zaineb

عضو
إنضم
29 يوليو 2011
المشاركات
31
مستوى التفاعل
5
النقاط
8
الإقامة
قسنطينة
نظم الاجراءات الجزائية

مقدمة واجبة
حق المجتمع في العقاب هو أخطر الحقوق التي يمتلكها حيال الأفراد وتعتني الدولة عناية قصوى بممارسة هذا الحق وتعتبره واجبا مطلقا لسلامة كيان المجتمع وإشاعة الأمن بين أفراده .

وتحقيقا لهذا الغرض تفصح الدولة بطريقة التشريع عن أنماط السلوك التي تعتبرها جرائم وتعيّن العقوبات التي تسلّط على مرتكبيها ويطلق على مجموعة هذه القواعد التي تحدد أنواع الجرائم والعقوبات اسم " القانون الجنائي " أو "قانون العقوبات " .

بـيد أن العقوبات المقرّرة في القانون الجنائي لا يمكن تطبيقها فورا وبصفة آلية على مرتكبي الجرائم لمجرّد ارتكابهم إيّاها، فالقاتل لا يعدم فور إقدامه على القتل والسارق لا يعاقب بالسجن فور اختلاسه أموال الآخرين بدون رضاهم إذ لابد لتنفيذ العقوبات المقرّرة في القانون على المجرم من أن تحكم عليه سلطة قضائية مختصة ومآل ذلك كله أن ردّ الفعل الاجتماعي حيال الجريمة ومقترفيها لا يجوز أن يكون في المجتمعات الحديثة تعسفيا انتقاميا و إنما يجب أن يكون منظّما واعيا مضبوطا بعيدا عن روح الثّأر و متّصفا بالأمانة و الاعتدال وحب الحقيقة من خلال ما يدعى في لغة الاصطلاح القانوني "الإجراءات الجزائية".

إذ تمثل مادة الإجراءات الجزائية عمليا حلقة ربط بين الجريمة والعقوبة، وذلك من خلال المرور بمختلف مراحل البحث والتحقيق والمحاكمة، بما يسمح معه أن تنتقل قواعد القانون الجزائي من مستوى المبادئ والنظريات إلى مستوى واقع ملموس مجسّم في شكليات وإجراءات، لذلك تميّز قانون الإجراءات الجزائية بطابعه الشكلي. فالقانون الجزائي يشتمل بمعناه الواسع على نوعين من القواعد أحدهما يشمل القواعد الموضوعية، ويطلق عليها اسم القانون الجزائي أو قانون العقوبات، أما النوع الثاني فيضم القواعد الشكلية ويسمى قانون الإجراءات الجزائية، ويحدد النوع الأول الأفعال التي تعد من قبيل الجرائم وبيّن الجزاء المسلط على كل منها، أما قانون الإجراءات فينطبق عند مخالفة أحكام القانون الجزائي، فوظيفته وضع أحكام هذا القانون (القانون الجزائي) موضع التطبيق والتنفيذ.

وعلى هذا الأساس فقد عرّف الفقه• قانون الإجراءات الجزائية بأنه يضم مجموعة القواعد التي تنظم وسائل التحقيق من وقوع الجريمة ومحاكمة مرتكبها وتوقيع الجزاء الجزائي، والفصل في الدعوى المدنية التي قد ترفع إلى القضاء الجزائي، وكذلك القواعد الخاصة بالطعن فيما يصدر عن هذا القضاء من أحكام وتنفيذ هذه الأحكام.

فقانون الإجراءات الجزائية يهدف إلى إقرار توازن بين إحترام الحرية الشخصية للأفراد واحترام المصلحة العامة حتى لا يفلت مجرم من عقاب، ووسيلته في ذلك ما يتضمنه من قواعد تخص التنظيم القضائي وتخص أيضا الإجراءات الواجب إتباعها والتقيّد بها في أعمال البحث والتحقيق والمحاكمة.

بالنظر للعلاقة الرابطة بينهما فإن تطبيق قواعد الإجراءات الجزائية يرتبط بقواعد القانون الجزائي، ويتأكد هذا كلما توفرت في الواقعة صفة الجريمة التي تجسم الاعتداء على حق المجتمع سواء تعلق هذا الحق بالدولة أو بالأفراد بما يخوّل للسلطة عامة حقا مشروعا في توقيع العقاب ولا يتم ذلك إلا عن طريق القيام بالدعوى العمومية.

كما تلحق الجريمة أضرار شخصية تصيب المعتدى عليه في ماله أو سلامه بدنه أو في حقوقه المعنوية، فيترتب عن هذا الضرر نشأة حقه في التعويض، ويقع ذلك عن طريق الدعوى المدنية، وبذلك تكون الجريمة سببا قانونيا للقيام بدعويين، دعوى عمومية تمارسها السلطة العامة بواسطة جهاز مختص يعرف بجهاز النيابة العمومية، ودعوى مدنية يمارسها المتضرر أو ما يطلق عليه اصطلاحا القائم بالحق الشخصي وذلك بصفة موازية للدعوى العمومية أو بصفة مستقلة عنها مثلما نص على ذلك الفصل 01 م إ ج التونسية الذي جاء به ما يلي : "يترتب على كل جريمة دعوى عمومية تهدف إلى تطبيق العقوبات ويترتب عليها أيضا في صورة وقوع ضرر دعوى مدنية لجبر ذلك الضرر".

ويمكن تعريف الدعوى العمومية بأنها حق الدولة ممثلة في سلطة الاتهام في ملاحقة مرتكب الجريمة وتقديمه للقضاء لتوقيع العقاب عليه.•
Read more: محــــاضرات في مادة قانون الإجراءات الجزائية - منتديات الحقوق و العلوم القانونية http://www.droit-dz.com/forum/showthread.php?t=3479#ixzz1kHCkthLY

فالدعوى العمومية هي السلطة المخوّلة للنيابة العمومية نيابة عن المجتمع ولمصلحته في الالتجاء للقضاء للوصول إلى إثبات وجود فعل إجرامي معاقب عنه وإقامة الدليل على مرتكبه وتوقيع العقوبة المقررة له قانونا، فمن خلال هذا التعريف يتضح أن للدعوى العمومية خاصيتان تتعلق الأولى بأنها عامة والثانية بأنها غير معلقة على شرط.•

ففيما يتعلق بخاصية العمومية تستمد الدعوى العمومية هذه الصفة من طبيعة غايتها ومن صفة صاحب الحق فيها فهي تهدف إلى حماية مصلحة عامة وتوقيع العقاب على مرتكب الجريمة.

أما فيما يتعلق بعدم تعلق الدعوى العمومية على شرط فإن النيابة العمومية تتولى إثارة الدعوى،العمومية وممارستها أمام القضاء بقطع النظر عن مسك الجاني من عدمه فهي تثير الدعوى العمومية بمجرد حصول الفعل الإجرامي ودون توقف على أي شرط عدى في بعض الحالات الإستثنائية.

وفي فرنسا فقد تم تنظيم الإجراءات الجزائية في مجلة واحدة تعرف باسم مجلة الإجراءات الجزائية الصادرة بمقتضى القانون عــدد57 - 1426 المؤرخ في 31 ديسمبر 1957 وتحتوي تقريبا على 803 فصلا وقد تضمنت بابا تمهيديا يتعلق بالقواعد العامة للإجراءات الجزائية وخصصت جزء منها لممارسة الدعوى العمومية والتحقيق وجزء ثاني لمحاكم القضاء وجزء ثالث لطرق الطعن وجزء رابع إلى بعض الإجراءات الخاصة وجزء خامس إلى قواعد التنفيذ وتجدر الملاحظة أن هاته المجلة أدخلت عليها العديد من التنقيحات المتتالية.

أما في تونس تم تجميع النصوص المتعلقة بالإجراءات في المادة الجزائية في مؤلف واحد باسم "مجلة الإجراءات الجزائية لسنة 1968 الصادرة بمقتضى القانون عـ23ـدد لسنة 1968 المؤرخ في 24 جويلية 1968 المتعلق بإعادة تنظيم قانون المرافعات الجنائية وتشتمل على 377 فصلا، والتي تميّزت بمحاولـة التوفيق بين الحرية الفردية والمصلحة العامة، وتضمنت جملة من الأحكام التمهيدية تتعلق بالدعوى العمومية والدعوى المدنية، كما تضمنت قواعد متعلقة بإقامة الدعوى ومباشرة التحقيق وذلك من خلال تنظيم أجهزة الضابطة العدلية ووظائف حكام التحقيق ودائرة الاتهام، كما تضمنت قواعد متعلقة بتنظيم محاكم القضاء من حيث مرجع النظر وضبط اختصاص كل منها على حدة بالإضافة إلى تخصيص قسم للإعتناء بطرق الطعن وإجراءات تنفيذ الأحكام الجزائية وهاته المجلة تعددت وتتالت النصوص اللاحقة لها والرامية إلى تنقيح بعض فصولها لتواكب الإجراءات الجزائية الحديثة المعمول بها في أغلب تشاريع العالم.

و يلاحظ أن قانون الإجراءات التونسي ينتمي إلى النظام الذي تطبقه أغلب الدول الأوروبية كفرنسا و ألمانيا و إيطاليا. و هو نظام تمر فيه الجريمة فور ارتكابها عبر ثلاثة مراحل: المرحلة الأولى لدى الضابطة العدلية التي يرأسها وكيل الجمهورية و المرحلة الثانية هي مرحلة التحقيق كلما كانت الجريمة من صنف الجنايات حيث يكون التحقيق وجوبيا مع بقاء التحقيق في الجنح و المخالفات اختياريا. أما المرحلة الثالثة و الأخيرة فهي مرحلة المحاكمة، بل و يلاحظ أنه و في إطار المرحلة الأولى و هي مرحلة الضابطة العدلية يمكن أن نميز بين مرحلتين فرعيتين الأولى و تتعلق بسلطة الضبط الأوّلي للجريمة و التي تمارسها الأجهزة التابعة للسلطة التنفيذية و التي يمتع القانون أعضاءها بصفة الضابطة العدلية.

في حين تتعلق الثانية بسلطة التتبع و يمارسها أعضاء من السلطة القضائية يمثلون النيابة العمومية و يخولهم القانون ممارسة التتبع و إثارة الدعوى العمومية أو حفظ القضية كلما تبين لهم أن استدلالات السلطة الضابطة للجريمة غير كافية قانونا لتوجيه الاتهام إلى شخص معين أو أن الأفعال لا تشكل جريمة أصلا و لذلك أطلق على هذه المرحلة اسم مرحلة الأبحاث الأولية أو مرحلة الأبحاث الاستدلالية و التي يتولى فيها الضابطة العدلية القيام "بإجراءات تلقي البلاغ و ما يعقبه من إجراءات التحفظ على مسرح الجريمة و تجميع ما به من أدلة جنائية مختلفة و تحديد أطراف الجريمة من جناة و مجني عليهم و شهود"1 و ذلك لتمييزه عن البحث التحقيقي الذي تجريه السلطة القضائية ممثلة في قاضي التحقيق.

على أن البحث و سواء كان استدلاليا أو تحقيقيا يهدف إلى القيام بجملة من الإجراءات و الأعمال التي تكون ضرورية للتوصل إلى جمع الأدلة المادية و المعنوية قصد التمكن من معرفة الحقيقة في جريمة وقع إرتكابها " بحيث لا تطرح على المحاكم إلا التهم المركزة على أساس قوي من الواقع و القانون"2.

و بالتالي يتضح أن مادة الإجراءات الجزائية تقوم على قواعد إجرائيّة يقع إتباعها عند تطبيق القانون الجزائي والإجراءات المنظمة لـه لإحالة مرتكبي الجرائم على المحاكم ومعاقبتهم من أجل ما ارتكبوه في حق الفرد وحق المجتمع خاصة وأنه تنشأ عن كل جريمة دعوى عمومية فهذه الدعوى يقع القيام بها طبق قواعد إجرائية عامة منظمة تسمى النظام الاجرائي وقد اختلفت التشاريع المقارنة في تكريس الأنظمة الإجرائية للدعوى العمومية منها من اعتمد النظام الإتهامي (المبحث الأول) ومنها من اعتمد النظام التحقيقي (المبحث الثاني) ومنها من لم تكرّس كل القواعد الخاصة بهذه الأنظمة خاصة وإنما اقتبست قواعدها من النظامين وكرّستها في إطار نظام مختلط يجمع بينهما (المبحث الثالث).

المبحث الأوّل : النظام الاتهامي
يعتبر النظام الاتهامي من الأنظمة القديمة من حيث الظهور التاريخي، وجوهره يتمثل في اعتبار الدعوى العمومية بمثابة خصومة عادية بين طرفين متكافئين في مراكزهما القانونية فهي تجسيم لصراع بين طرفين أمام قاضي محايد ويلتزم بإعلان الحق في جهة هذا الطرف أو ذاك.

انطلاقا من تسميته فان النظام الاتهامي تنطلق فيه الدعوى العمومية باتهام يوجهه المتضرر لشخص ما وليس بشكاية، بحيث أن المتضرر يتحمل كامل مسؤوليته في توجيه الاتهام تجاه شخص تسبب لـه في ضرر نتيجة جرم ارتكبه في حقه ، ويرى الأستاذ أحمد فتحي سرور، "القانون الجنائي الدستوري، ص. 249." أنه في ظل النظام الإتهامي، كان مجرد توجيه الاتهام يمثل مساسا بالحرية الفردية، ويلزم ممثل الإتهام بتقديم الدليل على صحة دعواه، وكان يفترض في المتهم البراءة حتى يثبت عكسها، ولذلك كانت ضمانات الحرية الفردية هي السمة التي يتطبع بها هذا النظام ،" نفس المؤلف، الحماية الدستورية للحقوق والحريات، مرجع سابق، ص. 593." ويتبع المؤلف مستشهدا برأي المحكمة الدستورية المصرية العليا بأنه"لا يعدو أن يكون افتراض براءة المتهم، أن يكون استصحابا للفطرة التي جبل الإنسان عليها، وهو كذلك وثيق الصلة بالحق في الحياة، وبدعائم العدل التي تقوم على قواعدها النظم المدنية والسياسية. ومن ثم،كان أصل البراءة جزءا من خصائص النظام الإتهامي". وبذلك يكون المتضرر هو المدعي ومن وجه ضده الاتهام هو المدعى عليه الذي صد هذا الاتهام، وبذلك يكون طرفي النزاع في مركز واحد ومتساوون في الدفاع عن مصالحهم. فالمتضرر يحاول تأييد دعواه في توجيه الاتهام. والمتهم يحاول صد الدعوى والدفاع عن حقوقه. وبذلك يكون هذا النظام الاتهامي قد أقر مبدأ المساواة بين طرفي النزاع.

كما أنه من خصائص هذا النظام الاتهامي أن الإجراءات المتبعة فيه هي إجراءات شفاهية باعتبار أن الفصل في الدعوى لا يتطلب زمنا طويلا إذ يكفي التثبت في وسائل الإثبات المدعى بها بصفة علنية أمام العموم.

و يتميز أيضا النظام الاتهامي بالطابع العلني للجلسات إذ أنه يقع السماح للأطراف بالترافع خلال الجلسة بحضور العموم وذلك ما يؤكد مصداقية الفضاء وخضوعه للرقابة الشعبية.

كذلك نجد أن هذا النظام يتميّز بالطابع الحضوري للإجراءات فلا يقع النظر في الدعوى إلا بحضور أطرافها، احتراما لمبدأ المساواة وحتى يتمكن كل طرف من إحضار ما توفر لديه من حجج ومؤيدات تقع مناقشتها بالجلسة أمام جميع الأطراف.

إن جميع هذه الخصائص هي من أهم مميّزات النظام الاتهامي وهي القواعد العامة التي يرتكز عليها والتي تهدف إلى إقامة العدل والمساواة فهل أن ذلك يجعله نظاما مثاليا ؟

لكن ولئن كان النظام الاتهامي يهدف إلى توفير حد أدنى من الضمانات لأطراف الدعوى العمومية في كامل أطوارها سواء كان المتهم أو المتضرر وذلك في سبيل السعي إلى إرساء قواعد العدل والإنصاف وإيصال الحقوق لأصحابها فان هذا النظام لا يخلو من عيوب.

فالمحاكمة بصفة عامة في كامل أطوارها سواء كان ذلك في مرحلة إثارة الدعوى العمومية أو مرحلة ممارستها وسيرها أمام القضاء أصبحت مجرّد حوار بين طرفي النزاع بصفة علنيّة يقتصر دور القاضي فيه على سماع الأطراف في هذا النزاع ثم بعد ذلك القضاء على ضوء ما أنتجه هذا الحوار، وبالتالي فإن دوره أصبح هنا دور سلبي يكتفي فيه بالإنصات إلى الطرفين. وهذا فيه خطر على مدى سلطة القاضي الجزائي في النزاع لأن القاضي هو الذي يسيّر النزاع وليس الأطراف.

كما أن هذا النظام يمكّن عددا كبيرا من المجرمين الحقيقيين من الإفلات من العدالة وبقاء مقترفي الجرائم بدون عقاب وفي ذلك مساس بمصالح المجتمع خصوصا بالنظر لضعف ومحدودية السلطات المخولة للقاضي ولغياب قضاء تحقيق أصلا.

فالدور الذي يلعبه قاضي التحقيق في النزاع هو دور أساسي خاصة وأنه يهيأ ملف القضية لجلسة المحاكمة إذ يقوم بكافة الأعمال التي تستوجبها الأبحاث وذلك لكشف الحقيقة.

هذا بالإضافة إلى أن سلطة النيابة العمومية في هذا النظام مقيّدة فليس لها الحق في إثارة الدعوى العموميّة كما هو معمول به في الأنظمة الأخرى بل إنها طرف في النزاع.




المبحث الثاني : النظام التحقيقي
يعتبر النظام التحقيقي حديث النشأة مقارنة بالنظام الاتهامي وجوهره يتمثل في أن الدعوى العمومية لا ترفع إلى القاضي مباشرة بل تمر قبل ذلك بمرحلة تجمع فيها الاستدلالات ويجرى فيها تحقيق وهو مرد اسم النظام التحقيقي ويمكن حصر خصائص هذا النظام في عنصرين أولهما يتعلق بالتتبع الجزائي أي إثارة الدعوة العمومية وثانيهما يتعلق بسير الدعوى.

ففي ما يتعلق بإثارة الدعوى العمومية فإن هذا النظام قد اقتصر في إعطاء الحق في إثارة الدعوى العمومية إلى هيكل مختص في ذلك وهذا الهيكل هو جهاز النيابة العمومية، وبالتالي فإن الاتهام لم يعد حقا يمارسه من يشاء كما هو في النظام السابق إذ أنه أصبح وظيفة تحتكرها الدولة وتباشرها عن طريق بعض أجهزتها.

وبالتالي فإن النيابة العمومية لها سلطة في إثارة الدعوى العمومية في النظام التحقيقي فهي الجهاز المختص في إثارة الدعوى العمومية وهذا ما يترتب عنه احتكار النيابة العمومية لهذا الحق وبالتالي اختلال التوازن بين عنصري الاتهام والدفاع.

أما فيما يتعلق بسير الدعوى فإن البحث عن الحقيقة في ظل هذا النظام هو من مشمولات قاض مكلف بذلك يسمى قاضي التحقيق والذي لـه دور إيجابي في الدعوى فهو الذي يقوم بتجميع الأدلة سواء كانت أدلة اتهام أو أدلة براءة وذلك في إطار ما كلّف به من بحث عن الحقيقة فيجب عليه التحري والتنقيب عنها كما تدل على ذلك تسمية هذا النظام (النظام التحقيقي). هذا بالإضافة إلى أن التتبع الجزائي في النظام التحقيقي مقيّد بشكليات كتابية تنجز في كنف السريّة إذ لا يطلع عليها إلاّ الأطراف المعنيين بالقضية.

و يقصد بسرية التحقيق أن تتم إجراءات التحقيق في غير علانية، وأن تخفى عن كل من لا يهمه أمر التحقيق بصورة شرعية، والسرية من مظاهر النظام التحقيقي، ومن المبادئ المسيطرة على التحقيق الإبتدائي .

وعلة ذلك لا تخفى على أحد وهي الإلمام بتفاصيل هذا التحقيق التي لم تصل بعد إلى غايتها ( كشف الحقيقة)، وقد يؤدي ذلك إلى التأثير على الشهود أو التلاعب بآثار الجريمة وأدلتها، أو العبث بمعالم الجريمة "سليمان عبد المنعم: أصول الإجراءات الجزائية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1997، ص 518."

فالنيابة العمومية في ظل هذا النظام تسهر على إثارة الدعوى العموميّة ضد مرتكبي الجرائم ثم تحيلهم مباشرة على قاضي التحقيق لمزيد البحث والتنقيب عن أدلة البراءة والإدانة ضد الشخص المحال عليه والمتهم بارتكاب جريمة ما.

فالنظام التحقيقي مؤسس على جهاز النيابة العمومية التي تمثل الجهاز الوحيد في إثارة الدعوى العمومية وقاضي التحقيق الذي أسندت إليه مهام البحث والتنقيب عن الأدلة حتى يتمكن من الفصل في الدعوى المعروضة أمامه.

إلا أن تميز النظام التحقيقي ببعض الإيجابيات المتمثلة في الضمانات التي يوفرها للمتقاضين عند النظر في قضاياهم بصفة عادلة وسريعة وذلك بالنظر إلى ما حققه هذا النظام من زجر سريع وفعّال لمرتكبي الجرائم لا يغطي النقائص الموجودة به.

إن النظام التحقيقي أخل بمبدأ عام ولا بد من توفره في كل النظم القانونية وهو مبدأ المساواة إذ أن هذا النظام منح النيابة العمومية سلطة مطلقة في إثارة الدعوى العمومية دون قيد أو شرط فهي الجهاز الوحيد الذي خوّل لـه القانون القيام بتتبع مرتكبي الجرائم وفي هذا نكران للأطراف المتبقية وهم المتهم والمتضرر. فالنيابة العمومية منحها هذا النظام حقوق وامتيازات جعلتها في مركز أفضل من المتهم فلا تعتبر خصما عاديا يقف مع المتهم على قدم المساواة. كما تدعم هذا بالسلطة التي خوّلها هذا النظام إلى قاضي التحقيق في البحث والتنقيب عن الأدلة الموصلة إلى الحقيقة وهذا ما فيه إخلال بمبدأ الحياد إذ أن قاضي التحقيق يصبح لـه دور في إتمام الأدلة وذلك بالبحث عنها عوضا عن تقديمها لـه من الأطراف.

هذا بالإضافة إلى السلطات الواسعة لقاضي التحقيق الذي خوّله القانون القيام بأي عمل من شأنه أن يكشف الحقيقة في مقابل حرمان وتجريد المتهم من بعض الضمانات الخاصة للدفاع عن حقوقه فلا نجد أن هذا النظام منح حقوقا للمتهم حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه خلال مراحل التحقيق خلافا للنظام الاتهامي الذي يضمن حقوق الدفاع ضمن مراحل البحث والتتبع الجزائي وفي ظل غياب هذه الضمانات يمكن حصول بعض التجاوزات والأخطاء.

رغم أن النظام التونسي والنظام الفرنسي تأثرا بهذا النظام التحقيقي إلا أنهما لم يعتمداه كليا وذلك للنقائص التي تشوبه مما دعا إلى البحث عن نظام وسطي يحد من سلبيات النظامين السابقين ويجمع بين مزاياهما.




المبحث الثالث: النظام المختلط
سمي هذا النظام بالمختلط نظرا لاقتباس قواعده من النظامين التحقيقي والاتهامي وهو النظام المعتمد من قبل جل دول العالم وذلك بالنظر إلى خصائصه المميّزة عن غيره من النظم .

تبرز أهم خصائص النظام المختلط في جمعه بين النظامين السابقين إذ اقتبس بعض قواعد النظام الاتهامي من جهة واقتبس البعض من قواعد النظام التحقيقي من جهة أخرى.

لقد تأثر النظام المختلط بالنظام الاتهامي على ثلاث مستويات يتعلق الأول بالمواجهة بين الخصوم والثاني بالإجراءات الشفاهية والثالث بالعلانية.

ففي خصوص المواجهة بين الخصوم يمكن القول أن النظام المختلط أقتبس هذه الخاصية من النظام الاتهامي وكرّسه في مرحلتين من مراحل الدعوى مرحلة التحقيق ومرحلة الحكم.

ففي مرحلة التحقيق نجد أن قاضي التحقيق يتولى القيام بإجراء الأبحاث اللازمة وسماع المتهمين والشهود والإذن لهم بتقديم ما لديهم من مؤيدات ولهم كذلك الحق في تقديم مذكرات دفاع سواء بأنفسهم أو بواسطة محام وأقر لهم إمكانية الإطلاع على أوراق الملف كذلك الأمر بالنسبة لقلم الإدعاء بوصفه طرفا في الدعوى فمن حقه الاطلاع على الملف وأوراقه إذ أن وكيل الجمهورية يمكنه أن يطلب الاطلاع على سائر أوراق ملف القضية.

ولـه أن يطلب إجراء بعض الأعمال فقد نص الفصل 55 م إ ج التونسية على أنه : "لوكيل الجمهورية أن يطلب من حاكم التحقيق في قرار افتتاح البحث وفي كل طور من أطوار التحقيق بمقتضى قرار تكميلي إجراء الأعمال التي يراها لازمة لكشف الحقيقة.

ولهذا الغرض يمكنه أن يطلب الاطلاع على سائر أوراق القضية على أن يرجعها إلى حاكم التحقيق في ظرف ثمان وأربعين ساعة".

كذلك نجد أن هذه الخاصية كرّسها الفصل الأول من مجلة الإجراءات الجزائية الفرنسية في فقرته الأولى إذا جاء فيها :

« La procédure pénale doit être équitable et contradictoire et préserver l’équilibre des droits des parties. »

أما في المرحلة الحكمية نجد أن هذه الخاصية وقع تكريسها سواء كان ذلك في القانون الفرنسي أو التونسي فبالرجوع إلى نظام الجلسات بالمحاكم يمكن القول أن المتضرر والمتهم يقع سماعهم في قاعة الجلسة بحضور ممثل النيابة العمومية الذي لـه حق تقديم طلباته، ويمكن كذلك مكافحة الأطراف ببعضهم بحيث أن المواجهة بين أطراف الدعوى موجودة وأن القاضي محايد عن النزاع إذ يتولى إدارته فقط ثم البث فيه بعد ذلك.

فالمواجهة بين الخصوم سواء كانت في مرحلة التحقيق أو المرحلة الحكيمة فان الهدف منها هو تحقيق المساواة بين طرفي الدعوى العمومية كما هو مكرّس بالنظام الاتهامي.

أما في خصوص الإجراءات الشفاهية فهي تبرز خاصة في التزام أسلوب المرافعات الشفاهية في المرحلة الحكمية كسماع أقوال الشاكي والمتضرر والشهود و محامي الدفاع والقائم بالحق الشخصي و النيابة العامة مع العلم أنه لا يوجد مانع في تقديم مذكرات وتقارير كتابية.

كذلك الأمر بخصوص العلانية فالمحاكمة في ظل النظام المختلط تتميز بأن جلساتها علنية يسمح بالحضور فيها للأطراف والعموم دون أن يمنع ذلك من إجراء جلسات سرية إذا رأت المحكمة طبق الفصل 143 م إ ج التونسية ونصه : "تكون المرافعات علنية وبمحضر ممثل النيابة العمومية والخصوم إلا إذا رأت المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب ممثل النيابة العمومية إجراءها سرا محافظة على النظام العام أو مراعاة للأخلاق وينص على ذلك بمحضر الجلسة ..."

وقد أبدى فقه القضاء التونسي• حرصا شديدا على احترام مبدأ العلنية باعتبارها مبدأ أساسيا للإجراءات الجزائية لـه أهمية كبيرة للمصلحة العامة فلا ثقة في المحاكمات السرية.

و من ذلك قرار تعقيبي عـ9147ـدد صادر بتاريخ 13 ديسمبر 1972 جاء فيه "أن الأصل في جلسات القضاء العلانية ويحمل الأمر عليها عند عدم التعرض لذلك إلى أن يثبت العكس" نشرية محكمة التعقيب 1972 ص 141.

أما أهم ميزة اقتبسها النظام المختلط من النظام التحقيقي هي تكريس مرحلة خاصة بالتحقيق مختلفة عن تلك الموجودة في النظام التحقيقي نوعا ما، هذا بالإضافة إلى اقتباس القواعد المتعلقة بالسرية والكتابة في هاته المرحلة.

فنجد أن النظام المختلط المتبع في كل من تونس وفرنسا أرسى قواعد منظمة لإجراءات التحقيق وجعل هاته المرحلة سابقة لمرحلة المحاكمة وذلك بالنظر إلى الأعمال التي يقوم بها قاضي التحقيق والتي تهدف إلى إرشاد المحكمة إلى الحقيقة بالبحث عنها دون توان فقد خوّل القانون التحقيق في القضايا الجزائية والبحث فيها بدون توان كما يمكنه أن يتولى سماع الشهود واستنطاق المتهم وإجراء الاختبارات وكل الأعمال التي يراها ضرورية لإتمام أعماله. وقد خص المشرع التونسي مثلما هو الشأن في فرنسا مرحلة التحقيق ونظمها بنصوص قانونية ضمن مجلة الإجراءات الجزائية... في تونس الفصل 47 وما بعده من م إ ج. و في فرنسا الفصل 49 وما بعده من م إ ج.

أما فيما يتعلق بالسرية والكتابة فان ذلك يتضح من خلال الأعمال التي يقوم بها قاضي التحقيق والتي يقع إجراؤها بمكتب قاضي التحقيق بحضور كاتبه والمستنطق ونائبه ثم بعد أن يتم استنطاقه يُدون ذلك بمحضر ويمضى من قبل قاضي التحقيق وكاتبه والمستنطق ونائبه إن وجد فقد نص الفصل 72 من م إ ج التونسية على ما يلي : "يبتدئ حاكم التحقيق باستنطاق ذوي الشبهة فرادى ثم يكافحهم ببعضهم أو بالشهود عند الاقتضاء ويضمّن الأسئلة والأجوبة وما نشأ عن الاستنطاق من الحوادث بمحضر يحرره في الحال..." ويعني مبدأ السرية في التحقيق ان جمهور الناس لا يصرح لهم بالدخول في المكان الذي يجري فيه التحقيق، ولا تعرض محاضر التحقيق لكي يطلع عليها العامة ولا يجوز إذاعتها أو نشرها في الصحف "ممدوح خليل البحر: مبادئ القانون، أصول المحاكمات الجزائية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 1998، ص.230."

هذا وقد نص الفصل 11 من م إ ج الفرنسية على ما يلي:

« sauf dans le cas où la loi en dispose autrement et sans préjudice des droits de la défense, la procédure au cours de l’enquête et de l’instruction est secrète »

هذه هي أهم الخصائص المميزة للنظام المختلط من خلال تأثره بالنظام الاتهامي والنظام التحقيقي فهل أنه بهذه الطريقة الاقتباسية تجاوز نقائص النظامين المذكورين.

باعتبار أن النظام المختلط جاء ليوفق بين النظام الاتهامي والتحقيقي محاولا بذلك اقتباس إيجابيات النظامين وتفادي سلبياتهما فإنه قد وضع قواعد خاصة به ميّزته عنهما تمثلت في عنصرين أساسيين مرتبطين ببعضهما البعض إذ أنه كرّس مبدأ الاستقلالية بين الهيئات القضائية التي تملك إثارة الدعوى العمومية وممارستها وفي ذلك توفير الضمانات للمتقاضين وخاصة حق الدفاع والحق في محاكمة عادلة.

ففي خصوص مبدأ الاستقلالية يمكن القول أن النظام المختلط قد كرّس هذا المبدأ من خلال استقلالية النيابة عن التحقيق والهيئة الحكمية وكذلك استقلالية قاضي التحقيق عن النيابة والهيئة الحكيمة فالمراحل التي تمر بها الدعوى العمومية هي مرتبطة ببعضها البعض لكن الاستقلالية المذكورة تتعلق بالأعمال التي تقوم بها الهيئات التي تنظر في الدعوى العمومية من الإثارة إلى الحكم.

فبالنسبة لاستقلالية النيابة يمكن القول أنه بالرغم من أن مهام النيابة العمومية تقتضي قيام علاقة بينها وبين قضاة الحكم، تظل النيابة مستقلة عن قضاة الحكم والتحقيق ويتجسم ذلك في أنه ليس من حق قضاة الحكم والتحقيق توجيه أوامر وتعليمات للنيابة العمومية فيما يتعلق باختصاصها كما انه لا يمكن لقضاة الحكم إثارة الدعوى العمومية إلى في حالات استثنائية حددها القانون

فقد نص على ذلك الفصل 01 م إ ج الفرنسية الذي جاء فيه ما يلي :

« … elle doit garantir la séparation des autorités chargées de l’action publique et des autorités de jugement ».

وبالتالي فإن النيابة العمومية تبقى لها مطلق الحرية فيما تراه صالحا من إجراءات سواء فيما يتعلق بإثارة الدعوى العمومية أو بحفظها كما أنها تتمتع بحرية مطلقة في تقرير مصير الشكاية باعتبار أن إثارة الدعوى العمومية ومباشرتها يظل موكول لاجتهادها وسلطتها و هو ما يسمى مبدأ ملائمة التتبع. كما نص على ذلك الفصل 30 م إ ج التونسية الذي جاء فيه ما يلي : "وكيل الجمهورية يجتهد في تقرير مآل الشكايات والاعلامات التي يتلقاها أو التي تنهى إليه".

أما بالنسبة لاستقلال التحقيق فان قاضي التحقيق في مباشرته لوظائفه مستقل عن جهات قضاء الحكم وعن النيابة العمومية التي لا تقيده طلباتها كما أنه مستقل عن الخصوم فلا سلطة للنيابة على قاضي التحقيق رغم أنها هي التي تعهده بالقضية عدى في حالات التلبّس التي يتعهد بها مباشرة فهو حر عند مباشرته للتحقيق في الالتجاء إلى كل أعمال التحقيق التي يقدر ضرورتها لإظهار الحقيقة. إذ لئن سمح القانون لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق إجراء الأعمال التي يراها لازمة فإنه وإن تراءى لـه أن لا ضرورة لإجراء هذه الأعمال يرفضها ولا تثريب عليه في ذلك إن كان قراره غير معللا وبالتالي فقاضي التحقيق غير ملزم باتباع طلبات النيابة العمومية.

أما في خصوص ضمان حقوق الدفاع والمساواة فإن النظام المختلط كرّس ذلك ضمن جميع مراحل الدعوى العموميّة سواء كان ذلك في طور الإثارة والممارسة أو في طور المحاكمة فقد مكن المشرع التونسي والفرنسي المتهم من حق الدفاع بما يراه صالحا سواء كان ذلك أمام مرحلة التحقيق أو أمام المرحلة الحكمية فقد نص الفصل 01 م إ ج الفرنسيّة على ما يلي :

« La procédure pénale doit être équitable et contradictoire et préserver l’équilibre des droits des parties…

Les personnes se trouvant dans des conditions semblable et poursuivies pour les même infraction doivent être jugées selon les mêmes règles.

L’autorité judiciaire veille à l’information et à la garantie des droits des victimes au cours de toute procédure pénale… ».

كما أقر القانون التونسي العديد من الضمانات لحقوق الدفاع كالحق في إنابة محام فقد نص الفصل 69 م إ ج التونسية على ما يلي : "يثبت حاكم التحقيق هوية ذي الشبهة ... وتلقى جوابه بعد أن ينبه عليه بأن لـه الحق في ألا يجيب إلا بمحضر محام يختاره... وإذا كانت التهمة في جناية ولم ينتخب ذو الشبهة محاميا وطلب تعيين من يدافع عنه وجب تعيين محام له."

كما نص الفصل 72 من نفس المجلة على أنه "لا يستنطق دو الشبهة إلا بمحضر محاميه..." ولعل هذا الحق هو من أبرز حقوق الدفاع التي جاء بها النظام المختلط وأرسى قواعدها.

وخلاصة القول أن النظام الإتهامي يحرص على حماية حقوق المتهم في حين أن النظام التحقيقي حرص أكثر على حماية السلطة العامّة، أما النظام المختلط فهو يحرص على الموازنة بين المصلحتين، وهذا النظام يسود قانون الإجراءات الجزائيّة في تونس، وهو نظام أخذ عن النظام التحقيقي خاصيّة السريّة والكتابة وذلك بهدف التصدّي لمحاولات التضليل التي قد يعمد لها المتهمون، فيتم تدوين تصريحاتهم حتى تواجههم بها المحكمة فيما بعد.ويغلب على هذا النظام طابع التنقيب والتحري في مرحلة التحقيق الإبتدائي وعموما في مرحلة إعداد الدعوى قبل طرحها على القضاء. و تكون الإجراءات مدونة وغير علنيّة للجمهور ويجوز أن تقرّر سرّيتها حتى عن الخصوم متى رأى المحقق ضرورة لإظهار الحقيقة. ويقوم موظفون عموميون بجمع الأدلّة وتعقبها فلا يترك ذلك للمجني عليه أو لأصحاب المصلحة في الدعوى، وإنما يجوز لهؤلاء تتبع حقوقهم المدنيّة وفي أحوال قليلة تتوقف الدعوى العموميّة وجودا وانقضاءا على شكوى من المتضرر.

أما في مرحلة المحاكمة فإن الإجراءات شفاهيّة وعلنيّة للجمهور. ويتضح مما سبق عرضه أن الإجراءات الجزائيّة هي قواعد خاصة تمثل المنهج أو الإطار الذي تتحرك فيه الدعوى العموميّة لاختلاف هذه الأخيرة عن الدعوى المدنيّة، خصوما و سببا وموضوعا فهي تستقل بإجراءات خاصّة من حيث إثارتها وإعدادها، وتشكيل المحاكم المختصّة بالنظر فيها وتوزيع الإختصاص فيما بينها وإجراءات الطعن في الحكم الصادر فيها. ومن هذا المنطلق تكتسي الإجراءات الجنائيّة خطورة خاصة لا تقل عن خطورة قواعد التجريم، فهي مثل هذه الأخيرة لصيقة بحرية الناس "بل إن قواعد التجريم تصبح لغوا وأداة محاباة وتحكم في يد الحاكم إذا لم تكن قواعد التحقيق الجنائي وليدة تدبر عميق عند وضعها بما تستلزمه من حبس وإخراج أو قبض وتقتيش ومن قواعد للمحاكمة توفر للخصوم ضمانات كافية لحيدة القاضي وسداد قضائه، وأخرى للطعن في الأحكام عندما تخطئ وتنفيذها، لتكون عند التطبيق دستورا حقيقيا يحفظ للحاكم رغبته المشروعة في تتبع الجريمة كما يحفظ أيضا للمحكوم عليه البرئ رغبته المشروعة في أن لا يناله من تتبعها ضرر.
التفرقة القانونية بين البلاغ والشكوى

1- البلاغ >>> يقدم من أي شخص الغالب فيه أنه غير متضرر في ذاته ولكن يقصد بذالك طلب مصلحة عامة .
الشكوى >>> لابد ان تكون من المجني عليه او نائبه أو المتضرر من الجريمة أو من أحدهم .

2- البلاغ >>> فيه قد يعاقب الشخص الذي لم يبلغ عن الجريمة تواطئا مع المتهمين .
الشكوى >>> لا تكون كذاللك .

3- عدم جواز إقامة الدعوى الجزائية أو إجراء التحقيق في الجرائم الواجب فيها حق خاص إلا بناء على شكوى من المجني عليه أو من ينوب عنه أو وارثه من بعده إلا إذا رأت هيئة التحقيق مصلحة عامة في رفع الدعوى الجزائية العامة و التحقيق في هذه الجرائم .
البلاغ >>> فلا يشترط فيه ذالك .
4- الشكوى >>> حق خاص لصاحبها ...وبناءا عليه له الحق في المطالبة وله الحق في التنازل عما يخصه فقط .
البلاغ >>> يجري فيه الأحكام الخمسة ( الوجوب – الندب – الإباحة – الكراهة – التحريم ) .

5- الشكوى >>> لابد من ان تكون ضد شخص معين بالذات لتحريك الدعوى الجنائية قبله .
البلاغ >>> فلا يشترط فيه ذالك حيث يجوز ان يكون ضد معلوم ومجهول .

وكيل الجمهورية

في محاولة لتلخيص دور ومهام وكيل الجمهورية أثناء سير الدعوى العمومية
نتقدم بهذا التلخيص الشامل والجامع لأهم الأعمال و المهام التي يباشرها :

وكيل الجمهورية هو ممثل النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية
1/ اختصاصاته القضائية :
* المتابعة القضائية: يتم إخطار وكيل الجمهورية في القضايا القضائية على النحو التالي :
/ عن طريق المحاضر التي تصله من الضبطية القضائية
/ شكاوي المواطنين وذلك عن طريق البريد أو الاستقبال
/ يخطر بالقضايا التي يكون موضوعها شكوى مصحوبة بادعاء مدني عن طريق قاضي التحقيق .
أولا : دراسة محاضر الضبطية القضائية وشكاوى وبلاغات المواطنين :
- اذا طرأ له أنه يوجد نقص في سماع بعض أطراف الدعوى من قبل رجال الضبطية القضائية يوجه ارسالية الى الضبطية القضائية لسماع الطرف المراد سماعه ، واذا كان المحضر الوارد اليه يحتوي على كافة البيانات فان وكيل الجمهورية يقوم بتكييف الوقائع وذكر المادة المعاقب عليها ثم تحال القضية الى المحكمة .
- واذا تبين له من خلال دراسة الملف أن الوقائع خطيرة يأمر بتقديم الأطراف اليه وهو مايسمى بالتقديمة
يقصد بالتقديمة تقديم المتهم رفقة المحضر للامتثال أمام وكيل الجمهورية لاستجوابه واستجواب الأطراف والشهود تم يقوم باعطاء التكييف القانوني وذكر المادة ويقرر التصرف في الملف باحدى الطرق التالية :
أ- التلبس : في هذه الحالة يحرر محضر استجواب ويصدر مذكرة ايداع ويحال المتهم أمام المحكمة خلال 8 أيام
ب- الاستدعاء المباشر : اذا تبين لوكيل الجمهورية أن الوقائع ليست خطيرة ولا تشكل مساس بالنظام العام يأمر المتهم بالحضور الى المحكمة طليقا حرا عن طريق الاستدعاء المباشر
ج- اخطار قاضي التحقيق من قبل وكيل الجمهورية : يكون الاخطار عن طريق طلب افتتاحي لاجراء تحقيق ويكون في الحالات الآتية :
* اذا كانت الوقائع تشكل جناية ( المادة 66 من قانون الاجراءات الجزائية التحقيق وجوبي في هذه الحالة)
* اذا كانت تشكل جنحة موصوفة
* اذا ورد نص يلزم اجراء التحقيق
* اذا كان الفاعل حدثا
حالة حفظ الملف : يكون حفظ الملف من طرف وكيل الجمهورية لأسباب قانونية مثل القضايا التي تستوجب شكوى لتحريك الدعوى العمومية (كجريمة الزنا) ، أو أسباب موضوعية كعدم توافر أدلة كافية أو عدم معرفة الفاعل .

* دور وكيل الجمهورية أثناء المحاكمة : يقتصر دوره في حضور الجلسات لابداء التماساته ، توجيه الأسئلة للمتهم والشهود والضحية ، الطعن بالاستئناف في الأحكام

2/ اختصاصاته الادارية :
- يباشر دراسة ملفات الحالة المدنية كتصحيح اداري
- تسليم رخص الدفن في حالة حوادث المرور التي تؤدي الى الوفاة
- دراسة رد الاعتبار
- الاشراف على حسن سير مصالح المحكمةRead more: محــــاضرات في مادة قانون الإجراءات الجزائية - منتديات الحقوق و العلوم القانونية http://www.droit-dz.com/forum/showthread.php?t=3479#ixzz1kHCscgq7

النيابة العامة

التعريف:
هي جهاز قضائي جنائي يقوم بتحريك و مباشرة الدعوى العمومية (29 ) و هي جهة تتخذ صفة الخصم.
وتتشكل النيابة العامة من مجموعة من قضاة، فعضو النيابة العامة طبقا للمادة الثانية من القانون رقم 89 -21 المؤرخ 12 ديسمبر1989 يعد من سلك القضاة.

هيكلة النيابة العامة:
تضم النيابة العامة مجموعة من الأعضاء لكل عضو سلطاته و صلاحياته.

01 – النائب العام : يوجد علي مستوي الجهاز القضائي الجنائي نائبان عامان أحدهما علي مستوي المحكمة العليا و الأخر علي مستوي المجلس القضائي لكن لا توجد بينهما أية علاقة تبعية أو رئاسية (م 33 -34 )، ويساعد النائب العام نائب عام مساعد أول و عدة نواب عامين مساعدين و بناءا علي المادة 35 فان وكيل الجمهورية يساعد النائب العام علي مستوي المحكمة، و بناءا علي المادة37 من قانون القضاء فان النائب العام ينقط قضاة النيابة حسب الحالة.

02 – وكيل الجمهورية: يمثل وكيل الجمهورية النيابة العامة لدي المحاكم و يساعده وكيل جمهورية مساعد أو أكثر, ويباشر الدعوى العمومية في دائرة اختصاص المحكمة (35 ), وهو يحتل مركزا مهما في جهاز النيابة (1 -29 – 36 ) وله اختصاص إقليمي و نوعي.

الاختصاص الإقليمي:
بناءا علي المادة 35 فان وكيل الجمهورية يمارس مهامه في إطار إقليم اختصاصه وبناءا علي المادة 37 فان هذا الاختصاص الإقليمي يتوافر بتوافر احد العناصر التالية:
- أن تقع الجريمة موضوع البحث بدائرة اختصاص المحكمة المعين بها. - إن يكون محل إقامة المشتبه فيه أو المتهم موجودا بدائرة اختصاص المحكمة.
- إن يتم إلقاء القبض علي المتهم بدائرة اختصاصه.

الاختصاص النوعي:
تختص النيابة العامة نوعيا بإقامة الدعوى العمومية عن طريق تحريكها بالمبادرة باتخاذ أول إجراء فيها بتقديم طلب فتح تحقيق تقدمه لقاضي التحقيق أو الدعوى مباشرة أمام جهة الحكم وفقا للإشكال المحددة قانونا, فاختصاص النيابة هي المتابعة و الاتهام باسم المجتمع (29 (

اختصاصات النيابة العامة:
اختصاصها يتمثل بوجه عام في وظيفة الاتهام ابتدءا من تحريك الدعوى و مباشرتها, وبناءا علي المادة 36 فان وكيل الجمهورية يقوم بما يلي:
- تلقي الشكاوى و المحاضر و البلاغات ويقرر ما يتخذ بشأنها.
- يباشر بنفسه أو يأمر باتخاذ جميع إجراءات للبحث و التحري عن الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات.
- يدير نشاط ضباط الشرطة القضائية و يراقب تدابير الوقف للنظر.
- يبلغ الجهات القضائية المختصة بالتحقيق أو المحاكمة التي تنظر فيها أو تأمر بحفظها بقرار قابل دائما للإلغاء.
- يبدي أمام الجهات القضائية ما يراه لازما من طلبات.
- يعمل علي تنفيذ قرارات التحقيق وجهات الحكم.

و علي العموم فان النيابة العامة تقوم باختصاصاتها علي ثلاث مراحل:

01-دارة مرحلة البحث و التحري: تتولي النيابة العامة الإدارة و الإشراف علي جهات الضبطية القضائية, إذ يقوم رجال الضبط القضائي بتبليغ وكيل الجمهورية بكل ما يصل إليهم من معلومات عن الجريمة, وحضور وكيل الجمهورية مكان الحادث يرتب رفع يد ضابط الشرطة القضائية عن البحث و التحري عن الجريمة المتلبس بها, و لوكيل الجمهورية سلطة مباشرة الإجراءات بنفسه أو تكليف الضابط بمتابعة الإجراءات (56 ).

كما يقوم ضابط الشرطة القضائية بإرسال المحاضر لوكيل الجمهورية الذي له الحق في التصرف في نتائج البحث و التحري.

02 – مرحلة التحقيق: تقوم بدور مهم في مرحلة التحقيق فهي تختار قاضي التحقيق (70 ) و لها الحق في تنحيته عن التحقيق في القضية بطلب من المتهم أو المدعي المدني (71 ) و لها الحق في الطعن في قراراته إمام غرفة الاتهام (69 – 170 ), و للنيابة العامة الحق في :

أ)- إصدار الأمر بالإحضار: (110 – 58 ) و هذا في الجنايات و الجنح المتلبس بها المعاقب عليها بالحبس إذا لم يكن قاضي التحقيق قد ابلغ بها.

ب)- الأمر بالإيداع: (59-338) و هذا إذا لم يقدم المتهم ضمانات فانه يجوز للنيابة العامة إيداعه في جنحة متلبس بها و يشترط لإصدار هذا الأمر ما يلي:
- أن يكون قاضي التحقيق لم يخطر بالقضية.
- أن لا تكون الجنحة من جنح الصحافة أو الجنح ذات الطبيعة السياسية.
- ألا يكون المتهم قاصرا.
- ألا تتجاوز مدة الحبس ثمانية أيام.

ج)- الانتقال لمكان الحادث: يجوز الانتقال لمكان الحادث في حالة اكتشاف جثة مجهولة الوفاة وله الحق في اصطحاب الأشخاص المؤهلين و بحليفهم قبل ذلك اليمين, وله الحق في ندب ضابط الشرطة القضائية (62).


د)- إبداء الرأي في مسائل معينة: يقوم قاضي التحقيق بأخذ رأي وكيل الجمهورية قبل إصدار الأمر بالقبض علي الهارب من العدالة و يقوم باستطلاع رأيه في تمديد الحبس المؤقت(125), ويستطلع رأيه فيبطلان أجراء من إجراءات التحقيق متي رأي قاضي التحقيق إن الأجراء مشوب بعيب البطلان قبل رفع الأمر لغرفة الاتهام للحكم ببطلانه(158).
وطبقا للمادة 82 عند خروج الميعاد القانوني للتفتيش بمسكن متهم بجناية فان حضور وكيل الجمهورية ضروري.

03-مرحلة المحاكمة: النيابة العامة لها سلطات هامة حيث لها صلاحيات توجيه الأسئلة مباشرة للمتهمين و الشهود (288) و لها الحق في تقديم ما تراه لازما من طلبات باسم المجتمع أمام جهة الحكم(289), و لها الحق بالطعن بالاستئناف و النقض في الأوامر و الأحكام و القرارات الجنائية حسب ما يقرره القانون (417 -420 – 495-497).

اختصاصات أخرى:
- المساهمة في تشكيل جهات الحكم, إذ إن تحلف النيابة العامة عن احدي الجلسات يفقد تشكيل المحكمة و يرتب البطلان (29).
- تنفيذ الأحكام الجزائية ( 29-36) بحيث يجب أن تكون نهائية و يتم التنفيذ بمساعدة القوة العمومية و تستعين بضباط و أعوان الشرطة القضائية.

و بناءا علي المادة 36 فأنها تلاحق تنفيذ قرارات التحقيق و جهات الحكم, و هي نفس المهمة التي أشارت إليها المادة 08 من قانون تنظيم السجون.
خصائص النيابة العامة
لها مميزات تميزها عن القضاة الآخرين وهي:

01- وحدة النيابة العامة: تتركز النيابة اختصاصات النيابة العامة في يد النائب العام علي مستوي المجلس القضائي فهو يحرك الدعوى العمومية و يبشرها بنفسه أو بواسطة احد مرؤوسيه من أعضاء النيابة العامة(33) و تبدو مظاهر هذه الوحدة في حالتين:

أ)-التبعية التدريجية: يقصد بذلك أن يكون للرئيس سلطة الإشراف و الرقابة إداريا و تقنيا علي مرؤوسيه فله الحق في أمر مرؤوسيه باتخاذ إجراء ما كتحريك الدعوى العمومية أو رفعها (33) " يباشر أعضاء النيابة العامة الدعوى العمومية تحت إشراف النائب العام), وتنص المادة 31 علي" يلتزم ممثلو النيابة العامة بتقديم طلبات مكتوبة طبقا للتعليمات التي ترد إليهم عن طريق التدريجي), و طبقا للمادة 102 من قانون القضاء فان النائب العام يجوز له إنذار عضو النيابة العامة علما انه طبقا للمادة 147 من الدستور فان قاضي الحكم و التحقيق يخضعان للقانون، و طبقا للمادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية فان القاضي يصدر حكمه طبقا لإقناعه الشخصي.

أما فيما يحص وزير العدل فاه سلطة تنفيذية و لا يمثل النيابة العامة أمام الجهات القضائية و لكن طبقا للمادة 30 ق ا ج يسوغ لوزير العدل أن يخطر النائب العام بالجرائم المتعلقة بقانون العقوبات و يجوز للوزير أن يقوم بالمساءلة التأديبية لأعضاء النيابة العامة أمام المجلس الأعلى للقضاء المنعقد كمجلس تأديبي(84-102 من قانون القضاء).

أ)-عدم التجزئة: تعتبر النيابة العامة من الناحية القانونية شخص واحد و جهاز يكمل أعضاؤه بعضهم البعض, و أعضائها يشكلون هيئة واحدة و صدور أي قرار من أي عضو من أعضاء النيابة العامة فان ذلك لا يتم بأسمائهم و إنما باسم هيئتهم, و يجوز لأي عضو فيها حضور جلسة المحاكمة في الدعوى العمومية التي حركها عضو آخر في أي مرحلة من مراحل الدعوى العمومية, ولكن يكون ذلك باحترام الاختصاص النوعي و الدرجة و احترام قيد الاختصاص المحلي.

02-حرية النيابة العامة في العمل : أن مقتضيات البحث و التحري تتطلب أن يتمتع جهاز النيابة العامة بقدر كبير من الحرية في العمل و هذا لأجل القيام بوظيفة الاتهام و المطالبة بتقديم القانون, لذلك يجب أن يتمتع باستقلالية عن أية سلطة إدارية أو قضائية, فلا يجوز للمحكمة أن تأمر النيابة العامة يرفع الدعوى علي شخص, و لها الحق في بسط أرائها لدي جهات الحكم.










الدعوى العمومية : بصفة عامة تعرف الدعوى على انها " المطالبة بالحق عن طريق القضاء " ، اما الدعوى العمومية فتعرف على انها "مطالبة النيابة العامة باسم المجتمع وامام القضاء بتوقيع العقوبة على المتهم "

وندرسها في مباحث ثلاثة :



المبحث الاول : نشوء الدعوى العمومية وتحريكها ومباشرتها

المطلب الاول : نشأة الدعوى العمومية

تنشأ الدعوى العمومية بمجرد وقوع الجريمة أي يكون من حق المجتمع ممثلا بالنيابة العامة تعقب المجرم ومحاكمته الى ان يحكم عليه نهائيا ، وقد لاتتحرك الدعوى العمومية اذا لم تقدم الضحية شكوى او لم يبلغ السلطات المعنية بالجريمة أو لأسباب كثيرة .


ا لمطلب الثاني : تحريك الدعوى العمومية

ويقصد بها بداية سير الدعوى ، وتبدأ من وقت اتخاذ اجراء من اجراءات التحقيق وبعد طلب افتتاحي من النيابة يوجه للسيد قاضي التحقيق وبعد توجيه الاتهام مباشرة الى الفاعل او الفاعلين ، كما يمكن تحريكها من طرف المضرور وهذا ما يفهم من نص المادة الاولى 1 من قانون الاجراءات الجزائية .

واهم الحالات التي يجوز فيها للطرف المدني تحريك الدعوى العمومية منها ما نصت عليه المادة 337 ق.ا.ج مكرر بعد دفع كفالة يحددها وكيل الجمهورية تدفع بموجب وصل ، وحق النيابة في تحريك الدعوى العمومية نصت عليه المادة 29 من ق.ا.ج ، هذا من حيث الاصل ، الا انه بمجرد وقوع الجريمة وخاصة الجرائم الخطرة واخطار وكيل الجمهورية بها تبدأ الضبطية بالتحري وجمع الادلة وحتى القبض على المتهم ، وعموما فيمكن القول أن تحريك الدعوى العمومية يكون من توجيه الاتهام الى المتهم المعروف أو المجهول واحالة الملف على قاضي التحقيق أو المحكمة حتى يفصل في الاتهام ، وعموما لا يمكن تحريك الدعوى العمومية من طرف المضرور الا بعد موافقة من وكيل الجمهورية ، وهذا ما هومعمول به ميدانيا والأحكام المنصوص عليها بالمواد من 567 الى571 ق.ا.ج ليست حقا مطلقا لرؤوس المجالس والمحاكم في تحريك الدعوى العمومية ضد المتهمين الذين يخلون بنظام الجلسات او شهود الزور الا بعد تحرير محضر بالجرم المرتكب وارسالها الى وكيل الجمهورية ، وهذا هو الفهم السليم للنص حتى لا يكون القاضي يجهة حكم وجهة اتهام في نفس الوقت وذلك لتحقيق العدالة ، ويمكن تحريك الدعوى العمومية بمجرد توجيه الاتهام واحالة الملف على المحكمة المختصة في الجرائم البسيطة مثل الجنح والمخالفات .


المطلب الثالث : مباشرة الدعوى العمومية

ويقصد بذلك اتخاذ بعض الاجراءات حيالها بعد تحريكها أمام القضاء ويكون ذلك باجراء طلبات أمام قاضي التحقيق مثل طلب ايداع المتهم او تقديم طلبات أمام المحكمة سواء أكانت طلبات شفوية أو الكتابة وفي الغالب تكون شفاهة وخاصة أمام جهات الحكم وكذلك مباشرتها بالاستئناف والطعن في الأحكام والقرارات والأوامر .


المبحث الثاني : القيود الواردة على تحريك الدعوى العمومية

ان النيابة العامة من حيث الأصل والمبدأ العام هي التي تحرك الدعوى العمومية الا ان هذا المبدأ ترد عليه بعض القيود منها ضرورة القيام بشكوى من الضحية وخاصة سرقة الأصول وفي بعض الحالات لا بد من الحصول على اذن أو طلب ، والطلب يكون من الهيئات العامة المضرورة والاذن يخص أعضاء البرلمان ، وعلى ما سبق نتناول هذه القيود بشيء من الايجاز .

المطلب الأول : الشكوى

يقصد بالشكوى تبليغ السلطات العامة من المجني عليه او من يقوم مقامه عن جريمة وقعت عليه ، والمعمول به حاليا ان الشكوى تقدم للسيد وكيل الجمهورية من الشاكي شخصيا او محاميه وتسجل ثم ترسل الى الضبطية القضائية لسماع الاطراف الشاكي والمشتكى به وحتى الشهود ان امكن ، و ارجاع الملف الى السيد وكيل الجمهورية الذي يتصرف في الشكاية اما باحالة الملف على المحكمة او لقاضي التحقيق او للحفظ . أما الحالة الثانية فان الشاكي يتوجه الى الضبطية القضائية ليقدم بلاغا امامها وهي تخبر وكيل الجمهورية اذا كانت الجريمة خطرة وتحقق في القضية وتحيل الملف للنيابة للتصرف فيه الا أن هذا الاجراء مرتبط بمشيئة الضبطية القضائية .، وعموما فان الجرائم التي تقيد لدى النيابة العامة ترد على سبيل الحصر منها ما يتعلق بجرائم الزنا المنصوص عليها بالمادة 339 ق.ع ، والسرقة بين الأقارب المنصوص عليها بالمادة 368 ق.ع والمقيدة بالمادتين 369 و389 ، اذ لا تحرك الدعوى الا بناءا على شكوى المضرور والتنازل يضع حدا لمتابعة ، ونفس الشيء فيما يخص جرائم خيانة الامانة المنصوص عليها بالمادة 376 ق.ع المقيدة بنص المادة 377 ق.ع فتحريك الدعوى العمومية بشأن ما ذكر من جرائم مقيد بالشكوى ، ونفس الشيء فيما يخص جرائم هجر الأسرة والزوجة مع علمه بأنها حامل مثلا ويتخلى عن كافة التزاماته ، او أحد الوالدين الذي يعرض صحة الاطفال للخطر باساءة معاملتهم ، فتحريك الدعوى العمومية لا يكون الا بناءاعلى شكوى حسب المادة 330ق.ع ، والمشرع في هذه الحالات رأى مصلحة الاسرة وضرورة ترابطها بدل تفككها وفي رأينا مصلحة الاسرى أولى بالرعاية من مصلحة المجتمع لانها نواة المجتمع ، وفي حالة تعدد الجرائم فان القيود المذكورة لا تمنع من تحريك الدعوى العمومية حول جريمة متلازمة معها مثل " عدم تقديم شكوى ضد الزوجة وخليلها الذي اخذته الى بيت الزوجية فلا مانع من تحريك الدعوى العمومية حول انتهاك حرمة منزل الا انه في هذه الحالة لا يعاقب المجرم اذا اذنت له زوجة الضحية ".

والشكاية لم يشترط القانون شكلا معينا ،أما في الواقع فان النيابة ممثلة في وكيل الجمهورية تشترط ان تكون الشكاية مكتوبة وموقعة خوفا من تملص الشاكي من الشكاية ، اما التشكي او الشكاية عند الضبطية القضائية فتقيد امامها ويوقع الشاكي على محضر ، قلنا ان الشكاية تكون من الضحية او من وكيله الذي يجب عليه تقديم وكالة خاصة وذلك طبقا" للمادة 574 ق.ا.مدنية " الا المحامي ، الا ان الشاكي وجب ان يعلن في الشكاية انه يتأسس كطرف مدني ، واذا مات الشاكي فلذوي حقوقه الحلول محله ، ومدة الشكوى مرتبطة بمدة التقادم ، كل جريمة 3 سنوات في حالة الجنح ، و10 سنوات في الجناية من يوم ارتكاب الجريمة .

اما في حالة حصول جريمة بالتلبس ، المعمول به ان الدعوى تحرك لا تخاذ جميع الاجراءات اللازمة فاذا قدمت الشكوى استمرت المتابعة والا وضع حد لها ، والمثال على ذلك " ان امرأة توبعت بالزنا وتمت الاجراءات على أساس التلبس وقدمت للمحكمة وحكم عليها بسنتين " 2 سنة " واستأنفت فتنازل زوجها فوضع حد للمتابعة برمتها شكلا ومضمونا ، والتنازل وجب ان يكون باتا غير معلق على شرط ، والتنازل في رأينا صلح لا يمكن الرجوع فيه ، وتنازل الزوج عن متابعة زوجته يستفيد منه شريكها عملا "بوحدة الواقعة "، واثر الشكاية يخول للنيابة تحريك الدعوى العمومية والاستمرار فيها اما عدمها او" انعدامها" فتمنع النيابة من تحريك الدعوى ، واذا حركت الدعوى العمومية بدون الحصول على شكاية يكون من حق المتهم ودفاعه التمسك به امام المحكمة لانه اجراء جوهري يؤدي الى بطلان الاجراءات ، و في رأينا البطلان تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها .


المطلب الثاني : الحصول على طلب مكتوب

مثال ما هو منصوص عليه بالمادتين " 161 ،163 ق.ع والمقدتين بحكم المادة 164 ق.ع " وهي وجود شكوى مكتوبة من الجيش الشعبي الوطني بواسطة وزير الدفاع الذي هو رئيس الدولة بحكم الدستور ضد متعهدي تموين الجيش لكنهم امتنعوا ولم يفعلوا أوتأخروا ، أو غشوا المواد المذكورة ، وتجدر الملاحظة بأن الطلب ورد خطأ بلفظ شكوى .

ونفس الشيء فيما يخص طلب التخلي عن القضايا المطروحة امام المحكمة العسكرية فلا يكون الا بطلب من وزير الدفاع .

وأحكام الطلب هي :

- يجب أن يكون مكتوبا وليس له شكل معين

- يظل الحق في الطلب قائما حتى تسقط الدعوى بالتقادم

- عند عدم تقديم الطلب فلا يكون من حق النيابة تحريك الدعوى والا بطل الاجراء

- يجب أن ينص الحكم على وجود طلب


المطلب الثالث : الحصول على اذن

بعض الشخصيات واطارات الدولة منع القانون تحريك الدعوى العمومية ضدهم الا بناءا على اذن من الجهة التي يتبعونها ، وذلك من أجل حمايتهم لأداء مهامهم بكل طمأنينة وهدوء ، وتجنبا للقضايا الكيدية ، والمثال على ذلك الحصول على اذن لمتابعة عضو البرلمان بعد رفع الحصانة عليه وهذا ما نصت عليه دساتير الجزائر من 63-76-89-96 ، ارجع الى دستور 1996 .

والاذن لا يكون الا بعد توجيه طلب مكتوب يوجه الى الجهة المعنية وأي اجراء دون اذن يعتبر باطلا بطلانا مطلقا تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ، والاذن عكس الشكوى فان مثله مثل الطلب يصدر عن جهة او هيئةعامة ولا يجوز الرجوع فيه بعد اصداره بعكس الشكوى والطلب .

كانت هذه بعض القيود الخاصة المؤقتة ، وهناك قيود عامة لا تتعلق بجريمة معينة ، واما هي قيود شخصية وهي العاهة العقلية التي تصيب الجاني بعد ارتكابه للجريمة واصبح عاجزا عن الدفاع عن نفسه فهنا توقف اجراءات الدعوى حتى يعود الى رشده ، واذا لم يعد الى رشده خلال الاجال القانونية للتقادم تسقط المتابعة .

المبحث الثالث : اسباب انقضاء الدعوى العمومية

وهي الحالات التي تقوم فيها موانع تحريك الدعوى العمومية او مباشرتها او الحكم فيها وذلك بصفة دائمة ، بحيث لا يمكن مباشرة هذه الدعوى عند توافر هذه الاسباب ويطلق عليها الموانع المؤبدة لتحريك الدعوى العمومية .

وهناك فرق بين أسباب انقضاء الدعوى العمومية من جهة وبين القيود المؤقتة لتحريك الدعوى العمومية وهي الشكوى والطلب والاذن ، واسباب انقضاء الدعوى العمومية قد حصرتها" المادة 6 من ق.ا.جزائية " كما يلي :

وفاة المتهم / التقادم / العفو الشامل / الغاء قانون العقوبات / صدور حكم نهائي / سحب الشكوى / المصالحة .

فأسباب انقضاء الدعوى العمومية يمكن تقسيمها الى اسباب عامة واخرى خاصة


المطلب الاول : الاسباب العامة لانقضاء الدعوى العمومية

ويمكن حصرها في وفاة المتهم والتقادم والعفو الشامل وصدور حكم حاز قوة الشيء المقضي فيه والغاء قانون العقوبات .


الفرع الاول : وفاة المتهم

و الوفاة معروفة فاذا وقعت الوفاة قبل تحريك الدعوى العمومية او مباشرتها وجب عدم رفعها ، واذا كانت الوفاة اثناء سير الدعوى وجب الحكم بانقضاء الدعوى العمومية دون التعرض للموضوع ، واذا كانت بعد الحكم فلا يمكن للورثة استئناف الحكم ولا من النيابة ، اما اذا حصلت الوفاة بعد صدور حكم نهائي فان الدعوى تنقضي بهذا الحكم لا بالوفاة ، ويسقط الحكم من تلقاء نفسه وتحصًل المصاريف القضائية من التركة باعتبارها دينا ، والدعوى المدنية ترفع على الورثة ، واسباب الانقضاء الشخصية يستفيد منها الشخص الموصوف بها دون غيره والمثال على ذلك " اذا تعدد المجرمون وتوفي احدهم ، فالميت هو المستفيد فقط '.


الفرع الثاني : التقادم

وهو مرور المدة او فترة من الزمن على ارتكاب الجريمة ، والفترة حددها المشرع ورتب لها حكما وهو انقضاء الدعوى العمومية وهو ما يعبر عنه " بسقوط الدعوى العمومية " بمضي المدة المقررة لها قانونا والحكمة من التقادم هو دفع السلطات الى البحث عن المجرم ومعالم الجريمة خلال الفترة المعينة ، لان مرور الزمن يعتبر قرينة على نسيان الجريمة ، ومحو اثارها ، والتقادم لا تعرفه الشريعة الاسلامية ولا القانون الانجليزي ، ففي الشريعة الاسلامية لا يسقط حق امرؤ مسلم وان قدم ، ومدة التقادم بالنسبة لكل جريمة نصت عليه المواد " 7.8.9 ق.ا. جزائية " ، ففي الجنايات وطبقا للمادة 7 تكون بعشر 10 سنوات من يوم اقتراف الجريمة اذا لم تتخذ اي اجراءات ، واذا اتخذ اجراء تكون من اخر اجراء ، أما الجنح وحسب المادة 8 تكون ثلاث 3 سنوات من يوم اقتراف الجريمة ، وما قيل اعلاه ينطبق على الجنح ، اما في المخالفات فتتقادم الدعوى بعامين "2 سنة" حسب" المادة 9 ق.ا.ج" ، اما الدعاوى المدنية فلا تتقادم الا طبقا للقانون المدني وأحكامه .

والتقادم أثره هو انقضاء الدعوى العمومية الذي تحكم فيه المحكمة من تلقاء نفسها لكونه يتعلق بالنظام العام بعكس تقادم الدعوى المدنية لا يكون الا بالدفع به طبقا للمادة 321 ق.


الفرع الثالث : العفو الشامل

ويقصد به العفو عن الجريمة تماما ونهائيا واسدال ستار النسيان عن الجريمة لكون العفو الشامل يزيل الصفة الاجرامية عن الفعل المؤثم فتنقضي في حالة العفو الشامل العقوبة الاصلية والتكميلية والتبعية ، وأنه يسري باثر رجعي بحيث يكون الفعل الاجرامي كأنه مباح وغير مؤثم نهائيا ولا يؤثر على الدعوى المدنية بالتبعية الا اذا نص العفو الشامل على غير ذلك وبالتالي تتحمل خزينة الدولة التعويضات للمضرور من الجريمة وعادة ما يكون العفو نتيجة للظروف السياسية ، او اضطرابات كبيرة ، او ثورات أوانقلابات عسكرية ، وهو يكون دائما من اختصاص رئيس الجمهورية ، وهو من النظام العام وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويكون في اي مرحلة كانت عليها الدعوى وتنقضي به الدعوى العمومية ، والعفو الشامل حسب معلوماتنا استعمل مرة واحدة بعد الاستقلال ، اما حديثا فكان جزئيا استفادت منه بعض الجماعات المسلحة .


الفرع الرابع : صدور حكم حاز قوة الشيء المقضي فيه

ومعناه ان الجاني تمت محاكمته وصار الحكم نهائيا بمعنى ان يكون قد استأنف فيه وطعن فيه ولم يقبل طعنه شكلا ولا موضوعا ، او طعن فيه ونقض ثم أحيل الملف الى الجهة التي اصدرت القرار المطعون فيه او اي جهة اخرى وأيد ولم يطعن فيها ، أوطعن فيه ورفض الطعن موضوعا ، او يكون الجاني قد ادين وحكم عليه ولم يستأنف لا هو ولا النيابة حتى فات الأجل القانوني حتى اصبح الحكم نهائيا ، والحكم النهائي في القضية يعتبر دليلا قطعيا فيما قضي به في مواجهة الكافة وبالتالي لا يمكن متابعة المتهم الجاني عن نفس الفعل .

وشروط الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي فيه

1/ ان يكون قضائيا : ان يكون صادرا عن جهة الحكم لا غيرها

2/ ان يكون نهائيا : والمقصود بالحكم النهائي ان لا يكون قابلا للطعن فيه بالمعارضة او الاستئناف او النقض أوغير قابل للطعن فيه بطرق الطعن العادية .

3/ ان يكون قطعيا : والمقصود ان يكون فاصلا في كل موضوع الدعوى او بعضه ويستثنى من ذلك الاحكام التمهيدية او التحضيرية او الصادرة في الدفوع الفرعية او القاضية باجراء تحقيق تكميلي .

4/ ان يكون صادرا عن المحكمة المختصة : اي يكون صادرا عن محكمة لها ولاية الفصل في الموضوع ، الا انه يمكن القول بان الحكم الصادر عن المحكمة غير المختصة لا تنقضي به الدعوى العمومية بل يؤدي الى قطع التقادم حسب القواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 317 ق. م.

5/ان يكون الحكم قد فصل في الواقعة في منطوقه وفي حيثياته الجوهرية : ان قوة الحكم في منطوقه لا في اسبابه اذ المنطوق هو الذي ينفذ ، وعموما فاذا توافرات الشروط المذكورة اعلاه يجوز الدفع بحجة الشيء المقضي فيه اذا اعيدت المحاكمة من جديد وتوفرت في الدعوى العناصر الاساسية الثلاثة وهي وحدة الخصوم ، وحدة السبب ، وحدة الموضوع .

وقاعدة انقضاء الدعوى العمومية بالحكم البات مقررة للمصلحة العامة هي تحقيق الاستقرار القانوني ، ولو كان الحكم لا يتناسب مع الجريمة كأن كانت جناية وحكمت فيها محكمة الجنح او كانت جنحة وحكمت فيها محكمة المخالفات ، والدفع بحجية الشيء المقضي فيه من النظام العام يحكم بها القاضي من تلقاء نفسه وللمتهم التمسك بها ولكل شخص له مصلحة في اي مرحلة كانت عليها الدعوى .



6/ الغاء قانون العقوبات :

بشرط عدم النص على الجرم المتابع به المتهم من جديد ، اما اذا نص على العقوبة من جديد فتطبق قاعدة " الاصلح للمتهم" ، والغاء القوانين لم ينظمه قانون الاجراءات الجزائية حسب معرفتنا وعليه فالأمر متروك للقواعد العامة المنصوص عليها بالمادة الثانية 2 من القانون المدني" ."


*** المطلب الثاني :

تكلمنا عن الأسباب العامة لانقضاء الدعوى العمومية اما الأسباب الخاصة لانقضاء الدعوى العمومية فهي سحب الشكوى والصلح

** أولا / سحب الشكوى :قدمنا أمثلة كثيرة عن الجرائم التي لا يمكن متابعتها الا بناء على شكوى وهي جرائم الزنا والسرقة بين الاقارب فاذا حركت النيابة الدعوى العمومية بناء على شكوى من الضحية فان سحبها يؤدي الى انقضاء الدعوى العمومية ، وبعض الفقهاء قالوا بأن السحب يكون صريحا ويكون ضمنيا ، الا أن المعمول به ان يكون مكتوبا ، الا أننا نفضل أن يكون مكتوبا الا اذا شهدت المحكمة على ذلك وتم تسجيل الاشهاد خوفا من الرجوع والنزاع بشأنه ، ارجع على سبيل المثال الى المواد " 339،369ق.ع " ، اذا سحب الشكوى يؤدي الى انقضاء الدعوى العمومية وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها .



** ثانيا / الصلح : فالصلح ينهي الدعوى العمومية وهذا ما نصت عليه المادة السادسة "6" من قانون الاجراءات الجزائية ، الا ان هذا الاخير لم يعرف الصلح ولم يبين احكامه وبالتالي وجب الرجوع الى القواعد العامة التي عرفت الصلح وبينت اثاره العامة ، فقد عرفت المادة" 459 ق.مدني " الصلح بأنه عقد ينهي به الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان به نزاعا محتملا وذلك بان يتنازل كل منهما على وجه التبادل عن حقه ، ونصت " المادة 461 ق.مدني" على مايلي " لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالمسائل الشخصية أو بالنظام العام ولكن يجوز التصالح على المسائل المالية الناجمة عن الحالة الشخصية ، ومن اثاره انه ينهي النزاعات التي تناولها " المادة 462 ق.مدني " ، والمثال على الصلح المنصوص عليه بقانون الاجراءات الجزائية ما هو منصوص عليه بالمادتين 381 ، 389 ، كما أن قانون الجمارك نص على الصلح حتى ولو حركت الدعوى العمومية فيمكن ان يتصالح مع المخالف لقانون الجمارك مع الادارة ويقدم المحضر للمحكمة فيحكم بانقضاء الدعوى العمومية والأمثلة كثيرة على مستوى المحاكم .


الاستجواب كاجراء هام في المسائل الجنائية, مفهوم الاستجواب و انواعه

الاستجواب :
تعريفه: لقد وردت عدة تعريفات للاستجواب منها على سبيل المثال ما يلي:
تعريف مصطفى مجدي هوجة: « هو مواجهة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه ومطالبته بإسداد رأيه فيها ثم مناقشة في أدلة الدعوى إثبات أو بقيا» (1) وعرفه اسحاق ابراهيم منصور بأنه مناقشة تفصيلية ومواجهة بالأدلة القائمة مدة ومطالبته بابداد رأيه فيها (2) .
والاستجواب يختلف عن سؤال المتهم في مرحلة الاستدلالات من قبل مأمور الضبط القضائي وهو ما أشار إليه الأستاذ محمد محدة حبق ذكر بأن :« ومن ثم يتبين خطأ التسميات التي يطلقها رجال الضبطية على محاضرهم بأنها محاضر استجواب فالمطلع مثلا على المحضر رقم 1421 الموجود بالحكم الصادر من محكمة بسكرة ..........1983 يجد أن هذا المحضر قد وصف أعمال قد وصف أعمال الضبطية بأنها استجواب و ليست سماع أقوال أو إستنطاقا وكرر ذلك في المحضر 03 مرات .
حيث يقول لدى استجواب المسماة "أ" والتي صرحت .......الخ ، ولدى استجواب المتهم "ب" الذي صرح بأنه يعرف المسماة ..........الخ ولدى استجواب المسمى "ج" سائق السيارة الذي صرح بأنه يعرف المتهم .
كما ذكر الأستاذ أيضا أن محضر آخر رقم 122 بتاريخ 1984 قد وصف .
عمل الضبطية : وصفا صحيحا وذلك بإطلاقه على هذا الإجراء سماع أقوال لا استجواب ، وجاء في هذا المحضر « ... أثناء قيام دورية الشرطة بمراقبة محل "أ" وعند دخولهم للمحل وجدوا ج و د يتناولان الخمر ووجدت الخمر ، وإن المعني وضع تحت النظر نتيجة إدمانه على الخمر وبعد صحوه من الخمر سمعت أقواله على محضر ب
وبالتالي فرجل الطيطية في هذه الحالة فقد وصف محضر بأنه محضر سماه أقوال لا استجواب وهو تكييف ووصف قانوني صحيح .
والاستجواب انطلاقا مما ذكر أعلاه بعد إجراء من (1) إجراءات الإثبات له طبيعة مزدوجة لأنه يدخل ضمن إجراءات التحقيق وإجراءات الدفاع .
أهميته (مساؤه): بما أنه في الغالب يترتب على الاستجواب استدراج المتهم « التأثير عليه بدقة الأسئلة وتعددها فقد يؤدي هذا إلى الأضرار به عن طريق إدلاء بأقوال تضر بمصالحه لذا هناك من الفقه الجنائي من يصفه بالإجراء البغيض (2) أما غالبية الفقه نتؤيده لسميتين :
1/ أنه طريق دفاع لتقييد الأدلة القائمة ضد المتهم بحيث يكون من تبرير تصرفه وتفي التهمة الموجهة إليه .
2/ إنه وسيلة لاستحلاء الحقيقة والوصول إلى معرفة مرتكب الجريمة .
3/أنواع الاستجواب : الاستجواب إما أن يكون حقيقيا وإما أن يكون حكميا .
أ/الاستجواب الحقيقي: يتحقق هذا الاستجواب بتوجيه التهمة ومناقشة المتهم ومواجهته بالأدلة بالقائمة ضده ، أما مجرد سؤال المتهم وإحاطته علما بتاريخ التحقيق دون مناقشة فلا يعد استجوابا حقيقيا .
أي أن شروط الاستجواب الحقيقي: هي توافر عنصرين :
الأول : توجيه التهمة ومناقشة المتهم فيها .
الثاني: مواجهة المتهم بالأدلة القائمة في حقه .
ب/الاستجواب الحكمي(المواجهة): ويتم هذا الاستجواب بواسطة مواجهة المتهم بغيره من شهود أو من المتهمين بما أدلى كل منهم من أقوال ويثبت المحقق هذه المواجهة بمحضر ويختلف هذا الاستجواب أي المواجهة عن المواجهة القولية (مواجهة المتهم مما أدلى به شاهد أو متهم آخر .
وهذا لا يعد إجراءا مستقلا بل تابعا لعملية الاستجواب (1) .
وبالرجوع إلى نص م 139/1 ق إ ج فإنه لا يجوز إجراء الاستجواب إذا أمام الجهة القضائية ولا يجوز لضابط الشرطة القضائية استجواب المتهم وإنما يجوز له فقط سؤاله وفي حالة الإنابة القضائية لا يجوز لقاضي التحقيق تكليف ضابط الشرطة القضائية باستجواب المتهم .
أي أن استجواب المتهم وفقا لهذا النص لا يكون استجوابا حقيقيا (2).
هذا ونشير إلى أن سكوت المتهم في مرحلة التحقيق أو المحاكمة لا يؤثر على قربئة براءته وذلك بإجماع الفقه (3) .
كيفية مباشرة الاستجواب:
نظرا لأهمية الاستجواب بأن المشرع قد أحاطه لضمانات للمتهم وذلك تفاديا لانتزاع الإعتراف كرها من المتهم وبالتالي فالاستجواب يمر بمرحلتين :
الأولى: الاستنطاق الأول: وقد نصت على إجراءاته م100 ق.ج وهي التعرف على هوية المتهم وإحاطته علما بالتهمة الموجهة إليه وإلى النصوص التي يعاقب عليها والتي كان قد أشار إليها من قبل محضر الضبطية القضائية فإذ صرح المتهم بأقوال أخرى وجب إحالة الوثائق إلى وكيل الجمهورية كما يجب إحاطة المتهم علما بأنه حر في عدم الإدلاء بأي تصريح وبحقه في إختيار مهام له.
الاستنطاق الثاني : وضع له المشرع عدة ضمانات هي من حقوق الدفاع ويترتب على الإحلال بها على البطلان ، وهو ما جاء في نص م105 ق.ج أي أنه لا يجوز سماع المتهم أو المدعي المدني أو إجراء مواجهة بينهما إلا بحضور محامي المتهم وهذه هي القاعدة العامة أما الاستناء فتم بلا محام في الحالات التالية :
- إذا إستدعى المحام وفق نص م105 ولم يحضر في اليوم المحدد .
- إذا تنازل المتهم عن ذلك .
- إذا كانت هناك حالة إستعجال ذا قيمة عن وجود شاهد في حظر الموت (م101 ق.ج).
ومن بين الضمانات للمتهم أيضا الإطلاع على الملف من قبل محام المتهم وعدم تحليف المتهم اليمين عند الاستجواب (4)


الشهادة

قد تجدون أنفسكم طرفا شاهدا في خصومة قضائية، أو تحتاجون إلى شاهد، ليدلي بما يكون قد شاهده أو سمعه شخصيا بخصوص واقعـــة يراد إثباتها، نظرا لكون الشهــادة وسيلة هامة يحفظ بها الناس حقوقهم، و يعتمـد عليها القضـاة في إصدار أحكامهم. مما يثيـــر لديكم جملة من التسـاؤلات، أهمها
مـا هــي الواجبـــات التــي تقــع علــى عاتــق الشاهـــــــد ؟
يلزم الشاهد ب: أن يمثل أمام الجهة التي استدعته بغرض الإدلاء بشهادته، و في المكان و الزمان المحددين في الاستدعاء أن يحلــف اليميــن بــأن يقــول الحــق، حتــى يطمئـن الغير إلى صدق شهادته أن يدلي بشهادته و لا يكتمها
هــــل يمكـــن الاعتمـــــاد علـــــى شهـــــادة الأهــــــــــل ؟
أ)- في المسائل المدنية: لا يمكن سماع الأقارب، الأصهار على عمود النسب، الزوج و لو بعد الطلاق، الإخوة أو الأخوات و أبناء العمومة يستثنــى فــي هذه المسائـل، كلا من القضايا المتعلقة بحالة الأشخاص و القضايا المتعلقة بالطلاق، فإنه يجوز سماع شهـادة هؤلاء في مثل هذان النوعان من القضايا، إلا إذا كانوا من الأبناء فلا تسمع شهادتهم في كل الأحوال
ب)- فـي المسائـل الجزائيــة: لا مانــع مـن سمـاع شهـادة أهــل المتهــم علــى سبيـل الاستدلال، لكن إذا كان الشاهد من بين أصول المتهم، فروعــه، زوجـه، إخوتــه أو أخواتــه و أصهــاره على درجتــه من عمـود النسب، فإنه يدلي بشهادتــه دون أن يحلف اليمين مراعاة لصلته بالمتهم
هل يمكن الاعتماد على شهادة الأطفال؟
أ)- في المسائل المدنية: لا تسمع شهادة القصر الذين لم يتموا الثامنة عشرة من العمر إلا على سبيل الاستدلال، و إذا كان القاصر دون سن الخامسة عشرة، فإنه يدلي بشهادته دون أن يحلف اليمين مراعاة لصغر سنه
ب)- فـي المسائــل الجزائيــة: تسمـع شهادة القصر، و يعفى من حلف اليمين القاصر الذي سنه دون السادسة عشرة سنة
هل يمكن الاعتماد على شهادة المحكوم عليهم؟
لا تسمع شهادة المحكوم عليهم، إذا كان الحكم يتضمن عقوبة تبعية تتعلق بالحرمان من الحقوق المدنية، إلا على سبيل الاستدلال فالحرمان من الحقوق المدنية، يؤدي إلى فقدان أهلية الشهادة أمام القضاء، و الشاهد في هذه الحالة يدلي بشهادته دون أن يحلف اليمين
كيف يستدعى الشاهد للحضور و الإدلاء بشهادته؟
أ)- فــي المسائــل المدنيـة: عندما يحتاج القاضي إلى سماع الشهود، فإنه يصدر أمرا بالتحقيق، و يحدد فيه يوم و ساعة الجلسـة التي ستنعقد لسماع الشهود، فيتولى الخصوم إخطار قلــم الكتــاب خــلال ثمانيــة أيــام بأسمــاء الشهود الذين يريد الخصوم سماعهم، و يتم تكليفهم بالحضور للجلسة و تبليغهم عن طريق المحضر كمــا يمكــن للخصــوم أن يتقدمــوا مـن تلقاء أنفسهـم بشهودهم، على أن يتم تكليفهم بالحضور و تبليغهم عن طريق المحضر
ب)- في المسائـل الجزائيـة: هناك عــدة جهــات يمكنهــا استدعــاء الشاهــد للمثـول أمامها قــــد يستدعــى الشاهــد مـن قبل الضبطية القضائية، في إطار إجراءات البحث و التحري العادية، فلا يكون ملزما قـد يأمر ضابط الشرطة القضائية الشاهد بعدم مغادرة بالحضور في حالــة التلبــس، مكان الجريمة، حتى ينتهي من تحرياته قد يستدعى الشاهد من قبل قاضي التحقيق و إذا لم يحضر، قام قاضي التحقيق بإحضاره جبرا للإدلاء بشهادته أثناء التحقيــق، عن طريق القوة العمومية، و يمكن أن ينتقل قاضي التحقيق إلى الشاهد، إذا تعذر عليه الحضور لعذر معقول قد يكلف الشاهد بالحضور بناءا علــى أمــر القاضي أثنــاء المحاكمــة، و إذا لم يحضر، قام القاضي بإحضاره جبرا عن طريق القوة العمومية
كيف يدلي الشاهد بشهادته؟
كــل واحــد مـن الشهــود يدلــي بشهادتـه على انفـراد، فيذكر اسمه و لقبه و مهنته و سنه و موطنه، و يبين علاقته و درجة قرابته و مصاهرته للخصوم و قبل الإدلاء بشهادته، يرفع الشاهد يده اليمنى إلى الأعلـى و يحلـف اليميـن، بأن يقــول الحق
ما هو جزاء من يتخلف عن الحضور للإدلاء بشهادته؟
إن إخلال الشاهد بواجب الإدلاء بشهادته يعرضه للجزاءات التالية: إجباره على الحضور عن طريــق القــوة العمومـــيــة، بموجب أمر ضبط و إحضار الحكـم علــيه بغرامة تقدر بين 200 دج إلى2000 دج إذا تسـبب فـي تأجيـل القضيـة لـدورة أخـرى، فيكون ملزم بمصاريف الحضور و سير الجلسة
ما هو جزاء شاهد الزور؟
تعتبر شهادة الزور جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبات سالبة للحرية كما أن الشريعة الإسلامية قد سوت بينها و بين الإشراك بالله، فقـد قــال عليــه الصــلاة و "السلام:"عدلت شهادة الزور الإشراك بالله
ما هـو دور الشاهـد فـي الإثبات ؟
يلعــب الشاهد دورا رئيسيا في مجال الإثبات، حتى في المسائل المدنية التي غالبا ما تعتمد على الاتفاقيات المبرمـــــة بين الأطراف و المثبتة كتابيا، فقد ترد وقائع قابلة للإثبات بشهادة الشهود، أما الإثبات في المسائل الجزائية فإنه يعتمد كثيرا على هذا النوع من الأدلة، الذي كثيرا ما يبنى عليه حكم الإدانة أو البراءة



الإدعاء المباشر


أولاً: تعريف الإدعاء المباشر:
هو حق المدعي المدني في الجنح والمخلفات في رفع الدعوى العمومية مباشرة بتكليف المتهم بالحضور أمام القضاء الجنائي.
ثانياً :شروط الإدعاء المباشر:
نظم المشرع الإدعاء المباشر في قانون الإجراءات الجنائية، وللمدعي المدني الحق في الإدعاء المباشر في المخالفات والجنح ما عدا في حالتين:
الأولى: إذا صدر أمر من قاضي التحقيق أو من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى ولم يستأنف المدعي بالحقوق المدنية هذا الأمر في الميعاد أو استأنفه فأيدته محكمة الجنح المستأنفة.
الثانية: إذا كانت الدعوى موجه ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء وظيفته أو بسببها.
وفيما يلي شروط الإدعاء المباشر:
1- أن يكون الإدعاء قد تم بمعرفة المضرور من الجريمة :
إذا كان المشرع قد فتح باب الإدعاء المباشر للأفراد حماية لمصالحهم التي اضيرت من الجريمة، فلابد أن يتطلب المشرع في رفع الدعوى مباشرة من الأفراد أن يكون من صدر منه الإدعاء قد أصابه فعلاً ضرراً من الجريمة، فقد يحدث أن تتوافر تلك الصفة في الشخص ومع ذلك لا يقبل منه، أو حدث أن استوفى حقه في التعويض قبل رفع الدعوى.
* كما أن وقوع الجريمة قد يلحق ضرراً بأشخاص آخرين خلاف المجني عليه كما يحدث في حالات القتل الخطأ، فهنا يلحق الضرر بالزوجة والأولاد ويحق لهم تحريك الدعوى الجنائية مباشرة رغم أن صفة المجني عليه لم تثبت لهم، والقانون يسوي بين الضرر المادي والضرر الأدبي، فالمضرور من الجريمة يمكنه الإدعاء المباشر حتى ولو كان الضرر الذي لحقه أدبياً أو معنوياً كما هو الشأن في جرائم السب والتشهير.
*وبالنسبة لدائني المجني عليه يجوز لهم رفع الدعوى بالطريق المباشر إذا كان قد لحقهم ضرر مباشر من الجريمة ولو لم يكن المجني عليه قد استعمل حقه في المطالبة بالحقوق التي يطالب بها الدائن.
*والحق في الإدعاء المباشر هو حق شخصي للمضرور بحيث أنه إذا قام بتحويل قيمة التعويض عن الضرر إلى شخص آخر فلا يجوز لهذا الأخير مباشرة الإدعاء المباشر برفع الدعوى الجنائية لأن الضرر الذي يصيب المحول إليه هو ضرر غير مباشر وبالتالي لا يبيح رفع الدعوى المباشرة الضرر الذي يصيب شركة التأمين نتيجة لجريمة وقعت على شخص المؤمن لديها لإلتزامها بدفع مبلغ التأمين، كذلك الضرر الذي يلحق بدائني المجني عليه والمتثل في إفقار مدينهم إذا ما وقعت عليه جريمة سرقة أو اتلاف أو ماشابه ذلك من جرائم الأموال ذلك أن شركة التأمين في المثال السابق إنما تلتزم بدفع المبلغ المؤمن به ليس نتيجة مباشرة لارتكاب الجريمة وإنما بناء على العقد المبرم بينها وبين المجني عليه وجدير بالذكر أن جهات الإدارة المختلفة يمكن أن تحرك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر وذلك إذا ما لحقها ضرر مباشر عن الجريمة ولذلك يجوز لجهة الإدرة أن ترفع الدعوى مباشرة فعلاً في جرائم التهرب الجمركي أو في جرائم التهرب الضريبي .
2- أن تكون الجريمة جنحة أو مخالفة:
لا يجوز الإدعاء المباشر إلا في الجنح والمخالفات، أما الجنايات فلا يجوز فيها رفع الدعوى مباشرة من المضرور من الجريمة لاعتبارين أساسيين:
أ- خطورة الجناية لما أوجب القانون فيها من كفالة ضمانات خاصة بها .
ب- إن الجناية لابد أن يباشر فيها تحقيق بمعرفة النيابة العامة أو قاضي التحقيق.
* وكل جنحة أو مخالفة يجوز فيها رفع الدعوى مباشرة بشرط ألا تكون الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو رجل ضبط لجنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسبببها ويجوز الإدعاء المباشر حتى ولو كانت الجنحة من اختصاص محكمة الجنايات ، ولا يلزم أن تكون الجريمة قد بوشر أي إجراء من قبل النيابة العامة بجمع استدلالات أو من قبل مأموري الضبط فيجوز رفع الدعوى مباشرة من المضرور حتى ولو كانت سلطة جمع الاستدلالات لم تباشر فيها أي إجراءات .
3- ألا يكون هناك تحقيق مفتوح مازال قائماً:
يشترط الإدعاء المباشر ألا تكون السلطة المختصة بالتحقيق سواء كانت النيابة العامة أو قاضي التحقيق قد قامت بنفسها بتحريك الدعوى فإذا كانت سلطة التحقيق قد باشرت إجراء ولم تنته منه فلا يجوز الإدعاء المباشر. وعلى المضرور الانتظار حتى تنتهي سلطة التحقيق من تحقيقها والتصرف فيه فإذا رفعت الدعوى كان له أن يدعى أمام المحكمة المحالة إليها الدعوى. وإذا كان التصرف بالأمر بأن له وجه لإقامة الدعوى فيمكنه أن يطعن في هذا الأمر بطرق الطعن المختلفة التي نص عليها القانون بالنسبة للأوامر بأن لا وجه الصادرة من النيابة العامة وقاضي التحقيق. فإذا قضي في الاستئناف بإلغاء القرار بأن لا وجه فإما أن يتم رفع الدعوى بإحالتها من غرفة المشورة إلى المحكمة الجزئية بناء على القرار بإلغاء الأمر بأن لا وجه. ويكون للمدعي المدني أن يطالب بدعواه أمام المحكمة المحالة إليها الدعوى الجنائية، وجدير بالذكر أن تحريك الدعوى بواسطة سلطة التحقيق عن طريق إجراء تحقيق في الجريمة يمنع فقط المدعي من رفع الدعوى مباشرة إلى القضاء الجنائي بالنسبة للمتهمين الذين تناولهم التحقيق المفتوح من سلطات التحقيق.
4- أن تكون كل من الدعويين الجنائية والمدنية جائزة القبول:
أ- الدعوى الجنائية: يجب لإمكان رفع الدعوى مباشرة من المضرور أن تكون الدعوى الجنائية مقبولة أمام القضاء الجنائي. ذلك أن المضرور في هذه الحالة يرفع الدعوى بنفس الشروط التي ترفعها بها النيابة العامة، ويترتب على ذلك أنه إذا كانت النيابة العامة لا تملك رفع الدعوى لأي سبب من الأسباب فلا يجوز للمدعي المدني أي المضرور أن يرفعها، ولا تكون الدعوى الجنائية مقبولة في الحالات الآتية:
1- إذا كان هناك قيد على رفعها يتمثل في شكوى أو طلب أو إذن: غير أنه يلاحظ بالنسبة للشكوى إذا كان المضرور قد توافرت في حقه صفة المجني عليه فإن رفع الدعوى مباشرة إلى القضاء الجنائي يعتبر بمثابة شكوى ويترتب عليه قبول الدعوى الجنائية أمام القضاء الجنائي فإذا لم تتوافر تلك الصفة فلا يحق للمضرور أي المدعي المدني أن يلجأ إلى الإدعاء المباشر أمام القضاء الجنائي. وإن كان يمكنه رفع دعواه المدنية أمام القضاء المدني، وترتيباً على ذلك لا يحق للزوجة أن ترفع دعوى مباشرة بالإدعاء المباشر على شريكة زوجها إلا إذا رفعتها أيضاً على زوجها، لأنها بذلك قدمت الشكوى ضد زوجها والتي بها يمكن رفع الدعوى على الاثنين معاً.
2- إذا كانت الدعوى الجنائية قد انقضت بوفاة المتهم أو بسقوط الجريمة: كما في حالة التنازل عن الشكوى أو الطلب.
3- إذا كان قد صدر أمر من النيابة العامة أو قاضي التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وصار هذا الأمر نهائياً: ويكون الأمر نهائياً إذا لم يطعن فيه المدعي بالحقوق المدنية في الميعاد أو طعن ورفض الطعن.
4- إذا كانت الواقعة في حد ذاتها لا تكون جريمة نظراً لأن المشرع يتطلب فيها ركن الاعتياد: فهنا لا يجوز الإدعاء المباشر إلا إذا كان المضرور في جميع الأفعال الاعتياد واحداً.
5- إذا كانت الجريمة من الجرائم التي نظم المشرع للمحاكمة فيها إجراءات خاصة: كما هو الشأن بالنسبة لجرائم القضاة المتعلقة بوظائفهم. فهنا لا تقبل الدعوى الجنائية إلا عن طريق المخاصمة التي نظمها القانون بشأن هذه الجرائم.
اختصاصات ضباط الشرطة القضائية:

1. الاختصاصات العادية: وتتمثل في تلقي الشكاوي والبلاغات من الأشخاص المتضررين كذلك جمع الاستدلالات وتعني القيام بجميع الإجراءات التي من شلنها الكشف عن الجريمة ومعرفة مرتكبيها والظروف التي حصلت فيها وتعقبهم لتقديمهم للسلطة القضائية المختصة، كذلك توقيف الشخص المشتبه فيه مع إمكانية استخدام القوة العمومية لإحضار أي شخص لم يستجب لاستدعائين بعد الحصول على إذن مسبق من وكيل الجمهورية م 65 فقرة 1 ق إ ج. وأخيرا يقوم ضابط الشرطة القضائية بتحرير المحاضر وبذلك يوقعون عليها مع تبيان الإجراءات التي قاموا بها ومكان ووقت اتخاذها واسم وصفة محررها ثم يتم التقديم أو الإرسال إلى وكيل الجمهورية المختص.
2. الاختصاصات في حالة التلبس:
‌أ. أن يكون التلبس سابقا على إجراءات التحقيق.
‌ب. اكتشاف الجريمة من طرف الضبطية القضائية.
‌ج. اكتشاف التلبس بطريق مشروع.
‌د. منع أي شخص من مغادرة مكان الجريمة إلى حين الانتهاء من التحريات.
‌ه. يمكن الاستعانة بالخبراء في المعاينة المستعجلة.
‌و. توقيف الشخص المشتبه فيه وتسجيل ساعة بدأ سماعه.
‌ز. يمكن القيام بالتفتيش.
‌ح. ضبط الأشياء المساعدة لإظهار الحقيقة.
3. الاختصاصات الاستثنائية:
لقد وسع المشرع الجزائري من اختصاص الشرطة القضائية في إحدى الجرائم المتعلقة بالمخدرات، تبييض الأموال، التشريع الخاص بالصرف، الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، الفساد والمنظمة عبر الحدود الوطنية وهذا وفقا للتعديل الجديد المؤرخ في 20/12/2006 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية رقم 06/22، والتي لم يتمتع بها ضباط الشرطة القضائية من قبل وهي سلطة مراقبة الأشخاص ووجهة الأموال والأشياء واعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات والصور والقيام بعملية التسرب. كذلك آجال التوقيف للنظر يمكن تمديدها لأكثر من مرة واحدة، ويبدأ من مرتين كالاعتداء على أمن الدولة إلى خمسة مرات كالجرائم الإرهابية.
كذلك أصبح اختصاص الضبطية القضائية يمتد إلى كامل التراب الوطني تحت رقابة النائب العام لدى المجلس القضائي المختص وبعد إخطار وكيل الجمهورية.
كذلك الأمر بإجراء عملية التفتيش للمساكن والمحلات والأماكن بصفة عامة في أي وقت ليلا أو نهارا
 

youcef66dz

عضو متألق
إنضم
3 أكتوبر 2009
المشاركات
3,786
مستوى التفاعل
114
النقاط
63
رد: محاضرات في قانون الاجراءات الجزئية ج2

شكرا جزيلا ...
 

7anouna

عضو متألق
إنضم
27 سبتمبر 2011
المشاركات
1,105
مستوى التفاعل
26
النقاط
38
الإقامة
ح ـيث ترى الـ ج ـسور
رد: محاضرات في قانون الاجراءات الجزئية ج2

شكرا لك على هذا الجهد المميز
بارك الله فيك و نفع بك
 

omar.s

عضو
إنضم
12 فبراير 2012
المشاركات
43
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
سطيف
رد: محاضرات في قانون الاجراءات الجزئية ج2

بارك الله فيك اختي
 

المواضيع المتشابهة

أعلى