لوتس القانونية

عضو نشيط
إنضم
9 أغسطس 2009
المشاركات
217
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
الإقامة
بلادي الجزائر
--------------------------------------------------------------------------------

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



: تعريف العولمة :
العولمة في اللغة مأخوذة من التعولُم ، والعالمية ، والعالم .وفي الاصطلاح تعني اصطباغ عالم الأرض بصبغة واحدة شاملة لجميع أقوامها وكل من يعيش فيها وتوحيد أنشطتها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية من غير اعتبار لاختلاف الأديان والثقافات والجنسيات والأعراق . ليس هناك تعريف جامع مانع لها ، فهو مصطلح غامض في أذهان كثير من الناس ،ويرجع سبب ذلك إلى أن العولمة ليست مصطلحاً لغوياً قاموسياً جامداً يسهل تفسيرها بشرح المدلولات اللغوية المتصلة بها ، بل هي مفهوم شمولي يذهب عميقاً في جميع الاتجاهات لتوصيف حركة التغيير المتواصلة . ولكن مما يلاحظ من التعريفات التي أوردها الباحثون والمفكرون التركيز الواضح على البعد الاقتصادي لها ، لأن مفهوم العولمة بداية له علاقة وطيدة بالاقتصاد والرأسمالية وهذا ما جعل عدداً من الكتاب يذهبون إلى أن العولمة تعني : تعميم نموذج الحضارة الغربية – خاصة الأمريكية – وأنماطها الفكرية و السياسية والاقتصادية والثقافية على العالم كله .

نشأة العولمة :

شاع هذا المصطلح في التسعينات بعد إنهيار المعسكر الشيوعي ، واستفراد أمريكا بالعالم ، ولا سيما عندما طالبت أمريكا دول العالم بتوقيع اتفاقية التجارة العالمية بقصد سيطرة الشركات العابرة للقارات على الأسواق العالمية . مما يؤكد أن العولمة بثوبها الجديد أمريكية المولد والنشأة .

ويرى الباحثون الذين تحدثوا عن نشأة العولمة أن العولمة عملية تراكمية ، أي أن هناك عولمات صغيره سبقت ومهدت للعولمة التي نشهدها اليوم ، والجديد فيها هو تزايد وتيرة تسارعها في الفترة الأخيرة بفضل تقدم وسائل الإعلام والاتصال ، ووسائل النقل والمواصلات والتقدم العلمي بشكل عام ، ومع ذلك فهي لم تكتمل بعد .

الإسلام والعولمة :

هناك فرق بين عالمية الإسلام ، وعولمة الغرب ، فعولمة الغرب اقتصادية الأساس تسعى إلى الهيمنة على العالم برفع القيود عن الأسواق والبضائع ورؤوس الأموال ،وهذا يفضي إلى تعميق النزاعات والصراعات . أما عالمية الإسلام فتقوم على أساس التعارف والانفتاح على الثقافات الأخرى بلا نفي أو إقصاء أو إكراه " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي " .

مظاهر وأسباب العولمة :

العولمة هي اقتصادية في مظهرها العام ، وعلى رغم التطورات والتغيرات المتسارعة التي حدثت في النصف الأخير من القرن العشرين والتي كان لها الأثر الكبير على مجريات اقتصاديات العالم فإن معظم الكتاب يجمعون على أن هناك أربعة عناصر أساسية يعتقدون أنها أدت إلى بروز تيار العولمة وهي :

- تحرير التجارة الدولية .

- تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة .

- الثورة المعرفية .

- تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات .

ويمكن إجمال الحديث عن هذه العناصر على النحو التالي :

1- تحرير التجارة الدولية : ويقصدون به تكامل الاقتصاديات المتقدمة والنامية في سوق عالمية واحدة مفتوحة لكافة القوى الاقتصادية في العالم وخاضعة لمبدأ التنافس الحر ، وبعد الحرب العالمية الثانية رأت الدول المنتصرة ضرورة قيام نظام اقتصادي عالمي يخدم بالأساس مصالحها ، ومصالح البلدان الصناعية بصفة عامة ، وقد مهد مؤتمر ( بريتون ودز ) عام 1944م الطريق لتأسيس النظام الاقتصادي العالمي الحديث حيث تم بموجبه إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ،والاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة ( الجات ) .

ومع الانتقال من ( الجات ) إلى منظمة التجارة العالمية التي تسعى إلى إلغاء كل الحدود التجارية في العالم انتقل الاقتصاد العالمي إلى مرحلة اشتراكية السوق ، أو دكتاتورية السوق ، وأن الفوائد المرتقبة للعولمة ستكون موزعة توزيعاً غير عادل وغير متكامل في داخل الدول النامية . وفيما بينها وبين المتقدمة ، بل وبين المتقدمة نفسها .

2- تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة : حدثت تطورات هامة خلال السنوات الأخيرة تمثلت في ظهور أدوات ومنتجات مالية مستحدثة ومتعددة ، إضافة إلى أنظمة الحاسب الآلي ووسائل الاتصال والتي كفلت سرعة انتشار هذه المنتجات ، وتحولت أنشطة البنوك التقليدية إلى بنوك شاملة تعتمد إلى حد كبير على إيراداتها من العمولات المكتسبة من الصفقات الاستثمارية من خارج موازنتها العمومية ، ويرجع ذلك إلى سببين رئيسيين هما :

أ/ تحرير أسواق النقد العالمية من القيود .

ب/ الثورة العالمية في الاتصالات الناجمة عن الأشكال التكنولوجية الجديدة .

3- التقدم العلمي والتكنولوجي : وهو ميزة بارزة للعصر الراهن ، وهذا التقدم العلمي جعل العالم أكثر اندماجاً ، كما سهل حركة الأموال والسلع والخدمات ، ( وإلى حد ما حركة الأفراد ) ، ومن ثم برزت ظاهرة العولمة ، والجدير بالذكر أن صناعة تقنية المعلومات تتركز في عدد محدود ، ومن الدول المتقدمة أو الصناعية دون غيرها .

4- الشركات متعددة الجنسيات: إذا صح وصف هذا العصر بأنه عصر العولمة ، فمن الأصح وصفه بأنه عصر الشركات متعددة الجنسيات باعتبارها العامل الأهم لهذه العولمة .

ويرجع تأثير هذه الشركات كقوة كبرى مؤثرة وراء التحولات في النشاط الاقتصادي العالمي إلى الأسباب التالية :

أ/ تحكم هذه الشركات في نشاط اقتصادي في أكثر من قطر ، وإشاعتها ثقافة استهلاكية موحدة .

ب/قدرتها على استغلال الفوارق بين الدول في هبات الموارد .

ج/ مرونتها الجغرافية .

ويأخذ بعضهم على هذه الشركات ما يلي :

1- تناقضها بين وجهها التوحيدي للعالم ، ووجهها الأخر وهو كونها رمزاً للسيطرة الاقتصادية ومن ثم السياسة .

2- عدم وجود قواعد وضوابط قانونية أو اتفاقات دولية ملزمة لها مما شجعها على انتهاك قوانين العمل وحقوق الإنسان .

3- إن قادة هذه الشركات من كبار الراشين على مستوى العالم .

وأما المدافعون عن هذه الشركات فيشيرون إلى مساهمتها في العملية التنموية حيث توفر فرص التدريب والعمل وتدفع الضرائب التي يمكن استخدامها في البرامج الاجتماعية ،كما أنها تنقل التكنولوجيا المتطورة ، وتعود بالقطع الأجنبي ، وتساعد في بناء قاعدة صناعية في البلدان الفقيرة .. الخ .

أن هذه المزاعم مبالغ فيها ، وأن أهدافها الأساسية هو تعظيم وتراكم أرباحها ، وهذه لا يتحقق عادة إلا على حساب شعوب الدول الفقيرة .

((( نستخلص هيه مزيج اقتصادي سياسي للهيمنه على العالم ))






للامانة العلمية وليك افيد الجميع انه منقول
 

رمال

عضو
إنضم
28 أغسطس 2009
المشاركات
48
مستوى التفاعل
4
النقاط
8
رد: تعريف ومفهوم العولمة

مساء الخير قلب القانون
شكرا على الموضوع الذي يبقى في غاية الأهمية والذي يبقى حديت الساعة
شكرا
 

karim

Administrator
طاقم الإدارة
إنضم
14 يونيو 2009
المشاركات
3,291
مستوى التفاعل
107
النقاط
63
الإقامة
الجزائر
رد: تعريف ومفهوم العولمة

شكرا قلب القانون

فعلا

مزيج اقتصادي سياسي للهيمنه على العالم

شكرا على الطرح
 

امالمبروكي

عضو نشيط
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
118
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
رد: تعريف ومفهوم العولمة

شكرا على الموضوع تقبلي مروري
وهذا الموضوع يرتبط بالعولمة من حيث ابعادها وتاثيرها على الوطن العربي
تحت عنوان
العولمة .. الواقع .. والإمكانات


العولمة، العالمية، الكونية ... ومصطلحات أخرى تتردد في وقتنا الحاضر، البعض يجهلها والبعض الآخر يعيها كمفهوم ولا يعي أخطارها. ولكن ما الفرق بين العالمية والعولمة والكونية؟ هل تلتقي في رؤية واحدة، أم تتفرغ وتتشعب في مسارات مختلفة؟ هل وجدت العولمة منذ وجود الحضارة الإنسانية على الأرض؟ أم هي وليدة ظروف سياسية واقتصادية مرّ بها العالم في النصف الثاني من الفرن العشرين؟ ألم تكن الحضارات التي نشأت في الزمن قائمة على العولمة من خلال سيطرتها على الشعوب الضعيفة؟ ألم تكن الدولة العربية الإسلامية شكلاً من العولمة لها في فترة زمنية من التاريخ، من خلال طرح الإسلام كدين عالمي للبشر كافة ... دين يحترم الرغبات الشخصية والديانات المختلفة ويحترم حرية الشعوب، ويعمل على تحسين أوضاع الناس نحو الأفضل.

ما تأثير العولمة على العالم عامة والوطن العربي خاصة؟ وما تأثيرها على أوضاعنا السياسية نحن الشعب الفلسطيني؟ وكيف يتحصن الوطن العربي لمواجهة هذا الخطر؟ وما هي سبل الخلاص منه؟ ولماذا ينساق أبناؤنا نحو العولمة متحللين من مبادئهم وقيمهم وقوميتهم؟ وما الذي افتقد في حضارتهم ووجدوه في الحضارات الأخرى؟! وكيف نحصن العقول ونحميها من خطر العولمة؟ وكيف نحمي هويتنا من تيار يجرفنا معه نحو الهاوية؟ ألم تدرك هذه العقول أن العولمة قد تجاوزت المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية إلى التغيير النوعي للبشرية لخدمة أطماعها؟ وهذا يضعنا أمام الصورة الأخرى للعولمة من خلال معرفتنا بـ: ماهية العولمة، مدى تمظهرها في الوطن العربي؟ كيفية التعامل معها.

ثورة الاتصالات وأبعادها الأيديولوجية

اختلفت موازين القوى في القرن العشرين نتيجة ما شهده العالم من تقدم هائل في مجال تكنولوجيا المعلومات والتقنيات الاتصالية الجديدة التي أصبحت جوهر السلطة التي تقوم عليها الدولة. ومن أبرز هذه التقنيات شبكة "الإنترنت" التي وجدت في الأصل لخدمة وزارة الدفاع الأمريكية، وتحولت فيما بعد إلى استخدام عام لمختلف أنحاء العالم.

يقول "بيل غيتس" في كتابه الطريق إلى الأمام: "سيفضي الإنترنت إلى تغيير جذري في شكل العالم من حيث أوجهه المختلفة" (اتجاهات العولمة: 9). ومن الملاحظ أن الولايات المتحدة قد وظفت الإنترنت لخدمة شؤونها الإستراتيجية والسياسية. وقد أشار زعيم اليمين المحافظ في الولايات المتحدة "نيوت غينغرش" في كتابه نهوض أمريكا إلى "أن التفوق المعلوماتي سيضمن لبلاده السيطرة على العالم والتحكم به" (10).

وكان نتيجة هذا التقدم ظهور العولمة التي ظهرت في شتى مجالات الفكر الإنساني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي. وقد تنبه لهذا الخطر الرئيس الفرنسي "جاك شيراك" الذي دعا إلى مواجهة هذا الغزو الثقافي الأمريكي واللغة الانجليزية، وذلك من خلال تقنين استخدام شبكة الإنترنت.

ولا يقل خطر الإعلام الفضائي عن الإنترنت، حيث أنه لم يعد يهتم بتغطية الأحداث فحسب، بل أصبح أكثر ميلاً للصور الخاطفة التي أشار إليها المفكر الفرنسي "رجيس دوبرية" بما سماه "ثقافة الصورة". وقد سيطرت السلطات السياسية والاقتصادية في الدول الغربية على الإعلام لمعرفتها بمدى تأثيره وخطره على الثقافات الأخرى.

وقد تنبهت المجتمعات العربية إلى خطر الإعلام الفضائي، حيث نلاحظ في الآونة الأخيرة جرأة هذا الإعلام في طرح الموضوعات الحساسة والساخنة. وفي الوقت ذاته تنبهوا إلى خطر ما يسمى "بالعولمة" الذي أصبح يخترق الحضارة والثقافة العربية من أجل انخراطها ضمن الثقافة الأحادية المتمثلة بالولايات المتحدة.

فوكوياما ونهاية التاريخ

أدى انهيار الاتحاد السوفييتي إلى إعلان الولايات المتحدة ميلاد نظام جديد يرتكز على الحرية. وهذا ما أشار إليه المفكر "فرنسيس فوكوياما" في كتابه نهاية التاريخ، مؤكداً انتهاء الصراع بين الأيديولوجيات السياسية بانتصار الديمقراطية الليبرالية الغربية انتصاراً حاسماً.

وهذه النظرية – نهاية التاريخ – تضع السيطرة بين يدي دولة واحدة متمثلة بأمريكا، وهي بذلك تقضي على كل ما يربط الإنسان بالعقيدة والأرض والتاريخ. وتضيف إليها قيماً جديدة بديلة.

لذلك، نجد فوكوياما يعبر عن نهاية الأيديولوجيا بنهاية التاريخ على اعتبار أن التاريخ مكان الصراع بين الأفكار والأيديولوجيات المختلفة. وهو يرى أن الصراع توقف باندثار الشيوعية وانطلاق بديل أيديولوجي جديد، هو البديل الليبرالي الشامل للنواحي السياسية والثقافية والرأسمالية الاقتصادية.

وقد استفاد فوكوياما من طروحات "هيغل" المثالية، "التي عنيت بالصياغة المكتملة للاتجاه التاريخاني من حيث مشروعها النسقي الجدلي الرامي إلى ردم التصدعات ولأم الشروخات التي أفضى إليها مشروع الحداثة في مستوياته المختلفة: الفهم، العقل، المجتمع المدني، الدولة، الذات، المنطق" (149).

وتعمل العولمة على صهر العالم في بوتقة حضارية معينة، كما أنها تعتبر قمة التطور التي وصلت إليها الرأسمالية، حيث تسعى إلى استبدال المال المحلي برأس المال العالمي، وما يترتب على ذلك من انقلاب في علاقة الإنسان بواقعه وبالآخرين من جهة، وبتاريخه وميراثه الثقافي أو الحضاري من جهة أخرى. وقد أطلق "هربرت ماركوز" على هذه الحضارة الجديدة "حضارة الإنسان ذي البعد الواحد" (126).

وتعتبر تجربة "النمور الآسيوية" تحدياً للرأسمالية الأمريكية التي لم تستطع بدورها اختراق التقاليد والأعراف الدينية والمجتمعية الآسيوية. وتعود أسباب الأزمة الآسيوية إلى انهيار العملة، وانعدام الرقابة على حركة الرساميل. ولكن المفكر "سوروس" أرجأ هذه الأزمة إلى ما يُسمى بالوهم الأيديولوجي القائم على التوازن. وكأن حركة الأسواق المالية تستقر وتتوازن بذاتها دون أي تدخل خارجي.

وتسعى الدول الآسيوية إلى الحفاظ على هويتها من خلال اعتمادها على اقتصاد غير رأسمالي يعارض فيه النمط الليبرالي الغربي الذي يهدف إلى الربح في الدرجة الأولى. ومن ناحية أخرى تسعى الصين إلى إيجاد نموذج اقتصادي يجمع بين الرأسمالية ومُثُل الاشتراكية على أن يخضع للتقاليد الصينية.

وقد نادى عالم الاجتماع الفرنسي "بيير بووديو" باليوتوبيا الليبرالية الجديدة التي تقوم على "الإيمان المطلق بحرية التبادل، وتقديس سلطة السوق، والبحث عن أقصى حد من المنفعة الفردية، والحد من نفوذ السلطة المركزية، والخصخصة الشاملة للمصالح العمومية" (36). ولكن الليبرالية الجديدة وما حملته من مبادئ مضللة عن الحرية والديمقراطية والرأسمالية ترى أن العالم قد تجاوز اليوتوبيا باتخاذها نهجاً جديداً يمارس في أنحاء العالم.

"صامويل هانتينغون" وصراع الحضارات

بينما نجد فوكوياما يتحدث عن نهاية التاريخ وبداية العولمة، نجد المفكر الأمريكي هانتينغون يتحدث عن صراع الحضارات. وهو يرى أن البشرية تتجه نحو الصراع والتصادم فيما بينها، وهو بذلك ينطلق من فرضية تناقض فرضية العولمة التي تدعو إلى التوحد البشري في كيان حضاري متجانس. وفكرة صراع الحضارات تنطلق من أن كل مجتمع له خصائص اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية مميزة تكسبه استقلالية في مواصفاته الحضارية، وهذا ما يعرف بـِ "الهوية". ويتأزم الصراع عندما يصل بين الحضارة الغربية والإسلام.

وهو يرى أن الإسلام أصبح أكثر وعياً بالدين وبخطر الغزو الثقافي. ولكن ما الشكل الذي اتخذه الصراع في هذا العصر؟ وهل ظهر ما يُسمى بصراع الأديان؟ ولا ننكر أن صراع الأديان من أخطر الصراعات التي عرفتها البشرية في العالم.

وقد تنبه إلى هذا الخطر أيضاً المستشرق الأمريكي "برنارد لويس" الذي كتب مقالة في مطلع التسعينيات أشار فيها "إلى حتمية الصراع بين الإسلام والغرب" (92). وحول الثقافة الإسلامية يقول الخبير الفرنسي "جان كلود بارو:

"في اللحظة التي يحتفل بها الغربيون بانهيار الأيديولوجيات ونهاية التاريخ، ها هي أيديولوجية قوية تنبثق من أعماق ثلاثة عشر قرناً من التاريخ، إنها دين طازج، فيا للهول والمفاجأة" (93).

ويبقى صراع الحضارات قائماً ومستمراً ما دام هناك عدم تكافؤ بين البشر، لأن بعض الحضارات ترتقي على حساب حضارات أخرى" (92). ولكن ألا نلاحظ أن العولمة وصراع الحضارات متعارضان، والسؤال الذي يُطرح الآن: على ماذا يرتكز العالم اليوم؟! وهل توجد إمكانية للتعايش بين الحضارتين؟!

الطريق الثالث

ما بين الاشتراكية والرأسمالية وفشلهما في تحقيق أسباب السعادة للبشر، انبثق نظام يجمع بين الاشتراكية والرأسمالية. وقد ارتبط نموذج الطريق الثالث بالمفكر الاقتصادي والاجتماعي "انتوني غيدنس": "وهو يرفض وصف مقاربته بالتوفيقية، إنما يعتبرها نزعة راديكالية" (41).

إلامَ يهدف هذا النظام؟

يقول غيدنس: "إنّه برنامج لتحديث الاقتصاد والنظام السياسي ونمط الضمان الاجتماعي بالبحث عن تجديد المؤسسات العمومية، ودفع دور المجال العمومي وإعادة بناء المجتمع الأهلي، ويشكل بعد العدالة الاجتماعية قلب هذه النظرة" (42). فالطريق الثالث ليس أيديولوجيا جديدة، إنّما يعبر عن المخاطر والمآزق التي واكبت التوسع الرأسمالي.

كيف تعامل الوطن العربي مع العولمة؟

الوطن العربي من البلدان النامية التي نظرت إليه أمريكا بتعاطف ظاهري وطمع خفي لحل مشاكله السياسية والبيئية. ووجدت أن الحل الوحيد لهذه المشاكل هو التغيير الهيكلي الجديد في العلاقة بينها وبين هذه الدول النامية. لذلك، نرى الأطماع الأمريكية بالوطن العربي كما في حرب الخليج العام (1999) وحرب أمريكا على العراق حالياً، لأن الليبرالية الجديدة تستهدف السيطرة على النفط والماء وتسارع التسلح العالمي عن طريق تدخلات القوى المسلحة الأمريكية.

وتتعرض حضارات اليوم للتفتيت والاندثار من قبل أمريكا. ولكننا لا نستطيع إنكار أن الأحداث الأخيرة أدت إلى زعزعة التوازن الاقتصادي والإستراتيجي لأمريكا. كما أن الأحداث التي ظهرت في الصرب وكرواتيا والصومال أدت بدورها إلى زعزعة حلم "بوش"، وظهرت أخطار جديدة هددت الكيان الأمريكي مثل المفاعلات النووية. وقد قال الكاتب الأمريكي "الفين توفلر" في كتابه السلطة الجديدة: "إن ديناميكية العولمة بقدر ما تقرب أرجاء المعمورة بعضها من بعض وتفسح المجال أمام هوية كونية غير مسبوقة، تستهدف في الآن نفسه وحدة الكيانات الوطنية" (58).

هل معنى ذلك أن العالم اليوم أصبح يواجه مشكلة ضياع الهوية القومية؟ يقول فوكوياما في مقالته "التفكك الهائل": "إنني لا أرى في ما حدث في عالم السياسة الدولية، وفي الاقتصاد العالمي خلال السنوات العشر الماضية أي شيء يتعارض حسب وجهة نظري مع الاستنتاج القائل إن الديمقراطية المتحررة والنظام الاقتصادي الذي يتحكم في السوق هما البديل الوحيد النافع للمجتمعات المدنية" (125). ولكن كيف تواجه المجتمعات العربية العولمة؟ هل تحاول امتلاك التراث وإعادة بنائه وفق مصالحها وحاجياتها؟ أم تحاول الانجراف مع تيار العولمة؟ وما مدى إدراكها إلى أهمية التمسك بالهوية المحلية ومقاومة ما يُسمى بالهوية الكونية؟ وهل تدرك أنه ليس باستطاعة ثقافتها أن تتمتع باستقلالية مطلقة. وأنه لم يعد باستطاعتها أن تتحوقل حول ذاتها؟

لقد اختلف المفكرون في تناول العولمة في الوطن العربي فمنهم من تناولها من الجانب الاقتصادي مثل المفكر السوري "محمد الأطرش" حيث قال: "اندماج أسواق العالم في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة وانتقال الأموال والقوى العاملة والثقافة ضمن إطار رأسمالية حرية الأسواق" (109). وبعضهم تناولها من الناحية السياسية والثقافية والاقتصادية وتأثيرها على الوطن العربي. إن عدم تبلور مفهوم العولمة لدى المفكرين العرب أدى إلى انقسامهم إلى مؤيد ورافض لها. فهل يعود الاختلاط في الفهم إلى عدم دراسة المرتكزات الأساسية التي قامت عليها العولمة بعد انهيار الأنظمة الشيوعية، التي أشار إليها المفكر الأمريكي فوكوياما في مقالته بعنوان "نهاية التاريخ".

الحلول المقدمة

فمنهم من تمسك بالدين إلى درجة الغلو كما تمسكوا بالقيم التراثية والحضارية الإسلامية، وهم يرون في العولمة الاغتراب والتغريب. وظهرت بعض التيارات الفكرية مثل حركة الإخوان المسلمين، ومن أبرز أعلامها: محمد البويهي، ويوسف القرضاوي. ومنهم من طالب بمواكبة العولمة، ونظر إلى الاتجاه الديني الأصولي" بالانغلاق والتحجر، فهم يرون أن العولمة ستؤدي إلى تحديث المجتمع العربي، ومن أبرزهم: موسى سلامة، وطه حسين". أما الطريق الثالث، فعمل على التوفيق بين التراث والحداثة من خلال توظيف التراث لغايات نضالية وأيديولوجية.

ومن الذين عارضوا النهج التوفيقي جابر عصفور الذي يرفض "التوظيف الإيجابي للتراث الذي ينقله من حضوره التاريخي إلى الحضور التخييلي الذي يزيف الوعي بالحاضر والماضي على السواء" (183)، أما تحريز العظمة، فقد انتقد دعاة التوفيقية بشدة لأنه يرى "أن شرط الديمقراطية والتحديث هو انفكاك الفكر والحياة عن الارتهان بالمطلق... ونبذ محاولة إدغام المستقبل في الماضي" (183). وقد نظر نصر أبو زيد إلى "العلمانية العربية الحالية باستخدام آليات التأويل بتوظيفها في نقد منهجي ونظري للنصوص الدينية، وهو بذلك يعتبر أن النصوص نصوص لغوية، بمعنى أنها تنتمي إلى بيئة ثقافية محددة، تم إنتاجها طبقاً لقوانين تلك الثقافة التي تعد اللغة نظامها الدلالي المركزي" (182).

يرى الكثير من المفكرين أنه بعد سقوط الأيديولوجيات الغربية يظل الإسلام الأيديولوجية القادرة على استنهاض شعوب العالم الفقيرة وإنقاذها من مظاهر العولمة. يقول محمد الطالبي: "الله سبحانه وتعالى يدعونا إلى الصراط المستقيم ... إن الصراط ليس شيئاً متناهياً، وإنما هو طريق نسير فيه دائماً إلى الأمام (190). والعولمة تسعى إلى التعولم من خلال محاربة الانتماء والتجذر والهوية الوطنية. لذا يجب التحصن بوطنيتنا وقوميتنا وثقافتنا من أجل إيقاف الخطر الأخطبوطي الذي بدأ يسيطر على العقول العربية.

لذلك، يجب أن نسأل أنفسنا من أين نبدأ؟ ومن يتحمل المسؤولية؟ هل نبدأ من الأسرة كونها المنطلق الأول للطفل بما تغرسه من قيم وعادات وخُلُق؟ ويأتي دور المدرسة المكمل لدور الأسرة في تعزيز هذه القيم، وخلق جيل قادر على اتخاذ قرارات بعد دراستها وتمحيصها. من هنا يأتي دور المناهج التعليمية في تنمية القومية الوطنية والثقافة العربية وتعزيزها، والتمسك بتراثنا الخصب، والاستفادة من التقدم العلمي والتقني الذي يشهده العالم اليوم مع التمسك بالهوية.

فلمَ لا نكون مثل "النمور الآسيوية" التي أوجدت عولمة خاصة بها؟!

(قراءة في كتاب اتجاهات العولمة
وإشكالات الألفية الجديدة لـ السيد ولد أباه)

منقول
 

المواضيع المتشابهة

أعلى