
الزاوية القانونية الجزء الأول ( مقدمة و التعريف بالقانون )
مقدمة
أن الحمد والشكر لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد الصادق الأمين .
إخواني يسرني ويشرفني بادي ذي بدء أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير والعرفان ( لوالدي الحبيبان ) رعاهما الله بعين رعايته اللذان غرسا في روح المثابرة والكفاح لتلقي الحرف ثم الكلمة ثم الجملة ثم الكتاب حتى نلت وحملت شرف العلم لحين الحصول على الشهادة الجامعية ومن ثم اللقب المهني ( مستشار قانوني ) فالفضل أولاً وأخراً لله سبحانه وتعالي ثم لهما جزاهما الله خير الجزاء وحفظهما من كل شر ومكروه وأمد في عمرهما بطاعته ورضاه ، وأسأل ألله العلي القدير أن أنال رضاهما في الدنيا والآخرة .
وكما أن الشكر موصول لكل من حرث صبراً وعلم حرفاً وسقا علماً وقطف ثمراً
( أساتذتي الكرام )
وكما يسرني أن أخص بالشكر الأخ الفاضل / بندر الماضي ( نديم الشاشة ) الذي أبدا تأييده ومباركته لما سأطرحه من هذا اليوم وصاعداً تحت مسمى ( الزاوية القانونية ) .. الذي أقدم فيه أهم المبادئ القانونية ( الأنظمة ) ذات العلاقة الإجتماعية والإقتصادية راجياً من الله العلي القدير الجزاء ثم إستفادتكم منها .. حيث أصبح القانون ( النظام ) يمثل أحد الأسس الهامة في كافة المجتمعات حاضراً ومستقبلاً لنواكب مسيرة التطور الإقليمي والعالمي في كافة المجالات والتعاملات القائمة بين الأشخاص سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو أشخاص إعتباريين .
وأخيراً وليس أخراً
أهب ثواب هذا الطرح لروح جدي الشيخ / إبراهيم بن إسماعيل جوهرجي
رحمة الله عليه
مبادئ القانون
( التعريف بالقانون )
- القانون :
اعتادت الأنظمة الوضعية استعمال كلمة (( قانون )) والتي لا تعدو أن تكون مجرد مرادف لكلمة (( نظام )) وقد درجت المملكة العربية السعودية على استعمال كلمة نظام كبديل لكلمتي قانون وتشريع لتطلقها على مجموعة قواعدها الوضعية .
فقد قصد به من ناحية أولى مجموعة القواعد التي تسهم في تنظيم المجتمع والتي يتعين الأمثال في أحكامها والنظر إليه وفق هذا المفهوم يعطيه معنى عاماً غير محدد بفترة محددة ولا يعني مجتمعاً بذاته وإنما ينصرف إلى المجتمع بصفة عامة ، كما يقصد به مجموعة القواعد التي تنظم نوعاً خاصاً من العلاقات .
- خصائص القواعد القانونية :
خصائص قواعده : الفانون ضرورة يستلزمها كل مجتمع سواء في أحواله الاقتصادية أو الاجتماعية :-
الخاصية الأولى : العمومية والتجريد :
لم تقرر في مواجهة شخص معين أو حالة بذاتها وإنما خاطبت فئات تضم أفراد المجتمع الذي أصدرها ، وحيث كان الأمر كذلك فإنه بتعيين خضوع من توافرت فيه شروط انطباقها من الأفراد ، وهذا ما يضفي عليها صفة العمومية والتجريد . فهي عامة لأنها صورت في مواجهة الكافة ، ومجرد لأنها لم تقصد شخصاً معيناً أو واقعة بذاتها .
والأمر بالنسبة لقواعد الشريعة الإسلامية والتي أوحى بها الله جل شأنه لنبيه الكريم .. قواعد عامة جاءت لتنظيم السلوك البشري على أساس من المساواة وتتمثل العمومية في كثير من الآيات القرآنية التي خاطبت المجتمع والتي بدأت بعبارات منها (( يا أيها الناس )) و (( يا أيها الذين آمنوا )) .
الخاصية الثانية : عناية القاعدة بالسلوك :
ويجيء سلوك الإنسان ، عادة تعبيراً عن نيته الداخلية وهذا يعني أن ذلك السلوك قد لا يكون مطابقاً لما في داخل النفس دائماً ، ومع ذلك فإن القاعدة القانونية في أغلب الأحوال لا تهتم إلا بالمسلك الخارجي دونما اعتبار الدوافع الداخلية إلا في حالات استثنائية .
فالتمييز بين القتل العمد والقتل الخطأ لا يأتي إلا بالوقوف على نية القاتل ، ومن ثم
اختلاف الجزاء تبعاً لذلك . والتميز والتمييز بين الدين حسن النية والآخر سيئ النية ، واختلاف الآثار المترتبة على ذلك من حيث تطبيق أحكام التنفيذ الجبري .
والأمر بالنسبة للقاعدة الشرعية فهي قد جاءت لتوضيح ما يجب أن يكون عليه سلوك أفراد المجتمع بصفة عامة تتميز عن القاعدة الوصفية من حيث اتساع النطاق بحيث لا تستكفي بمجرد تنظيم سلوك الفرد بالنسبة لعلاقته بغيره ، وإنما امتدت لتشمل سلوكه نحو نفسه وعادة نحو ربه .
الخاصية الثالثة : القاعدة القانونية ملزمة :
تتميز القواعد القانونية بالإلزام ، أي أن الخضوع لأحكامها لا يترك لمجرد إرادة الفرد المخاطب ، وإنما يجب عليه طاعتها بحيث يوقع عليه جزاء معين إذا لم يمتثل لأحكامها ، كما أن توقيع الجزاء تنفرد به السلطة العامة فلا يترك للمضرور فيما عدا حالات استثنائية يسيرة تتمثل في حالة الدفاع الشرعي ، ولا شك أن إلزامية القاعدة القانونية أمر يستوجبه استقرار المجتمع بصفة عامة وهو ما لا يمكن إدراكه إذا تركت القاعدة لمحض إرادة المخاطبين بها ،إذ تصبح عندئذ مجرد نصيحة ، قد لا يلتفت إليها مع ما يترتب على ذلك من مضار .
- مميزات الجزاء :
الإلزامية تقتضي ضرورة اصطحاب القاعدة بجزاء توقعه الدولة بوصفها السلطة العامة .
والجزاء هو : عقاب معين يوقع عند الامتثال لأحكام القاعدة القانونية وذلك إجباراً على احترامها ، وللجزاء مميزات معينة :
1- أنه مادي : أي يتخذ مظهراً مادياً أو شكلا ً إيجابياً يقوم أساساً على إجبار الأفراد على احترام القاعدة القانونية .
2- حال غير مؤجل : أي يوقع على المخالف فور تحقق المخالفة .
3- تتولى الدولة توقيعه : وتقوم الدولة بتوقيعه ، عن طريق إحدى مؤسساتها ، وفقاً لنظام محدد يقوم ببيان الواجبات التي يتعين احترامها وبيان الجزاء المترتب على مخالفاتها بجانب التي تتبع عند وقوع المخالفة .
- صور الجزاء :
أولاً :الجزء الجنائي : وهو الذي يترتب على مخالفة قواعد القانون الجنائي .
ثانياً : الجزاء المدني : وهو الذي يلحق بالشخص عند مخالفة قواعد القانون الخاص ، وصوره متعددة ومنها على سبيل المثال :
البطلان : وهو جزاء يمكن إعماله في مواجهة التصرفات التي تأتي على غير ما تقتضيه قواعد القانون . وعلى ذلك تعتبر باطلة تصرفات الصبي غير المميز كما يقع باطلا كل عقد إذا كان سببه غير مشروع .
التعويض : وهو ما يحكم به جبراً للضرر حيث تعذر إزالة المخالفة ، كمن يلحقه أذى نتيجة فعل غير مشروع فيحكم له بالتعويض جبراً للأضرار التي لحقته .
( أقسام القانون مع نبذة مختصرة عنها )
ينقسم القانون عادة بالنظر إلى أطراف العلاقة القانونية إلى قانون عام وقانون خاص .
ويستند التقسيم إلى وجود الدولة في تلك العلاقة ، فالدولة إما أن تتصرف بوصفها سلطة عامة
وإما بوصفها مجرد فرد عادي .
فإذا كان تصرفها بوصفها سلطة عامة .. فإنها عندئذٍ تحتاج إلى سلطات غير عادية تمكنها من أداء دورها مما يتعين معه إخضاع تلك العلاقات إلى قواعد القانون العام .. ومن ثم يعرف القانون العام بأنه : مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات التي تدخل الدولة فيها طرفاً بوصفها سلطة عامة .
كما أن الدولة قد تتعامل مع الغير بوصفها شخصاً عادياً .. فتتعامل مع الأفراد فيما يتعاملون فيه من بيع وشراء ورهن وتأجير في حدود ما يمكنها من أداء مهامها فمن ثم يتعين إخضاع كل العلاقات التي تنشأ في ذلك الصدد لقواعد القانون الخاص ومن ثم يعرف القانون بأنه : مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة بوصفها شخصاً عادياً .
طبيعة كل من القاعدتين ( العامة والخاصة ) :
إن قواعد القانون العام تكفل للدولة سلطات واسعة تعلو بها على الفرد وذلك مما يمكنها من أداء وظائفها أداء تاماً لا يراد بها إلا حماية الصالح العام للمجتمع .
قواعد القانون الخاص : أنها لا تخص أياً من أطراف العلاقة بوضع متميز ، وإنما تحرص على تحقيق المساواة بينهما ن ومن ثم فإن الغرض منها حماية المصالح الخاصة في المقام الأول .
لذلك فإن قواعد القانون العام تعلو وترجح قوتها الملزمة على قواعد القانون الخاص مما يترتب عليه احتمال التضحية بالمصلحة الخاصة في سبيل مصلحة المجموع .
فروع القانون العام :
1- قانون عام خارجي : وهو ذلك الذي يحكم علاقات الدولة بغيرها من الدول .
2- قانون عام داخلي : وهو الذي يحكم العلاقات التي تنشأ بين الدولة والأشخاص العاديين .
القانون الدولي العام :
هو مجموعة القواعد التي تنظم علاقات الدول في السلم والحرب وعلاقاتها بالمنظمات الدولية .
القانون الداخلي العام :
وهذا ينقسم إلى أفرع متعددة :
1- القانون الدستوري : ويعرف بأنه مجموعة القواعد التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها مع بيان هيئاتها وتوزيع السلطة بينها بشكل يبين اختصاص كل منها بسلطات محددة . ويهتم القانون الدستوري بوضع الخطوط الرئيسية عليها التنظيم الاجتماعي وذلك بتحديد شكل الدولة وبيان نظام الحكم فيها .. والهيئات الأساسية للدولة ثلاثة وهي : تشريعية يوكل إليها وضع التشريع ، وقضائية تقوم بتطبيقه ، وتنفيذية يعهد إليها بتنفيذه.
2-القانون الإداري : وهو مجموعة القواعد المنظمة لنشاط السلطة التنفيذية عند قيامها بوظائفها الإدارية .
3-القانون المالي : هو مجموعة القواعد التي تنظم مالية الدولة وبيان مواردها وأوجه إنفاقها .
4-القانون الجنائي : يمكن تعريفه بأنه مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد الجريمة والعقوبة المقررة لها مع بيان الإجراء الذي يتبع سواء بالنسبة للتحقيق مع الجاني لحالته ، ويشمل القانون الجنائي نوعين من القواعد :
الأولى: قواعد موضعية وهي ما يسمى بقانون العقوبات .
والثانية : قواعد شكلية أو إجرائية وهي ما يعرف بقانون الإجراءات الجنائية .
فروع القانون الخاص :
عرف القانون الخاص بأنه ذلك القانون الذي تقوم قواعده بتنظيم العلاقات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة بوصفها شخصاً عادياً ، ويتكون القانون الخاص من أفرع عديدة أهمها :
•القانون المدني :
هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات المالية والأحوال الشخصية لأفراد المجتمع . فقواعده تنظم نوعين من العلاقات هما :
العلاقات المالية والأحوال الشخصية ، والمالية منها تتصل بكل ما يخص نشاط الأفراد المالي ، وعلى ذلك فإن القواعد المتعلقة بها تتكفل بتعريف المال والحقوق المالية وكيفية اكتسابها وانتقالها وانقضائها ، وهي ما تعرف بالمعاملات أو الأحوال المدنية .
أما الأحوال الشخصية فإنها تعنى بكل ما يتعلق بالفرد باعتباره عضواً في الأسرة ،كمسائل النسب والقرابة والأهلية وما إلى ذلك مما يعتبر متعلقاً بالأحوال الشخصية .
هذا وقد درجت القوانين المدنية ، في معظم البلاد العربية ، على استبعاد العلاقات الأسرية من مجالها واقتصادها على العلاقات المالية فحسب . أما مسائل الأحوال الشخصية فقد أخضت إلى الشريعة التي ينتمي إليها الفرد بحسب دينه أو ملته .
مركز القانون المدني بالنسبة لأفرع القانون الخاص :
يعتبر القانون المدني الأصل لكافة القوانين الخاصة إلا أنه بتطوير الحياة الاقتصادية وتعقدها بدأت بعض العلاقات تستقل بقواعد خاصة بها تتواءم مع طبيعتها . ففي مرحلة أولى انفصلت القواعد الشكلية وكونت ما يسمي بقانون المرافعات ، ثم في مرحلة ثانية انفصلت العلاقة التجارية عن دائرة المدني واستقل بها فرع القانون التجاري ، وتوالى الأمر على ذلك فاستقلت أفرع كثيرة من الأصل كالبحري ، والقانون الجوي ، و قانون العمل والعمال والتأمين ، وأصبحت نظماً قائمة بذاتها .
•القانون التجاري :
وهو من أهم أنواع القانون الخاص ، ويشتمل على مجموعة من القواعد التي تعنى أساساً بتنظيم الشئون التجارية .
موضوعات القانون التجاري :
إن قواعد القانون التجاري هي التي تكفل بيان العمل التجاري وتنظم الشركات التجارية والعقود الخاصة بها .
كما تعنى بصفة خاصة بالملكية التجارية والصناعية والأوراق التجارية من كمبيالات وشيكات وسندات إذنيه كمقاضي وأحكام إفلاس التاجر .
القانون التجاري لا يقتصر على النشاط التجاري الذي يمارسه التاجر والشركات فحسب وإنما ينطبق أيضاً على الأعمال التجارية التي يمارسها القطاع العام أيضاً طالما تحققت الصفة التجارية في النشاط الممارس .
القانون التجاري في المملكة العربية السعودية :
قد عرفت المملكة العربية السعودية النظم التجارية وذلك منذ 1345هـ حيث صدر آنذاك نظام المجلس التجاري ، كما صدر نظام المحكمة التجارية لسنة 1355هـ . وقد نص هذا الأخير على المواضيع المتعلقة بالتجارة كتعريف التاجر وشروطه وصفاته وأنواعه . كما تضمن قواعد خاصة بالشركات والوكيل بالعمولة والإفلاس والتجارة البحرية ، بجانب قواعد تتعلق بأصول المحاكمات التجارية . ثم أجيز نظام الأوراق التجارية لسنة 1383هـ متضمناً قواعد خاصة بالكمبيالات والسند لأمر والشيك .
وأعقب ذلك نظام الشركات لسنة 1385هـ بجانب عدد من النظم المتعلقة بالمسائل التجارية .
قانون العمل :
القانون الذي يحكم العلاقات التي تنشأ بين العمال وأرباب العمل ، وذلك بحكم مراكزهم المتساوية وما يستمتع به أطراف تلك العلاقة من حرية .
تسعى القواعد القانونية جاهدة إلى إضافة الحماية على الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية حتى لا يكون ضحية لاستغلال الطرف الآخر . وقد ترتب على ذلك وجوب خضوع العلاقة العمالية لسلطان المشرع بحيث يكون عليها من القيود ما يراه كفيلاً بتحقيق العدالة الاجتماعية كما يتصورها وفقاً للظروف المحيطة .
-أهداف التشريعات العمالية : وتهدف التشريعات من ذلك التدخل الحفاظ على حقوق العمال وحمايتهم مما قد يلحق بهم من استغلال نتيجة الظروف التي سبق الإشارة إليها .
القانون الدولي الخاص :
إن العلاقات القانونية تختلف بحسب اختلاف أطرافها فمن العلاقات ما ينشأ بين أفراد المجتمع الواحد وعندئذٍ تعتبر العلاقة علاقة وطنية سواء بالنظر إلى أطرافها أو إلى موضوعها .
فإذا نشب نزاع بخصوصها فإن الاختصاص تنفرد به المحاكم الوطنية كما وأن حسمه لا يكون إلا وفقاً للقانون الوطني. وعلى ذلك فإن القانون الدولي الخاص هو مجموعة القواعد التي تحدد المحكمة المختصة كما تحدد القانون الواجب التطبيق ، وذلك عند حسم المنازعات ذات العنصر الأجنبي .
قانون المرافعات المدنية التجارية :
هو مجموعة القواعد التي تبين الإجراءات الواجبة الإتباع للوصول على الحقوق قضاء ، أي بعبارة أخرى فإن قواعده هي التي تحدد طرق الالتجاء إلى القضاء وبيان الإجراءات التي يتعين إتباعها وكيفية الفصل في المنازعات .
القانون البحري :
ويشتمل على مجموعة القواعد التي تعنى بتنظيم الملاحة في البحار سواء أكانت متعلقة بالتجارة أو النقل البحري .
وتعتبر السفينة الأداة الرئيسية في التجارة البحرية ، ومن ثم فيشتمل قواعد القانون البحري التنظيم اللازم لما يرد على السفينة من حقوق خاصة بتنظيم ملكيتها وانتقالها ورهنها . كما تتضمن تنظيماً لكل العلاقات التي قد تنشأ بين ربانها ومالكها . بجانب كل ذلك فإنها تعنى بعقد النقل البحري وعقد العمل البحري ومسئولية الناقل .
أنواع القواعد القانونية
تصنف إلى قواعد مكتوبة ، وذلك حيث كان مظهرها ثابتاً ملموساً وأخرى غير مكتوبة إذا لم يكن مظهرها كذلك ، وقد تجيء القاعدة محددة للحقوق والواجبات ، وبذلك قسمت إلى قواعد موضوعية وأخرى شكلية كما قد يؤسس التقسيم على مدى إلزام القاعدة للمخاطبين بها ، وعندئذٍ تتفرع إلى قواعد آمرة وأخرى مكملة .
-القواعد الآمرة :
هي التي تنظم بها المشرع شئون الأفراد وأوجب الخضوع لأحكامها : وهذا يعني أنه لا يجوز مخالفتها أي لا مجال لأعمال إرادة الأفراد بشأنها وإنما يتعين عليهم التصرف على ضوئها فحسب وإلا جاء تصرفهم باطلا .
وعلى ذلك فإن اتفاق الأفراد على غير ما نظمه المشرع في هذا الشأن يعتبر باطلاً لما قد يترتب عليه من أضرار لا يقتصر أثرها على أطراف الإنفاق فحسب ، وإنما تنعكس آثارها على مصالح المجتمع الأساسية .
-القواعد المكملة :
هي تنظيم علاقات كثيرة للأفراد ووضع لها قواعد متعددة إلا أنه لم يجبر الأفراد على ضرورة إتباعها ، وإنما أباح لهم الاتفاق على خلافها لعدم تعلقها بالنظام العام و ارتباطها بمصالحهم الخاصة .
فالمشرع تقديراً منه لظروف المجتمع ، قد قام بوضع قواعد معينة في شأن كثير من المعاملات فوضع قواعد نظم بها الكثير من المعاملات المالية كما نظم علاقة الإيجار والتأمين والبيع الإيجاري ، إلى آخر ذلك من المعاملات التي تعارف عليها المجتمع .
وقد راعى بالنسبة للأحكام التي أوردها تنظيماً لهذه المعاملات ما استقر عليه العرف والعادات وما نصت عليه القوانين الأساسية من قيود إلا أنه نظراً لتأثر هذه المعاملات بالأحوال الاقتصادية وما يعتريها من تغيير ، فإن المشرع لم يشأ إجبار الأفراد على ضرورة مواءمة اتفاقاتهم على ما نص عليه ممن أحكام لتلك المعاملات وإنما خولهم الحق في مخالفاتها إن شاءوا والإتفاق على غيرها ، وذلك تمشياً مع مرونة المعاملات .
-التمييز بين القاعدة الآمرة والمكملة :
يتعين الوقوف على الضوابط المميزة لكل منها ، وقد انعقد الإجماع على معيارين للإستعانة بهما ، وهي :
•المعيار المادي : وهو ما يسمى باللفظي أو الشكلي ، ومفاده إمكان التحقق من طبيعة القاعدة بالرجوع إلى الألفاظ التي صيغت بها القاعدة فإذا أفاد اللفظ عدم جواز الاتفاق على ما يخالفها اعتبرت آمرة بينما تعتبر مكملة إذا دلت ألفاظها على غير ذلك .فإذا جاء النهي بصيغة الآمر أو بصيغة النهي أو استوجب بطلان التصرف فإنه يكون نصاً آمراً .
•المعيار المعنوي : وذلك بالنظر إلى مضمون المصالح التي تنظمها ، فحيث كانت تلك المصالح متعلقة بالنظام العام أو الآداب ، فإنها تعتبر آمرة ، وإلا فهي مجرد قواعد مكملة .
( والنظام العام : يعرف بأنه مجموعة من القواعد التي تحمي المصالح الأساسية في المجتمع سواء في جانبها الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي )
مصادر القاعدة
القاعدة القانونية ليست إلا نتاجاً للظروف التي يعيش عليها المجتمع , وذلك على اختلاف تلك الظروف وتباينها .
مصادر القاعدة في القانون الوضعي
تعدد المصادر :
ويقصد بالمصدر المنهل الذي أستقت منه القاعدة القانونية حكمها :
فإذا وضع مضمون القاعدة ومادتها في الاعتبار كان المقصود بذلك المصدر الموضوعي فالمجتمعات على اختلافها تعيش على ظروفاً سياسية واقتصادية واجتماعية متباينة تسهم مباشرة في تكوين ومضمون قواعده القانونية .
أما إذا كان ما يهم في ذلك الصدد هو المنبع الذي انحدرت منه القاعدة فإننا بذلك نقصد المصدر التاريخي .. فالقانون الروماني يعتبر المصدر التاريخي للقوانين الأوربية . بينما الشريعة الإسلامية هي المصدر التاريخي لبعض القوانين العربية.
من ناحية أخرى قد نكون بصدد الوقوف على ما ترى إليه القاعدة القانونية مما يعيننا على سلامة تطبيقها وعندئذٍ فإننا نلجأ إلى المصادر التفسيرية تحقيقاً لذلك الفرض .
وأخيراً إذا كان هدفنا الوقوف على الجهة التي أضفت القوة الإلزامية على القاعدة القانونية فإننا بذلك نبحث عن مصدرها الرسمي الذي استقت منه خاصية الإلزام .
تنوع المصادر الرسمية :
والمصادر الرسمية في القوانين الوصفية أما أصلية أو احتياطية .
أما الأصلية منها فهي تلك التي يتعين الرجوع إليها لحسم المنازعات القضائية دون غيرها من المصادر أو بالأولوية عليها ويعتبر التشريع المصدر الأصلي الذي يحتكم إليه دائماً في فض المنازعات .
أما المصادر الاحتياطية في تلك التي يمكن الرجوع إليها عند عدم وجود قاعدة أصلية في ذلك الصدد . فالتشريعات الأصلية قد تعجز عن تغطية ما قد يستحدث من علاقات قانونية أو اقتصادية نظراً لتطورها المستمر .
وسنتناول في الجزء القادم إن شاء الحديث عن مصادر القواعد القانونية الأصلية
مصادر القواعد القانونية الأصلية )
بإعتباره مرتبط مكمل للجزء الثالث على الرابط :
http://67.19.232.90/showthread.php?t...D2%C7%E6%ED%C9
المصادر الأصلية
التشريع :
تعتبر الشريعة الإسلامية الإطار العام الذي تدور في نطاقه كافة القوانين الوضعية في المملكة العربية السعودية .. وجميع المنازعات التي تنشب في المملكة العربية السعودية يتعين حسمها وفقاً لقواعد الشريعة الإسلامية .. إلا أن هناك من العلاقات المالية ما لم يرد لها نص صريح في مصادر الشريعة الإسلامية الأساسية .. ومن ثم فإن الأمر بشأنها يرجع فيه إلى المصادر الاجتهادية من إجماع وقياس ومصالح مرسلة .
تعريف التشريع :
يعرف التشريع بأنه سن السلة المختصة للقواعد القانونية التي تنظم بها أمور الدولة في مختلف مجالاتها .. وأطلق على تلك الجهة المختصة (( السلطة التشريعية )) والتي يتحدد اختصاصها وشكلها وتكوينها وفقاً للقانون الأساسي لكل دولة على حدة .
كيفية سن التشريع :
تختلف كيفية سن كل من تلك التشريعات على النحو التالي :
أولاً ـ التشريعات الأساسية :
التشريع الأساسي هو ما تعرفه البلاد المختلفة بالدستور : وهو مجموعة من القواعد تبين المعالم الأساسية للدولة , فتحدد الشكل الذي تكون عليه ودياناتها ولغتها والسلطات التي تتولى أعباء الحكم فيها والمبادئ العامة التي تقرر حقوق أفرادها وما إلى ذلك من مسائل أساسية .. وتختلف الطرق التي توضع بها تلك الدساتير من دولة إلى أخرى .. فمنها من اتبع طريق الجمعية التأسيسية , وقد يتم وضعه عن طريق الاستفتاء الشعبي , كما قد يكون وصفه عن طريق منحة من السلطة الحاكمة , ونلاحظ في هذا الصدد أن الإسلام قد أوجب الشورى .
ثانياً ـ التشريع العادي :
هو مجموعة القوانين التي تصدرها الدولة لتنظم بها الأوجه المختلفة لنشاطها الاقتصادي والاجتماعي .. كل القوانين المدنية والجنائية وما إلى ذلك من القوانين باستثناء الجرائم والعقوبات المحددة شرعاً . ويتلخص الأمر بالمملكة فيما يلي :
1- مرحلة الاقتراح والإعداد :
تقتصر سلطة مجلس الوزراء في هذه المرحلة على مجرد إحالة الاقتراح إلى لجنة الأنظمة التابعة لمجلس الوزراء , وذلك بغرض بحثه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس .
2- مرحلة المناقشة والتصويت :
ثم يبدأ مجلس الوزراء باعتباره هيئة تشريعية باستعراض تقرير لجنة الأنظمة ومناقشتها تفصيلاً ثم يتم التصويت عليه كمشروع متكامل .
3- مرحلة التصديق :
إذا ما أقر مجلس الوزراء المشروع بالتصويت عليه فإنه يرفع للديوان الملكي ولجلالة الملك عندئذٍ الحق في الاعتراض على المشروع ورده من خلال ثلاثين يوماً مذيلاً بالأسباب التي دعت للرفض .
4- مرحلة الإصدار :
إذا حظي المشروع بالموافقة الملكية حيث يتم ذلك بمجرد توقيع جلالته على المرسوم بإصدار النظام وبالتالي فإن إصدار النظام لا يتم إلا بموجب مرسوم ملكي يتم إعداده بموافقة مجلس الوزراء .
وميعاد الإصدار : لم يقيد المشرع السلطة التنفيذية بميعاد محدد لإجراء الإصدار وإنما هو من حقها وواجبها أن تقوم به بمجرد التوقيع الملكي على المرسوم بإصدار النظام .
5- مرحلة النشر :
في الواقع إن إصدار النظام وإن كان كافياً لوجوده كحقيقة إلا أن ذلك الوجود لا يحقق الغرض منه إلا إذا وصل إلى علم المخاطبين به لترتيب أعمالهم على مقتضياته وهو أمر لا يأتي إلا عن طريق نشر التشريع .
6- كيف وأين يتم النشر :
إن النشر مفاده كتابة النظام في الجريدة الرسمية وهي جريدة أم القرى وعندئذٍ فقط يعتبر النظام نافذاً من التاريخ المحدد لسريانه ضمن ذات بنود النظام .
( الجهل بالقانون لا يعتبر عذراً معفياً من ترتيب آثاره )
انعقد إجماع القوانين الصفية على اعتبار القانون نافذاً إما من التاريخ نشره أو بعد انقضاء الوقت المحدد لنفاذه , والمفصح عنه في ذلك النشر .. وبمجرد تمام النشر تنشأ قرينة قانونية قاطعة على علم الأفراد به ولا يقبل من الشخص أن يقيم الدليل على عدم علمه بالقاعدة القانونية وهذا ما يطلق قاعدة عدم العذر بجهل القانون .
القوة القاهرة كاستـثـناء :
ومع ذلك فإن إسقاط ظروف المخاطبين من الاعتبار عند إعمال القاعدة القانونية لم يعمل به بصفة مطلقة .. ومن ثم فإنه لا مجال لإعمال ذلك المبدأ حيث تحققت حالة قوة القاهرة طالما كانت حائلاً دون إلمام المخاطبين بحكم القاعدة القانونية : كحالة نشوب الحرب عندئذٍ فقط يعتبر الجهل بالقانون عذراً معفياً من إعمال أحكامها .
الغلط في القانون :
يتعين عدم الخلط بين مبدأ عدم الاعتذار بجهل القانون وبين الوقوع في الغلط فيه :
فالدفع بعدم العلم بالقانون يعني رغبة مبديه في التخلص من أحكامه .. بينما الدفع بالغلط في القانون يعني رغبة في تطبيق أحكامه الصحيحة .
ثالثاً – التشريعات الفرعية :
وهي تلي التشريعات العادية درجة .. وتقوم السلطة التنفيذية بسنها خلافاً للأصل المتبع في ذلك الشأن .
حدود اختصاص السلطة التنفيذية في ذلك الصدد :
ليس مطلقاً وإنما ينعقد لها في حدود , مضمون ذلك الاختصاص ويتعين حصره في إصدار ما هو لازم لتنفيذ القوانين العادية .
تدرج القوانين :
التشريعات الفرعية التي تسمى باللوائح والتي يصدرها مجلس الوزراء أو الوزير .. يتعين أن لا تتضمن تعديلات أو إلغاء لقانون عادي أو دستوري .. ويقتضي ذلك التدرج .. وجوب مراعاة التشريع للقواعد والأحكام التي تتضمنها التشريعات الأعلى درجة .
تعريف اللائحة :
اللائحة ليست إلا مجموعة من القواعد الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية مراعية في ذلك اختصاصها وحدودها .. وتمارس السلطة التنفيذية اختصاصها في ذلك الصدد عن طريق القرارات سواء أكان صدورها من مجلس الوزراء أو من الوزير المختص .
أنواع اللوائح :
للوائح أنواع ثلاث : تنفيذية - تنظيمية - ضبط :
اللوائح التنفيذية :
تصدر القوانين العادية متضمنة المسائل الأساسية التي تعالجها تاركة التفاصيل الفرعية للجهة التنفيذية التي يعنيها الأمر .
اللوائح التنظيمية :
هي لوائح تصدرها السلطة التنفيذية بغرض تنظيم العمل في المصالح والمرافق العامة .
لوائح الضبط :
هي مجموعة القواعد الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية بغرض إقرار النظام العام متمثلاً في مدلولات ثلاث : حفظ الأمن , وضمان السكينة , وصيانة الصحة العامة .
ونلاحظ في هذا الشأن أن السلطة التنفيذية تملك الحق في إصدار لوائح الضبط دون أن يكون ذلك تنفيذاً لنظام معين وذلك على عكس ما هو متبع في شأن اللوائح التنفيذية والتنظيمية .
الجزء الخامس ( مصادر القواعد القانونية الإحتياطية )
المصادر الاحتياطية
ذكرنا سابقاً أن التشريع يعتبر المصدر الأساسي الذي ترجع إليه المحاكم في النظم الوضعية .
بينما الشريعة الإسلامية والتشريعات التي وضعت على أساسها تعتبر هي المصدر الأساسي الذي ترجع إليه المحاكم خصوصاً في المملكة العربية السعودية .
إلا أنه بجانب ذلك , فقد قدرت معظم الأمم أن التشريعات الوضعية قد تعجز عن مواجهة كل ما يستجد من أمور قد يستحدثها التطور المستمر بصفة عامة .
فنصت من ثم على مصادر أخرى أوجبت على المحاكم الرجوع إليها في هذه الحالة كمصادر احتياطية .
وتنحصر في العرف والدين والقضاء والفقه وقواعد القانون الطبيعي وقواعد العدالة وذلك على اختلاف بين تلك الدول في ترتيبها الذي يتعين على المحاكم التقييد به عند الرجوع إليه .
وقد اتبعت المملكة العربية السعودية ذات النهج في ترتيب مصادرها القانونية وذلك ما يمكن أن يستشف بصفة عامة من سياستها التشريعية .
أولاً – العرف :
وهو قانون الجماعات منذ نشأتها قديماً ، ويتكون من العادات التي درج عليها الأفراد باعتبار الخضوع لأحكامها أمراً لازماً .
وقد عرف : بأنه اعتياد الناس على سلوك معين في مسألة معينة مع الاعتقاد بإلزاميته واستحقاق من يخالفه للجزاء .
يتضح من ذلك أ ن للعرف شروطاً هي :
1- القدم : وذلك لا يتحقق إلا إذا مضى على إتباعه فترة كافية تساعد على رسوخه في الأذهان .
2- الثبات والاطراد : فإذا ثبت تخلى المجتمع عنه فإنه لا يعتبر عرفاً بالمعنى المقصود .
3- العمومية : أي أن يتبعه أغلب أفراد المجتمع . ولا يقصد بالعمومية ضرورة انطباقه على كافة أجزاء القطر , وإنما قد يكون قاصراً على إقليم معين فيه ، فالعمومية تعني أن يتبعه أغلب الأفراد إن كان العرف شاملاً , أو يتبعه أغلب أفراد الإقليم إن كان العرف محلياً أو معظم أفراد الفئة إن كان فئويا .
4- موافقته للنظام العام أو الآداب : فما أعتاده الناس لا يعتبر عرفاً إذا كان متعارضاً مع قواعد النظام العام أو الآداب ، فالاعتياد على الثأر والربا لا نعتبرها أعرافاً حتى وإن توفرت فيها الشروط الأخرى .
5- الاعتقاد بإلزامية العرف : يتعين استشعار الأفراد ضرورة احترام القاعدة العرفية , بحيث يتعرض من يخافها للجزاء , وذلك ما يعرف بالركن المعنوي فإذا اكتمل للقاعدة ركناها - المادي والمعنوي - فإنه يصبح عرفاً واجب الإتباع .
أما العادة فهي اطراد الناس على أمر معين دون شعورهم بإلزاميته ومن ثم فإنها تتفق مع العرف من حيث القدم والثبات والعمومية , أي من حيث الركن المادي وتختلف عنه من حيث عدم توافر عنصر الإلزام بالنسبة لها أي من حيث الركن المعنوي .
ثانياً – مبادئ الشريعة الإسلامية :
إن للشريعة الإسلامية , في شأن المعاملات المالية دوراً مزدوجاً , خصوصاً في المملكة العربية السعودية فهي تعتبر المصدر الأساسي الذي يتعين الرجوع إليه لحكم العلاقات المختلفة وذلك حيث أوردت الشريعة تنظيماً صريحاً لتلك العلاقة , وعندئذٍ فإن إتباع أحكامها في هذه الحالة يعتبر أمراً لازماً .
إلا أن بعض العلاقات لم يرد لها في الشريعة الإسلامية تنظيم وبالأخص ما تعلق منها بالمعاملات المالية مما أضطرت معه الدولة إلى سن بعض التشريعات الوضعية تنظيماً مفصلاً لتلك المعاملات .
طبيعة الرجوع إلى الشريعة الإسلامية :
في الواقع أن الرجوع إلى الشريعة الإسلامية يختلف في طبيعته وفق الغرض الذي يهدف إليه ذلك الرجوع , فقد يكون الهدف منه البحث في قواعدها عن الأحكام التي يمكن إعمالها على الحالة المعروضة , كما قد يكون الغرض منه التحقق أو الوقوف على الوسيلة التي تؤدي إلى الوصول إلى تلك الأحكام في مصادر أخرى غير الشريعة الإسلامية . وذلك بالشكل الذي لا يتعارض مع أحكامها .
ثالثاً: القضاء والفقه :
القضاء :
وعبارة القضاء قد تنصرف إلى هيئة قضائية , كما قد تعني مجموعة الأحكام التي تصدرها تلك المحاكم وأخيراً فإنها قد تنصرف إلى مجموعة المبادئ التي يمكن استخلاصها من الأحكام وإطراد المحاكم على إتباعها , ويعتبر القضاء بالمعنى الأخير مصدراً تفسيرياً للقاعدة القانونية .
الفقه :
وهو مجموعة آراء علماء القانوني التي تضمنها مؤلفاتهم وأبحاثهم في شأن شرح نصوصه وتعليقهم على أحكام المحاكم عند تطبيقها لتلك النصوص .
الزاوية القانونية الجزء السادس ( مواطن تطبيق القانون ) "
تطبيق القانون
يثير تطبيق القانون عدة أمور في مقدمتها السلطة التي يعهد إليها تطبيقه ، وثاني تلك الأمور يتعلق بالحالات التي يبسط فيها القانون سلطانه والأشخاص الذين يتعين عليهم الامتثال لأحكامه ،كما يتعلق بالقواعد التي تحكم سريان ذلك القانون على الوقائع والتصرفات .
السلطة التي يعهد عليها تطبيق القانون :
السلطة القضائية :
السلطة القضائية هي المختصة بتطبيق القانون حيث تقوم بأداء دورها عن طريق محاكمها المتعددة والمتنوعة الاختصاص .
الأنظمة القضائية في العالم :
الأنظمة القضائية الحديثة تنحصر في نوعان هما : نظام القضاء الموحد ونظام القضاء المزدوج .
نظام القضاء الموحد :
تندرج جميع المحاكم وفق هذا النظام تحت جهاز قضائي واحد يشرف على تطبيق القانون بمختلف قواعده وذلك عن طريق دوائر تختص بحسم معين في المنازعات : كالدائرة المدنية والدائرة التجارية ودائرة الأحوال الشخصية والدائرة الجنائية .
نظام القضاء المزدوج :
يعني ذلك النظام وجود أكثر من جهة قضائية في الدولة الواحدة وإختصاص كل هيئة منها بنوع معين من القضايا .
من ثم بجانب الجهاز القضائي العادي ما يعرف بالقضاء الإداري والذي يختص بالمنازعات التي تنشأ بين الإدارة والأفراد سواء بمناسبة ما تصدره الدولة من قرارات أم بمناسبة العقود الإدارية المبرمة بينها وبين المواطنين .
وتندرج تحت كل من الجهتين محاكم تابعة لها ومستقلة عن الجهة القضائية الأخرى , سواء بالنظر إلى اختصاصها القضائي أو بتنظيمها الإداري .
المحاكم العادية :
وهي ما يطلق عليها المحاكم المدنية ، فإنها تتكون ، في نظام القضاء المزدوج , بذات الطريقة التي تتكون في نظام القضاء الموحد .
تقسم المحاكم العادية في النظامين :
إلى محاكم من الدرجة الأولى ومحاكم من الدرجة الثانية :
تختص محاكم الدرحة الأولى بالفصل في المنازعات فصلاً ابتدائياً وفق اختصاص قيمي ونوعي وإقليمي .
من حيث الاختصاص الإقليمي :
فقد قسمت محاكم أول درجة إلى محاكم جزئية من الدرجة الأولى والثانية والثالثة ، نقسم بينهما المنازعات وفقاً لقيمتها المالية .
ومن حيث الاختصاص النوعي :
فاختصت محاكم أو دوائر منها باختصاص جنائي وأخرى باختصاص مالي وأحوال شخصية وتجارى .
ومن حيث الاختصاص الإقليمي :
لكل إقليم في الدولة محاكمه الجزئية ويتحدد الاختصاص الإقليمي بقواعد معينة تختلف باختلاف طبيعة النزاع .
من حيث المنازعات المتعلقة بالعقارات فإن الاختصاص ينعقد للمحاكم التي يقع في دائرتها ذلك العقار مع مراعاة الاختصاص الإقليمي لكل منها ، حيث ينعقد الاختصاص في الإقليم الواحد لأكثر من محكمة .
ومن حيث المنازعات المتعلقة بديون مالية والتزامات معينة ، فإن الاختصاص فيها ينعقد إما للمحكمة التي يقيم في دائرتها المدعي عليه وإما للمحكمة التي تنشأ في دائرتها الالتزام وإما للمحكمة التي سوف ينفذ الالتزام في دائرتها مع مراعاة الاختصاص القيمي عند انعقاد الاختصاص القيمي لأكثر من محكمة في الإقليم الواحد .
تختص محاكم الدرجة الثانية :
بنظر الطعون التي ترفع بشأن ما قضت به محاكم الدرجة الأولى . وتتكون محاكم الدرجة الثانية من نوعين من المحاكم :
محاكم استثنائية :
وينعقد إختصاصها بالنظر في الإستئنافات المرفوعة من أحكام محاكم الدرجة الأولى وفق فترة زمنية معينة يتكفل قانون المرافعات بتحديدها .
محكمة النقض :
وتسميها بعض الأنظمة الأخرى بالمحكمة العليا أو محكمة التمييز وينعقد إختصاصها بالنظر فيما وقعت فيه المحاكم الاستثنائية من خطأ في تطبيق القانون .
المحاكم الإدارية :
القضاء الإداري يقوم بتصريف شئونه عن طريق :
المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري ومحكمة القضاء الإداري العليا ويكمن إختصاص ومحكمة القضاء الإداري العليا بالنظر في الطعون المتعلقة بأحكام المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري وذلك في البلاد التي تتبع نظام القضاء المزدوج .
للتنبيه / أن ما يطرح الأن هو عبارة عن اسس ومبادئ قانونية بحتة جمعت من عدة مراجع قانونية
تطبيق القانون من حيث المكان والزمان
تطبيق القانون من حيث المكان والأشخاص
مبدأ إقليمية القوانين :
في فرض سلطان القوانين الإقليمية على جميع أرضها مما يتتبع خضوع ما تحتويه رقعتها من أشخاص وأشياء لذلك السلطان أما ما يتجاوز ذلك النطاق فإنه لا شأن للقانون الوطني به بحيث لا تتأثر به تصرفات من يقيم خارجه حتى وإن كان من أبنائه طالما وقعت تلك التصرفات خارج النطاق الذي يعنيه .
مبدأ شخصية القوانين :
نظراً لازدهار العلاقات التجارية بسبب التطور الذي اعترى سبل المواصلات بصفة عامة ، ترتب على ذلك أن إقليم الدولة الواحدة لم يعد قاصراً على أبنائه فحسب وإنما أصبح يضم آخرين بجانبهم ، استلزم وجودهم إشباع حاجات ذلك المجتمع في المقام الأول .
وقد بدأت هذه الفئة من غير المواطنين تستشعر غرابة الخضوع لأحكام قانونية تتعارض مع ما درجوا على اتباعه .
وقد حدا ذلك بالدول على التنازل عن مفهومها للسيادة ومن ثم أجازة استثناء غير أبنائها من نفوذ قانونها مما كان سببأ لظهور مبدأ شخصية القوانين ومفاده وجوب اقتصار إعمال القانون على أبناءه الإقليم فحسب دون غيرهم وانطباقه عليهم سواء أكانت إقامتهم فيه أم في غيره .
التوسط بين المبدأين :
القاعدة العامة التي اتبعت في ذلك الشأن تقتضي وجوب إعمال القوانين الوطنية التي تتعلق بالنظام العام كالقوانين الجنائية والمالية والإدارية ، بحيث يخضع لسلطانها كل من كان مقيماً في إقليمها . هذا ويمكن الحيدة عن ذلك الأصل في أحوال خاصة يوجب بعضها إعمال مبدأ شخصية القوانين بوصفه استثناء لمبدأ إقليميتها .
فالقوانين الجنائية من ناحية أولى قد يتسع تطبيقها حتى يشمل الجرائم التي ترتكب خارج إقليم الدولة وذلك حيث كان الجرم ماساً بأمن الدولة وسلامتها .
ومن ناحية ثانية فإن نطاق ذلك القانون الجنائي قد ينكمش ويضيق مجاله حتى في داخل إقليمه وذلك حيث يوقف إعمال قواعده بالنسبة إلى ما قد يرتكب في إقليم الدولة ذاتها ، وذلك حيث كان من وقع منه الفعل من تضفي عليه الحماية الدبلوماسية من أفراد البعثات الأجنبية .
ومن ناحية ثالثة فإنه بالنسبة لمسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بالأجانب فإنه يعمل بشأنها قوانينهم الخاصة وليس قانون البلاد التي يقيمون فيها .
الشريعة الإسلامية :
لم تعمل قواعدها بالنسبة للأجانب إلا في نطاق معاملاتهم وتصرفاتهم أو حيث وقع منهم ما يعتبر خرقاً لقواعد النظام العام وأمنه . وأما ما يتعلق بشئونهم الأسرية ومعتقداتهم الدينية فإنهم يخضعون في شأنها لقوانينهم الخاصة فحسب وذلك مهما كانت طبيعة إقامتهم في البلاد الإسلامية .
تطبيق القانون من حيث الزمان
وقد انبعثت التشريعات في شأن سريان القانون من حيث الزمان قاعدة ذات شقين :
أولهما : أنه لا مجال لإعمال القاعدة القانونية على الوقائع السابقة في وجودها على ميلاد القاعدة وهذا هو مبدأ عدم رجعية القانون .
وثانيهما : أنه بالنسبة إلى التصرفات أو الوقائع اللاحقة على صدور القاعدة وأن سريان أحكامها عليها يكون فور نفاذها مباشرة وهذا ما يعرف بالأثر المباشر للقانون الجديد .
أولاً: عدم رجعية القانون :
ومفاد ذلك المبدأ وجوب اقتصار القانون على الوقائع التي تجيء تالية لصدوره ، أما السابقة عليه فإنها تظل خاضعة لحكم القانون الذي حدثت في ظله .
هذا وقد تكون الوقائع السابقة متعلقة بالشروط اللازمة إما لقيام مركز قانوني معين ، وإما بالآثار التي ترتبت على قيام ذلك المركز .
ومن أمثلة الوقائع المتعلقة بالشروط اللازمة لقيام مركز قانوني معين الوضعية التي لا تصح إلا في حدود الثلث .
ومن أمثلة الوقائع المتعلقة بالآثار التي ترتبت على قيام مركز قانوني ، تحديد المشرع لأجرة المباني بحد أقصى .
إذن فإن القاعدة التي اتبعت في الحالتين هي سريان القانون القديم على ما تم من شروط لازمة لقيام المركز القانوني أو على ما ترتب من آثار على قيام ذلك المركز .
حكمة عدم رجعية القوانين :
من حيث العدالة : فإن يتعين أن تظل تصرفات الأفراد خاضعة تحت لأحكام القواعد التي صدرت تحت ظلها لوضع المتعاقدين لها في الاعتبار وقت إبرام تصرفاتهم .
ومن حيث المصلحة العامة : فإن عدم رجعية القوانين أمر تستوجبه تلك المصلحة إذ أن القول بغير ذلك ينعكس أثره فيضفي عليها عدم الاستقرار مما يؤثر على الحياة الاقتصادية كثيراً .
ضرورة المواءمة لمقتضيات التشريع :
تستلزم إلمام المخاطبين بأحكامه حتى يحرصوا على تحقيق تلك المواءمة ، وهذا في حد ذاته يستدعي عدم سريان القانون إلا على التصرفات اللاحقة على نفاذه .
الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم الرجعية :
1- إذا نص التشريع صراحة على سريانه على الماضي : فيتعين عندئذ انسحاب أحكامه على التصرفات السابقة على وجود القاعدة القانونية ، إلا أنه يلاحظ أن النص صراحة على رجعية القانون لا يكون عادة إلا في غير المواد الجنائية أما هذه الأخيرة فإنه يحكمها وفقاً لقواعد النظام العام ، مبدأ عام مفاده (( لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون )) ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدوره .
2- القوانين الجنائية الأصلح للمتهم : فإذا صدر قانون أباح الفعل المعاقب عليه أو خفف العقوبة المقررة له فإنه يعتبر من فئة القوانين الأصلح للمتهم ، مما يتعين إعماله بأثر رجعي أي على الجرائم التي ارتكبت قبل صدوره والجدير بالملاحظة أنه في حالة إباحة الفعل فإن القانون الجديد يسري بلا قيد ولا شرط بالنسبة للاستفادة منه ، أما في حالة تخفيف العقوبة فإنه يشترط لاستفادة المتهم منه ألا يكون الحكم الصادر ضده قد أصبح نهائياً بأن يكون ميعاد الطعن لا يزال مفتوحاً .
3- القوانين المتعلقة بالنظام العام : كما يستثنى من قاعدة عدم الرجعية تلك القوانين التي تتعلق بالنظام العام أكثر من تعلقها بالمصالح الفردية .
ثانياَ: الأثر المباشر للقانون :
كما أسلفنا أن التشريعات في شأن سريان القانون من حيث الزمان قد اتبعت قاعدة ذات شقين :
أولهما : تتمثل في مبدأ عدم رجعية القوانين على الوقائع السابقة على صدوره .
وثانيهما : هو ما يعرف بالأثر المباشر للقانون الجديد ، والذي يقتضي وجوب سريان أحكام القانون الجديد على الوقائع اللاحقة لصدوره فور نفاذه مباشرة .
والأمر في هذا الشأن لا يخرج عن ثلاثة فروض ثلاثة :
1- إما أن تكون أمام مراكز قانونية نشأت وانتجت آثارها في ظل القانون القديم .
2- وإما مراكز نشأت في ظل القانون الجديد .
3- أو مراكز بدأت في التكوين في ظل القانون القديم ولم يكتمل وجودها إلا بعد نفاذ القانون الجديد .
فبالنسبة للفرضين الأول والثاني فإن المراكز القانونية يحكمها القانون الذي نتجت وأنتجت آثارها في ظله ، القانون القديم بالنسبة للفرض الأول ، والقانون الجديد بالنسبة للفرض الثاني . أما ثالث الفروض فإن المراكز القانونية فيه عاصرت كلا من القانونين القديم والجديد .
الاستثناء الذي يرد على مبدأ الأثر المباشر :
إن كان مبدأ الأثر الفوري يعتبر أمراً حتمياً بالنسبة للمسائل المتعلقة بالصالح العام ، إلا الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى تلك المتعلقة بشئون الأفراد الخاصة .
فالأفراد يقومون عادة بترتيب شئونهم على ضوء قانون ارتضوا أحكامه سواء بالنسبة لنشأة تصرفاتهم أو بالنسبة لآثارها المستقبلة ، الأمر الذي قد يلحق الأضرار بهم ، إن أرغموا على إخضاع تلك الآثار إلى قانون جديد لم تكن أحكامه في اعتبارهم وقت إبرامهم لتلك التصرفات .
الحق المكتسب ومجرد الأمل :
الرأي السائد وجوب استثناء الحقوق المكتسبة من سريان القانون الجديد والذي يتعين اقتصار إعماله على مجرد الأمل .وقد عرف الحق المكتسب بأنه مصلحة يحميها القانون ، أما مجرد الأمل فإنه لا يعدو أن يكون مجرد أمنية قد تقف العوائق دون تحقيقها .
النظام القانوني والمركز التعاقدي :
وقد ذهب رأي إلى وجوب التفرقة بين العلاقات والمراكز التي تخضع للتنظيم القانوني . فإذا كان القانون الصادر لحكم المسائل التي تنفرد الدولة عادة بتنظيمها بوصفها أموراً متعلقة بالنظام العام ، كتحديد سن الرشد مثلاً فإنه يتعين عندئذ سريان القانون الجديد عليها فور نفاذه .
أما حيث كان القانون الصادر متعلقاً بتنظيم الروابط العقدية والتي يتبعها الأفراد تحقيقاً لمصالحهم الخاصة كإتفاقات البيع والإيجار فإنه لا يتعين إخضاعها لأحكام القانون الجديد لأنهم ارتضوا تنظيمها بما يحقق مصالحهم الخاصة على ضوء القانون الذي أبرمت تحت ظله .
القواعد الآمرة والمفسرة :
ذهب رأي إلى وجوب إعمال الأثر الفوري للقانون على القواعد الآمرة دون المفسرة . ومفاد ذلك وجوب سريان القانون الجديد فور نفاذه على ما يعتبر أمراً من الروابط العقدية حتى وإن وجدت سابقة على ذلك القانون . بينما على العكس من ذلك فإنه لا مجال لإعمال القانون الجديد بالنسبة لما يعتبر مكملاً من تلك الروابط العقدية والتي تظل خاضعة للقانون الذي نمت في ظله .
وسنفرد الجزء التالي للتحدث عن السلطة القضائية في المملكة العربية السعودية فقط بشكل أكثر وضوح وسلاسة بأمر الله تعالى
مع الجزء التاسع المتضمن ( التعريف بالحق )
معنى الحق في اللغة
ورد استعمال الحق في اللغة بمعان عدّة فتارة تستعمل بمعنى نقيض الباطل وتارة تستعمل بمعنى الشيء الثابت ، وقد تستعمل بمعنى كلمة الحق بمعنى النصيب وأخيراً قد تستعمل كلمة الحق بمعنى العدل .
التعريف بالحق في الاصطلاح
أختلف الشُّراح والفلاسفة حول تعريف الحق اختلافاً بيناً .
ويمكن إرجاع آرآئهم إلى أربع نظريات أساسية هي
1- نظرية الإرادة .
2- نظرية المصلحة .
3- النظرية المختلطة .
4- نظرية الاستئثار أو النظرية الحديثة .
ملخص مجمل عن ما تضمنته تلك النظريات بالتعريفات
1- نظرية الإرادة أو النظرية الشخصية
تعرف الحق بأنه قدرة أو سلطة إرادية مخولة للشخص وقد سميت بالنظرية الإرادية لأنها ترى أن جوهر الحق يكمن في إرادة صاحبه ، والشخص الذي لا تتوافر له إرادة كالمجنون والصبي غير المميز تثبت له حقوق ولكنه لا يستطيع ممارستها مما استوجب أن يعين له القانون نائباً (( ولياً أو وصياً )) يقوم بممارسة حقوقه لحسابه .
2- نظرية المصلحة
تعرف الحق بأنه مصلحة يحميها القانون .
3- النظرية المختلطة
الجمع بين مضمون كل من النظريتين أي بإيراد تعريف يشير إلى كل من الإرادة والمصلحة ، فمنهم من غلب عنصر الإرادة فقال إن الحق سلطة إدارية تثبت للشخص تحقيقاً لمصلحة يحميها القانون. ومنهم من غلب عنصر المصلحة فقال إن الحق مصلحة تثبت للشخص لما له من سلطة إرادية .
4- نظرية الاستئثار أو النظرية الحديثة
تعرِّف الحق بأنه استئثار شخص بقيمة معينة أي بشيء معين عن طريق التسلط على تلك القيمة أو هذا الشيء ، وقد انحاز لهذه النظرية عدد كبير من الفقهاء وهي الراجحة لدى الفقهاء المصريين .
وعلى ضوء هذا التعريف الأخير يتضح أن هناك صاحباً للحق ومحلا له وصاحب الحق قد يكون شخصاً طبيعياً وقد يكون شخصاً معنوياً كما أن الشيء الذي عليه الحق يتنوع فقد يكون مادياً كالعقارات والمنقولات وقد يكون شيئاً معنوياً كأفكار المؤلف وابتكارات المخترع وفضلاً عن ذلك فإن القيمة التي يرد عليها الحق قد يكون لها تقدير مالي وقد لا نقدر بالمال .
التفريق بين الحق والواجب
كل حق يقابله واجب والواجب هو ما يفرضه القانون لإحترام الحقوق وأدائها لأصحابها .
فإذا كان النظام يقرر للأشخاص حقوقاً ، فإن مثل هذه الحقوق لا تكون لها قيمة عملية ، إلا إذا فرض على سائر المكلفين به يكون واجباً يقع على كاهلهم وهو واجب يفرضه النظام بحيث إذا لم يقع الأشخاص به أجبرهم النظام على ذلك .
الواجب الذي يقع على عاتق الكافة عدا صاحب الحق في مباشرته وهو واجب سلبي ، وينبغي أن نشير هنا إلى ما يذهب إليه الشراح من أن للحق وظيفة اجتماعية ، بحيث إذا ما استعمل الحق لمجرد الإضرار بغير صاحبه أو لتحقيق غرض غير مشروع فإنه لا يكون في هذه الحالة حقاً .
وهذا ما يتسق مع النظر إلى الحق على أنه صفة قانونية تستلزم واجبات معينة إذ أن ذلك يستوجب دائماً على صاحبه عدم التعسف في استعماله ، وأنه ليس إلا أحد طرفي علاقة قانونية يتولد عنها التزامات بالنسبة إليه كما يتولد عنها حقوق يتطلبها من غيره .
موقف الشريعة الإسلامية من تعريف الحق
تعريف الحق بأنه مصلحة ذات قيمة مالية يحميها القانون ينطبق تماماً على عدد عديد من الحقوق والمصالح المتقومة في الشريعة الإسلامية التي تحميها لصاحبها وتسمى فيها بلسم الحق في اصطلاح فقهاء الإسلام .
وتعريف الحق بأنه رابطة قانونية بمقتضاها يخول القانون شخصاً من الأشخاص على سبيل الاستئثار التسلط على شيء أو اقتضاء أداء معين من شخص آخر أو تعريفه بأنه صلة بين طرفين تنطوي على مصلحة يحميها الشارع إلا بياناً أشير فيه إلى معنى الحق ومصدره .
الجزء العاشر المتضمن ( أنواع الحقوق )
أنواع الحقوق
جرى تصنيف الحقوق إلى أقسام متعددة تختلف تبعاً لنظرة الفقيه إلى الزاوية التي ينظر من جانبها إلى الحق ويمكن المضي في هذه التقسيمات إلى أقسام لا حصر لها تقوم على اعتبارات متعددة كمصادر الحق أو مضمونة أو أطرافه ومن ثم نكتفي هنا بعرض أهم أنواع الحقوق هي الحقوق السياسية وغير السياسية ( المدنية )
أولاً – الحقوق السياسية :
تسمى عادة بالحقوق الدستورية وهي الحقوق التي تثبت للشخص بإعتباره عضواً في جماعة سياسية معينة لتمكينه من الإسهام في إدارة وتوجيه شئون هذه الجماعة .
وتتميز الحقوق السياسية بالميزتين الآتيتين :
الأولى : أنها قاصرة عادة على الوطنيين أي التابعين لجنسية ...... .
الثانية : أنها ليست حقوقاً خالصة بل تخالطها الواجبات .
لذلك فلا تثبت الحقوق السياسية لكل الوطنيين ، بل يشترط بعض شروط فيمن تثبت له .
ثانياً:الحقوق غير السياسية :
الحقوق غير السياسية أو الحقوق المدنية والتي لا علاقة لها بتيسير شئون ...... .
وتنقسم إلى قسمين أساسيين وهما :
1- الحقوق العامة .
2- الحقوق الخاصة .
ونتناول كل منها بإيجاز فيما يلي :
الحقوق العامة :
الحقوق العامة هي التي تثبت للشخص بإعتباره إنساناً وتسمى لذلك بحقوق الإنسان مثل حق الشخص في سلامة جسده وفي حرية التفكير والاعتقاد وإرتباط الحقوق العامة بشخصية الإنسان قد يكون من ناحية مقوماتها المعنوية كالحق في شرف السمعة والحق في السرية والحق في الاسم وقد ترتبط الحقوق العامة بنشاط الإنسان سواء المادي أو المعنوي كالحق في التنقل والحق في الزواج والحق في إعتقاد ما يشاء من العقائد والأفكار .
خصائص الحقوق العامة :
ويترتب على ارتباط الحقوق العامة بشخصية الإنسان عدة نتائج أهمها :
أولاً : أنه لا يجوز التصرف فيها وإستثناء من قاعدة عدم جواز التصرف في الحقوق العامة :
يجوز للإنسان أن يتصرف في الحقوق الواردة على كيانه أو مقوماته المادية بشرطين :
أولهما : ألا يترتب على التصرف تعطيل عضو أو جهاز من أجهزة الجسم الإنساني .
ثانيهما : أن يكون الباعث على التصرف في الكيان المادي مشروعاً .
ثانياً : الحقوق العامة الحقوق العامة لا تسقط ولا تكتسب بالتقادم :
تثبت الحقوق العامة للشخص بوصفه إنساناً منذ لحظة ولادته .. وللإنسان أن يستعمل هذه الحقوق وأن يستفيد منها وله أن ألا يستعملها .. وكذلك لا تكتسب الحقوق العامة بمجرد مضي مدة معينة فإذا أشتهر باسم معين وأستعمله في تعامله لمدة طويلة مع الناس فذلك لا يكسبه هذا الاسم بل عليه إن أراد تغيير اسمه الرسمي .
ثالثا : الاعتداء على الحقوق العامة يترتب عليه الحق في التعويض:
الحقوق العامة وإن كانت حقوقاً غير مالية إلا أنها يمكن أن تنتج آثاراً حالية فلكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصيته أن يطلب وقف الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر .
الشريعة الإسلامية والحقوق العامة :
الحقوق العامة التي قدمنا الكلام عنها والتي تثبت للشخص بإعتباره إنساناً وتسمى بالحريات العامة فإنها من المبادئ الأساسية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية فقررت حرية التفكير وحرية الاعتقاد وحرية القول .
وهنا نقدم لكم الجزء الحادي عشر ( الحقوق الخاصة )
الحقوق الخاصة
أقسام الحقوق الخاصة هي ثلاثة أقسام : حقوق الأسرة والحقوق المالية والحقوق الذهنية
أولاً : حقوق الأسرة :
هي سلطة تثبتها التشريعات لشخص في مواجهة شخص آخر يرتبط به برابطة قرابة وحقوق الأسرة بصفة عامة لا تقوم بمال لذا لا يصح التنازل عنها ولا التصرف فيها أو الحجز عليها فلا يجوز مثال للأب أن ينزل عن حقه في الولاية على أبنائه ولا للأم أن تنزل عن حقها في حضانة طفلها .
-----------------------------------------------------------------
ثانياً : الحقوق المالية
هي سلطة يستأثر بها شخص في مواجهة شخص آخر أو شيء من الأشياء استئثارا بحق مصلحة يحميها القانون [ هي التي تقوم بالمال ] .
خصائص الحقوق المالية :
1-الاستئثار بسلطة معينة مقتضاها إنفراد صاحب الحق بالاستفادة منه دون غيره من الناس فيجوز له التنازل عن حقه والتصرف فيه بالبيع أو الهبة على سبيل المثال .
2-غرض الاستئثار هو تحقيق مصلحة لصاحب الحق وهذه المصلحة يحميها القانون .
3-السلطة التي تثبت لصاحب الحق قد تتقرر في مواجهة شخص في صورة رابطه ، وقد تثبت في مواجهة شيء معين في صورة تسلط ، وسيطرة على الشيء الذي يرد عليه الحق .
أنواع الحقوق المالية :
1- الحقوق الدائنية : حق الدائنية أو الحق الشخصي هو رابطة بين شخصين أحدهما دائن والآخر مدين بمقتضاها يكون للدائن أن يطالب الدين بإعطاء شيء أو بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل .
2- الحقوق العينية : هي سلطة مباشرة لشخص على شيء معين .. أي أن مالك هذا الشيء له عليه سلطة تمكنه من التصرف فيه وإستغلاله وإستعماله وتنقسم الحقوق العينية لقسمين أساسيين هما :
القسم الأول : الحقوق العينية الأصلية :
هي التي تكون الصلة له به مباشرة أي هو سلطة مباشرة لشخص معين على شيء معين تخوله الحصول على منافع هذا الشيء كلها أو بعضها .. وأنواع الحقوق العينة الأصلية خمسة وهي
أ- حق الملكية :
الملكية قد تكون عامة أو خاصة والملكية العامة هي التي تثبت للأشخاص الإعتبارية العامة على أشياء تخصص للمنفعة العامة .. والملكية الخاصة أوسع الحقوق العينية من حيث المضمون لأنها تخول صاحبها كافة السلطان على الشيء موضوع الحق من استعمال واستغلال وتصرف .
ب- حق الانتفاع :
حق الانتفاع هو حق هو حق مقرر لشخص على شيء مملوك لشخص آخر يخول لصاحبة سلطة استعمال الشيء واستغلاله دون التصرف فيه لا ماديا ولا قانونياً وحق الانتفاع حتى مؤقت .
ج- حق الاستعمال والسكنى :
حق الاستعمال هو سلطة مباشرة لشخص على شيء معين تخوله استخدام هذا الشيء لمدة معنية . وأما حق السكني فو سلطة مباشرة لشخص على سكن معين تخوله سكناه لمدة معينة .
ويكتسب حق الاستعمال بالوصية والعقد ويتقضى بعدة أسباب أهمها انقضاء مدته أو موت صاحبه أو هلاك الشيء محل الحق .
د- حق الارتفاق :
حق الارتفاق هو تكليف مقرر على عقار معين لمنفعة عقار آخر مملوك الشخص آخر . وحقوق الارتقاء قد تكون ظاهرة كحق المرور والمطل والمجري وقد تكون خفية قد لا تدل عليها علامة ظاهرة كالحق في عدم تعليه البناء مثلاً .. وحق الارتقاء لا يرد إلا على عقارات وهو حق يقبل التأنيت فإذا حدد له أجل معين فإنه ينتهي بحلول هذا الأجل .
هـ- حق الحكر :
حق الحكر هو سلطة مباشرة لشخص على عقار موقوف تخوله استعماله واستغلاله مدة معينة وذلك في مقابل أجره المثل .
القسم الثاني : الحقوق العينية التبعية :
هي التي تتبع علامة مديونية وتنتهي بإنتهاء المديونية أي أنها ليست مقصودة لذاتها ولا توجد مستقلة كالحقوق الأصلية ، والغرض منها ضمان الوفاء بحقوق شخصية .. وأنواع الحقوق العينية التبعية أربعة وهي :
أ- الرهن الحيازي :
هو حق عيني تبعي يتقرر بناء على اتفاق بين الدائن والمدين ويخول للدائن حق حيازة الشيء المرهون وأن يستوفى دينه من ثمنه بالأولوية على الدائنين العاديين .. ويرد الرهن الحيازي على المنقولات كالسيارات والحلي كما يرد على العقارات وإذا حل أجل الدين دون أن يستوفي الدائن حقه من المدين بالطرق العادية جاز له أن يستوفيه من ثمن بيع الشيء المرهون بطريق المزاد وفقاً لإجراءات معينة .
ب- الرهن الرسمي :
هو حق عيني تبعي يتقرر على عقار بموجب اتفاق بين الدائن والمدين ويتم ذلك على يد كاتب العدل بالمحكمة الشرعية ويختلف عن الرهن الحيازي في إنه لا يرد إلا على العقارات بينما الرهن الحيازي يرد على العقارات والمنقولات ويلاحظ أن نظام الرهن الرسمي في المملكة العربية السعودية لا يترتب عليه نزع حيازة العقار المرهون من يد المدين أو منعه من التصرف فيه بل أنه يخول للدائن ميزتي التتبع والتقدم
حق التتبع معناه أن يكون للدائن تتبع العقار المرهون في أي يد يكون وينفذ عليه بالبيع بالمزاد العلني في حالة عدم استيفاء الدين .
حق التقدم أو الأولوية فمعناه أن للدائن المرتهن حق الأولوية في استيفاء دينه على سائر الدائنين العاديين . والدائنين المرتهنين التالين له في المرتبة .
ج- حق الاختصاص :
هو حق يتقرر بموجب حكم من القضاء لكل دائن بيده حكم نهائي ضد مدينة دون حاجة إلى رضاء هذا المدين وهو لا يرد إلا على العقارات دون المنقولات .
د- حقوق الامتياز :
هو حق عيني تبعي يقرره النظام لبعض الدائنين مراعاة لصفة ديونهم ، وحقوق الامتياز إما حقوق امتياز عامة على كل أموال المدين وأما حقوق امتياز خاصة ترد على مال معين من أموال المدين .
-----------------------------------------------------------------
ثالثاً : الحقوق الذهنية :
هي سلطة يثبتها القانون أو النظام لشخص معين على إنتاجه الذهني تمكنه من مزايا معنوية ومادية يقرها النظام كحق التأليف وحق الاختراع والمصلحة المعنوية تتمثل في نسبة المصنف إلى نفسه وأن يكون له نشره أو منع نشره أما المصلحة المادية هي جميع المنافع المادية التي يمكن لهذا الأثر الذهني أن يحققها والحقوق الذهنية ترد على أشياء معنوية لا تدرك بالحس .. وتنقسم لقسمين أساسيين :
القسم الأول : الحقوق الأدبية والفنية
وتكمن في حقوق المؤلفين على كتبهم والفنانين والرسامين وكل ما نتج عن فكر الأدبي والفني .
الحقوق الأدبية أو الفنية يجب توفرها فيها الركنين التالية :
أ- المصنف :
جوهر الحق الأدبي هو الابتكار وبالتالي فإن محل هذا الحق هو المصنف أو المؤلف كما جرى العمل على تسميته ويقصد بالمصنف الأدبي أو الفني كل إنتاج مبتكر للعقل ويكفي لإعتبار المصنف مبتكراً أن يتصف بصفات تبرز شخصية صاحبه .
ب- المؤلف :
يثبت الحق الأدبي أو الفني المبتكر وقد جرى العمل على تسميته بالمؤلف وتسميه الحق ذاته بحق المؤلف هو حق الشخص على مصنف من انتاجه الذهني أو أفرغ في صورة مادية .
مضمون الحق الأدبي أو الفني :
ترتب الحقوق الأدبية أو الفنية للمؤلف سلطات أدبيه وأخرى مالية .
أولاً : السلطات الأدبية للمؤلف :
1- سلطة تعيين نسب المؤلف :
للمؤلف سلطة نسب المصنف إلى نفسه بذكر إسمه على النسخة إذا نشر أو تقديم نفسه للجمهور على أنه هو المؤلف إذا ما أقتصر الأمر على عرض المصنف دون نشره .
2- سلطة التعديل :
للمؤلف وحده أن يدخل على مصنفه ما يراه لازما أو مناسباً من التعديلات كما أنه له الحق في ترجمه مصنفه إلى لغة أخرى .
3- سلطة نقل المصنف للجمهور الأداء العلني والنشر :
للمؤلف سلطة نقل المصنف للجمهور ، ويمكنه أن يباشر هذا الحق بأحد طريقتين : أحدهما مباشر عن طريق التلاوة العلنية . والثاني طريق غير مباشر بإعداد نسخ من المصنف .
4- سلطة السحب :
إذا نشر المنصف الأدبي أو الفني ، كان للمؤلف أن يوقف نشره وأن يسحب النسخ من أماكن البيع أو التوزيع ، ولكن ليس له أن يجمع النسخ التي تم بيعها للناس.
خصائص السلطات الأدبية للمؤلف :
السلطات الأدبية لحق المؤلف لصيقة بشخص المؤلف وهي ليست سلطات مالية أي لا تقوم بمال . ويترتب على ذلك عدة نتائج :
1- السلطات الأدبية لا تسقط بالتقادم :
للمؤلف أن يباشر كافة السلطات الأدبية من نسبة المنصف إلى ذاته ، أو إدخال ما يراه من التعديلات في أي وقت مهما طال الزمن دون أن يتعرض لسقوط حقه في مباشرتها بعدم الاستعمال .
2- السلطات الأدبية لا يجوز النزول عنها للغير :
لو تنازل المؤلف حقه في نسبه المصنف إليه لينسب إلى غيره كان هذا التنازل باطلاً .
ثانياً : السلطات المالية للمؤلف :
تثمل السلطات المالية للمؤلف الجانب المالي لحقه ، فللمؤلف وحده الحق في استغلال مصنفه مالياً ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون أذن كتابي سابق منه أو ممن يخلفه .
خصائص الحق المالي للمؤلف :
إمكان النزول عنها للغير : كما أن هذا الحق المالي ينتقل بعد وفاه المؤلف إلى ورثته فإذا لم يترك ورثه كان المصنف من الأشياء المباحة ، فيجوز لأي شخص أن يباشر عليه حقوق الاستغلال المالي .
سلطات المؤلف المالية مؤقتة :
سلطات المؤلف المالية ليست مؤبدة فتحدد القوانين أو النظم لها مدة معينة تنقضي بقواتها وتتمثل في حماية حقوق المؤلف حيث يحمي القانون أو النظام حقوق المؤلف بشروط معينة تحددها هذه النظم وتتم الحماية عن طريق توقيع جزاءات مدنية وأخرى جنائية على من يعتدى على هذا الحق .
القسم الثاني : الحقوق التجارية والصناعية
وتكمن في حقوق التجار على الأسماء التجارية لمحلاتهم وعلى علاماتهم التجارية وحقوق المخترعين على اختراعاتهم ( وتخضع لأحكام القانون أو النظام التجاري ).
الجزء الثاني عشر ( أركان الحق / أطرافه ومحله وحمايته )
حديثنا في هذا الجزء سيختصر على الركن الأول وهو ( أطراف الحق ) حيث أنه لابد للحق من صاحب ينسب إليه والحقوق لا تثبت إلا للأشخاص والنظام يخاطب الأشخاص فيرتب لهم الحقوق
أو بفرض عليهم الالتزامات .
كلمة الأشخاص نظاماً تعني أنها قد تكون طبيعية وقد تكون اعتبارية ونشرحها تفصيلاً وفق التالي :
أولاً : الشخص الطبيعي :
الشخص الطبيعي هو الإنسان الذي يكون قابلاً لأن يثبت له حق أو يجب عليه إلتزام والحديث
عنه يفرض علينا تفصيل .. بدء الشخصية وإنقضاؤها .. مميزات الشخصية .. أهلية الشخصية ..
وفق التالي :
1- بدء الشخصية الطبيعية وإنقضاؤها :
تبدأ الشخصية الطبيعية بولادة الإنسان حياً فإن ولد ميتاً فلا تثبت له الشخصية .. وتنقضي
الشخصية الطبيعية بزوال الحياة .. إذاً القاعدة أن شخصية الإنسان تبدأ بتمام ولادته حياً وتنتهي
بموته ولهذه القاعدة إستثناءات أهمها .. أن الجنين إنسان تثبت له شخصية نظامية قبل ولادته
وأن المفقود لا تنقضي شخصيته بموته الفعلي غير المعروف إلا عند صدور حكم قضائي بموته .
المفقود :
المفقود هو الغائب الذي لا يعرف ما إذا كان حياً أم ميتاً فالشخص الذي يغيب عنه أهله وموطنه ويتيقن من حياته لا يعتبر مفقوداً والشخص الذي يتأكد من وفاته لا يعتبر مفقوداً ولو لم يتعثر
على جثمانه وبذلك تثبت الشخصية النظامية أو القانونية للمفقود حتى يحكم بموته وتيسير
معظم النظم فيما يتعلق بالمفقود أن يصدر حكم بعد مرور مدة تحددها باعتباره ميتاً ويقوم هذا
الحكم مقام الموت الحقيقي وتنتهي شخصيته الإنسانية .. وبالتالي يترتب على هذا الحكم
انقضاء شخصيته ولا يكون للحكم أثر رجعي فيعتبر المفقود ميتاً من تاريخ الحكم .. وبعد الحكم
تئول أمواله إلى ورثته وتنحل رابطة الزواج وتعتد زوجته عدة الوفاة .. وإن ظهر المفقود حياً بعد
الحكم بموته فإن شخصيته تعود إليه بأثر رجعي فتعتبر أنها لم تنقض إطلاقاً وهنا تثور بعض
الصعوبات في حالة زواج زوجته وتوزيع أمواله على ورثته .. فبالنسبة للزوجة فإنها ترجع إليه
إذا لم يكن قد تزوجها آخر ودخل بها أو كان قد تزوجها آخر ودخل بها في عدة الوفاء أو دخل بها
وهو يعلم أن المفقود حي أما في غير هذه الحالات فلا ترجع زوجة المفقود إليه وتظل مع الزوج
الآخر أما بالنسبة لأمواله فيسترجع المفقود ما بقى منها في أيدي الورثة ، أما ما هلك أو أستهلك
فيضع عليه على أنه إذا كان استهلاك الورثة للمال الموروث أو كان تصرفهم فيه سوء نيه فإنهم
يلتزمون بتعويضه عن قيمة هذا المال .
2- مميزات الشخص الطبيعي :
يميز الشخص الطبيعي : 1- الإسم .. 2- الحالة الإجتماعية .. 3- الذمة المالية .. 4- الموطن
1- الإسم :
وهو من الحقوق اللصيقة بالشخصية وليس حقاً ومالياً وينتظم له معنيين أولهما واسع يشمل اسم الفرد واسم أسرته ، والثاني ضيق يقتصر على إسم الفرد دون لقبه .
2- الحالة الإجتماعية :
يقصد بها مركز الشخصية الطبيعية من حيث الـدولـة والأسرة والدين ، ونستعرضها كالتالي :
أ- الجنسية : وهي إنتماء الفرد لدولة معينة ، ولتحديد جنسيته الشخص أهمية كبرى من عدة نواح أهمها :
(1) التمتع بالحقوق السياسية مثل حق الانتخاب .
(2) تحديد المحكمة المختصة والنظام أو القانون الواجب التطبيق بالنسبة للعلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي .
ب- الحالة العائلية : وهي تحديد مركز الشخص بالنسبة للأسرة معينة والقرابة تنشأ بين الأشخاص بطريق النسب أو المصاهرة .
قرابة النسب أو الدم هي الصلة التي تقوم بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك وتنقسم بدورها قسمين قرابة مباشرة وقرابة حواش .
القرابة المباشرة : هي التي تربط بين أفراد يجمعهم أصل مشترك ويكون أحدهم أصلاً أو فرعاً
للآخر وتحسب درجة القرابة المباشرة باعتبار كل فرع درجة عند الصعود للأصل ولا يحسب الأصل
فالابن قريب لأبيه في الدرجة الأولى والحفيد قريب لجده في الدرجة الثانية .
قرابة الحواشي : هي التي تربط بين أفراد يجمعهم أصل مشترك دون أن يكون أحدهم أصلاً أو
فرعاً للآخر فالقرابة التي تربط الأخ بأخته قرابة حواشي لأنه يجمعهما أصل مشترك هو الأب
ولكن أحدهما ليس أصلاً أو فرعاً للآخر .
قرابة المصاهرة : فهي التي تنشأ عن الزواج ونقوم بين كل من الزوجين وأقارب الزوج الآخر .
وتعتبر النظم أقارب أحد الزوجين في نفس القرابة والدرجة بالنسبة أإلى الزوج الآخر ، وبذلك
تكون أم الزوج قريبة للزوجة من الدرجة الأولى وبالمثل أم الزوجة قريبة للزوج من الدرجة الأولى .
الدين : كذلك يتميز الشخص بحالته الدينية .
3- الذمة المالية :
يقصد بالذمة المالية في فقه القانون الوضعي مجموع ما للشخص وما عليه من التزامات مالية فالذمة المالية تتكون من عنصرين : عنصر إيجابي ويضم جميع حقوق الشخص وعنصر سلبي ويشمل مجموع التزاماته .
أما في الفقه الإسلامي فقد ذهب فريق إلى أنها صفة شرعية يفترض وجودها في الإنسان وذهب الفريق الأخر إلى أنها نفس الإنسان أو عهده والقول الراجح هو ما ذهب إليه الفريق الأول .
4- الموطن :
هو المكان الذي يقييم فيه الشخص عادة ، ويشترط لإعتبار مكان معين موطناً للشخص توفر
الركن المادي والركن المعنوي .. والركن المادي يقصد به إقامة الشخص في هذا المكان بإستعماله
مسكناً يأوي إليه ويفترض أنه يعلم ما يجري فيه ولو لم يوجد فيه دائماً أو في أغلب الأوقات أما الركن المعنوي فيقصد به توافر نية الاستقرار في هذا المكان .. وللموطن عدة أنواع وهي :
الموطن الأصلي أو الموطن العام : وهو المكان الذي يقيم فيه الشخص فعلاً لأنه يتوافر بالنسبة
لجميع الأفراد دون تمييز ..
الموطن الخاص : فقد يكون للشخص موطن خاص ببعض صور النشاط الذي يباشره وتعرف النظم
صورتين للموطن الخاص الأول : الموطن الحرفي أو المهني ولا يعتد به إلا بالنسبة للأعمال المتعلقة
بالحرفة والمهنة والثاني فهو الموطن المختار وهو المكان الذي يختاره الشخص ليكون موطناً له
بالنسبة للقيام .
الموطن المختار : هو مكان يختاره الشخص ليكون موطناً له بالنسبة للقيام بعمل أو أعمال معينة
فهو موطن خاص لأنه يقوم إلى جانب الموطن العام .
الموطن الإلزامي : وهو الموطن الذي يلزم النظام الشخص به كما هو الحال بالنسبة للقاصر
والمحجور عليه والمفقود والغائب ويلاحظ أن الموطن الإلزامي لا يتقرر إلا بناء على نص قانوني .
3- أهلية الشخص الطبيعي :
الأهلية في اللغة هي الصلاحية وفي الإصطلاح يقسمونها فقهاء الشريعة إلى أهلية وجوب
وأهلية أداء ولكل منهما معنى خاص .
أهلية الوجوب : هي صلاحية الشخص لثبوت الحقوق له ووجوب الالتزامات عليه .
أهلية الأداء : هي قدرة الشخص على مباشرة أعماله النظامية بنفسه وتكمن أهلية الأداء في
التمييز أي قدرة الشخص على إبرام التصرفات لحساب نفسه .
مراحل أهلية الأداء بحسب السن :
المرحلة الأولى : الصبي غير المميز : وهو كل من لم يبلغ السابعة من عمره وهذا الصبي لا يمكنه التمييز بين النافع والضار وبالتالي فليس له أهلية أداء ويقع باطلاً كل تصرف يبرمه .
المرحلة الثانية : الصبي المميز : وهو كل من بلغ السابعة من عمره وهو يستطيع أن يمييز بين ما ينفعه وما يضره في حدود معينة .. ويقسم الفقه التصرفات بالنسبة للصبي المميز ثلاثة أقسام :
(1) تصرفات نافعة نفعاً محضاً مثل قوله الهبة وتثبت له بالنسبة لها أهلية أداء كاملة فتصبح منه هذه التصرفات .
(2) تصرفات ضارة ضراً محضاً مثل تبرعه بماله فليس له بالنسبة لها أهلية أداء وبالتالي تقع تصرفاته باطله .
(3) تصرفات تدور بين النفع والضرر ، مثل البيع والشراء وهو بالنسبة له أهلية أداء ناقصة فتكون مثل هذه التصرفات قابلة للإبطال لمصلحته .
المرحلة الثالثة : البالغ العاقل الرشيد : وتبدأ هذه المرحلة ببلوغ الشخص سن الرشد ، وهي ثماني عشرة سنة هجرية في المملكة العربية السعودية وإحدى وعشرون سنة في بعض النظم العربية وعندها يكون الشخص كامل أهلية الأداء فتكون جميع تصرفاته صحيحة .
وللأهلية عدة عوارض أو شؤائب تشوبها : وهي الجنون .. العته .. السفة والغفلة .. فقدان حاستين من حواس السمع والبصر والنطق أو العجز الجسماني الشديد ونوجزها على النحو التالي :
أ- الجنون : هو إختلال العقل بما يفقد الشخص الإدراك والتمييز كلية والجنون قد يكون مطبقاً أي دائماً وقد يكون متقطعاً أي تتخلله فترات إفاقة وتقع تصرفات المجنون باطلة .
ب- العته : هو إختلال في العقل يجعل فهم الشخص قليلاً وكلامه مختلطاً وتمييزه فاسداً والمعتوه قد يكون مميزاً فيسمى بالمعتوه المميز ، وقد يكون غير مميز فيسمى بالمعتوه وغير المميز .
إذا كان المجنون أو المعتوه صغيراً لم يبلغ سن الرشد وبلغها مجنوناً أو معتوها ، أستمرت الولاية أو الوصايا عليه ، أما إذا أصابه العارض بعد بلوغه سن الرشد جاز الطلب الحجر عليه وتقيم المحكمة عليه قيما لإدارة أمواله .. وتأخذ تصرفات المجنون المعتوه غير المميز حكم تصرفات الصبي غير المميز فتكون باطله .. أما المعتوه المميز فتأخذ حكم تصرفات الصبي المميز وفق ما تقدم سلفاً .
ج- السفه والغفلة : السفه هو إنفاق المال في غير موضعه أي تبذير المال في غير مقتض .. أما الغفلة : فهي عدم القدرة على التمييز بين الرابح والخاسر في المعاملات .. وتأخذ تصرفات السفيه أو ذي الغفلة حكم تصرفات الصبي المميز فتصح إذا كانت نافعة نفعاً محضاً وتبطل إذا كانت ضارة ضرراً محضاً وتكون قابلة للإبطال إذا كانت تدور بين النفع والضرر .
د- فقدان حاستين من حواس السمع والبصر والنطق أو العجز الجسماني الشديد :ويسمى بالمانع الطبيعي للأهلية وذلك لأنها تمنع الشخص من إبرام التصرفات بنفسه بالرغم من قدرته على فهم طبيعة هذه التصرفات وآثارها .. ويجوز للمحكمة أن تعين له مساعداً قضائياً يعاونه في إبرام تصرفاته .
ولإكمال كافة الجوانب ذات العلاقة في هذا الجانب يجب أن نوضح أنواع الولاية على المال :
الولاية على المال هي السلطة التي يقررها النظام لشخص معين في إبرام التصرفات النظامية لحساب شخص آخر غير كامل الأهلية وهي على النحو التالي :
أ- الولاية على مال القاصر : إذا لم يبلغ الشخص سن الرشد سمي قاصراً ، وتثبت سلطة إدارة
أمواله والتصرف فيها لولية .. والولاية على مال الصغير تثبت أساساً للأب ثم للجد الصحيح وهو
الجد لأب .وهذه الولاية تثبت بحكم الشرع أي دون حاجة إلى حكم من القاضي .. ويحدد النظام
الولي وحدود سلطته .. فحدود سلطة الأب والجد فيما يتعلق بالتصرفات النافعة محضاً والتصرفات
الضارة ضرراً محضاً ولكنها تختلف بالنسبة للتصرفات الدائرة بين النفع والضرر .. فالتصرفات النافعة نفعاً محضاً يجوز للأب والجد مباشرتها دون حاجة إلى إذن القاضي والتصرفات الضارة ضرراً محضاً
لا يجوز لهما مباشرتها قط أما بالنسبة للتصرفات الدائرة بين النفع والضرر فيحدد النظام سلطة
كل منهما بالنسبة لها وإن كانت سلطة الأب أوسع من سلطة الجد .
ب- الوصاية على مال القاصر : إذا لم يكن للقاصر أب ولا جد صحيح فإن المحكمة تعين له وصياً
يقوم على رعاية أمواله ويجوز عند الضرورة تعيين أكثر من وصي واحد .. وقد يكون هناك وصي
مختار حيث أنه يجوز للأب أن يختار قبل وفاته وصياً لولده القاصر أو للحمل المستكن ويسمى
هذا بالوصي المختار .. سلطات الوصي وتتفق سلطة الوصي مع سلطة الولي فيما يتعلق
بالتصرفات النافعة نفعاً محضاً فيجوز للوصي مباشرة هذه التصرفات لحساب القاصر دون حاجة
إلى إذن القاضي ولا يجوز أن يباشر التصرفات الضارة وبالنسبة للتصرفات الدائرة بين النفع والضرر
لا يباشر الوصي أغلبها إلا بإذن من المحكمة .. وتنتهي الوصاية إما إنتهاء طبيعاً ببلوغ القاصر سن
الرشد عاقلاً ما لم يتقرر إستمرار الوصاية عليه وكما تنتهي مهمة الوصي قبل بلوغ القاصر سن
الرشد بموت القاصر أو بفقد الوصي لأهليته أو ثبوت غيبته أو موته أو بعودة الولاية للولي إذا كان
للقاصر أب أو جد سلبت ولايته .
ج- القوامة على مال المحجور عليه : إذا حجر على شخص لجنون أو عته أو سفه أو غفلة فإن
المحكمة تقيم عليه قيماً يتولى إدارة أمواله وتكون القوامة للإبن البالغ ثم للأب ثم للجد ثم لمن
تختاره المحكمة .. وسلطات القيم وواجباته هي ذات سلطات الموصي وواجباته تنتهي القوامة
برفع الحجر أو بموت المحجور عليه أو بموت القيم أو فقده للأهلية أو بإستقالة أو بالعزل .
ثانياً : الشخص الإعتباري :
الشخصية الإعتبارية هي الشخصية التي يقررها النظام لغير الإنسان ويطلق عليها كذلك إصطلاح الشخصية المعنوية .. والشخص الإعتباري قد يكون مجموعة من الأفراد أو مجموعة من الأموال ينظر إليها النظام بإعتبارها وحدة قائمة بذاتها مستقلة عن الأموال أو الأفراد الداخلة في تكوينها والحديث عنها يفرض علينا تفصيل .. بدء الشخصية وإنقضاؤها .. حدود الشخصية ومميزاتها.. أنواع الشخصية .. طبيعة الشخصية .. مقومات الشخص الإعتباري وفق التالي :
1- بدء الشخصية الإعتبارية وانقضاءها :
الشخصية الإعتبارية لا تثبت إلا بموافقة النظام سواء موافقة خاصة أو موافقة عامة .. فالموافقة
الخاصة تعني موافقة النظام خاصة إذا إعترف بالشخصية الاعتبارية لجماعة معينة بالذات كأن
يصدر نظام بإنشاء مؤسسة ويقرر تمتعها بالشخصية الاعتبارية .. أما الموافقة العامة تعني
موافقة النظام على التمتع بالشخصية الإعتبارية موافقة عامة عندما يحددها النظام مقومات
معنية إذا توافرت لدى أي جماعة تثبت لها الشخصية المعنوية بمجرد توافرها دون حاجة إلى
إعتراف الموافقة الخاصة .
2- انقضاء الشخصية الإعتبارية :
تنقضي الشخصية الإعتبارية بأسباب عديدة فهي تنتهي بحلها سواء كان ذلك إختيارياً بإتفاق الشركاء على ذلك أو كان إجبارياً بحكم قضائي أو قرار إداري كما تنتهي الشخصية الاعتبارية بانقضاء الأجل المحدد لمباشرة نشاطها إذا كان هناك أجل أو بإندماجها في شخصية إعتبارية أخرى وإذا انتهت الشخصية الإعتبارية صفيت ذمتها المالية بأن تسدد ديونها وتوزع حقوقها الباقية وفقاً لما نص عليه في عقد إنشائها وما تقصي به القواعد النظامية والقانونية المنظمة لها .
3- حدود الشخصية الإعتبارية ومميزاتها :
حدود الشخصية الإعتبارية :
الشخصية الإعتبارية كالشخصية الطبيعية عبارة عن الصلاحية لإكتساب الحقوق والتحمل بالإلتزامات ولكن في نطاق أضيق من نطاق الشخصية الطبيعية وتتقيد بالغرض المقصود من وجودها .
مميزات الشخص الإعتباري :
(1) إسم يميزه عن سائر الأشخاص المعنوية .
(2) موطن الشخص الإعتباري هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته مستقلاً عن موطن مؤسسيه .
(3) حالة الشخص الإعتباري مقصورة على الناحية الجنسية أي إنتمائه إلى دولة معينة .
(4) للشخص الإعتباري ذمة مالية مستقلة عن ذمم الأشخاص الداخلين في تأسيسه .
(5) يباشر الشخص الإعتباري نشاطه بواسطة شخص طبيعي ويطلق عليه ممثل أو نائب الشخص الإعتباري .
4- أنواع الشخص الإعتباري وطبيعته :
تقسم الأشخاص الاعتبارية إلى أشخاص إعتبارية عامة : مثل ...... والمحافظات والمدن والقرى والهئيات والمؤسسات العامة .. وأشخاص إعتبارية خاصة : مثل الشركات والجمعيات الخاصة .
الأشخاص الاعتبارية العامة : تتمييز بسلطات لا تتمتع بها الأشخاص الإعتبارية الخاصة ف...... هي السلطة التشريعية ومهمتها وضع الأنظمة والسلطة القضائية مهمتها الفصل في المنازعات بين الأفراد والسلطة التنفيذية مهمتها تنفيذ الأنظمة .
أما الأشخاص الإعتبارية الخاصة فقد تكون مجموعات أشخاص أو مجموعات أموال وجماعة الأشخاص عبارة عن عدد من الأفراد يوحدون جهودهم لتحقيق غرض معين أما مجموعة الأموال فهي عبارة عن أموال ترصد أو تخصص لتحقيق غرض معين غير الربح .
أ- مجموعات الأشخاص : الشركات والجمعيات :
(1) الشركات : الشركة هي شخص إعتباري ينشأ عندما يتفق شخصان أو أكثر على القيام بمشروع مالي معين يقصد إقتسام ما ينشأ عنه من ربح وخسارة .. والشركات إما أن تكون مدينة أو تجارية والمدنية هي التي تتكون للقيام بأعمال مدنية كالإستقلال الزراعي وإصلاح الأراضي أما الشركات التجارية فهي التي تتكون بقصد القيام بأعمال تجارية كالشراء بقصد إعادة البيع والنقل والإنتاج وتهدف لتحقيق الربح .
(2)الجمعيات : الجمعية عبارة عن جماعة منظمة من الأشخاص تتألف على وجه الإستمرار لتحقيق غرض مالي فهي لا تهدف إلى تحقيق ربح وإنما تقوم لتحقيق غرض آخر من الأغراض الدينية أو العلمية أو الرياضية .
ب- مجموعات الأموال – الأوقاف والمؤسسات الخاصة :
(1)الوقف : أحد نظم الشريعة الإسلامية وهو حبس عين من الأعيان على أن تكون مملوكة لأحد وجعلها على حكم ملك الله تعالى ويخصص ريعها للبر حالاً أو مالاً .
(2) المؤسسة الخاصة : وتنشأ بتخصيص مال معين لتحقيق غرض مالي فهي تتفق مع الجمعية في أن الغرض منها غير مالي قد يكون غرضها إنسانياً أو أدبياً أو علمياً .
مقومات الشخص الإعتباري :
يتطلب لوجوده عنصرين أساسين أولهما هدف أو غرض ينشأ الشخص المعنوي لتحقيقه وثانيهما إجتماع إرادة عدة أفراد على تحقيق ذلك الهدف أو تخصيص مال لذلك الغرض .
الذمة المالية للشخص الإعتباري :
تقضي النظم بأن أهلية الشخص الاعتباري تكون في الحدود التي يعينها عقد إنشائها أو التي يقرها النظام وهي بذلك تقرر مبدأ تخصص الشخص الإعتباري فالأهلية التي تذكرها هي أهلية الوجوب .
ويلاحظ أن ذمة الشخص الإعتباري مستقلة عن ذمم القائمين عليه سواء كانوا أعضاء في جمعيته أو مديرين في المؤسسة أو نظاراً في الوقف وهذه هي أظهر نتيجة للاعتراف بالشخصية الاعتبارية للمجموعات .
وما توفيقي إلا بالله رب العالمين
محبكم في الله
المستشار القانوني / وائل بن سليمان بن إبراهيم جوهرجي
إخواني الكرام عذراً على ظهور بعض الأيقونات بالموضوع
وقد فشلت عدة محاولات لتعديلها
لذا أمل من أحد المشرفين نظراً لإنقضاء الوقت التعديل وفق الأيقونات الظاهرة
وتحديداً هنا الخطأ
( 1 ) هنا
لإكمال كافة الجوانب ذات العلاقة في هذا الجانب يجب أن نوضح أنواع الولاية على المال :[/SIZE]
المطلوب حذف كلمة سايز
( 2 ) هنا
ثانياً : الشخص الإعتباري :
المطلوب تعديل حجم الخط إلى ( 7 )
مع الشكر والتقدير
مقدمة
أن الحمد والشكر لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد الصادق الأمين .
إخواني يسرني ويشرفني بادي ذي بدء أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير والعرفان ( لوالدي الحبيبان ) رعاهما الله بعين رعايته اللذان غرسا في روح المثابرة والكفاح لتلقي الحرف ثم الكلمة ثم الجملة ثم الكتاب حتى نلت وحملت شرف العلم لحين الحصول على الشهادة الجامعية ومن ثم اللقب المهني ( مستشار قانوني ) فالفضل أولاً وأخراً لله سبحانه وتعالي ثم لهما جزاهما الله خير الجزاء وحفظهما من كل شر ومكروه وأمد في عمرهما بطاعته ورضاه ، وأسأل ألله العلي القدير أن أنال رضاهما في الدنيا والآخرة .
وكما أن الشكر موصول لكل من حرث صبراً وعلم حرفاً وسقا علماً وقطف ثمراً
( أساتذتي الكرام )
وكما يسرني أن أخص بالشكر الأخ الفاضل / بندر الماضي ( نديم الشاشة ) الذي أبدا تأييده ومباركته لما سأطرحه من هذا اليوم وصاعداً تحت مسمى ( الزاوية القانونية ) .. الذي أقدم فيه أهم المبادئ القانونية ( الأنظمة ) ذات العلاقة الإجتماعية والإقتصادية راجياً من الله العلي القدير الجزاء ثم إستفادتكم منها .. حيث أصبح القانون ( النظام ) يمثل أحد الأسس الهامة في كافة المجتمعات حاضراً ومستقبلاً لنواكب مسيرة التطور الإقليمي والعالمي في كافة المجالات والتعاملات القائمة بين الأشخاص سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو أشخاص إعتباريين .
وأخيراً وليس أخراً
أهب ثواب هذا الطرح لروح جدي الشيخ / إبراهيم بن إسماعيل جوهرجي
رحمة الله عليه
مبادئ القانون
( التعريف بالقانون )
- القانون :
اعتادت الأنظمة الوضعية استعمال كلمة (( قانون )) والتي لا تعدو أن تكون مجرد مرادف لكلمة (( نظام )) وقد درجت المملكة العربية السعودية على استعمال كلمة نظام كبديل لكلمتي قانون وتشريع لتطلقها على مجموعة قواعدها الوضعية .
فقد قصد به من ناحية أولى مجموعة القواعد التي تسهم في تنظيم المجتمع والتي يتعين الأمثال في أحكامها والنظر إليه وفق هذا المفهوم يعطيه معنى عاماً غير محدد بفترة محددة ولا يعني مجتمعاً بذاته وإنما ينصرف إلى المجتمع بصفة عامة ، كما يقصد به مجموعة القواعد التي تنظم نوعاً خاصاً من العلاقات .
- خصائص القواعد القانونية :
خصائص قواعده : الفانون ضرورة يستلزمها كل مجتمع سواء في أحواله الاقتصادية أو الاجتماعية :-
الخاصية الأولى : العمومية والتجريد :
لم تقرر في مواجهة شخص معين أو حالة بذاتها وإنما خاطبت فئات تضم أفراد المجتمع الذي أصدرها ، وحيث كان الأمر كذلك فإنه بتعيين خضوع من توافرت فيه شروط انطباقها من الأفراد ، وهذا ما يضفي عليها صفة العمومية والتجريد . فهي عامة لأنها صورت في مواجهة الكافة ، ومجرد لأنها لم تقصد شخصاً معيناً أو واقعة بذاتها .
والأمر بالنسبة لقواعد الشريعة الإسلامية والتي أوحى بها الله جل شأنه لنبيه الكريم .. قواعد عامة جاءت لتنظيم السلوك البشري على أساس من المساواة وتتمثل العمومية في كثير من الآيات القرآنية التي خاطبت المجتمع والتي بدأت بعبارات منها (( يا أيها الناس )) و (( يا أيها الذين آمنوا )) .
الخاصية الثانية : عناية القاعدة بالسلوك :
ويجيء سلوك الإنسان ، عادة تعبيراً عن نيته الداخلية وهذا يعني أن ذلك السلوك قد لا يكون مطابقاً لما في داخل النفس دائماً ، ومع ذلك فإن القاعدة القانونية في أغلب الأحوال لا تهتم إلا بالمسلك الخارجي دونما اعتبار الدوافع الداخلية إلا في حالات استثنائية .
فالتمييز بين القتل العمد والقتل الخطأ لا يأتي إلا بالوقوف على نية القاتل ، ومن ثم
اختلاف الجزاء تبعاً لذلك . والتميز والتمييز بين الدين حسن النية والآخر سيئ النية ، واختلاف الآثار المترتبة على ذلك من حيث تطبيق أحكام التنفيذ الجبري .
والأمر بالنسبة للقاعدة الشرعية فهي قد جاءت لتوضيح ما يجب أن يكون عليه سلوك أفراد المجتمع بصفة عامة تتميز عن القاعدة الوصفية من حيث اتساع النطاق بحيث لا تستكفي بمجرد تنظيم سلوك الفرد بالنسبة لعلاقته بغيره ، وإنما امتدت لتشمل سلوكه نحو نفسه وعادة نحو ربه .
الخاصية الثالثة : القاعدة القانونية ملزمة :
تتميز القواعد القانونية بالإلزام ، أي أن الخضوع لأحكامها لا يترك لمجرد إرادة الفرد المخاطب ، وإنما يجب عليه طاعتها بحيث يوقع عليه جزاء معين إذا لم يمتثل لأحكامها ، كما أن توقيع الجزاء تنفرد به السلطة العامة فلا يترك للمضرور فيما عدا حالات استثنائية يسيرة تتمثل في حالة الدفاع الشرعي ، ولا شك أن إلزامية القاعدة القانونية أمر يستوجبه استقرار المجتمع بصفة عامة وهو ما لا يمكن إدراكه إذا تركت القاعدة لمحض إرادة المخاطبين بها ،إذ تصبح عندئذ مجرد نصيحة ، قد لا يلتفت إليها مع ما يترتب على ذلك من مضار .
- مميزات الجزاء :
الإلزامية تقتضي ضرورة اصطحاب القاعدة بجزاء توقعه الدولة بوصفها السلطة العامة .
والجزاء هو : عقاب معين يوقع عند الامتثال لأحكام القاعدة القانونية وذلك إجباراً على احترامها ، وللجزاء مميزات معينة :
1- أنه مادي : أي يتخذ مظهراً مادياً أو شكلا ً إيجابياً يقوم أساساً على إجبار الأفراد على احترام القاعدة القانونية .
2- حال غير مؤجل : أي يوقع على المخالف فور تحقق المخالفة .
3- تتولى الدولة توقيعه : وتقوم الدولة بتوقيعه ، عن طريق إحدى مؤسساتها ، وفقاً لنظام محدد يقوم ببيان الواجبات التي يتعين احترامها وبيان الجزاء المترتب على مخالفاتها بجانب التي تتبع عند وقوع المخالفة .
- صور الجزاء :
أولاً :الجزء الجنائي : وهو الذي يترتب على مخالفة قواعد القانون الجنائي .
ثانياً : الجزاء المدني : وهو الذي يلحق بالشخص عند مخالفة قواعد القانون الخاص ، وصوره متعددة ومنها على سبيل المثال :
البطلان : وهو جزاء يمكن إعماله في مواجهة التصرفات التي تأتي على غير ما تقتضيه قواعد القانون . وعلى ذلك تعتبر باطلة تصرفات الصبي غير المميز كما يقع باطلا كل عقد إذا كان سببه غير مشروع .
التعويض : وهو ما يحكم به جبراً للضرر حيث تعذر إزالة المخالفة ، كمن يلحقه أذى نتيجة فعل غير مشروع فيحكم له بالتعويض جبراً للأضرار التي لحقته .
( أقسام القانون مع نبذة مختصرة عنها )
ينقسم القانون عادة بالنظر إلى أطراف العلاقة القانونية إلى قانون عام وقانون خاص .
ويستند التقسيم إلى وجود الدولة في تلك العلاقة ، فالدولة إما أن تتصرف بوصفها سلطة عامة
وإما بوصفها مجرد فرد عادي .
فإذا كان تصرفها بوصفها سلطة عامة .. فإنها عندئذٍ تحتاج إلى سلطات غير عادية تمكنها من أداء دورها مما يتعين معه إخضاع تلك العلاقات إلى قواعد القانون العام .. ومن ثم يعرف القانون العام بأنه : مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات التي تدخل الدولة فيها طرفاً بوصفها سلطة عامة .
كما أن الدولة قد تتعامل مع الغير بوصفها شخصاً عادياً .. فتتعامل مع الأفراد فيما يتعاملون فيه من بيع وشراء ورهن وتأجير في حدود ما يمكنها من أداء مهامها فمن ثم يتعين إخضاع كل العلاقات التي تنشأ في ذلك الصدد لقواعد القانون الخاص ومن ثم يعرف القانون بأنه : مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة بوصفها شخصاً عادياً .
طبيعة كل من القاعدتين ( العامة والخاصة ) :
إن قواعد القانون العام تكفل للدولة سلطات واسعة تعلو بها على الفرد وذلك مما يمكنها من أداء وظائفها أداء تاماً لا يراد بها إلا حماية الصالح العام للمجتمع .
قواعد القانون الخاص : أنها لا تخص أياً من أطراف العلاقة بوضع متميز ، وإنما تحرص على تحقيق المساواة بينهما ن ومن ثم فإن الغرض منها حماية المصالح الخاصة في المقام الأول .
لذلك فإن قواعد القانون العام تعلو وترجح قوتها الملزمة على قواعد القانون الخاص مما يترتب عليه احتمال التضحية بالمصلحة الخاصة في سبيل مصلحة المجموع .
فروع القانون العام :
1- قانون عام خارجي : وهو ذلك الذي يحكم علاقات الدولة بغيرها من الدول .
2- قانون عام داخلي : وهو الذي يحكم العلاقات التي تنشأ بين الدولة والأشخاص العاديين .
القانون الدولي العام :
هو مجموعة القواعد التي تنظم علاقات الدول في السلم والحرب وعلاقاتها بالمنظمات الدولية .
القانون الداخلي العام :
وهذا ينقسم إلى أفرع متعددة :
1- القانون الدستوري : ويعرف بأنه مجموعة القواعد التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها مع بيان هيئاتها وتوزيع السلطة بينها بشكل يبين اختصاص كل منها بسلطات محددة . ويهتم القانون الدستوري بوضع الخطوط الرئيسية عليها التنظيم الاجتماعي وذلك بتحديد شكل الدولة وبيان نظام الحكم فيها .. والهيئات الأساسية للدولة ثلاثة وهي : تشريعية يوكل إليها وضع التشريع ، وقضائية تقوم بتطبيقه ، وتنفيذية يعهد إليها بتنفيذه.
2-القانون الإداري : وهو مجموعة القواعد المنظمة لنشاط السلطة التنفيذية عند قيامها بوظائفها الإدارية .
3-القانون المالي : هو مجموعة القواعد التي تنظم مالية الدولة وبيان مواردها وأوجه إنفاقها .
4-القانون الجنائي : يمكن تعريفه بأنه مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد الجريمة والعقوبة المقررة لها مع بيان الإجراء الذي يتبع سواء بالنسبة للتحقيق مع الجاني لحالته ، ويشمل القانون الجنائي نوعين من القواعد :
الأولى: قواعد موضعية وهي ما يسمى بقانون العقوبات .
والثانية : قواعد شكلية أو إجرائية وهي ما يعرف بقانون الإجراءات الجنائية .
فروع القانون الخاص :
عرف القانون الخاص بأنه ذلك القانون الذي تقوم قواعده بتنظيم العلاقات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة بوصفها شخصاً عادياً ، ويتكون القانون الخاص من أفرع عديدة أهمها :
•القانون المدني :
هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات المالية والأحوال الشخصية لأفراد المجتمع . فقواعده تنظم نوعين من العلاقات هما :
العلاقات المالية والأحوال الشخصية ، والمالية منها تتصل بكل ما يخص نشاط الأفراد المالي ، وعلى ذلك فإن القواعد المتعلقة بها تتكفل بتعريف المال والحقوق المالية وكيفية اكتسابها وانتقالها وانقضائها ، وهي ما تعرف بالمعاملات أو الأحوال المدنية .
أما الأحوال الشخصية فإنها تعنى بكل ما يتعلق بالفرد باعتباره عضواً في الأسرة ،كمسائل النسب والقرابة والأهلية وما إلى ذلك مما يعتبر متعلقاً بالأحوال الشخصية .
هذا وقد درجت القوانين المدنية ، في معظم البلاد العربية ، على استبعاد العلاقات الأسرية من مجالها واقتصادها على العلاقات المالية فحسب . أما مسائل الأحوال الشخصية فقد أخضت إلى الشريعة التي ينتمي إليها الفرد بحسب دينه أو ملته .
مركز القانون المدني بالنسبة لأفرع القانون الخاص :
يعتبر القانون المدني الأصل لكافة القوانين الخاصة إلا أنه بتطوير الحياة الاقتصادية وتعقدها بدأت بعض العلاقات تستقل بقواعد خاصة بها تتواءم مع طبيعتها . ففي مرحلة أولى انفصلت القواعد الشكلية وكونت ما يسمي بقانون المرافعات ، ثم في مرحلة ثانية انفصلت العلاقة التجارية عن دائرة المدني واستقل بها فرع القانون التجاري ، وتوالى الأمر على ذلك فاستقلت أفرع كثيرة من الأصل كالبحري ، والقانون الجوي ، و قانون العمل والعمال والتأمين ، وأصبحت نظماً قائمة بذاتها .
•القانون التجاري :
وهو من أهم أنواع القانون الخاص ، ويشتمل على مجموعة من القواعد التي تعنى أساساً بتنظيم الشئون التجارية .
موضوعات القانون التجاري :
إن قواعد القانون التجاري هي التي تكفل بيان العمل التجاري وتنظم الشركات التجارية والعقود الخاصة بها .
كما تعنى بصفة خاصة بالملكية التجارية والصناعية والأوراق التجارية من كمبيالات وشيكات وسندات إذنيه كمقاضي وأحكام إفلاس التاجر .
القانون التجاري لا يقتصر على النشاط التجاري الذي يمارسه التاجر والشركات فحسب وإنما ينطبق أيضاً على الأعمال التجارية التي يمارسها القطاع العام أيضاً طالما تحققت الصفة التجارية في النشاط الممارس .
القانون التجاري في المملكة العربية السعودية :
قد عرفت المملكة العربية السعودية النظم التجارية وذلك منذ 1345هـ حيث صدر آنذاك نظام المجلس التجاري ، كما صدر نظام المحكمة التجارية لسنة 1355هـ . وقد نص هذا الأخير على المواضيع المتعلقة بالتجارة كتعريف التاجر وشروطه وصفاته وأنواعه . كما تضمن قواعد خاصة بالشركات والوكيل بالعمولة والإفلاس والتجارة البحرية ، بجانب قواعد تتعلق بأصول المحاكمات التجارية . ثم أجيز نظام الأوراق التجارية لسنة 1383هـ متضمناً قواعد خاصة بالكمبيالات والسند لأمر والشيك .
وأعقب ذلك نظام الشركات لسنة 1385هـ بجانب عدد من النظم المتعلقة بالمسائل التجارية .
قانون العمل :
القانون الذي يحكم العلاقات التي تنشأ بين العمال وأرباب العمل ، وذلك بحكم مراكزهم المتساوية وما يستمتع به أطراف تلك العلاقة من حرية .
تسعى القواعد القانونية جاهدة إلى إضافة الحماية على الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية حتى لا يكون ضحية لاستغلال الطرف الآخر . وقد ترتب على ذلك وجوب خضوع العلاقة العمالية لسلطان المشرع بحيث يكون عليها من القيود ما يراه كفيلاً بتحقيق العدالة الاجتماعية كما يتصورها وفقاً للظروف المحيطة .
-أهداف التشريعات العمالية : وتهدف التشريعات من ذلك التدخل الحفاظ على حقوق العمال وحمايتهم مما قد يلحق بهم من استغلال نتيجة الظروف التي سبق الإشارة إليها .
القانون الدولي الخاص :
إن العلاقات القانونية تختلف بحسب اختلاف أطرافها فمن العلاقات ما ينشأ بين أفراد المجتمع الواحد وعندئذٍ تعتبر العلاقة علاقة وطنية سواء بالنظر إلى أطرافها أو إلى موضوعها .
فإذا نشب نزاع بخصوصها فإن الاختصاص تنفرد به المحاكم الوطنية كما وأن حسمه لا يكون إلا وفقاً للقانون الوطني. وعلى ذلك فإن القانون الدولي الخاص هو مجموعة القواعد التي تحدد المحكمة المختصة كما تحدد القانون الواجب التطبيق ، وذلك عند حسم المنازعات ذات العنصر الأجنبي .
قانون المرافعات المدنية التجارية :
هو مجموعة القواعد التي تبين الإجراءات الواجبة الإتباع للوصول على الحقوق قضاء ، أي بعبارة أخرى فإن قواعده هي التي تحدد طرق الالتجاء إلى القضاء وبيان الإجراءات التي يتعين إتباعها وكيفية الفصل في المنازعات .
القانون البحري :
ويشتمل على مجموعة القواعد التي تعنى بتنظيم الملاحة في البحار سواء أكانت متعلقة بالتجارة أو النقل البحري .
وتعتبر السفينة الأداة الرئيسية في التجارة البحرية ، ومن ثم فيشتمل قواعد القانون البحري التنظيم اللازم لما يرد على السفينة من حقوق خاصة بتنظيم ملكيتها وانتقالها ورهنها . كما تتضمن تنظيماً لكل العلاقات التي قد تنشأ بين ربانها ومالكها . بجانب كل ذلك فإنها تعنى بعقد النقل البحري وعقد العمل البحري ومسئولية الناقل .
أنواع القواعد القانونية
تصنف إلى قواعد مكتوبة ، وذلك حيث كان مظهرها ثابتاً ملموساً وأخرى غير مكتوبة إذا لم يكن مظهرها كذلك ، وقد تجيء القاعدة محددة للحقوق والواجبات ، وبذلك قسمت إلى قواعد موضوعية وأخرى شكلية كما قد يؤسس التقسيم على مدى إلزام القاعدة للمخاطبين بها ، وعندئذٍ تتفرع إلى قواعد آمرة وأخرى مكملة .
-القواعد الآمرة :
هي التي تنظم بها المشرع شئون الأفراد وأوجب الخضوع لأحكامها : وهذا يعني أنه لا يجوز مخالفتها أي لا مجال لأعمال إرادة الأفراد بشأنها وإنما يتعين عليهم التصرف على ضوئها فحسب وإلا جاء تصرفهم باطلا .
وعلى ذلك فإن اتفاق الأفراد على غير ما نظمه المشرع في هذا الشأن يعتبر باطلاً لما قد يترتب عليه من أضرار لا يقتصر أثرها على أطراف الإنفاق فحسب ، وإنما تنعكس آثارها على مصالح المجتمع الأساسية .
-القواعد المكملة :
هي تنظيم علاقات كثيرة للأفراد ووضع لها قواعد متعددة إلا أنه لم يجبر الأفراد على ضرورة إتباعها ، وإنما أباح لهم الاتفاق على خلافها لعدم تعلقها بالنظام العام و ارتباطها بمصالحهم الخاصة .
فالمشرع تقديراً منه لظروف المجتمع ، قد قام بوضع قواعد معينة في شأن كثير من المعاملات فوضع قواعد نظم بها الكثير من المعاملات المالية كما نظم علاقة الإيجار والتأمين والبيع الإيجاري ، إلى آخر ذلك من المعاملات التي تعارف عليها المجتمع .
وقد راعى بالنسبة للأحكام التي أوردها تنظيماً لهذه المعاملات ما استقر عليه العرف والعادات وما نصت عليه القوانين الأساسية من قيود إلا أنه نظراً لتأثر هذه المعاملات بالأحوال الاقتصادية وما يعتريها من تغيير ، فإن المشرع لم يشأ إجبار الأفراد على ضرورة مواءمة اتفاقاتهم على ما نص عليه ممن أحكام لتلك المعاملات وإنما خولهم الحق في مخالفاتها إن شاءوا والإتفاق على غيرها ، وذلك تمشياً مع مرونة المعاملات .
-التمييز بين القاعدة الآمرة والمكملة :
يتعين الوقوف على الضوابط المميزة لكل منها ، وقد انعقد الإجماع على معيارين للإستعانة بهما ، وهي :
•المعيار المادي : وهو ما يسمى باللفظي أو الشكلي ، ومفاده إمكان التحقق من طبيعة القاعدة بالرجوع إلى الألفاظ التي صيغت بها القاعدة فإذا أفاد اللفظ عدم جواز الاتفاق على ما يخالفها اعتبرت آمرة بينما تعتبر مكملة إذا دلت ألفاظها على غير ذلك .فإذا جاء النهي بصيغة الآمر أو بصيغة النهي أو استوجب بطلان التصرف فإنه يكون نصاً آمراً .
•المعيار المعنوي : وذلك بالنظر إلى مضمون المصالح التي تنظمها ، فحيث كانت تلك المصالح متعلقة بالنظام العام أو الآداب ، فإنها تعتبر آمرة ، وإلا فهي مجرد قواعد مكملة .
( والنظام العام : يعرف بأنه مجموعة من القواعد التي تحمي المصالح الأساسية في المجتمع سواء في جانبها الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي )
مصادر القاعدة
القاعدة القانونية ليست إلا نتاجاً للظروف التي يعيش عليها المجتمع , وذلك على اختلاف تلك الظروف وتباينها .
مصادر القاعدة في القانون الوضعي
تعدد المصادر :
ويقصد بالمصدر المنهل الذي أستقت منه القاعدة القانونية حكمها :
فإذا وضع مضمون القاعدة ومادتها في الاعتبار كان المقصود بذلك المصدر الموضوعي فالمجتمعات على اختلافها تعيش على ظروفاً سياسية واقتصادية واجتماعية متباينة تسهم مباشرة في تكوين ومضمون قواعده القانونية .
أما إذا كان ما يهم في ذلك الصدد هو المنبع الذي انحدرت منه القاعدة فإننا بذلك نقصد المصدر التاريخي .. فالقانون الروماني يعتبر المصدر التاريخي للقوانين الأوربية . بينما الشريعة الإسلامية هي المصدر التاريخي لبعض القوانين العربية.
من ناحية أخرى قد نكون بصدد الوقوف على ما ترى إليه القاعدة القانونية مما يعيننا على سلامة تطبيقها وعندئذٍ فإننا نلجأ إلى المصادر التفسيرية تحقيقاً لذلك الفرض .
وأخيراً إذا كان هدفنا الوقوف على الجهة التي أضفت القوة الإلزامية على القاعدة القانونية فإننا بذلك نبحث عن مصدرها الرسمي الذي استقت منه خاصية الإلزام .
تنوع المصادر الرسمية :
والمصادر الرسمية في القوانين الوصفية أما أصلية أو احتياطية .
أما الأصلية منها فهي تلك التي يتعين الرجوع إليها لحسم المنازعات القضائية دون غيرها من المصادر أو بالأولوية عليها ويعتبر التشريع المصدر الأصلي الذي يحتكم إليه دائماً في فض المنازعات .
أما المصادر الاحتياطية في تلك التي يمكن الرجوع إليها عند عدم وجود قاعدة أصلية في ذلك الصدد . فالتشريعات الأصلية قد تعجز عن تغطية ما قد يستحدث من علاقات قانونية أو اقتصادية نظراً لتطورها المستمر .
وسنتناول في الجزء القادم إن شاء الحديث عن مصادر القواعد القانونية الأصلية
مصادر القواعد القانونية الأصلية )
بإعتباره مرتبط مكمل للجزء الثالث على الرابط :
http://67.19.232.90/showthread.php?t...D2%C7%E6%ED%C9
المصادر الأصلية
التشريع :
تعتبر الشريعة الإسلامية الإطار العام الذي تدور في نطاقه كافة القوانين الوضعية في المملكة العربية السعودية .. وجميع المنازعات التي تنشب في المملكة العربية السعودية يتعين حسمها وفقاً لقواعد الشريعة الإسلامية .. إلا أن هناك من العلاقات المالية ما لم يرد لها نص صريح في مصادر الشريعة الإسلامية الأساسية .. ومن ثم فإن الأمر بشأنها يرجع فيه إلى المصادر الاجتهادية من إجماع وقياس ومصالح مرسلة .
تعريف التشريع :
يعرف التشريع بأنه سن السلة المختصة للقواعد القانونية التي تنظم بها أمور الدولة في مختلف مجالاتها .. وأطلق على تلك الجهة المختصة (( السلطة التشريعية )) والتي يتحدد اختصاصها وشكلها وتكوينها وفقاً للقانون الأساسي لكل دولة على حدة .
كيفية سن التشريع :
تختلف كيفية سن كل من تلك التشريعات على النحو التالي :
أولاً ـ التشريعات الأساسية :
التشريع الأساسي هو ما تعرفه البلاد المختلفة بالدستور : وهو مجموعة من القواعد تبين المعالم الأساسية للدولة , فتحدد الشكل الذي تكون عليه ودياناتها ولغتها والسلطات التي تتولى أعباء الحكم فيها والمبادئ العامة التي تقرر حقوق أفرادها وما إلى ذلك من مسائل أساسية .. وتختلف الطرق التي توضع بها تلك الدساتير من دولة إلى أخرى .. فمنها من اتبع طريق الجمعية التأسيسية , وقد يتم وضعه عن طريق الاستفتاء الشعبي , كما قد يكون وصفه عن طريق منحة من السلطة الحاكمة , ونلاحظ في هذا الصدد أن الإسلام قد أوجب الشورى .
ثانياً ـ التشريع العادي :
هو مجموعة القوانين التي تصدرها الدولة لتنظم بها الأوجه المختلفة لنشاطها الاقتصادي والاجتماعي .. كل القوانين المدنية والجنائية وما إلى ذلك من القوانين باستثناء الجرائم والعقوبات المحددة شرعاً . ويتلخص الأمر بالمملكة فيما يلي :
1- مرحلة الاقتراح والإعداد :
تقتصر سلطة مجلس الوزراء في هذه المرحلة على مجرد إحالة الاقتراح إلى لجنة الأنظمة التابعة لمجلس الوزراء , وذلك بغرض بحثه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس .
2- مرحلة المناقشة والتصويت :
ثم يبدأ مجلس الوزراء باعتباره هيئة تشريعية باستعراض تقرير لجنة الأنظمة ومناقشتها تفصيلاً ثم يتم التصويت عليه كمشروع متكامل .
3- مرحلة التصديق :
إذا ما أقر مجلس الوزراء المشروع بالتصويت عليه فإنه يرفع للديوان الملكي ولجلالة الملك عندئذٍ الحق في الاعتراض على المشروع ورده من خلال ثلاثين يوماً مذيلاً بالأسباب التي دعت للرفض .
4- مرحلة الإصدار :
إذا حظي المشروع بالموافقة الملكية حيث يتم ذلك بمجرد توقيع جلالته على المرسوم بإصدار النظام وبالتالي فإن إصدار النظام لا يتم إلا بموجب مرسوم ملكي يتم إعداده بموافقة مجلس الوزراء .
وميعاد الإصدار : لم يقيد المشرع السلطة التنفيذية بميعاد محدد لإجراء الإصدار وإنما هو من حقها وواجبها أن تقوم به بمجرد التوقيع الملكي على المرسوم بإصدار النظام .
5- مرحلة النشر :
في الواقع إن إصدار النظام وإن كان كافياً لوجوده كحقيقة إلا أن ذلك الوجود لا يحقق الغرض منه إلا إذا وصل إلى علم المخاطبين به لترتيب أعمالهم على مقتضياته وهو أمر لا يأتي إلا عن طريق نشر التشريع .
6- كيف وأين يتم النشر :
إن النشر مفاده كتابة النظام في الجريدة الرسمية وهي جريدة أم القرى وعندئذٍ فقط يعتبر النظام نافذاً من التاريخ المحدد لسريانه ضمن ذات بنود النظام .
( الجهل بالقانون لا يعتبر عذراً معفياً من ترتيب آثاره )
انعقد إجماع القوانين الصفية على اعتبار القانون نافذاً إما من التاريخ نشره أو بعد انقضاء الوقت المحدد لنفاذه , والمفصح عنه في ذلك النشر .. وبمجرد تمام النشر تنشأ قرينة قانونية قاطعة على علم الأفراد به ولا يقبل من الشخص أن يقيم الدليل على عدم علمه بالقاعدة القانونية وهذا ما يطلق قاعدة عدم العذر بجهل القانون .
القوة القاهرة كاستـثـناء :
ومع ذلك فإن إسقاط ظروف المخاطبين من الاعتبار عند إعمال القاعدة القانونية لم يعمل به بصفة مطلقة .. ومن ثم فإنه لا مجال لإعمال ذلك المبدأ حيث تحققت حالة قوة القاهرة طالما كانت حائلاً دون إلمام المخاطبين بحكم القاعدة القانونية : كحالة نشوب الحرب عندئذٍ فقط يعتبر الجهل بالقانون عذراً معفياً من إعمال أحكامها .
الغلط في القانون :
يتعين عدم الخلط بين مبدأ عدم الاعتذار بجهل القانون وبين الوقوع في الغلط فيه :
فالدفع بعدم العلم بالقانون يعني رغبة مبديه في التخلص من أحكامه .. بينما الدفع بالغلط في القانون يعني رغبة في تطبيق أحكامه الصحيحة .
ثالثاً – التشريعات الفرعية :
وهي تلي التشريعات العادية درجة .. وتقوم السلطة التنفيذية بسنها خلافاً للأصل المتبع في ذلك الشأن .
حدود اختصاص السلطة التنفيذية في ذلك الصدد :
ليس مطلقاً وإنما ينعقد لها في حدود , مضمون ذلك الاختصاص ويتعين حصره في إصدار ما هو لازم لتنفيذ القوانين العادية .
تدرج القوانين :
التشريعات الفرعية التي تسمى باللوائح والتي يصدرها مجلس الوزراء أو الوزير .. يتعين أن لا تتضمن تعديلات أو إلغاء لقانون عادي أو دستوري .. ويقتضي ذلك التدرج .. وجوب مراعاة التشريع للقواعد والأحكام التي تتضمنها التشريعات الأعلى درجة .
تعريف اللائحة :
اللائحة ليست إلا مجموعة من القواعد الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية مراعية في ذلك اختصاصها وحدودها .. وتمارس السلطة التنفيذية اختصاصها في ذلك الصدد عن طريق القرارات سواء أكان صدورها من مجلس الوزراء أو من الوزير المختص .
أنواع اللوائح :
للوائح أنواع ثلاث : تنفيذية - تنظيمية - ضبط :
اللوائح التنفيذية :
تصدر القوانين العادية متضمنة المسائل الأساسية التي تعالجها تاركة التفاصيل الفرعية للجهة التنفيذية التي يعنيها الأمر .
اللوائح التنظيمية :
هي لوائح تصدرها السلطة التنفيذية بغرض تنظيم العمل في المصالح والمرافق العامة .
لوائح الضبط :
هي مجموعة القواعد الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية بغرض إقرار النظام العام متمثلاً في مدلولات ثلاث : حفظ الأمن , وضمان السكينة , وصيانة الصحة العامة .
ونلاحظ في هذا الشأن أن السلطة التنفيذية تملك الحق في إصدار لوائح الضبط دون أن يكون ذلك تنفيذاً لنظام معين وذلك على عكس ما هو متبع في شأن اللوائح التنفيذية والتنظيمية .
الجزء الخامس ( مصادر القواعد القانونية الإحتياطية )
المصادر الاحتياطية
ذكرنا سابقاً أن التشريع يعتبر المصدر الأساسي الذي ترجع إليه المحاكم في النظم الوضعية .
بينما الشريعة الإسلامية والتشريعات التي وضعت على أساسها تعتبر هي المصدر الأساسي الذي ترجع إليه المحاكم خصوصاً في المملكة العربية السعودية .
إلا أنه بجانب ذلك , فقد قدرت معظم الأمم أن التشريعات الوضعية قد تعجز عن مواجهة كل ما يستجد من أمور قد يستحدثها التطور المستمر بصفة عامة .
فنصت من ثم على مصادر أخرى أوجبت على المحاكم الرجوع إليها في هذه الحالة كمصادر احتياطية .
وتنحصر في العرف والدين والقضاء والفقه وقواعد القانون الطبيعي وقواعد العدالة وذلك على اختلاف بين تلك الدول في ترتيبها الذي يتعين على المحاكم التقييد به عند الرجوع إليه .
وقد اتبعت المملكة العربية السعودية ذات النهج في ترتيب مصادرها القانونية وذلك ما يمكن أن يستشف بصفة عامة من سياستها التشريعية .
أولاً – العرف :
وهو قانون الجماعات منذ نشأتها قديماً ، ويتكون من العادات التي درج عليها الأفراد باعتبار الخضوع لأحكامها أمراً لازماً .
وقد عرف : بأنه اعتياد الناس على سلوك معين في مسألة معينة مع الاعتقاد بإلزاميته واستحقاق من يخالفه للجزاء .
يتضح من ذلك أ ن للعرف شروطاً هي :
1- القدم : وذلك لا يتحقق إلا إذا مضى على إتباعه فترة كافية تساعد على رسوخه في الأذهان .
2- الثبات والاطراد : فإذا ثبت تخلى المجتمع عنه فإنه لا يعتبر عرفاً بالمعنى المقصود .
3- العمومية : أي أن يتبعه أغلب أفراد المجتمع . ولا يقصد بالعمومية ضرورة انطباقه على كافة أجزاء القطر , وإنما قد يكون قاصراً على إقليم معين فيه ، فالعمومية تعني أن يتبعه أغلب الأفراد إن كان العرف شاملاً , أو يتبعه أغلب أفراد الإقليم إن كان العرف محلياً أو معظم أفراد الفئة إن كان فئويا .
4- موافقته للنظام العام أو الآداب : فما أعتاده الناس لا يعتبر عرفاً إذا كان متعارضاً مع قواعد النظام العام أو الآداب ، فالاعتياد على الثأر والربا لا نعتبرها أعرافاً حتى وإن توفرت فيها الشروط الأخرى .
5- الاعتقاد بإلزامية العرف : يتعين استشعار الأفراد ضرورة احترام القاعدة العرفية , بحيث يتعرض من يخافها للجزاء , وذلك ما يعرف بالركن المعنوي فإذا اكتمل للقاعدة ركناها - المادي والمعنوي - فإنه يصبح عرفاً واجب الإتباع .
أما العادة فهي اطراد الناس على أمر معين دون شعورهم بإلزاميته ومن ثم فإنها تتفق مع العرف من حيث القدم والثبات والعمومية , أي من حيث الركن المادي وتختلف عنه من حيث عدم توافر عنصر الإلزام بالنسبة لها أي من حيث الركن المعنوي .
ثانياً – مبادئ الشريعة الإسلامية :
إن للشريعة الإسلامية , في شأن المعاملات المالية دوراً مزدوجاً , خصوصاً في المملكة العربية السعودية فهي تعتبر المصدر الأساسي الذي يتعين الرجوع إليه لحكم العلاقات المختلفة وذلك حيث أوردت الشريعة تنظيماً صريحاً لتلك العلاقة , وعندئذٍ فإن إتباع أحكامها في هذه الحالة يعتبر أمراً لازماً .
إلا أن بعض العلاقات لم يرد لها في الشريعة الإسلامية تنظيم وبالأخص ما تعلق منها بالمعاملات المالية مما أضطرت معه الدولة إلى سن بعض التشريعات الوضعية تنظيماً مفصلاً لتلك المعاملات .
طبيعة الرجوع إلى الشريعة الإسلامية :
في الواقع أن الرجوع إلى الشريعة الإسلامية يختلف في طبيعته وفق الغرض الذي يهدف إليه ذلك الرجوع , فقد يكون الهدف منه البحث في قواعدها عن الأحكام التي يمكن إعمالها على الحالة المعروضة , كما قد يكون الغرض منه التحقق أو الوقوف على الوسيلة التي تؤدي إلى الوصول إلى تلك الأحكام في مصادر أخرى غير الشريعة الإسلامية . وذلك بالشكل الذي لا يتعارض مع أحكامها .
ثالثاً: القضاء والفقه :
القضاء :
وعبارة القضاء قد تنصرف إلى هيئة قضائية , كما قد تعني مجموعة الأحكام التي تصدرها تلك المحاكم وأخيراً فإنها قد تنصرف إلى مجموعة المبادئ التي يمكن استخلاصها من الأحكام وإطراد المحاكم على إتباعها , ويعتبر القضاء بالمعنى الأخير مصدراً تفسيرياً للقاعدة القانونية .
الفقه :
وهو مجموعة آراء علماء القانوني التي تضمنها مؤلفاتهم وأبحاثهم في شأن شرح نصوصه وتعليقهم على أحكام المحاكم عند تطبيقها لتلك النصوص .
الزاوية القانونية الجزء السادس ( مواطن تطبيق القانون ) "
تطبيق القانون
يثير تطبيق القانون عدة أمور في مقدمتها السلطة التي يعهد إليها تطبيقه ، وثاني تلك الأمور يتعلق بالحالات التي يبسط فيها القانون سلطانه والأشخاص الذين يتعين عليهم الامتثال لأحكامه ،كما يتعلق بالقواعد التي تحكم سريان ذلك القانون على الوقائع والتصرفات .
السلطة التي يعهد عليها تطبيق القانون :
السلطة القضائية :
السلطة القضائية هي المختصة بتطبيق القانون حيث تقوم بأداء دورها عن طريق محاكمها المتعددة والمتنوعة الاختصاص .
الأنظمة القضائية في العالم :
الأنظمة القضائية الحديثة تنحصر في نوعان هما : نظام القضاء الموحد ونظام القضاء المزدوج .
نظام القضاء الموحد :
تندرج جميع المحاكم وفق هذا النظام تحت جهاز قضائي واحد يشرف على تطبيق القانون بمختلف قواعده وذلك عن طريق دوائر تختص بحسم معين في المنازعات : كالدائرة المدنية والدائرة التجارية ودائرة الأحوال الشخصية والدائرة الجنائية .
نظام القضاء المزدوج :
يعني ذلك النظام وجود أكثر من جهة قضائية في الدولة الواحدة وإختصاص كل هيئة منها بنوع معين من القضايا .
من ثم بجانب الجهاز القضائي العادي ما يعرف بالقضاء الإداري والذي يختص بالمنازعات التي تنشأ بين الإدارة والأفراد سواء بمناسبة ما تصدره الدولة من قرارات أم بمناسبة العقود الإدارية المبرمة بينها وبين المواطنين .
وتندرج تحت كل من الجهتين محاكم تابعة لها ومستقلة عن الجهة القضائية الأخرى , سواء بالنظر إلى اختصاصها القضائي أو بتنظيمها الإداري .
المحاكم العادية :
وهي ما يطلق عليها المحاكم المدنية ، فإنها تتكون ، في نظام القضاء المزدوج , بذات الطريقة التي تتكون في نظام القضاء الموحد .
تقسم المحاكم العادية في النظامين :
إلى محاكم من الدرجة الأولى ومحاكم من الدرجة الثانية :
تختص محاكم الدرحة الأولى بالفصل في المنازعات فصلاً ابتدائياً وفق اختصاص قيمي ونوعي وإقليمي .
من حيث الاختصاص الإقليمي :
فقد قسمت محاكم أول درجة إلى محاكم جزئية من الدرجة الأولى والثانية والثالثة ، نقسم بينهما المنازعات وفقاً لقيمتها المالية .
ومن حيث الاختصاص النوعي :
فاختصت محاكم أو دوائر منها باختصاص جنائي وأخرى باختصاص مالي وأحوال شخصية وتجارى .
ومن حيث الاختصاص الإقليمي :
لكل إقليم في الدولة محاكمه الجزئية ويتحدد الاختصاص الإقليمي بقواعد معينة تختلف باختلاف طبيعة النزاع .
من حيث المنازعات المتعلقة بالعقارات فإن الاختصاص ينعقد للمحاكم التي يقع في دائرتها ذلك العقار مع مراعاة الاختصاص الإقليمي لكل منها ، حيث ينعقد الاختصاص في الإقليم الواحد لأكثر من محكمة .
ومن حيث المنازعات المتعلقة بديون مالية والتزامات معينة ، فإن الاختصاص فيها ينعقد إما للمحكمة التي يقيم في دائرتها المدعي عليه وإما للمحكمة التي تنشأ في دائرتها الالتزام وإما للمحكمة التي سوف ينفذ الالتزام في دائرتها مع مراعاة الاختصاص القيمي عند انعقاد الاختصاص القيمي لأكثر من محكمة في الإقليم الواحد .
تختص محاكم الدرجة الثانية :
بنظر الطعون التي ترفع بشأن ما قضت به محاكم الدرجة الأولى . وتتكون محاكم الدرجة الثانية من نوعين من المحاكم :
محاكم استثنائية :
وينعقد إختصاصها بالنظر في الإستئنافات المرفوعة من أحكام محاكم الدرجة الأولى وفق فترة زمنية معينة يتكفل قانون المرافعات بتحديدها .
محكمة النقض :
وتسميها بعض الأنظمة الأخرى بالمحكمة العليا أو محكمة التمييز وينعقد إختصاصها بالنظر فيما وقعت فيه المحاكم الاستثنائية من خطأ في تطبيق القانون .
المحاكم الإدارية :
القضاء الإداري يقوم بتصريف شئونه عن طريق :
المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري ومحكمة القضاء الإداري العليا ويكمن إختصاص ومحكمة القضاء الإداري العليا بالنظر في الطعون المتعلقة بأحكام المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري وذلك في البلاد التي تتبع نظام القضاء المزدوج .
للتنبيه / أن ما يطرح الأن هو عبارة عن اسس ومبادئ قانونية بحتة جمعت من عدة مراجع قانونية
تطبيق القانون من حيث المكان والزمان
تطبيق القانون من حيث المكان والأشخاص
مبدأ إقليمية القوانين :
في فرض سلطان القوانين الإقليمية على جميع أرضها مما يتتبع خضوع ما تحتويه رقعتها من أشخاص وأشياء لذلك السلطان أما ما يتجاوز ذلك النطاق فإنه لا شأن للقانون الوطني به بحيث لا تتأثر به تصرفات من يقيم خارجه حتى وإن كان من أبنائه طالما وقعت تلك التصرفات خارج النطاق الذي يعنيه .
مبدأ شخصية القوانين :
نظراً لازدهار العلاقات التجارية بسبب التطور الذي اعترى سبل المواصلات بصفة عامة ، ترتب على ذلك أن إقليم الدولة الواحدة لم يعد قاصراً على أبنائه فحسب وإنما أصبح يضم آخرين بجانبهم ، استلزم وجودهم إشباع حاجات ذلك المجتمع في المقام الأول .
وقد بدأت هذه الفئة من غير المواطنين تستشعر غرابة الخضوع لأحكام قانونية تتعارض مع ما درجوا على اتباعه .
وقد حدا ذلك بالدول على التنازل عن مفهومها للسيادة ومن ثم أجازة استثناء غير أبنائها من نفوذ قانونها مما كان سببأ لظهور مبدأ شخصية القوانين ومفاده وجوب اقتصار إعمال القانون على أبناءه الإقليم فحسب دون غيرهم وانطباقه عليهم سواء أكانت إقامتهم فيه أم في غيره .
التوسط بين المبدأين :
القاعدة العامة التي اتبعت في ذلك الشأن تقتضي وجوب إعمال القوانين الوطنية التي تتعلق بالنظام العام كالقوانين الجنائية والمالية والإدارية ، بحيث يخضع لسلطانها كل من كان مقيماً في إقليمها . هذا ويمكن الحيدة عن ذلك الأصل في أحوال خاصة يوجب بعضها إعمال مبدأ شخصية القوانين بوصفه استثناء لمبدأ إقليميتها .
فالقوانين الجنائية من ناحية أولى قد يتسع تطبيقها حتى يشمل الجرائم التي ترتكب خارج إقليم الدولة وذلك حيث كان الجرم ماساً بأمن الدولة وسلامتها .
ومن ناحية ثانية فإن نطاق ذلك القانون الجنائي قد ينكمش ويضيق مجاله حتى في داخل إقليمه وذلك حيث يوقف إعمال قواعده بالنسبة إلى ما قد يرتكب في إقليم الدولة ذاتها ، وذلك حيث كان من وقع منه الفعل من تضفي عليه الحماية الدبلوماسية من أفراد البعثات الأجنبية .
ومن ناحية ثالثة فإنه بالنسبة لمسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بالأجانب فإنه يعمل بشأنها قوانينهم الخاصة وليس قانون البلاد التي يقيمون فيها .
الشريعة الإسلامية :
لم تعمل قواعدها بالنسبة للأجانب إلا في نطاق معاملاتهم وتصرفاتهم أو حيث وقع منهم ما يعتبر خرقاً لقواعد النظام العام وأمنه . وأما ما يتعلق بشئونهم الأسرية ومعتقداتهم الدينية فإنهم يخضعون في شأنها لقوانينهم الخاصة فحسب وذلك مهما كانت طبيعة إقامتهم في البلاد الإسلامية .
تطبيق القانون من حيث الزمان
وقد انبعثت التشريعات في شأن سريان القانون من حيث الزمان قاعدة ذات شقين :
أولهما : أنه لا مجال لإعمال القاعدة القانونية على الوقائع السابقة في وجودها على ميلاد القاعدة وهذا هو مبدأ عدم رجعية القانون .
وثانيهما : أنه بالنسبة إلى التصرفات أو الوقائع اللاحقة على صدور القاعدة وأن سريان أحكامها عليها يكون فور نفاذها مباشرة وهذا ما يعرف بالأثر المباشر للقانون الجديد .
أولاً: عدم رجعية القانون :
ومفاد ذلك المبدأ وجوب اقتصار القانون على الوقائع التي تجيء تالية لصدوره ، أما السابقة عليه فإنها تظل خاضعة لحكم القانون الذي حدثت في ظله .
هذا وقد تكون الوقائع السابقة متعلقة بالشروط اللازمة إما لقيام مركز قانوني معين ، وإما بالآثار التي ترتبت على قيام ذلك المركز .
ومن أمثلة الوقائع المتعلقة بالشروط اللازمة لقيام مركز قانوني معين الوضعية التي لا تصح إلا في حدود الثلث .
ومن أمثلة الوقائع المتعلقة بالآثار التي ترتبت على قيام مركز قانوني ، تحديد المشرع لأجرة المباني بحد أقصى .
إذن فإن القاعدة التي اتبعت في الحالتين هي سريان القانون القديم على ما تم من شروط لازمة لقيام المركز القانوني أو على ما ترتب من آثار على قيام ذلك المركز .
حكمة عدم رجعية القوانين :
من حيث العدالة : فإن يتعين أن تظل تصرفات الأفراد خاضعة تحت لأحكام القواعد التي صدرت تحت ظلها لوضع المتعاقدين لها في الاعتبار وقت إبرام تصرفاتهم .
ومن حيث المصلحة العامة : فإن عدم رجعية القوانين أمر تستوجبه تلك المصلحة إذ أن القول بغير ذلك ينعكس أثره فيضفي عليها عدم الاستقرار مما يؤثر على الحياة الاقتصادية كثيراً .
ضرورة المواءمة لمقتضيات التشريع :
تستلزم إلمام المخاطبين بأحكامه حتى يحرصوا على تحقيق تلك المواءمة ، وهذا في حد ذاته يستدعي عدم سريان القانون إلا على التصرفات اللاحقة على نفاذه .
الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم الرجعية :
1- إذا نص التشريع صراحة على سريانه على الماضي : فيتعين عندئذ انسحاب أحكامه على التصرفات السابقة على وجود القاعدة القانونية ، إلا أنه يلاحظ أن النص صراحة على رجعية القانون لا يكون عادة إلا في غير المواد الجنائية أما هذه الأخيرة فإنه يحكمها وفقاً لقواعد النظام العام ، مبدأ عام مفاده (( لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون )) ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدوره .
2- القوانين الجنائية الأصلح للمتهم : فإذا صدر قانون أباح الفعل المعاقب عليه أو خفف العقوبة المقررة له فإنه يعتبر من فئة القوانين الأصلح للمتهم ، مما يتعين إعماله بأثر رجعي أي على الجرائم التي ارتكبت قبل صدوره والجدير بالملاحظة أنه في حالة إباحة الفعل فإن القانون الجديد يسري بلا قيد ولا شرط بالنسبة للاستفادة منه ، أما في حالة تخفيف العقوبة فإنه يشترط لاستفادة المتهم منه ألا يكون الحكم الصادر ضده قد أصبح نهائياً بأن يكون ميعاد الطعن لا يزال مفتوحاً .
3- القوانين المتعلقة بالنظام العام : كما يستثنى من قاعدة عدم الرجعية تلك القوانين التي تتعلق بالنظام العام أكثر من تعلقها بالمصالح الفردية .
ثانياَ: الأثر المباشر للقانون :
كما أسلفنا أن التشريعات في شأن سريان القانون من حيث الزمان قد اتبعت قاعدة ذات شقين :
أولهما : تتمثل في مبدأ عدم رجعية القوانين على الوقائع السابقة على صدوره .
وثانيهما : هو ما يعرف بالأثر المباشر للقانون الجديد ، والذي يقتضي وجوب سريان أحكام القانون الجديد على الوقائع اللاحقة لصدوره فور نفاذه مباشرة .
والأمر في هذا الشأن لا يخرج عن ثلاثة فروض ثلاثة :
1- إما أن تكون أمام مراكز قانونية نشأت وانتجت آثارها في ظل القانون القديم .
2- وإما مراكز نشأت في ظل القانون الجديد .
3- أو مراكز بدأت في التكوين في ظل القانون القديم ولم يكتمل وجودها إلا بعد نفاذ القانون الجديد .
فبالنسبة للفرضين الأول والثاني فإن المراكز القانونية يحكمها القانون الذي نتجت وأنتجت آثارها في ظله ، القانون القديم بالنسبة للفرض الأول ، والقانون الجديد بالنسبة للفرض الثاني . أما ثالث الفروض فإن المراكز القانونية فيه عاصرت كلا من القانونين القديم والجديد .
الاستثناء الذي يرد على مبدأ الأثر المباشر :
إن كان مبدأ الأثر الفوري يعتبر أمراً حتمياً بالنسبة للمسائل المتعلقة بالصالح العام ، إلا الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى تلك المتعلقة بشئون الأفراد الخاصة .
فالأفراد يقومون عادة بترتيب شئونهم على ضوء قانون ارتضوا أحكامه سواء بالنسبة لنشأة تصرفاتهم أو بالنسبة لآثارها المستقبلة ، الأمر الذي قد يلحق الأضرار بهم ، إن أرغموا على إخضاع تلك الآثار إلى قانون جديد لم تكن أحكامه في اعتبارهم وقت إبرامهم لتلك التصرفات .
الحق المكتسب ومجرد الأمل :
الرأي السائد وجوب استثناء الحقوق المكتسبة من سريان القانون الجديد والذي يتعين اقتصار إعماله على مجرد الأمل .وقد عرف الحق المكتسب بأنه مصلحة يحميها القانون ، أما مجرد الأمل فإنه لا يعدو أن يكون مجرد أمنية قد تقف العوائق دون تحقيقها .
النظام القانوني والمركز التعاقدي :
وقد ذهب رأي إلى وجوب التفرقة بين العلاقات والمراكز التي تخضع للتنظيم القانوني . فإذا كان القانون الصادر لحكم المسائل التي تنفرد الدولة عادة بتنظيمها بوصفها أموراً متعلقة بالنظام العام ، كتحديد سن الرشد مثلاً فإنه يتعين عندئذ سريان القانون الجديد عليها فور نفاذه .
أما حيث كان القانون الصادر متعلقاً بتنظيم الروابط العقدية والتي يتبعها الأفراد تحقيقاً لمصالحهم الخاصة كإتفاقات البيع والإيجار فإنه لا يتعين إخضاعها لأحكام القانون الجديد لأنهم ارتضوا تنظيمها بما يحقق مصالحهم الخاصة على ضوء القانون الذي أبرمت تحت ظله .
القواعد الآمرة والمفسرة :
ذهب رأي إلى وجوب إعمال الأثر الفوري للقانون على القواعد الآمرة دون المفسرة . ومفاد ذلك وجوب سريان القانون الجديد فور نفاذه على ما يعتبر أمراً من الروابط العقدية حتى وإن وجدت سابقة على ذلك القانون . بينما على العكس من ذلك فإنه لا مجال لإعمال القانون الجديد بالنسبة لما يعتبر مكملاً من تلك الروابط العقدية والتي تظل خاضعة للقانون الذي نمت في ظله .
وسنفرد الجزء التالي للتحدث عن السلطة القضائية في المملكة العربية السعودية فقط بشكل أكثر وضوح وسلاسة بأمر الله تعالى
مع الجزء التاسع المتضمن ( التعريف بالحق )
معنى الحق في اللغة
ورد استعمال الحق في اللغة بمعان عدّة فتارة تستعمل بمعنى نقيض الباطل وتارة تستعمل بمعنى الشيء الثابت ، وقد تستعمل بمعنى كلمة الحق بمعنى النصيب وأخيراً قد تستعمل كلمة الحق بمعنى العدل .
التعريف بالحق في الاصطلاح
أختلف الشُّراح والفلاسفة حول تعريف الحق اختلافاً بيناً .
ويمكن إرجاع آرآئهم إلى أربع نظريات أساسية هي
1- نظرية الإرادة .
2- نظرية المصلحة .
3- النظرية المختلطة .
4- نظرية الاستئثار أو النظرية الحديثة .
ملخص مجمل عن ما تضمنته تلك النظريات بالتعريفات
1- نظرية الإرادة أو النظرية الشخصية
تعرف الحق بأنه قدرة أو سلطة إرادية مخولة للشخص وقد سميت بالنظرية الإرادية لأنها ترى أن جوهر الحق يكمن في إرادة صاحبه ، والشخص الذي لا تتوافر له إرادة كالمجنون والصبي غير المميز تثبت له حقوق ولكنه لا يستطيع ممارستها مما استوجب أن يعين له القانون نائباً (( ولياً أو وصياً )) يقوم بممارسة حقوقه لحسابه .
2- نظرية المصلحة
تعرف الحق بأنه مصلحة يحميها القانون .
3- النظرية المختلطة
الجمع بين مضمون كل من النظريتين أي بإيراد تعريف يشير إلى كل من الإرادة والمصلحة ، فمنهم من غلب عنصر الإرادة فقال إن الحق سلطة إدارية تثبت للشخص تحقيقاً لمصلحة يحميها القانون. ومنهم من غلب عنصر المصلحة فقال إن الحق مصلحة تثبت للشخص لما له من سلطة إرادية .
4- نظرية الاستئثار أو النظرية الحديثة
تعرِّف الحق بأنه استئثار شخص بقيمة معينة أي بشيء معين عن طريق التسلط على تلك القيمة أو هذا الشيء ، وقد انحاز لهذه النظرية عدد كبير من الفقهاء وهي الراجحة لدى الفقهاء المصريين .
وعلى ضوء هذا التعريف الأخير يتضح أن هناك صاحباً للحق ومحلا له وصاحب الحق قد يكون شخصاً طبيعياً وقد يكون شخصاً معنوياً كما أن الشيء الذي عليه الحق يتنوع فقد يكون مادياً كالعقارات والمنقولات وقد يكون شيئاً معنوياً كأفكار المؤلف وابتكارات المخترع وفضلاً عن ذلك فإن القيمة التي يرد عليها الحق قد يكون لها تقدير مالي وقد لا نقدر بالمال .
التفريق بين الحق والواجب
كل حق يقابله واجب والواجب هو ما يفرضه القانون لإحترام الحقوق وأدائها لأصحابها .
فإذا كان النظام يقرر للأشخاص حقوقاً ، فإن مثل هذه الحقوق لا تكون لها قيمة عملية ، إلا إذا فرض على سائر المكلفين به يكون واجباً يقع على كاهلهم وهو واجب يفرضه النظام بحيث إذا لم يقع الأشخاص به أجبرهم النظام على ذلك .
الواجب الذي يقع على عاتق الكافة عدا صاحب الحق في مباشرته وهو واجب سلبي ، وينبغي أن نشير هنا إلى ما يذهب إليه الشراح من أن للحق وظيفة اجتماعية ، بحيث إذا ما استعمل الحق لمجرد الإضرار بغير صاحبه أو لتحقيق غرض غير مشروع فإنه لا يكون في هذه الحالة حقاً .
وهذا ما يتسق مع النظر إلى الحق على أنه صفة قانونية تستلزم واجبات معينة إذ أن ذلك يستوجب دائماً على صاحبه عدم التعسف في استعماله ، وأنه ليس إلا أحد طرفي علاقة قانونية يتولد عنها التزامات بالنسبة إليه كما يتولد عنها حقوق يتطلبها من غيره .
موقف الشريعة الإسلامية من تعريف الحق
تعريف الحق بأنه مصلحة ذات قيمة مالية يحميها القانون ينطبق تماماً على عدد عديد من الحقوق والمصالح المتقومة في الشريعة الإسلامية التي تحميها لصاحبها وتسمى فيها بلسم الحق في اصطلاح فقهاء الإسلام .
وتعريف الحق بأنه رابطة قانونية بمقتضاها يخول القانون شخصاً من الأشخاص على سبيل الاستئثار التسلط على شيء أو اقتضاء أداء معين من شخص آخر أو تعريفه بأنه صلة بين طرفين تنطوي على مصلحة يحميها الشارع إلا بياناً أشير فيه إلى معنى الحق ومصدره .
الجزء العاشر المتضمن ( أنواع الحقوق )
أنواع الحقوق
جرى تصنيف الحقوق إلى أقسام متعددة تختلف تبعاً لنظرة الفقيه إلى الزاوية التي ينظر من جانبها إلى الحق ويمكن المضي في هذه التقسيمات إلى أقسام لا حصر لها تقوم على اعتبارات متعددة كمصادر الحق أو مضمونة أو أطرافه ومن ثم نكتفي هنا بعرض أهم أنواع الحقوق هي الحقوق السياسية وغير السياسية ( المدنية )
أولاً – الحقوق السياسية :
تسمى عادة بالحقوق الدستورية وهي الحقوق التي تثبت للشخص بإعتباره عضواً في جماعة سياسية معينة لتمكينه من الإسهام في إدارة وتوجيه شئون هذه الجماعة .
وتتميز الحقوق السياسية بالميزتين الآتيتين :
الأولى : أنها قاصرة عادة على الوطنيين أي التابعين لجنسية ...... .
الثانية : أنها ليست حقوقاً خالصة بل تخالطها الواجبات .
لذلك فلا تثبت الحقوق السياسية لكل الوطنيين ، بل يشترط بعض شروط فيمن تثبت له .
ثانياً:الحقوق غير السياسية :
الحقوق غير السياسية أو الحقوق المدنية والتي لا علاقة لها بتيسير شئون ...... .
وتنقسم إلى قسمين أساسيين وهما :
1- الحقوق العامة .
2- الحقوق الخاصة .
ونتناول كل منها بإيجاز فيما يلي :
الحقوق العامة :
الحقوق العامة هي التي تثبت للشخص بإعتباره إنساناً وتسمى لذلك بحقوق الإنسان مثل حق الشخص في سلامة جسده وفي حرية التفكير والاعتقاد وإرتباط الحقوق العامة بشخصية الإنسان قد يكون من ناحية مقوماتها المعنوية كالحق في شرف السمعة والحق في السرية والحق في الاسم وقد ترتبط الحقوق العامة بنشاط الإنسان سواء المادي أو المعنوي كالحق في التنقل والحق في الزواج والحق في إعتقاد ما يشاء من العقائد والأفكار .
خصائص الحقوق العامة :
ويترتب على ارتباط الحقوق العامة بشخصية الإنسان عدة نتائج أهمها :
أولاً : أنه لا يجوز التصرف فيها وإستثناء من قاعدة عدم جواز التصرف في الحقوق العامة :
يجوز للإنسان أن يتصرف في الحقوق الواردة على كيانه أو مقوماته المادية بشرطين :
أولهما : ألا يترتب على التصرف تعطيل عضو أو جهاز من أجهزة الجسم الإنساني .
ثانيهما : أن يكون الباعث على التصرف في الكيان المادي مشروعاً .
ثانياً : الحقوق العامة الحقوق العامة لا تسقط ولا تكتسب بالتقادم :
تثبت الحقوق العامة للشخص بوصفه إنساناً منذ لحظة ولادته .. وللإنسان أن يستعمل هذه الحقوق وأن يستفيد منها وله أن ألا يستعملها .. وكذلك لا تكتسب الحقوق العامة بمجرد مضي مدة معينة فإذا أشتهر باسم معين وأستعمله في تعامله لمدة طويلة مع الناس فذلك لا يكسبه هذا الاسم بل عليه إن أراد تغيير اسمه الرسمي .
ثالثا : الاعتداء على الحقوق العامة يترتب عليه الحق في التعويض:
الحقوق العامة وإن كانت حقوقاً غير مالية إلا أنها يمكن أن تنتج آثاراً حالية فلكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصيته أن يطلب وقف الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر .
الشريعة الإسلامية والحقوق العامة :
الحقوق العامة التي قدمنا الكلام عنها والتي تثبت للشخص بإعتباره إنساناً وتسمى بالحريات العامة فإنها من المبادئ الأساسية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية فقررت حرية التفكير وحرية الاعتقاد وحرية القول .
وهنا نقدم لكم الجزء الحادي عشر ( الحقوق الخاصة )
الحقوق الخاصة
أقسام الحقوق الخاصة هي ثلاثة أقسام : حقوق الأسرة والحقوق المالية والحقوق الذهنية
أولاً : حقوق الأسرة :
هي سلطة تثبتها التشريعات لشخص في مواجهة شخص آخر يرتبط به برابطة قرابة وحقوق الأسرة بصفة عامة لا تقوم بمال لذا لا يصح التنازل عنها ولا التصرف فيها أو الحجز عليها فلا يجوز مثال للأب أن ينزل عن حقه في الولاية على أبنائه ولا للأم أن تنزل عن حقها في حضانة طفلها .
-----------------------------------------------------------------
ثانياً : الحقوق المالية
هي سلطة يستأثر بها شخص في مواجهة شخص آخر أو شيء من الأشياء استئثارا بحق مصلحة يحميها القانون [ هي التي تقوم بالمال ] .
خصائص الحقوق المالية :
1-الاستئثار بسلطة معينة مقتضاها إنفراد صاحب الحق بالاستفادة منه دون غيره من الناس فيجوز له التنازل عن حقه والتصرف فيه بالبيع أو الهبة على سبيل المثال .
2-غرض الاستئثار هو تحقيق مصلحة لصاحب الحق وهذه المصلحة يحميها القانون .
3-السلطة التي تثبت لصاحب الحق قد تتقرر في مواجهة شخص في صورة رابطه ، وقد تثبت في مواجهة شيء معين في صورة تسلط ، وسيطرة على الشيء الذي يرد عليه الحق .
أنواع الحقوق المالية :
1- الحقوق الدائنية : حق الدائنية أو الحق الشخصي هو رابطة بين شخصين أحدهما دائن والآخر مدين بمقتضاها يكون للدائن أن يطالب الدين بإعطاء شيء أو بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل .
2- الحقوق العينية : هي سلطة مباشرة لشخص على شيء معين .. أي أن مالك هذا الشيء له عليه سلطة تمكنه من التصرف فيه وإستغلاله وإستعماله وتنقسم الحقوق العينية لقسمين أساسيين هما :
القسم الأول : الحقوق العينية الأصلية :
هي التي تكون الصلة له به مباشرة أي هو سلطة مباشرة لشخص معين على شيء معين تخوله الحصول على منافع هذا الشيء كلها أو بعضها .. وأنواع الحقوق العينة الأصلية خمسة وهي
أ- حق الملكية :
الملكية قد تكون عامة أو خاصة والملكية العامة هي التي تثبت للأشخاص الإعتبارية العامة على أشياء تخصص للمنفعة العامة .. والملكية الخاصة أوسع الحقوق العينية من حيث المضمون لأنها تخول صاحبها كافة السلطان على الشيء موضوع الحق من استعمال واستغلال وتصرف .
ب- حق الانتفاع :
حق الانتفاع هو حق هو حق مقرر لشخص على شيء مملوك لشخص آخر يخول لصاحبة سلطة استعمال الشيء واستغلاله دون التصرف فيه لا ماديا ولا قانونياً وحق الانتفاع حتى مؤقت .
ج- حق الاستعمال والسكنى :
حق الاستعمال هو سلطة مباشرة لشخص على شيء معين تخوله استخدام هذا الشيء لمدة معنية . وأما حق السكني فو سلطة مباشرة لشخص على سكن معين تخوله سكناه لمدة معينة .
ويكتسب حق الاستعمال بالوصية والعقد ويتقضى بعدة أسباب أهمها انقضاء مدته أو موت صاحبه أو هلاك الشيء محل الحق .
د- حق الارتفاق :
حق الارتفاق هو تكليف مقرر على عقار معين لمنفعة عقار آخر مملوك الشخص آخر . وحقوق الارتقاء قد تكون ظاهرة كحق المرور والمطل والمجري وقد تكون خفية قد لا تدل عليها علامة ظاهرة كالحق في عدم تعليه البناء مثلاً .. وحق الارتقاء لا يرد إلا على عقارات وهو حق يقبل التأنيت فإذا حدد له أجل معين فإنه ينتهي بحلول هذا الأجل .
هـ- حق الحكر :
حق الحكر هو سلطة مباشرة لشخص على عقار موقوف تخوله استعماله واستغلاله مدة معينة وذلك في مقابل أجره المثل .
القسم الثاني : الحقوق العينية التبعية :
هي التي تتبع علامة مديونية وتنتهي بإنتهاء المديونية أي أنها ليست مقصودة لذاتها ولا توجد مستقلة كالحقوق الأصلية ، والغرض منها ضمان الوفاء بحقوق شخصية .. وأنواع الحقوق العينية التبعية أربعة وهي :
أ- الرهن الحيازي :
هو حق عيني تبعي يتقرر بناء على اتفاق بين الدائن والمدين ويخول للدائن حق حيازة الشيء المرهون وأن يستوفى دينه من ثمنه بالأولوية على الدائنين العاديين .. ويرد الرهن الحيازي على المنقولات كالسيارات والحلي كما يرد على العقارات وإذا حل أجل الدين دون أن يستوفي الدائن حقه من المدين بالطرق العادية جاز له أن يستوفيه من ثمن بيع الشيء المرهون بطريق المزاد وفقاً لإجراءات معينة .
ب- الرهن الرسمي :
هو حق عيني تبعي يتقرر على عقار بموجب اتفاق بين الدائن والمدين ويتم ذلك على يد كاتب العدل بالمحكمة الشرعية ويختلف عن الرهن الحيازي في إنه لا يرد إلا على العقارات بينما الرهن الحيازي يرد على العقارات والمنقولات ويلاحظ أن نظام الرهن الرسمي في المملكة العربية السعودية لا يترتب عليه نزع حيازة العقار المرهون من يد المدين أو منعه من التصرف فيه بل أنه يخول للدائن ميزتي التتبع والتقدم
حق التتبع معناه أن يكون للدائن تتبع العقار المرهون في أي يد يكون وينفذ عليه بالبيع بالمزاد العلني في حالة عدم استيفاء الدين .
حق التقدم أو الأولوية فمعناه أن للدائن المرتهن حق الأولوية في استيفاء دينه على سائر الدائنين العاديين . والدائنين المرتهنين التالين له في المرتبة .
ج- حق الاختصاص :
هو حق يتقرر بموجب حكم من القضاء لكل دائن بيده حكم نهائي ضد مدينة دون حاجة إلى رضاء هذا المدين وهو لا يرد إلا على العقارات دون المنقولات .
د- حقوق الامتياز :
هو حق عيني تبعي يقرره النظام لبعض الدائنين مراعاة لصفة ديونهم ، وحقوق الامتياز إما حقوق امتياز عامة على كل أموال المدين وأما حقوق امتياز خاصة ترد على مال معين من أموال المدين .
-----------------------------------------------------------------
ثالثاً : الحقوق الذهنية :
هي سلطة يثبتها القانون أو النظام لشخص معين على إنتاجه الذهني تمكنه من مزايا معنوية ومادية يقرها النظام كحق التأليف وحق الاختراع والمصلحة المعنوية تتمثل في نسبة المصنف إلى نفسه وأن يكون له نشره أو منع نشره أما المصلحة المادية هي جميع المنافع المادية التي يمكن لهذا الأثر الذهني أن يحققها والحقوق الذهنية ترد على أشياء معنوية لا تدرك بالحس .. وتنقسم لقسمين أساسيين :
القسم الأول : الحقوق الأدبية والفنية
وتكمن في حقوق المؤلفين على كتبهم والفنانين والرسامين وكل ما نتج عن فكر الأدبي والفني .
الحقوق الأدبية أو الفنية يجب توفرها فيها الركنين التالية :
أ- المصنف :
جوهر الحق الأدبي هو الابتكار وبالتالي فإن محل هذا الحق هو المصنف أو المؤلف كما جرى العمل على تسميته ويقصد بالمصنف الأدبي أو الفني كل إنتاج مبتكر للعقل ويكفي لإعتبار المصنف مبتكراً أن يتصف بصفات تبرز شخصية صاحبه .
ب- المؤلف :
يثبت الحق الأدبي أو الفني المبتكر وقد جرى العمل على تسميته بالمؤلف وتسميه الحق ذاته بحق المؤلف هو حق الشخص على مصنف من انتاجه الذهني أو أفرغ في صورة مادية .
مضمون الحق الأدبي أو الفني :
ترتب الحقوق الأدبية أو الفنية للمؤلف سلطات أدبيه وأخرى مالية .
أولاً : السلطات الأدبية للمؤلف :
1- سلطة تعيين نسب المؤلف :
للمؤلف سلطة نسب المصنف إلى نفسه بذكر إسمه على النسخة إذا نشر أو تقديم نفسه للجمهور على أنه هو المؤلف إذا ما أقتصر الأمر على عرض المصنف دون نشره .
2- سلطة التعديل :
للمؤلف وحده أن يدخل على مصنفه ما يراه لازما أو مناسباً من التعديلات كما أنه له الحق في ترجمه مصنفه إلى لغة أخرى .
3- سلطة نقل المصنف للجمهور الأداء العلني والنشر :
للمؤلف سلطة نقل المصنف للجمهور ، ويمكنه أن يباشر هذا الحق بأحد طريقتين : أحدهما مباشر عن طريق التلاوة العلنية . والثاني طريق غير مباشر بإعداد نسخ من المصنف .
4- سلطة السحب :
إذا نشر المنصف الأدبي أو الفني ، كان للمؤلف أن يوقف نشره وأن يسحب النسخ من أماكن البيع أو التوزيع ، ولكن ليس له أن يجمع النسخ التي تم بيعها للناس.
خصائص السلطات الأدبية للمؤلف :
السلطات الأدبية لحق المؤلف لصيقة بشخص المؤلف وهي ليست سلطات مالية أي لا تقوم بمال . ويترتب على ذلك عدة نتائج :
1- السلطات الأدبية لا تسقط بالتقادم :
للمؤلف أن يباشر كافة السلطات الأدبية من نسبة المنصف إلى ذاته ، أو إدخال ما يراه من التعديلات في أي وقت مهما طال الزمن دون أن يتعرض لسقوط حقه في مباشرتها بعدم الاستعمال .
2- السلطات الأدبية لا يجوز النزول عنها للغير :
لو تنازل المؤلف حقه في نسبه المصنف إليه لينسب إلى غيره كان هذا التنازل باطلاً .
ثانياً : السلطات المالية للمؤلف :
تثمل السلطات المالية للمؤلف الجانب المالي لحقه ، فللمؤلف وحده الحق في استغلال مصنفه مالياً ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون أذن كتابي سابق منه أو ممن يخلفه .
خصائص الحق المالي للمؤلف :
إمكان النزول عنها للغير : كما أن هذا الحق المالي ينتقل بعد وفاه المؤلف إلى ورثته فإذا لم يترك ورثه كان المصنف من الأشياء المباحة ، فيجوز لأي شخص أن يباشر عليه حقوق الاستغلال المالي .
سلطات المؤلف المالية مؤقتة :
سلطات المؤلف المالية ليست مؤبدة فتحدد القوانين أو النظم لها مدة معينة تنقضي بقواتها وتتمثل في حماية حقوق المؤلف حيث يحمي القانون أو النظام حقوق المؤلف بشروط معينة تحددها هذه النظم وتتم الحماية عن طريق توقيع جزاءات مدنية وأخرى جنائية على من يعتدى على هذا الحق .
القسم الثاني : الحقوق التجارية والصناعية
وتكمن في حقوق التجار على الأسماء التجارية لمحلاتهم وعلى علاماتهم التجارية وحقوق المخترعين على اختراعاتهم ( وتخضع لأحكام القانون أو النظام التجاري ).
الجزء الثاني عشر ( أركان الحق / أطرافه ومحله وحمايته )
حديثنا في هذا الجزء سيختصر على الركن الأول وهو ( أطراف الحق ) حيث أنه لابد للحق من صاحب ينسب إليه والحقوق لا تثبت إلا للأشخاص والنظام يخاطب الأشخاص فيرتب لهم الحقوق
أو بفرض عليهم الالتزامات .
كلمة الأشخاص نظاماً تعني أنها قد تكون طبيعية وقد تكون اعتبارية ونشرحها تفصيلاً وفق التالي :
أولاً : الشخص الطبيعي :
الشخص الطبيعي هو الإنسان الذي يكون قابلاً لأن يثبت له حق أو يجب عليه إلتزام والحديث
عنه يفرض علينا تفصيل .. بدء الشخصية وإنقضاؤها .. مميزات الشخصية .. أهلية الشخصية ..
وفق التالي :
1- بدء الشخصية الطبيعية وإنقضاؤها :
تبدأ الشخصية الطبيعية بولادة الإنسان حياً فإن ولد ميتاً فلا تثبت له الشخصية .. وتنقضي
الشخصية الطبيعية بزوال الحياة .. إذاً القاعدة أن شخصية الإنسان تبدأ بتمام ولادته حياً وتنتهي
بموته ولهذه القاعدة إستثناءات أهمها .. أن الجنين إنسان تثبت له شخصية نظامية قبل ولادته
وأن المفقود لا تنقضي شخصيته بموته الفعلي غير المعروف إلا عند صدور حكم قضائي بموته .
المفقود :
المفقود هو الغائب الذي لا يعرف ما إذا كان حياً أم ميتاً فالشخص الذي يغيب عنه أهله وموطنه ويتيقن من حياته لا يعتبر مفقوداً والشخص الذي يتأكد من وفاته لا يعتبر مفقوداً ولو لم يتعثر
على جثمانه وبذلك تثبت الشخصية النظامية أو القانونية للمفقود حتى يحكم بموته وتيسير
معظم النظم فيما يتعلق بالمفقود أن يصدر حكم بعد مرور مدة تحددها باعتباره ميتاً ويقوم هذا
الحكم مقام الموت الحقيقي وتنتهي شخصيته الإنسانية .. وبالتالي يترتب على هذا الحكم
انقضاء شخصيته ولا يكون للحكم أثر رجعي فيعتبر المفقود ميتاً من تاريخ الحكم .. وبعد الحكم
تئول أمواله إلى ورثته وتنحل رابطة الزواج وتعتد زوجته عدة الوفاة .. وإن ظهر المفقود حياً بعد
الحكم بموته فإن شخصيته تعود إليه بأثر رجعي فتعتبر أنها لم تنقض إطلاقاً وهنا تثور بعض
الصعوبات في حالة زواج زوجته وتوزيع أمواله على ورثته .. فبالنسبة للزوجة فإنها ترجع إليه
إذا لم يكن قد تزوجها آخر ودخل بها أو كان قد تزوجها آخر ودخل بها في عدة الوفاء أو دخل بها
وهو يعلم أن المفقود حي أما في غير هذه الحالات فلا ترجع زوجة المفقود إليه وتظل مع الزوج
الآخر أما بالنسبة لأمواله فيسترجع المفقود ما بقى منها في أيدي الورثة ، أما ما هلك أو أستهلك
فيضع عليه على أنه إذا كان استهلاك الورثة للمال الموروث أو كان تصرفهم فيه سوء نيه فإنهم
يلتزمون بتعويضه عن قيمة هذا المال .
2- مميزات الشخص الطبيعي :
يميز الشخص الطبيعي : 1- الإسم .. 2- الحالة الإجتماعية .. 3- الذمة المالية .. 4- الموطن
1- الإسم :
وهو من الحقوق اللصيقة بالشخصية وليس حقاً ومالياً وينتظم له معنيين أولهما واسع يشمل اسم الفرد واسم أسرته ، والثاني ضيق يقتصر على إسم الفرد دون لقبه .
2- الحالة الإجتماعية :
يقصد بها مركز الشخصية الطبيعية من حيث الـدولـة والأسرة والدين ، ونستعرضها كالتالي :
أ- الجنسية : وهي إنتماء الفرد لدولة معينة ، ولتحديد جنسيته الشخص أهمية كبرى من عدة نواح أهمها :
(1) التمتع بالحقوق السياسية مثل حق الانتخاب .
(2) تحديد المحكمة المختصة والنظام أو القانون الواجب التطبيق بالنسبة للعلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي .
ب- الحالة العائلية : وهي تحديد مركز الشخص بالنسبة للأسرة معينة والقرابة تنشأ بين الأشخاص بطريق النسب أو المصاهرة .
قرابة النسب أو الدم هي الصلة التي تقوم بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك وتنقسم بدورها قسمين قرابة مباشرة وقرابة حواش .
القرابة المباشرة : هي التي تربط بين أفراد يجمعهم أصل مشترك ويكون أحدهم أصلاً أو فرعاً
للآخر وتحسب درجة القرابة المباشرة باعتبار كل فرع درجة عند الصعود للأصل ولا يحسب الأصل
فالابن قريب لأبيه في الدرجة الأولى والحفيد قريب لجده في الدرجة الثانية .
قرابة الحواشي : هي التي تربط بين أفراد يجمعهم أصل مشترك دون أن يكون أحدهم أصلاً أو
فرعاً للآخر فالقرابة التي تربط الأخ بأخته قرابة حواشي لأنه يجمعهما أصل مشترك هو الأب
ولكن أحدهما ليس أصلاً أو فرعاً للآخر .
قرابة المصاهرة : فهي التي تنشأ عن الزواج ونقوم بين كل من الزوجين وأقارب الزوج الآخر .
وتعتبر النظم أقارب أحد الزوجين في نفس القرابة والدرجة بالنسبة أإلى الزوج الآخر ، وبذلك
تكون أم الزوج قريبة للزوجة من الدرجة الأولى وبالمثل أم الزوجة قريبة للزوج من الدرجة الأولى .
الدين : كذلك يتميز الشخص بحالته الدينية .
3- الذمة المالية :
يقصد بالذمة المالية في فقه القانون الوضعي مجموع ما للشخص وما عليه من التزامات مالية فالذمة المالية تتكون من عنصرين : عنصر إيجابي ويضم جميع حقوق الشخص وعنصر سلبي ويشمل مجموع التزاماته .
أما في الفقه الإسلامي فقد ذهب فريق إلى أنها صفة شرعية يفترض وجودها في الإنسان وذهب الفريق الأخر إلى أنها نفس الإنسان أو عهده والقول الراجح هو ما ذهب إليه الفريق الأول .
4- الموطن :
هو المكان الذي يقييم فيه الشخص عادة ، ويشترط لإعتبار مكان معين موطناً للشخص توفر
الركن المادي والركن المعنوي .. والركن المادي يقصد به إقامة الشخص في هذا المكان بإستعماله
مسكناً يأوي إليه ويفترض أنه يعلم ما يجري فيه ولو لم يوجد فيه دائماً أو في أغلب الأوقات أما الركن المعنوي فيقصد به توافر نية الاستقرار في هذا المكان .. وللموطن عدة أنواع وهي :
الموطن الأصلي أو الموطن العام : وهو المكان الذي يقيم فيه الشخص فعلاً لأنه يتوافر بالنسبة
لجميع الأفراد دون تمييز ..
الموطن الخاص : فقد يكون للشخص موطن خاص ببعض صور النشاط الذي يباشره وتعرف النظم
صورتين للموطن الخاص الأول : الموطن الحرفي أو المهني ولا يعتد به إلا بالنسبة للأعمال المتعلقة
بالحرفة والمهنة والثاني فهو الموطن المختار وهو المكان الذي يختاره الشخص ليكون موطناً له
بالنسبة للقيام .
الموطن المختار : هو مكان يختاره الشخص ليكون موطناً له بالنسبة للقيام بعمل أو أعمال معينة
فهو موطن خاص لأنه يقوم إلى جانب الموطن العام .
الموطن الإلزامي : وهو الموطن الذي يلزم النظام الشخص به كما هو الحال بالنسبة للقاصر
والمحجور عليه والمفقود والغائب ويلاحظ أن الموطن الإلزامي لا يتقرر إلا بناء على نص قانوني .
3- أهلية الشخص الطبيعي :
الأهلية في اللغة هي الصلاحية وفي الإصطلاح يقسمونها فقهاء الشريعة إلى أهلية وجوب
وأهلية أداء ولكل منهما معنى خاص .
أهلية الوجوب : هي صلاحية الشخص لثبوت الحقوق له ووجوب الالتزامات عليه .
أهلية الأداء : هي قدرة الشخص على مباشرة أعماله النظامية بنفسه وتكمن أهلية الأداء في
التمييز أي قدرة الشخص على إبرام التصرفات لحساب نفسه .
مراحل أهلية الأداء بحسب السن :
المرحلة الأولى : الصبي غير المميز : وهو كل من لم يبلغ السابعة من عمره وهذا الصبي لا يمكنه التمييز بين النافع والضار وبالتالي فليس له أهلية أداء ويقع باطلاً كل تصرف يبرمه .
المرحلة الثانية : الصبي المميز : وهو كل من بلغ السابعة من عمره وهو يستطيع أن يمييز بين ما ينفعه وما يضره في حدود معينة .. ويقسم الفقه التصرفات بالنسبة للصبي المميز ثلاثة أقسام :
(1) تصرفات نافعة نفعاً محضاً مثل قوله الهبة وتثبت له بالنسبة لها أهلية أداء كاملة فتصبح منه هذه التصرفات .
(2) تصرفات ضارة ضراً محضاً مثل تبرعه بماله فليس له بالنسبة لها أهلية أداء وبالتالي تقع تصرفاته باطله .
(3) تصرفات تدور بين النفع والضرر ، مثل البيع والشراء وهو بالنسبة له أهلية أداء ناقصة فتكون مثل هذه التصرفات قابلة للإبطال لمصلحته .
المرحلة الثالثة : البالغ العاقل الرشيد : وتبدأ هذه المرحلة ببلوغ الشخص سن الرشد ، وهي ثماني عشرة سنة هجرية في المملكة العربية السعودية وإحدى وعشرون سنة في بعض النظم العربية وعندها يكون الشخص كامل أهلية الأداء فتكون جميع تصرفاته صحيحة .
وللأهلية عدة عوارض أو شؤائب تشوبها : وهي الجنون .. العته .. السفة والغفلة .. فقدان حاستين من حواس السمع والبصر والنطق أو العجز الجسماني الشديد ونوجزها على النحو التالي :
أ- الجنون : هو إختلال العقل بما يفقد الشخص الإدراك والتمييز كلية والجنون قد يكون مطبقاً أي دائماً وقد يكون متقطعاً أي تتخلله فترات إفاقة وتقع تصرفات المجنون باطلة .
ب- العته : هو إختلال في العقل يجعل فهم الشخص قليلاً وكلامه مختلطاً وتمييزه فاسداً والمعتوه قد يكون مميزاً فيسمى بالمعتوه المميز ، وقد يكون غير مميز فيسمى بالمعتوه وغير المميز .
إذا كان المجنون أو المعتوه صغيراً لم يبلغ سن الرشد وبلغها مجنوناً أو معتوها ، أستمرت الولاية أو الوصايا عليه ، أما إذا أصابه العارض بعد بلوغه سن الرشد جاز الطلب الحجر عليه وتقيم المحكمة عليه قيما لإدارة أمواله .. وتأخذ تصرفات المجنون المعتوه غير المميز حكم تصرفات الصبي غير المميز فتكون باطله .. أما المعتوه المميز فتأخذ حكم تصرفات الصبي المميز وفق ما تقدم سلفاً .
ج- السفه والغفلة : السفه هو إنفاق المال في غير موضعه أي تبذير المال في غير مقتض .. أما الغفلة : فهي عدم القدرة على التمييز بين الرابح والخاسر في المعاملات .. وتأخذ تصرفات السفيه أو ذي الغفلة حكم تصرفات الصبي المميز فتصح إذا كانت نافعة نفعاً محضاً وتبطل إذا كانت ضارة ضرراً محضاً وتكون قابلة للإبطال إذا كانت تدور بين النفع والضرر .
د- فقدان حاستين من حواس السمع والبصر والنطق أو العجز الجسماني الشديد :ويسمى بالمانع الطبيعي للأهلية وذلك لأنها تمنع الشخص من إبرام التصرفات بنفسه بالرغم من قدرته على فهم طبيعة هذه التصرفات وآثارها .. ويجوز للمحكمة أن تعين له مساعداً قضائياً يعاونه في إبرام تصرفاته .
ولإكمال كافة الجوانب ذات العلاقة في هذا الجانب يجب أن نوضح أنواع الولاية على المال :
الولاية على المال هي السلطة التي يقررها النظام لشخص معين في إبرام التصرفات النظامية لحساب شخص آخر غير كامل الأهلية وهي على النحو التالي :
أ- الولاية على مال القاصر : إذا لم يبلغ الشخص سن الرشد سمي قاصراً ، وتثبت سلطة إدارة
أمواله والتصرف فيها لولية .. والولاية على مال الصغير تثبت أساساً للأب ثم للجد الصحيح وهو
الجد لأب .وهذه الولاية تثبت بحكم الشرع أي دون حاجة إلى حكم من القاضي .. ويحدد النظام
الولي وحدود سلطته .. فحدود سلطة الأب والجد فيما يتعلق بالتصرفات النافعة محضاً والتصرفات
الضارة ضرراً محضاً ولكنها تختلف بالنسبة للتصرفات الدائرة بين النفع والضرر .. فالتصرفات النافعة نفعاً محضاً يجوز للأب والجد مباشرتها دون حاجة إلى إذن القاضي والتصرفات الضارة ضرراً محضاً
لا يجوز لهما مباشرتها قط أما بالنسبة للتصرفات الدائرة بين النفع والضرر فيحدد النظام سلطة
كل منهما بالنسبة لها وإن كانت سلطة الأب أوسع من سلطة الجد .
ب- الوصاية على مال القاصر : إذا لم يكن للقاصر أب ولا جد صحيح فإن المحكمة تعين له وصياً
يقوم على رعاية أمواله ويجوز عند الضرورة تعيين أكثر من وصي واحد .. وقد يكون هناك وصي
مختار حيث أنه يجوز للأب أن يختار قبل وفاته وصياً لولده القاصر أو للحمل المستكن ويسمى
هذا بالوصي المختار .. سلطات الوصي وتتفق سلطة الوصي مع سلطة الولي فيما يتعلق
بالتصرفات النافعة نفعاً محضاً فيجوز للوصي مباشرة هذه التصرفات لحساب القاصر دون حاجة
إلى إذن القاضي ولا يجوز أن يباشر التصرفات الضارة وبالنسبة للتصرفات الدائرة بين النفع والضرر
لا يباشر الوصي أغلبها إلا بإذن من المحكمة .. وتنتهي الوصاية إما إنتهاء طبيعاً ببلوغ القاصر سن
الرشد عاقلاً ما لم يتقرر إستمرار الوصاية عليه وكما تنتهي مهمة الوصي قبل بلوغ القاصر سن
الرشد بموت القاصر أو بفقد الوصي لأهليته أو ثبوت غيبته أو موته أو بعودة الولاية للولي إذا كان
للقاصر أب أو جد سلبت ولايته .
ج- القوامة على مال المحجور عليه : إذا حجر على شخص لجنون أو عته أو سفه أو غفلة فإن
المحكمة تقيم عليه قيماً يتولى إدارة أمواله وتكون القوامة للإبن البالغ ثم للأب ثم للجد ثم لمن
تختاره المحكمة .. وسلطات القيم وواجباته هي ذات سلطات الموصي وواجباته تنتهي القوامة
برفع الحجر أو بموت المحجور عليه أو بموت القيم أو فقده للأهلية أو بإستقالة أو بالعزل .
ثانياً : الشخص الإعتباري :
الشخصية الإعتبارية هي الشخصية التي يقررها النظام لغير الإنسان ويطلق عليها كذلك إصطلاح الشخصية المعنوية .. والشخص الإعتباري قد يكون مجموعة من الأفراد أو مجموعة من الأموال ينظر إليها النظام بإعتبارها وحدة قائمة بذاتها مستقلة عن الأموال أو الأفراد الداخلة في تكوينها والحديث عنها يفرض علينا تفصيل .. بدء الشخصية وإنقضاؤها .. حدود الشخصية ومميزاتها.. أنواع الشخصية .. طبيعة الشخصية .. مقومات الشخص الإعتباري وفق التالي :
1- بدء الشخصية الإعتبارية وانقضاءها :
الشخصية الإعتبارية لا تثبت إلا بموافقة النظام سواء موافقة خاصة أو موافقة عامة .. فالموافقة
الخاصة تعني موافقة النظام خاصة إذا إعترف بالشخصية الاعتبارية لجماعة معينة بالذات كأن
يصدر نظام بإنشاء مؤسسة ويقرر تمتعها بالشخصية الاعتبارية .. أما الموافقة العامة تعني
موافقة النظام على التمتع بالشخصية الإعتبارية موافقة عامة عندما يحددها النظام مقومات
معنية إذا توافرت لدى أي جماعة تثبت لها الشخصية المعنوية بمجرد توافرها دون حاجة إلى
إعتراف الموافقة الخاصة .
2- انقضاء الشخصية الإعتبارية :
تنقضي الشخصية الإعتبارية بأسباب عديدة فهي تنتهي بحلها سواء كان ذلك إختيارياً بإتفاق الشركاء على ذلك أو كان إجبارياً بحكم قضائي أو قرار إداري كما تنتهي الشخصية الاعتبارية بانقضاء الأجل المحدد لمباشرة نشاطها إذا كان هناك أجل أو بإندماجها في شخصية إعتبارية أخرى وإذا انتهت الشخصية الإعتبارية صفيت ذمتها المالية بأن تسدد ديونها وتوزع حقوقها الباقية وفقاً لما نص عليه في عقد إنشائها وما تقصي به القواعد النظامية والقانونية المنظمة لها .
3- حدود الشخصية الإعتبارية ومميزاتها :
حدود الشخصية الإعتبارية :
الشخصية الإعتبارية كالشخصية الطبيعية عبارة عن الصلاحية لإكتساب الحقوق والتحمل بالإلتزامات ولكن في نطاق أضيق من نطاق الشخصية الطبيعية وتتقيد بالغرض المقصود من وجودها .
مميزات الشخص الإعتباري :
(1) إسم يميزه عن سائر الأشخاص المعنوية .
(2) موطن الشخص الإعتباري هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته مستقلاً عن موطن مؤسسيه .
(3) حالة الشخص الإعتباري مقصورة على الناحية الجنسية أي إنتمائه إلى دولة معينة .
(4) للشخص الإعتباري ذمة مالية مستقلة عن ذمم الأشخاص الداخلين في تأسيسه .
(5) يباشر الشخص الإعتباري نشاطه بواسطة شخص طبيعي ويطلق عليه ممثل أو نائب الشخص الإعتباري .
4- أنواع الشخص الإعتباري وطبيعته :
تقسم الأشخاص الاعتبارية إلى أشخاص إعتبارية عامة : مثل ...... والمحافظات والمدن والقرى والهئيات والمؤسسات العامة .. وأشخاص إعتبارية خاصة : مثل الشركات والجمعيات الخاصة .
الأشخاص الاعتبارية العامة : تتمييز بسلطات لا تتمتع بها الأشخاص الإعتبارية الخاصة ف...... هي السلطة التشريعية ومهمتها وضع الأنظمة والسلطة القضائية مهمتها الفصل في المنازعات بين الأفراد والسلطة التنفيذية مهمتها تنفيذ الأنظمة .
أما الأشخاص الإعتبارية الخاصة فقد تكون مجموعات أشخاص أو مجموعات أموال وجماعة الأشخاص عبارة عن عدد من الأفراد يوحدون جهودهم لتحقيق غرض معين أما مجموعة الأموال فهي عبارة عن أموال ترصد أو تخصص لتحقيق غرض معين غير الربح .
أ- مجموعات الأشخاص : الشركات والجمعيات :
(1) الشركات : الشركة هي شخص إعتباري ينشأ عندما يتفق شخصان أو أكثر على القيام بمشروع مالي معين يقصد إقتسام ما ينشأ عنه من ربح وخسارة .. والشركات إما أن تكون مدينة أو تجارية والمدنية هي التي تتكون للقيام بأعمال مدنية كالإستقلال الزراعي وإصلاح الأراضي أما الشركات التجارية فهي التي تتكون بقصد القيام بأعمال تجارية كالشراء بقصد إعادة البيع والنقل والإنتاج وتهدف لتحقيق الربح .
(2)الجمعيات : الجمعية عبارة عن جماعة منظمة من الأشخاص تتألف على وجه الإستمرار لتحقيق غرض مالي فهي لا تهدف إلى تحقيق ربح وإنما تقوم لتحقيق غرض آخر من الأغراض الدينية أو العلمية أو الرياضية .
ب- مجموعات الأموال – الأوقاف والمؤسسات الخاصة :
(1)الوقف : أحد نظم الشريعة الإسلامية وهو حبس عين من الأعيان على أن تكون مملوكة لأحد وجعلها على حكم ملك الله تعالى ويخصص ريعها للبر حالاً أو مالاً .
(2) المؤسسة الخاصة : وتنشأ بتخصيص مال معين لتحقيق غرض مالي فهي تتفق مع الجمعية في أن الغرض منها غير مالي قد يكون غرضها إنسانياً أو أدبياً أو علمياً .
مقومات الشخص الإعتباري :
يتطلب لوجوده عنصرين أساسين أولهما هدف أو غرض ينشأ الشخص المعنوي لتحقيقه وثانيهما إجتماع إرادة عدة أفراد على تحقيق ذلك الهدف أو تخصيص مال لذلك الغرض .
الذمة المالية للشخص الإعتباري :
تقضي النظم بأن أهلية الشخص الاعتباري تكون في الحدود التي يعينها عقد إنشائها أو التي يقرها النظام وهي بذلك تقرر مبدأ تخصص الشخص الإعتباري فالأهلية التي تذكرها هي أهلية الوجوب .
ويلاحظ أن ذمة الشخص الإعتباري مستقلة عن ذمم القائمين عليه سواء كانوا أعضاء في جمعيته أو مديرين في المؤسسة أو نظاراً في الوقف وهذه هي أظهر نتيجة للاعتراف بالشخصية الاعتبارية للمجموعات .
وما توفيقي إلا بالله رب العالمين
محبكم في الله
المستشار القانوني / وائل بن سليمان بن إبراهيم جوهرجي
إخواني الكرام عذراً على ظهور بعض الأيقونات بالموضوع
وقد فشلت عدة محاولات لتعديلها
لذا أمل من أحد المشرفين نظراً لإنقضاء الوقت التعديل وفق الأيقونات الظاهرة
وتحديداً هنا الخطأ
( 1 ) هنا
لإكمال كافة الجوانب ذات العلاقة في هذا الجانب يجب أن نوضح أنواع الولاية على المال :[/SIZE]
المطلوب حذف كلمة سايز
( 2 ) هنا
ثانياً : الشخص الإعتباري :
المطلوب تعديل حجم الخط إلى ( 7 )
مع الشكر والتقدير

اسم الموضوع : ملخصات للمطالعة
|
المصدر : منهجية العلوم القانونية