيفة يعطي دلالة واضحة بأن محل المستأنف ضده هو المحل الذي يبيع تلك المواد الفاسدة مما يلحق ضرراً بالمستأنف ضده كون هذا الفعل يمس بسمعة المستأنف ضده التجارية ومركزه التجاري بين الناس فيكون قرار المحكمة متفقاً و أحكام القانون، وحيث أوردت محكمة البداية المواد القانونية الواجبة التطبيق بشكل صحيح وسليم ونحن نؤيدها في النتيجة التي توصلت إليها وفق أحكام المادة 267 من القانون المدني وقرارها متفقا و أحكام المادة 160 من الأصول المدنية " .
وجاء في حكم لمحكمة البداية أيدته محكمة الاستئناف :
"اذا نشرت الصحيفة "ريبورتاج" بعنوان ( يمارسون الشذوذ ويتعاطون المخدرات في بعض صالونات التجميل والحلاقة) وقد تناول الريبورتاج الصحفي لقاءات مع بعض الأشخاص حول الشائعات والأقاويل التي تتحدث عن بعض التجاوزات الأخلاقية وقد جرى وضع صوره المدعية بالحق الشخصي وهي تقوم بتصفيف شعر إحدى السيدات بعد تغطية عينيها بشريط اسود مما يوحي للقارئ بأن المدعية هي من ضمن المقصودين بالريبورتاج الصحفي وحيث ثبت من خلال الشهود انه كان من الممكن التعرف على صورة المدعية بالحق الشخصي فان ذلك يقتضي تعويض المدعية بالحق الشخصي عن الضرر الذي لحق بها والمقدر بمبلغ ستة آلاف دينار" .
لدى عرض الدعوى على محكمة الاستئناف قررت رد الاستئناف وتأييد القرار المستأنف وقد جاء فيه ما يلي :
" وحيث لم يرد أي طعن قانوني أو واقعي على تقرير الخبرة لذا يكون هذا التقرير واضحاً ومتفقاً والأسس المنصوص عليها في المادة 83 من قانون أصول المحاكمات المدنية لذا فأننا نعتمده ونقر محكمة الدرجة الأولى على اعتماده ويكون هذا السبب غير وارد على القرار المستأنف ويتعين رده " .
وجاء في حكم أخر :
"حيث تجد المحكمة انه لم يرد ما يثبت صحة ما ورد بالخبر من أن المدعي قد قام بالاستيلاء على هاتف المقسم ونقله إلى منزله كما لم يقدم المدعى عليه الشكوى المقدمة ضد المدعي والتي أشار المقال بأنها بحوزة المدعي عليه فيكون المدعي عليه قد قام بنشر خبر غير صحيح لا يحقق أي مصلحة اجتماعية ويمس سمعة المدعي بالحق الشخصي.
"إذا تعدد المسؤولون عن الفعل الضار كان كل منهم مسؤولاً بنسبة نصيبه منه وحيث أن المادة 14 من قانون المطبوعات والنشر قد اعتبرت ان رئيس التحرير المسؤول ومالك المطبوعة وكاتب المقال مسؤولين عن نشر الخبر موضوع الدعوى وحيث ان عدم مخاصمة المدعي بالحق الشخصي لباقي المسؤولين عن نشر الخبر المذكور لا يعني ان المدعى عليه الأول قد أصبح مسؤولاً لوحده عن ضمان كامل الضرر طالما ان مسئوليته تنحصر بنسبة نصيبه من ذلك الضمان"
ويجيز القانون إقامة دعوى الحق الشخصي تبعا لدعوى الحق العام أمام المرجع القضائي المقامة لديه هذه الدعوى ، و كما يجوز إقامتها على حدة لدى القضاء المدني ،وفي هذه الحالة يتوقف النظر فيها إلى ان تفصل دعوى الحق العام بحكم مبرم ، وهذا ما نصت عليه المادة 6 من قانون أصول المحاكمات الجزائية ،والتي تضمنت أيضا بأنه لا يجوز للمدعي الشخصي العدول عن الدعوى المقامة لدى القضاء المدني وأقامتها لدى المرجع الجزائي ، ولكن إذا أقامت النيابة العامة دعوى الحق العام جاز للمدعي الشخصي نقل دعواه إلى المحكمة الجزائية ما لم يكن القضاء المدني قد فصل فيها بحكم في الأساس .
وقد اجازت المادة 52 من قانون اصول المحاكمات المدنية لكل شخص يعد نفسه متضررا من جراء جناية او جنحة ان يقدم شكوى يتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي الى المدعي العام او للمحكمة المختصة .
ولا يعد الشاكي مدعيا شخصيا الا اذا اتخذ صفة الادعاء بالحق الشخصي صراحة في الشكوى او في طلب خطي لاحق ودفع الرسوم القانونية قبل صدورالحكم .
لهذا ينبغي ان يكون الوكيل بالخصومة مخولا بالادعاء بالحق الشخصي ، اذ لايكفي ان يكون وكيلا بتقديم الشكوى الجزائية وهذا ما قضت به محكمة البداية حيث جاء في قرارها مايلي:
" إذا لم تكن وكالة وكيل المدعى بالحق الشخصي تخوله المطالبة بالحق الشخصي أو التعويض و إنما اقتصرت على الشق الجزائي فقط فإن تلك الوكالة لا تخول الوكيل حق إقامة الإدعاء بالحق الشخصي عملاً بالمادة 836 من القانون المدني التي نصت على أنه ليس للوكيل في الوكالة الخاصة ألا مباشرة الأمور المبينة فيها و ما يتصل بها من توابع ضرورية تقتضيها طبيعة التصرفات الموكل بها ".
وجاء في حكم أخر لمحكمة البداية جاء فيه :
"إذا كانت القصة الصحفية المنشورة في الصحيفة الأسبوعية تتعلق بعلاقة زوجية خاصة بين زوجين تناولت فيه الكاتبة نشر ريبورتاج صحفي حول قصة معاناة إحدى الزوجات بسبب زواجها من شخص متزوج من زوجة أخرى وله أولاد منها ومن أن الزوج قد أعاد زوجته السابقة بعد أن قام بطلاقها طلاقاً بائناً بينونة كبرى ونشرت صورة عن وثيقة الطلاق صادرة عن محكمة الزرقاء الشرعية إلا انه لم يرد ما يثبت صحة وثيقة الطلاق المنشورة في الصحيفة فيكون ما نشرته الصحيفة لا يحقق أي مصلحة اجتماعية باعتباره خبراً غير صحيح ويمس حرمة الحياة الخاصة للآخرين ويشكل تشهيراً وتعدياً على مركز المدعي الاجتماعي، مما يجعل المدعى عليهم ملزمين بتعويض المدعي عما أصابه من ضرر" .
وايضا قررت محكمة البداية ما يلي :
" إذا لم يرد ضمن البينات ما يثبت طبيعة ومكانة المدعي الاجتماعية ومركزه المالي والاجتماعي فان تقدير التعويض يكون على أساس الحد المعقول المتيقن الثابت بالنسبة للناس كافة من البيئة المحلية واعتماد ما يرد فيها من عادات وتقاليد وقيم اجتماعية واعتبار المدعي شخصاً عادياً من أواسط الناس " .
وجاء في قرار أخر لمحكمة البداية :
" إذا نشرت الصحيفة الأسبوعية خبراً يتضمن بأن (المسؤول... أساس البلاء في الوزارة ... وبأنه المسؤول الأول عن الخلل الإداري والوظيفي وتقع على عاتقه وبأنه لم يكن أميناً وكان له شللية وأنه المسؤول الأول عن الخراب والعفن في الوزارة) ولم يرد ما يثبت صحة الخبر فيكون الخبر لا يحقق أي مصلحة اجتماعية إضافة إلى أن العبارات المستخدمة فيه تمس المدعي بالحق الشخصي وتهدف إلى التشهير به والانتقام منه والتعدي على مركزه الاجتماعي.
"إذا اسقط الجرم الجزائي لشموله بقانون العفو العام فإن المدعي عليهم ملزمين بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصاب المدعى بالحق الشخصي. إذا لم ترد بينه تثبت أن المدعي أستاذ جامعي أو أنه كان يشغل وظيفة عامة بتاريخ نشر المقال فللمحكمة تخفيض قيمة التعويض المقدر من الخبير إذا كانت تلك الوقائع من ضمن ما استند إليه الخبير في تقريره " .
"وكون محكمة البداية تملك نظر دعوى الحق الشخصي تبعا لدعوى الحق العام عملا بالمادتين (6/ 1 و337/ 2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، وعليه فإذا كانت دعوى الحق العام المقامة خلافا لاحكام المادة (43) من قانون المطبوعات والنشر قد أسقطت إثناء التحقيق لصدور قانون العفو العام رقم 36/ 1992 فيتوجب على محكمة البداية رد الادعاء بالحق الشخصي لعدم الاختصاص" .
ولا تتوقف إقامة دعوى التعويض والضمان على الصحيفة بسبب نشرها مقالا يتضمن القدح والذم والتحقير بالمدعي إقامة الدعوى الجزائية لاثبات إدانة الفاعل بالذم والقدح لان المادة 188/ 1 من قانون العقوبات عرفت الذم بأنه إسناد مادة معينة الى شخص ولو في معرض الشك والاستفهام من شأنها ان تنال من شرفه وكرامته او تعرضه إلى بغض الناس واحتقارهم سواء أكانت تلك المادة جريمة تستلزم العقاب أم لا، وبالتالي ليس من الضروري أن تكون مادة الذم المسندة إلى الشخص تشكل جريمة يعاقب عليها القانون وعليه فان إقامة الدعوى الجزائية وإدانة الفاعل ليس ضروريا لاقامة الدعوى المدنية. وكذلك الأمر بالنسبة للقدح الذي يستفاد من تعريفه الوارد في المادة 188/ 2 عقوبات بان القدح قد يقع بحق الشخص المعتدى عليه ولو لم يكن صدر عن الفاعل بصورة الجزم ولو لم يكن يستلزم العقاب.
وهذا ما قضت به محكمة التمييز الاردنية حكم لها كما جاء فيه مايلي:
"ان المسؤولية المدنية لا تخل بالمسؤولية الجنائية متى توفرت شرائطها ولا اثر للعقوبة الجزائية في تحديد نطاق المسؤولية المدنية وتقدير الضمان كما تنص على ذلك المادة 271 مدني بما يستفاد منه أن إقامة الدعوى المدنية لا تتوقف على الدعوى الجزائية ان لم تكن مقامة قبلها في الأصل لامكانية إقامة الدعوى المدنية لدى المحكمة الحقوقية المختصة إذ لا اثر للعقوبة في المسؤولية المدنية " .
و جاء في حكم آخر لمحكمة التمييز ما يلي :
" يستفاد من المادة 256 من القانون المدني التي تنص على أن كل أضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر أن كل فعل يصيب الغير بضرر يستوجب التعويض والفعل أما أن يكون إيجابا أو سلبا ويكون من ضمنه العمل غير المشروع أو العمل المخالف للقانون أو الفعل الذي يحرمه القانون وغني عن البيان أن بيان الأعمال التي يتحقق فيها معنى الضرر وتحديدها والنص عليها في نصوص التشريع أمر يؤدي بالنتيجة إلى الإشكال في الأحكام لذلك ترك المشرع أمر تحديده إلى القاضي يستخلصه حسب طبيعة كل فعل والأضرار هو مجاوزة الحد الواجب الوقوف عنده او التقصير عنه وهو يتناول القيام بعمل او الامتناع عن عمل ويتناول التعويض او حق ضمان الضرر الأدبي وفقا لنص المادة 267/2 مدني " .
وجاء في حكم اخر لمحكمة البداية :
" اذا لم يتضمن المقال الصحفي أسماء المدعين إلا أنه ومن خلال سرد الموضوع فإن بإمكان فئة من الناس ممن هم على علاقة أو علم به من معرفة أن المدعين هم المقصودين كما هو ثابت من خلال البينات الشخصية التي استمعت المحكمة إليها و التي أثبتت ان هناك بعض الناس قد تعرفوا إلى ان المدعين هم المقصودون في المقال فيكون المدعى عليهما مسؤولين عن تعويض المدعين عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة المقال الصحفي المنشور بحقهم " .
إلا انه يجوز للمحكمة تبعا للظروف وبناء على طلب المضرور آن تأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه او تحكم بأداء أمر معين متصل بالفعل الضار وذلك على سبيل التضمين ( المادة 269 مدني ) .
كما أجازت المادة 43 من قانون المطبوعات والنشر للمحكمة التي أصدرت الحكم ان تأمر المحكوم عليه بنشر الحكم المكتسب الدرجة القطعية بكامله مجانا او نشر خلاصة عنه في أول عدد من المطبوعة الدورية الذي سيصدر بعد تبليغ الحكم وفي ذات المكان من المطبوعة التي نشر فيها المقال موضوع الشكوى وبالأحرف ذاتها وللمحكمة اذا رأت ذلك ضروريا ان تقضي بنشر الحكم او خلاصة عنه في صحيفتين أخريين على نفقة المحكوم عليه.
14- عقوبة جرائم المطبوعات
جميع العقوبات المنصوص عليها في قانون المطبوعات و النشر هي الغرامة و لا يوجد أي عقوبة ماسة بالحرية كالحبس إلا أن جرائم المطبوعات غير محصورة بقانون المطبوعات و النشر بل محكومة بعدة قوانين منها قانون المطبوعات و قانون انتهاك حرمة المحاكم و قانون حماية أسرار و وثائق الدولة و قانون الأحداث و قانون نقابة الصحفيين و قد تضمنت بعض نصوص تلك القوانين عقوبة الحبس على بعض جرائم المطبوعات التي ترتكب خلافاً لتلك القوانين.
وقد أجازت المادة 27 من قانون العقوبات للمحكمة التي أصدرت الحكم تحويل عقوبة الحبس إلى الغرامة بواقع دينارين عن كل يوم إذا كانت عقوبة الحبس المحكوم بها لا تزيد عن ثلاثة أشهر, وذلك إذا اقتنعت المحكمة بإن الغرامة عقوبة كافية للجريمة التي أدين بها ذلك الشخص.
كما أوجبت المادة 22 عقوبات حبس المحكوم عليه بالغرامة في مقابل كل دينارين أو كسورهما يوما واحداً على أن لا تتجاوز مدة الحبس عن سنة واحدة و ذلك إذا لم يؤد المحكوم عليه بالغرامة المبلغ المحكوم به عليه.
وباستعراض جميع الأحكام القضائية التي سبق الإشارة إليها نجد أن غالبية تلك الأحكام كانت تتضمن عقوبة الغرامة بالرغم من أن بعض عقوبة الجرائم المسندة فيها كانت تجيز الحبس أيضاً.
أما تلك الأحكام التي تضمنت عقوبة الحبس فقد كانت قليلة جداً كما أن العقوبة المحكوم بها لم تكن في غالبيتها تتجاوز الحبس ثلاثة أشهر الأمر الذي يجيز القانون تحويلها إلى غرامة وفقاً لأحكام المادة 27 مما يعني أن القضاء الأردني اعتبر أن عقوبة الغرامة هي عقوبة كافية لجرائم المطبوعات الأمر الذي يعطي مبرراً للمشرع بإعادة النظر في عقوبات الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات لتصبح جميعها الغرامة بدلاً من الحبس.
كما نجد ان غالبية الجرائم المنصوص عليها في قانون المطبوعات والنشر غير محددة بصورة صريحة حيث اعتبرت الفقرة ج من المادة 46 منه ان أي مخالفة لقانون المطبوعات والنشر لم ينص القانون على عقوبة لها يعاقب مرتكبها بغرامة لا تزيد عن
مائة دينار، وأننا نرى ان هذا النص مخالف لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذي يقضي بان (لا عقوبة ولا جريمة بدون نص) والمقصود بالنص هو النص التشريعي الصريح الذي يجب ان يكون مبينا للفعل الجرمي والعقوبة الواجبة التطبيق ، فأن لم يتوافر هذا الشرط يعد ذلك خروجا على مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات اذ يترتب على مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات نتيجتان هامتان الأولى تتعلق بتحديد مصادر التجريم والعقاب والثانية تتصل بتفسير النصوص الجزائية .
نتائـج الـدراسـة وخلاصتـها
من خلال استعراض أحكام القضاء الأردني المتعلقة بجرائم المطبوعات والنشر سواء تلك المتضمنة الحكم بالبراءة أو عدم المسؤولية أو المتضمنة الإدانة أو الحكم بالتعويض فأننا يمكن أن نستخلص ما يلي :
1- كان القضاء الأردني بمثابة القلعة الحصينة الكفيلة بصد وشل اثر أي انتهاك او تجاوز على نصوص الدستور ، وقد تجلى ذلك في تدخله الجريء في الرقابة على دستورية القوانين وخاصة تلك الأحكام الشهيرة الخاصة بوقف العمل بقانون المطبوعات والنشر والامتناع عن تطبيق أحد نصوصه.
2 - أكد على مبدأ حرية الرأي والتعبير من خلال الصحافة والإعلام .
3- أوجد نوعا من الضوابط والقيود المقبولة التي ترد على ممارسة حرية الصحافة والإعلام بهدف منع إساءة استعمالها .
4- أكد القضاء الأردني على احترامه خصوصية وسمعة الأفراد وعوضّ المجني عليهم بتعويض مادي واثبت بذلك انه الملاذ الذي يلجأ إليه المتضرر لطلب إنصافه .
5-اعتبر القضاء الأردني في أغلب الدعاوى أن الغرامة في جرائم المطبوعات هي عقوبة كافية ولا حاجة لإصدار عقوبة الحبس.
وعلى الرغم مما ورد في البنود السابقة الا ان هناك بعض الامور التي لابد من الاشارة اليها وهي :
1-لم تستقر أحكام القضاء الأردني تماما على تفعيل المادة 41 من قانون المطبوعات والنشر التي تعتبر محكمة البداية صاحبة الاختصاص للنظر في جرائم المطبوعات سواء المرتكبة خلافا لقانون المطبوعات والنشر أو لأي قانون آخر ذي علاقة0
إذ لازلنا نلاحظ أن بعض جرائم المطبوعات تحال لمحكمة أمن الدولة وبعضها إلى محكم الصلح0
2-لم تستقر أحكام القضاء بعد على تفعيل مبدأ الاجتماع المعنوي للجرائم في جرائم المطبوعات ، والتي لا تجيز ملاحقة الفعل الواحد اكثر من مرة عملا بإحكام المادة 57من قانون العقوبات .
إذ ان بعض الأحكام اعتبرت ذلك التعدد بمثابة اجتماع مادي ولم تأخذ بالاجتماع المعنوي0
3-حبذا لو يتم تحديد الفعل المنسوب للمشتكى عليه في جرائم المطبوعات بوضوح 0
اذ من الملاحظ في قضايا المطبوعات التي سبق استعراضها بأن كثيرا من الدعاوى كانت تحال للمحاكم دون بيان الفعل المنسوب للمشتكى عليه بشكل واضح محدد و إنما يكتفى بذكر المادة القانونية التي جرى مخالفتها .
مما تقدم فإننا نستطيع القول بأن القضاء الأردني استطاع أن يحقق التوافق والتوازن ما بين حقوق وحرية الصحافة والمطبوعات وما بين واجباتها فكان بحق الراعي والحامي لحرية الرأي والصحافة في الأردن 0
انتهي بحمد الله .
منقول للفائدة ...
.../...
تابع ...
12- النقد المباح
من المسّلم به أن النقد المباح هو ضمان سلامة المجتمع إذ يحقق مصلحة عامة عندما يتناول تقييم وضع او عمل معين ببيان محاسنه ومساوئه كما يسلط الضوء على واقعة معينة يستطيع جمهور الناس من خلال التعليق عليها فهمها وأدراك حقيقتها وان ما يمس المصلحة العامة يكون صالحا للنقد ولا ينحصر ذلك بمن يتولون المناصب العامة بل يشمل أيضاً بعض الأفراد أصحاب المهن الحرة كالعلماء والأدباء والفنانين والشعراء وغيرهم ، كون أصحابها يحملون صفة اجتماعية عامة .
ويشكل النقد صورة من صور حرية الرأي ، وقد عرفته محكمة النقض المصرية بأنه إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته أو مكانته الاجتماعية وقد قيل آن النقد المباح ليس فيه ذم ولا قدح ولا إهانة أي ليس فيه مساس بشرف الغير او اعتباره او سمعته و إنما فيه نعي على تصرفه أو عمله بغير قصد المساس بشخصه من جهة شرفه أو اعتباره ، فالتفرقة بين الشخص وبين تصرفاته هي التي تحدد دائرة العدوان المعاقب عليه ودائرة النقد الذي لا جريمة فيه0
وقد كفل الدستور الأردني حرية الرأي حين نصت المادة 15/ منه على ان تكفل الدولة حرية الرأي ، ولكل أردني ان يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ان لا يتجاوز حدود القانون أما الفقرة 2 من المادة المذكورة فقد تضمنت بان الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون 0
ولم ينص المشرع الأردني على حق النقد صراحة بعكس الدستور المصري الذي نصت المادة 47 منه صراحة على ان النقد الذاتي والنقد البناء ضمانتان لسلامة البناء الوطني والواقع أن حق النقد هو نتيجة لمبدأ كفالة حرية الرأي والتعبير .
كما لم تتضمن نصوص القوانين الأردنية شروطاً أو أحكاماً صريحة لحق النقد إلا ان من الممكن استنباطها من نصوص متعددة وردت في القوانين الأردنية التي تحكم حرية الرأي من ضمنها قانون المطبوعات والنشر وقانون العقوبات إضافة للقانون الأسمى وهو الدستور الأردني 0
فقد نصت المادة 3 من قانون المطبوعات والنشر بأن الصحافة والطباعة حرتان وحرية الرأي مكفولة لكل أردني ، وله أن يعرب عن رأيه بحرية بالقول والكتابة والتصوير والرسم وغيرها من وسائل التعبير والاعلام0
كذلك فقد نصت المادة 4 منه بأن تمارس الصحافة مهمتها بحرية في تقديم الأخبار والمعلومات والتعليقات وتسهم في نشر الفكر والثقافة والعلوم في حدود القانون وفي إطار الحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة ، واحترام حرية الحياة الخاصة للآخرين وحرمتها0
أما المادة 6 من قانون المطبوعات فقد ذكرت بعض الأمور التي تشملها حرية الصحافة ، بينما حددت المادة 7 منه بعض الأمور التي تعتبر من ضمن آداب مهنة الصحافة وأخلاقياتها ،ثم أشارت المادة 4 منه بأن يتوجب على الصحافة احترام الحقيقة والامتناع عن نشر ما يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الإنسان وقيم الأمة العربية والاسلامية0
وقد أكدّ القضاء الأردني على المبادئ التي سبق ذكرها كما أرسى في أحكامه مبادئ وأسس توضح حدود النقد المباح ففي حكم لمحكمة البداية جاء فيه:
" إذا نشرت الصحيفة الأسبوعية مقالاً تحت عنوان "حكومة القوانين المؤقتة" ورد فيها رأي الكاتب حول التعديلات على قانون العقوبات المؤقت منها بأن الرئيس هو أكثر المتحمسين لإصدار التعديلات التي كان المقصود منها الإطاحة بالحرية الصحيفة وفي موقع أخر ذكر بأن السرية التي حيك بها القانون دون استشارة أولي الأمر من القانونيين والصحفيين تؤكد أن الرئيس يؤمن بالعمل الفردي ويتعامل مع الصحف بأنها عدو...
"فأن المحكمة تجد أن المقال المذكور تضمن نقداً لقانون العقوبات المؤقت وقد ناقش الكاتب أمراً عاماً يهم قطاع الصحفيين وهو ما ورد في قانون العقوبات والذي من وجهة نظره يطيح بحرية الصحافة وهو نقد في موضوعه المجمل لا يخرج عن حدود الحرية التي منحها قانون المطبوعات للصحافة في إطار تأديتها لواجبها وللصحافة حق تناول هذا الموضوع بالنقد والتمحيص.
" أما حول العبارات التي تشير بأن أحد المسؤولين يختبئ خلف مصالحه المادية وشركاته الخاصة التي نهبت الوطن وعبارات أخرى دون إثبات صحتها فيكون الكاتب لم يتناول الموضوع المطروح بموضوعية بشكل يخرج الموضوع عن النقد المباح وتشكل تلك العبارات جرم مخالفة الحقيقة وعدم التوازن والموضوعية في عرض المادة الصحفية" .
وفي حكم أخر جاء فيه :
" ان ما يمس المصلحة العامة يكون صالحاً للنقد وان تناول مثل هذه المواضيع التي اطلع عليها الجمهور من خلال انتشار بحثها في وسائل الإعلام وتحت قبة البرلمان وفي الأوساط السياسية إنما هو دليل الشفافية ومؤشر على الديمقراطية خصوصاً وانه من المعروف ان الشخصية السياسية العامة هي من أكثر الفئات عرضة للنقد لارتباط عملها بمصالح عامة على درجة كبيرة من الخطورة وان عدم إعطاء الصحافة حرية نقد المسؤول في إطار تأديته لعمله وقيامه بمسؤولياته وتقيده بواجباته كشخصية عامة يعتبر تقييداً لحرية الصحافة وفي ذلك خروج عن حق دستوري وتعطيل لمهمة الصحافة في إطار نشر الفكر والوعي" .
ويشترط في النقد ان لا يتضمن الإساءة أو السخرية أو التهكم بقصد الانتقام ، إذ ان النقد لا يعني خروجا عن الضوابط التي يحرمها القانون من حيث حماية شرف الشخص واعتباره ، وهذا ما أكده قرار محكمة البداية الذي أيدته محكمة الاستئناف والذي جاء فيه:
"إذا تعرضت الصحيفة للمشتكي المدعي بالحق الشخصي بالإساءة وكان المقال برمته وضع في إطار السخرية من الشخص المقصود في المادة المذكورة وقد ذكر اسم المشتكي صراحة فيها ونشرت صورته بطريقة لا يمكن القول معها ان الاظناء قد قصدوا الصفة الوظيفية للمشتكي المدعي بالحق الشخصي وهي لا تدع مجالاً للشك بأن المقصود فيها المشتكي فيكون عمل الاظناء مخالفاً للمادة 7 من قانون المطبوعات المتمثل بوجوب مراعاة النزاهة والموضوعية في عرض المادة الصحفية وتشكل خروجاً عن واجبات و آداب مهنة الصحافة وعن إطار مهمتها في نشر الوعي والفكر والثقافة ويشكل ذماً وقدحاً .
ولدى عرض الدعوى على محكمة الاستئناف قررت رد الاستئناف وتأييد القرار المستأنف .
وفي حكم لحكمة البداية وضح مفهوم النقد جاء فيه:
"والنقد المباح هو فعل ليس فيه قذف ولا سب ولا إهانة أي ليس ماساً بشرف الغير أو اعتباره أو سمعته و إنما هو نعي على تصرفه أو عمله بغير قصد المساس بشخصيته من جهة شرفه واعتباره فالتفرقة بين الشخص وبين تصرفاته هي التي يعين دائرة العدوان المعاقب عليها ودائرة النقد الذي لا جريمة فيه .
"القانون يحمي شرف الشخص واعتباره حماية عامة وسلبية ولكن لا يحمي التصرفات لان تصرفات المرء هي الرصيد الذي يتكون منه سمعته في باب الموهبة والجدارة وكل ما يمس هذه السمعة ليس إلا عائقاً في سبيل المجد وجرحاً يصيب الكبرياء . و إنما إذا كان النقد للتصرفات وسيلة مقصودة للمساس بشرف الشخص او الزراية به وتحقيره فأنه لا يكون نقداً بل سباً او قذفاً او إهانة ... لذلك قالوا أن النقد لا يكون مباحاً إلا إذا كان بسلامه نية أي خالياً من قصد التشهير والتحقير إلا انه حين يخلو منهما يكون من النتائج الطبيعية للعيش في مجتمع حر تلك النتائج التي يجب ان يحتكم لها كل راغب في التقدير العام او متطلع إلى كريم المنزلة او حسن الأحدوثة"
وفي حكم لمحكمة البداية أيدته محكمة الاستئناف اعتبرت فيه ان خروج النقد عن قصد النفع العام ومهاجمة أخلاق المؤلف فيما لا صلة له بالكتاب يشكل خروجا عن النقد ، حيث جاء في القرار ما يلي:
" لكل إنسان أن ينقد كتاباً أو مقالاً أو قصيدة أو رسماً وأن يبين سخفه أو غلطه وأن يسخر من مؤلفه بشرط أن يقصد النفع العام وأن لا يهاجم خلق صاحبه فيما لا صلة له في الكتاب أو المقال أو الشعر أو الرسم أما إذا استطرد من التعليق على العجل وذكر وقائع ليست مذكورة فيه و أردفها بتعليقات جارحة تشين المؤلف فأنه يكون قد خرج من النقد إلى القذف" .
لدى عرض الدعوى على محكمة الاستئناف على اثر الطعن به من قبل الكاتبة أيدت النتيجة التي توصلت إليها محكمة البداية إلا إنها خالفتها في المواد القانونية الواجب تطبيقها على تلك النتيجة حيث تضمن القرار فسخ الحكم فيما يتعلق بالفقرة الحكمية المتعلقة بالظنين في جانب مخالفة المحكمة للتطبيق القانوني السليم وعملا بالمواد 5، 42، 46/ج من قانون المطبوعات والنشر رقم 8لسنة 1988 قررت محكمة الاستئناف " إدانة الظنينة بما نسب إليها لمخالفتها لاحكام القانون المذكور والحكم عليها بغرامة مائة دينار والرسوم وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك من أحكام " .
وفي قرار لمحكمة البداية أكد على ان حق النقد هو ضمان لسلامة المجتمع وهو احد وسائل الكشف عن العيوب والتنبيه الى الضرر المحتمل الذي قد يلحق بالمجتمع ، كما تضمن بانه ينبغي تفسير المقال بمجمله للتوصل فيما اذا كان الخبر يشكل نقدا ام لا واهم ماجاء بالقرار هو اذا كان الجرم المنسوب يتعلق بجرم يمس الجهاز القضائي فينبغي تطبيق القانون بأعلى درجات التجرد والحياد ، وبصورة موضوعية تامة بعيدة عن اي ميل ذاتي ففي قرار لمحكمة البداية جاء فيه:
" ينبغي على المحكمة تطبيق القانون على وقائع الدعوى التي تتعلق بنشر خبر يمس الجهاز القضائي بأعلى درجات التجرد والحياد وبصورة موضوعية تامة بعيدة عن اي ميل ذاتي كما هو الحال في جميع الدعاوى التي لا يكون للقضاء علاقة بها.
" العبرة بالقول كله فلا يصح تجزئة المقال او الخطاب واعتبار جزء منه ماس بأحد ما وصرف النظر عن باقي ما جاء فيه إذ يتوجب تفسير المقال بمجمله للتوصل إلى ما يهدف إليه المقال لا التمسك بعبارات ضيقة دون مراعاة العبارات اللاحقة إذ ان المواضيع المتعلقة بالصالح العام تكون محلاً للمراجعة والمراقبة والمناقشة والنقد والانتقاد ضمن حدود القانون.
" النقد المباح هو ضمان لسلامة المجتمع إذ انه أحد وسائل الكشف عن العيوب والتنبيه إلى الضرر المحتمل الذي يلحق بالمجتمع نتيجة تصرفات أو قرارات الأشخاص الذين يتولون المناصب العامة " .
وجاء في حكم لمحكمة البداية أنه :
" إذا قام الظنين بنشر مقال في الصحيفة الأسبوعية تحت عنوان " الجنوب و العشائرية والمجتمع المدني " تضمن المقال تفصيلا عن أحداث الجنوب متسائلا عن سبب هذه الأحداث . وناقدا ما حصل ويحصل حسب فرضيات قام بطرحها مفادها ان أهل الجنوب قد تعودوا على الدعم من الدولة بأشكاله المختلفة فان فعل الظنين ما هو إلا استعمال الحق النقدي الذي منحه الدستور والقانون للأفراد " .
وفي حكم لمحكمة البداية أيدته محكمة الاستئناف حدد الاسس القانونية الواجب مراعاتها عند ممارسة حق النقد حيث جاء فيه :
" 1. ان النقد يحقق مصلحة عامة عندما يتناول تقييم وضع أو عمل معين ببيان محاسنه ومساوئه كما يسلط الضوء على واقعة معينة يستطيع جمهور الناس من خلال التعليق عليها فهمها وإدراك حقيقتها وهذه المصلحة الاجتماعية تربو على مصلحة من قد يناله أو يمسه النقد.
"2. حتى يؤدي النقد دوره الاجتماعي فانه يجب أن يتناول واقعة تعني وتهم المجتمع وأفراده إذ لا يستفيد المجتمع من تناول الحياة الخاصة للأشخاص بل أن المجتمع يتأذى من ذلك إذ أن القوانين والأعراف الاجتماعية تأبى تعريض وقائع الحياة الخاصة للآخرين لاطلاع الناس أو إبداء الرأي فيها.
"3. يدخل في نطاق تقييم الأعمال العامة التي يقوم بها بعض الأفراد أصحاب المهن الحرة كالعلماء والأدباء والفنانين والشعراء وغيرهم ذلك أن أعمالهم هذه تمس أفراد المجتمع ويطلعون عليها مما يجعلها تدخل في الرصيد العام للمجتمع ويحمل أصحابها صفة اجتماعية عامة.
" 4. حتى يكون النقد مباحاً فإنه ينبغي ان يلتزم الناقد حدود إبداء الرأي في الأمر موضوع النقد بما يحقق اطلاع جمهور الناس على وجهة نظره فيه فإذا تجاوز ذلك وخرج عن النقد النزيه إلى التشهير والتجريح فإنه لا يستفيد من تلك الأباحة.
" 5. حتى يكون النقد جاداً نزيهاً ويحقق الغاية من إباحته فإنه يتوجب على الناقد استعمال عبارات ملائمة للواقعة المراد التعليق عليها أو نقدها بحيث تكون العبارات التي يستعملها الناقد ضرورية للتعبير عن رأيه إذ لا يجوز استعمال عبارات أقسى من القدر المحدود الذي يقتضيه عرض الواقعة موضوع النقد فإذا جاوز النقد هذا القدر كان ذلك خروجاً عن حدود النقد المباح.
" 6. ضابط ملائمة العبارة للواقعة المطلوب عرضها هو ثبوت ضرورتها لكي يعبر الكاتب عن رأيه بها بحيث يتبين أنه لو كان الكاتب قد استعمل عبارات أخرى أو أقل عنفاً فان فكرته لم تكن لتحظى بالوضوح أو أن رأيه لن يكون له التأثير الذي يهدف إليه.
" إذا كان المدعي قد سبق وان استعمل عبارات تتصف بالشدة والقسوة بحيث لم تكن ضرورية للتعبير عن رأيه وكان بإمكانه استعمال عبارات أقل شدة بحيث كان الأسلوب الذي اتبعه المدعي في عرض موضوعه يوحي للقارئ بمدلول مختلف عن الغاية من ذلك النقد فإن قيام المدعى عليه بالرد عليه بعبارات مماثلة لها تهدف إلى التهكم والانتقام فيكون المدعي قد ساهم واشترك بفعله في إحداث الضرر حيث أن شدة بعض العبارات التي استخدمها في مقاله والمبالغة في عرض النقد كان السبب الرئيسي في إثارة المدعي عليه ودفعه للرد على مقال المدعي عليه ظناً منه أن الرد قد يعيد له معنوياته الشعرية التي خدشها مقال المدعي " .
لدى عرض الدعوى على محكمة الاستئناف قررت تأييد قرار محكمة البداية حيث جاء بقرارها ما يلي:
"تجد محكمتنا ومن خلال استعراض البينات المقدمة بأن المشتكى عليه (المدعى عليه بالحق الشخصي) قد كتب قصيدة شعرية حيث قام المشتكي ( المدعي بالحق الشخصي) بكتابة تعليق على هذه القصيدة بأسلوب قاسي حيث جاء نقده لهذه القصيدة ببعض العبارات التي تخرج عن حدود النقد المألوف مما جعل المشتكى عليه بالحق الشخصي يقوم بكتابة المقال موضوع هذه القضية رداً على ذلك.
"وعلى ضوء ذلك تجد محكمتنا بان المشتكي (المدعي بالحق الشخصي) هو الذي قام بفعل غير محق الأمر الذي تسبب بنشر المقال موضوع الدعوى من قبل المشتكى عليه (المدعى عليه بالحق الشخصي) الأمر الذي يستوجب إعمال نص المادتين 363 ، 367 عقوبات وعلى ضوء أحكامها... الأمر الذي يستوجب تأييد القرار ورد الاستئناف .
وكذلك قضت محكمة البداية بما يلي:
"إذا نشرت الصحيفة مقالا صحفيا تحت عنوان " الكواليس الساخنة في المؤتمر البرلماني الدولي " وقد تضمن المقال بأن المشتكي قد شارك واستمع إلى كلمة الوفد الإسرائيلي المشارك في البرلمان الدولي المنعقد في عمان وان لجنة التنسيق العليا للأحزاب المعارضة ستضطر إلى مقاطعته وفصله من عضوية لجنة التنسيق على اعتبار أن موقفه يندرج تحت إطار التطبيع مع إسرائيل . ثم عادت الصحيفة وفي عدد لاحق نشرت مقالا أظهرت فيه صورة المشتكي واسمه بالخط العريض يتضمن بان المشتكي قاطع المؤتمر البرلماني ولم يدخل حتى الفندق كما تضمن الإشارة بأن ما نشر في العدد السابق كان خطأ غير مقصود .
"وحيث لم يرد ضمن بينات النيابة ما يثبت سوء نية الاظناء من أن هدفهم كان التشهير والانتقام أو التهكم أو السخرية فيكون حسن النية متوفرا في عمل الاظناء إذ أن ذكر اسم المشتكي في المقال كان خطأ غير مقصود و أن اسم الشخص المقصود كان قريباً من اسم المشتكي وهذا ما اقتنعت به المحكمة " .
أيضا وفي حكم أخر قضت المحكمة بأنه :
" إذا نشرت الصحيفة صورة لاحد النواب تحت تعليق" نظرة . فابتسامة . فوزارة " ووصفت النائب بأنه منافق وكان ذلك على خلفية قيامه بنقد لبرنامج آهلا حكومة كون البرنامج يسخر من رموز السلطة رغم معارضة النائب للحكومة باعتباره من رموز المعارضة فأن اتهام النائب بالمنافق كان اتهاما لاداء ه العام أي النفاق السياسي وليس النفاق الشخصي مما يوفر حسن النية " .
12-الـرد على الخبر غير الصحيح .
أوجبت المادة 27 من قانون المطبوعات والنشر على رئيس التحرير المسؤول نشر الرد أو التصحيح مجانا إذا نشرت المطبوعة الصحفية خبرا غير صحيح أو مقالا لا يتضمن معلومات غير صحيحة بناء على طلب الشخص الذي يتعلق به الخبر أو بناء على طلب الجهة المعنية أو من مدير المطبوعات إذا كانت المعلومات المنشورة تتعلق بالمصلحة العامة وينبغي ان ينشر الرد في العدد الذي يلي تاريخ ورود الرد أو التصحيح وفي المكان والحروف نفسها التي ظهر فيها الخبر أو المقال في المطبوعة .
إلا ان من حق رئيس التحرير رفض نشر الرد أو التصحيح إذا كانت المطبوعة الصحفية قد صححت الخبر أو المقال بصورة دقيقة وكافية قبل ورود الرد أو التصحيح إن إذا كان الرد أو التصحيح موقعا بإمضاء مستعار أو من جهة غير معنية إن مكتوب بلغة غير اللغة التي حرر بها الخبر إن المقال وكذلك إذا كان الرد أو التصحيح مخالفا للقانون إن النظام العام أو منافيا للآداب العامة أو إذا ورد بعد مرور شهرين على نشر الخبر أو المقال "مادة28 مطبوعات" .
وهذا ما جاء في قرار محكمة العدل العليا الذي اعتبر ان حق الرد ينشأ حينما يكون الخبر غير صحيح حيث جاء فيه :
" ان القاعدة التي قررها قانون المطبوعات بان حق الرد المشار إليه في المادتين 32 و 33 سواء أكان للوزير أو لأي شخص أشير إليه في مقال أو خبر منشور في مطبوعة صحفية إنما ينشا حينما يكون المقال أو النبأ إما كاذبا أو مغلوطا بمعنى لو كان المقال غير كاذب أو غير مغلوط ولا إساءة فيه فلا ينشا حق الرد في الحالتين المنصوص عليهما في المادتين سالفتي الذكر " .
وبناء على ما جاء في قرار محكمة العدل العليا يتضح ان رئيس التحرير غير ملزم بنشر الرد على الخبر الصحيح الذي لا إساءة فيه ، كون المادة 27 من قانون المطبوعات والنشر تتعلق بالرد على نشر خبرا غير صحيح أو مقالا يتضمن معلومات غير صحيحة ولا تتعلق بالرد على الرد حتى لا يصبح الأمر سلسله لا تنتهي من الرد والرد على الرد وهذا ما أكدته محكمة البداية في قرارها الذي أيدته محكمة الاستئناف والذي جاء فيه :
" لا يوجد رد على الرد كون المادة 27 من قانون المطبوعات تتعلق بالرد على نشر خبراً غير صحيح أو مقالاً لا يتضمن معلومات غير صحيحة و لا تتعلق بالرد حتى لا يصبح الأمر سلسلة لا تنتهي من الرد و الرد على رد فإنه لا يكون قد ثبت جرم مخالفة المادة 27 من قانون المطبوعات و النشر كون المقال المنشور في الجريدة هو بحد ذاته رد وقد أيدت محكمة الاستئناف هذا القرار .
ولكن يشترط ان يكتب الرد ويقدم فعلا إلى رئيس التحرير ويمتنع عن نشره حتى يقوم الجرم إذ لا يجوز الادعاء بامتناع الصحيفة عن نشر الرد دون إثبات تقديمه فعلا وهذا ما أكده قرار محكمة البداية الذي أيدته محكمة الاستئناف والذي جاء فيه:
" إذا لم يرد في قرار الظن ما يشير إلى إسناد جرم لرئيس التحرير, و لم يرد في شهادة المشتكي أنه طلب الرد على الخبر و رفض رئيس التحرير فإن المذكور يكون بريئا من الجرم المسند إليه " .
لدى عرض الدعوى على محكمة الاستئناف قررت رد الاستئناف و تأييد القرار المستأنف حيث جاء فيه ما يلي:
" حيث أن المشتكي لم يقدم ما يشير إلى إنه قام بالطلب من رئيس تحرير الصحيفة بالرد على ما ورد في الصحيفة الأسبوعية حيث ورد اسم المشتكي و لم تقدم النيابة في بيناتها ما يشير إلى ذلك و لم يرد في إسنادها للظنين سوى جرم مخالفة المادة 27 من قانون المطبوعات 0
" أما بصدد إعلان براءة رئيس التحرير عن مخالفة المادة 27 من قانون المطبوعات و النشر نجد أن الحق في الرد بالنشر يجب أن يمارس وفقاً لشرط حسن النية الذي اعتنقه المشرع صراحة بمقتضى منطوق المادة 59 من قانون العقوبات و التي نصت على ان الفعل المرتكب في ممارسة حق دون إساءة استعماله لا يعد جريمة و إذا كان هو هذا حال الحق بالرد فإن الالتزام بنشر الرد من قبل رئيس التحرير لا يخرج عن نطاق شرط حسن النية وذلك بالتحقق من أن مضمون ٍذلك الرد مشروعاً و لا ينطوي على فعل أو قول يخضع لنص التجريم لأن القول بخلاف ذلك من شأنه ان يؤدي إلى نتائج لم يتمناها المشرع حيث تضحى صفحات المطبوعات مسرحاً لجرائم الشتم و الذم و القدح و هو ما لم يقل به أحد من قبل.
"ومما يؤكد ذلك و يدعمه أنه و إن كان اقتراف أي فعل تنفيذاً للقانون ينأى بفاعله عن المساءلة الجزائية أعمالا لمنطوق المادة 61 من قانون العقوبات إلا أن الفقه الجنائي مستقر على أن الحكم بعدم المسؤولية في هذه الحالة مرهون بأن يكون الفعل المقترف تنفيذاً للقانون يجب أن يتم دونما خروج على القانون فإن وقع الفعل المرتكب مخالفاً للقانون امتنع التبرير و اعتبر الفاعل مسؤولاً " .
والحق في الرد غير مقتصر على من يعنيه الخبر بل لكل من تضرر من الخبر وهذا ما اكده قرار محكمة الاستئناف الذي جاء فيه :
" وحيث أن المادة 44 من قانون المطبوعات قد أجازت للمتضرر إقامة الدعوى ضد رئيس التحرير في حالة مخالفته لأحكام المادة 27 من ذات القانون و حيث أن تعبير المتضرر جاء مطلقاً والمطلق يجري على إطلاقه ما لم يقيده النص صراحة أو دلالة الأمر الذي يستقيم معه وفقاً لطرائق التفسير الأصولية القول بأن حق المتضرر لا يقتصر على من منع الرد على الخبر غير الصحيح أو المقال المغلوط المتعلق به بل يمتد ليشمل كل من تضرر من هذا الرد الأمر الذي كان يتوجب على محكمة الدرجة الأولى البحث أولاً فيما إذا كان المشتكي ينطبق عليه هذا وصف المتضرر ووجه الضرر وبيان فيما إذا كان نشر الرد من قبل رئيس التحرير تم وفقاً لما يرتضيه المشرع و بالحدود التي رسمها القانون و ذلك ليصار للحكم بمسؤولية رئيس التحرير من عدمه " .
ويجب ان تتوفر في الرد الضوابط والشروط القانونية التي يتطلبها نشر الخبر من حيث صحة الخبر وطابعه الاجتماعي وفي إطار الحفاظ على حرمة الحياة الخاصة للآخرين والشروط الأخرى التي سبق ان جرى استعراضها في هذه الدراسة ، كما يجب إثبات من قدم الرد ونشره إذ لا يكفي اعتبار من تعلق الخبر به هو من قام بإرسال الرد الذي يشكل جرماً جزائياً بل لابد من إثبات من اقترف الفعل وقدم الرد وهذا ما أكده قرار محكمة البداية الذي أيدته محكمة الاستئناف والذي جاء فيه:
"إذا لم ترد بينة تثبت قيام الاظناء بإرسال الرد المنشور في الصحيفة الذي يدعي المدعون بأنه يشكل ذم وقدح فيتعين إعلان براءة الاظناء .
"إذا قام رئيس التحرير بنشر الرد الوارد إليه من الجهة ذات العلاقة فتكون الكاتبة قد قامت تنفيذا لحكم القانون وان أفعالها و الحالة هذه لا تؤلف جرما ولا تستوجب عقابا مما يتعين عليه إعلان عدم مسئوليتها " .
لدى عرض الدعوى على محكمة الاستئناف على اثر استئناف القرار من قبل مساعد النائب العام قررت رد الاستئناف وتأييد القرار المستأنف" .
14 - التعـويـض الـمدنـي الناتج عن جرائم المطبوعات
إضافة للعقوبات المقررة بموجب قانون المطبوعات والنشر والقوانين الأخرى ذات العلاقة فأن القانون قد أجاز للمجني عليه المتضرر أيضا المطالبة بالتعويض المدني عن الأضرار التي لحقت به نتيجة الجرم المرتكب بواسطة المطبوعات . وقد نصت الفقرات د ، هـ من المادة 41 من قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 وتعديلاته على ما يلي :
"د. تقام دعوى الحق العام في جرائم المطبوعات الدورية على رئيس التحرير المسؤول وكاتب المادة الصحفية كفاعلين أصليين ، ويكون مالك المطبوعة مسؤولا بالتضامن والتكافل عن الحقوق الشخصية المترتبة على تلك الجرائم وعن نفقات المحاكمة ولا يترتب عليه أي مسؤولية جزائية إلا اذا ثبت اشتراكه او تدخله الفعلي في الجريمة .
هـ. تقام دعوى الحق العام في جرائم المطبوعات غير الدورية على مؤلف المطبوعة كفاعل اصلي وعلى ناشرها كشريك له وإذا لم يكن مؤلفها او ناشرها معروفا فتقام الدعوى على مالك المطبعة ومديرها المسؤول" .
أما المادة 42 من قانون المطبوعات والنشر فقد "اعتبرت أصحاب المطابع والمكتبات ودور النشر والتوزيع ودور الدراسات والبحوث ودور قياس الرأي العام مسؤولين بالتضامن عن الحقوق الشخصية ونفقات المحاكمة التي يحكم بها على مستخدميهم في قضايا المطبوعات التي تنطبق عليها أحكام القانون " .
وللمتضرر المطالبة بالتعويض سواء من خلال إقامة دعوى مدنية لدى المحاكم المدنية المختصة او من خلال الادعاء بالحق الشخصي أمام المحكمة التي تنظر الدعوى الجزائية ، ويقصد بالادعاء بالحق الشخصي التعويض الناتج عن الضرر حيث نصت المادة 52 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بان "لكل شخص يعد نفسه متضررا من جراء جناية أو جنحة ان يقدم شكوى يتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي إلى المدعي العام أو للمحكمة المختصة"0
أما المادة 55 من ذات القانون فقد تضمنت النص على أن لايعد الشاكي مدعيا شخصيا إلا إذا اتخذ صفة الادعاء الشخصي صراحة في الشكوى أو في طلب لاحق قبل صدور الحكم ودفع الرسوم القانونية المترتبة على التعويضات المطالب بها0
وقد أجازت المادة 365 عقوبات للمدعي الشخصي ان يطلب بالدعوى التي أقامها تضمين ما لحقه بالذم أو القدح أو التحقير من الأضرار المادية وما يقدره من التضمينات النقدية في مقابل ما يظن انه لحق به من الأضرار المعنوية وعلى المحكمة ان تقدر هذه التضمينات بحسب ماهية الجريمة وشدة وقعها على المعتدى عليه وبالنسبة إلى مكانته الاجتماعية ويحكم بها .
وتستمد دعوى التعويض أحكامها من أحكام الفعل الضار المنصوص عليها في القانون المدني فقد نصت المادة 256 منه على "ان كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر .
" ويكون الضرر أما بالمباشرة أو التسبب ، فإذا كان بالمباشرة لزم الضمان ولا شرط له ، وإذا وقع بالتسبب فيشترط التعدي أو التعمد أو ان يكون الفعل مفضيا إلى ضرر " .
" ويقدر التعويض في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب شرط ان يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار " .
والضرر ليس فقط الضرر المادي و إنما قد يكون ضررا أدبيا فكل تعد على الغير في حريته أو في عرضه أو في شرفه أو في سمعته أو في مركزه الاجتماعي أو في اعتباره المالي قابل للتعويض .
ويقدر التعويض عادة بالمال او النقد ومع ان التعويض المالي قد لا يعوض الخسارة التي قد لا تزول ويبقى لها اثر إلا ان التعويض بالمال هو مجرد كسب يعوض تلك الخسارة .
وقد أكدت أحكام القضاء الأردني على هذا الحق وقد اعتبرت تلك الأحكام إن المسؤولية المدنية للحكم بالتعويض تستلزم توفر ثلاثة أركان وهي : الفعل الخاطئ والضرر والعلاقة السببية ما بين الضرر والفعل .
وصورة الفعل الخاطئ تتمثل في استعمال الصحيفة لحقها في نشر الأخبار والتعليقات استعمالا غير مشروع أو كانت المنفعة منه لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر . كما أكدت تلك الأحكام ان المسؤولية عن الفعل الضار في حال تعدد المسؤولين عن الفعل الضار ليست تضامنية دائما بل ان كل منهم مسؤول بنسبة نصيبه فيه والأمر جوازي للمحكمة في ان تقضي بالتساوي او بالتضامن او بالتكافل فيما بينهم .
وهذا ما أكدته محكمة البداية في قرارها الذي أيدته محكمة الاستئناف والذي جاء فيه :
"إذا نشرت الصحيفة مقالاً صحفياً بعنوان حملة تموينية لضبط المواد الفاسدة في السوق وقد ظهرت فيه صورة المدعى وابنه فأن ذلك يعطي مدلولاً بأن المدعي من ضمن الأشخاص الذين جرى ضبطهم لارتكابهم المخالفات المشار إليها في المقال وحيث لم ترد أية بينة تثبت ذلك فأن عمل الصحيفة يشكل مساساً بحرمة الحياة الخاصة للمدعي وبسمعته التجارية ومركزه الاجتماعي .
"أن المسؤولية المدنية عن الفعل الضار تستلزم توفر ثلاثة أركان وهي الفعل الخاطئ والضرر والعلاقة السببية ما بين الضرر والفعل وصورة الفعل الخاطئ في هذه الدعوى هو استعمال الصحيفة لحقها استعمالاً غير مشروع او كانت المنفعة منه لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بينما ركن الضرر ثابت من خلال تقرير الخبرة والعلاقة السببية ما بين الفعل والضرر متوفرة.
"كما تضمن القرار بأنه إذا تعدد المسؤولون عن الفعل الضار كان كل منهم مسؤولاً بنسبة نصيبه فيه وللمحكمة ان تقضي بالتساوي او بالتضامن او بالتكافل فيما بينهم".
وقد قررت محكمة الاستئناف تأييد قرار محكمة البداية حيث جاء بقرارها ما يلي:
" ان وضع صورة المستأنف ضده داخل محله ومعه ولده تحت العنوان المذكور بالصحيفة يعطي دلالة واضحة بأن محل المستأنف ضده هو المحل الذي يبيع تلك المواد الفاسدة مما يلحق ضرراً بالمستأنف ضده كون هذا الفعل يمس بسمعة المستأنف ضده التجارية ومركزه التجاري بين الناس فيكون قرار المحكمة متفقاً و أحكام القانون، وحيث أوردت محكمة البداية المواد القانونية الواجبة التطبيق بشكل صحيح وسليم ونحن نؤيدها في النتيجة التي توصلت إليها وفق أحكام المادة 267 من القانون المدني وقرارها متفقا و أحكام المادة 160 من الأصول المدنية " .
وجاء في حكم لمحكمة البداية أيدته محكمة الاستئناف :
"اذا نشرت الصحيفة "ريبورتاج" بعنوان ( يمارسون الشذوذ ويتعاطون المخدرات في بعض صالونات التجميل والحلاقة) وقد تناول الريبورتاج الصحفي لقاءات مع بعض الأشخاص حول الشائعات والأقاويل التي تتحدث عن بعض التجاوزات الأخلاقية وقد جرى وضع صوره المدعية بالحق الشخصي وهي تقوم بتصفيف شعر إحدى السيدات بعد تغطية عينيها بشريط اسود مما يوحي للقارئ بأن المدعية هي من ضمن المقصودين بالريبورتاج الصحفي وحيث ثبت من خلال الشهود انه كان من الممكن التعرف على صورة المدعية بالحق الشخصي فان ذلك يقتضي تعويض المدعية بالحق الشخصي عن الضرر الذي لحق بها والمقدر بمبلغ ستة آلاف دينار" .
لدى عرض الدعوى على محكمة الاستئناف قررت رد الاستئناف وتأييد القرار المستأنف وقد جاء فيه ما يلي :
" وحيث لم يرد أي طعن قانوني أو واقعي على تقرير الخبرة لذا يكون هذا التقرير واضحاً ومتفقاً والأسس المنصوص عليها في المادة 83 من قانون أصول المحاكمات المدنية لذا فأننا نعتمده ونقر محكمة الدرجة الأولى على اعتماده ويكون هذا السبب غير وارد على القرار المستأنف ويتعين رده " .
وجاء في حكم أخر :
"حيث تجد المحكمة انه لم يرد ما يثبت صحة ما ورد بالخبر من أن المدعي قد قام بالاستيلاء على هاتف المقسم ونقله إلى منزله كما لم يقدم المدعى عليه الشكوى المقدمة ضد المدعي والتي أشار المقال بأنها بحوزة المدعي عليه فيكون المدعي عليه قد قام بنشر خبر غير صحيح لا يحقق أي مصلحة اجتماعية ويمس سمعة المدعي بالحق الشخصي.
"إذا تعدد المسؤولون عن الفعل الضار كان كل منهم مسؤولاً بنسبة نصيبه منه وحيث أن المادة 14 من قانون المطبوعات والنشر قد اعتبرت ان رئيس التحرير المسؤول ومالك المطبوعة وكاتب المقال مسؤولين عن نشر الخبر موضوع الدعوى وحيث ان عدم مخاصمة المدعي بالحق الشخصي لباقي المسؤولين عن نشر الخبر المذكور لا يعني ان المدعى عليه الأول قد أصبح مسؤولاً لوحده عن ضمان كامل الضرر طالما ان مسئوليته تنحصر بنسبة نصيبه من ذلك الضمان"
ويجيز القانون إقامة دعوى الحق الشخصي تبعا لدعوى الحق العام أمام المرجع القضائي المقامة لديه هذه الدعوى ، و كما يجوز إقامتها على حدة لدى القضاء المدني ،وفي هذه الحالة يتوقف النظر فيها إلى ان تفصل دعوى الحق العام بحكم مبرم ، وهذا ما نصت عليه المادة 6 من قانون أصول المحاكمات الجزائية ،والتي تضمنت أيضا بأنه لا يجوز للمدعي الشخصي العدول عن الدعوى المقامة لدى القضاء المدني وأقامتها لدى المرجع الجزائي ، ولكن إذا أقامت النيابة العامة دعوى الحق العام جاز للمدعي الشخصي نقل دعواه إلى المحكمة الجزائية ما لم يكن القضاء المدني قد فصل فيها بحكم في الأساس .
وقد اجازت المادة 52 من قانون اصول المحاكمات المدنية لكل شخص يعد نفسه متضررا من جراء جناية او جنحة ان يقدم شكوى يتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي الى المدعي العام او للمحكمة المختصة .
ولا يعد الشاكي مدعيا شخصيا الا اذا اتخذ صفة الادعاء بالحق الشخصي صراحة في الشكوى او في طلب خطي لاحق ودفع الرسوم القانونية قبل صدورالحكم .
لهذا ينبغي ان يكون الوكيل بالخصومة مخولا بالادعاء بالحق الشخصي ، اذ لايكفي ان يكون وكيلا بتقديم الشكوى الجزائية وهذا ما قضت به محكمة البداية حيث جاء في قرارها مايلي:
" إذا لم تكن وكالة وكيل المدعى بالحق الشخصي تخوله المطالبة بالحق الشخصي أو التعويض و إنما اقتصرت على الشق الجزائي فقط فإن تلك الوكالة لا تخول الوكيل حق إقامة الإدعاء بالحق الشخصي عملاً بالمادة 836 من القانون المدني التي نصت على أنه ليس للوكيل في الوكالة الخاصة ألا مباشرة الأمور المبينة فيها و ما يتصل بها من توابع ضرورية تقتضيها طبيعة التصرفات الموكل بها ".
وجاء في حكم أخر لمحكمة البداية جاء فيه :
"إذا كانت القصة الصحفية المنشورة في الصحيفة الأسبوعية تتعلق بعلاقة زوجية خاصة بين زوجين تناولت فيه الكاتبة نشر ريبورتاج صحفي حول قصة معاناة إحدى الزوجات بسبب زواجها من شخص متزوج من زوجة أخرى وله أولاد منها ومن أن الزوج قد أعاد زوجته السابقة بعد أن قام بطلاقها طلاقاً بائناً بينونة كبرى ونشرت صورة عن وثيقة الطلاق صادرة عن محكمة الزرقاء الشرعية إلا انه لم يرد ما يثبت صحة وثيقة الطلاق المنشورة في الصحيفة فيكون ما نشرته الصحيفة لا يحقق أي مصلحة اجتماعية باعتباره خبراً غير صحيح ويمس حرمة الحياة الخاصة للآخرين ويشكل تشهيراً وتعدياً على مركز المدعي الاجتماعي، مما يجعل المدعى عليهم ملزمين بتعويض المدعي عما أصابه من ضرر" .
وايضا قررت محكمة البداية ما يلي :
" إذا لم يرد ضمن البينات ما يثبت طبيعة ومكانة المدعي الاجتماعية ومركزه المالي والاجتماعي فان تقدير التعويض يكون على أساس الحد المعقول المتيقن الثابت بالنسبة للناس كافة من البيئة المحلية واعتماد ما يرد فيها من عادات وتقاليد وقيم اجتماعية واعتبار المدعي شخصاً عادياً من أواسط الناس " .
وجاء في قرار أخر لمحكمة البداية :
" إذا نشرت الصحيفة الأسبوعية خبراً يتضمن بأن (المسؤول... أساس البلاء في الوزارة ... وبأنه المسؤول الأول عن الخلل الإداري والوظيفي وتقع على عاتقه وبأنه لم يكن أميناً وكان له شللية وأنه المسؤول الأول عن الخراب والعفن في الوزارة) ولم يرد ما يثبت صحة الخبر فيكون الخبر لا يحقق أي مصلحة اجتماعية إضافة إلى أن العبارات المستخدمة فيه تمس المدعي بالحق الشخصي وتهدف إلى التشهير به والانتقام منه والتعدي على مركزه الاجتماعي.
"إذا اسقط الجرم الجزائي لشموله بقانون العفو العام فإن المدعي عليهم ملزمين بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصاب المدعى بالحق الشخصي. إذا لم ترد بينه تثبت أن المدعي أستاذ جامعي أو أنه كان يشغل وظيفة عامة بتاريخ نشر المقال فللمحكمة تخفيض قيمة التعويض المقدر من الخبير إذا كانت تلك الوقائع من ضمن ما استند إليه الخبير في تقريره " .
"وكون محكمة البداية تملك نظر دعوى الحق الشخصي تبعا لدعوى الحق العام عملا بالمادتين (6/ 1 و337/ 2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، وعليه فإذا كانت دعوى الحق العام المقامة خلافا لاحكام المادة (43) من قانون المطبوعات والنشر قد أسقطت إثناء التحقيق لصدور قانون العفو العام رقم 36/ 1992 فيتوجب على محكمة البداية رد الادعاء بالحق الشخصي لعدم الاختصاص" .
ولا تتوقف إقامة دعوى التعويض والضمان على الصحيفة بسبب نشرها مقالا يتضمن القدح والذم والتحقير بالمدعي إقامة الدعوى الجزائية لاثبات إدانة الفاعل بالذم والقدح لان المادة 188/ 1 من قانون العقوبات عرفت الذم بأنه إسناد مادة معينة الى شخص ولو في معرض الشك والاستفهام من شأنها ان تنال من شرفه وكرامته او تعرضه إلى بغض الناس واحتقارهم سواء أكانت تلك المادة جريمة تستلزم العقاب أم لا، وبالتالي ليس من الضروري أن تكون مادة الذم المسندة إلى الشخص تشكل جريمة يعاقب عليها القانون وعليه فان إقامة الدعوى الجزائية وإدانة الفاعل ليس ضروريا لاقامة الدعوى المدنية. وكذلك الأمر بالنسبة للقدح الذي يستفاد من تعريفه الوارد في المادة 188/ 2 عقوبات بان القدح قد يقع بحق الشخص المعتدى عليه ولو لم يكن صدر عن الفاعل بصورة الجزم ولو لم يكن يستلزم العقاب.
وهذا ما قضت به محكمة التمييز الاردنية حكم لها كما جاء فيه مايلي:
"ان المسؤولية المدنية لا تخل بالمسؤولية الجنائية متى توفرت شرائطها ولا اثر للعقوبة الجزائية في تحديد نطاق المسؤولية المدنية وتقدير الضمان كما تنص على ذلك المادة 271 مدني بما يستفاد منه أن إقامة الدعوى المدنية لا تتوقف على الدعوى الجزائية ان لم تكن مقامة قبلها في الأصل لامكانية إقامة الدعوى المدنية لدى المحكمة الحقوقية المختصة إذ لا اثر للعقوبة في المسؤولية المدنية " .
و جاء في حكم آخر لمحكمة التمييز ما يلي :
" يستفاد من المادة 256 من القانون المدني التي تنص على أن كل أضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر أن كل فعل يصيب الغير بضرر يستوجب التعويض والفعل أما أن يكون إيجابا أو سلبا ويكون من ضمنه العمل غير المشروع أو العمل المخالف للقانون أو الفعل الذي يحرمه القانون وغني عن البيان أن بيان الأعمال التي يتحقق فيها معنى الضرر وتحديدها والنص عليها في نصوص التشريع أمر يؤدي بالنتيجة إلى الإشكال في الأحكام لذلك ترك المشرع أمر تحديده إلى القاضي يستخلصه حسب طبيعة كل فعل والأضرار هو مجاوزة الحد الواجب الوقوف عنده او التقصير عنه وهو يتناول القيام بعمل او الامتناع عن عمل ويتناول التعويض او حق ضمان الضرر الأدبي وفقا لنص المادة 267/2 مدني " .
وجاء في حكم اخر لمحكمة البداية :
" اذا لم يتضمن المقال الصحفي أسماء المدعين إلا أنه ومن خلال سرد الموضوع فإن بإمكان فئة من الناس ممن هم على علاقة أو علم به من معرفة أن المدعين هم المقصودين كما هو ثابت من خلال البينات الشخصية التي استمعت المحكمة إليها و التي أثبتت ان هناك بعض الناس قد تعرفوا إلى ان المدعين هم المقصودون في المقال فيكون المدعى عليهما مسؤولين عن تعويض المدعين عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة المقال الصحفي المنشور بحقهم " .
إلا انه يجوز للمحكمة تبعا للظروف وبناء على طلب المضرور آن تأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه او تحكم بأداء أمر معين متصل بالفعل الضار وذلك على سبيل التضمين ( المادة 269 مدني ) .
كما أجازت المادة 43 من قانون المطبوعات والنشر للمحكمة التي أصدرت الحكم ان تأمر المحكوم عليه بنشر الحكم المكتسب الدرجة القطعية بكامله مجانا او نشر خلاصة عنه في أول عدد من المطبوعة الدورية الذي سيصدر بعد تبليغ الحكم وفي ذات المكان من المطبوعة التي نشر فيها المقال موضوع الشكوى وبالأحرف ذاتها وللمحكمة اذا رأت ذلك ضروريا ان تقضي بنشر الحكم او خلاصة عنه في صحيفتين أخريين على نفقة المحكوم عليه.
14- عقوبة جرائم المطبوعات
جميع العقوبات المنصوص عليها في قانون المطبوعات و النشر هي الغرامة و لا يوجد أي عقوبة ماسة بالحرية كالحبس إلا أن جرائم المطبوعات غير محصورة بقانون المطبوعات و النشر بل محكومة بعدة قوانين منها قانون المطبوعات و قانون انتهاك حرمة المحاكم و قانون حماية أسرار و وثائق الدولة و قانون الأحداث و قانون نقابة الصحفيين و قد تضمنت بعض نصوص تلك القوانين عقوبة الحبس على بعض جرائم المطبوعات التي ترتكب خلافاً لتلك القوانين.
وقد أجازت المادة 27 من قانون العقوبات للمحكمة التي أصدرت الحكم تحويل عقوبة الحبس إلى الغرامة بواقع دينارين عن كل يوم إذا كانت عقوبة الحبس المحكوم بها لا تزيد عن ثلاثة أشهر, وذلك إذا اقتنعت المحكمة بإن الغرامة عقوبة كافية للجريمة التي أدين بها ذلك الشخص.
كما أوجبت المادة 22 عقوبات حبس المحكوم عليه بالغرامة في مقابل كل دينارين أو كسورهما يوما واحداً على أن لا تتجاوز مدة الحبس عن سنة واحدة و ذلك إذا لم يؤد المحكوم عليه بالغرامة المبلغ المحكوم به عليه.
وباستعراض جميع الأحكام القضائية التي سبق الإشارة إليها نجد أن غالبية تلك الأحكام كانت تتضمن عقوبة الغرامة بالرغم من أن بعض عقوبة الجرائم المسندة فيها كانت تجيز الحبس أيضاً.
أما تلك الأحكام التي تضمنت عقوبة الحبس فقد كانت قليلة جداً كما أن العقوبة المحكوم بها لم تكن في غالبيتها تتجاوز الحبس ثلاثة أشهر الأمر الذي يجيز القانون تحويلها إلى غرامة وفقاً لأحكام المادة 27 مما يعني أن القضاء الأردني اعتبر أن عقوبة الغرامة هي عقوبة كافية لجرائم المطبوعات الأمر الذي يعطي مبرراً للمشرع بإعادة النظر في عقوبات الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات لتصبح جميعها الغرامة بدلاً من الحبس.
كما نجد ان غالبية الجرائم المنصوص عليها في قانون المطبوعات والنشر غير محددة بصورة صريحة حيث اعتبرت الفقرة ج من المادة 46 منه ان أي مخالفة لقانون المطبوعات والنشر لم ينص القانون على عقوبة لها يعاقب مرتكبها بغرامة لا تزيد عن
مائة دينار، وأننا نرى ان هذا النص مخالف لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذي يقضي بان (لا عقوبة ولا جريمة بدون نص) والمقصود بالنص هو النص التشريعي الصريح الذي يجب ان يكون مبينا للفعل الجرمي والعقوبة الواجبة التطبيق ، فأن لم يتوافر هذا الشرط يعد ذلك خروجا على مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات اذ يترتب على مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات نتيجتان هامتان الأولى تتعلق بتحديد مصادر التجريم والعقاب والثانية تتصل بتفسير النصوص الجزائية .
نتائـج الـدراسـة وخلاصتـها
من خلال استعراض أحكام القضاء الأردني المتعلقة بجرائم المطبوعات والنشر سواء تلك المتضمنة الحكم بالبراءة أو عدم المسؤولية أو المتضمنة الإدانة أو الحكم بالتعويض فأننا يمكن أن نستخلص ما يلي :
1- كان القضاء الأردني بمثابة القلعة الحصينة الكفيلة بصد وشل اثر أي انتهاك او تجاوز على نصوص الدستور ، وقد تجلى ذلك في تدخله الجريء في الرقابة على دستورية القوانين وخاصة تلك الأحكام الشهيرة الخاصة بوقف العمل بقانون المطبوعات والنشر والامتناع عن تطبيق أحد نصوصه.
2 - أكد على مبدأ حرية الرأي والتعبير من خلال الصحافة والإعلام .
3- أوجد نوعا من الضوابط والقيود المقبولة التي ترد على ممارسة حرية الصحافة والإعلام بهدف منع إساءة استعمالها .
4- أكد القضاء الأردني على احترامه خصوصية وسمعة الأفراد وعوضّ المجني عليهم بتعويض مادي واثبت بذلك انه الملاذ الذي يلجأ إليه المتضرر لطلب إنصافه .
5-اعتبر القضاء الأردني في أغلب الدعاوى أن الغرامة في جرائم المطبوعات هي عقوبة كافية ولا حاجة لإصدار عقوبة الحبس.
وعلى الرغم مما ورد في البنود السابقة الا ان هناك بعض الامور التي لابد من الاشارة اليها وهي :
1-لم تستقر أحكام القضاء الأردني تماما على تفعيل المادة 41 من قانون المطبوعات والنشر التي تعتبر محكمة البداية صاحبة الاختصاص للنظر في جرائم المطبوعات سواء المرتكبة خلافا لقانون المطبوعات والنشر أو لأي قانون آخر ذي علاقة0
إذ لازلنا نلاحظ أن بعض جرائم المطبوعات تحال لمحكمة أمن الدولة وبعضها إلى محكم الصلح0
2-لم تستقر أحكام القضاء بعد على تفعيل مبدأ الاجتماع المعنوي للجرائم في جرائم المطبوعات ، والتي لا تجيز ملاحقة الفعل الواحد اكثر من مرة عملا بإحكام المادة 57من قانون العقوبات .
إذ ان بعض الأحكام اعتبرت ذلك التعدد بمثابة اجتماع مادي ولم تأخذ بالاجتماع المعنوي0
3-حبذا لو يتم تحديد الفعل المنسوب للمشتكى عليه في جرائم المطبوعات بوضوح 0
اذ من الملاحظ في قضايا المطبوعات التي سبق استعراضها بأن كثيرا من الدعاوى كانت تحال للمحاكم دون بيان الفعل المنسوب للمشتكى عليه بشكل واضح محدد و إنما يكتفى بذكر المادة القانونية التي جرى مخالفتها .
مما تقدم فإننا نستطيع القول بأن القضاء الأردني استطاع أن يحقق التوافق والتوازن ما بين حقوق وحرية الصحافة والمطبوعات وما بين واجباتها فكان بحق الراعي والحامي لحرية الرأي والصحافة في الأردن 0
انتهي بحمد الله .
منقول للفائدة ...
اسم الموضوع : دراسة ( الأحكام القضائية ، الصادرة عن المحاكم الأردنية في قضايا المطبوعات و المنشر)-4
|
المصدر : الملكية الفكرية